الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا رب غيره ولا معبود بحق سواه، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أشرف نبي وأطهره وأزكاه – صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه واهتدى بهداه صلى الله عليه وسلم.
حديثنا اليوم مستوحى من هذا الواقع الذي نعيشه وسميته حديث المستنقعات أو استنقاذ البركة من أوحال البركة.
أولاً أتحدث عن علة هذا الداء وعلة هذا المنظر الذي نراه وإنما هو ترك الإحسان، الإحسان قيمة إيمانية عظمى ومفهوم حضاري عظيم علمنا إياه ربنا ورسولنا صلى الله عليه وسلم.
قال صلى الله عليه وسلم في حديث شداد بن أوس رضي الله عنه في صحيح مسلم قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله عز وجل كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته “
ها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلم عن هذا المعنى العظيم، معنى الإحسان، جعله صلى الله عليه وسلم حقاً واجباً على كل عبد مسلم في كل شيء وفي كل أمرٍ لا نستثني منه شيئاً، قال: إن الله كتب الإحسان
كتب: أي أوجب، سبحانه وتعالى كما قال تعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فكما كتب الصيام وكما فرضت هذه العبادة كتب الله عز وجل وأوجب على عباده الإحسان، والإحسان فوق الإتقان، لأن الإحسان فيه معنى الجمال الذي هو فوق الإحكام وفوق الإتقان.
فما روي عنه صلى الله عليه وسلم من قوله، وهذا حسنه بعض أهل العلم: ” إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ” فوقه وأعظم منه قوله صلى الله عليه وسلم: ” إن الله عز وجل كتب الإحسان على كل شيء ” في كل عملٍ وفي كل قولٍ وفي كل عبادة وفي كل خلقٍ وفي كل سلوكٍ يسلكه المسلم في هذه الحياة، حتى أنه تطرق صلى الله عليه وسلم لأمور لا يتصور فيها الإحسان
يقول: فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة
يتصور الإحسان في كل شيء إلا في هذه الأشياء.
شخصٌ فعل ما يستوجب أن يقتل، يقتل بحق سواءً كنا بمن استوجب حداً أو كان هذا قصاصاً، شخص قتل ويقتل بمن قتله، أو شخصٌ وقف موقف المحاربة من دين الله عز وجل ونوره فاستوجب أن يقاتل ويترتب على هذا القتال أنه ربما قتل،فهو صلى الله عليه وسلم حتى في هذا القتل الذي هو أبعد ما يكون في تصورنا عن معنى الإحسان، ذكر صلى الله عليه وسلم أيضاً الإحسان، أحسنوا القتلة
ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الإيمان ممن يجاهد في سبيل الله عن المثلة، ألا يمثلوا بقتيل، ولما مثّل المشركون بحمزة رضي الله عنه في أحد، غضب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لإن أمكنني الله منهم لأمثلنّ بسبعين منهم عوضاً عن ما فعلوا بحمزة سيد الشهداء رضي الله عنه فأنزل الله تبارك وتعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ لا يتجاوز الحد، شخص بشخص وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ثم قال وَاصْبِرْ إنما يستوجب مقامك الرفيع وقدرك العالي أن تصبر، وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ لا تطيق هذا الصبر ولا تطيق هذا المقام إلا بعون الله عز وجل وإلقاء السكينة والطمأنينة عليك، هذا أولاً
فحينما نفقد معنى الإحسان، تحدث هذه الأمور التي نرى ونسمع وهذا مجرد مثال ونموذج.
ثم أمر آخر يتعلق به وهو: نظرة المسلم أو احساس المسلم تجاه بيت الله عز وجل هذا ميزان ومعيارٌ لمقدار تعظيم الإنسان لربه تبارك وتعالى فهذه الأماكن إنما كانت بيوت الله عز وجل في الأرض، هذه الأماكن التي ينبغي على كل عبدٍ يستشعر تعظيم ربه تبارك وتعالى أن يعظم هذه الأماكن التي طهرت لذكر الله عز وجل وعبادته، فهي تنسب إلى أشرف معنى وتنسب إلى الخالق تبارك وتعالى وتنسب أيضاً إلى أشرف مهنةٍ ووظيفة وهي عبادة الله عز وجل والتقرب إليه وإعلاء اسمه سبحانه وتعالى.
فإذا كان الإنسان يستشعر أنه – مثل هذه الصورة في الريسبشن مثلاً عنده في البيت يعذر في قلبه كثيراً عن وجود مثل هذه الصورة في المسجد فهذا أمر يحتاج إلى أن يراجع الإنسان فيه نفسه،وأسوء من ذلك أن يشعر باللا مبالاة وعدم الاكتراث لأن تصيب هذه الأدناس بيوت الله تبارك وتعالى المطهرة المشرفة المكرمة.
وأما من اهتم لهذا الأمر، أو استشعر في قلبه شعوراً تجاهه، فهذا لا نجزيه نحن الخير: أي لا نقول له نحن – جزاك الله خيراً – فيكفيه فضلاً أنه قد استشعر تعظيماً في قلبه لبيوت الله عز وجل والله سبحانه وتعالى يجزي هذا المحسن بما أحسن ويجزيه سبحانه وتعالى الذي هو خير.
وهو كما قلنا هذا معيار لمقدار استشعار الإنسان أو احساسه أو تعظيمه لبيت الله تبارك وتعالى
النقطة الثانية والأخيرة: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث في البخاري
يقول أبوسعيد: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وجلسنا حوله فقال: إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها، فقال رجل: يا رسول الله أويأتي الخير بالشر، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبه.
فقلنا له مالك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجيبك – انته قلت حاجة تزعل أو تضايق، فالنبي صلى الله عليه وسلم سكت –
ثم يقول فرأينا أنه ينزل عليه – ينزل عليه الوحي حينما سكت – ثم أفاق فمسح عن وجهه الرحضاء – العرق – الذي يتصبب منه صلى الله عليه وسلم حينما يلامسه جبريل عليه السلام.
فقال: أين هذا السائل – الذي قال: أو يأتي الخير بالشر – قال: أين هذا السائل، ثم قال :أو خيرٌ هو، أوخيرٌ هو، أوخيرٌ هو، ثم قال: إن الخير لا يأتي إلا بالخير وإن مما ينبت الربيع لما يقتب حبطاً أو يلم إلا آكل الخضر، فإنها أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت وإن هذا المال خضرة حلوة ونعم صاحب المسلم هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل، وأما من أخذه بغير حقه فلا يبارك له فيه ثم يكون عليه شهيداً يوم القيامة.
هاهنا يحكي أبو سعيد رضي الله عنه أنهم كانوا جلوساً حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس على منبره – ونعمة الصحبة هذه – فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يحذرهم من أمر يكون فيهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وهذه صفته الذي وصفه الله تبارك وتعالى بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ فهو صلى الله عليه وسلم يحرص عليهم أشد الحرص، يحرص على أن يحذرهم من كل ما يمكن أن يؤذيهم أو يضرهم أو يفتنهم في معاشٍ أو في معاد، في أولى أو في آخرة
فهو يقول: إن أخوف ما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها،الزهرة، الرائحة الطيبة والمشهد والمرئا الجميل، لكن الزهرة لا تأكل ولا تشرب، فهو يتمتع بمرآها وشكلها وربما فُتن بذلك، لكنه لا ينتفع بها من وراء ذلك بشيء، ولذلك قال: من زهرة الدنيا وزينتها،الزينة: الشيء الذي يتزين به الإنسان على ظاهره، لكنه حقيقةً لا ينتفع به انتفاعاً حقيقياً، ولكنه كما قال الله تبارك وتعالى زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ.
فسأل سائل يا رسول الله ” أويأتي الخير بالشر؟ ” ، هذا الذي وصف بأنه الزهرة والزينة، هذا المال وهذا المتاع إنما هو خير فهل يمكن إن هذا الخير يترتب عليه شر، هل ممكن هذا الخير يصيب الإنسان بالشر والضر والسوء، فحينئذٍ تنزلت هذه النعمة العظمى التي امتن الله عز وجل علينا بها، أننا نتصل في علمنا وفي إدراكنا وفي فهمنا نتصل بالسماء، إنما نستمد علمنا وفهمنا ويقيننا من هذا الوحي الذي أنزله الله تبارك وتعالى على قلب محمد صلى الله عليه وسلم لذلك كنا بفضل الله عز وجل وبهذه النعمة أبعد ما نكون عن الضلال وعن الشقاء.
فقال صلى الله عليه وسلم بعدما ارتفع عنه الوحي، قال: أوخيرٌ هو، قالها ثلاثاً، ماذا يريد أن يقول، هل يعد المال خيراً محضاً؟! في كل صورةٍ وفي كل حال؟
هذا ربما ما يظنه كثيرٌ من الناس، ولذلك يسمون المال دائماً ” خيرا ” وقد سماه الله عز وجل كذلك وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ فالنبي صلى الله عليه وسلم يصلح هذا المفهوم أولاً، أوخيرٌ هو، هل يوصف المال أنه خير على كل صفةٍ وعلى كل حال، على أي صورةٍ أكتسبها منها الإنسان، وعلى أي صورةٍ أنفقها فيها، ثم يقول صلى الله عليه وسلم إن الخير؛ الذي هو الخير حقاً لا يأتي إلا بالخير.
ولذلك ربنا سبحانه وتعالى قال الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وصفها هاهنا بأنها الزينة كما قلنا، المتاع،ثم قال وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ هذا هو الذي يستحق أن يوصف بأنه خير لأن كله خير ولا يأتي إلا بالخير،قال: إن الخير لا يأتي إلا بالخير، ثم ضرب صلى الله عليه وسلم مثالاً عالياً راقياً عظيماً،يريد أن يشرح لنا هذه القضية بمثالٍ واضح بيّن نير.
يقول: إن مما ينبت الربيع – الإمام النووي قال إن الربيع هو المطر – لما يقتل حبطاً أو يلم – الربيع ده: المطر الذي ينبت البهي الزهي من النبات، طعمه حلو وشكله جميل – وإن مما ينبت الربيع لما يقتل حبطاً أو يلم إلا آكلة الخضر.
هنا النبي صلى الله عليه وسلم يذكر مثل المطر حينما ينزل يزهو به الزرع وينضج فيكون جذاباً فاتناً للأعين، حلواً في المذاق، فحينما ترعى عليه الأنعام يعجبها منظره، ويعجبها طعمه فتأكل ولا تشبع، لأنها تستمتع بالأكل نفسه لا بفائدة الأكل، الأكل نفسه حينما يصير شهوةً ولذة هو نفسه، إنما يأكل حبطاً، – يعني: انتفاخ، تفضل تاكل تاكل تاكل لحد ما بطنها تنتفخ فتنفجر المعدة فتموت – أو ” يلم ” قريباً منها يعني إلم تصل لهذه المرحلة فهي قريبة منها، فتتضرروتتأذى بهذا الشهي اللذيذ الذي أكلت،إلا آكلة الخضر الخضر: هو النبات الأقل مستوى، الذى ينبت في الوقت الذى يكون فيه ما أنبته المطر قد يبس وجفّ، فتضطر الأنعام أن تأكله، هو ليس شهياً جداً لا في المنظر ولا في المذاق، ولذلك تتناول منه بمقدار الحاجة، لأن الشهوة حينئذٍ شهوة النظر، وشهوة الاستمتاع بالمطعم زالت – هيه دلوقتي بتعمل ايه، بتاخد منه بمقدار وتكتفي – فلا يحدث لها التخمة والامتلاء الذي يصير مضراً ومؤذياً، ” ما يقتل حبطاً أو يلم إلا آكلة الخضر، فإنها أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها – يعني شعرت بالامتلاء – استقبلت عين الشمس، – خلاص سابت المرعى، خلاص هي أخدت حاجتها من الأكل، فاستقبلت عين الشمس، فأعدت بئه في الشمس عشان تهضم اللي هي أكلته – فثلطت وبالت ثم أخرجت، علامة الموضوع ده في الخطبة هي ديه؛ إن هيه اخرجت الفضلات الموجودة في معدتها فتخلصت من الزائد الذي لا نفع له ولا فائدة من وراءه بل هو مضر.
هي إذن أكلت – مش ما أكلتش – أكلت بمقدار ما احتاجت ثم قعدت في الشمس فهضمت وبالتالي انتفعت بما أكلته،ثم تخلصت من الفضلات الزائدة التي إذا بقيت في بطونها أضرت بها ثم رتعت – اتفسحت بئه – .
إذن هذه التي تأكل الخضر، تستمتع بهذا الطعام أكثر من التي امتلأت فتضررت بهذا الذي أكلت.
ثم طبق صلى الله عليه وسلم هذا المثل على هذا المال، قال: وإن هذا المال خضرٌ حلو، الإنسان مجبول على محبته، ثم قال: ونعم صاحب المسلم هو
إذن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعو ولا يأمر ولا يوصي باجتنابه، لأن هذا المال ضرورة من ضرورات الحياة، لكن قال: نعم صاحب المسلم. يصاحبه؛ يمشي معه، صاحب المسلم هو لمن؟: لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل – طب التاني: اللي هي بئه ايه بتاكل حتى تمتلأ وبتاكل حتى يصيبها الحبط – وقلنا الحبط هوالامتلاء الذي يؤدي إلى الهلاك لذلك ربنا سبحانه وتعالى قال أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ، لماذا سماه الله تبارك وتعالى هاهنا حبوطاً، حبوط يعني ايه؛ يبئه إذن الحبوط ده أنا باكل وبتملي، ده ضرر ومش نفع، فإذن ده الإنسان بيعمل أعمال صالحة المفروض تكون نفع له، لكن في الحقيقة إذا فقدت الإخلاص، أو كانت يصحبها الرياء، أو المنّ والأذى إذا كان إنفاق، حينئذٍ تصير ضررًا على صاحبها وعقوبة في الآخرة وإن كانوا يرونه نفعاً، وده أشد حاجة وأخطر حاجة إن هو ممتلئ بس الامتلاء ده مش صحة، ولذلك أبو الطيب ماذا يقول:
أعيذها نظرات منك صائبةً أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
– هو ورمان، هو تعبان، بس انته متخيل إن ده شحم ده صحة،، لأ ده مريض، لكن المريض شكله في الظاهر كده وفي الخارج، شكله ديه عافية وديه نعمة وديه ربربة، هو مش مربرب، ده تعبان، فبيقول لك، انته متئدرش تميز ما بين الشحم وما بين الورم
ونعم صاحب المسلم هو، لمين؟ لم أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل، طب اللي بيأكل بغير حقه، كان كمن يأكل ولا يشبع ليس فيه بركة، فهو كمن يأكل ولا يشبع ويقوم عليه شهيداً يوم القيامة خسارة هنا وخسارة أيضاً هناك –
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
إذن النبي صلى الله عليه وسلم هاهنا أعطى مثلا للصورتين.
الصورة الأولى :صورة الافتتان بهذا المتاع ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم مثلها بالزهرة والزينة – الزهرة ديه حاجة بتفتن العين – إذن هذه الأنعام التي مثل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي تأكل بعينها أولاً،تتعلق تعلقاً شديداً بهذا النبت،فتشتهيه ثم تتناوله كما قلنا تتناول الشهوة مش تتناول الحاجة، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال :كان كمن يأكل ولا يشبع – لأن هو هنا مش بيتناول الطعام عشان الطعام ده هو بينتفع بيه أو هيتحول لطاقة تعينه على حركة الحياة، وأصبح هو بنفسه، بنفسه هو شهوة، ولذلك هو مش قادر يفكر، ملوش حدّ – لو أن لابن آدم وادياً من ذهب لتمنى له ثانٍ،ولو كان له واديان من ذهب لتمنى لهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب، إذن هذه أول صورة، النبي صلى الله عليه وسلم ذكر صورتين، – فيه واحد القضية بالنسبة له قضية شهوة وتعلق مش قضية مصلحة وانتفاع،ده مبيعرفش يفرمل، فبيحاول يكتسب المال بكل سبيل حتى لو كان ده فيما يسخط الله تبارك وتعالى ثم يضن بهذا المال ويمنع هذا المال من حقه، طب لما يمنع المال من حقه هيحصل ايه؟ زي ما بيحصل لهذه الدابة، هذه الفضلات التي هي ضررٌ عليها ينبغي عليها إن هي تخرجها،عشان هي تتخلص منها،على فكرة اللي بيتصدق ده هو بيحسن لنفسه مش بيحسن للمسكين، لأن الحاجات ديه لو فضلت معايا، المقدار الزائد عن الحاجة لو فضل معايا يضرني ويؤذيني –
إذن أنا أحسن لنفسي قبل أن أحسن للمسكين، هو صاحب المنّة على ولست أنا صاحب المنّة عليه، لأنها لو بقيت ضرت وأفسدت.
إذن هذا المال الذي قد وصفه الصحابي أنه خير، هو يحمل أخلاطاً وأجناساً
الله سبحانه وتعالى بنعمته وفضله يجعلنا نستخلص الذي هو خير من المال الذي هو خير من الطعام، فهذا الخير لابد أن يعالج ويهضم فيتحول إلى طاقة نافعة تبث في الدم، إذن ده سيميز إلى قسمين، قسم أنا سأنتفع به فعلاً، هذا الذي يتحول ويجري في مجرى الدم؛ هذا الذي يعطيني الطاقة على حركة الحياة، وسنة إعمار الحياة التى أمرنا بها ربنا سبحانه وتعالى، – طيب فيه جزء زيادة، أكيد أنا مش محتاجه، ده لو بقي معايا يؤذيني، أتخلص منه فيما ينفعني في الدنيا ؛بأن الناس تنظر إليّ نظر الرضا، الناس بتنظر إلى المحسن المتفضل نظر الرضا، بتتمنى إن ربنا يديم عليه النعمة، وإن هو يزيد له النعمة لأن أنا بنتفع بيها، بخلاف الآخر ولذلك من أوجه القتل حبطاً، أن تتعلق قلوب الناس بالمال اللي عندي وأنا بشح بيه فيحملهم هذا على إيذائي وربما قتلي، لكي يستخلصوا مني هذا المال الذي تعلقت به قلوبهم، كان هذا من أوجه القتل حبطاً أو الإلمام به –
إذن في جزء أنا أنتفع به هذا الذى آخذه، وفي جزء ضرر على يعني المفروض أتخلص منه، هذا لمصلحتي، ولمنفعتي، بالصدقة والزكاة.
ثم ذكر صلى الله عليه وسلم الصورة الثانية: صورة الذى يفهم أن المال بالنسبة له وسيلة وليس غاية،المال بالنسبة له شىء يستعين به على الخير لنفسه ولمن حوله، فهذه آكلة الخضر، هذا الخضر الشيء الغير مشتهى، يعني لا يتعامل هنا مع المال بإعتبار أنه شهوة، بإعتبار أنه حاجة، لذلك تأخد بمقدار الحاجة بعد ما تاكل – بتسيب المرعى عشان هيه مش عايزة أكتر من كده خلاص كده كويس فتستقبل عين الشمس عشان تعمل ايه، عشان تهضم الجزء –
إذن هي أخدت جزء معين، اللي هيه محتاجاه حقيقةً، هذه الأنعام هي التي تنتفع وهي التي تستمتع بهذا الطعام ليس التى عندها شره، اللي عندها شره بتفضل تاكل تاكل تاكل، وتتعب وتؤذي.
التى تبرمج الموضوع تأخذ بمقدار الحاجة ثم تنتقل للشمس فتهضمه فتنتفع به ثم ترتع، إذن من الذى يستمتع حقيقةً بالمال، ليس من يأكل لحد الامتلاء، هو يأكل بمقدار ما يحتاج فيبدأ يستمتع بالمال في حركة حياته فعلاً، ولذلك ربنا سبحانه وتعالى قال لما ذكر الزكاة خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ربنا وصف صدقة الزكاة بأنها تطهرهم، إذن هي تطهره وتستخرج منه خبثه، تطهر المال وتحفظه وتبارك فيه وتستخلص الخبث من المال، الجزء الخبيث تخرجه منه وتترك الطاهر، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الصدقة لا تحل لآل محمد،لم؟،قال: إنما هي أوساخ الناس، هذه أصلاً عبارة عن القذر الموجود في المال انت تخرجه ليبارك لك الله في الباقي فهذا من يستمتع حقيقةً بالمال فالنبي صلى الله عليه وسلم قال صورتين، واحد إن المال خضر حلو فتنة فاحذر منه أي من الافتتان به، لكن انت تحتاجه، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمرو العاص رضي الله عنه قال: نعم المال الصالح للرجل الصالح، مال صالح يعني ايه؛ المال نفسه صالح،يعني هو مال حلال، والرجل الصالح: اللي هينفقه فيما يرضي الله أو فيما يباح وفيما لا يفسد، ” نعم المال الصالح للرجل الصالح ” ، ” ونعم صاحب المسلم هو – لمن – للذى يخرج ما يضره ويؤذيه، لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل.
الثانى لديه مشكلتين: يأكل ولا يشبع، ثم يكون عليه شهيداً إلى يوم القيامة
إذن هذا الأكل الذى نأكله شيء ضار طيب، لما يدخل المعدة ينقسم إلى قسمين.
إذن الأكل طاهر وجاحد، يبئه المال طاهر جاحد، لكن هو ينقسم في جسم الإنسان لقسمين، القسم المنتفع بيه والقسم الزائد المضر.
إذن الشيء الطاهر لابد أن يخرج خبثه لكي يبقى طاهراً ونقياً، حتى المؤمن،ربنا سبحانه وتعالى قال وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ يعني ايه تمحيص؟ التمحيص:إن الإنسان يفتن فيتطهر.
إذن هو نفسه عنده شوائب، شوائب معصية ومخالفات ربنا سبحانه وتعالى يبتليه ويمتحنه ويختبره ليه؟،عشان يستخرج هذه الشوائب فيبقى معدن المؤمن نقياً بدون شوائب عشان يهيأ لدخول الجنة
إذن ابتلاء الله عز وجل للمؤمن هو استخراجه هذا الخبث كما يستخرج خبث الطعام في معدة الإنسان ولذلك إذا بقى في المعدة أضر بها.
إذن التمحيص هو الاختبار والافتتان، لذلك المعدن بيختبر بالنار لأنه يصفي ما فيه من شوائب فيبقى معدناً طاهراً نقياً يكون أهلاً لدخول الجنة سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ
إذن مش هينفع الإنسان يدخل الجنة إلا لما يرجع لأمره،لأنه يبئه طيب تماماً، لذلك لابد إن ربنا سبحانه وتعالى من فضله ورحمته يستخلص خبث هذا الإنسان وينقيه
لذلك قال تبارك وتعالى لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ طيب؛ الطيب ده هيدخل الجنة والخبيث وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ولذلك الإنسان المؤمن ربما حوى خبثاً لكن هو كأصل ومعنى هو طيب، لذلك ربنا برحمته يبتليه ليطهره من الخبث الذي يعتريه،لذلك سيدنا أبي هريرة يقول عند مسلم، أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة، قال: وكنت جنباً، فكرهت أن اجالسه على هذه الحالة، عليه جنابه، إذن ممكن الإنسان يكون عليه جنابه ويمشي في الشارع ولكن يلزمه الاغتسال متى؟، حينما يريد الصلاة، كان ماشي في الشارع، فلقي النبي صلى الله عليه وسلم قال، فانخنست منه – مزوغ، أخد كده غرزه يمين وخلع – فذهبت فاغتسلت ثم جئت، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال أين كنت يا أبا هرّ، النبي صلى الله عليه وسلم لئطه، قال:كنت جنباً فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، قال سبحان الله، إن المؤمن لا ينجس.
النبي صلى الله عليه وسلم عايز يقول ايه؟، عايز يقول إن المؤمن طاهر القلب بالإيمان، طالما بقي في قلبه إيمان فلا يوصف أبداً بأنه نجس، ولكنه ربما تعتريه نجاسات المعاصي، فيطهره الله عز وجل منها، ولذلك قال الله تبارك وتعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فى أديانهم وفي قلوبهم وفي معتقداتهم،و ليس في أبدانهم، النبي صلى الله عليه وسلم كان يستقبل الكفار في المسجد كى يدعوهم، ولم يكن يطهر مكانهم، إذن هذه ليست نجاسة أبدان أو ثياب،ديه حاجة جوه، إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا
طب هما بييجوا بيتاجروا، بيجيبولنا فلوس السياحة السياحة السياحة، ماهي لازم تكون حاجة فيما يرضي الله، مش هينفع كده وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً – انتو خايفين من الفقر – فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ هو الفضل من عند الله سبحانه وتعالى مش من عندنا هي مش بالحسابات المادية الصرفة لا إنما هى توفيق الله وبركة الله سبحانه وتعالى وعطاء الله سبحانه وتعالى لأهل الإيمان، إنك لا تدع شيئاً لله – ده كلام النبي صلى الله عليه وسلم وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى قال: ” إنك لن تدع شيئاً لله إلا أبدلك الله عز وجل ما هو خيرٌ لك منه “
إذن هذه الأشياء وجودها في الحياة له فائدة، له حكمة يذكر الإنسان بمعانٍ معينة إن هو يستخلص الطيب ويتجنب الخبيث، إن هو ينتفع بما ينفع ويستخرج ويبعد عنه ما يضر وما يؤذي
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم فقهنا في ديننا وزهدنا في دنيانا
اللهم إن نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم