Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

الخشوع في الصلاة

بسم
الله والحمد لله واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله صلى الله عليه وسلم. 

تكلمنا بالأمس عن السهو عن الصلاة ونحاول أن نتعرف على
حقيقة الصلاة ونحاول أن نؤديها بصورة قريبة من الصورة التى يرتضيها الله سبحانه
وتعالى وبالتالى الصورة المؤثرة قلبيا وواقعيا بالقبول.

وذكرنا
قول الله سبحانه وتعالى فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ
وأن السهوعن الصلاة غياب الإنسان عن إدراك حقيقة
الصلاة وحقيقة العبادة فيؤديها أداءا شكليا حركيا بعيدة عن الحقيقة وبدون روح.

كيف
يخرج الله سبحانه وتعالى الإنسان من إطار هذا الوعيد على السهوعن الصلاة؟ يجب على
الإنسان أن يعظم هذه العبادة ويدرك فضلها وقدرها وقيمتها وأن يحاول أن يتعبد لله
سبحانه وتعالى بهذه العبادة بطريقة صحيحة. إن تم له ذلك ومنّ الله عليه بعدم السهو
عن الصلاة سينتقل إلى مشكلة أخرى وهى السهو فى الصلاة.. السرَحان وعدم التركيز
داخل الصلاة وهى مشكلة غاية فى الصعوبة وذلك لأن الصلاة فى الحقيقة تشهد صراعا
ومحاولة لصرف الإنسان عن الحضور فى الصلاة ولذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم إذا
أذن المؤذن أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين فإذا إنتهى الآذان رجع,
فإذا ثوّب بالصلاة – أى أقيمت الصلاة – أدبر فإذا إنتهى التثويب أقبل حتى يخطر بين
العبد وبين قلبه.. يقول أذكر كذا.. أذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يبقى العبد – أو
يظل العبد – لايدرى كم صلى. إذن فى العمل الذى نراه وندركه بحواسنا يحدث أمر خفى.

النبى
صلى الله عليه وسلم يقول أن الشيطان أبغض ما يبغض الآذان وإعلاء كلمة الله سبحانه
وتعالى ولذلك هو يدبر ويصدر صوتا حتى يشوش على الصوت فلا يسمعه ثم يعود بعد إنتهاء
الآذان ثم يدبر مرة أخرى عند الإقامة لأنها نفس الكلمات التى تزعجه وتؤذيه ثم يعود
ليخطر,أى يفصل ويمر ويقطع الطريق بين العبد وبين قلبه فيفقده الصلة والإتصال به –
وفى رواية يُخطر – أى يلقى بالوساوس والخطرات فيظل يذكر الإنسان بأمور قد نسيها أو
يريد إنجازها..المهم أن يفسد على الإنسان لحظات العبادة.

لماذا
يفعل ذلك؟

لأن
الإنسان إذا إستقامت له الصلاة إستقام له القلب.. وإذا إستقام له القلب إستقامت له
الجوارح وبالتالى ستحدث الصلاة فيه أثرها لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر إن
وقع أثرها فى قلبه كما قال النبى صلى الله عليه وسلم إن فى الجسد مضغة إن صلحت صلح
الجسد كله.. فحالة الإنسان وقلبه إذا إستقام إستقامت جوارحه تبعا لذلك.. وإذا فسدت
هذه المضغة فسد الجسد كله ألا وهى القلب.إذن محاولة الشيطان الفصل بين الإنسان
وبين قلبه لأنه لو خسر فى هذه المعركة لن يستطيع أن يسيطر على الإنسان طيلة
النهار. يروى أن رجلا ضاع منه شىء فحكى ذلك لأبى حنيفة رحمه الله فنصحه أن يصلى
قيام الليل ويحسن أداءها ويتحرى أن يكون شديد التركيز أثناء أدائه لأركانها, فما
أن بدأ الرجل الصلاة بخشوع وتركيز حتى تذكر مكان الشىء الذى فقده..وذلك لأن
الشيطان دخل فى صلاته لإفسادها فذكره بما نسى. والمشكلة أن الشيطان ما أن يذكرنا
فى صلاتنا بما نسينا حتى يبادر بعد الإنتهاء من صلاتنا بأن ينسينا إياها مرة
أخرى.. وهكذا حتى يفسد علينا صلاتنا وأيضا لا نتذكر الشىء الذى نسيناه.

عثمان
بن أبى العاص رضى الله عنه جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال إن الشيطان قد
حال بينى وبين صلاتى وقراءتى – لا أستطيع التركيز فى الصلاة ركوعها وسجودها ولا
أستطيع التركيز فى القرآن – فالنبى صلى الله عليه وسلم قال له ذلك شيطان يقال له
خنزب – هو المسئول عن إفساد الصلاة – قال فإن أحسسته فاستعذ بالله منه وأنفث عن
يسارك ثلاثا, قال ففعلت فأذهبه الله عنى. فالصحابى رضى الله عنه يشكو من أن
الشيطان يحول بينه وبين الصلاة وبينه وبين القرآن فهو يحول بينه وبين التركيزأو
الإنتفاع أو التجاوب مع القراءة ومع الذكر فيفسد عليه الصلاة والقراءة.

فالنبى
صلى الله عليه وسلم أرشده إلى العلاج بأن يستعيذ بالله من الشيطان والله سبحانه
وتعالى سيذهب عنه أثر الشيطان وكيده. إذن هذه الوساوس هى أشياء طبيعية تعترى
الإنسان فى الصلاة والنبى قال ذلك للصحابى لأن الشيطان يكون شديد التركيز معنا فى
مواطن الطاعات وليس فى مواطن المعاصى..ففى مواطن المعاصى – كالخمارات مثلا – هو لن
يجد ما يفعله فالإنسان فيها أصلا يكون منشغلا بالمعصية, إنما فى مواطن الطاعات –
كالمساجد – فهو يتسلط علينا فيها ليشغلنا عن الطاعة. ولذلك نجد فى الصورة المقابلة
من يريد أن يدعو أو يوجه لخير سيذهب للأماكن التى بها أشخاصا يرتكبون المعاصى
ليدعوهم إلى الطاعة.لذلك ابن عباس حين قالوا له إن اليهود تزعم أنها لا تشرد فى
الصلاة يدعون بذلك أنها فضيلة لهم عن المسلمين وأنهم يحسنون ويخشعون فى صلاتهم عن
المسلمين..فى حين أن حقيقة الأمر أن وسوسة الصلاة ما هى إلا إختلاس يختلسه الشيطان
من صلاة العبد..

فلو
كانت الصلاة أصلا عمل غير صحيح أو مقبول كصلاة اليهود فلن يختلس منها الشيطان شيئا
فالبيت الخرب لا يختلس منه اللص شيئا. فالوسوسة إذن هى صراع بين الشيطان والإنسان
ليفسد عليه أعظم وأهم عبادة عند الله سبحانه وتعالى. وعلاج هذا يكون بأن يستعين
الإنسان بالله سبحانه وتعالى ويستعيذ بالله من الشيطان فهذا بإذن الله يذهب عن
الإنسان كيد الشيطان.

فالنبى
صلى الله عليه وسلم أرشد إلى علاج هذا وهو علاج سهل وبسيط. وكما فى حالة الوساوس
فى الإيمان وهى حالة تصيب الكثير من الناس، ويسألون أسئلة ماذا نفعل؟ النبى صلى
الله عليه وسلم شُكى له ذلك.. قيل له يا رسول الله إن أحدنا ليجد الشىء فى نفسه –
من الوساوس – لئن يكون حُمَمَة – أى يحترق – أفضل من أن يتكلم بهذا, فقال النبى
صلى الله عليه وسلم أو قد وجدتموه قالوا بلى قال ذاك صريح الإيمان.فماذا نفعل؟
نستعيذ بالله سبحانه ثم ننتهى. فالنبى صلى الله عليه وسلم قال أن الوسوسة أمر
طبيعى وليس بعلامة سيئة بل بالعكس قال أنها علامة على الإيمان لأن طالما أن
الشيطان يحاول أن يفسد على الإنسان شىءإذن فهناك شىء صالح يحاول الشيطان أن يفسده.
وطالما أننى إستنكرت هذه الأشياء وقلبى لم ينشرح لهذه الوساوس فهذه علامة على
الإيمان. وقول النبى صلى الله عليه وسلم ” أو قد وجدتموه ” معناه أن هذا
أمرطبيعى وعادى أن يحدث للمؤمنين بل هو علامة على الإيمان بعدم قبول هذا وعدم
الإسترواح إليه وهذا لن يتأتى إلا بالإستعانة بالله سبحانه وتعالى والإستعاذة من
الشيطان. آخر شىء حديث أبى الدرداء رضى الله عنه قال شخَصَ رسول الله صلى الله
عليه وسلم ببصره نحو السماء ثم قال هذا أوان – وقت – يختلس العلم من الناس, أى
يبدأ العلم يقل, حتى لايقدروا منه على شىء – يظل يقل إلى أن يتلاشى – فقال زياد بن
لبيد الأنصارى يا رسول الله كيف يُختلس منا العلم ونحن نقرأ القرآن فوالله
لنَقرأنّه ولنُقرأنّه نساءنا وأبناءنا – أى نحافظ عليه لنا وللأجيال المقبلة. فقال
النبى صلى الله عليه وسلم ثكلتك أمك يازياد إن كنت لأعدّك من فقهاء أهل المدينة
هؤلاء اليهود والنصارى بين أيدهم التوراة والإنجيل فماذا تغنى عنهم. فكأن النبى
صلى الله عليه وسلم يريد أن يقول أن العلم ليس مجرد القراءة وإنما العلم هوفهم
الكتاب والتدبر والعمل بما جاء به. يقول جبير بن نفير راوى الحديث فلقيت عبادة بن
الصامت فقلت ألا ترى ما يقول أخوك أبو الدرداء – وأخبره بما رواه أبو الدرداء عن
النبى صلى الله عليه وسلم – فقال عبادة بن الصامت صدق أبو الدرداء إن شئت حدثتك
أول علم يرفع..الخشوع.. يوشك أن تدخل مسجد جماعة فلا ترى فيهم رجلا خاشعا. عبادة
بن الصامت يقول أن الخشوع هو أول شىء ستفقده هذه الأمة.

والنبى
صلى الله عليه وسلم قال أن عرى الإسلام تنقض فآخرهن نقضا الصلاة. إذن أول شىء يذهب
الخشوع وتبقى الصلاة بخشوع متناقص حتى تذهب الصلاة نفسها. إذن تحصيل الخشوع أمر
غير يسير فهو أول شىء نحن إفتقدناه ولذلك إستعادته غير يسيرة. النقطة الأخيرة أن
عبادة بن الصامت قال أن الخشوع علم – إن شئت حدثتك أول علم يرفع – ولكننا نعرف أن
الخشوع حالة تصيب قلب الإنسان وجوارحه بينما أن العلم معلومات مختزنة فى الذهن أما
الأحوال والمشاعر لا تكون علم. لماذا إذن سمّى عبادة الخشوع علما؟

لأن
غاية العلم هى الحالة أو ترجمته لشعور أو أثره الذى يحدثه.. يقول الله عز وجل
إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ
فالعلم هو الذى يورث
الإنسان خشية الله سبحانه وتعالى.. هذه ثمرة العلم.

لو
لم تثمر المعلومات هذه الثمرة لا يكون علما حقيقيا. لذلك الإمام الشعبى قالت له
إمرأة أيها العالم – هذا فقيه أهل الكوفة – فقال لها: إنما العالم الذى يخشى الله.
فهو يقول أن العالم الحقيقى هو الذى أورثه علمه خشية الله سبحانه وتعالى ولذلك
النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إنى أسألك علما نافعا, ويقول اللهم إنى
أعوذ بك من علم لاينفع. فهناك علم ينفع وعلم لا ينفع ويكون حجة على الإنسان. إذن
وصف عبادة بن الصامت الخشوع بأنه علم يفيد أن الإنسان لايوصف بالعلم حقيقة وأن
العلم الذى نتعلمه ليس له قيمة إلا إذا ترجم لمشاعر وأحوال وسلوكيات. فالخشوع أشحّ
شىء ومن أشد الأشياء التى تحتاج إلى مجاهدة وإجتهاد وهو من أول الأشياء التى ترفع
من هذه الأمة ولذلك إستعادتنا له ومحاولة تحصيله فى الصلاة شىء صعب لا بد أن نجاهد
وندعو الله سبحانه وتعالى أن يمنحنا إياه وبذلك نكون قد مُنحنا حقيقة الإيمان الذى
نبحث عنه. وعلى قدر ما يجاهد الإنسان نفسه فى ذلك وعلى قدر ما يستعين بالله سيعطيه
الله عز وجل ما يأمل من الخشوع ويرجوه لأن هذا وعد من الله سبحانه وتعالى
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ
الْمُحْسِنِينَ
.

أقول
قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.

 

أضف تعليق