Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

الأسرار والسرائر

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا۝ قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا۝ مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

حديث عن الأسرار وعن السرائر، ونعني بالأسرار؛ ما يكون بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى، من أمور ومن حديث لا يعلمه إلا هو سبحانه وتعالى ولا يطّلع عليه إلا الله.

وما من عبدٍ من عباد الله إلا وبينه وبين ربه تبارك وتعالى أسرار وأسرار وخفايا ومناجاةٍ لا يعلمها إلا هو تبارك وتعالى، ولذا فالمسكين حق المسكين، هو العبد المنقطع عن ربه تبارك وتعالى الذي اتّخذ إلهاً من دونه تبارك وتعالى، أو أعرض عن ربه تبارك وتعالى وعن عبادته وعن مناجاته وعن التقرّب منه تبارك وتعالى.

كيف لعبدٍ أن يحيى في هذه الحياة بعيداً عن الله، كيف به إذا ضاق صدره، كيف به إذا نزلت به بليّة، كيف به إذا ألمّت به ملمّة، إلى من يدعو، وإلام يتوجّه، إذا كان لا يتوجّه إلى ربه تبارك وتعالى، ولا يلجأ إلى الذي بيده خزائن كل شيء، ووسعت رحمته كل شيء أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ

ذكرنا مراراً قبل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في ذكر نزول خواتم سورة البقرة كيف أنه قد نزل قول الله تبارك وتعالى لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ واضطربت المدينة بأهلها فأتى الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجثوا على الركب، وقلنا أن هذا مجلس المتخشّع المتضرّع، وقالوا: يا رسول الله كلّفنا من الأعمال ما نطيق؛ الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد نزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها.

قال: أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتاب من قبلكم سمعنا وعصينا، ولكن قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصي، فلما قالوا وزلّت بها ألسنتهم أنزل الله تبارك وتعالى آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ۝ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا – ثقلاً – كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ قال الله تبارك وتعالى قد فعلت.

فهم أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا وقد نزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها، فلماذا؟ ماذا في هذه الآية مما يعد مما لا يطاق؟

هو سبحانه وتعالى يذكر في هذه الآية ما يُفهم منه أن حديث النفس داخلٌ في دائرة الحساب والمؤاخذة فهم أدركوا حينما تبصّروا وتفكّروا في هذا المعنى وقلنا كثيراً أن هذا هو الذي نفتقده بالأساس، أن هذا الكلام يترجم.

أي أن الآية حينما تنزل؛ كيف يتعامل معها الناس؟ هم يفكّرون فيها وكيف يطبّقون هذه المعاني، فهل سيقدرون على الإقامة بهذا الحق أم لا، فلما تفكّروا وجدوا أنهم لن يستطيعوا أن ينفّذوا هذا فلماذا؟

لو كل واحد ربنا حاسبه على الهواجس التي تقع في نفسه، على نوازع الشر التي ربما تأتيه، على الوساوس التي تجول في خاطره، على نوايا سيئة أو أفكار رزيّة ترد على فؤاده لن ينجو أحد، فهم يقولون أننا لن نستطيع تحمل هذا، لا نستطيع أن نتحمّل تبعة هذا فربنا سبحانه وتعالى قال، وهذا قانون، فهذا ليس حكما ونُسخ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا قال الله تبارك وتعالى وقد ذكرنا هذا أيضاً قبل ذلك، قال تعالى وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ أي يشدد عليكم في الطلب تَبْخَلُوا هذا عادي، هذا عادي، فما بعد ذلك؟ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ وهذا الخطاب للصفوة المختارة من عباد الله ونحن لهم بالتّبع، فهي ليست لنا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ۝ إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا قال الله تبارك وتعالى وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ بطبيعة الإنسان، هذا الشح جزء من طبيعة الإنسان، لو ربنا سبحانه وتعالى سأله أن يخرج من ماله ما يراه مجحفاً له – كثير عليه – ماذا سيفعل؟ لن يخرج أموال، ليس هذا فقط وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ إذاً هناك كوامن سلبية ستخرج وكلام سيقال لم يكن ينبغي أن يقال، متى؟ عندما يحدث قدر يراه الإنسان فيه شيء من الضغط المالي عليه.

إذاً هذه الضغائن التي ستخرج هذه كانت موجودة، إذاً نعم كانت بواعثها موجودة، لكن ربنا سبحانه وتعالى من رحمته لا يهيجها ولا يثيرها ولا يخرجها من نفس الإنسان ويغفرها له ويسامحه عليها.

إذاً في البواطن يوجد كوامن، لكن ربنا سبحانه وتعالى لسعة رحمته لا يضيّق على عباده، فهو سبحانه وتعالى بعلمه يعلم أن هذه الأشياء موجودة، ولا يشرّع ولا يأمر بما قد يشقّ على الإنسان فيخرج منه هذه الكوامن، فهو سبحانه وتعالى برحمته يهيئ للإنسان الخير ولا يضيّق ولا يشدد عليه.

ومن هذه الأسرار أسرار المعاصي، يقول صفوان بن محرز المازني، كنت مع عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعن أبيه وأنا آخذٌ بيده – ماسكين في ايدين بعض وماشيين – فاعترضه رجل – كان يطوف فأوقفه شخص – قال: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى.

النجوى هذه ذكرت في كتاب الله قال تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى وقال تعالى إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا فما معنى النجوى؟ أن يأتي أناس يتحدّثوا فيما بينهم بما لا يدركه من يجالسهم، نحن نسميها – فلان بيتودود مع فلان – اثنان يتكلمون والجالسون قريباً منهم لا يعرفون ما يقولان.

إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان منكم دون الثالث حتى تختلطوا بالناس لأن ذلك يحزنه، أي أنه إذا وجد ثلاثة أشخاص جالسين معاً، إذا تكلّم اثنان معاً بمعزل عن الثالث ربما يقع في قلبه أنهم يتكلمون عنه، أو يغتابوه، أو يذمّوه أو ربما يتآمرون عليه، مع أنه غالباً أن هذا لا يكون حادث.

لأن أي شخص يتحدث مع آخر خفية؛ يكون غالباً يريد أن يقول له شيء خاص بينهم، لكن الشيطان،، لأن ما وظيفة الشيطان؟ ليس فقط أن يغوي ويضل الإنسان لا، ربنا سبحانه وتعالى قال إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ يوجد عداء بين الشيطان والإنسان، العداء بالأساس من جهة الشيطان وليس من جهة الإنسان، هذا العداء يتمثّل في بغض لآدم ولذريّتهن ليس فقط في المحاولة في لإغراق الإنسان في المعصية، أو الغواية فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ليس هذا فقط، هو يريد أن يضايق ويحزن الإنسان بشكل دائم، فهذه النجوى شيء مصنوع من أجل هذا،، سيأتي يقول له – هم يتكلمون عنك – فربنا سبحانه وتعالى من رحمته، مع أن هذا شيء غير موجود، ليس واقعاً، من رحمته سبحانه وتعالى أنه يسدّ أبواب المشاكل والشرور، هذا يسمّوه في الشرع قاعدة أو مبدأ سدّ الذرائع، الذرائع: هي الوسائل التي تؤدي إلى الشر قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ لأن هذه بداية – ذريعة – لما بعدها لكي يحفظوا فروجهم لابد أن تأتي هذه أولاً، وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ليس لا يقع فيه بل لا يقربه، هذه سد الذرائع؛ الأبواب والوسائل التي ربما تؤدي إلى ذلك.

ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم – وهذا قلناه قبل – حينما جاءت صفيّة رضي الله عنها لتزوره – هو كان معتكف – فخرج لكي يوصّلها إلى الباب، فاثنان مرّوا فوجدوه يتكلّم معها.

فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: على رسلكما – بالراحة إلى أين تذهبون – إن هذه، إن هذه صفية بنت حيي، قالوا: سبحان الله أوفيك نشك يا رسول الله، هما عندما وجدوه واقفاً فمنعاً للإحراج أسرعوا، فالنبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال؟ قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فأحببت ألا يقذف في قلوبكما شيئاً، الحساسية الشديدة تجاه أي نازغ من نزغات الشيطان وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا كلام حسن لئلا يكون هناك باب للشيطان، فهذا هو أصل معنى النجوى، أن شخص يتكلم مع شخص في قرب وخفية.

قال الله تبارك وتعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

الصحابة شديدو الحب والتعلّق صلى الله عليه وسلم وحقّ لهم ذلك فهم يحبوا أن يتكلمون معه بشكل شخصي وخاص، يعني أن يطلبوا ميعاد، أريد ميعاد آتي لكي أتكلم معك قليلاً، ممكن يكون هناك موضوع خاص، ومن الممكن ألا يكون هناك موضوع، ولكن من منطلق الحب والرغبة في القرب، ولذلك نحن قلنا قبل كثيراً أن وجوده معهم ليس وجود تعليمي مجرّد لا، بل هي حياة اجتماعية كاملة، هو المفزع لهم عند الشدائد، هو المرجع لهم في الأزمات، هو الشخص الذي يلجأون إليه عندما يكون هناك مشكلة شخصية أو اجتماعية، فأي شخص لديه مشكلة يريد أن يأخذه لكي يتكلم معه قليلاً، والنبي صلى الله عليه وسلم لعظيم خلقه ورحمته، لا يقول لأحد لا، ولا يقطع الكلام مع أحد، يعني أي شخص يتكلم معه لا يقاطعه، عندما يسلّم على أحد لا ينزع يده إلى أن ينزعها الشخص المُسلّم، هذه هي أخلاقه ولذلك حقّ له أن يكون له في القلوب هذه المكانة والمنزلة، ونحن كلما نبعد عن هذه الأخلاق، كلما يصيبنا ما أصابنا، وكلما ندنو منها، كلما نرقى عند الله سبحانه وتعالى ونلقى الجزاء في الدنيا والآخرة.

فربنا سبحانه وتعالى من رحمته ومحبته لرسول الله يريد أن يخفف عنه قليلاً، فماذا يفعل؟ أن نخرج نحن صدقة، لأننا نأتي لوجود موضوع أو نحن نفتعل موضوع لكي نتلكم مع الرسول، فشرّع أن من يخاطب الرسول يخرج صدقة أيّاً كانت مبلغ كبير أو صغير كل شخص حسب ظروفه وحسب سعته لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ فعندما جاءت الصدقة – لا هكذا غرامة – فهؤلاء هم الصحابة وهذا هو النبي صلى الله عليه وسلم وهم يريدون التحدث، ولكن الموضوع أصبح هناك صدقات وأموال فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وبعد ذلك أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ أنتم الذين تريدون هذا التناجي، وهذه صدقة، فهي ليست ضرائب ولا رسوم ولا مستقطعات ولا عوايد، هذه صدقة يعني ثوابها في الآخرة موجود، وهؤلاء هم المؤمنين.

فَإِذْ لَمْ ليس فإن، لا فإذ يعني لم يخرج أحداً صدقةفَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ

لماذا نقول كل هذا الكلام لكي نبيّن معنى النجوى، فابن عمر يُسأل عن النجوى فماذا قال؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” إن الله تعالى يدني المؤمن يوم القيامة فيضع عليه كنفه فيستره من الناس ” يدنيه، إذاً هنا النجوى بمعناها، ربنا سبحانه وتعالى سيقرّب منه هذا العبد، يُسبل عليه ستره لئلا يراه أحد أو يسمع ما يقال، فيقول له: أتعرف أو أتذكر ذنب كذا، أتذكر ذنب كذا، هنا ربنا يذكّر هذا الإنسان بما سلف من ذنوب كثيرة وقعت فيما بينه وبين الله – لا أحد يعرفها – فيقرره بذنوبه – الكثيرة – ولا يملك العبد إلا الإقرار – نعم نعم أتذكّرهم – فيقول: نعم أي رب – كلما يسأله يقول له هذا – حتى إذا ما قرّره بذنوبه وظنّ العبد أنه قد هلك – كل هذه الذنوب إذا حوسبت عليها؟! – فيقول الله تبارك وتعالى: أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فيُؤتى كتاب حسناته – يأخذ كتابه بيمينه – ، وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد – كل الناس نسأل الله سبحانه وتعالى السلامة والعافية من الفضيحة – هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ إذاً هنا ما معنى النجوى؟ أن ربنا سبحانه وتعالى يدني هذا العبد ويذكّره بأسرار المخالفات الكثيرة التي لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى فيشعر الإنسان بنعمة ربنا سبحانه وتعالى عليه، ثمّ يقول الله تبارك وتعالى ممتنّاً أنا سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم.

ذكر ابن قدامة في التوابين وكذلك ابن الملقّن قصّة من قصص بني إسرائيل أظن أنها معروفة: أنهم قد قحطوا سنةً يوجد جدب وقحط، فأتوا إلى نبيّهم يستسقون، يريدون أن يخرجوا فيسألون ربنا سبحانه وتعالى أن يسقيهم وأن يمطرهم فخرجوا، فاستسقى نبيّهم لهم فلم تزد الشمس إلا حرارة، ولم تزد السماء – أي السحب – إلا تقشّعاً، فدعا نبيّهم مرةً أخرى يسأل ويبتهل إلى الله تبارك وتعالى أن يسقيهم، فقال: كيف ومن بينهم عبدٌ يبارزني بالمعصية منذ أربعين، – مُصرّ –

فقال النبي مخاطباً هذا العبد وهو لا يعلمه فقال: يا أيها العبد العاص الذي يبارز ربه بالمعصية منذ أربعين اخرج من بين أظهرنا فإنّا قد منعنا المطر بسببك.

فالمخاطب جعل ينظر يمنة ويسرة فمن الممكن أن يخرج أحد آخر فلم يخرج أحد، فأدرك أنه هو المقصود، فلم يدرِ ماذا يفعل، فهو إن خرج ستكون فضيحة، الناس كلها سيعلمون به ويفتضح ما بين الناس، وفي نفس الوقت لا يريد أن يبقى لأن وجوده يضرّ بهذا المجتمع الذي يعيش فيه، فهم منعوا الرحمة بسببه، فأدخل رأسه في جيبه – قفطان بدون زراير فأدخل رأسه فيه – ودمعت عيناه وانكسر قلبه، وقال: يارب عصيتك منذ أربعين فأمهلتني وقد أتيت إليك تائباً فتقبّلني ولا تفضحني، فربنا سبحانه وتعالى – ولم يكمل الرجل كلامه – أنزل المطر، فالنبي تسائل فأين الرجل – لم يخرج أحد – فربنا سبحانه وتعالى أوحى إليه إنني قد أمطرتكم بذلك العبد الذي منعتم به، فقال: يا رب أرني هذا العبد الطائع، أريد أن أراه باعتباره هو نفس الشخص الذي ربما يكون سبب الشر، هو هو نفسه إذا توجّه إلى الله إذا أقبل إلى الله سبحانه وتعالى بصدق، إذا انكسرت نفسه بين يدي الله، إذا اعترف بذنبه وإذا تاب إلى الله تبارك وتعالى يصبح هو نفسه هو سبب الخير.

فأوحى الله إليه إنني ما فضحته وهو يعصيني أأفضحه وقد تاب إلي.

إذاً من الممكن أن يقال أنه من رحمة ربنا ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أنه قد ساق – كل هذه القصة – التوبة إلى هذا العبد عبر هذا الحادث الجلل، لأنه أعظم من السقيا أن كل هذه الأحداث تهيّأت لأجل هذا الرجل الذي هو منذ زمان طويل في دائرة الإعراض أنه يقف موقف يلجئه أن يلجأ إلى الله، إلى أن ينكسر بين يدي الله، إلى أن يتوب إلى الله تبارك وتعالى، وفي نفس الوقت أن هذا الشخص طوال هذا الزمن هو في دائرة الستر، لأنه هو كان خائفاً من أن يقوم، ولأنه إذا قام يفتضح، ما معنى أنه إذا قام يفتضح؟ أنه هو في دائرة الستر طيلة هذه السنوات الطويلة.

ولذلك هناك رواية، أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في خلافته أوتي برجل قد سرق – سيقام عليه الحد الذي في كتاب الله – فأقسم الرجل أنها أول مرّة يسرق، فقال له: لا – مينفعش – لابد أن الله سبحانه وتعالى قد سترك ثم سترك، – اتفضح واتمسك فلن تكون أول مرة – فما هو السند وهو لا يعرف الرجل؟ عليّ بن أبي طالب ليس عنده معرفة مسبقة، وليس لديه معرفة بالشخص، هو إلام استند، هو يستند إلى قانون يقيني يعرفه عند ربنا سبحانه وتعالى هو عنده أوثق من كلام المتكلم، عنده أصدق مما ينطق به هذا الشخص، لأنه يوجد احتمال أن يكون الشخص صادق، لا هو عنده يقين أن الرجل كاذب، لماذا؟ لأنه عنده يقين جازم بأن ربنا سبحانه وتعالى ستّير، وأن هذا الشخص لا يفتضح إلا إذا توالى منه هذا الأمر مراراً ومراراً

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين

ومن الأسرار بين العبد وبين الرب، نحن تكلمنا الآن عن أسرار المخازي والموبقات ورحمة ربنا سبحانه وتعالى بالإنسان وستر ربنا سبحانه وتعالى على الإنسان، وتكلمنا عن شيء من أسرار المناجاة، الخطاب الخاص ما بين الإنسان وربنا سبحانه وتعالى حيث يمكن للإنسان قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ فأجاب عليه السلام قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ هو لا يخاطبهم ولا يشتكي لهم ولا يلجأ إليهم، هو يقول لهم يا جماعة لماذا تريدون أن تقفوا بيني وبين ربنا؟ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ولذلك سيدنا عمر كان من السور التي يقرأها كثيراً خصوصاً صلاة الصبح يقرأ سورة يوسف، وكان حينما يأتي عند هذا الموضع يبكي حتى يسمع نشيجه – يبكي بصوت عالي – من خلف الصفوف – يعني يسمع صوته من هو في آخر المسجد وهو يبكي – حينما ينتهي إلى هذا الموضع قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ فما الشيء الذي يثيره كلما يقرأها فيبكي؟ أصلها لا تثير شيء إلا إذا كان الإنسان نفسه عنده شجون داخلية توافقت مع شجون يعقوب عليه السلام، هو عنده هموم وأثقال هو يحملها ولا يستطيع أن يحملها وحده، فمن الذي من الممكن أن يلجأ إليه فيحمل عنه؟ ويكشف همّه؟ يفرّج كربه؟ ولا يشعر أنه ثقيل عليه ولا أنه سيتبرّم بدعوته، ولا يملّ من سؤاله ولا يوصد الباب دونه، ولا يتقلّب ولا يتغيّر عليه

وإذا شكوت إلى ابن آدم فإنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم

فإذا بثّ همومه وجعل شكواه وجعل مناجاته لله سبحانه وتعالى فهو حقيق سبحانه وتعالى أن يكشف الهمّ، وأن يفرّج الكرب، فهذا سرّ المناجاة، ويستطيع أن يقول ما لم يستطع أن يقوله لأحد، يستطيع الإنسان وهو ساجد، ولذلك أحياناً في الدعاء عدم التزام الإنسان، فمن الأدعية العظيمة الفاضلة الأدعية التي علّمنا إياها النبي صلى الله عليه وسلم، النبي صلى الله عليه وسلم أُوتي جوامع الكلم، أحسن كلمات يناجى بها ربنا سبحانه وتعالى هي هذه الكلمات؛ أرقاها وأفضلها وأجمعها للخير وأكثرها تعظيماً لله، وعلى قدر ما يستطيع الإنسان أن يحفظ من هذه الأدعية النبوية، لكن أحياناً الإنسان يكون بداخله أشياء الأفضل أن يعبّر بأسلوبه أو يتكلّم بكلماته يقول الذي بداخله بعبارته، يتكلم مع ربنا سبحانه وتعالى بسليقته وبأسلوبه، لأن هذا يكون أكثر حضوراً للقلب في أحيان كثيرة من الدعاء المحفوظ الذي يقوله الإنسان ويردده من حفظه، ولذلك ذكرنا قبل ذلك أيضاً حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأنصاري وقد أراد أن يعلّمه شيئاً، قال: بم تدعو يا ابن أخي.

ذكرنا أن سيدنا معاذ صلى صلاة طويلة، صلّى بسورة البقرة – جاء متأخر لأنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم – وهو شاب صغير وربنا منّ عليه حفظ القرآن، فهو يريد أن يسمع القرآن للناس، يريد أن يأخذ فيهم ثواب، ولكن هذا أحياناً من الممكن أن يكون مما يشقّ على الناس، فيوجد شخص ليس كبيراً في السنّ لكنه يشتغل في الزراعة طوال النهار ويأتي بالكاد ينتظر صلاة العشاء لكي يصلي وينام، فلا يقدر، والصلاة طالت، فهو انفصل عن الجماعة وكمّل صلاته بمفرده ومضى وبعدما انتهى سيدنا معاذ قالوا له أن فلان انفصل، قال: لقد نافق – في حد يعمل كدا – وبعد هذا ذهب سيدنا معاذ للنبي صلى الله عليه وسلم يشتكي له أن الرجل ترك الصلاة ومضى، فالنبي صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال له أنه طوال النهار يشتغل، وأنا منتظر للصلاة، وهو يتأخر – لأنه يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم أولاً – وبعد ذلك يأتي يصلي بهم، وهم جالسون منتظرون له، وهو يصلي معه كل يوم، ولكنه اليوم أطال جدّاً فلم أقدر.

فالنبي صلى الله عليه وسلم التفت إلى معاذ مغضباً – لأن المشكلة عنده – قال: أفتّان أنت يا معاذ، وهذا الرجل يشتغل طوال النهار، وواضح أنه لا يستطيع أن يأتي كثيراً إلى المسجد، ولا يقرب من النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً مثل بقية الناس، فأكيد العلم الذي عنده محدود، فقال: بما تدعو – يعني لكي يعلمه شيئاً – قال: إني أسأل الله الجنة وأستعيذ به من النار فإني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ – هذا الكلام الجامد الذي ترصّوه هذا هو حسن ولكني لا أستطيع أن أحفظه ولست متفرغ لكي أحفظه – فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا ومعاذ حولها ندندن – كل هذا الكلام الذي نقوله هذا في الآخر يصبّ في هاتين الكلمتين، أن ربنا سبحانه وتعالى يمنّ على الإنسان بالجنة وينجيه من النار فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ فهذا هو الموضوع وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ.

آخر حاجة في الأسرار؛ الأسرار التي يرحمنا ربنا سبحانه وتعالى بها، وهي أسرار الخير.

ذكرنا قبل أن سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، هو يحكي عن نفسه، يقول: أنه كان يظنّ أن له فضلاً على غيره من الصحابة – يعني هو أعلى قدر من أناس آخرون كثيرون – وهذا حقيقي وليس وهماً، فهذا رجل من العشرة الذين بشّروا بالجنة، ومن السابقين الأولين إلى الإسلام، خال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرمى رجل بسهم في سبيل الله، فهو يرى أنه أفضل من غيره، لماذا؟ لأنه في الدفاع عن الإسلام هو له نكاية وتأثيراً أكثر من غيره حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه سهماً في أحد وقال له: ارم سعد، ارم سعد فداك أبي وأمي، النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل هذا الكلام لأحد، لم يقل هذه الكلمة لأحد، فهو له حق.

فهو يقول أن رأى نفسه، فماذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهذا قلنا أن هذا من عظمة الصحابة، فمن الذي يحكي لنا هذا الكلام، مع أنه في مضمون هذا الكلام شيء من النقص له، هذه النفوس كانت طاهرة، فهو ليس لديه مشكلة ولا غضاضة أن يقول شيء يبدو عليه نقص له، يقول سعد: أنه رأى له فضلاً على غيره من أصحاب رسول الله، فماذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله ينصر هذه الأمة بضعيفها – بالغللبة – بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم.

أسرار الخير ما بين الناس وبين الله، فقلنا يوجد أسرار المخازي وستر ربنا علينا، أسرار المناجاة التي بيننا وبين ربنا، وأسرار الخير الموجودة عند أناس لا يعلمها أحد، لكن ربنا سبحانه وتعالى يرحمهم ويرحم من حولهم بهؤلاء.

وكلما كثر هؤلاء في أمة كلما كان خيراً لها، وكلما قلّوا كلما كان ضرر وخطر عليها، أهل السر ليس أهل العلن،، حتى الصدقة إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ

 ” إن الله ينصر هذه الأمة بالضعيف ” لماذا الضعيف؟ لأن هذا الضعيف فعلاً فعلاً على يقين تام أنه ليس له إلا الله، أي أنه في النهاية غيره ربما يكون لديه شيء يسند عليه، أي يسند على مال، وضعيّة اجتماعية، عنده جاه، علاقات معيّنة،، أي شيء من هذه الأشياء، لكن هذا الغلبان هو ليس لديه غير ربنا سبحانه وتعالى، ولذلك هو دائماً لا يتوكّل إلا على الله، لأنه أصلا ليس لديه شيء.

 ” إن الله ينصر هذه الأمة – بمن؟ – بضعيفها ” لماذا؟ بدعوتهم؛ فأول شيء الدعاء والصلاة، هل الدعاء والصلاة فقط؟ لا والإخلاص، القلوب الخالصة لله سبحانه وتعالى يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ۝ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

النبي صلى الله عليه وسلم يقول في حديث أنس بن مالك في سنن الترمذي ” كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يُؤبه له لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك “

كم من أشعث أغبر: أي هو ليس لديه إمكانيات التزيّن، ” ذي طمرين ” أي ثوبين باليين ” لا يُؤبه له ” الناس تحتقره، لأنه بمعاييرنا الدنيوية لا يساوي شيئاً، لكن هذا الشخص، هذا هو الذي نراه هكذا ” لو أقسم ” القسم هذا شيء كبير جدّاً، أقسم على الله، هذا ليس دعاء، ما معنى أقسم على الله؟ أي أنه يقسم على ربنا سبحانه وتعالى أن ينفّذ الذي يريد، ربنا لا يردّه ” كم ” وكم هذه للتكثير ” كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يُؤبه له لو أقسم على الله لأبره، منهم البراء بن مالك ” ولذلك كان الصحابة إذا اشتدّ بهم أمر في غزوة من الغزوات أو سريّة من سرايا، يقولون يا براء أقسم على ربّك، فيقسم فينصرون، – عندما تضيق الدنيا تماماً يأتوا إلى هذا الرجل الغلبان ويقولن له أقسم على ربك – .

آخر جملة: محمد بن واسع: رجل من عظماء التابعين هو يقول عن نفسه، هو يقول عن نفسه: لو أن للذنوب ريح – إذا كانت الذنوب تخرج رائحة – ما استطاع أحدٌ منكم أن يجالسني، هؤلاء الناس يرتفعون هكذا، لأنه ينظر إلى نفسه هكذا.

عبدالله بن مسعود كان يقول: لو تعلمون عنّي ما أعلم من نفسي لحسيتم على رأسي التراب، فهذا الرجل يقول هذا.

وبعد ذلك؛ خرج مع قتيبة بن مسلم في فتح بلاد الهند فتصاف الجيشين والجيش الآخر كبير جدّاً وهو بدأ يقلق – القائد – فهو جعل ينظر، وقال: أين محمد بن واسع – هو عندما قلق – قالوا: هو ذاك في الميمنة هو جالس هناك يبصبص بإصبعه – أي يدعو ربنا سبحانه وتعالى ويردد الشهادة – فقال لهذه الإصبع أحبُّ إليّ من مائة ألف شابٍ طرير – أي حديث السن وقوي – وسيف شهير.

هو يقول: أن هذا الإصبع الذي يدعو ربنا سبحانه وتعالى الذين ترونه هناك هذا، أنا اعتمد عليه وأستند إليه وأثق فيه أكثر من مائة ألف شاب جلد معهم سيوفٌ فهم من الفرسان، هذا أهم من كل هؤلاء.

قال: لهذه الإصبع أحب إليّ من مائة ألف شابٍ طرير وسيف شهير.

وبالتالي: نحن عندنا الأسرار الأولى هذه، وكلنا عندنا منها، وكلنا أيضاً عندنا الأسرار الثانية، لكن هل من الممكن أن يصبح عندنا شيء من الأسرار الثالثة؟؟

اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك

اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم ولا تعذّبنا فأنت علينا قادر والطف بنا يا مولانا فيما جرت به المقادير واختم بلنا بخاتمة السعادة أجمعين

اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك

اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك

 اللهم ارحم في هذه الدنيا غربتنا، وارحم اللهم عند الموت كربتنا، وارحم اللهم في القبور وحشتنا، وارحم اللهم في القيامة ذل مقامنا بين يديك

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم