Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

إن الله أمر يحيى بخمس كلمات

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم..

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

يقص علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أجمل وما أحلى وما أعظم وما أجل أن يقص علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة أو يخبرنا خبراً أو يعلمنا بأمر، نعمة وأي نعمة ! أن يمن الله عز وجل علينا بهذا النبي العظيم الكريم الذي مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۝ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ۝ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى، يقص علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم واقعة حدثت في الزمان الغابر، ما كان لنا أن نطلع عليها ولا أن نخبر خبرها إلا من خلاله صلى الله عليه وسلم ومن ثنايا كلماته العظيمة الكريمة، هذه النعمة نعمة القصص من النعم التي امتن الله عز وجل علينا بها فقال تبارك وتعالى نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إلىكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ لا ندرك ولا نعلم ولا نشعر ولا نحس إلا بهذا التوجيه الإلهي وإلا بهذا العلم الذي بثه فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

نحن في حاجة إلى العلم وإلى العبرة وإلى العظة وإلى القصص وإلى التاريخ، كيف إذا كان هذا هو أحسن القصص، أصدقه وأعظمه وأجله عبرة، لا كذب فيه ولا خداع ولا مواربة ولا عبث ولا هراء، قال تعالى إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ.

يقص صلى الله عليه وسلم قصة كلمات أمر الله عز وجل نبيه يحيى بن زكريا عليه وعلى أبيه الصلاة والسلام، وعلى نبينا كذلك صلى الله عليه وسلم وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.. إن الله عز وجل أمر يحيى عليه السلام بخمس كلمات، ما أعظم الكلمات التي تكون وصية أو أمراً إلهياً، يأمر الله عز وجل نبياً من أنبيائه أن يعمل بها وأن يأمر قومه أن يعملوا بها ويلتزموها.. إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا عليهما السلام بخمس كلمات أن يعمل بها وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها.

يقول صلى الله عليه وسلم: فكاد أن يبطئ بها، تأخر قليلاً عن أن يلبي هذا الأمر، عن أن ينقل هذه الكلمات، فقال عيسى بن مريم عليه السلام مخاطباً يحيى، قال: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ أَنْ تَعْمَلَ بِهِنَّ، وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، فَإِمَّا أَنْ تُخْبِرَهُمْ، وَإِمَّا أَنْ أُخْبِرَهُمْ، ( يعني إذا كنت لا تريد أن تخاطبهم أو تكلمهم أو سوف تتقاعس عن هذا أو تتباطئ فدعني أخبرهم )، قال يحيى: إِنِّي أَخَافُ إِنْ سَبَقْتَنِي بِهِنَّ أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ، فَجَمَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ حَتَّى امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ، وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرُفَاتِ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إلى بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَأَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ، ثم عد عليهم خمساً.

 فأول ذلك هذا النسب وهذا السبب المتصل بين هذه الأمة وبين من سبقها من الأنبياء والمرسلين، ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقلنا عبر هذه الأزمنة المتطاولة إلى مكان ومحلة بعيدة، وإلى قوم آخرين وإلى نبي من الأنبياء السابقين ليخبرنا عن كلمات الله عز وجل التي أمره بها والتي أمره أن يأمر قومه بها، ولذلك قال ربنا تبارك وتعالى في كتابه إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ بعدما ذكر سبحانه وتعالى أخبار الأنبياء والمرسلين وعدد قصصهم قال سبحانه وتعالى وهو يختم هذا القصص إِنَّ هَذِهِ أي التي ذكرت.. هذه القصص التي ذكرت وهذه الأخبار التي نبأنا بها, وهؤلاء الرسل الذي حدثنا الله عز وجل عنهم, جعلهم سبحانه وتعالى أمة واحدة هي أمة الإسلام من لدن آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولذلك قال الله عز وجل وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا، فسمى الله عز وجل إبراهيم عليه السلام سماه أباً لنا، فنحن إنما ننتسب إلى هذا الأب العظيم الكريم وننتسب إلى هذه الملة الحنيفية الشريفة المطهرة، ننتسب انتساباً حقيقياً, ولذلك جعله الله عز وجل أباً لنا، فهو صلى الله عليه وسلم يخبرنا عن أصولنا وعن أنبيائنا الذين ننتسب إلىهم وننتمي إلى طريقهم وسبيلهم، يخبر أن الله عز وجل أمر نبيه بكلمات يعمل أولاً ويأمر بها ثانياً.

 لابد أن يأتمر العبد في نفسه أولاً بأمر الله عز وجل ثم بعد ذلك ينقل هذه الأوامر الإلهية إلى عباد الله؛ لأنه إذا لم يكن ثم انتفاع أو ثم اتعاظ أو ثم اعتبار من العبد لهذه الكلمات, فإذاً لم يكن لهذه الكلمات في وقعه تقدير ولا تعظيم، وإلا كان من أول من يمتثل لهذه الكلمات وينتصح بهذه النصائح والوصايا، ولذلك أمره الله عز وجل أولاً وهو نبي الله الكريم، أمره أولاً أن يعمل بهن ثم يأمر قومه أن يلتزموا بهذه الكلمات فإنه إن لم يعمل هو في ذاته أولاً بهذه الكلمات، فإن هذه الكلمات وهذه النصائح لم يكن لها في قلوب هؤلاء وقع ولا أثر، يجب أن يعمل بهن ثم يأمر قومه أن يعملوا بهن.

 ثم تريث و تمهل النبي قليلاً، هو لم يُعرض عن أمر ربه تبارك وتعالى وما كان له ذلك، لم يقابل وصية الله عز و جل بإهمال ولا إعراض, لكنه ولكنه فقط تباطأ قليلاً عن امتثال الأمر، فجاءه عيسى عليه السلام يذكره بهذا الأمر ويخيره بين أمرين إما أن يحادثهم، إما أن يقوم بالأمر الذي أمره الله عز وجل به, وإن لم يفعل فعليه أن يتنحى جانباً و أن يترك مكانه لمن يبلغ الناس أوامر ربهم تبارك وتعالى، وحينئذٍ كانت هذه الكلمة العظيمة، قال: إِنِّي أَخَافُ إِنْ سَبَقْتَنِي بِهِنَّ أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ، إذاً فهي أمانة عظيمة امتن الله عزوجل أنبيائه ثم ورثتهم من العلماء والأئمة عليها، إن لم يقوموا بحقها، إن قصروا في أدائها فإنهم تحت خطر هذا الوعيد الشديد.

إِنِّي أَخَافُ إِنْ سَبَقْتَنِي بِهِنَّ أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ، و حينئذٍ لم يكن ثم بدٌ من أن يجمعهم الآن ليأمرهم الآن ليقوم بحق الله عزوجل الذي أمره به و أوجبه عليه.

إذاً جمعهم ليخبرهم بهذه الكلمات الخمس، فكانت أولاهم: إن الله أمركم أن تعبدوه و لا تشركوا به شيئاً, ثم قال: فَإِنَّ مَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خَالِصِ مَالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ، ثُمَّ أَسْكَنَهُ دَارًا، فَقَالَ: اعْمَلْ وَارْفَعْ إلى، فَجَعَلَ الْعَبْدُ يَرْفَعُ إِلَى غَيْرِ سَيِّدِهِ، قال: فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟

فهذه أول كلمة، أول نصيحة، أول وصية، إخلاص العبد لله تبارك وتعالى في كل حال وفي كل قول وفعل، ثم مثّل صلى الله عليه وسلم بمثال يبين كيف يكون هذا الشرك منفراً بغيضاً مسخوطاً, فمَثَلَه صلى الله عليه و سلم بمثال، فكان مثاله الذي ذكر أن رجلاً أشترى عبداً من خالص ماله لم يشاركه فيه أحد بذهب أو فضة، ثم قال له كلمات بسيطة، هذه داري ( مخزني و مستودعي )، مكان عملي سواءً كان زراعة أو تجارة، فاعمل بهذا المال وأدي إلى خراجي، هذه النتيجة الطبيعية، هذا المال أو هذه الربح أو هذا العائد الذي هو مال هذا السيد، الذي هو صاحب المنة والفضل على هذا العبد, عليه أن يأخذ خراج هذا فيضعه في موضعه، يقول: فكان يعمل، هو نعم يعمل و لكنه يؤدي إلى غير سيده، يأخذ هذا الحق وهذا العائد أو هذه الثمرة بدلاً من أن يضعها موضعها ويجعلها في محلها فهو يأخذ هذا العائد ويعطيه إلى غير سيده ممن ليس له حظٌ ولا حقٌ في هذا العبد ولا في هذا المال، فيقول: فَأَيُّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ؟ من منا إذا وُضع في هذا الموضع, وكان له مثل هذا العبد رضيَ أن ينتسب هذا العبد إلىه؟, فهو يمثل بهذا المثال البسيط لهذا المعنى العظيم، أن العبد مملوك لله عز وجل، قد خلقه الله عز وجل ومنَّ عليه بكل أسباب المنن والنعم والخير والبركة والرزق، فكان حق الرب سبحانه وتعالى على عبده أن يشكره، أن يتوجه إلىه، أن يعظمه، أن يثني عليه تبارك وتعالى، فإذا جعل شكره و جزاء إحسانه وبره ومنته إلى غيره تبارك وتعالى كان هذا أسوأ ما يكون عليه العبد.

ثم ثنى بالصلاة، قال: وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ.

ثم ثلث بالصيام، قال: وَآمُرُكُمْ بِالصِّيَامِ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ فِي عِصَابَةٍ ( واحد وسط مجموعة من الناس ) مَعَهُ صُرَّةٌ فِيهَا مِسْكٌ، فَكُلُّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ يُعْجِبُهُ رِيحُهُ، وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.

ثم ذكر الصدقة، قال: وَآمُرُكُمْ بِالصَّدَقَةِ، ثم مثّل أيضاً فقال: فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ مَثَلُ رَجُلٍ أَسَرَهُ الْعَدُوُّ فَأَوْثَقُوا يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ، فَقَالَ: أَنَا أَفْتَدِي مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ.

وآخر كلماته الأمر بالذكر: وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ، فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا، حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ، فيقول: كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، كانت هذه هي الكلمات, وهي الوصايا الخمس.

الأمر الجامع لهذه الكلمات وهذه الوصايا أنها كلمات بسيطة ولكنها كلمات جامعة، هذا أولاً، ثانياً: الحرص الشديد من يحيى عليه السلام في كل كلمة من هذه الكلمات أو في عامة هذه الكلمات على التمثيل، أن يذكر لنا مثال، هذا المثال يقرب لنا هذا المعنى الواحد، يُدني إلىنا هذه الفكرة التي قد يصعب علينا أن نستوعبها، و إذاً فكان جهد النبيين وعمل المرسلين وعمل من سلك مسلكهم من العلماء والمصلحين والدعاة والربانيين أن يقربوا هذه المعاني العظيمة إلى الناس، أن يُدنوها من أفهام الناس ومن أذهانهم، أن يجعلوا الأشياء التي قد تبدو صعبة أو مستغلقة، سهلة يسيرة متاحة، لأن الغاية والمقصد أن نفهم وأن نَعيَ عن الله عز وجل ثم أن نمتثل أمر الله عز وجل الذي أمرنا به، و لذلك كان يحيى عليه السلام حريصاً أشد الحرص على التمثيل, لأن التمثيل يقرب وييسر هذه المعاني ويُجَلي هذه الحقائق، ولذلك قال الله تبارك وتعالى بعدما ذكر مثلاً من أمثاله قال وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ فعدد سبحانه و تعالى في كتابه الأمثال, لأن الأمثال تُوصلنا إلى الحقائق من أيسر طريق وأسهل سبيل.

 فذكر الإخلاص لله عزوجل الذي هو أصل الأصول وأعظم وثائق وأركان هذه الملة وهذا الدين قال الله تبارك و تعإلى ‏إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء من المعاصي, فكلٍ من وقع في موبقةٍ أو في خطيئةٍ فهو تحت مشيئة الله عز وجل لعل الله عز وجل أن يتجاوز عنه, أما من يأتي بهذه الخصلةِ البغيضة التي هي خصلة الشرك فإن الله عز وجل لا يغفرها إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّـهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا, ثم كما قلنا, ثني بذكر الصلاة التي جعلها رسول الله صلي الله عليه وسلم عموداً للدين لا يقام دين إلا بإقامة هذه العبادة, لكنه هاهنا لم يشر إلى فضيلة الصلاة كما أشار إلى فضيلة الصيام وإلى فضيلة الصدقة وإلى فضيلة الذكر, وإنما لفت الانتباه لحقيقة الصلاة، لأن هذه العبادة وهذه الصلاة لا يكون لها أدني أثرٌ أو ثمرةٌ إلا إذا كانت علي حقيقة الحضور، قال: فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا, وهذا أسهل ما يكون في التصور وأصعب ما يكون في العمل والتطبيق, إن أعسر شيء وأشد شيء علينا أن نحضر قلوبنا في صلاتنا, ولذلك يكون الشيطان كأشد ما يكون حرصاً على أن يصرفنا عن الصلاة, حتي إذا انتهت الإقامة عاد يوسوس إلى العبد يخطر بينه وبين قلبة حتي لا يدري العبد كم صلى يقول له: أذكر كذا.. أذكر كذا, لماذا يصب الشيطان كل طاقته في أمر الصلاة؟ لأنه إذا انفلتنا منه نحن في الصلاة فلا يستطيع أن يقبض علينا إذا ما سلمنا من هذا “الآفة”, ولذلك قال ابن العباس رضي الله عنه حينما قال له: زعمت يهود أنها لا توسوس لها في صلاتها. قال: وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب؟ فكلما ازداد عبادة، كلما ازداد بعد, وإنما كان هذا شيئاً طبيعياً, وإنما يأتي يوسوس لمن تكون صلاته نافعةً له وحاجزة له عن معصية الله… قال تعإلى اتْلُ مَا أُوحِيَ إلىكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ فيها أنوار عديدة تثير للعبد ذكر الله عز وجل وتصرفه وتصده وتبعده عن الفحشاء وعن المنكر ولذلك قال: فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ, إنني حينما أصلي فأنني أناجي الله عزوجل, فهو يستقبلني بوجهه سبحانه وتعإلى يستقبل مناجتي, يستقبل دعائي فإذا التفت العبد فقد أضاع الإقبال وأضاع هذا السمع وأضاع هذه الاستجابة, فكان هذا هو حقيقة التوحيد ولذلك لم يأتي هنا بالتمثل وإنما ركز علي قضية الحضور والإقبال علي الله تبارك وتعالى بقلبه وعقله, ولذلك لم يكن للعبد من صلاته إلا ما عقل منها, فكأن هذا هو عمود الإسلام.

ثم ذكر الصيام, ومثل لفضل هذا الصيام أن هذا الصائم وسط الناس كمن يحمل صرةً من مسك فيها رائحةٌ زكيةٌ طيبة, فكلكم يعجبه هذه الرائحة ويتمني أن يكون له مثلها وقال: وَإِنَّ رِيحَ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ.

ثم ذكر الصدقة, وذكر ثواباً وأجراً عظيماً ذكر عبداً أسره العدو وتمكنوا منه فعلاً ,وأوثقوا يده بالعمود, فقد سيطروا عليه سيطرةً كاملةً فلا يستطيع أن يتحرك يميناً أو يساراً, ثم قدموه ليضربوا عنقه فأراد أن ينفك منهم فقال: أَنَا أَفْتَدِي مِنْكُمْ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَفَدَى نَفْسَهُ مِنْهُمْ.. كأنه عليه الصلاة والسلام يبين لنا أن الصدقة والإحسان تنجي العبد من أن توبقه معاصيه وموبقات هذا الشخص ألجمته معاصية وخطيأته حتي أستوجب بها العقوبة والعذاب من الله عز وجل, فأتت هذه الصدقة وأتي هذا الإحسان ليفك هذه العقوبة وليفك هذه الرقبة من هذه الأصفاد والأغلال وينجيه من عذاب الله عز وجل. فالصدقة تطفئ غضب الرب كما يطفئ الماء النار.

ثم ذكر وصيةً خامسةً وأخيرة.. ذكر الذكر ومثله برجلٍ انطلق عدوه على أثره سراعاً فبينما هو كذلك إذا أتى على حصناً حصين فدخل فيه فأحرز نفسه منهم وأحتمى منهم بهذا الحصن الحصين, فكذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بالذكر, وأخطر ما يهدد العبد في هذه الحياة هو تأثير الشيطان عليه ولا يمكن أن ينجوا العبد من أسر الشيطان إلا إذا اعتصم العبد بالله.. إلا إذا استعان بالله عزوجل, إلا إذا لجأ إلى الله عز وجل إلا إذا تحصن بذكر الله عز وجل واستغفاره وتسيبحه وتحميده وذكره.. وإذاً فكانت وصية يحيى عليه السلام هي هذه الكلمات الخمس البسيطة العظيمة… إخلاص العبد لله عز وجل وإقام العبد للصلاة والصيام والصدقة والذكر. إذاً فهذه الوصايا والنصائح هي بهذه الأصول والأركان التي إذا حافظ العبد عليها إذا لازمها وواظب عليها فهو في كلاءة الله عزوجل وحفظه وهو في سبيل الخير في الأولى والآخرة, فإن فعل العبد ما يعارض ذلك وما يناقضه و ما يخالفه أتت هذه الأركان والوثائق الخمس العظمى فأنقذت العبد من أسر الشيطان وأنقذته من أسر الخطايا والذنوب التي أوبقته والتي قيدته عن أن ينال رضوان الله عز وجل بهذه الكلمات الخمس البسيطة التي ينقلها لنا ويعلمنا إياها رسول الله صلي الله عليه و سلم.

ثم ثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ، اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ, إذاً رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكر هذه الخمس الأول التي كانت وصية يحيى عليه السلام لبني إسرائيل ثنى صلي الله عليه وسلم مخاطباً إيانا مكملاً لهذه الأركان الخمس بخمس أخري تتميماً و تكميلاً لهذه الوصايا الأول.

قال: وَأَنَا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ، اللَّهُ أَمَرَنِي بِهِنَّ, الرسول صلي الله عليه وسلم لم يأمر بشيء من عند نفسه, ولكنه يوثق ويشدد ويؤكد علي عظمة هذه الكلمات بأن الله عز وجل هو الذي أمره أن يردف هذه الخمس بهذه الخمس الأول, السَّمْعُ، وَالطَّاعَةُ، وَالْجِهَادُ، وَالْهِجْرَةُ، وَالْجَمَاعَةُ، فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يُرَاجعَ، وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ, فقال رجل: يا رسول الله، وإن صلى وصام؟ قال: وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ، فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ، الَّذِي سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ.

 نحن ها هنا أمام نقلة من حال إلى حال, هذه النقلة هي التي تمثل حقيقة اكتمال الدين, قال تعالى الىوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا كانت هذه الوصايا الخمس الأول هي الوصايا التي يستقيم الفرد على طاعة الله عز وجل هي الوصايا التي يقوم بها بنيان الإنسان الصالح التقي الذي يفييء إلى ربه عز وجل ثم كانت هذه الوصايا الخمس الأخر التي يقام بها بنيان المجتمع الذي يقيم دين الله عز وجل.

 لقد تقدم معنا مراراً قول الله عز وجل كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ الله تبارك وتعالى لم يخاطبنا كأهل الإسلام أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم, خطاباً فردياً, هو دائماً يخاطب المؤمنين باعتبار وصفهم كتلة وجماعة وحزباً, يخاطبهم دائماً قائلاً يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا  معاً جميعاً الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا  تناصحوا فيما بينهم بالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا وتناصحوا فيما بينهم بِالصَّبْرِ فالنبي صلى الله عليه وسلم يخبر أننا إنما بعثنا أمة لم نبعث أفراداً أشتاتاً متناثرين متفرقين.

بعد هذه الخمس الأول التي أقامت بنيان الإنسان جاءت هذه الخمس الأخر التي تقيم بنيان الأمة قال: وأنا آمركم بخمس لم آتي بهن من عند نفسي وإنما الله أمرني بهن فذكر الجماعة وهذه هي الوثيقة العظمى، الجماعة هي الاجتماع والائتلاف والاتحاد والامتزاج, نحن إنما أرادنا الله أن نكون أمة وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا الله تبارك وتعالى أمرنا أن نعتصم أي نستمسك بقوة بحبل الله الذي هو القرآن جَمِيعًا لا يكتفى هاهنا بأن نعتصم بحبل الله كل على حدة نحن جميعاً نجتمع على هذا الحبل, ثم أكد ذلك بقوله وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً متفرقين أشتاتاً متوزعين فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ هو الذي ألف سبحانه وتعالى هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ, وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ.

هذه الجماعة علام تجتمع؟ تجتمع على أمر الله عز وجل تجتمع على حبل الله, لأنها لا يمكن إذا أعرضت عن حبل الله أن تجتمع على أمر ولا على مذهب وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ۝ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ لا يمكن أن يجتمعوا كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ القرآن كلام ربنا يتقسم أجزاء كل واحد واخد جزء استأثر به وترك غيره!!.

وإذاً لا يمكن أن نجتمع إلا إذا اجتمعنا على حبل الله المتين نجتمع عليه جميعاً, بدون ذلك لا يكون ثمَّ جماعة.

هذه الجماعة لكي تقام تحتاج إلى التضحية, كما فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, نأوا عن ديارهم وأوطانهم طلباً لمحلة يقام فيها نور الله عز وجل ولذلك جاءت الهجرة, فكانت من جملة الخمس أمرهم بالهجرة وبعد هذه الهجرة كان الجهاد, لأنه لا يمكن الحفاظ على هذه البوتقة النيرة إلا بحمايتها فإذا استوت على سوقها وإذا ما اكتملت قوتها حينئذٍ كانت هذه المدينة قادرة على أن تبث نور الله عز وجل في الخافقين, فاحتاجت إلى أن تحرك جحافلها لتنشر نور الله عز وجل, ثم ذكر سمعاً وطاعة لأن هذا الاجتماع وهذا الامتزاج في هذه الأمة لا يكون إلا بطاعة وإمامة لأن الناس بطبيعة الناس بل الحيوانات كنمل ونحل وغيرها لا يجتمع أمرها ولا تكون أمة إلا إذا كان لها إمام عليه تجتمع فكان حق هذه الإمامة السمع والطاعة لماذا لم يقتصر على الطاعة وذكر معها سمعاً, السمع هو الإصغاء والإنصات الوعي والفهم لأن هذا يكفل أمرين الأمر أن أميز فيما أسمع ما بين ما يرضي الله وبين ما يسخطه, أول كلمة قالها أبو بكر رضي الله عنه الخليفة الراشد الذي جعلت سنته سنة وجعلت سياسته شرعة تتبع فقال صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور.

كان أول كلمة قالها: وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعونني وإن أسأت فقوموني, فإذاً هناك إحسان وهناك إساءة, في كل حالة من هذه الحالات هناك واجب تجاه هذا الإمام, إذاً نحن عندنا معيار لتميز الإحسان من الإساءة أولاً وهذا لا يكون إلا بالسمع الإصغاء والانتباه والتركيز لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ تدرك وتعي وتعقل، دي أول حاجة أقدر أميز، فإذا ميزت وكان إحساناً كان حقاً علينا أن نعين، مش واجبنا أو دورنا هيبقى مجرد التصفيق, إن أحسنت فأعونني وإن أساءت -ليس سباً ولعناً- فقوموني, هو معووج كده لازم يتعدل لأن هو لو متعدلش إحنا وهو ضعنا, هي أمة واحدة بمنهج واحد بغاية واحدة بمصير واحد.

النبي صلى الله عليه وسلم لما مثل الأمة المحسن منها والمسئ قال :كمثل قوم استهموا على سفينة, فين ناس فوق وفي ناس تحت, طب الناس اللي تحت بتخرق في نصيبها وبتفسد, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعاً, ولو أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً, نحن كلنا كما مثَّل النبي صلى الله عليه وسلم في مركب واحدة إما كلنا نجوا أو كلنا نهلك وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً يبقى فيه إحسان فيه إعانة فيه إساءة, يبقى في تقويم, والتقويم ده عمل إيجابي ده فعل إحنا بنعمله هنعدل المعووج ولابد إن إحنا نعين المحسن.

فإذاً كانت سمعاً قبل أن تكون طاعة, السمع ليه؟ عشان أقدر أميز, تاني حاجة الوعي, أدرك الحقيقية, لازم أفهم إيه التوجيه وأدرك أن هو صح فأمشي صح, لأن أنا ممكن أنفذ أمر أو أنفذ توجيه بدون وعي ودراية فأفسد بدل ما أصلح, لو معندناش بصيرة معندناش فهم وبنفذ اللي إحنا بنسميها طاعة عمياء إحنا معندناش في الدين حاجة اسمها كده قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ لم يقل بصر, البصيرة دي عمق الوعي والفهم أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي كل من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم لازم يكون على بصيرة، مفيش حاجة اسمها الطاعة العمياء, في الدين ده مش موجود فلابد أن يكون سمعاً فإذا كان سمعاً وكان أمراً في طاعة كانت الطاعة.

فإذاً هذه الأركان الخمس إذا اكتملت كان بنيان الأمة, فإذاً بعدما ذكر يحيى عليه السلام بنيان الفرد, ذكر النبي صلى الله عليه وسلم, بنيان الأمة لأننا لا تكون لنا حياة إلا إذا كنا أمة, وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ أي فلتُكَونوا أمة, وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هما دول بس هُمُ الْمُفْلِحُونَوَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ بعد دي على طول النهي عن التفرق والاختلاف.

 إذاً فهذه الخمس هي مكملات الخمس الأول, هي مكونات الأمة, يجب أن نعي أننا لا حياة لنا ولا بقاء إلا إذا كنا أمة, ثم قال صلى الله عليه وسلم: فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ, هيطلع من الدين, الجماعة دي بتمثل الإسلام, إذا نابذها, إذا عاداها, إذا خرج عنها, إذا شاقها, إذا حادها, إذا كان بيعمل لما يضرها ولا ينفعها فقد خرج من هذا الدين, ولذلك لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم موجبات إجابة الدعاء قال: الثيب الزاني, والنفس بالنفس, والتارك لدينه المفارق للجماعة, لم يقل التارك للدين فقط, لأن من لوازم تركه للدين أن يفارق جماعة المؤمنين, هو فرد من هذا المجموع, لهم عليه حق الولاء وحق النصرة وحق التأييد وحق النصيحة وحق الإرشاد, لو هو في النهاية واقف في الصف المقابل يبقى هو قد خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يَرْجِعَ, لازم يرجع ويضع نفسه كلبنة في هذا البناء.

 ثم قال: وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ, إحنا عندنا فيه دعوى الإسلام, دعوى الإيمان, دعوى القرآن, دعوى الجماعة, ترك دا، وبدأ يدعي بدعوى تخالف ما أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم, بدأ يدعوا إلى أي جماعة أو تكتل يخالف جماعة المسلمين, المفروض هي جماعة واحدة مش متين جماعة, الأمة حاجة واحدة بس, كل دعوى تفرق أو تحزب, هذه من دعوى الجاهلية.

 ولذلك لما اتنين تنازعوا, واحد قال يا للمهاجرين وواحد قال يا للأنصار، دول المهاجرين والأنصار اللى ربنا أثنى عليهم، فقال: أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم, دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ, أي دعوة تفرق الأمة وصفها صلى الله عليه وسلم بأنها منتنة يجب أن نباعدها, وَمَنْ ادَّعَى دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ ( أي حاجة تخالف الدين أو تفرق كلمة المسلمين ) فَإِنَّهُ مِنْ جُثَا جَهَنَّمَ, من جماعات أهل النار عياذاً بالله, فقال رجل: يا رسول الله، وإن صلى وصام؟, ( يبقي دلوقتي هو مسلم ), وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ وزعم أنه مسلم, فَادْعُوا بِدَعْوَى اللَّهِ، الَّذِي سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ.

 هما تلت حاجات, الإسلام, والإيمان, والعبودية لله, أي اسم أي لقب أي راية أي شعار تاني, دا مرفوض تماماً لأن دا بيفرق كلمة المسلمين, إحنا اسمنا مسلمين مؤمنين عباد ربنا ملناش اسم تاني, ومينفعش إن إحنا نختار اسم تاني أو نفضل أو نؤثر حاجة على اللي ربنا سبحانه وتعالى ارتضاها لنا واختاره لنا مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ أي من قبل هذه الرسالة وَفِي هَـٰذَا من قبل القرآن وفي القرآن لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّـهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه،

اللهم فقهنا في ديننا، اللهم فقهنا في ديننا، اللهم زهدنا في دنيانا،

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك،

 اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضإلىن ولا مضليين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين،

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.