الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيدا، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً، ثم أما بعد …
كنا مع قول الله تبارك وتعالى وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ وتكلمنا عن السياق الذي وردت فيه هذه الآية لأننه لا يفهم المراد من هذه الآية إلا بإدراك السياق الذي ورد فيه، وذكرنا أن هذا أصل عام في كلام الله تبارك وتعالى أنه لا يمكن أن تفهم الآية فهماً تاماً إذا ما نزعت من سياقها الذي صيغت فيه.
وقد تكلمنا قبل مراراً ولا نملُّ من ترداد هذه الكلمات، أنه من أصعب الأمور وأخطرها أن يتقحّم العبد الكلام في بيان معاني كلام الله عز وجل، لماذا؟ لأن عظمة الكلام إنما تنسب لعظمة المتكلم، فلما كان المتكلم هو الله تبارك وتعالى كان هذا الكلام الذي تكلّم به سبحانه وتعالى وخاطبنا به من العظمة التي لا يقدر العبد على الإحاطة بها ولا يقادر قدرها، ولكن إنما نحاول أن نتلمّس بعض معاني كلام الله سبحانه وتعالى لأن هذا مقام ضرورة.
فما معنى ضرورة؟ ربنا سبحانه وتعالى أمر المخاطبين بهذا الكتاب بأن يتدبّروه، ونعى على من لا يتدبّر هذه الكلمات الإلهية، فبما أن هذا واجب على الإنسان، فعليه أن يستمدّ من ربنا سبحانه وتعالى العلم والهداية والتوفيق، لكن لابد أن يكون الإنسان على حال من الحذر والخوف وتلمّس مواضع الأقدام وهو يتكلم في كلام الله تبارك وتعالى، ولذلك أول ما أنزل الله تبارك وتعالى كلماته وأمر بالقراءة، قال اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ
إذاً البيان والإيضاح والتفسير إنما يكون مدداً من أمداد الله تبارك وتعالى ” اقرأ ” ومعك ربك،، ليس فقط الكريم، بل البالغ الغاية في الكرم، فسوف يمنُّ عليك بعلم ما تقرأ وبيانه، ولذلك قال الله تبارك وتعالى لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ البيان والإيضاح لكلام الله هو منّة من الله تبارك وتعالى بثّها في ثنايا كتابه وفي كلام نبيه صلى الله عليه وسلم، وفي كلام صحابته الذين تعلّموا منه علم كلام الله تبارك وتعالى، فهو يقول سبحانه وتعالى معقّباً على طلب من خوطبوا بالقرآن، هم خوطبوا بالقرآن الذي هو أعظم آية، ومع ذلك يطلبون آية أخرى كمثل الآيات الحسّية التي أمدّ الله بها النبيين من قبل كدلالة على صدقه صلى الله عليه وسلم في نسبته أنه رسولٌ من قبل رب العالمين سبحانه وتعالى، فعقّب سبحانه وتعالى فقال قُلْ إِنَّ الله قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً أي من جنس ما يطلبون وإلا فالقرآن نفسه هو أعظم آية، ثم عقّب فقال وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ فلماذا وجدت هذه هنا؟ – قلنا هذا الجمعة الماضية – ما علاقة هذا بما يطلبون من الآيات، قلنا أمرين.
الأمر الأول: أن في خلقه تبارك وتعالى أعظم الدليل على صدق النبوة وصدق القرآن، فلماذا؟ لأن الإنسان إذا تفكّر في هذا الخلق أدرك عظمة هداية الله تبارك وتعالى لهذه المخلوقات وأن الهداية صفة عظمى من صفات الله، لا يترك خلقه بدون هداية الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ربنا سبحانه وتعالى لم يخلق مخلوقاً إلا وهداه لما فيه مصلحته وفطره على ما ينفعه وما يفيده وكيف يدير حياته.
