الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم صفوة الخلق وخاتم النبيين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه واهتدى بهداه إلى يوم الدين ثم أما بعد:
كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ لهذا أمدٌ معدود وأجل محدود، ثم ينتهي هذا الأجل حين يقدر الله تبارك وتعالى ويقضي، قال الله تبارك وتعالى وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ يتجنب الإنسان ذكر هذا اللقاء، لا يحب أن يتذكر هذا، يتضايق عندما يسمع هذه السيرة وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ حجاب الغفلة هو الذي يحول بين العبد وبين تذكر هذا اللقاء كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ وحينئذٍ تنقع الأسباب، وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ أي شخص عنده علاج، عنده دواء من الممكن أن يتدخل، لكن الإنسان يوقن حينئذٍ أنه لا سبيل وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ يُساق الإنسان إلى ربه تبارك وتعالى سوقاً، تكلمنا مرة منذ زمن – أظن منذ أربع سنوات أو أكثر – تكملنا تحت عنوان الإنسان بين الفاعلية والمفعولية، كنا نشرح شيء في النحو، فقد علمونا أنه يوجد شيء اسمه الفاعل وشيء اسمه المفعول به، الفاعل هو المؤثر والمفعول به هو الذي يقع عليه التأثير، قلنا أن الإنسان في حياته الدنيا يتصف بالفاعلية المحدودة والمقيدة، الفاعلية المطلقة لله سبحانه وتعالى وحده الذي لا تحد قدرته حدود ولا يعجزه شيء سبحانه وتعالى أراده أن يمضيه، أما الإنسان فربنا سبحانه وتعالى ابتلاءً وامتحاناً واختباراً أعطاه قدرة، شيء من الفاعلية محددة ومقيدة بحدود المشيئة والقدرة الإلهية.
الفاعلية هذه فاعلية ممتدة؟ سيأتي وقت سيخرج فيه من إطار الفاعلية إلى إطار المفعولية المطلقة، لا يستطيع أن يفعل شيئاً، لا يستطيع أن يتصرف في شيء، الأشياء التي اختزنها في زمن الفاعلية المقيدة هذه الأشياء هي التي تحدد مسار حياته وسبيله حينما ينتقل إلى إطار المفعولية المطلقة، هو لا يفعل شيء، هذه هي اللحظة التي ينتقل فيها الإنسان من الفاعلية إلى المفعولية إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ سيتقلب بعد ذلك الإنسان في أطوار لا يستطيع أن يفعل فيها شيئاً، لا يستطيع أن يتدخل فيها، لا يوجد شيء ينفعه، لا شيء من الأشياء التي ارتكن عليها في زمان الفاعلية تنفعه في زمان المفعولية، لذلك نحن قلنا في الخطبة الماضية أو التي قبلها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في موطن من أشرف المواطن وهو يتعبد لربه تبارك وتعالى يرفع صلبه من الركوع يقول ” اللهم ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد “
صاحب السلطان والنفوذ والعظمة لا ينفعه سلطانه ونفوذه وعظمته، لا ينفعه جده عند الله تبارك وتعالى بشيء إلا أن يأتي بالحمد، إلا أن يأتي بالحمد، ولذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثر عنه أنه بعدما يكبّر يوجد شيء اسمه دعاء استفتاح، استفتاح أي هو شيء أنا أدخل به أدخل به إلى الفاتحة ” سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ” ” سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك “
إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى هما كلمتان فقط؛ مدار السعادة والفلاح للإنسان أو عكس ذلك عياذاً بالله، يدار على كلمتين اثنتين فقط ” صدّق ” و ” صلّى ” الإنسان عبارة عن طاقتين اثنتين، طاقة فكر وطاقة حركة، قوة علم وقوة عمل، الإنسان هكذا، جزء يتعلق بالإيمان وجزء يتعلق بالعمل، الإيمان ” يصدق ” والعمل ” يصلي ” التصديق صمام الإيمان، والصلاة ميزان الاستقامة، هما كلمتان فقط، يصدق، مصدق ربنا سبحانه وتعالى، مصدق لربنا في كل ما أخبره الله به، أثر تصديقه لله؟ خضوعه لله، إقام الصلاة، هو ماذا فعل؟ لا صدق ولا صلى، قلنا قبل ذلك كثيراً، ربنا سبحانه وتعالى يقول فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا متى يسمي الله الإنسان مصدق؟ ليس حينما يقول أنه مصدق.. لا، حينما يمارس التصديق، هو حينما رأى الرؤيا كان مصدق أم لم يكن مصدقاً؟ كان مصدقاً، حينما قال يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى كان مصدقاً أم لم يكن مصدقاً؟ كان مصدقاً هو في كل اللحظات مصدق، في كل المراحل مصدق، متى وصفه ربنا سبحانه وتعالى بأنه مصدق؟ فَلَمَّا أَسْلَمَا هنا من الداخل، الاستسلام والقبول للوحي الإلهي، وهو لم يأت أمر، هي جاءت رؤية لم تأت أمر، لم يأت أمر، توجيه إلهي مباشر يقول له اذبحه، جاءت رؤية، استسلموا، تقبّلوا الأمر الإلهي ثقةً وبعد ذلك نفّذوا عملياً وضعه على وجهه، وهذه تكلمنا أيضاً كثيراً عنها، لماذا وضع وجهه للأرض؟ مع التسليم التام، لكن الإنسان والرحمة، هو لن يستطيع أن يراه، هو وضعه على وجهه، فلما وصلوا لهذه المرحلة، هذا هو المطلوب الإسلام هو المطلوب إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ إذاً هذه الكلمة ليست سهلة، ربنا يقول ” فلما أسلما ” إذاً حينما يتكلم ربنا عن سيدنا إبراهيم أن ربنا قال له ” أسلم ” قال ” أسلمت ” لم تكن هذه سهلة، قَالَ أَسْلَمْتُ هذه لم تكن سهلة، قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ
إذاً صلاح الإنسان في تصديقه وفي صلاته وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ لئلا نتيه أنفسنا؛ صلاح حال الإنسان في التصديق وفي الصلاة، ولذلك نحن قلنا قبل ذلك كثيراً أن سيدنا عمر رضي الله عنه والرواية جاءت في موطّأ الإمام مالك أنه كان يتابع ماذا؟ كان يكتب إلى عمّاله، لأنه لابد أن يتابع من ولّاه، إلام يوجههم؟ يوجههم إلى إقام الصلاة، قال ” فإنه من حفظها فقد حفظ دينه، ومن كان مضيّعاً لصلاته فهو لما سواها أضيع ” لن يقوم بالأمانة، إذا كان يخون عهد الصلاة، يخون العهد مع الله، لن يقوم بأي أمانة، والولاية أمانة ” فإنه من حفظها فقد حفظ دينه ” كله ” ومن كان مضيّعاً لصلاته فهو لما سواها أضيع ” ولذلك نحن قلنا قبل ذلك – كثيراً جداً – أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان وصيّته العظيمة لسيدنا معاذ بن جبل، وهو يبعثه لمكان بمثابة المدينة.
فالنبي صلى الله عليه وسلم ربنا سبحانه وتعالى منّ عليه بالهجرة من مكان اسمه ” مكة ” لمكان اسمه ” يثرب ” وقلنا أن ” يثرب ” هذه من التثريب والثرب، التثريب: التلاوم؛ العلاقات الاجتماعية بين الناس فاسدة، والثرب: الفساد، فكلمة يثرب هذه بها كلمتان؛ وجود الفساد ووجود النزاع الاجتماعي، النبي صلى الله عليه وسلم حينما وطئت قدمه أرض المدينة سماها المدينة مباشرة، وقلنا حينما يسميها المدينة هذه ليست مجرد كلمة، هو أزال ” يثرب ” لما فيها من الثرب والتثريب وسيقيم المدينة، إذاً هو سماها المدينة لأنه سيقيم المدنية في المدينة، نموذج المدنية في المدينة، فالكلمات ليست هكذا. كل شيء مقصود وكل شيء له أعماق، وكل شيء وراؤه أبعاد، الاسم ليس مجرد اسم، ولذلك منعهم واستنكر منهم أن يعيدوا ذكر يثرب لئلا يرجعوا لذلك.
في الأحزاب وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ لم يقولوا يا أهل المدينة يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ارجعوا، إلى أين يرجعوا؟ ارجعوا يثرب، ارجعوا يثرب.
الكلام لا يقال هكذا، الكلام لا يقال كذا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لم يقولوا يا أهل المدينة، هذا بعد كم؟ هذا بعد خمس سنوات من إقام المدينة يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا إذاً استقامة الإنسان بالتصديق وبالصلاة لَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى هل كان نائماً؟ كان مغمى عليه؟ نحن قلنا أن الإنسان كما أخبر صلى الله عليه وسلم، قال ” وأصدق الأسماء حارث وهمام ” لا يصدق ولا يصلي، هل سيجلس فارغ، طاقة فكره وطاقة وجدانه وطاقة حركته ستزول؟ لا لا لا، ستعمل بعكس ذلك، فهذا هو الطبيعي، الإمام الشافعي رحمه الله يقول ” صحبت الصوفية فلم استفد منهم سوى حرفين ” أنا بعدما جلست معهم خرجت منهم بكلمتين ” الوقت سيف فإن قطعته وإلا قطعك ” هذا أول حرف، والثاني ” هي نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل ” هي هكذا، هي هكذا، لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ لن يسكن في محل، لن يسكن، النفس تجول، الخواطر تتابع، الوساوس تتردد، لا شيء واقف، سيتقدم أو سيتأخر، نحن أحياناً نتأخّر لكننا لا نشعر أننا نتأخّر نفيق متأخراً.
الإيمان يزيد وينقص، ينقص من الداخل، لكنني لا أشعر به لا أستطيع أن أرصده بسرعة في الممارسة، متى انتبه، عندما يقسو القلب ويجمد، وقتها انتبه، فهل هذا حدث لحظياً الآن؟ لا لا لا هو منذ كثير يتراجع، ولذلك أنا إن لم أنتبه وإن لم أتابع نفسي، فستجدني أتراجع، هذا هو الطبيعي، لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ فالآية حينما تنزل لابد أن تزيد، هؤلاء سيزيدون وهؤلاء سيزيدون، الشخص الذي لديه الإيمان سيزداد إيماناً والشخص الذي لديه الريب سيزداد ريباً، الشخص الذي لديه اليقين يزداد يقيناً والشخص الذي لديه شك يزداد شكّاً فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ هكذا هي، ولابد
كل لحظة جديدة ستزيدني هنا أو هنا، كل لحظة، كل موقف، كل ممارسة أنا أمارسها في الحياة، هي كلها اختبارات إما أنجح وإما أرسب، كل موقف يمر بي وكل كلمة أقولها، كل ممارسة أمارسها؛ هي في مرضاة الله أو عكس هذا، فأنا إما أزيد أو أنقص إما أصعد وإما أنزل.
لذلك جاء التوجيه النبوي بأن الإيمان يخلق، انتبه ” إن الإيمان يخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب ” ، فماذا نفعل، ماذا نفعل؟ ” فسئلوا الله ” هذا هو التوجيه ” فسئلوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم ” أعظم شيء أنت تفعله لكي تحافظ على الدين أن تدعي ربنا سبحانه وتعالى المالك للقلب أن يحفظ الدين، لابد أن آخذ بأسباب هذا، ولكن أعظم سبب: اللجوء إلى مسبب الأسباب، هذا أعظم سبب من الأسباب، وليس خارج الأسباب.
نحن نتحدث أن: التوكل أم الأخذ بالأسباب، فهل التوكل هذا ليس له علاقة بالأخذ بالأسباب، فأعظم سبب، أعظم سبب التوكل على المسبب، فالسبب يا جماعة هو الأخذ بالوسيلة، نحن لدينا السبب مادي، هذه هي الفكرة، السبب لابد أن يكون شيء مادي أنا أفعله، نحن لدينا تعريفات خائطة، السبب: هو الوسيلة التي توصل إلى الغاية، كل وسيلة توصل للغاية هي سبب، فأنا حينما ألجأ إلى الله، هذا أعم سبب، حينما أستمد من مصدر القوة هذا أعظم سبب، فهذا سبب، أليس هذه وسيلة توصل إلى الغاية، هكذا هي سبب يوصل إلى نتيجة، ولذلك لا يصلح أن أتوكل على الله وأنا أهدر التسبب، فلا يصلح، فيوجد تناقض، التوكل سبب؛
الشخص إما لديه منظومة الأسباب وإما مهدراً لها، هذا هو الإنسان الطبيعي.
فمنظومة الأسباب التوكل وما وراؤه وما عاداه، وما دونه، فهل سيوجد توكل بدون أسباب، هذا لا يصلح وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا هي حقيقةً لن تفعل شيئاً، هذا ليس فعلاً مؤثراً، هذا ليس فعلاً مؤثراً تماماً، ولكنها لابد أن تفعل شيئاً، فالمنظومة تسير هكذا، هي ستفعل شيئاً فالنخلة المأمورة من الله ستفعل الدور المطلوب منها، ولكنها لابد أن تضع يدها على هذا الجزع، فهذا الجزع حينما تأتيه هذه الإشارة تساقط عليك رطباً جنيّاً، هي تعرف ماذا ستفعل، هذه منظومة متكاملة وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ الدور انتهى هنا، فماذا ستفعل النخلة تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا هي تسير هكذا، هي تسير هكذا، فهي منظومة، الكون كله ربنا سبحانه وتعالى يديره ويدبره في سلسلة متشابكة، أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ إلى هنا نحن فاهمون، هي انتهى دورها إلى هنا فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ هي ستضع الغلام في التابوت وستضع التابوت في الماء فقط، اليم ما وظيفته؟ سيأخذ هذا ويضعه أمام باب القصر، هو لن يلقيه في أي مكان، لا، فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ الساحل ممتد، أي مكان في الساحل؟ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ عند المكان الذي من المفترض ماذا يحدث؟ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي سيأخذه، فهذا جزء من المنظومة أيضاً، سيأخذه. أم موسى واليم والفرعون الثلاثة شركاء في تتميم الأمر، كل واحد سيفعل الدور، وسيقوم به، فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ هل يستطيع ألا يأخذه، سيأخذه يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ هذا سيحدث، هي منظومة متكاملة.
إذاً خلاصة الموضوع لو أن هذا لن يصدق ولن يصلي، ماذا سيفعل؟ سيفعل عكس ذلك وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى
إذاً هو لن يأخذ موقف حيادي، إن لم يصدق سيكذّب، ولو لم يصلي سيولي ربنا ظهره، وَلَكِنْ كَذَّبَ ولذلك ” تولى ” هذه هي التي تفهم معنى ” صلى ” إذاً الصلاة هذه هي الإقبال على الله، الصلاة هي الإقبال على الله، ولذلك كان التولي هو الصورة المقابلة للصلاة، إذاً الصلاة ليست مجرد الحركة أو الأداء، لا هذا هو التعبير عن الإقبال على الله.
وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى هذا الكلام له آثار، نعم تراه ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى التكذيب والتولي ماذا سينتج؟ سينتج حالة من الكبر والعجب والغرور والخيلاء واللامبالاة.
اثر التكذيب والتولي ستراه، نحن قلنا قبل ذلك كثيراً قول ربنا سبحانه وتعالى أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ تستطيع أن تراه؟ نعم تراه، التكذيب شيء داخلي، ترى أثره؟ نعم، أين تراه؟ قال فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ يدع هذه ما معناها؟ يدفعه بعنف، ما معناها؟ أنه لا رحمة هنا، لا رحمة هنا، هو لم يقل يحنن، فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ يدفعه، هنا لا يوجد رحمة، فارتباط هذا باليوم الآخر، بيوم الدين، أين؟ فنحن ليس لدينا ارتباط بين الإيمان وبين المشاعر فهذا عادي، تريد أن ترى الذي يكذّب بلقاء الله فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ هذا فقط، لا هو يصلي، ولكنه يرائي، يصلي لكنه يرائي، يصلي يصلي لكنه يرائي، وَلَا يَحُضُّ من الممكن ألا يملك المال، من الممكن ألا يملك المال الذي يطعم به، ولكن المشاعر التي بداخله ستدفعه أن يحث فلان وفلان وفلان الذين وسّع ربنا عليهم ويحننهم على الفقراء، فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ لا يحث، الحض: الحث بقوة.
وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وبعد ذلك وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ربنا سبحانه وتعالى يلخص هنا صفة من يكذب بالدين، صلاة ليست بها تعظيم – غير منتجة – ، بعد عن الإحسان والإعانة وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ أي صورة من صور العون للناس بما جلّ أو حقر، أي شيء، أي شيء وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ فما علاقة هذا بالتصديق والتكذيب.
أظن بل أعتقد إن معظمنا إن لم يكن كلنا محتاجين نراجع نحن كيف نفهم الدين، محتاجين نراجع من خلال الكلمات القرآنية الإلهية نحن فقهنا الدين فعلاً أم لا، هل نحن فاهمون أم لا، فإذا كان هذا وصف الشخص الذي لا يؤمن بلقاء الله فأعتقد أننا لا نفهم شيئاً، محتاجين أن نفكّر قليلاً.
ما أثر الإيمان في الحياة، هذ ميزان، أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ ربنا سيريه لك، إذاً نحن محتاجون أن نراجع أشياء كثيرة.
إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ ” تريقة ” واستخفاف، وبعد ذلك وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ يتندروا بما عملوا من التهزيق والاستخفاف، وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ نحن على حق وهم المبطلون، فأكيد المكذب لن يقول أني مكذّب لا يصلح.
ولكن ربنا سبحانه وتعالى فصل بين الفريقين، ماذا قال؟ قال وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ الحكم ليس إليهم، ربنا لم يرد عليهم، لم يقل أنهم ليسوا ضالين وأنتم الضالون، قال وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ ربنا سبحانه وتعالى لم يبعثهم محكمين، ولا رقباء ولا قضاة على هؤلاء لكي يقولوا أن هؤلاء ضالين أو غير ضالين، وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى هذا وعيد، أصلها أولاك الله ما تكره، وعيد متكرر، أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى عند المساق وفي القبر وعند القيامة وفي النار عياذاً بالله، أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله
هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ بعد هداية السبيل ما موقف الإنسان، إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا إِنَّ الْأَبْرَارَ أهل الشكر، البر والخير، البر والخير إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا لماذا؟ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مع الحاجة إليه عَلَى حُبِّهِ مع الحاجة إليه مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا لسان الحال ليس لسان المقال، لسان الحال ليس لسان المقال، لسان الحال إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ هم لا يقولوا، ربنا سبحانه وتعالى يفصح عن مكنون النفوس، هم لماذا يفعلوا هذا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللهُ فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قوارير لكنها فضة، قوارير لكنها فضة هذا غير موجود في الدنيا قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ هناك وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ ليس ” وسُقوا ” وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا.
إذاً ربنا سبحانه وتعالى أصلح حال الإنسان في القرآن مثلما قلنا من خلال محورين، محور الاحتياج والافتقار واللجوء إلى الله، ومحور الإيمان بلقاء الله، استقامة الإنسان بيقينه بافتقاره إلى الله، ويقينه بقاء الله، الذي لا يؤمن بلقاء الله هو عبدٌ في الحقيقة لا يؤمن بالله، هذه نقطة مهمة يا جماعة، نحن قلنا قبل ذلك أكثر من مرة ما معنى الإيمان بالله؟ الإيمان بالله أن الإنسان يؤمن بالله على الحقيقة وليس بالوهم، أي أن إيمان أهل الكتاب بالله، عندما تقرأ أوصاف الإله الذي يؤمنوا به سواء اليهود أو النصارى هل هذه صفات الله فعلاً، هل الإله الذي يتكلموا عنه أو يصفوه في الكتب هذا هو ربنا سبحانه وتعالى الذي أنزل لنا صفاته في القرآن والذي علمنا النبي صلى الله عليه وسلم أسماؤه في السنة، هل هو أم ليس هو، إذا لم يكن هو فهذا هو الوهم، الضلال، الباطل.
نحن قلنا قبل ذلك الحق والباطل، الحق: هو الحقيقة، الشيء الموجود فعلاً، أما الباطل، الباطل: هو الشيء الوهمي الخيالي، لذلك ربنا سبحانه وتعالى قال – وقلنا ذلك كثيراً – قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ربنا وصفهم بماذا؟ بأنهم لا يؤمنون بالله، ولا باليوم الآخر، ولكنهم لديهم يوم القيامة، يوجد أناس منهم لديهم ملكوت، وأناس آخرين في الكتاب، وهذا في الكتاب لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ إذاً وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ إذاً موجود في الكتاب أنهم يؤمنوا بالجنة والنار، صحيح؟ فلماذا ربنا سبحانه وتعالى يقول لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ لأنه إيمان غير حقيقي، هم لا يؤمنوا ربنا الذي هو ربنا، ولا يؤمنوا بالآخرة التي هي الآخرة.
لذلك النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأل اليهود عن النار ماذا قالوا له، ” نكون فيها أياماً ثم تخلفوننا فيها ” هل هذه هي الآخرة الحقيقية؟ لا هذه وهم، وهم، الإيمان هو الإيمان الحقيقي.
الإيمان بالله يقتضي الإيمان بالعدل الإلهي والحكمة الإلهية أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا هذا استنكار أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى هذا استنكار، لا يصلح للشخص الذي يؤمن بالله؛ بحكمة الله وبرحمة الله، وبعدل الله وبإحسانه أن يتشكك في اللقاء الإلهي لابد، لا يصلح أن يكون هذا الخلق بدون حكمة، لا يصلح أن الإنسان يترك هملاً، لا توجيه ولا إرشاد ولا هداية ولا أمر ولا نهي وبالتالي جزاء وحساب، وفي نفس الوقت لا يمكن للحياة أن ينفرط عقدها على ظالم ومظلوم بدون لقاء يجازى فيه كل واحد بعمله، ويكون ربنا سبحانه وتعالى هو العدل، ولذلك الذي لا يؤمن بلقاء الله هو لا يؤمن بالله، هذه هي القضية.
ولذلك انضباط أحوال الإنسان أن يؤمن بالله ويؤمن بلقاء الله، هنا ربنا سبحانه وتعالى يذكّر الإنسان ليس بالنطفة، لا جنس الإنسان نفسه لم يكن موجود، هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لم يكن يوجد شيء اسمه إنسان أصلاً لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا وبعد ذلك الحكمة، الحكمة، إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ هذه هي الحكمة، لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
وهداه السبيل، فلما هداه السبيل، ربنا سبحانه وتعالى قدّر الشاكر وأخّر الكفور، ولم يقل ” شكور ” شاكر، ربنا يتقبل من الإنسان حتى أن يكون شاكر، ويجازي الإنسان ليس حينما يكون كافر، حينما يكون كفور إِمَّا شَاكِرًا لأن لا يصلح أن يكون الإنسان شكور، نعم ربنا سبحانه وتعالى أعظم من أن يوصف العبد بأنه شكور إزاء النعم الإلهية، لكنه كفور إزاء النعم الإلهية، إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ذكر الشاكر أولاً وأخّر الكفور، وبعد ذلك عجّل بجزائه وركنه، لأنه هنا يريد أن يستفيض في ذكر الشاكرين، السورة كلها تتكلم عن الشكر، لا تتكلم عن الكفر، وهذه حكمة ربنا سبحانه وتعالى، القيامة فيها الزجر، والإنسان فيها التسكين، هذا هو القانون الإلهي اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ لابد أن تكرر هذه الآيات، ” مثاني ” أي أن ربنا يقول لنا أننا لابد أن نقرأها كثيراً مَثَانِيَ ما موقف المؤمن منها تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ تقشعر أولاً ثم تلين، تقلق وتسكن، لابد أن تخاف، ولكنها تطمئن، تقلق فتتقي، وتسمع حديث المتقين فتطمئن تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
فالناس الذين وصفوا بأنهم أهل الكفر، ربنا بماذا وصفهم، ” قيود ” إذا اعتبرت أن مرضاة الله أو طاعة الله قيد، أنا في الدنيا اعتبرتها قيد ولم أرضى أن أقيد نفسي بالقيد الإلهي، أحببت أن أطلق النفس مع شهواتها وأهوائها، ولا أتقيد بشيء، فالذي سيأبى أن يقيّد نفسه، فهل هو قيد؟ هل التوجيه الإلهي قيد، هل أوامر ربنا سبحانه وتعالى وهداياته الله للإنسان قيود؟ أغلال؟ الذي رآها هكذا إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا وبعد ذلك ربنا سبحانه وتعالى تفرّد بأهل الشكر، وأفاض في الثناء عليهم، وأفاض في ذكر أعمالهم، ثم ختم ذلك بقوله إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً هذا خلاصة الموضوع كَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا – هذا ليس في العزاء – وكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا يوجد سعي وهذا السعي سيشكره الشكور سبحانه وتعالى، سعي، السعي هذا اجتهاد.
هذه آخر كلمة نقولها وقلناها قبل ذلك كثيراً، ” السعي ” لماذا السعي؟
نحن لدينا في المناسك تسمى ” السعي ” السعي هذا أنت لا تمشي، أنت ” تمد ” أنت ” تمد ” لكن مش بتسرع أوي، ” تمد ” هذه تعبير عن ماذا؟ تعبير عن وجود قدر من الهم والهمة تعبر عنه بالحركة التي بها قدر من السرعة وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى ليس ” مشى ” فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا قلنا لابد أن يوجد التسبب، الحركة، لكن هنا موازين دقيقة، هنا ” امشوا ” هنا ” امشوا ” وهنا ” سعى ” ، فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ ” فامشوا ” ” فاسعوا ” وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا الذي يتناسب معها، ليس حسب وجهة نظرنا، حسب مستحقها هي التي تستحقه ” ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة ” وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا نحن لدينا هذا في الدنيا، كل شيء وله ثمنه، السيارة ذات الامكانيات المتواضعة غير السيارة ذات الامكانات العالية، السكن في مكان معين بمساحة معينة، غير السكن في مكان آخر نعتبرها أرقى بمساحة أوسع، كل شيء له ثمن، كل شيء وله ثمن وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا التي تستحقه فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا
ولذلك نحن قلنا ربنا سبحانه وتعالى وهو يدعونا لهذه العبادة التي نحن فيها، قال فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ والنبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن أن نسعى السعي الحسي ” إذا أتيتم الصلاة فعليكم السكينة ” سيروا برفق ” ولا تأتوها وأنتم تسعون ” إذاً حينما يقول ربنا فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول أنه ليس المقصود بالقدم، إذاً هذا القلب، هذا هو القلب، أصل السعي بالقلب فيتبعه البدن، أصل السعي بالقلب فيتبعه البدن.
إذاً خلاصة الموضوع التعلق بالله، الارتباط بالله، الإيمان بقدرة الله، حسن الظن بالله، الافتقار إلى الله، والإيمان بلقاء الله، الإيمان بحسن عطاء الله، الإيمان بعظيم جزاء الله، وبهذا يستقيم الإنسان.
هذه الاستقامة ستصب في أمرين، ” صدّق ” و ” صلى ” فهذا الإيمان هو التصديق، ركنه القيوم الصلاة، ” رأس الأمر الإسلام ” الاستسلام لله ” وعموده الصلاة ” بناء الإيمان، بناء الإيمان يقوم على الصلاة، هذا هو الموضوع، إذا أردت أن يستقيم أمر الإنسان؛ حقق فيه هذا، إذا نشّأ أحد أولاده على الخير والصلاح وهو لا يدري ماذا يفعل، هما أمران ازرع بداخله التصديق بالله، الإيمان بالله، التعظيم لله، الإيمان بلقاء الله، وازرع بداخله حب الصلاة، ومعنى الصلاة وقيمة الصلاة وحقيقة الصلاة، ثم لا تقلق عليه، لا تقلق عليه.
يبقى شيء آخر أنت محتاج أن تفعله؛ وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا إذا أردت فعلاً أن تطمئن عليه بعد هذا الغرس أصلح أنت من حالك لكي يحفظك ربنا في أنجالك، وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا فقط فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ولذلك حينما تقرأ أن سعيد بن المسيب إمام التابعين رضي الله عنه، يقول لابنه ” لأزيدنّ في صلاتي من أجلك، من أجل أن أحفظ فيك ” تعرف كم كان هؤلاء الناس ربنا منّ عليهم فعلاً، هؤلاء الناس كانوا فاهمين حقيقة الحياة الأولى وحقيقة الحياة الآخرة، فاهمة للقوانين، فاهمة للسنن، فقهت عن الله، الموضوع بسيط، يقول له أنا أزيد في الصلاة من أجلك، لكي يحفظني ربنا سبحانه وتعالى فيك، ” لأجل أن أحفظ فيك ” كل شيء وله حل، كل مشكلة عندنا تؤرقنا لها مفتاحها، كل شيء يشغلنا.
لأن ربنا سبحانه وتعالى أنزل القرآن للإنسان، أنزل الدين للإنسان أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ كل شيء تقلق منه كإنسان، كل شيء يريبك أو يجعلك تضرب كإنسان دواءها في كلام ربنا سبحانه وتعالى، ولكننا محتاجين أن نفتش فيه، الشفاء والدواء والهداية في القرآن، ولكن الثقة والتصديق، نحن مصدقين بأي مقدار، مصدقين ومؤمنين بأي مقدار.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك
اللهم ارحم في هذه الدنيا غربتنا، وارحم اللهم عند الموت كربتنا، وارحم اللهم في القبور وحشتنا، وارحم اللهم في القيامة ذل مقامنا بين يديك
اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق، أحينا ما علمت الحياة خيراً لنا وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الفقر والغنى ونسألك الرضاء بعد القضاء، ونسألك برد العيش بعد الموت، ونسألك نعيماً لا ينفد وقرة عين لا تنقطع، ونسألك اللهم لذّة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرّة ولا فتنة مضلّة.
اللهم زيّنا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين
اللهم زيّنا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين
اللهم كن لنا ولا تكن علينا وأعنا ولا تعن علينا وانصرنا ولا تنصر علينا وامكر لنا ولا تمكر علينا واهدنا ويسّر الهدى إلينا، وانصرنا على من بغى علينا.
اللهم اجعلنا لك ذكّارين، واجعلنا لك شكّارين، واجعلنا لك رهّابين، واجعلنا لك مطواعين، إليك أوّاهين منيبين
اللهم تقبّل توبتنا، واغسل حوبتنا، وامح خطيئتنا، وثبّت قلوبنا، وسدد ألسنتنا، واسلل سخيمة قلوبنا
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم