الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم النبي الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد:
على مدى لقاءات ثلاث تحدثنا تحت هذا العنوان ” البداية والنهاية ” حديث الله تبارك وتعالى للإنسان من خلال سورة القيامة ثم سورة الإنسان، هذا العنوان ” البداية والنهاية ” كان من توفيق الله تبارك وتعالى للإمام ابن كثير أن جعله عنواناً لكتابه في التاريخ؛ أراد أن يسطّر كتاباً عن تاريخ الإنسان فسماه ” البداية والنهاية ” تسمية تحتاج إلى تأمّل، سطّر في هذا الكتاب ما علمه الله تبارك وتعالى إياه مما يتعلق بخلق هذا الكون، وخلق الله تبارك وتعالى للسماوات والأرض ثم خلق آدم عليه السلام ثم مسيرة آدم والنبيين إلى بعثة محمد صلى الله عليه وسلم ثم استفاض في ذكر سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر سيرة الخلفاء وسيرة أهل الإسلام إلى زمانه رحمه الله، ثم ذكر الملاحم، أشراط الساعة المؤذنة بقرب النهاية، ثم تحدّث عن القيامة وما ورد فيها من تفاصيل، ثم ذكر الجنة والنار.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ” قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً فذكر خلق السماوات والأرض حتى نزل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم علم ذلك من علمه، أو حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه “
وقد مرّ معنا قديماً حديث عمران بن حصين رضي الله عنه أنهم أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جماعة من بني تميم، فقال ” اقبلوا البشرى يا بني تميم، قالوا: قد بشّرتنا فأعطنا، قد بشّرتنا فأعطنا، فالتفت إلى أهل اليمن – وفدهم الذي جاء إليه – قال: اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم، قالوا: قد قبلنا، جناك نسألك عن أول هذا الأمر، – بداية هذا الخلق، بداية هذه الحياة – فقال صلى الله عليه وسلم كان الله ولم يكن شيءٌ قبله، – وفي رواية – كان الله ولم يكن شيءٌ غيره، لم يكن شيءٌ قبله، – وفي رواية – لم يكن شيءٌ غيره
وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء وخلق السماوات والأرض، ثم يقول عمران: فجاءه رجل فقال ادرك ناقتك، – الناقة التي كان يربطها هربت فجرى ليبحث عن الناقة وبالتالي ترك المجلس لا يعلم ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تمنى بعد أنه كان تركها ذهبت لأن ما أفاته مما كان سيسمعه ربما كان أعظم قيمة من الناقة لو كانت ذهبت أو اختفت.
فهو يخبر صلى الله عليه وسلم عن أول هذا الأمر أنه كان الله ولم يكن شيءٌ غيره، وكان عرشه على الماء، قال تعالى وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا لماذا هذا الخلق؟ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا
إذاً هو يتكلم عن أنه يوجد بداية ويوجد نهاية، هذا ما مرّ معنا، وربنا سبحانه وتعالى يتحدث عن الإنسان، كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ هذه نهاية رحلة الإنسان في هذه الدنيا، وبعدها أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى هذه بداية وجود الإنسان في هذه الدار، والسورة بالأساس تتكلم عن القيامة، نهاية هذا الكون، وي أول الإنسان هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا فيوجد بداية للحياة – الكونية هذه – ويوجد نهاية لها، ويوجد بداية لهذا الجزء الصغير المنثور في هذه الحياة – وهو الإنسان – كوحدة، ويوجد نهاية لهذه الحياة.
أمير البصرة – أظنه كان يزيد بن المهلب – في زمان التابعين وهو يمشي في موكبه وهو يرفل – يرفل: أي يتبختر في مشيته معجباً بثيابه وبهيئته – فمالك بن دينار قال له ” اقل بمشيتك هذه ” أي: اهدأ وسر طبيعي مثل عباد الله وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ فالخدم الذين حوله همّوا بالرجل – كيف هذا الرجل يتكلم هكذا مع الأمير – فقال: دعوه، أراك لا تعرفني – الواضح أنك لا تعرف من أنا – ومن هنا أوتي.
