Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

البر والإحسان

الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

قبل أن ألج إلى موضوع هذه الخطبة أذكر إلى حاجتنا الماسة إلى اغتنام هذه المنحة الإلهية وهذه الطيفة الربانية التي تتمثل  في هذه الأيام التي امتن الله عز وجل علينا بها، حيث ييسر الله عز وجل لعباده ما بين الفينة والفينة وما بين الحين والحين فرصاً ومنحاً ينيبون فيها إلى ربهم وينالون قربه سبحانه وتعالى ويحظون رضاه.

فإننا كأشد ما نكون وهناً وضعفاً، والله عز وجل العليم بنا الخبير بأحوالنا الرحيم بضعفنا وقصورنا وتقصيرنا، يهييء لنا هذه الفرص التي ييسر فيها أسباب الخيرات، ويكبل فيها المردة من الشياطين الذين يستطيلون علينا بفضل قوتهم وبسبب ضعفنا، فهو سبحانه وتعالى رحمة بنا يقبض عنا هؤلاء لكي ينطلق منا إلى رضوان الله عز وجل ورحمته من كبله شيطانه في غير ذلك من الأيام.

ولذلك قال جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : خاب وخسر من أدرك رمضان  فلم يغفر له. ويكأنه ليس له حينئذٍ ثم عذر عند الله تبارك وتعالى، فقال جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم : قل آمين، قال صلى الله عليه وسلم : آمين.

فلا نحب ولا نرضى لأنفسنا أن ندخل في إطار هذه الدعوة وفي إطار هذا التأمين الذي هو مستجاب لا محالة مقبول قطعاً من الله عز وجل فنسأل الله عز وجل ألا يجعلنا من هؤلاء الذين دعا عليهم جبريل عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيبة والخسران.

كنا في جمعتنا قبل قبل الماضية نتحدث عن واجب هذه الأوقات، وعما ينبغي علينا أن نتحلى به في ظل هذه الأيام في ظل هذه الظروف وذكرنا معلما أساسياً وهو : حسن الظن بالله عز وجل, وأن ينأى العبد المسلم كل النأي وكل البعد عن اليأس والقنوت والتطير والتشاؤم، فإن هذا على خلاف ما ينبغي أن يكون عليه أهل الإيمان الواثقون في ربهم تبارك وتعالى وفي مَنِّه وفي فضله وفي كرمه وفي رحمته، والذين لا يتهمون ربهم عز وجل فيما يقضيه أو فيما يقدر لهم بل هم على يقين أن الله عز وجل لا يقضي ولا يقدر لعباده المؤمنين إلا كل خير بر ورحمة علمنا ذلك أو لم نعلم، أدركنا ذلك أو لم ندرك وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُون يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ-من رحمته- إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ

في كتاب الله أيضاً وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ فصفة أهل الإيمان على عكس هذه الصفة

الاستبشار والأمل الدائم في رحمة الله عز وجل وفي قضائه وقدره وتقديره..

ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حالٍ في كل أمر حسن الظن بربه عز وجل وفي قضاءه وفي تقديره

وقد تقدم معنا قبل ذلك قول ربنا تبارك وتعالى في الحديث القدسي ( أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء ) وذكرنا أننا بهذا الذين نحدد مصيرنا لأننا إذا أحسنا الظن بربنا تبارك وتعالى وأتبعنا الظن الحسن بما ينبغي أن يتبعه من العمل الحسن والخلق نلنا بفضل الله عز وجل وفضله وكرمه ما أردناه من ربنا، وإذا كنا بعكس ذلك نلنا عياذاً بالله عكس ذلك.

لذلك لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة معتمراً ومنعته قريش، ثم أرادت أن تبرم معه صلحاً وعهداً ومفاوضة جعلت ترسل إليه الرجل تلو الرجل، فلما أرسلت إليه سهيل بن عمرو الذي أبرم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلحه وعهده، وكان في ظاهره تضيقاً وذلّاً وفي حقيقته فتحاً ورحمة.

عاد الصحابة رضي الله عنهم من مكة وقد أصابهم الحزن منعوا من العمرة ومن الطواف ببيت الله عز وجل بعد سنوات من الحرمان وسنوات من الشوق إلى هذا المحل الطاهر ،

وقد أبرموا صلحاً يبدو عليه أنه قد لحقهم به الذل والهوان وبين هم كذلك إذ أنزل الله عز وجل واصفاً هذا الصلح نفسه الذي رأيناه نحن ذلاً ومهانة قال تبارك وتعالى : إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ۝ لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ۝ وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا قال عمر يا رسول الله أفتح هو. قال : نعم.

فلما جاءه سهيل بن عمرو فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الآن سهل لكم أمركم.

وقال صلى الله عليه وسلم في حديث في صحيح مسلم قال : رأيت الليلة أننا في دار عقبة بن رافع وأنا أوتينا بتمر من تمر ابن طاب – اسم تمر من تمور المدينة – يقول : فأولت ذلك الرفعة لنا في الدنيا والعاقبة الحسنة في الآخرة رأيتنا في دار عقبة بن رافع فأولها برفعة الدنيا وعاقبة الآخرة الحسنة وأولتها أن ديننا قد طاب أي قد كمل وتمهدت قواعده واكتملت أصوله قال الله تبارك وتعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فكانت عقبة بن رافع رفعة وعاقبة حسنة وكان تمر بن طاب طيباً للدين واكتمالاً له, ثم ذكرنا أن علينا أن نتبع حسن ظننا بحسن عملنا وأنه ما يكون ظنُ حسن إلا بعمل حسن فالإنسان يعمل بمرضاة الله وينتظر ثواب الله عز وجل وفضله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ وأولئك فقط أُولَئِكَ  يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ فكانت علامة رجاءهم وثقتهم حسن عملهم, ولذلك قال الحسن البصري إن قوماً تركوا العمل وقالوا نحسن الظن بالله وكذبوا لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل, ثم ذكرنا في خطبتنا التي تليها عما أوصانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم إزاء المجريات والأمور العامة فأوصانا صلى الله عليه وسلم إذا كان ثّم فتنة وصراع على الدنيا واقتتالٌ عليها أن نعتزل المقتتلين جميعاً وأن هذا هو الذي يدرء الفتن وهو الذي يحفظ الدماء والأموال, فذكرنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يهلك الناس هذا الحي من قريش ” هؤلاء الشباب من شباب قريش الذين يتنازعون على الإمارة والملك والخلافة يهلكون الناس بما يثيرون من فتن واقتتال, فقالوا يا رسول الله بماذا تأمرنا قال : ” لو أن الناس اعتزلوهم ” فلو تركوهم لم يجدوا وقوداً للصراع والاقتتال وهذا من فضل الله عز وجل ومنته ورحمته أن جعل في أصول شريعته أن تدرء الفتن والمفاسد بأقل ضرر وأقل درء إذا كان درء الشر يكلف درهماً فلا ننفق فيه ديناراً وهذا من عظيم شريعة الله عز وجل ومن عظيم يسر وسماحة هذه الشريعة الدفع بالأسهل هذه قاعدة من القواعد التي قررها علماء الأصول والقواعد أن من قواعد الشريعة الدفع بالأسهل أنك لا تتطرق إلى الأمر الأشد أو الأعظم إذا كان يمكنك أن تحقق غايتك ومقصودك بما هو أسهل وأيسر من ذلك.

وذكرنا كيف رسم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم طريقنا إذا تسلط على الناس الفجرة والظلمة والمفسدون فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أتباعه من المؤمنين ألا يكونوا عوناً ولا ركناً ولا سنداً لهؤلاء الظلمة لكي لا يتمكنوا بأعانتنا لهم من أن يستطيلوا ويبطشوا لأنهم لا يتمكنون من ظلمهم إلا إذا كان منا وفينا ومن يننا من يعينهم ومن يساعدهم على شرهم وعلى ظلمهم لذلك لما ذكر الله تبارك وتعالى فرعون قال فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ إذن إذا لم يكن ثم ركن يرتكن إليه وقوة يستند إليها ما كان له أن يتجبر أو أن يبطش ولذلك قرن الله عز وجل هامان والجند مع فرعون في الخطأوالخطيئة إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ لأنهم إذا لم يكن ثم جنود لم يكن لهؤلاء قدرة على التسلط على عباد الله وذكرنا أن الحامل لمن يدخل في عون هؤلاء منا إنما يحملهم على ذلك قلة الثقة بالله عز وجل وبأن هؤلاء هم الذين يملكون مقاليد الأمور وأنه إذن لم تتدخل في طاعة هؤلاء منعوك رزقك الذي قدره الله عز وجل لك وربما تسلطوا عليك بأذى وإيذاء وهذا نسيان منا بأن الأمر كله بيد الله عز وجل لا يملك عبد لعبد دفعاً ولا ضراً قال صلى الله عليه وسلم معلماً ابن عمه عبد الله بن عباس وكان إذ ذاك غلاماً صغيراً رديفاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الدابة قال له : ” يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ ” هكذا يعلمون صبيانهم الصغار وهذا قصور أيضاً وتقصير منا في حق أنفسنا وفي حق أبنائنا وفي حق ذراريينا الذين نهمل في تعليمهم هذه الأصول وهذه الأركان وهذا الإيمان الذي ينفعهم والذي يعتمدون عليه حينما يواجهون هذه الحياة بلأوائها ومتاعبها وصعوبتها يقول لهذا الغلام الصغير قال : ” يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ ” الناس جميعاً ” لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ ” أي شيء مهما كان صغيراً حقيراً ” لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ ” ما قدره الله عز وجل كائن لا محالة وفي مقابل ذلك إذا كان أميرُ أو سلطانُ يسعى لصلاح أو إصلاح أصبح من الواجب علينا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعينه لإقامة حق ودفع ظلم وشر وفساد إذا كان صادقاً في إقامة حق أو ساعياً إلى إقامة عدل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” الدِّينُ النَّصِيحَةُ, قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ : لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ “وذكرنا فيما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل رضي لنا ثلاثاً فذكر منها ” أن تناصحوا من ولاه الله أمركم ” هذه النصيحة هي الإعانة في الخير والتصويب والتوجيه والإصلاح والتعديل إذا كان ثم انحراف أو كان ثم اعوجاج.

واليوم نتلكم عن البر والإحسان, نحن ذكرنا أن علينا عملاً واجباً من أعظم هذا العمل الواجب, الإحسان إلى عباد الله عز وجل خاصة إذا كنا في وقت تشتد فيها حاجات الناس وتعظم فيه معاناتهم ولا يجد أكثرهم ما يقيم به صلبه, يقول جرير بن عبد الله البجلي والحديث في صحيح مسلم قال : ” كنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ قَالَ فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوْ الْعَبَاءِ ” العبايات اللي لابسنها عبايات متقطعة فهما مرقعنها ” مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنْ الْفَاقَةِ ” لما رأى صلى الله عليه وسلم مشهدهم ورأى كيف حالهم كما وصفهم جرير رض الله عنه ” حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوْ الْعَبَاءِ  ” تغير وجهه وأصابه الضيق, تمعر وجهه وتغير وتلون ضيقاً وحزناً  ” فَدَخَلَ ” لم يطق رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبقى ناظراً إلى هذه المعاناة وإلى هذه الآثار لهذه المعاناة على هذه الثياب وهذه الوجوه ” فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ذكرهم بإخوة الإنسانية الخلق, وإخوة الرحم والصلة, ثم تلى قوله تبارك وتعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ذكرهم بلقاء الله عز وجل وأنهم موقوفون مسئولون عن هؤلاء الفقراء وهؤلاء المساكين ثم قال صلى الله عليه وسلم : ” تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ مِنْ دِرْهَمِهِ مِنْ ثَوْبِهِ مِنْ صَاعِ بُرِّهِ مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ حَتَّى قَالَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ” أي شئ بسيط يسير مما ينفق به العبد يتقبله الله عز وجل أحسن التقبل فهو صلى الله عليه وسلم يعلم أنه أصلاً يخاطب فقراء مساكين, هم أهل المدينة أصلاً كانوا من جملة هؤلاء لكن هؤلاء الذين أتوا كانوا أشد فاقة وفقراً واحتياجاً يقول جرير : ” فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا بَلْ قَدْ عَجَزَتْ ”  مش قادر يشلها ” فوضعها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم – ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ ” لما رأوا هذا الرجل قد أسرع لهذه الصدقة تتابع الناس إلى الصدقة والبر والإحسان.

ولذلك جاء في رواية أحمد مزيد تفصيل فيها ” أن الناس قد أبطأوا ” يعني هو صلى الله عليه وسلم قد صعد وخاطبهم وحثهم وشجعهم لكنهم تراخوا وأبطأوا لفقرهم وفاقتهم فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورؤي ذلك في وجهه لأنهم قد أبطأوا وتأخروا عن الصدقة على هؤلاء الفقراء المحتاجين الذين أتوا من سفر بعيد ” ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ ” كأنه قطعة من الذهب تتلألأ ثم قال : ” مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ” فقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضيلة هذا الرجل من الأنصار, الذي أسرع إلى استجابة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصيحته ووصيته, فكان بإسراعه إلى هذا الأمر قد سن لمن تبعه من الناس سنة حسنة وهي الإسراع والمسارعة إلى الخيرات, وبين النبي صلى الله عليه وسلم في مقابل ذلك أن من سن للناس سنة سيئة في التقاعس عن الخير أن عليه وزر فعله ووزر من تبعه في قصوره وتقصيره, كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ۝ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ, فإذاً رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أحس أولاً بفقرهم وفاقتهم وحاجتهم, فالإحسان فرع الإحساس, إحساس الإنسان بمعانة الخلق, إحساس الإنسان بشدة حاجتهم, تأثر الإنسان بهذه الحاجة وهذه الفاقة, هو الذي يحمله على المسارعة إلى البر والإحسان, وهاهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يملك من المال ديناراً ولا درهماً, لكنه وضع نفسه في مقام الحث والحمل والتشجيع لأصحاب الأموال على أن ينفقوا من أموالهم, ربما أنا لم يكن لدي مال أحسن به إلى الخلق لكن ربما لدي جاه أو لدي علاقات بالأثرياء من الخلق تحملني على أن أحث هؤلاء على الخير والبر والإحسان, ولذلك كنا جميعاً مشاركين في هذه الأمانة وفي هذا العبء وفي هذه المسئولية ملكنا أموالاً أم لم نملك, لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اشفعوا تأجروا ويقضي الله على لسان رسوله ما يشاء ” ,

 أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ،،,

الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا الظالمين, يقول أنس بن مالك رضي الله عنه والحديث في البخاري :  ” أصابت الناس سنة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ” سنة أي قحط وشدة ” فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ يَسْقِيَنَا قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَمَا فِي السَّمَاءِ قَزَعَةٌ ” قزعة أي سحابة صغيرة كأصغر ما تكون, يقول : ” فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا ” أي ما وضع يديه ” حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَمِنْ الْغَدِ وَبَعْدَ الْغَدِ وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى وَقَامَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ قَالَ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا ” اجعل المطر حول المدينة وليس ( فيها ) ” فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ ” تراجعت بعيداً عن المدينة ” وَصَارَتْ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ ” الحفرة الواسعة المستديرة ” حَتَّى سَالَ الْوَادِي وَادِي قَنَاةَ ” وادٍ في المدينة ” حَتَّى سَالَ الْوَادِي وَادِي قَنَاةَ شَهْرًا قَالَ فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ ” أي  بكثرة المطر في كل ناحية فها هو رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وهو يخطب في يوم الجمعة والناس في ضيق وجدب وقحط, فقد كان الناس في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كذلك يصيبهم ما يصيب الناس من الجدب والقحط والضيق مصداقاً لقوله تبارك وتعالى وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۝ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۝ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ لابد أن يصيب العباد كل العباد شيء من هذه البلايا لكي يتوبوا وينيبوا ويرجعوا إلى ربهم عز وجل ولكي تتعلق قلوبهم بجنة الله عز وجل إذ لو كانت الدنيا فيها كل ما يبتغيه العبد ويطلبه ما التفت إلى الجنة ولا عمل لدار الآخرة, فقام هذا الأعرابي يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم دعائه فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وهو على المنبر فاستجاب الله عز وجل له, فمطروا أسبوعاً كاملاً مطراً شديداً حتى يقول أنس والرواية في مسند أحمد يقول بعدما رأوا هذا المطر ” حتى كان يهم الشاب القوي القريب الدار أن يعود إلى أهله ” المطر شديد بعد صلاة الجمعة، مش عارفين يروحوا اللي بيته قريب مش بعيد قاعد يفكر ازاي هيطلع من الجامع يروح البيت من شدة وقوة هذا المطر الذي منَّ الله عليهم به, فبقوا على ذلك أسبوعاً كاملاً حتى قام ذلك الرجل أو غيره يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم  أن يدعو الله تعالى أن يمسك عنهم ذلك المطر, لأنه إذا زاد عن حد معين فإنه يتحول من إنعام إلى إغراق, فيقول: ” يا رسول الله تهدم البناء ” البيوت الضعيفة لا تتحمل ” وغرق المال فادعوا الله لنا ” وفي رواية أخرى عند البخاري أيضاً ”  أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ بَابٍ كَانَ وِجَاهَ الْمِنْبَرِ” يعني في مقابلة منبر النبي صلى الله عليه وسلم ” وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْمَوَاشِي وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ اسْقِنَا اللَّهُمَّ اسْقِنَا اللَّهُمَّ اسْقِنَا قَالَ أَنَسُ وَلَا وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةً وَلَا شَيْئًا وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ ” جبل من جبال المدينة ” مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ ” يعني هو قريب كده منه شيفه والسماء صافية ” قَالَ فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ ” الترس مثل الدرع ” فَلَمَّا تَوَسَّطَتْ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ ثُمَّ أَمْطَرَتْ فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ فِي الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِمًا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْأَمْوَالُ وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ قَالَ فَأَقْلَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ ” فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم  فزع إليه الناس من القحط والبلاء والشدة, فزعوا إلى ربهم وإلى رسولهم صلى الله عليه وسلم ليدعو الله عز وجل أن يفرج عنهم, فالخير كل الخير بيد الله عز وجل لا بيد غيره وإذا لجأ العباد إلى ربهم تبارك وتعالى صادقين مخلصين فلابد أن يجيبهم ربهم تبارك وتعالى فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ۝ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ۝ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ۝ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا, وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا   رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع خطبته وهي في المكان في الإسلام في المحل الأقدس الأعظم, قطع خطبته وترك الكلام فيها ورفع يديه مباشرة متوجهاً إلى ربه عز وجل سائلاً مخلصاً فأجابه الله عز وجل إجابة حاجات هؤلاء الناس وفاقتهم أهم عنده صلى الله عليه وسلم من أن يتم خطبته ففي المرة الأولى كان النبي صلى الله عليه وسلم حاثاً مشجعاً وفي المرة الثانية كان لربه عز وجل سائلاً داعياً وهو في المرتين لم ينفق من جيبه ديناراً ولا درهماً لكنه كان صلى الله عليه وسلم أعظم السبب في جلب الخير ودفع الشر والفساد والأذى والضيق الحرج عن عباد الله.

ثم نختم بحديث رفاعة رضي الله عنه في صحيح مسلم وهو عجب من العجب يقول : ” انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ رَجُلٌ غَرِيبٌ جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ ” وهو على المنبر قائم يخطب الناس ينصحهم ويعظهم فجاءه جاءٍ وسأله سائل وقال يا رسول الله ” رَجُلٌ غَرِيبٌ ” أتى من بعيد ” يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ ” تكبد هذه المشاق لكي يعرف حق الله عز وجل عليه ” لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ ” يقول: ” فَأَقْبَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ ( نزل من على المنبر ) حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ يُعَلِّمُنِي مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ أَتَى خُطْبَتَهُ فَأَتَمَّ آخِرَهَا ” ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس جلوساً, هذا الرجل جاء يسأل عن دين, ماذا كان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم  على منبره؟ ألم يكن يقل ديناً ألم يكن يعلم الناس ديناً, فلماذا لم يقف على منبره ويكمل خطبته ويوجه خطابه للرجل وللناس من حوله فينتفع وينتفعون؟ ما كان يحتاج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل عن منبره, بل ينتفع الرجل وينتفع الناس معه, هم كذلك سوف يسمعون, لكنه يريد صلى الله عليه وسلم أن يولي هذا الرجل اهتماماً وعناية يستحقها لأنه أتى من مكان بعيد يريد أن يتعلم مما علمه ربه تبارك وتعالى فترك خطبته وجلس يكلم هذا الرجل ويعلمه مما علمه الله.

ثم لما انتهى والناس جلوس ينتظرون رسولهم صلى الله عليه وسلم أن ينتهي من توجيهه وتعليمه ثم أتى خطبته وأتم آخرها ثم صلى صلاته صلى الله عليه وسلم, ترى ما وقع هذا الفعل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلب هذا الرجل الغريب الذي أتى يسأل عن دينه, هو يقول أقبل على وترك خطبته هو الرجل نفسه الذي يفصح عن الأمر ويتعجب من إحسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وبره وفضله به, أنه ترك الناس الذين يخاطبهم وترك خطبته وترك هذا المقام العظيم الذي أقامه الله – عز وجل – فيه ونزل وجلس على كرسي يخاطب هذا الرجل ويشافهه ويعلمه ليتيقن صلى الله عليه وسلم أن حجته قد انتهت إليه, ثم لما انتهى عاد إلى خطبته فأم آخرها, في البخاري حديث أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حينما يلقاه جبريل فيدارسه القرآن, فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.

اللهم اغفر لذنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا

اللهم تقبل من الصيام وتقبل منا القيام. اللهم تقبل من الصيام  الله متقبل منا القيام

اللهم وفقنا لصيام رمضان والقيام، اللهم تقبله منا

اللهم أجرنا من النار.

اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.

اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.