وقلنا إن وجود الإنسان في بيت ربنا سبحانه وتعالى، وجوده في المسجد، وجوده في الصلاة هذه نعمة من ربنا سبحانه وتعالى
لماذا نقول هذا الكلام؟ لأن عدم إحساس الإنسان بالنعمة هوما يجعلها تضيع منه
وعدم إحساس الإنسان بالنعمة ربما يجعلها لا توصله لما يتمناه من القبول والرضا من ربنا سبحانه وتعالى.فأول أمر لابد أن ندركه جيدا إن وجودنا هنا هو بالأساس فضل من الله سبحانه وتعالى. ثلاث نقاط الأولى أن كثيرا من الناس ربما يظن أن أداءه للعبادة أو إستجابته للصيام أو مجيئه للمسجد إحسان منه فى حق الله تبارك وتعالى. كأننى حينما أستجيب لله فكأننى أحسن لله والعياذ بالله, بينما أن الإنسان حينما يحسن فإنه يحسن لنفسه قال تعالى وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وقال تعالى وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ لكن لأن الله يحب الإنسان ورحيم به قال وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ هذا اول أمر, أن الإنسان حينما يحسن, حينما يفعل خير فهو يفعله لنفسه والعائدة تعود عليه.
الأمر الثانى أن مجيئنا إلى هنا كما قلناهو توفيق من الله,فضل من الله,إحسان من الله سبحانه وتعالى للإنسان وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ. فتح الله على الإنسان بالخير هو رحمة من الله سبحانه وتعالى فالإنسان يستشعر أنه لم يفعل شيئا يستعلى به مما يجعله يخشع لله، ولذلك قال الله تبارك وتعالى لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا
إذن فالله سبحانه وتعالى هو الذى يفتح لنا أبواب التوبة لكى ندنو منه..هو الذى ييسر لنا القرب منه لكى نسكن إليه سبحانه وتعالى أو لكى ونرقى فى مراقى القرب من الله سبحانه وتعالى وليس نحن. هذا يجعل الإنسان يستشعر فضل الله سبحانه وتعالى ويستشعر أن كل هذا منّة من الله فيخبت ويتواضع..فإن أخبت وتواضع حينئذ يتقبل الله عز وجل منه.
ولذلك عبد الله بن عمر رضى الله عنه جاءه سائل يسأل صدقة فقال لإبنه أعطه ديناراً، فأعطاه إياه ثم عاد إلى أبيه فقال تقبل الله منك يا أبتاه. هو لماذا يقول له ذلك؟ الدينار دا عبارة عن اربعة جرام دهب وربع… يعني الواحد بيدي نص جنيه، جنيه، خمسة جنيه، اربعة جرام وربع ذهب دا واحد خبط على الباب فعطاه ألف وسبعميت جنيه أو تمنميت جنيه.. عشان كده ابنه بيقول له ” تقبل الله منك يا أبتاه ” .
فقال له عبد الله بن عمر لوعلمت أن الله تقبل منى سجدة واحدة وصدقة درهم ما كان من غائب أحب إلى من الموت أى لو أننى أعلم أن الله تقبل منى سجدة واحدة سجدتها فى حياتى أو صدقة درهم واحد لتمنيت أن أموت الآن, قال أتدرى ممن يتقبل الله؟ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ.
فضالة ابن عبيد رضى الله عنه فى هذه الآية أيضا يقول لئن يقول لى أحد أن الله تقبل منى مثقال حبة من خردل من خير أحب إلى من الدنيا وما فيها.
مطرف بن عبد الله بن الشخير كان يدعو اللهم تقبل منى صلاة يوم, يوم واحد فى حياتى.. اللهم تقبل منى صوم يوم.. اللهم اكتب لى حسنة, ثم يقول إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. فقضية أننا نؤدى عبادة الأهم من هذا كيف نؤديها وبأى نفسية وبأى حالة لكى تصعد إلى السماء هي دي القضية، كيف القبول؟ ما هى الحالة التى يكون عليها المرء لكى يتقبل الله منه، هو دا الشاهد هي دي القضية، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى لما ذكر الصيام جعل له غاية وهى التقوى والنبى صلى الله عليه وسلم لما ذكر الصيام كمكفر للسيئات قال من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.
إذن أى صيام الذى يوصل للمغفرة؟ إن الواحد المفروض أثناء صيامه وأثناء يومه يكون مستشعرا أمرين.. الإيمان والإحتساب, والإيمان هو أننى أنما أقوم بذلك تسليما وإمتثالا وإذعانا لأمر الله تبارك وتعالى, إحساس الإنسان أنه عبد يستجيب لأمر الله تبارك وتعالى. اما الإحتساب فهو رجاء القبول.. أن يضع الله سبحانه وتعالى فى أيدينا خيرا وثوابا على ما نفعل. هذا يغفر له ربنا سبحانه وتعالى بهذا الصيام ما تقدم من ذنبه. إذن فالصيام لكى يكون فى محل القبول يحتاج أمرين: شعور الإيمان والإخبات والإذعان لله سبحانه وتعالى, وتمنى الإنسان ورجاؤه ولهجه بالدعاء أن ربنا سبحانه وتعالى يتقبل منه. وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ هذا أعظم عمل..بناء بيت الله سبحانه وتعالى الذى سيطوف به الناس ويركعوا ويسجدوا إلى قيام الساعة رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام يدعوان الله بأن يجعلهما مسلمين لله.. ويدعون الله أَرِنَا مَنَاسِكَنَا علمنا فنحن لانعلم شيئا إلا ما علمنا الله تبارك وتعالى فعلمنا يارب كيف نطوف ونتعبد إليك فنحن لا نعلم. رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
إذن فهى ثلاثة أمور.. أننا نحسن إلى أنفسنا بالعبادة ولا نحسن إلى الله.
أن التوفيق من الله والمنّة من الله يجب أن نشكر الله عليها حتى يحفظها لنا.
الإحسان قدر الجهد فى العبادة حتى يتقبل الله سبحانه وتعالى وإذا تقبل فلا تسأل عن الخير الذى سيأتيك من الله. ومن رحمة الله سبحانه وتعالى إنه ربنا لما يوفق الإنسان للخير فهى علامة ومقدمة على أنه سيعطيه المزيد من الخير. ولذلك ابن عباس كان يقول: إن للحسنة ضياء فى الوجه ونورا فى القلب وسعة فى الرزق وقوة فى البدن ومحبة فى قلوب الخلق..هذا ثواب الحسنة, وإن للسيئة ظلمة فى القلب وسوادا فى الوجه وضيقا فى الرزق ووهنا فى البدن وبغضا فى قلوب الخلق.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما قلنا.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.