وربنا سبحانه وتعالى الذي أعطى هذا لكل مخلوق هل سيحرم الإنسان الذي جعله سبحانه وتعالى في مقام الرفعة والتكريم من الهداية؟
إذاً هذه الهداية شيء لازم من لوازم الخلق لا تنفكّ عنه وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا وبالتالي لا يمكن أن ينفكّ هذا المخلوق من هداية ولذلك إذا تفكّر الإنسان في هذا الخلق عاد موقناً بالقرآن على أنه منهاج الهداية، فهذا أمر
أما الثاني: أن ربنا سبحانه وتعالى يذكر لنا أن كل هذا الخلق هو كذلك أمم وربنا سبحانه وتعالى اصطفى هذا الخلق من بين هذه الأمم وأعطاه هذه الرسالة فينبغي أن يقابل هذا الصطفاء وهذا التكريم بما يستحقّه من الشكر، لا بما يقابل به من الجحود، فهذه كلها أمم، وربنا كان من الممكن أن يعطي هذه الرسالة لأي أمة، ولذلك قال تبارك وتعالى ناعياً على الإنسان موقفه من القرآن قال سبحانه وتعالى لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ الله وفي المقابل ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا
ربنا سبحانه وتعالى يقول وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ فـ ” يطير بجناحيه ” هذه هل هي توكيد أم تخصيص، توكيد: أي بيان للمعنى، أم تخصيص: أي أن هناك أشياء كثيرة تطير لكن ربنا سبحانه وتعالى يتكلم على الطيور التي هي جنس الطيور المعروفة لدينا هذه هي المذكورة أو الموصوفة بأنها أمم، وليس كل شيء يطير، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ
ما معنى أمّة؟ أول شيء كلمة ” أمة ” تعطي كأول دلالة مجتمعات،، فهل مجتمعات وفقط،، مجتمعات مطابقة لمجتمعات بني آدم، مجتمعات مماثلة إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ فهذا أول شيء تعطيه كلمة الأمة، الأمة جماعة مجتمعة على أصل يجمعها وخصائص تضمّها، لها مفهوم حياة اجتماعية، مفهوم حياة اجتماعية، وليست حياة اجتماعية وفقط،، حياة اجتماعية مماثلة للمجتمعات الإنسانية.
كيف سيدرك هذا وما أثر هذا الكلام،، كلمة أمّة ربنا سبحانه وتعالى يذكر الأمة في كتاب الله، يشير بها إلى الدين وإلى الملّة وإلى النٍحْلة فيقول تعالى أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ
وكذلك هي الأمة في قوله تبارك وتعالى يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ فالأمة هذه ملّة أو دين لأنها تمثّل الطريقة الجامعة التي تجمع الأمة وترسم لها مسار.
الأمة: الوجه والتوجّه والمقصد والغاية، يعني كلمة أمة: أناس مجتمعين على وحدة ومقصد واحد، يأمون أمماً واحداً، يعني يقصدون وجهة واحدة، ولذلك يقولون لا أمّة لبني فلان، يعني ليس لهم توجه واحد واضح يجتمعوا عليه، أناس يتخبطون.
إذاً مفهوم الأمة لا يتحقق حتى يكون هناك خصائص جامعة ووحدة واحدة ووجهة واحدة، ولذلك قول ربنا سبحانه وتعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ هذه كلمة عميقة، ليس مجرد جماعة من الناس، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى وصفهم بالخيرية لأن لهم دور، لهم رسالة إزاء بقية الأمم.
وقال تبارك وتعالى إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ ربنا وصف سيدنا إبراهيم عليه السلام بأنه أمة، فلماذا أمة؟ لأنه تحقق فيه بذاته كل ما يحتاج إلى تحققه في أمة، فكان جامعاً لخيرٍ لا يجتمع إلا في أمة، ولذلك سيدنا ابن مسعود كان يوماً يقول ” إنّ معاذاً كان أمة قائماً لله حنيفاً ولم يك من المشركين ” فالجالسون يريدون أن يقولوا له أنه ” إبراهيم ” لكن لعظمة مقامه لا يستطيع أن يتكلم أحد، ثم تلا إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا قال أتدرون ما الأمة وما القانت؟ قال: أما الأمة فهو الذي يعلّم الناس الخير، وأما القانت فهو الذي يطيع الله ورسوله وهكذا كان معاذ، يريد أن يقول أن معاذ رضي الله عنه كان شبيهاً بإبراهيم عليه السلام فقال ” إنّ معاذاً كان أمة قائماً لله حنيفاً ” فهذا هو مفهوم الأمة
وربنا يقول سبحانه وتعالى أن ما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم،، وأمم مماثلة، أمم مماثلة، ولذلك سفيان بن عيينة رحمه الله تلا يوماً هذه الآية وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ فقال ما في الأرض آدمين إلا وفيه شبه من شبه البهائم، أي شبه هذه الأمم، يقول ” فمنهم من يهترص اهتصار الأسد ” يفترس مثلما تفعل الأسود بالضبط، ” ومنهم من يعدو ” أي يعتدي ” ومنهم من يعدو عدو الذئب، ومنهم من ينبح نباح الكلب، ومنهم من يتطوّس ” الخيلاء ” كفعل الطاووس، ومنهم من يشبه الخنزير الذي لو ألقي إليه الطعام الطيب عافه ” لا يريده ” فإذا قام الرجل عن رجيعه ” أي غائطه ” ولغ فيه ” ، يقول: فكذلك تجد في الآدميين، من إذا سمع خمسين حكمة لم يحفظ منها واحدة، فإن أخطأ الرجل عن نفسه – قال جملة خطأ – أو حكى خطأ غيره تروّاه وحفظه،، أي أنه أي شيء حسن، لكن هو وظيفته وشغله وما يشغله؛ تتبع زلّات العباد وأخطاؤهم لكي ينشرها ويزيعها، فهو يقول أن في البني آدميين هكذا وهذه خصائص هذا الكائن.
فإذاً ” إلا أمم أمثالكم ” ماذا يريد سفيان أن يقول؟ يريد أن يقول أن حقيقة المثلية أن الأمم تشابه الأمم، والأفراد يشابهوا خصائص الأفراد، ولذلك نحن ذكرنا منذ فترة، كذا مرة، سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه يسمع المستورد القرشي رضي الله عنه يحكي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه حينما نقل هذه الكلمات لم ينسبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلنا لماذا؟ قلنا لأن الصحابة كانت لديهم الهيبة من كلمة ” قال رسول الله ” لأنه يخاف أن لا يكون في القدر التام من الحفظ ومن الضبط لهذه الكلمات فهو يتحاشى هذا، فهو ينقل المعاني لكي يكون أدّى ما عليه من تبليغ الأمانة التي حمّلهم إياها النبي صلى الله عليه وسلم ” نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأدّاها إلى غيره فربّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه، وربّ حامل فقهٍ ليس بفقيه ” وقال ” تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم “
فقال المستورد ” تقوم الساعة والروم أكثر الناس ” فقال عمرو بن العاص: ” انظر ما تقول ” لأن الروم في آخر الزمان سيكونون أكثر الناس أي أهل السيادة والغلبة والسطوة والسلطان، فعمرو بن العاص يستنكر هذا، فأين يكون المسلمون، فالمسلمون هذا من المفترض أن يكون وضعهم، وهذا من المفترض حظّهم حينما يكونون مسلمين كما أراد الله، فهو مستغرب، ويقول له ” ازاي؟ ” ، فماذا قال له المستورد،، قال: ” أقول ما سمعته من رسول الله ” صلى الله عليه وسلم فهو ليس من عندي، فقال عمرو رضي الله عنه معقّباً، قال: ” فإن كان كما قلت فإن فيهم لخصالٍ أربعة ” إذاً قلنا أن عمرو بن العاص رضي الله عنه استنكر هذا المعنى، فلما استنكره لم يزد المستورد على أن عزا هذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفعل شيء آخر، وسيدنا عمرو ماذا حدث لموقفه من هذا الكلام؟ موقفه تغيّر تماماً، لأنه كان مستغرب ومتنكر لأن من الممكن أن يكون أتى بهذا الكلام من عنده أو سمعه من أحد، لكن طالما أنه عزاها إلى صاحب العصمة الذي وصفه ربه تبارك وتعالى بقوله مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى جبريل عليه السلام،، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى إذاً من أين يأتي الخلل للإنسان؟ من الضلال؛ الخلل العلمي، والاضطراب في الرؤية، أو الهوى أي من الممكن أن يكون عالماً بالصواب لكنّ نفسه تهوى وتميل لشيء آخر فيحيد عن الحق إلى غيره، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى أي أنه لا يقول شيء من عنده، فلماذا عزاها إلى الهوى؟ لأن الشيء إن لم تكن من قبل الحق سبحانه وتعالى ستكون راجعة إلى أهواء النفس التي تُميل وتميل إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى
فسيدنا عندما سمع أن هذا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا فعل؟ الطبيعي أن يقول صدق رسول الله وانتهى،، لا لم يقل هذا،، وهذه هي النقطة.
قال: ” إن كان كما تقول فإن فيهم لخصالاً أربعة ” ما معناها؟ سيدنا عمرو ربط ما بين العلو والسيادة والرفعة الدنيوية وما بين مقدّمات ومقوّمات ينال بها الناس الرفعة، لا يسير شيء بشكل عشوائي، فربنا سبحانه وتعالى له سنن وقوانين لا تتخلف في التعامل مع المؤمن حينما يكون طائعاً، وفي التعامل مع غير المؤمن، وفي التعامل مع المؤمن أيضاً حينما يكون عاصياً، هذا له قانون، وهذا له قانون وهذا له قانون، فبما أن هؤلاء أهل سيادة وسيسودوا أهل الأرض، فلابد أن يكون هناك مقومات ومقدّمات لهذا.
قال: ” إن كان كما قلت إن فيهم لخصالاً أربعة، قال: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة وأوشكهم كرة بعد فرّة وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، ثم قال: وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك.
إذاً سيدنا عمرو لما سمع الجملة ماذا قال؟ قال أنهم عندهم مقوّمات هذا، وهذا مفهوم خصائص الأمة إِلَّا أُمَمٌ لم يقل أمّة، يعني بني آدم منقسمين إلى أمم وطوائف وجماعات وأجناس لكل منها خصائص تميّزه كما أن للأمم من الدواب ومن الطير لكل أمّة منها خصائص تميّزها، يعني مثلاً الآن السمك هذا أمم وليس أمة، الذئاب أمم، الأسود أمم، الغربان أمم، القطط أمم، الكلاب أمم، ولذلك التصنيف ودراسة الأحياء هذا أمر غاية في الأهمية، لماذا؟ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ناهيك عن دور الأمة الدنيوي ووظيفتها في الخيرية وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ لا نتكلم عن هذا، تدبّر القرآن وتبيان معاني هذه الكلمات الإلهية العظيمة يفتقر إلى كثير من العلوم، ولذلك نحن ذكرنا منذ جمعتين أو ثلاث قول ربنا سبحانه وتعالى أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ – ثم قال – إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ هذه العلوم إنما تقود إلى خشية الله وتعظيمه، وبما أن خشية الله وتعظيمه والسعي إليها فريضة وحتم واجب، إذاً مقدمات هذا حتم واجب، فهم هذه الكلمات القرآنية العظيمة حتم واجب، إذاً مقدمة الواجب واجبة وجوب الواجب، مثلما أن الوضوء واجب لأن الصلاة واجبة، الصلاة فرض لكي يتم لابد أن أفعل بعض الأشياء، هذه الأشياء واجبة لوجوب الصلاة،، فالإنسان لابد أن يستر العورة ويتوضّأ ويزيل النجاسة ويستقبل القبلة، هذه الأشياء لابد أن يفعلها لأن الصلاة التي أمر بها لن تتم إلا بهذا، فكذلك كل ما وجّهنا الله إليه، كل ما أمرنا ربنا به سبحانه وتعالى وله مقدّمات لابد من تحصيل هذه المقدمات، فهو يقول أن هناك ما يسمى خصائص أمة، فالألمان لهم خصائص والأتراك لهم خصائص والاثنين يشبهوا بعض الألمان والأتراك، اليبانيين شبه للنمل، الروم لهم طبيع العرب إما خيل وإما إبل، المصريين إما ثعالب وإما أشياء أخرى، في النهاية كل أمة ولها خصائص، فسيدنا عمرو مباشرةً، وهذه أعظم جزء في هذه القصة كلها، هو لم يفكّر، يعني هو لديه تفكّر مسبق في خصائص الأمم، هو استدعاه عندما سمع الجملة، عظمة هؤلاء لها مقومات، سيدنا عمرو عندما سمع الجملة، مباشرةً وضع لها مسوغات، هذه المسوغات لم يفكّر فيها، قالها مباشرة، فما معنى أنه قالها مباشرة؟ أن لديه تفكّر مسبق في هذه المعاني، وهو يتكلم استدعى ذهنه خصيصة خامسة فأضافها للأربعة الأوائل،، فما الخصائص؟ ما خصائص السيادة؟ قال ” أحلم الناس عند فتنة ” فهذه خصائص أمة، ولذلك نحن ربنا سبحانه وتعالى جعل لنا السيادة مستمدّة من الدين لماذا؟ لأن الدين يعدّل الخصائص ويمنح مقومات، التربية الإلهية لأهل الإسلام تنقل وتغيّر وتعدّل وترقّي، ولذلك سيدنا عمر قال لسيدنا أبوعبيدة هذا الكلام ” إنا كنّا أذلّ قوم ” أذل أمة لماذا؟ لأن الخصائص التي كانوا متصفين بها لا تجعلهم أصلاً أمة،، فحجم النفرة والاختلاف والتباين والتفرق والتطاحن الذي هم فيه أصلاً لا يعطي لهم شكلاً للأمة أصلاً، وإنما جمعهم الله على القرآن ليس شيء آخر، قال ” إنّا كنّا أذل قوم فأعزّنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أزلنا الله ” فماذا سنفعل؟ سنبحث عن أشياء أخرى فنفقد هذه الخصائص فنرجع، ولما نرجع نرجع لعهد الجاهلية قبل الإسلام،، فماذا كان يفعل العرب؟ لا شيء،، العرب كانوا بالصورة التي نعرفها ومصر كانت محتلة من الرومان، لا شيء آخر، السيادة كانت للفرس وللروم فقط.
فهو يقول أن في آخر الساعة إذا حاد أهل الإسلام عن الإسلام سيبقى الروم بخصائصهم الأصلية، فما الخصائص الأصلية؟ أول شيء: أحلم الناس عند فتنة؛ أي يستطيع أن يستوعبها، ولا يأخذ مواقف سريعة، يستوعبها ويحسن إدارتها.
أسرعهم إفاقة بعد مصيبة: لا يجلس لكي يولول سنين،، لا أي مصيبة سواء كانت عدو أو كوارث طبيعية، يستطيع أن يستوعب الصدمة بسرعة ويحسن التعامل معها.
أوشكهم كرة بعد فرّة: إذاً هم أيضاً يصدموا فيفرّوا مثل أي شخص حينما يفزع يجري، لكنهم يستطيعوا أن يعيدوا إلى القوة بسرعة ” أوشكهم كرة بعد فرة ” فأحياناً وقوف الإنسان ومواجهته لما لا يطيق أن يجابهه لا تكون شجاعة، بل تكون حماقة، فهو يبعد، ولذلك ورد أن سيدنا عمرو سأل سيدنا معاوية، وروي العكس،، قال: أعياني أن أعرف أشجاعٌ أنت أم جبان، أنا لا أعرف وأنا متابع لك، أنا لا أستطيع أن أصفك هل أنت هذا أم هذا؟ فقال: شجاعٌ إن أمكنتني فرصة،، هو يفكّر ويعمل بمقتضى عقله الذي أعطاه الله له، ” شجاعٌ إن أمكنتني فرصة، فإن لم تمكّني فرصة، فجبان ” أرجع لأن هذا ليس موضع إقدام، هذا مقتضى العقل؛ الإقدام في موقف الإقدام والإحجام في موقف الإحجام، وأوشكهم كرّة بعد فرّة.
وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف: التكافل الاجتماعي ركن من أركان البناء الاجتماعي لهم لا تحتاج أن تستجدي وتشحذ للناس،، هذه هي خصائص الأمة، لأجل هذا هم استحقوا أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم هكذا.
إذاَ هو يفهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لن يقول شيء يعزوها إلى سنّة إلهية أو إلى قضاء إلهي إلا إذا كان لها حكمة بالغة وكان هؤلاء الناس لديهم خصائص الاستحقاق، فربنا لا يجامل أحد ولا يحابي أحد، لا يوجد من بينه وبين ربنا نسب خاص وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ الله وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا
ثم قال وخامية حينة جميلة ” وأمعهم من ظلم الملوك ” هل ستعرف أن تستورد الديمقراطية أم لا، إذا كانت هذه خصائص أمة، ما معنى أمنعهم من ظلم الملوك، أي أنهم لن يسمحوا بأن الظلم يقع، إذاً عندهم في البنية الاجتماعية والثقافية مقومات هذا، فنحن، نحن إلى أين سنرجع؟ سنرجع إلى أصول الإسلام أم سنرجع لصفات أمة ما قبل الإسلام؟
أولاً ما قبل الإسلام نحن لم نكن أمة، ليس لنا صفات جامعة ولا دين وهدي يجمعنا، وليس لنا وجهة واححدة،، الإسلام هو من جمع هذه الأمة، وإن لم يوجد تتفرق، وترجع لأصولها التي كانت عليها، القبطي يرجع قبطي، والزنجي يصبح زنجي، والأمازيجي يصبح أمازيجي، والهندي يصبح هندي، والفارسي يصبح فارسي، فهذا هو الطبيعي، هذه هي الفكرة، مفهوم أنه يوجد أمم، هذه الأمم لها خصائص ولها صفات.
نحن نماثل المخلوقات الأخرى، قلنا على المستوى الفردي كصفات وخصائص للأفراد، أو على المستوى الأممي والجماعي.
إذاً دراسة هذه الحياة، ودراسة هذه المخلوقات ستفيدك أولاً في أن تدرك مدى رحمة ربنا، وثانياً: إدراك خصائص الأمم، تستطيع أن تقيس هذا على أمم البشر، وكيف تتعامل مع بني آدم إذا أدركت خصائص الأمم الأخرى التي خلقها الله تبارك وتعالى
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ إذاً ربنا سبحانه وتعالى ذكر هاهنا أربع كلمات؛ ” أمم ” ، ” أمثالكم ” ، ” ما فرطنا في الكتاب من شيء ” ، ” ثم إلى ربهم يحشرون “
قال الله تبارك وتعالى إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ كل هذه الأمم التي ذكرها الله تبارك وتعالى يحشرها ويجمعها يوم القيامة كما يجمع الإنس والجن، إذاً يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ليس الناس فقط، وإنما خُصص الناس لأن أصل الحساب لهم، أما الباقين ليس عليهم حساب، فإذاً الحشر والسوق لأرض المحشر يشمل جميع الأمم، كل الأمم التي ذكرها ربنا تحشر وتُجمع، قال صلى الله عليه وسلم ” لتؤدنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء ” كل شخص عليه حق لأحد لابد أن يؤديه ويؤخذ منه هذا الحق يوم يجمع الله الأولين والآخرين، وهذا الكلام يصل إلى أي مستوى؟ ” حتى يقاد ” أي يقتصّ ” للشاة الجلحاء ” التي ليست لها قرون، الجماء ” من الشاة القرناء ” واحدة نطحت واحدة، فربنا سبحانه وتعالى سيجمع هؤلاء ويجعل هذه تنطح هذه،.
قال صلى الله عليه وسلم ” يقتصّ الخلق بعضهم من بعض يوم القيامة حتى الجماء من القرناء، وحتى الذرة من الذرة ” نملة،، نملة بينها وبين نملة خصومة، مع أن هؤلاء الأصل أنهم ليس عليهم تكليف، لكن هذا عظمة العدل الإلهي، لا يوجد شيء أو أي موقف كبيراً كان أو صغيراً، جليلاً كان أو حقيراً يمرّ هكذا، ” حتى الجماء من القرناء، وحتى الذرة من الذرة ” يقول أبو ذر رضي الله عنه – الحديث في مسند الطيالسي، يقول ” رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاتان تنطتحان – ينقرون في بعضهم البعض بقرونهم – قال: أبا ذر أتدري فيما تنطتحان، فقلت: لا، قال: ولكنّ ربك يعلم وسيقضي بينهما يوم القيامة.
كل الأمم ستجتمع، ولا يوجد أي شيء مرّ، أيّاً كان، إلا وربنا سبحانه وتعالى سيقضي ويفصل فيها، قال ” ولكن ربك يعلم وسيقضي بينهما يوم القيامة ” يقول عبد الله بن عمرو رضي الله عنه وعن أبيه ” إذا كان يوم القيامة مُدّ الأديم وحشرت الدواب والبهائم والوحوش، ثم يقتصّ لبعضها من بعض حتى يقتصّ للجماء من القرناء نطحتها، حتى إذا فُرغ من القصاص، قال الله تبارك وتعالى لها كوني تراباً فعند ذلك يقول الكافر ياليتني كنت تراباً ” إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا يتمنى حينئذٍ أن يكون منتمياً إلى أمة من هذه الأمم، بعد هذا القصاص هي كلمة أن يقول لها كون فيكون،،،، كل هذه المخلوقات بكلمة واحدة، يقول الله تبارك وتعالى كوني تراباً فتكون في اللازمن، هي كلمة، كل هذه المخلوقات بعد وقوع القصاص تفنى بالكلمة وحينذٍ يتمنى الإنسان الكافر أن لو كان دابة من الدواب وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا إِنَّ الله لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ الله حَدِيثًا فهل نحن هكذا قلنا شيئاً؟ بالنسبة إلى عظمة هذا الكلام الإلهي بالتأكيد لا.
منّة عظيمة ربنا سبحانه وتعالى اختصّنا بها، ومنّ علينا بها، ولكننا متى؟ متى؟ سنستطيع أن نترجم هذا،، فهذه آية، مقدار ما في هذه الآية من المعاني، كم نحتاج من الزمن لكي نستطيع أن نتفكّر فيها، فإذا أخذنا ” دابة ” و” طائر ” وأنت إذا تتبّعت لن تستطيع أن تحصي هذا طبعاً، سنظل نتتبّع بعض أنواع هذا، وبعض حكم وبيان عظمة ربنا سبحانه وتعالى في خلقه، كم من الزمن.
ربنا إلام يدعونا؟ مثلما قلنا ليس مجرّد عظمة الخلق الشكلية، ” أمم أمثالكم ” نحن لا نماثلهم في الشكل، نحن لا نماثلهم في الشكل، هذه مماثلة باطنية وليست ظاهرية.
إذاً ربنا يدعونا بعدما نتدبّر عظمة خلق ربنا سبحانه وتعالى في الصور والأشكال والهداية والألوان،، لا وراء هذا يوجد أشياء أخرى، يوجد صفات.
ربنا ألهمهم تدبير، عندهم مشاعر، يوجد مشاعر رحمة، ومشاعر حب، ومشاعر عطف، ورغبة في الانتقام، ويوجد تنمّر، وتفرّس، ويوجد خوف، ويوجد قلق، ويوجد فرار ويوجد هرب،، كل شيء موجود، ففيم فضّل ربنا سبحانه وتعالى الإنسان إذا كانوا أمثالنا؟
ربنا فضّل الإنسان بأنه يرى هذا من فوق فيرى كل هذا فيدرك حكمته ويسبّح لربنا به، هذا هو الموضوع، إذا لم نكن كذلك، سنكون أسوأ من هذه الأشياء، ربنا يقول سبحانه وتعالى أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ هذا هو الفرق، هذه هي قيمة الإنسان، ولذلك بماذا وصف الله الكافر؟ قال إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ الله الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ الله الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لكن لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ لا لا لا بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ إما أن يمشي الإنسان سويّاً على صراط مستقيم، فيرى من فوق، ويعلم أن ربنا سبحانه وتعالى سخّر هذه الأشياء، وأنه مسئول ومؤتمن على الكون بكل ما فيه، فهو يسير على وفق ما يرضي الله، وإما غير ذلك أن يسير مثلها على أربعة، فسيكون في نفس الإطار.
ربنا سبحانه وتعالى كرّمه وفضّله وهو كفر بهذا التكريم وهذا التفضيل ماذا يحدث، ولذلك لا يمكن أن يكون في مستواها، ربنا سبحانه وتعالى سمّاهم شرّ الدواب وقال بَلْ هُمْ أَضَلُّ لماذا؟ لأن من أعطاه ربنا سبحانه وتعالى لن يحاسب كمن لم يعطيه ربنا سبحانه وتعالى، فإما أن يرتفع بعطاء الله سبحانه وتعالى ويرتقي، وإما أن يكفر به وينزل، مثلما قلنا ربنا سبحانه وتعالى عندما تكلّم عن القرآن قال وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ إذاً الآية ستزيد هذا وستزيد هذا لكنها ستزيد هذا خير، وتزيد هذا شر، لن تكون حيادية، ليس عندما تنزل الآية من يستقبلها بالإيمان سيعلو، والآخر سيكون حيادي لا لا لا سيهبط، سينزل لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ الاستاتيكية هذه ليست موجودة، فالقضية هكذا، الإنسان إما أن يتقدم للأمام وإما أن يرجع للوراء، لابد على الإنسان المؤمن يدرك قيمة الإيمان ويشكر نعمة الله عليه
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين
اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضليين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضليين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضليين.
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم