الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين، وأشهد أن محمداً عبده وسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
يحكي حميد بن هلال رحمه الله يقول: كان رجل من الطفاوة طريقه علينا، فمر على الحي يوماً فحدثهم بحديث، قال: قدمنا إلى المدينة في عير لنا فابتعنا بيعتنا فقلت: لو جئت إلى هذا الرجل لأخبر من بعدي بحديثه، قال فأتيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا به يريني بيتاً فقال: إن امرأة من المسلمين كانت في هذا البيت فخرجت في سرية من المسلمين وخلفت وراءها ثنتا عشرة عنزة وصيصة لها، يقول: فلما رجعت فقدت عنز من عنزها وفقدت صيصيتها، فقالت: اللهم أنك قد ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه وإني فقدت عنز من عنزي وصيصيتي وإني أنشدك أن ترد علي عنزي وصيصيتي فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شدة مناشدتها لربها تبارك وتعالى، يقول: فأصبحت وعنزها ومثلها، وصيصيتها ومثلها وهاتيك هي فسلها إن شئت، فقال: لا بل أصدقك.
هذا الرجل يخبر عن نفسه أنه قد أتى إلى المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لغرض البيع والشراء، فقدم في عير، في قافلة، يقول: فابتعنا بيعتنا، انتهوا من الهدف الذي من أجله أتوا المدينة، فيقول أنه قرر أن يذهب وينظر ويستطلع خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.. لماذا؟ حتى إذا رجع إلى أهله يخبرهم خبره، أصادق هو أم ليس كذلك، أرسول هو أم دعي، هو لم يأت المدينة بشكل خاص، لكن بما أنني قد جئت فلا ضرر علي أن أنظر حال الرجل الذي يقول أنه نبي، فاستطلع أمره وخبره، حتى الآن الأمر طبيعي، لكنه يحكي كيف استقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن الطبيعي أنه حين يأتي شخص في موقف مثل هذا الموقف يستطلع أمر رجل.. أرسول هو أم ليس كذلك كيف يستقبله الرسول صلى الله عليه وسلم؟ سيكون عنده تساؤلات سيجيب عنها أو سيسأل عن أمر الرسالة فيتكلم الرسول صلى الله عليه وسلم معه ويحدثه عن عظمة ربنا سبحانه وتعالى أو بطلان ما يعبدون من دونه تبارك وتعالى.
حسناً .. المطلع الأول، قلنا كثيراً أن عبد الله بن سلام رضي الله عنه عالم يهود وحبرهم لما أتى يستطلع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة، يقول: انجفل الناس إليه، أسرع الناس ينظرون إليه، المؤمن منهم وغير المؤمن، الحدث الذي يحدث في هذه اللحظات حدث ليس له مثيل، شخص قد قدم من مكة إلى المدينة، هذا الشخص يزعم أنه رسول رب العالمين سبحانه وتعالى، فالمؤمنون المصدقون المحبون المشتاقون ينجفلون إلى نبيهم ليُملوا أبصارهم برؤيته وليمتعوا أعينهم بمشهده، وغير المؤمنين؟ يريدون أن ينظروا إلى هذا الرجل ليروا من وصفه ومن حاله ما يرجح لديهم نبوته أم إدعاءه، رسالته أم كذبه، فعبد الله بن سلام يقول: كنت فيمن انجفل، هذا العالم من علماء اليهود يسرع في الطريق لكي يرى هذا الشخص وهو يدخل المدينة، يقول: فما أن رأيته حتى علمت أن وجهه ليس بوجه كذاب، هو لم يتكلم بعد، هذه الصورة، هذا الوجه، لا يصلح أن يكون دعياً أو كذاباً.
فهذا الرجل الطفاوي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما هو أول انطباع سيلحظه؟، أول انطباع أنه مرتاح نفسياً وغير متوتر ولا ينتابه القلق، الشخصية التي تراها لأول مرة تشعر بقدر من السكينة والراحة النفسية، أنت لم تقل شيئاً، لم تتكلم ولا هو تكلم، حسناً، ماذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم؟ يقول الرجل: فإذا به يريني بيتاً، بالطبع لم تكن تلك أول جملة لكن هذه الجملة علقت في ذهنه وتذكرها جيداً، لأنه قطعاً لم يكن أول شيء يفعله أن يريه هذا البيت، لكنه قال له جمل ومقدمات يترتب عليها أن يريه البيت ويحكي له قصة، الذي حدث بالضبط أنه حكي للرجل قصة، وهذا هو كل الموضوع، فإذاً سيقول مقدمة بين يدي الكلمات التي يريد أن يوصلها له ، ” طب هو وصّله ايه؟ ” ومن خلالها نستطيع أن نستنتج ماذا كان يقول له.
يقول: فإذا به يريني بيتاً، قال له انظر إلى هذا البيت، هل تراه؟ فقال له: نعم، هذا البيت لامرأة من المسلمين، خرجت في سرية، أناس خرجوا في سبيل الله فهذه المرأة خرجت معهم، ماذا تفعل؟ هذه المرأة ماذا ستفعل معهم؟ هذا ما يسمونه السرية الطبية، هي خرجت مع هؤلاء القوم في سرية طبية، وتركت وراءها اثنتا عشرة عنزة ومغزل، الصيصة هي المغزل الذي تنسج به، تركتهم وخرجت فلما رجعت وجدت أن عدد الماعز قد قل، ولم تجد المغزل، فماذا فعلت؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم يحكي له، ماذا يفعل النبي صلى الله عليه وسلم الآن؟ يحكي للرجل قصة ” بيقوله الحاجّة الفلانية راحت المشوار الفلاني ولما رجعت لقت المعيز ناقصة وملقتش المغزل بتعاها ” ، فماذا فعلت؟ قالت: اللهم أنك قد ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه، ربنا سبحانه وتعالى تكفل لمن يتحرك في طاعة الله، لمن يشغل نفسه بمرضاة الله، لمن يجهد نفسه فيما يرضي الله أن يحفظه الله ويحفظ عليه، هذا أول شيء، وأني قد فقدت عنزاً من عنزي وصيصيتي، وإني أنشدك أن تردها علي، أول شيء هنا أن هذه السيدة رفعت يدها إلى ربنا سبحانه وتعالى فماذا قالت؟ قالت: يا رب وعدك أن الذي في طاعتك تحفظ عليه، وأنا تركت هذه الأشياء في كلاءة الله وهذه الأشياء قد نقصت وأنا أناشد الله تبارك وتعالى أن يرد علي ذلك، فهو يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يذكر من شدة مناشدتها، فالنبي صلى الله عليه وسلم استمر في التأكيد على استمرارها واجتهادها في أن تطلب وترجوا وتسأل ربنا سبحانه وتعالى، فيقول له: ففي الصباح حين استيقظت وجدت اثنتا عشرة عنزة ومثلهم معهم، ووجدت المغزل ومعه مغزل آخر، وإن لم تصدقني هاتيك فاسألها، هذا بيتها فاذهب إليها واسألها عما قلته لك، فقال له: لا أنا أصدقك، وانتهي الأمر، ” الموضوع كله وخلاص كده ” .
ماذا كان يقول له؟ هذا شخص هي أول مرة يراه فيها، إذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول له ماهية الرسالة، ماذا قال له، حسناً لو هذه هي القصة التي حكاها النبي صلى الله عليه وسلم فما خلفياتها؟، لو هذه هي القصة الأساسية التي حكاها المستقرة في ذهن الرجل، فهو يقول حين ذهبت إليه فإذا به يريني بيتا ” كأن هو أول لما شافني قالي تعالى أنت جيت، تعالى شوف البيت دا ” وقلنا قطعاً أنه قال له كلمات ولكن هذه الكلمات تدعيمها وتثبيتها وتأكيدها في القصة التي حكاها.
فإذاً، ما مغزى القصة؟ ولماذا حكى له قصة؟ فإذاً الكلام ينصب حول مقدار رحمة ربنا سبحانه وتعالى وقدرة الله سبحانه وتعالى ومقدار عظمة الله، وأن ربنا سبحانه وتعالى هو القريب المجيب، أن الإنسان إذا لجأ إلى ربنا سبحانه وتعالى فحتماً سيكون ربنا سبحانه وتعالى معه، وأن الإنسان الذي سيحاول أن يتقرب إلى الله أو يطيع الله سيكلؤه ربنا سبحانه وتعالى ويحفظه ويرعاه، ثم أقول لك شيئاً واقعي، شيئاً عملى تراه يؤكد الكلام النظري الذي سمعته، الشخص قيل له كلام، هذا الكلام من المفترض أن يكون موافقاً لفطرة الإنسان، النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يكون عند هذا الرجل قدر من اليقين، الواقع العملي هو الذي يعطي الإنسان اليقين، شخص له تجربه مع ربنا سبحانه وتعالى، هذه التجربة قد خاضها بنفسه، لجأ إلى ربنا سبحانه وتعالى في موقف وربنا سبحانه وتعالى لم يخذله، وثق في ربنا سبحانه وتعالى وكان عند حسن ظنه، قدم شيئاً يرضي ربنا سبحانه وتعالى وربنا سبحانه وتعالى أرضاه، إذا لم تثق في كلامي، فالمرأة موجودة في هذا البيت، هذا الرجل انقلب بهذه الكلمات إلى مسلم، ليس أكثر من هذا، هذه الكلمات أو هذه القصة هل هي سهلة أم صعبة؟، قريبة من القلب أم بعيدة؟، شيء تستوعبه أو هو شيء معقد؟، هل هو شيء يلمس قلبك أو هو أمر صعب عليك؟، فهو يقول له في النهاية رسالة أن أي شخص سيضع نفسه في دائرة طاعة ربنا سبحانه وتعالى والسعي في مرضاة الله لا ينتظر من ربنا سبحانه وتعالى إلا كل خير وكل رحمة وكل بر، وأن ربنا سبحانه وتعالى على كل شيء قدير، ولا يوجد من ينزل حاجته بربنا إلا وسيجبره ربنا سبحانه وتعالى ويرضيه، هذه هي الرسالة التي يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصلها وهذه الرسالة التي وصلت إلى الرجل، هو كان مثلما قال ربنا ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ هو كان هنا، وسينتقل إلى هنا، في صورة من صور التشتت والضلال والشرك، وعدم وجود وجهة واحدة، ولا واضحة، هم بماذا كانوا يدينون؟ هم كانوا يعتقدوا أن ربنا سبحانه وتعالى هو خالق كل شيء وأن الأمر في النهاية لله، ولكن يوجد درجات تصل بها إلى الله، فلا يصلح أن يتوجه الإنسان إلى ربنا مباشرة، بل لابد أن يوجد وسطاء بين الإنسان وبين ربنا، مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى لذلك نحن قلنا أيضاً في نفس الخطبة وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ وأنه لا يوجد رؤية واضحة، فكيف سنسير في الحياة، كيف نصل أن تعيش الحياة في سعادة؟ أو في قدر من السكينة أو في قدر من الطمأنينة، من أين ستتلقى رؤيتك؟ كيف ستعرف الصواب من الخطأ، من أين ستعرف الخير من الشر؟ هذا ما كان عليه الناس، وبعد ذلك؟ وبعد ذلك ربنا سبحانه وتعالى أنزل نوراً، وهداية لكي يوجه الناس ويهديهم، يقول له لا، يقول له: لا، الرب العظيم الجليل القدير العلي الرحمن البر الغفور التواب أنت لا تحتاج لكي تدخل عليه أو تصل له إلا أن ترفع يدك وتقول ” يا رب ” فقط، وربنا سبحانه وتعالى سيجيبك، وأنك لو فقدت أي شيء مما يعز عليك، ربنا سبحانه وتعالى سيعوّضك ويخلفك، وأنك إن وضعت نفسك في دائرة أن ترضي ربنا، فلن يضيمك ربنا ولن يسيئك، والواقع العملي يقول هذا وإن لم تصدقني اسأل هذه المرأة.
فقال له: لا أنا أصدق، أنا أصدق، فبما أنه صدّق فما الذي سيحدث؟ هو قادم الآن لكي يبيع ويشتري وأنهى ما كان مقدم لأجله، ولكنه وهو راجع؛ هل سيرجع ومعه بضاعة ومال أم سيرجع ومعه شيء أغلى وأعلى، هو سيرجع معه الإيمان، حينما نقارنه بالمال، فما؟؟ فلا يشترط أن يخسر المال لكي يحصل على الإيمان، ولكنه رجع بالإيمان الذي لم يكن يفكّر فيه، هو قادم لينظر إلى هذا الرجل ما أخباره، لأنه حينما يرجع ستسأله الناس، فيقول لهم أحوال هذا الرجل، ويقول وجهة نظره في الرجل، فالموضوع أقصاه هذا، أنه سيرى هذا الرجل، لكي حينما يرجع للناس يقول لهم رأيه في هذا الرجل، فقط، معلومة.
فهل عاد بمعلومة؟ لا، رجع بالإيمان، وهذا الإيمان ما يساوي؟ الذي يساوي أنه سيرتبط بالله، وسيثق في الله سبحانه وتعالى وسيسعى أن يرضي ربنا سبحانه وتعالى، ومعه كلمات ربنا وصفها بأنها نور كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
يحكي وهب بن منبه؛ يقول: إن جباراً من الجبابرة ابتنى قصراً فبين هو يطيف به يوماً، رأى كوخاً مجاوراً لجانب من جنبات هذا القصر – يسير مرة فوجد كشك ولم يرتح إلى منظره، فهذا المنظر يشوه منظر القصر، – فقال: لمن هذا الكوخ؟ قالوا: إنه كوخ لمرأة فقيرة تأوي إليه،، فأمر أن يهدموه، لا يصلح أن يكون هذا هنا،، فحينما جاءت المرأة ليلاً تأوي إلى كوخها على عادتها، فلم تجده، أين ذهب!! فقالوا لها: أن الرجل الذي هنا حينما كان يمر فلم يعجبه الكوخ فهدمه،، فرفعت يديها إلى السماء وقالت: أللهم إني لم أكن حاضرة رب فأين كنت؟ فأمر الله تبارك وتعالى بهدمه.
طيب؛ هي لم تكن حاضرة، فماذا كانت ستفعل لو كانت حاضرة؟، فهي ليست – ماسنجر يعني – فلو كانت موجودة ماذا كانت تقدر أن تفعل؟!! فهو سيهدم سيهدم، فأفضل أنها لم تكن موجودة بدلاً من أن يهدم وهي داخله.
الجملة التي قالتها تعكس أمراً، تعكس أنها شخصية عادية لا تعرف حينما يرفع العبد يديه ويناجي ربنا سبحانه وتعالى أو يشتكي ماذا يقول،، فهذا الكلام الذي قالته هذا هو أصلاً لا يصلح، فأنا وأنا أكلم ربنا سبحانه وتعالى أو أناجي ربنا سبحانه وتعالى أو ألجأ إليه، يوجد آداب يتأدب بها الإنسان طالما هو يعرف من يكلم، ولمن يرفع يديه، أو من يخاطب،، لكن هذه امرأة غلبانة وقلبها محترق وليس لديها أحد تلجأ إليه إلا الله، وليس لها سند تستند إليه إلا الله وترفع يدها لربنا سبحانه وتعالى تشتكي وتعاتب، تشتكي وتعاتب.
قلنا قبل ذلك أكثر من مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له ” وقال مرة ” رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبر الله قسمه ” ما معنى أن يقسم على الله، ويقسم على الله هذه غير ” يدعو ربنا ” فيدعو هذه: يتضرع ويسأل ويطلب ويأمل ويرجو، أما يقسم على الله ما معناها؟
يوجد شخص أتى عندك وأحضر لك شيئاً، وهو مستعجل ويريد الذهاب، وأنت حلفت عليه أن يجلس ويتغدى، وهو لئلا تحزن سمع كلامك وجلس لكي يتغدى، لأجلك فقط.
طيب، هل يوجد علاقة بين عبد وبين ربنا سبحانه وتعالى تصل لدرجة أنه إن أقسم على ربنا أن ربنا لا يرفض له طلب؟ هذا مستوى من المكان والمكانة والدلال في علاقة ما بين عبد، ” عبد ” وهذا العبد النبي صلى الله عليه وسلم وصفه بماذا؟ بأنه لا يعطيه أحد أدنى اعتبار وليس له أدنى وزن، ولا له أدنى قيمة، ” لا يؤبه له، مدفوع بالأبواب ” هذا حاله في الأرض، أما عند ربنا سبحانه وتعالى هذا الكائن الذي ليس له أي وزن هذا، إذا دعا ربنا هل يجيبه؟ لا لا، لم يقل هذا، قال: لو أقسم على الله لأبرّه، أي طلب إذا طلبه؛ ربنا سبحانه وتعالى لا يرد له طلب، هل يوجد علاقة بين إنسان وبين ربنا سبحانه وتعالى تصل إلى هذا المستوى؟! وأي عظمة وأي حب وأي بر وأي رحمة في علاقة الرب سبحانه وتعالى حينما تصل إلى هذا المستوى مع أحد نحن لا نرى له أدنى وزن ولا أدنى قيمة؟ ولكنه هذا، فلماذا؟ ما الشيء الذي في قلب الإنسان تجعل ربنا سبحانه وتعالى يعامله هكذا؟
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” ألا أخبركم بأهل الجنة؟ ” فهذا قانون، ” ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا: بلى، قال: كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبرّه، ألا أخبركم بأهل النار؛ كل عتلّ جواظّ مستكبر “
” ألا أخبركم بأهل الجنة… كل ضعيف ” منكسر في نفسه، منكسر القلب لله، ” متضعف ” أي أن الناس تستضعفه، هذا لو أقسم على الله لأبرّه، أي رجاء يرجوه، وأي طلب يطلبه ربنا سبحانه وتعالى لا يرده.
عمران القصير يقول: قال موسى بن عمران عليه السلام: يا رب أين أبغيك؟ أين أطلبك؟ قال: ابغني عند المنكسرة قلوبهم، إني أدنو منهم كل يومٍ باعاً ولو لم أدنو منهم لانهدموا، إن لم يعطيهم ربنا من جبره سبحانه وتعالى ومن رعايته ومن سنده ينهاروا، قال: ابغني عند المنكسرة قلوبهم، إني أدنو منهم كل يومٍ باعاً ولو لم أدنو منهم لانهدموا.
إذاً الإنسان، الإنسان الذي قلبه مرتبط بربنا سبحانه وتعالى، الذي قلبه منكسر لله، الذي ليس له سند إلا الله، الذي ليس له معين إلا الله، ربنا سبحانه وتعالى لا يرد له طلب، ولذلك يحذر الإنسان ألا يظلم أحد لا يظلم أحد ليس له إلا ربنا،،، لا تظلم أحداً ليس له إلا الله، لأن هذه مخاطرة غير مأمونة العواقب، ربنا يتكلم عن شخص ليس له أدنى وزن، لكنه عند الله سبحانه وتعالى بمكان.
النقطة الثانية: إذا أحب الإنسان أن يتقرب من ربنا هذا القرب، أو تكون علاقته بربنا سبحانه وتعالى فيها من هذا، فماذا محتاج أن يفعل؟ ما صفة قلب الإنسان الذي حينما يرفع يديه إلى ربنا سبحانه وتعالى؛ ربنا سبحانه وتعالى لا يرد له طلب، وإن كان القانون العام، القانون العام، أن ربنا سبحانه وتعالى لا يرد أحدا جعل رجاؤه في الله، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” إن الله تعالى حييٌ كريم يستحيي من العبد ” وهنا لم يذكر أوصاف، أي عبد، ولكن يتصف بالحد الأدنى من العبد،، لا يصلح أن يكون متكبّراً ولا آبق، فلا يسمى عبداً، ” يستحيي من العبد إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين ” لماذا، لماذا؟ ليس لأنني صالح، لا لا لا، لكن لأنني أنزلت حاجتي بربنا سبحانه وتعالى وعلّقت قلبي به، ورجوت ألا يخذلني، فربنا سبحانه وتعالى سيعطي الإنسان خيراً، لماذا؟ لأن ربنا سبحانه وتعالى حيي، ولأن ربنا سبحانه وتعالى كريم، فالكريم حينما يلجأ إليه أحد لا يصلح أن يرده خائباً، والحيي حينما يتعلق به أحد يستحيي أن يرده بغير شيء، لابد لابد أن يعطيه ربنا سبحانه وتعالى، ” إن الله تعالى حييٌ كريمٌ يستحيي من العبد إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً خائبتين ” لابد أن ربنا سبحانه وتعالى يضع فيهما خيراً.
ما أكرمه من رب وما أعظمه من رب، وما أرحمه من رب لو عرفه العباد، فلو عرفنا ربنا سبحانه وتعالى لأحببناه ولأحسّنّا معاملتنا مع الله.
نرجع لأول الموضوع، النبي صلى الله عليه وسلم ماذا كان يريد أن يقول للرجل، الرجل الذي هو أول مرة يقابله، ولا يعرف هل هو رسول أم ليس رسول، ماذا يريد أن يقول له؟ ماذا يريد أن يوصل إليه، كان يريد أن يعرفه بربنا، فماذا قال له عن ربنا؟ هذه هي الرسالة، هو لم يكن يقول أي كلام، يوجد رسالة، الرسالة وصلت للرجل، وقال له: أنا أصدقك، لوم يحتاج إلى كلام أكثر من ذلك، هل وصلت لنا الرسالة أم لما تصل إلينا.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم