إن الحمد لله نحمده ونستعينه ،ونستهديه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله ، فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد……
قال تعالى معقبا على قصة بني نضير أهل الخيانة الذين أرادوا برسول الله صلى الله عليه وسلم شرا وسوءا وأرادوا قتله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ، فالله سبحانه وتعالى أمرنا بتدبر هذه الحال وبتدبر ما جرى لهؤلاء القوم لنأخذ من ذلك العظة والعبرة فالله عز وجل ندب وأوصى أولي الأبصار أصحاب البصائر والعقول أن يتذكروا وأن بتدبروا وأن يأخذوا العبرة من الأحداث التي تجري حولهم والتي سبقت زمانهم لكي لا يقعوا في ما وقع فيه أهل الضلال وأهل الشقاء وأهل الهلاك لذلك قال الله تعالى في ختام سورة يوسف معقبا على هذه القصة العظيمة لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب فالله عز وجل دائما يذكر العظة ويذكر العبرة ولكنها تقيد بالبصر وبالبصيرة وباللب وبالعقل كما قال تعالى مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ فالله عز وجل يضرب الأمثال للعالمين ولكن ينتفع بها ويعقلها أهل العلم وأهل البصيرة نسعى ونجهد وندعو الله عز وجل أن يوفقنا أن نكون من هؤلاء فنحن نسعى للأخذ بأسباب هذا والتوفيق من الله واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم, وعلم آدم الأسماء كلها, وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما, فالعلم من الله والفهم من الله والفقه من الله عز وجل يؤتيه من يشاء, من يرد الله به خيرا يفقه في الدين, ولذلك دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس بهذه الدعوة العظيمة قال اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل, أن يفقه تأويل وتفسير معاني كتاب الله عز وجل الذي هو أعظم الكلام وهو النور والهداية والشفاء فأول هذه العظات.
والعبر التي نأخذها من أيامنا التي مضت أن لهذا الكون إله قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ
فهذا الكون لا يسير هكذا بلا تدبير وبلا حكمة وبلا هيمنة بل هذا الكون محكوم بأمر الله مدبر بتدبيره سبحانه وتعالى لا تتحرك ذرة من مكانها إلا بعلمه وإذنه ومشيئته وقدرته سبحانه وتعالى, قال تعالى أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ثم عقب تعالى فقال أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
فالله عز وجل قسم الناس إلى قسمين, شخص يمشي سويا أي معتدل القامة على صراط مستقيم في طريق واضح راحب واسع بيّن يعرف معالم طريقه يسير فيه على هدى وعلى بصيرة وهم أهل الصراط المستقيم وذكر أقواما آخرين يمشون قي طرق ملتوية معوجة وهم مكبون على وجوههم ينظرون أسفل منهم لكي يتجنبوا عواثر هذا الطريق, فأول أمر أن نعيه حق الوعي أن هذا الكون مدبر بإرادة الله عز وجل, قال الله عز وجل: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا . الله عز وجل يذكر أنه خلق هذا الكون العظيم كله, خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر القدري والشرعي من الله عز وجل من السماء إلى الأرض يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين, غاية هذا الخلق يجملها الله عز وجل في هذه الكلمات, يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما, فالله عز وجل إنما غايته من هذا الخلق كله أن يتحقق عندنا هاتين الكلمتين وفقط, علم الله عز وجل المحيط بكل شيء وقدرة الله عز وجل الذي لا يعجزها شيء قال تعالى: وهو القاهر فوق عباده قال سبحانه وتعالى هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر
فالله عز وجل وصف نفسه بهذه الصفة وسمى نفسه بهذا الاسم هو المهيمن على هذا الكون بكل من فيه وبكل ما فيه سبحانه وتعالى, قال تعالى وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ
الله عز وجل يخبر نبيه صلى الله عليه وسلم ويقول له إن الله عز وجل قد أحاط بالناس هم في قبضته وحد سلطانه سبحانه وتعالى لا يملكون خروجا من هذا، يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران فبأي آلاء ربكما تكذبان, لا تحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون, أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون, فالله عز وجل قد أحاط بخلقه جميعا هم جميعا في قبضته يدبرهم كيف يشاء
الأمر الثاني: قال تعالى إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ كل شيء يجري في هذا الكون إنما يجري بتقدير الله عز وجل لا يتقدم شيء عن أجله ولا يتأخر عن أجله وإن الله عز وجل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل لا يعجل لعجلة أحدكم ، فالله عز وجل من أسمائه أنه الحليم لا يتعجل لعجلة الناس قال تعالى: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ إن الله عز وجل لما خلق القلم قال له اكتب قال رب وما أكتب قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة إن الله عز وجل كتب مقادير كل شيء قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس في ختام وصيته صلى الله عليه وسلم له قال رفعت الأقلام وجفت الصحف جف القلم بما هو كائن من علم الله عز وجل كما قال صلى الله عليه وسلم جف القلم بما أنت لاق ، ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور.
فالله عز وجل يدبر ملكه كيفما شاء سبحانه وتعالى ويقضي في أمره بما يشاء ولكل شيء قدر مؤجل وأجل محتوم لا يتقدم عنه ساعة ولا يتأخر لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ، ولو ترى إذ فزعوا –حينما بغتهم عذاب الله- فلا فوت وأخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب.
الأمر الثالث: الذي تعلمناه في هذه الأيام أن هناك قيمة ، معنى يستحق أن يضحي الإنسان من أجله لقد غرس هؤلاء الناس في نفوسنا على مدى سنوات طويلة مبدأ وثقافة يهود الذي سطره الله عز وجل في كتابه فقال: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ، فوصف الله عز وجل هؤلاء اليهود بأنهم حريصون على حياة, ذكرها الله عز وجل تنكيرا لا تعريفا أي هم حريصون على البقاء في هذه الحياة حريصون على إطالة أعمالهم فيها أي كان شكل هذه الحياة, حياة تليق بكرامة الإنسان أو لا تليق, تليق بتكريم الله عز وجل له أو لا تليق, حياة ترقى أن تكون حياة إنسانية أو تكون حياة بهيمية هذا لا يؤثر في الأمر شيء, هم يريدون أن يحيوا وفقط لكننا تعلمنا في هذه الأيام أن هناك معنى يستحق التضحية من أجله وأن هناك حياة موصوفة يستحقها الإنسان بتكريم الله وتستحق أن يبذل الإنسان دمه ومهجته من أجلها حياة تناسب كرامة وحرية وتكريم الله عز وجل للإنسان هم أرادوا أن يوئدوا في الناس هذه المعاني لكن أراد الله عز وجل أن يعيد بعث هذه المعاني في القلوب.
مررت في أحد أيام هذه الحركة على طريق البحر فوجدت شبابا وفتايات في سن (16-17) هذا السن الذي نعرفه نحن بشكلهم وهيأتهم وأزيائهم وملابسهم التي لا تنتمي إلى أمتنا وإلى حضارتنا وإلى تاريخنا في شيء هذا الشعر هكذا واللبس الذي نعرفه ومظهرهم وحالهم أن هؤلاء ربما لا يكونون يصلون لله عز وجل ركعة هؤلاء يرسمون صورا لشباب وفتايات قد ماتوا ويكتبون على الحائط شهداء 25 يناير, هذه الكلمة كادت أن تمحى من ذاكرتنا بالكلية كلمة الشهادة.
الشهادة تعني أن يقدم الإنسان نفسه وروحه فداءا لقضية ويكتب بدمه شهادة له أنه مخلص لهذه القضية هناك شيء في هذه الحياة يستحق من المواطن المصري أن يضحي من أجله أن يقدم روحه في سبيله كادت هذه المعاني أن تزول بالكلية فقدر الله عز وجل أن تبعث هذه المعاني من جديد ولو بهذه الصورة ولو بأيدي هؤلاء الشباب لأن هذه المعنى لابد أن يعود في يوم ما إلى صورته الأصيلة إلى صورة الشهادة التي سطرها الله عز وجل في كتابه والتي سار عليها أصحاب رسول الله صلى الله عليه سلم.
نقطة أخرى بفضل الله عز وجل وبفضل هذه الأحداث التي شملت بلدان عديدة والتي لازالت إلى لحظتنا هذه تتساقط فيها الدماء الزكية لتروي تربة الحرية وتربة الكرامة وتربة الإنسانية أننا نقدم للناس كل الناس نموذجا حقيقيا للتضحية في سبيل قضية.
هؤلاء الغربيون الذين ما فتئوا يستطيلون علينا بهذه المعاني الحرية والعدالة والمساواة لم يقدموا نموذجا واحدا كما قدم المسلمون في هذه الأيام.
هم نصبوا تمثالا وصنما للحرية في بلادهم لكنهم هم أنفسم الذين أرادوا لنا ألا نعيش في الحرية أو بكرامة، هم الذين يسلطون هؤلاء الظلمة علينا لكي يسوموننا سوء العذاب وهو أنفسهم الذين يتحدثون دائما عن حقوق الإنسان والحرية والعدالة لكن الحرية عندهم هي حرية المواطن الغربي وفقط أما نحن عندهم فليس لنا وزن ولا قيمة.
ونحن من علمناهم حقيقة الحرية كما قال ربعي بن عامر رضي الله عنه: (نحن قوم ابتعثنا الله عز وجل لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد)
وقال عمر رضي الله عنه لعمرو بن العاص: (متى استعبدت الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)
عاد الأمر لما كان ينبغي أن يكون عليه وهؤلاء العرب هم معدن الإسلام وأصله كما قال معاوية رضي الله عنه: (يا معشر العرب إن لم تقوموا بهذا الدين فغيركم حرى ألا يقوم به)
فهذا هو بإذن الله ارهاص لخير اراده الله عز وجل بهؤلاء العباد واراده الله عز وجل بهذه الأمة.
أمر آخر قول الله عز وجل: قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ، وقال تعالى: أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ
ظنوا أنهم يملكون مقاليد كل شيئ وأنهم يسيطرون كامل السيطرة على مقاليد كل شئ فأتاهم الله عز وجل من حيث لم يحتسبوا وخرجت الحركة من حيث لا يدرون ومن حيث لا يشعرون، دفع الله الناس أفواجا تلو أفواج بصورة لم يتمكنوا من أن يوقفوها.
ثم قال تعالى: وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ، هؤلاء بأفعالهم التي فعلوها هم الذين أسقطوا أنفسهم لم يسقطهم الناس، لقد فعلوا كل الأفعال التي تظهر حقيقة ما في نفوسهم الي تتجعل الناس يرتابون في وعودهم، وتجعل الناس لا يأمنون مكرهم وكيدهم، هم بأفعالهم هم أسقطوا أنفسهم.
وهكذا الإنسان حينما يصير عاريا من توفيق الله عز وجل، إذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده.
فالعبد الموفق هو الذي يوفقه الله عز وجل ويسانده، والعبد المخذول هو الذي يكله الله عز وجل إلى نفسه، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شاني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين) بهذا المقدار اليسير طرفة عين يخشى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكله الله إلى نفسه فيهلك، فإن الله عز وجل إذا وكل العبد إلى نفسه وكله إلى ضعف ونقص وسوء تدبير.
ولذلك كنا نسمع أحيانا دعاء على الكفار يقال فيه: (اللهم اجعل تدبيرهم تدميرهم) هذا الذي حدث يمثل هذا المعنى حقيقة، أن يكون التدبير نفسه الذي يدبره الإنسان هو الذي يؤدي إلى تدميره.
أمر آخر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) فهذا الإملاء وهذا الإمهال ليس غفلة، قال تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء، فهذا الإملاء وهذا الإمهال من الله عز وجل ليس علامة على النسيان –حاشا لله- وإنما كما قلنا كل شي له أجل مقدر وكل شخص من هؤلاء الظالمين لك كيل وله ميزان، يتراكم كما تتراكم الذنوب والخطايا حتى إذا وصل إلى منتهاه أخذه الله عز وجل، عندما يطف الميزان ويطفح الكل يكون أخذ الله عز وجل أخذ عزيز مقتدر.
قال الله عز وجل: فَحَشَرَ فَنَادَى ، فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ، فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى.
يقول العلماء في تفسير هذه الآية: (الآخرة) هي الدار الآخرة و(الأولى) هي دار الدنيا، أي عذاب الدنيا وعذاب الآخرة وقدم الآخرة لأن عذابها الأعظم والأشد.
وقالوا في التفسير أيضا: (الآخرة) أي الكلمة الآخرة وهي (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) و(الأولى) قوله: (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي)، قال بن عباس: كان بين هاتين الكلمتين أربعين سنة، فأمهله الله عز وجل بعد تلك الكلمة أربعين سنة حتى وصل إلى تمام الطغيان فحشر جنده فنادى فيهم وصاح وخاطبهم فقال: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) فأخذه الله بفاء التعقيب والسرعة (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى).
ففي قوله: (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي) هو هنا لا يدعي الجزم ولكن يدعي غلبة الظن هو في حدود علمه وإدراكه لا يعلم لهم إله غيره، والإله هو الذي يتوجه إله الناس بالطاعة والعبادة، أما الرب فهو الذي خلق ورزق والذي يستحق بخلقه ورزقه هذا العبادة فهو في الأولى لم يدعي الربوبية وإنما إدعى الألوهية على علمه وظنه، ومن أجل الموضوعية يريد أن يبني صرحا لكي يطلع ويتأكد أنه ليس هناك إله غيره وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ، أما في الأخرى فقال: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) باستحقاق هذا الأمر وإن كان موسى عليه السلام يدعي أن له رب في السماء فأنا الأعلى أن فوق هذا الإله المدعى الذي يدعيه موسى عليه السلام، (فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى)وقال تعالى: وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ
كما قال عز وجل عن قارون عندما خرج على قومه في زينته، هو لم يكتفي بكفره وممالأته لفرعون وهامان كما قال الله عز وجل: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ، إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ، الحكم والوزارة والمال هؤلاء الثلاثة.
فقارون كان من قوم موسى فبغى عليهم ووالى فرعون ضد قومه وجحد أنعم الله، ولم يكتفي بهذا بل أراد أن يضل الناس وأن يفتنهم، فقال الله تعالى: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ، هؤلاء الذين ارتكن إليهم لم ينجوه ولم ينصروه، وما كان هو من المنتصرين بنفسه.
نقطة أخيرة: أن هذه التغيرات التي تحدث هي نتاج تاريخ طويل من التضحيات يقدمه الناس جيل بعد جيل كما أن الإملاء نتاج تاريخ طويل من الضلال والإضلال ليس كما يتصور بعض هؤلاء الشباب من الذين لا خبرة لهم ولا عقول عندهم أنهم هم الذين يصنعون، الله عز وجل هو من يصنع.
ثانيا: أن هذا ليس نتاج أو وليد لحظة واحدة بل هذا نتاج تاريخ طويل من التضحيات التي قدمها كثير من الناس بصدعهم بالحق بكلماتهم بمن سجن بمن قتل ، نتاج هذا التاريخ الطويل وهذه الكلمات التي بقيت مستقرة في قلوب الناس إلى أن تحققت هذه التغييرات في الأجل الذي قدره الله عز وجل.
ولذلك كانت من الكلمات الطيبة التي قيلت في هذا قول سيد قطب رحمه الله: (إن أصحاب الأقلام يستطيعون أن يقدموا شيئا كبيرا بشرط واحد هو أن يقدموا أرواحهم فداء لهذه الكلمات ويطعموا كلماتهم من لحومهم ومن دمائهم وان يقولون ما يعتقدون أنه حق ويقدمون دماءهم فداء لهذا الحق)
ثم يقول: (إن أفكارنا وكلماتنا تبقى عرائس من شمع وجثث هامدة لا روح فيها حتى ضحينا في سبيلها ورويناها بالدماء انتفضت حية وعاشت بين الأحياء) هو يقول إن هذه الكلمات التي يضحي الإنسان من أجلها سوف يبعثها الله عز وجل يوما من الدهر وسوف يكون لها أثرها وقد كان هذا الأثر كما رايناه في هذه الأيام بقدر الله عز وجل وتوفيقه ليس لأحد من العبيد وإنما بتقدير الله سبحانه وتعالى.
وماذا بعد؟!
معنا ثلاث كلمات ماذا علينا أن نصنع الآن, الله عز وجل بين لنا طريق الخروج بكلمات بسيطة يسيرة كلنا يحفظها وكلنا يرددها صباحا مساءا قال الله تعالى إن الله لا يغير ما قوم – تغييرا حقيقيا – حتى يغيروا ما بأنفسهم تغيير مجتمع كامل لا ليس فردا ولا مجموعة أفراد, واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ، النبي صلى الله عليه وسلم جعل المجتمع شيئا واحدا مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة – كلهم ركاب سفينة واحدة – فوقف بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في الأسفل إذا أرادوا أن يشربوا عرجوا على من بالأعلى – صعدوا إلى فوق- فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا – نصف المركب السفلي- فنستقي به الماء ولا نؤذي من فوقنا فلو أنهم تركوهم وما أرادوا لهلكوا وهلكوا جميعا ولو أخذوا على أيديهم لنجوا ونجوا جميعا.
إن الله لا يغير ما بقوم, مجتمع بكامله تغييرا كونيا في حال هذا المجتمع حتى يغير هذا المجتمع ما بنفسه وما بداخله, نحن لا نريد الفرعون, ولكن لابد قبل ذلك أن نرفض الفرعونية هذا منهج وأسلوب حياة, في فرعون كبير وفرعون صغير, الفرعون الصغير أول ما يوضع على كرسي يكبر, هي طريقة تربية معينة موجودة, فلابد ان المجتمع حقيقة يغير حاله والقضية سهلة جدا وبسيطة إننا نطيل الطريق على أنفسنا بدون فائدة.
يقول الله عز وجل: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ القضية بسيطة جدا غاية في البساطة, الإيمان والتقوى, لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض, هل نحن نريد أكثر من ذلك؟! وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ , أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ ، أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ ، أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ
وقال تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ
وقال تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا
القضية سهلة جدا وبسيطة جدا وغاية في الوضوح, لا نطيل على أنفسنا الطريق ولا نعثر على أنفسنا المسائل, سهلة وبسيطة نوفر الوقت ونسعى للوجهة الصحيحة هذا هو الأمر الأول, إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
النقطة الثانية:
صاحب النقب, مسلمة بن عبد الملك رحمه الله كان يحاصر حصنا من حصون الروم وأعياهم الحصن أن يفتحوه, وكثر عليهم الجراحات من كثرة رمي النصارى لهم فندب مسلمة الناس إلى اقتحام نقب – نقب يعني حفرة – في ثقب صغير موجود في السور فندب الناس أن يدخلوا منه فهاب الناس أن يدخلوا, فجاء رجل من المسلمين فاقتحم النقب فقاتل من حوله حتى فتح الباب فلم يرى المسلمون إلا صوت تكبير من داخل الحصن وشخص لا يعرفونه فتح لهم الباب, فدخلوا ففتح الله عز وجل عليهم الحصن, فأعيا مسملة أن يبحث عن هذا الرجل من الذي ضحى بنفسه في سبيل نصرة دينه وفتح الحصن فنادى في جنوده أربع مرات أن يأتيني صاحب النقب فلم يأتيه أحد فدعا في الناس أن عزمت عليه أن يأتيني بحقي عليه أنني قائد واجب عليه أن يطيعني أن يأتيني وقد أمرت آذني أن يأذن له في أي ساعة من ليل أو نهار فلما جن الليل جاء رجل ملثم إلى الآذن وقال ائذن لي على مسلمة قال أنت صاحب النقب؟! قال أنا أخبركم عنه فلما دخل على مسلمة وكان الرجل ملثما قال أتيتك من عند صاحب النقب وهو يشرط عليك ثلاثة شروط قال وما هي قال أما الأولى فألا تسودوا اسمه في صحيفة ولا تكتبوا باسمه إلى الخليفة الثانية ألا تأمروا له بشيء لا يريد جزاء إلا من الله – لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا – والأمر الثالث ألا تسألني من هو قال لك ذلك فقال أنا هو ثم خرج فكان مسلمة بن عبد الملك كلما صلى صلاة دعا الله عز وجل فقال اللهم احشرني مع صاحب النقب.
هذا الشخص هو الذي نبحث عنه الشخص الذي يريد أن يخدم الناس يريد أن يحقق الخير لله وحده عز وجل لا يريد جزاءا ولا شكورا لا يريد أن يذكر الناس اسمه أن يقول أنا فعلت .. أنا صنعت .. أنا الذي صنعت الثورة .. أنا الذي فعلت كذا نحن نبحث عن هؤلاء الناس والأمة لا يزال فيها بقية من خير هي لم تعدم الخير بعد هذا الشخص الذي يفعل الفعل ابتغاء وجه الله عز وجل إخلاصا لله عز وجل لا يريد من الناس جزاءا ولا شكورا هذا هو الذي يستحق أن يؤتمن على أموال الناس وعلى دماءهم.
النقطة الثالثة:
ثابت بن أقرم رضي الله عنه في معركة مؤتة حينما قُتل القادة الثلاثة الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, زيد بن حارثة, جعفر بن أبي طالب, عبد الله بن رواحة رضي الله عنهم وكانت واقعة شديدة كان المسلمون ثلاثة آلاف في مقابلة مائة ألف من نصارى العرب ومائة ألف من الروم ليس هناك أي مقدار من التناسب فلما قتل القائد الثالث سقطت الراية على الأرض يهاب الناس أن يلمسوها, فجاء ثابت بن أقرم رضي الله عنه رجل من الأنصار وممن شهد بدرا فرفع الراية ودعا الأنصار فاجتمعوا حوله فاجتمع حوله الناس ثم نظر إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه وقال خذ اللواء يا أبا سليمان فقال خالد رضي الله عنه أنت أحق به مني أنت أسن وأنت ممن شهد بدرا فقال ثابت رضي الله عنه خذها أيها الرجل أنت أعلم بالقتال مني فإنما أخذته لك.
الأن هذا الرجل هو الحقيق بأن يحمل اللواء وأن يتقدم الناس هو الذي ضحى بنفسه في سبيل رفع هذا اللواء من على الأرض لكنه بعد أن رفعه سلمه لمن يستحق ومن يستطيع أن يقود فيخرج الناس من الأزمة ويكشف عنهم الكربة ليس لأنني سبقت, أنا أفعل هذا لله, ثم ماذا؟ أن أسلم هذا لمن يستطيع أن يقود وأن يكشف عن الناس الكرب هذا ما ينبغي, أنا عندي سيارة أنا أملك السيارة وانا أعرف الطريق لكني لا أستطيع القيادة إذا أنا قدت سيارتي بنفسي باعتبار أني صاحبها وأني أعرف الطريق سوف يكون في هذا خطر بل هلاكا محقق, أنا لا أعرف القيادة, فلابد أن نعطي هذا الأمر ونوكله لمن يستحق ومن يستطيع أن يقوم به كما قال الله عز وجل قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ لابد من هذا, القوة والأمانة, أهل الثقة وأهل الخبرة, هذه المعادلة الصعبة التي نعيش فيها من سنين, القوة أولا لأن إن لم يكن هناك قوة فهذا الشخص لن يستطيع أن يقوم بعمله, ثم الأمانة, إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة قيل يا رسول الله متى إضاعتها قال إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة.