Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

الإصلاح بين الواقع والمأمول

بسم الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

اللهم انشر لنا من رحمتك وهيئ لنا من أمرنا رشداً.

أنا غالباً يعني حخرف فمحدش يعتب عليا

الحسن بن الهيثم عالم البصريات الشهير كان من علماء القرن الحادي عشر وكان مقيماً في البصرة بأرض العراق فدرس الخرائط بتاعت النيل ورأى إن في أسوان في مكان معين هو حدده بناء على دراسات يمكن إقامة سد لحفظ مياة الفيضان ليستفاد بها الناس فقال لو كنت بمصر لعملت في نيلها عملاً يحصل النفع به على كل حال من أحواله حين يفيض وحين ينقص، فالحاكم بأمره الفاطمي ده كان حاكم مصر وكان طياشاً بطاشاً استدعاه لكي ينفذ المشروع اللي هو بيكلم عليه.

طبعاً أول حاجة هذا الرجل موجود في أرض العراق عنده دجلة وعنده الفرات إيه اللي يشغله بالنيل وتحقيق النفع لأهل هذا البلد أو أهل هذه المحلة إنهما ينتفعوا بهذا الماء في كل أحوالهم وعلى كافة أوقاتهم في دهرهم وزمانهم دي أول حاجة دي نعمة عظيمة جداً احنا افتقدناها اللي هيه أخوة الإسلام لا عرقيات ولا جنسيات ولا أقطار وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً فهو هناك على نأي الديار بيشغله قضية أهل الإسلام في مصر وتحقيق النفع والانتفاع به.

المهم الراجل استقبله وجه القاهرة فأخذ شوية عمال وصناع اللي هو محتاجهم وتوجه إلى أسوان لما راح وصل بفى إلى المكان، في أرض الواقع وجد إن الماء بيفيض من كافة الجوانب وأنه لا يمكنه أن يقيم هذا السد في حدود الإمكانيات المتاحة في هذا الوقت فجعل يقول: لا لا ليس بعد .. ليس بعد. مش حينفع دلوقتي. طبعاً ليس بعد طب أنا جايبك أنا جايبك ليه ..؟

فرجع بقى القاهرة فالحاكم بأمره عينه في ديوان من الدواوين موظف كده حكومي، وطبعاً فضل قلقان منه إن هو ممكن يبطش بيه لأنه مخه خفيف شوية فادعى العته والجنون إنه دماغه أصلاً فوتت، فالراجل إيه صادر أمواله وعزله من منصبه وركنه في بيت لحد بقى ما الحاكم توفي فالراجل طلع طبيعي وكمل شغله بعد كده لمدة عشر سنين مثلاً وكان عنده سته وسبعين سنة، خمسة عشر سنه تقريباً.

طيب القصة العجيبة اللي ملهاش معنى إيه الشاهد منها احنا عايزين نقول حاجتين الحاجة الأولانية إن أحياناً التصورات النظرية هيه تصورات صحيحة مش خاطئة بس التصورات النظرية الواحد ممكن يتخيل بشكل نظري أو بدراسة فكرية إن هو ممكن يحقق انجازات في واقع معين أو يحقق تغيرات في واقع معين أو يحقق اصلاحات في واقع معين لكن لما ينزل على أرض الواقع يلاقي الموضوع أصعب بكثير مما كان يظن ووما كان يتخيل الاصلاح مش مستحيل لكن الراجل قال ليس بعد. يعني في الوقت الحالي الصورة اللي في ذهنه اللي هو عايز يحققها في ظل الإمكانيات المتاحة هي مش حتنفع انهاردة.

فإذن أحياناً الإنسان يبقى عنده تصورات صحيحية لكن في الواقع لا يمكنه إعمالها لأن في ظروف أو أشياء ربما تحول بينه وبينها احنا في الواقع اللي احنا عيشينه احنا في مشكلة الاساسية إن احنا في واقع صراع إرادات هيه دي المشكلة إرادات متصارعة مصالح متضاربة بتؤدي في النهاية إن مفيش عزيمة على إصلاح حقيقي مفيش عزيمة على تغيير بجد فده علشان يتم لابد أن الإرادات تتوافق فعلاً ويكون في شيء من الصدق والإخلاص إن احنا محتاجين إن احنا نتفق ونعزم على الإستعانة بالله سبحانه وتعالى ونصلح أوضاعنا فممكن تتصلح.

ربنا سبحانه وتعالى ذكر لنا إن تسع أفراد بس ممكن يدمروا البلد بأكملها على فكرة مش عشرة مليون ولا عشرين مليون ولا خمسة مليون وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ هما تسع تنفار يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ۝ قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ۝ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ۝ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ ماشي هما تسع وبعدين وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ لأنهم أصلاً إما إنهم وافقوهم إما أنهم لم يمنعوهم ولم يحجزوهم عن هذا الفساد والإفساد هما عقروا الناقة وأرادوا كمان إنهم يقتلوا النبي لكن ربنا سبحانه وتعالى عصمه وحماه منهم ورد كيدهم ومكرهم في نحرهم فربنا سبحانه وتعالى بيقول في تسع تنفار بس من أهل الأفساد ممكن يدمروا البلد بحالها ولذلك زي ما قلنا إذا غلبت إرادة الإصلاح غلبت إرادة الخير فعلاً وكان في شيء من الصدق والإستعانة بالله سبحانه وتعالى فلابد إن ربنا سبحانه وتعالى يغير الأحوال.

الواقع اللي احنا فيه خلال الفترة اللي فاتت لابد إن احنا نستشعر إن في كثير لطف ورحمة من ربنا سبحانه وتعالى يعني الأوضاع كانت ممكن تبقى أسوأ بكثير مما نحن عليه وربنا سبحانه وتعالى بيخرجنا من كثير من المضائق وكثير من المشاكل وكثير جداً من المكر والكيد الذي يحاق بنا واحنا قلنا قبل كده كثير إن ربنا سبحانه وتعالى لما بيذكر المكر والكيد بيذكر إن ده ربما يكون فوق طاقة أهل الخير ولذلك ربنا سبحانه وتعالى دائماً بيجعل رد الكيد والمكر إليه سبحانه وتعالى وليس إلى العباد يعني العباد المطلوب منهم إنهم يسعوا في إرادة الخير طيب حيقابلهم شر ومكر وكيد والمكر الكيد طبيعته إنه عمل فيه خفاء هو مش ظاهر ربنا سبحانه وتعالى هو وحده المطلع على قلوب وبواطن العباد وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ أي حد بيحيق أو بيدبر أي حاجة في أي محل من المحلات أو مكان من الأماكن ربما احنا إمكانيتنا أو قدرتنا أو مخابراتنا متقدرش تحيط بده علماً أو تحصره لكن ربنا سبحانه وتعالى في علياءه فوق سماواته لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

ولذلك ربنا سبحانه وتعالى قال إيه؟ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا ۝ وَأَكِيدُ كَيْدًا ۝ فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ فَأَتَى اللَّهُ !! بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مش عندنا احنا وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ من القوة بحيث لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ طيب ده امته يحصل لو احنا بنلجأ أو بنرجع أو بنحتمي أو بنرتكن أو بنستند إلى الله يعني امته ربنا سبحانه وتعالى يتاكفل برد المكر والكيد ده بحق أهل الإيمان اللي بيفيؤا وبيرجعوا إلى ربنا سبحانه وتعالى طيب إذا استندنا إلى أنفسنا أو إلى قوتنا الشخصية ولم نرتكن إلى الركن الركين يبقى احنا لا قبل لنا بأي مكر أو أي كيد بيحاق أو بيدبر حاجة ثانية لازم احنا نكون مدركنها إن احنا في وضع غاية في الصعوبة لأن لو كان نعمة ربنا علينا بس إن الانهيار اللي احنا كنا في ممكن يقف ديه نعمة كبيرة من ربنا سبحانه وتعالى لأن احنا على فكرة كنا بنموت بالبطيء ناس قافلين عينا كده وبيخلصوا علينا بالبطيء مياة مش حيبقى في مياة خلاص سرطانات وأي حاجة أنت عايزها المهم في الأخر المراد إن يتم حصار البد فتسقط لوحدها متحتجش تعمل زي في العراق هي كده بالموت البطيء الناس حتخلص وشوية بقى فتن طائفية كل شوية يعني هو كده برنامج تصفية ماشي على مراحل زمنية معينة.

فإذا كان ربنا سبحانه وتعالى لم يفعل بنا من الخير إلا أنه عافانا من ده أو حتى من شيء منه فدي تبقى رحمة عظيمة من ربنا سبحانه وتعالى ولذلك لازم نستشعر فضل ربنا ومنته علينا لأن أصعب شعور ينتاب الإنسان شعور الجحود لفضل ربنا ونعمته أو عدم الإحساس بفضل الله إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ جاحد لفضل الله سبحانه وتعالى وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ ْ بأقواله وأفعاله وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ.

مرة من أربع خمس سنين كنت في محطة سيدي جابر رايح القاهرة وبعدين راجل كبير عنده بتاع ستين سنه فقال لي جملة أنا لحد انهارده مش ناسيها عبارات مختصرة لكن كانت قوية جداً ومؤثرة بعد كلمتين كده قال لي: عبد الناصر ضيع الدين والسادات ضيع الضمير وحسني مبارك ضيع الكرامة. على فكرة هي عبارات مختصرة جداً ولكنها موجزة جداً وقوية جداً ومؤثرة جداً الدين والضمير والكرامة احنا عايزين نرجع كل الحاجات ديه ده على فكرة مش سهل فوق إن احنا لا بناكل ولا بنشرب ولا في مياة في الحنفية والكهرباء بتتقطع يعني فوق المصائب ديه في حاجات اللي بيتميز بها الإنسان عن غيره من الكائنات تكاد تكون شبه منعدمه مش موجوده الجانب الأخلاقي عندنا شبه منهار إن مكنش منهار فعلاً فده علشان يقوم طبعا جانب الوعي والفهم والثقافة والإدراك الحاجات دي كلها مش موجوده، الدين وإدراك أهل الإسلام إن في حاجة اسمها أهل الإسلام وفي حاجة اسمها رسالة كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ كل الكلام ده يكاد يكون اختفى تماماً عشان احنا نرجع ده القضية مش سهلة ولكن ربنا سبحانه وتعالى قال وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا.

نقطة أخيرة فيما يتعلق بقضية الحسن بن الهيثم إن هو الكلام اللي قال عليه ده هو مكنش متحقق في ساعتها لوجود عوائق وظروف معينة ربما تكون تقنية لكنه تحقق بعد ألف سنه بس.. فأكيد أكيد إن شاء الله احنا لو صبرنا شوية الأمور حتتصلح وفي نفس الوقت الفكرة اللي قالها الحسن بن الهيثم في هذا الوقت اللي هي كانت مئتين وشوية هجرياً بقيت مرتكزة في التاريخ إلى أن جاء أناس طبقوا هذه الفكرة بنفسها يبقى أحياناً ممكن تبث فكرة معينة أو تحط لبنه معينة ربنا سبحانه وتعالى يأذن إن يتبني عليها بناء ولكن بعد فترة ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عظيم جداً في المسند بيرسخ هذا المعنى النبي صلى الله عليه وسلم إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ طيب دلوقتي النبي صلى الله عليه وسلم بيكلم على فسيلة نخل والحاج أهو موجود فسيلة النخل تخدلها أد إيه – فسيلة النخل عايزه أد إيه علشان تطلع تبقى نخلة – الحاج بيرد بيقول: سنتين على الأقل حلو.. فدلوقتي ده مش حيحط الفسيلة وحيموت لو حيحط الفسيلة وحيموت حقولك ماشي عياله حينتفعوا بها لكن النبي صلى الله عليه وسلم بيقول القيامة حتقوم خلاص الأرض دي بكل ما فيها حيروح خلاص يبقى إذن العمل ده يقيناً ملوش أي فائدة ملوش أي لزمة لكن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يعلم أن الإنسان عليه أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح يعني هو بيحط الفسيلة ديه حيأخذ ثوابها سواء حصل نتيجة أو محصلش حد استفاد أو محدش استفاد إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ هو كان حيغرسها فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ يبقى إذن الإنسان عليه أنه يحاول أن يبذر بذرة خير ويرتجي من الله سبحانه وتعالى الأجر والثواب لو هو ثمرة ده بنفسه فدي رحمة من الله سبحانه وتعالى وإن يرى ثمرة ده ففي النهاية أجرة مدخر له في الآخرة عند الله تبارك وتعالى ولذلك القرضاوي في النونية بتاعته – قصيدة طويلة جداً – قايلها في السجن الحربي مش عارف سنة أربعة وستين خمسة وستين فس سجن عبد الناصر ففي أخر الأبيات بتاعت القصيدة كانت حاجة طويلة بيقول:

لا تيأسن من الزمان وأهله وتقل مقالة قانت وحزين

إن الدنيا أصلاً سوده ومفيش حل

شاة أسمنها لذئب غادر يا ضيعة الإعداد والتسمين

أنت حتبني والكلام ده كله حيتهد فبيقول

 – فعليك بذر الحب – نفس المعنى اللي النبي صلى الله عليه وسلم ذكره.

فعليك بذر الحب لا قطف الجنى والله للساعين خير معين

سنعود للدنيا نطب جراحها سنعود للتكبير والتأذين

وتسير فلك الحق تحمل جنده تمضي للشاطيء المأمول

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم