الحمد لله الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ، هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ، وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم أما بعد..
حديثنا اليوم عنوانه ” العبدُ بين العتّبٍ والاعتَّاب ” .
إننا في هذه الحياة التي نحيا.. أسرى عادتنا التي نعتاد.. حتى أننا ننسى بهذه العادات المقدر للأمور سبحانه وتعالى فنحن لم نعهد في هذا الوقت أن نمطر مثل هذا المطر على حين فجأة أو على حين غره لماذا..؟
لأننا لم نلمس هذا في عادتنا التي اعتدناها في هذه الحياة فالإنسان يبقى كما ذكرنا أسير عاداته حتى يبسى أن وراء هذه العادات مقدراً عظيماً هو الذي يقدر الأمور وهو سبحانه وتعالى قادرٌ على كل شيء يقلب الأمور كيفما يشاء سبحانه وتعالى ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى قضى بحكمته أن يخلق خلقاً كعيسى بن مريم عليه السلام فإن الله ستعالى قال في كتابه لما رأى تعجب هؤلاء المتعجبون من أن يخلق الله عز وجل خلقاً على غير سنته المعتادة أن يكون الخلق من ذكر وأنثى قال تعالى إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فهو سبحانه وتعالى يذكر بأصل الخلق أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم عليه السلام من تراب ولم يكن كعادة أبناءه مخلوقاً من أبِ وأمِ من ذكر وأنثى لكنها مع الاعتياد على هذه السنة المتطردة التي قضاها الله تبارك وتعالى غفلنا عن قدرته سبحانه على أن يفعل ما يشاء وعلى أن يخلق ما يريد فجاء هذا الخلق بعد هذه الأزمنة المتطاولة لكي يذكر العباد بقدرة الله عز وجل التي لا يحدها حد ولا يعجزها شيءٌ.. فلما تعجبوا ذكرهم بأصل خلقتهم في خلق آدم عليه السلام..
وأيضاً يلفتنا هذا إلى أمرٍ هام وهو قوة العبد أو قوة الإنسان في مقابل قوة الكون الذي خلقه الله تبارك وتعالى إن هذا الصوت الذي نسمع وهذا المطر الذي يفجئنا ربما يشعرنا كثيراً بالضعف والعجز وأننا ربما لا نسطيع أن نتحرك حراكاً إذا استمر هذا المطر وهذا الغيث على هذا الوضع وعلى هذا الصفة وعلى هذه الصورة حتى ليهم العبد كيف يسير أو كيف يتحرك أو كيف يقضي حاجة من حاجاته وهذا الرعد الذي جعل الله سبحانه وتعالى لصوته أثراً حتى أنه يهز قلوب العباد ليذكرهم بضعفهم وبقدرة ربهم تبارك وتعالى حتى مجرد صوت… فهو يذكر الإنسان بضعفه إيذاء قوة الكون التي خلقها الله تبارك وتعالى من حولهم فيستشعر ضفعه وعجزه وحاجته إلى ربه تبارك وتعالى في كل وقتِ وحين..
وثم أمور ثالث وهو قوله تبارك وتعالى وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ هذا الماء جعله الله تبارك وتعالى سبب الحياة وقوامهما نعمةٌ عظيمة من نعم الله عز وجل قال الله تباك وتعالى وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وفي وجهٍ نشراً بين يدي رحمته فهو سبحانه وتعالى سمى هذا المطر رحمه.. ينزله الله تبارك وتعالى رحمة بعباده.. فجعل هذه الرياح بُشْرًا أي تبشر العبادج بقرب مجيء الرحمة من الله تبارك وتعالى وسماها أيضاً سبحانه وتعالى نشراً لأنها تنشر الأرض بعد موتها أو تنشر العباد الذين أشفو على الهلكة من الجدب ومن القحط كما قال الله تبارك وتعالى وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فهو سبحانه وتعالى يذكر بهذا الإحياء ويذكر بهذا البعث للأرض ببعث الله تبارك وتعالى للعباد في يوم النشور فهو سبحانه وتعالى حينما يقضي أن يعيد عباده إلى هذه الحياة ينزل مطراً ينشر به هؤلاء العباد لذلك قال تعالى إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لكن هذا الماء نفسه الذي جعله الله تبارك وتعالى رحمه قد يكون هو نفسه في حين من الأحيان عذاباً..
فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ، تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ وقال الله تبارك وتعالى فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ، وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ، وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ هذا الشيء نفسه الذي يجعله الله سبحانه وتعالى رحمة بالغة هو هو إذا بدل العباد وإذا عصوا وإذا أذنبوا وإذا جحدوا فضل ربهم تبارك وتعالى هو هو يتحول نقمة وعذاباً عياذاً بالله وهو بين أيدينا حلالاً مباحاً طيباً متاحاً لكنه يتحول في يوم من الأيام بحق عبادٍ من عباد الله تبارك وتعالى من حلالٍ إلى حرام وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فهو كما قلنا يذكر أن فوق هذه السنن التي جعلها الله تبارك وتعالى وهي لم تجعل إلا بقدرته فوقها قادراً عظيماً يفعل ما يشاء ويحكم في كونه بما يريد وأن العبد ضعيفٌ محتاجٌ دائماً إلى رحمة ربه تبارك وتعالى وأن هذه النعم قد تتحول بتبديل العباد عياذاً بالله إلى نقم… تحتاج من العباد أن يعتبوا ربهم تبارك وتعالى وهذا هو عنوان خطبتنا العبد بين العتب والإعتاب الإعتاب.. العتب معروف أنك تعتب على أحد أي تكون أخذاً على خاطرك أو ” زعلان منه ” رأيته قد قصر في حقك.. أما الإعتاب أن تزيل العتب ممن يعتب عليك ولذلك وقعت زلزلة في الكوفة في زمان ابن مسعود رضي الله عنه فخطب الناس فقال يَا أَيُّهَا النَّاسُ كلمة بسيطة إِنَّ رَبَّكُمْ يَسْتَعْتِبُكُمْ فَأَعْتِبُوهُ يَسْتَعْتِبُكُمْ تعني يرسل هذه الآيات لكي يذكركم بقصوركم وتقصيركم ومخالفتكم وعصيانكم فيطلب منكم أو يشير عليكم أن تفيئوا إليه أو ترجعوا أو تتوبوا، يستعتبكم أي يطلب منكم أن تزيلوا العتب من الله تبارك وتعالى عليكم فأعتبوه أي عودوا إلى ربكم، أوبوا إليه توبوا إليه وأزيلوا هذا العتب الذي يعتب عليكم به ربكم تبارك وتعالى..
فإذن هذا هو الإعتاب… وأما العتب أن يعتب العبد على ربه.. وهو ما كنا نتحدث عنه في خطبتنا الماضية.. ما معنى أن يعتب العبد على الرب قطعاً هو ليس له في هذا حقاً لكن معنى العتب أن الإنسان يظن أن ربنا سبحانه وتعالى لا يعامله بما يستحق أو لا يعطيه ما يستحق أو ربما يضيق عليه أو يشدد عليه في أمر دنياه أو لا يعطيه من النعم على قدر ما يستحق هذه المشاعر التي تعتري قلب العبد كما قلنا في الجمعة الماضية إنما تنشأ من عدم إدراك الإنسان لحكمة الله سبحانه وتعالى فيما يقدره وفيما يقضيه له فيبقى عاتباً على ربه تبارك وتعالى ويذكرنا هذا بقول القائل فيما يتعلق بالعتب ما بين بني البشر بعضهم ببعض يقول :
لعل له عذراً وأنت تلومه كما لائم قد لام وهو ملوم.. هو الذي عليه العتب الإنسان الذي يلوم هو المستحق إلى أن يلوم نفسه لا يلوم غيره.. واحد يلوم على الآخر هذا الشاعر يقول له لعل له عذراً وأنت تلومه ربما تلومه على شيء بتستنكره عليه لكن هو في الحقيقة لديه عذر فيما يفعل بل ربما كنت أنت المستحق إلى أن تلام..
وهذا هو حال العبد ” اللائم ” مع ربه تبارك وتعالى…
الله سبحانه وتعالى يقدم له الخير كل الخير فيما يعطي وفيما يحجب، فيما يمنح وفيما يمنع..
لكن العبد لضعف إدراكه وضعف علمه.. ولقلة إحساسه بمعنى الرحمة والكرم واللطف والبر في حق ربه تبارك وتعالى كما قلنا يبقى عاتباً على ربه تبارك وتعالى ولذلك ذكرنا في الجمعة الماضية قول الله تبارك وتعالى اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وذكرنا أن هذه الإشارة من الله تبارك وتعالى على أن الله سبحانه وتعالى في كل ما يقدر فيما يعطي وفيما يمنع هو سبحانه وتعالى يلطف بعباده..
فهو يعطيهم ما هو خيرٌ لهم ويمنعهم ما فيه ضررٌ عليهم وما فيه شقاءٌ لهم..
لكن كما قلنا العبد هو الذي لا يحسن ترجمة هذه الأمور ولا يحسن إدراكها ولذلك ذكرنا قول الله تبارك وتعالى فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلَّا هنا ربنا سبحانه وتعالى ذكر إن العطاء والمنع كلاهما هو اختبار وامتحان من الله تبارك وتعالى لينظر كيف حال العبد إذا أُعطي يشكر وإذا لم يُعطى سيصبر؟ أم لا؟
هاهنا إبتلاء وهاهنا إبتلاء..
لكن الإنسان كيف ينظر إلى هذا في الإبتلاء الأول اعتبر هذا اكرام.. وفي الإبتلاء الثاني – هو إبتلاء أيضاً – اعتبر هذا إهانة والتعبير بالإهانة تعبير شديد.. فمعنى الإهانة…. قصد التحقير… فالإنسان تخيل أن هذا المنع من الله تبارك وتعالى له.. هو قصدٌ من الله تبارك وتعالى لإعناته ولإذلاله ولتحقيره ولذلك هذا خللٌ..
هل هذا يتماشى مع كرم الله سبحانه وتعالى الذي لا يحده حد.. الله سبحانه وتعالى إذا أعطى العبد هل هذا ينقص من خزائن ملكه سبحانه وتعالى.. ” يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ” جميع الخلائق من الإنس والجن من لدن آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ” قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ” في مكان واحد ” فَسَأَلُونِي ” كل واحد منهم يسأل.. منتهى أمل كل واحد.. فيسأل على منتهى ما يأتي به خياله ” فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ ” كل إنسان من هؤلاء ” مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ ” الإبره ” إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ ” أخذت إبرة وأنزلتها في بحراً ونخرجها فهل نقص من مياة البحر شيئاً…
فإذن لو ضيق على هذا العبد بعض التضييق هل هذا – عياذاً بالله – بخلاً من الله تبارك وتعالى.. هل يصير هذا بغضاً من الله تبارك وتعالى له..
لكن في الإهانة ربنا سبحانه وتعالى يقول.. أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ كل هذا الخلق لم يستثني منه أحد سبحانه وتعالى كله يخضع لله سبحانه وتعالى ويتعبد لله ويدين بأمره ويحبه ويواليه.. والإنسان قسمين.. كثير من الناس آتاهم الله سبحانه وتعالى العقل والفهم والإيمان والفطنة فسلكوا مسلك هذه الكائنات التي تُجِّلًّه تبارك وتعالى وتعظمه.. وشقٌ آخر وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ سلكوا مسلك الشيطان – عياذاً بالله – ثم قال تعالى معقباً وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ إذن ربنا سبحانه وتعالى يبين أن حقيقة المهانة أو الذلة أو الحقارة التي تصيب الإنسان.. متى؟؟ بما؟؟
أنه يحيد عن طريق العبادة.. يحيد عن السجود لله سبحانه وتعالى يستكبر عن أمره تبارك وتعالى حينئذٍ تتحقق فعلاً الإهانة إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ فأهل الإيمان في خواتيم سورة آل عمران يخاطبون ربهم تبارك وتعالى بأن الخزي حقيقة الخزي والمهانة حقيقة المهانة هي أن يعرض العبد عن الله تبارك وتعالى فيكون مآله إلى عذاب الله – والعياذ بالله – فإذن حقيقة الإكرام إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.
حقيقة الإكرام إن ربنا سبحانه وتعالى يمنُّ على الإنسان بأن يعطيه نعمة القرب منه…
وحقيقة الإهانة والذلة والحقارة التي تصيب الإنسان بأن يختار أن يعرض عن ربه تبارك وتعالى ويتولى الشيطان من دون الله وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا، يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا
فإذن هاهنا عتب الإنسان على الله أو عياذاً بالله إتهام الإنسان لله في رحمته وفي كرمه… ما هو سببه؟
هو عدم الإدراك..
في حين أن الله سبحانه وتعالى سمى هذا لطفاً ورحمة.. وذكرنا قول الله تبارك وتعالى أيضاً وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ فربنا سبحانه وتعالى يقول أنه لو أمد العباد في هذه الأسباب بما يشاءون لترتب على هذا البغي والتجبر والإعراض فهو سبحانه وتعالى بحكمته ورحمته.. بحكمته وبرحمته.. يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ بالقدر الذي يحفظ على العباد إيمانهم وقلوبهم..
لكننا كيف ننظر إلى ذلك؟ ربما ننظر له بالنظر القاصر المحدود فيعود العبد لائماً لربه تبارك وتعالى..
ولذلك روي في الأثر أنه إذا مرض العبد أو ابتلي ببلاء فدعى لمن ابتلي.. دعا له الداعون.. فيدعون ربهم فيقولون اللهم ارحمه.. فيقول الله تبارك وتعالى وكيف ارحمه من شيء به ارحمه… الشيء نفسه الذي قدره ربنا سبحانه وتعالى هو بذاته عين الرحمة.. فيقول تعالى كيف ارحمه من شيء به ارحمه..
كيف يكون الشيء الذي يبدو في ظاهره ابتلاء أو شدة أو نقمة يكون في حقيقته من الرحمة..
أول أمرٍ.. أحياناً كثيرة يكون الإنسان في حال غفلة أو حال بعد عن ربنا سبحانه وتعالى لو استمر على هذه الحال من الغفلة والنأي ومن الإعراض ومن البعد ربما يؤول به هذا إلى أن يقع في سخط الله تبارك وتعالى وغضبه فربما يكون من تقدير الله سبحانه وتعالى له الخير أن تنزل به محنة من المحن فتذكره بالله وتعيده إلى الله وتجبر قصوره وتقصيره وتجعله لائذاً بالله لاجئً إليه سبحانه وتعالى كما قال تعالى وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فإذن الحكمة ليس الإهلاك وإنما الحكمة أن يتذكر الإنسان ربنا سبحانه وتعالى فيفيء إليه.. هذه هي الرحمة.. هذا أول أمر..
وغير ذلك.. النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ مِنْ خَطَايَاهُ ” فالنبي صلى الله عليه وسلم هاهنا – هذا الحديث قد ذكرناه قبل ذلك مراراً – النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث استوعب كل الأشياء التي نراها سيئة.. فقال صلى الله عليه وسلم ليس هنالك شيء من تلك الأشياء تصيب الإنسان إلا جعلها الله سبحانه وتعالى بالنسبة للإنسان المؤمن تكفيراً من خطاياه… فترفع ميزانه عند ربه تبارك وتعالى فيكون مآله إلى السعادة وإلى النجاة..
ولولا ذلك – الإبتلاء – .. لم يكن هذا التكفير ولم يكن هذا الاعتدال في ميزان العبد. وهنا النبي صلى الله عليه وسلم استوعب كل الأمور التي تعرض لنا في هذه الحياة فذكر الحزن والغم والهم… وذكر النصب والوصب والأذى..
الحزن والغم والهم هي الضوائق النفسية التي تصيب الإنسان.. شيءٌ مضى فالإنسان إذا تذكره حزن وضاق… هذا هو الحزن.. فإذن الحزن على أمر قد مضى..
ولو أصابه شدة أو محنة أو ضيق مالي أو شيء من هذا القبيل بيصيب الإنسان في هذه اللحظات هو يعايشه الآن هذا اسمه غم شيء يسبب ثقل على القلب.. توجسات من أشياء من الممكن أن تحدث في المستقبل قلق من أمر قد يأتي هو يرى أنه ليس خيراً فهذا يصيبه بالهم.. التفكير السلبي المستقبلي…
فالنبي صلى الله عليه وسلم هنا استوعب الهموم النفسية الماضية والحاضرة والمستقبلة.. ثم أضاف إليها النصب الذي هو التعب.. الكد والشقاء الذي يعانيه الإنسان في حركة الحياة والوصب.. الذي هو المرض الذي يصيب الإنسان… والأذى كل صور الإساءة التي تصيبه من الآخرين.. هل هنالك شيء يخرج عن هذه الأمور الستة تصيب الإنسان في هذه الحياة مما يضيق النبي صلى الله عليه وسلم استوعب كل شيء… حتى الشوكة.. أقل شيء.. كل هذه الأشياء الله سبحانه وتعالى يكفر بها من خطايا الإنسان..
فإذن ربنا سبحانه وتعالى لا يقدر للعبد شيئاً إلا كان خيراً له.. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ” عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَه كُلَّهُ له خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ” لما؟ لأن الإنسان المؤمن يحسن الترجمة لما يأتيه من رسائل أو من أقدار من ربنا سبحانه وتعالى فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ” عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَه كُلَّهُ له ” ليس هنالك أمرٌ عليه.. له !! ” خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ فَشَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ فَصَبَرَ، كَانَ خَيْرًا “
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم..
فيقول صلى الله عليه وسلم أن العبد المؤمن إذا أصابته ضراء صبر.. ماذا الذي سيحمله على الصبر؟ أو ما الذي سيعينه على الصبر؟ هي هذه المعاني إدراكه أو ثقته في رحمة ربنا سبحانه وتعالى وحسن اختياره له.. فإذا لم يكن لديه هذا الأصل الإيماني..؟
ربما يؤدي به هذا إلى الجزع أو إلى الاعتراض أو إلى التشكي.. فإذن ما الذي يوصل الإنسان إلى الصبر..؟ هو إيمانه أو يقينه أو ثقته في ربه سبحانه وتعالى..
والشكر؟ إذا جاءت السراء كان الشكر.. الشكر.. ما معنى الشكر؟ معناه أن الإنسان يستشعر فضل ربنا سبحانه وتعالى ويوظف الخير فيما يرضي الله تبارك وتعالى وأيضاً ما الذي سيحمله على ذلك؟؟ أول شيء استشعار أن هذه نعمة وفضل من الله سبحانه وتعالى وأن هذه أتته بفضل الله وليس بفضل قوته.. وأنه إن لم يشكر فإنها تسلب.. وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ فهو لا يحفظ هذه النعمة إلا بأن يشكر الله تبارك وتعالى.. وهذا الشكر يكون بالعمل والممارسة أن يوظف ذلك فيما يرضي الله اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ
فإذن..الإيمان وحده هو الذي يعصم الإنسان من أنه يقع في دائرة اللوم أو العتب على الله تبارك وتعالى ولذلك قال الله سبحانه وتعالى في ذكر الذين لا تنفعهم هذه الرسائل.. فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ربنا سبحانه وتعالى ذكر أناس فقال وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ أناس كانوا في سعة وفي نعمة تغمرهم ثم هم يكفرون بالمنعم سبحانه وتعالى.. فالله سبحانه وتعالى لأنه يريد أن يقربهم قال فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ التضرع هو اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ لا ينفعهم شيء.. لا السراء يدفعهم إلى أن يشكروا ولا الضراء يجعلهم يتوبوا وينيبوا فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ كل ما يريدونه من زينة الدنيا.. لما هذه الأبواب تفتح كيف يترجمونها؟؟ يترجمونها على أنها خير.. لكنها في الحقيقة هكذا؟
حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ آيسون من الرحمة أو أن تعود لهم هذه النعم فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إذن هؤلاء الناس كيف ينظرون إلى هذا الذي هو في الحقيقة ابتلاء بل مقدمة إهلاك.. لكن هل هو في الحقيقة هكذا..؟ ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إِذَا رَأَيْتَ اللهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا وهو مقيمٌ عَلَى مَعَصِيتهِ، فاعلَّم أنَّ ذلِكَ منه استدراج ثُمَّ تَلَا هذه الآية: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ” ولذلك أبو حاتم الأعرج رحمه الله من أئمة التابعين قال يقول.. إن نعمة الله عز وجل علي فيما زوى عني من الدنيا أعظم من نعمته علي فيما أعطاني منها ثم علل فقال إني رأيته أعطاها قوماً فهلكوا..
هو في تفكره وصل إلى أنه يقول: أن الذي زواه الله سبحانه وتعالى أو أبعده عني من الدنيا أنا اعتبره نعمة أكبر من التي أعطاها الله سبحانه وتعالى لي… لما؟
لأن هذا ربما يعصمه من كثير من الفتن التي تصيبه.. أو التي ربما تصيبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم – ذكرناه في الخطبة الماضية – ” وَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا “
فإذن القضية أن العطاء من الله سبحانه وتعالى نعمة إذا الإنسان شكرها… وإن أيضاً المنع أحياناً والابتلاء أحياناً يكون نعمة إذا الإنسان كما قلنا أحسن الترجمة.. ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال ” مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ ” يفقه في الدين.. لماذا…؟ لماذا هذه علامة إرادة الخير بالإنسان لأنه سوف يحسن ترجمة رسائل ربنا سبحانه وتعالى فيبقى راضياً عن الله في كل الأحوال.. لماذا يرضى..؟ لأن هذا الرضا فرع عن إدراكه أو ظنه الحسن بالله سبحانه وتعالى أن الله سبحانه وتعالى يقدر ويختار له الخير.. وأن هذا علامة الحب والإكرام وليس العكس…
يحيى بن معاذ يقول: إنما كان الفقراء أسعد على الذكر من الأغنياء قال لأنهم في حبس الله تبارك وتعالى… ثم قال: لو فك عنهم حصار الفقر – الذي هم فيه – قال لوجدت من ثبت على الذكر قليلاً.
هو يقول أن هؤلاء الناس أقرب إلى الذكر من الآخرين… لما؟ لأن الشواغل عندهم قليلة.. فهم يجلسون في هذا الذكر أو في هذه العبادة أو في هذا الفراغ القلبي من كثرة الشواغل.. فهو يقول أن هؤلاء لو جاءتهم واتسعت معهم.. سينصرفوا ولن تجدهم.. وهذا حدث معنا كثيراً ورأيناه كثيراً… مثلاً في مرحلة ما بعد الثورة.. هنالك أناس كثيرون كانوا أصحاب أوضاع معينة وبعد الانفتاح السياسي… بعدها لم تجد أحداً منهم – فهما كانوا موجودين حيث الأشف – فهو أحياناً من رحمة ربنا تبارك وتعالى بالإنسان أن الدنيا تكون معه ” ملمومه ” لأن هذا يصلحه هذا الإنسان يصلحه ذلك.. لكن قد يكون هذا الإنسان غير مدرك ذلك فلا يفهم ذلك ولا يحسن الترجمة.. فيبقى لماذا هذا يا رب ما الذي فعلته من أجل ذلك..؟ فتخيل العبد وهو يقول هذه الكلمات.. كيف ينظر الله سبحانه وتعالى إليه..؟
روي أن الله تبارك وتعالى يحمي عبده.. – الحماية تعني الوقاية – من زخرف الدنيا وزينتها كما يحمي أحدكم مريضه.. مريض يأبى إلا أن يأكل أكلة معينة.. هذه الأكلة تضرة وتؤذيه.. ما الذي يراه..؟ يرى أن هذا هو المحبوب وأنه لو أكله سيتلذذ وينتفع.. هو يرى ذلك.. لكن في الحقيقة أنه لو أكل ما الذ سيحدث..؟ سيتضرر ويؤذى صحياً.. لو لم تعطيه الذي يريده لزعل منك ولشعر أنك لا تحبه وتضيق عليه وتخنقه والشيء في يدك… أو في الثلاجة.. أخرجها وأعطيها إليه.. لن تكلفك شيئاً.. لماذا تعاملني هكذا..؟
أنت في هذا الموقف ما الذي ستفعله..؟ هل ستتغاضى وتعطيه.. أم ستمنعه منها..؟ حسب قدر محبتك…
لو كنت تحبه بصدق تعطيها له؟ مع كونها تضره وتؤذيه..؟ أم ستمنعها منه..؟ ستمنعها منه وسترد مشكلة أخرى.. ستمنعها منه لأنك تحبه وهو لا يرى ذلك وأنت لا تدري ماذا تفعل.. كالطفل الصغير الذي قد ارتفعت حرارته وهو في حاجة إلى حقنة هو سيعتبر بذلك أنك تعذبه.. الحقنة قد ألمته.. لكن هو لكون عقله صغير محدود.. هو يرى أن هذه الحقنة أنت تعذبه بها.. لكن الحرارة بهذا المستوى لن تنخفض واللبوس مش حيجيب إلا لابد لحقنة.. أنت تخاف عليه.. قد غطسته في الماء وأخرجته ليس هنالك فائدة لابد من الحقنة… هو ما الذي يترجمه من الحقنة.. الشكة والألم.. والمادة الفعالة التي لا يمكن أن تبث إلا جسده فتخفض الحرارة إلا بشكة الحقنة..؟ هو لا يراها.. لكنك مدركها..
لذلك أنه لما يكبر ويعقل ويفهم وحرارته تعلو.. هو الذي سيطلب الحقنة.. حقيقة..
فما الفرق إذن ما بينه وهو صغير وهو كبير..؟ أنه أدرك أو عقل أو فهم فأدرك مواطن المصلحة ومواطن المفسدة وأنه لا يصل إلى هذا الخير وإلى هذه المصلحة إلا بتحمل.. – شكة..هي شكة أبره.. حاجة بسيطة.. – لكنه وهو صغير لم يكن يفهم ذلك.. هذا هو الإنسان.. عقله وفكره محدود..
إذن كيف يرتقي..؟ ليس مجرد السنّ.. بأن ربنا سبحانه وتعالى يرزقه حقيقة الفهم حقيقة الإدراك.. حقيقة الوعي.. حقيقة الثقة في ربنا سبحانه وتعالى وحسن ظنه بربه تبارك وتعالى..
إذا أدرك هذا حينئذٍ يحسن الترجمة فيبقى في حالة الرضا.. وإذا لم يكن سيبقى في حالة السخط..
فإذن الفرق ما بين هذه الصورة وما بين هذه الصورة هو الإدراك فقط.. هذا الإدراك هنالك أشياء ندركها وهنالك أشياء لا ندركها.. هنا الثقة.. هنالك أشياء أنها شر وسوء لكنها في الحقيقة غير ذلك لكن من الذي يرى الأمر على حقيقته..؟ الله سبحانه وتعالى.. هل،ا سأصل من العلم بحيث أطلع على جميع الغيبيات…؟ لأ.. وحينئذٍ يأتي مقام التسليم.. أنني أبني على الثقة حتى لو أنني أرى خلاف ذلك.. لأن ثقتي في ربنا سبحانه وتعالى وإيماني به يفوق ما تدركه الحواس والنظر المحدود..
فإذن لكي لا يبقى الإنسان في عتب على الله سبحانه وتعالى.. عليه أنه يتعرف أكثر على الله سبحانه وتعالى وعلى حكمة الله سبحانه وتعالى وعلى ما أخبرنا به سبحانه وتعالى عن نفسه وحكمته ورحمته في كتاب الله..
ولكي يزيل عتب ربنا سبحانه وتعالى عليه..؟ عليه إن يلازم باب الله سبحانه وتعالى في كل وقت..
فإذن خطبتنا اليوم العبد بين العتب والإعتاب.. العتب أن يكون ” زعلان ” من ربنا والإعتاب أنم يريد إزالة ما يوجد من سخط أو من غضب ربنا سبحانه وتعالى عليه بسبب قصوره وتقصيره.. كيف ينجو من العتب وكيف يحقق الإعتاب. ينجو من العتب بالتعرف على الله وينجو من الإعتاب بالتقرب واللجوء الدائم والدعاء لله تبارك وتعالى..
اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم ارزقنا حقيقة الفهم، اللهم ارزقنا حقيقة الفهم.
اللهم فقهنا في ديننا.
اللهم خذ بأيدينا إليك، اللهم خذ بأيدينا إليك، أخذ الكرام عليك.
اللهم خذ بأيدينا إليك، أخذ الكرام عليك، لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك، لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك
اللهم كن لنا ولا تكن علينا، اللهم كن لنا ولا تكن علينا، اللهم كن لنا ولا تكن علينا.
اللهم أعنا ولا تعن علينا، وأعنا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، واهدنا ويسر الهدى إلينا، وانصر على من بغى علينا، اللهم اجعلنا لك ذكراين، لك شكارين، لك مطواعين، لك راهابين، إليك أواهين منيبين.
اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وامح خطيئتنا، وثبت قلوبنا وسدد ألسنتنا واسلل سخيمة قلوبنا.
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عملٍ يقربنا إلى حبك
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.