قال: لا أحد أعرف بك مني، – أنا أعرفك جيداً – وهو أصلاً في هذه الهيئة لابد أن يكون معروف، قال له أنا أعرفك، ” أولك نطفة نزرة ” هذه البداية ” وآخرك جيفة قذرة ” هذه النهاية ” وأنت فيما بينهما تحمل العذرة – النجاسة، النجاسة مستبطنة في الجسد الذي خلق للطهارة، فهذه البداية وهذه النهاية وهذا الذي أنت مستصحبه، فنكّس الرجل رأسه وذهب – وهذا هو الفرق الوحيد بين زمان والآن – ، ” نكس رأسه ومشى “
فهو الآن يحدثه عن أن هذه البداية وهذه النهاية، وهذا هو الإنسان.
الإنسان إذا أدرك أن له أول، وأن له آخر، هل هذا يؤثر في تفكير الإنسان فيم؟ إذا كان لدي نقطة بداية ونقطة نهاية، وكل شيء في الدنيا لها نقطة بداية، وكل شيء في الدنيا لابد أن يعرض له النهاية خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ هذه النهاية.
في مقابلة هذا ربنا سبحانه وتعالى يقول سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ هنا الكينونة الوحيدة التي لا تنطبق عليها وجود البداية ووجود النهاية.
كان من دعائه صلى الله عليه وسلم، إذا أخذ مضجعه اضجع على شقه الأيمن ثم قال ” اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من كل شيء أنت آخذ بناصيته؛ أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر “
” اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان ” ما الذي أطلبه ” أعوذ بك من كل شيء أنت آخذ بناصيته ” كل شيء في قبضة ربنا سبحانه وتعالى ” أنت الأول فليس قبلك شيء، أنت الآخر فليس بعدك شيء، أنت الظاهر فليس فوقك شيء، أنت الباطن فليس دونك شيء ” استيعاب لكل أبعاد الحياة زماناً ومكاناً، الأول والآخر للزمان والظاهر والباطن للمكان، ثم دعا فقال ” اقض عنا الدين وأغننا من الفقر “
إذاً إذا كان الإنسان يتصف بأن له بداية ونهاية وربنا سبحانه وتعالى هو العالي سبحانه وتعالى عن أن يكون متصفاً بهذه الحدود، شيء واحد فقط في الحياة هي غير محدودة.
ربنا سبحانه وتعالى هو الأول، وبالتالي أي خير، أي نعمة يتلقاها الإنسان في تسلسلها إلى الوراء، إلى أين سترجع؟ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ فعل الإنسان، حركة الإنسان، اختيارات الإنسان إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا.
إذاً كل نعمة وكل خير وكل سبب وصل للإنسان إنما جاءه من قبل الأول سبحانه وتعالى، وكل غاية يتعلق بها الإنسان ستفنى كما يفنى الإنسان، فكل شخص لديه مجموعة من الأهداف والغايات والطموحات، إلى أين تصل؟ هل يوجد شيء الإنسان يتعلق به أو شخص يتصف بالآخرية؟! يتصف بالبقاء؟ كل شيء يضمحل ويفنى ويزول إلا ربنا سبحانه وتعالى وحده، فالذي سيجعل غايته، غايته غاية فانية لابد أن تفنى بفنائه، وفي نفس الوقت أي شيء أنا أرتبط به وأعتمد عليه هو أيضاً يعرض له الفناء والزوال والانقضاء والاضمحلال، أي شيء، وأي علو مهما بلغ سيبقى في إطار العلو والعظمة والقهر والهيمنة الإلهية.
ربنا سبحانه وتعالى هو الظاهر، قال صلى الله عليه وسلم ” أنت الظاهر فليس فوقك شيء ” وكل علم وكل دراية وكل خبرة وكل دقة ستنتهي عند حدود الإنسان، ربنا سبحانه وتعالى هو الباطن.
السرائر والخفايا التي يبالغ الإنسان في إخفائها تبقى ظاهرة معلومة جلية عند الله تبارك وتعالى، وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى فلو كان السر هو الشيء الذي يسر به الإنسان لشخص، فالأخفى هو الشيء الذي لم يقله لأحد أبداً، ولو كان السر هو الشيء الذي أستسر به في نفسي، فالأخفى هو الأشياء التي بداخلي من كوامن أنا نفسي لا أدركها، أو غير مضطلع عليها، وربما تظهر في يوم ما، لكني اليوم في هذه اللحظة أنا لا أعلمها، وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول ” اللهم اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت وما أسررت وما أعلنت ” أربع أمام أربع، الأول والآخر، والظاهر والباطن، في مقابلهم خطايا تقدّمت وتأخّرت، ظهرت وأخفيت.
” اللهم اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت وما أسررت وما أعلنت ” سمة هذه الخطايا الأربعة ” الاسراف “
” اللهم اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ” .
إذاً الإنسان لابد ألا يغيب عن ذهنه البداية والنهاية، الغفلة وطول الأمل تنسي الإنسان البداية والنهاية، ويدرك أنه لكي يجعل له امتداد أعلى من قدرته في البدايات وأعلى من طاقته في النهايات عليه أن يرتبط بمن ليس له أول وليس له آخر.
النقطة الأخيرة: أنت لماذا تستمد من ربنا، أو من المفترض لماذا أنت تستمد من ربنا؟ ذرونا نفكّر في إدارة أي موضوع، لكي يكون لديك رؤية متسمة بالدقة والصحة محتاج أن يكون لديك قدر من الأولية، أي موضوع؛ لابد أن تكون فاهماً، ما أصوله؟ ما منطلقاته؟ وما خلفياته التاريخية، امتداده في الخلف، لن تفهم شيء اليوم لها صلة بالأمس إن لم تعرف الأمس، هذا أول أمر، هذه الأولية، والآخرية؟ مآل هذا الموضوع إلى أين يذهب؟ فأي شخص يفعل شيء يفعله لغاية، نحن لماذا من المفترض أن نستخير ربنا في كل أمر، هي لا طاعة ولا معصية.
فالطاعة منفعة يقيناً، والمعصية مضرّة يقيناً، أي أمر آخر من أمور الدنيا، إذاً أمور الآخرة طاعات ومعاصي، أما أمور الدنيا أمور أنا أرتجي منها الخير وأتوجس منها الشر، لماذا أستخير ربنا؟ لأني لا أعرف ما عواقب الأمور، أنا لا أعرف، أنا توقّعت أو تصوّرت أو تخيّلت أو تزيّن لي عبر هواي أن هذا الموضوع هو الذي به السعادة والاستقرار والأمن المستقبلي لي وسعيت فيه، لكنني لا أعرف بعد قليل ماذا سيحدث، قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ فكان يوجد تعليم النبوة أنني أقول ” اللهم إني أستخيرك بعملك ” أطلب من الله أن يختار، ليس أنا الذي أختار، ولذلك صعب أن نصلي الاستخارة،، نحن من الممكن أن نصلي هاتين الركعتين، ومن الممكن أن نقول هاتين الكلمتين، لكن صعب أن نصلي الاستخارة فعلاً، هذا شيء غاية في الصعوبة، هذا محتاج إنسان مُسَلِّم وواثق ومتجرد، سيخرج خارج الأمر، ولو للحظات، لابد أن يخرج نفسه، لكي يقول ” استخيرك ” ، أنا سأقف هكذا، وانتظر الاختيار وأرضى بالاختيار
” اللهم إني أستخيرك ” لماذا؟ لماذا؟ ” أستخيرك بعلمك ” لأن العلم عند الله، ماذا سيحدث، ما عاقبة هذا الأمر، ما مآله؟ إلى أين سيذهب بي؟ لا أعلم، ” أستخيرك بعلمك ” اختار، فإذا وصلت للاختيار الصحيح هل تستطيع أن تمضيه؟ فأنت من الممكن أن تعجز عنه، لا تستطيع أن تفعله، ومن الممكن أن ترى أن كل أسبابه مهيئة وتكتشف في النهاية أنها لم تكن كذلك، أو يعرض لك أمر لم يكن على بالك فتفسد كل شيء، وهذا يحدث كثيراً، لكي يظل العبد يعلم أنه عبد، فكيف تتذكر أنك عبد؟ عندما تجد شيء يحجز قدرتك التي تعتقد أنها مهيمنة على أمر ما، لن أقول على كل أمر، ولكن موضوع معيّن أنا وضعته في دائرة الإحكام وهذا الموضوع وضعته في يدي، هذا بالضبط بالضبط ” جحا والحمار ” أنا لماذا أقول ” إن شاء الله ” فالسوق مليء بالحمير، وثمنه معي، فلا أي مشكلة، فلماذا أقول ” إن شاء الله ” فنحن جميعاً نفعل ذلك، نحن نعتبرها نكتة، هذه ليست نكتة نحن نفعل هكذا فعلاً، ومن الممكن أن نعتبر أن غير ذلك نوع من أنواع الدروشة، لا
الأسباب أشياء ربنا وضعها لكي نستطيع أن نسير عليها، هي لا تحكم شيء في الحياة، كل شيء يتم، يتم بإذن الله، بإذن الله، لابد ” بإذن الله “
” وأستقدرك بقدرتك ” إذاً أستخير بالعلم، فأخذت القرار، ” أستقدرك بقدرتك ” أن ربنا ييسر ويوفّق أن هذا يتم، ” وأسألك من فضلك العظيم ” أكثر بكثير مما أظن ومما أتخيل، لماذا؟؟ ” فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ” ” فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب ” فالآخرية، هو أين سيذهب، وأما الظهور؟ أنك ترى الأشياء من فوق، ربنا سبحانه وتعالى فوق ونحن تحت، ربنا فوق، هو المهيمن على هذا الكون فأنت لابد أن ترى الموضوع من فوق لكي ترى كل جزئياته وكل النقاط المتشابكة فيه لكي تراه بشكل كامل، هذه هي الرؤية الفوقية، والرؤية الفوقية غالباً رؤية إجمالية، عندما ترى الأشياء من فوق لا تراها بمقاييس رسمها الطبيعية، تراها صغيرة لكنك ترى الروابط، نعم،، لكن البطون: الإدراك التام لكل جزئية صغيرة بكل تفصيلة فيها، لذلك ربنا سبحانه وتعالى حينما يتكلم عن العلم، ربما يذكر أشياء لا تخطر للإنسان على بال، ربنا يقول وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا ذرونا نتخيل أننا في الخريف، كم ورقة شجر يابسة وقعت على الأرض؟ في لحظة زمنية، على امتداد الخريف وعلى توالي السنين والتاريخ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ
إذاً إذا أردت أن تبني رؤية وتأخذ قرار لابد لابد تستمد من المتصف بهذه الصفات، وعموماً عموماً أنت لكي تأخذ قرار في موضوع ذو أهمية لابد أن تضع في ذهنك أنه يوجد أربع جوانب، تنظر إلى الوراء وتتفكر في الأمام، وتنظر من فوق وتمسك كل جزء بمفرده، حينما تكمل هذه الأشياء الأربعة تستطيع أن تقول أنك تقدر أو من الممكن أن تأخذ قرار في أمر.
ترجع لربنا سبحانه وتعالى الذي علّمك هذه الأشياء، المتصف أصلاً بهذه الصفات، الذي أمدّك بهذا، الذي علمك أنه يوجد ذلك، فنحن كيف نعرف…. فـ ” الأول والآخر والظاهر والباطن ” هي التي جعلتنا ندرك حينما وضعوا بجانب بعض، فهذه أربع أسماء إلهية ربنا وضعهم في مكان واحد، لماذا في مكان واحد؟ فكان من الممكن أن بتفرقوا، لماذا في مكان واحد؟؟ لأنها الرؤية الرؤية المتكاملة ستأتي حينما يوضعوا بجانب بعض هكذا، تدرك أنه يوجد هذا، يوجد أبعاد أربعة موجودة معاً، وبعد هذه الأشياء الأربعة صفات إلهية وتعليم إلهي وهداية إلهية فأنت ترجع إلى الله وأنت تعرف لماذا ترجع إلى الله، تستمد من الله وأنت تعرف لماذا تستمد من الله، تطلب من النور والهداية الإلهية لأن مصدرها من الأولية والآخرية ومن أنه الظاهر وهو الباطن، وبالتالي الإنسان المحدود على مقدار ما هو يرتبط بالإله العظيم الغير محدود على قدر ما يكتسب من القوة والقدرة الإلهية لذلك أنت تقول إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ إِيَّاكَ نَعْبُدُ من المفترض أن هذا عهد، أو إرادة أو نيّة، هل تستطيع أن تمضيها أم لابد أن ربنا سبحانه وتعالى يعينك عليها؟ بدون إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ هل تظن أنه سيوجد إِيَّاكَ نَعْبُدُ
كم مرة شعر الإنسان أنه قادر على شيء واكتشف أنه عاجز عنه، كم مرة حدث الإنسان نفسه بشيء ثم ضعف عنه، كم مرة حدث الإنسان نفسه بشيء أنه يريد أن ينتهي عنه ويبعد عنه وأن ربنا سبحانه وتعالى لا يراه عليه مرة أخرى ووقع فيه ألف مرة !! بدون إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أبداً لن يكون إِيَّاكَ نَعْبُدُ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
الحمد لله رب العالمين
نحن بشكل موسمي نتكلم عن رمضان؛ وهذا شيء لا يصلح أن تتجنبه، لا لأنه يوجد معلومات جديدة تُقال، ولكن احتياج الإنسان الدائم للتذكير، وذكّر إن الذكرى تنفع المؤمنين، أكيد لن أقول أنه يوجد صيام في رمضان وأنه من الفجر للمغرب..
نحن ماذا ننوي أن نفعل؟ هذا هو السؤال، نحن ماذا ننوي أن نفعل؟ ورمضان ربنا سبحانه وتعالى منّ علينا به لماذا؟ ورمضان هذا لمن؟ لابد أن تكون هذه الأشياء واضحة، لأننا إن لم نضع أنفسنا ي إطار دائرة الناس الذين وضع لهم رمضان لن يوجد رمضان.
رمضان هذا وضع للإنسان الذي أخذ على نفسه العهد أن يمضي إلى الله، تعوقه صفات الضعف التي ينطوي عليها، وأمور محيطة به تكبله، والشيطان يقوى عليه ويعرقله، وهو يستمر في المحاولة طيلة هذه المساحة الزمنية، فنحن لدينا أحد عشر شهراً من المحاولة للمجاهدة في التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ثم ربنا سبحانه وتعالى يمنح الإنسان فرصة بأن من يكبله، أو من يضغط عليه يقيّد، وبالتالي الذي كان يعرقل كثيراً أو طاقته استنفذت في الصراع مع الشيطان يأخذ فرصة للجري، فإلى متى سيجري؟ إلى نهاية الشهر، وفي نهاية الشهر سيجده هناك، فسيمسكه مرة أخرى.
ففي نهاية الشهر الشياطين أنت تشعر بها، بدون الرؤية وليلة العيد،، أنت تشعر من شكل الشارع، عندما ترى الناس تشاجرت مع بعضهم، لأنهم محبوسين منذ فترة، وعندما تخرج تنتشر، فعندما تنتشر يظهر، فما المطلوب؟ ما المطلوب؟ أنني أستثمر الفرصة، أنا أتحرك تجاه ربنا، أرتقي للأعلى،، فأنا الآن في هذه النقطة، من المفترض حينما أطلق أكتسب أمرين، أولاً أنني تقدمت قليلاً، هذه المسافة التي تقدّمتها لا أرجع إليها مرة أخرى.
فهي مراحل الإنسان يأخذها تجاه ربنا، فهو من بداية الشهر لنهاية الشهر تقدم قليلاً، صعد درجتان، فصعوده الدرجتين هاتين جهاده مع الشيطان خلال الأحد عشر شهراً ألا ينزله الدرجتين، هو لن يصعد مرة أخرى لكنه لن ينزل الدرجتين.
ولو هو في رمضان ربنا كرم الواحد جدا في رمضان وكان يطير ممكن ممكن في غير رمضان يصعد درجة أخرى، إذا كان لديه قوة إيمانية حقيقية اكتسبها في رمضان تساعده يقدّم نفسه قليلاً.
فلماذا وضع رمضان؟ وضع للإنسان الذي غُلب لكي يستطيع أن يشتد ويجري قليلاً، إذا لم أتناوله هكذا، أو أنني قبل رمضان لم أكن هكذا، لابد أن أغيّر هذا.
يوجد كثير من الناس يتعاملوا مع رمضان بأنه شهر ربنا،، أما الأشهر الباقية، لا تعرف لمن،، هذه صورة.
الصورة الثانية: أنني شخص اكتسبت قدر كبير من السيئات خلال 11شهر فسأمسك زمبيل السيئات أفرغه لكي أملأه، سأفرغه في رمضان لكي 1 شوال أبدأ أملأه إلى رمضان القادم،، ليس هذا ما وضع له رمضان، فهذا لن يستفيد منه بشيء.
فإذا كنت أفكّر في رمضان هكذا، لابد أن أغيّر الفكرة وأنوي في علاقتي مع ربنا أنني سأغيّر شيء، أنا أريد أن أكون عبد لله سبحانه وتعالى بشكل دائم، وأستثمر النفحات الإلهية.
سيدنا أبو الدرداء يقول وهذه كلمات غاية في العظمة، – وطبعاً قلناها قبل ذلك مرة أو مرتين – يقول: ” التمسوا الخير دهركم كله ” ابحث عن الخير وتطلبه في حياتك كلها ” التمسوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات ربكم ” إذاً ” التمسوا الخير دهركم كله ” هذا هو البرنامج العام للشخص أثناء السنة، ويوجد فرص ونفحات إلهية ” وتعرضوا لنفحات ربكم، فإن لله عز وجل نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يؤمّن روعاتكم ويستر عوراتكم “
” التمسوا الخير دهركم كله وتعرضوا ” ما معنى أن الشخص يتعرض؟ ما معنى يتعرض للنفحات.
الآن فلان الفلاني هذا رجل حسن ومحسن ومتصدق وله عادة يوم العيد وهو قادم من صلاة العيد كل شخص يقابله يعطيه مالاً، فماذا أفعل؛ أتصدّر له، أتصدّر له هذه هي معنى التعرض، معنى التعرض لنفحات الله أنني أصدّر نفسي لها، أصدّر نفسي لها، ليس أنا المعطي، أنت حينما تصدر نفسك للرجل، هو الذي سيعطيك، أنت لن تستولي على المال ولن تأخذها من جيبه، ولكنك عرّضت نفسك لنفحة الخير أنها تصلك، ماذا تفعل؟ ستذهب تق أمام الرجل، ولن تقف تنظر له شزراً مثلاً، ولن تخرج حديدة وتقل له أخرج، لن تقل له هذا.
أنت ستقف مثل المسكين والمنكسر، فشكلك هذا يشفق عليك وبدلاً من أن يعطيك عشرة يعطيك عشرين أو بدل 5 يعطيك 10، نحن نفعل ذلك، هذا طبيعي
فالموضوع هكذا، ” التعرض للنفحة ” هو هذا المنظر، أنا أخرج للمكان الذي هو مصدر الخير وأقف وقة المسكنة التي تستوجب استنزال الرحمة، هكذا هي، ” فإن لله عز وجل نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ” وبعد ذلك يركّز: ماذا نطلب؟
قال أمرين؛ ماذا نسأل ربنا، يستر العورات ويؤمن الروعات، يستر عورات الإنسان ويذهب مخاوفه، لم يقل أمر آخر.
والنبي صلى الله عليه وسلم قال وهذا أيضاً أمر معروف ” إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن ” هذا أول أمر، وبناءً على التصفيد ” غلقت أبواب النار حتى لا يُفتح منها باب ” أبواب النار هذه: الأعمال الموصلة إلى النار، ما معنى تغليقها؟ أن إتاحتها قلت كثيراً، فأصبح قدرتي على مقاومتها أعلى كثيراً ” وغلقت أبواب النار حتى لا يُفتح منها باب ” تماماً ” وفُتّحت أبواب الجنة حتى لا يُغلق منها باب ” كل أعمال الخير ربنا سبحانه وتعالى ييسرها للإنسان، يسهُل عليه أن يتحرك لها، ما قبل ذلك كان أصعب والآن أسهل.
فما كان يتمنى أن يفعله، يستطيع الآن بسهولة أن يفعله، ” وينادي منادٍ؛ يا باغي الخير ” هذه فرصتك ” يا باغي الخير أقبل ” أما ” يا باغي الشر ” هذه فرصتك أن تتوب ” أقصر ” الأشياء التي كانت تدفعك لهذا المكان قلّت، بقدر من الإرادة يستطيع الإنسان أن يقاوم إذا استعان بالله تبارك وتعالى، شيء من الإرادة مع شيء من الاستعانة، والإرادة من المفترض أنها تُبنى أو يُعان على بنائها من خلال الصيام.
الصيام هذا؛ يقوي قدرة الإنسان على الامتناع، أو يوصل للإنسان رسالة بأنه يستطيع، فأنا مثلاً من الممكن أن يكون لدي مشكلة اعتقادي بأن إدماني على التدخين شيء يكسرني وأنا لا أستطيع أن انتهي، فأنا في المساحة الزمنية من كذا لكذا هذه أنا لا،، وطبعاً أول ما يؤذّن المغرب أنا آخذ السيجارة مع الشاي.
لكني عموماً أنا فهمت من خلال هذه الوقت، المساحة الزمنية الطويلة هذه أنني أستطيع أن أفعل هذا، سيتعبني لكنني لن أموت، أستطيع أن أفعل ذلك، وأن الإنسان إذا استعان بربنا وعزم على شيء، ولكنه لماذا يفعله؟؟ لأنني صائم ” لربنا ” لأن ما الذي يجعل الإنسان يصوم؟ أنه صائم ابتغاء مرضاة الله، إذن إذا أردت أن انتهي عن أي أمر، لابد أن يكون هذا الباعث قوي، أنني أفعل هذا لله، إذا كانت الأسباب صحية لن تأتي جيداً، ولكن هي لله، لابد أن يكون هذا الأمر لربنا، ابتغاء مرضاة الله فتأتي.
النقطة الأخيرة: الاستدراك؛ فرصة الاستدراك، أن الشخص ربنا سبحانه وتعالى يعينه أن يمسح الفائت، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال ” ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة ” كل يوم توجد فرصة للإنسان أن ربنا سبحانه وتعالى يُدخله في هذه الزمرة، هذه – الرقبة – ربنا يعتقها، تخرج خارج هذه الدائرة – دائرة النار – ربنا سبحانه وتعالى هو الذي سيخرجه هكذا، هو ماذا يفعل؟ يحاول أن يعرض نفسه لهذا، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل في العشرة الأواخر، قال في كل ليلة الفرصة متاحة من أول رمضان لآخرة الفرصة متاحة للإنسان أنه ربما ربنا سبحانه وتعالى ينظر إليه نظرة رحمة فيعتقه من النار، هو ماذا من المفترض أن يفعله، أو ما الحالة التي يهيئها لكي يفعل ذلك، هذا ما يحتاج الإنسان أن يفكر فيه.
الفضيل يسأل شخص؛ قال: كم أتت عليك؟ قال: ستون سنة، قال: أنت منذ ستين سنة تسير إلى الله يوشك أن تبلغ، فقال الرجل: إنا لله وإنا إليه راجعون، قال: أتعلم ما تقول، هل تفهم ما قلت، قال: قلت إنا لله وإنا إليه راجعون، قال: تعلم ما تفسيره، فنحن حينما نقول ” إنا لله… ” ما معناها؟ نحن ” إنا لله… ” عندنا نحن تساوي ” يا لهوي ” أو ” يا مصيبتي ” هذا عندنا نحن وعند الرجل نفس الكلام، فالرجل فزع عندما قال له ستين سنة من الممكن أنك سترحل، فالرجل قالها بناءً على التعريف المعجمي الشعبي لها وهو ” يا لهوي ” ، فقال له هي ليس معناها ” يا لهوي ” ولا ” يا مصيبتي ” فالرجل قال: فسّره لنا، قال قل لي ما تفسيره.
قال: قولك ” إنا لله ” فأنت لله عبد وأنت إليه راجع، فمن علم أنه عبد لله وأنه إلى الله راجع فليعلم أنه موقوف، وإذا علم أنه موقوف ليعلم أنه مسئول، قال تعالى وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ ومن علم أنه مسئول فليعد للسؤال جواباً، فقال له الرجل: فما الحيلة، أي ماذا أفعل؟ قال: يسيرة، تحسن فيما بقي فيغفر لك ما قد مضى وما قد بقي، فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي.
” قيل: يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية – في حديث ابن مسعود في صحيح البخاري – قال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما فعل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر، فالموضوع بسيط، كل شيء، وهذا من عظمة الدين، كل شيء وله حل، لا شيء ليس له حل، الإنسان في كل لحظات حياته إلى أن تبلغ الروح الحلقوم؛ الفرصة قائمة وباقية طيلة الحياة؛ فرصة العودة والإقبال على الله سبحانه وتعالى موجودة دائماً، ممتدة دائماً، لكن يوجد أوقات يتهيّأ فيها الأمر أكثر، إن لم يستثمر الإنسان الوقت سيدخل في الدائرة الثانية، والدائرة الثانية هذه خطيرة.
حينما تأتي إليك فرصة كبيرة أو نعمة أو منة إلهية، القبول له أثر وعدم القبول له أثر وهنا الخطر، المشكلة أن الموضوع ليس اختياري إن أخذته حسن وإن لم تأخذه لا شيء، لا
سيدنا جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم صاعد على المنبر كان يؤمن فسألوه، فقال إن سيدنا جبريل قال لسيدنا محمد ” من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله قل آمين، فقال صلى الله عليه وسلم فقلت: آمين ” المشكلة أن الفرصة محاسب عليها، محاسب عليها، من لم يأخذ الفرصة التي أتاحها له ربنا، سيدنا جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم قل آمين، فالعادي أن النبي صلى الله عليه وسلم لن يؤمّن على هذا الدعاء، فقال له: قل آمين، فقال: آمين.
لأنه جاءت له الفرصة أن يقترب وهو لم يأخذها، فلن يقف في مكانه، سيبعد، ولم يقل سيبعد، قال فأبعده الله،، هي ثقيلة ليست سهلة، فلتترك كل ما قلنا، الجملة نفسها صعبة.
الآمر بالجملة والداعي والمؤمن والحال، هو صاعد على المنبر يقول آمين، ثم يسأل ” آمين ” هذه على ماذا، فقال ” من أدرك رمضان فلم يغفر له ” إذاً فرصة المغفرة كانت متاحة جداً، لأنه لكي يكون المقابل ” فأبعده الله ” فالإنسان فعل شيء صعب جداً، ولكي تكون صعبة جداً، لابد أن تكون الفرصة كانت متاحة جداً، ” من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله، قل آمين، فقلت: آمين “
إذاً ام نريد أن نقول؛ أننا محتاجون أن نتعرض للنفحة وضبط توجهاتنا، هذا هو أساس كل شيء، أنا سأبحث عن ماذا؟ سأبحث عن أن ربنا سبحانه وتعالى يمحو تاريخ، يصلح قلب، يجعل المستقبل في علاقتي مع ربنا سبحانه وتعالى أفضل من الماضي، أن ربنا سبحانه وتعالى يمن على هذه – رقبتي – أن تخرج من المكان هذا – النار – لكي تدخل هذا المكان – الجنة – .
فنحن محتاجون أن نعيد تشكيل هذه المعاني لأن الموضوع في النهاية عبارة عن حالة، فالروح التي سيدخل بها الإنسان رمضان، وفي نفس الوقت الصلاة، الشيء الأساسي في الصلاة أننا نحاول أن نسمع قرآن أو نقرأ قرآن ونستثمر السجود، فالصلاة موضوعة لأجل ذلك، أن نسمع قرآن – ليس ننجز – فلا يوجد مقدار ديني لابد أن ننتهي منه، لا يوجد شيء كهذا، لا يجب أن نختم ختمة في الصلاة، هذه الأشياء نحن الذين اخترعناها فهذه غير موجودة، نحن محتاجون أن نسمع قرآن لكي نتجاوب مع القرآن نتجاوب مع الكلمات الإلهية، ومحتاجون أن يكرمنا ربنا ونستثمر السجود؛ ” أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ” نحن محتاجون هذا، كلنا محتاجون هذا، لعل ربنا يكرمنا، لعل ربنا يكرمنا.
نحن كمجتمع عموماً محتاجون لهذا، ورمضان عموماً يجعلك تشعر أن الدين شيء جميل، لأن من المفترض أن الناس كلهم يكون لديهم حالة من السكون – من المفترض – أكثر قليلاً، وشيء من الإحساس بالرحمة أكثر قليلاً – من المفترض – .
فرمضان من حكم ربنا فيه أن يجعلنا ننظر شكل الحياة حينما نكون أقرب لربنا كيف يكون، نقارنها بالحياة ونحن بعيدون، لذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول حينما يصوم الإنسان لابد أن يدع قول الزور والعمل به، فإن لم يفعل ذلك لا داعي لأن ينتهي من الطعام والشراب، يقول إذا سابه أحد أو قاتله يقول إني امرؤ صائم – عكس ما نفعل – من المفترض أن يفعل ذلك.
إذاً الصيام ماذا أثّر فيه، جعل يستطيع أن يسيطر على نفسه، لا يتجاوب مع أي استفزاز سلبي.
الارتباط بالقرآن، أن المساجد بها أناس يصلون، ويوجد قدر من التراحم ورغبة في الخير، والصدقة والإحسان، كل هذه الأشياء تكون موجودة، هل هذا المشهد أفضل أم ما قبله كان أفضل؟
فلماذا نختار المشهد الذي قبله على هذا !!! فهذا شهر كامل ليس يوماً، لماذا شهر؟ لكي يجعلك حينما تنتبه له تشعر بأثره، فرمضان لو كان يومين أو ثلاثة فلن تشعر بشيء مثلما دخل مثلما خرج، لكن شهر؛ تشعر أن الحياة بدى عليها شيء من التغيير أنت لمسته فكّرت به أو لم تفكّر، أنت لمسته تشعر بالحياة وأنت أقرب لربنا أفضل من الحياة وأنت بعيد، كفرد وكمجتمع، الحياة أفضل، الحياة أفضل.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين
اللهم بلّغنا رمضان، اللهم بلّغنا رمضان، اللهم بلّغنا رمضان، اللهم بلّغنا مما يرضيك آمالنا، اللهم بلّغنا مما يرضيك آمالنا.
اللهم خذ بأيدينا إليك، اللهم خذ بأيدينا إليك، أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم