إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد:
المسلم بين عالمين؛ ونقصد بالعالمين العالم الذي يتمناه المسلم، أو العالم الذي يتمنى أن يعيش فيه أو العالم الذي يرسمه في خياله مقابل العالم الواقعي الذي يعيش فيه الإنسان، فالإنسان المسلم حقّ المسلم يعيش بوجدانه وبفكره وبحاله في عالم ويعيش بجسده واختلاطه واتصاله في العالم الآخر، وهذا الانفصال بين هذين العالمين لابد أن يحدث في نفس العبد المسلم اضطراباً وخللاً، عالم هو قد ادركه من خلال ما علمه عن دينه وعالم ٌ آخر في تفكيره وفي سلوكه وفي أخلاقه وفي غايته يعايشه ويخالطه.
الجمعة الماضية بعد الخطبة كان هناك إشارة إلى مفهوم اشتهر على الألسنة وهو مفهوم العلمانية وهو مصطلح تم استيراده يعكس صورة ويعكس مفهوماً، أن يكون الدين هو صورة من العلاقة الشخصية الخاصة بين العبد وبين ربه أيّاً كان ربه الذي يعبده، هذه قضية خاصة لا يتدخل أحدٌ ولا يحق لأحدٍ أن يتدخل فيها، أما ما وراء ذلك من السلوك الاجتماعي والممارسة الاجتماعية، فهذا بمنأى عن الدين، إنما يرتبه الناس على وفق ما يرونه صالحاً من مقتضى الخبرة والتجربة والتعقل والتفكير.
وقلنا أن المسلم إذا أراد أن يكون مسلماً حقاً فعليه أن يسعى في أن يلتزم توجيه ربه تبارك وتعالى له في كل حركة وسكنة وأن هذه العبادة التي يتعبد بها الإنسان إنما مقصودها وغايتها أن تنضح على خلق الإنسان وعلى سلوكه وذكرنا قبل ذلك أن العبادة ربنا سبحانه وتعالى إنما شرعها لكي تؤتي أكلها في خلق الإنسان وفي ممارسته وفي سلوكه،، قال الله تبارك وتعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وفي المقابل وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ربنا سبحانه وتعالى يصف كلمة، كلمة؛ أن هذه الكلمة تؤتي أكلها وتثمر ثمرتها في كل حين، فهذه الكلمة كلمة الإيمان، كلمة التوحيد، كلمة الارتباط بالله والإذعان له سبحانه وتعالى، هذه ليست كلمة مجردة، كلمة عميقة الجذور في قلب الإنسان أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا يمس أبواب السماء، تثمر ثمرتها الدائمة من الكلمات الطيبة ومن الأعمال الصالحة، وفي المقابل الكلمة الخبيثة ليس لها عمق في الوجدان وليس لها أثر إلا كل شرٍّ وكل خبث وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ
إذاً الإيمان له وظيفة، ما وظيفة الإيمان، النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم عن الصلاة فيدعو بلالاً لأن يؤذن ليجمع الناس إلى هذه العبادة، إلام يدعوه، يقول ” أرحنا بالصلاة، أرحنا بالصلاة ” ” أرحنا بالصلاة ” هذه ما معناها؟ معناها أن كان هناك حالة قبل الصلاة ومطلوب من الصلاة أن تزيل وتعالج هذه الحالة، لن يقال أرح شخص إلا إذا كان هذا الشخص متعب، لا يُقال أرحنا بالصلاة إلا إذا كان الإنسان كان يترقب الصلاة لأنه محتاج أن يمثل بين يدي الله، فهذا المثول منه بين يدي ربه تبارك وتعالى يريحه، ولا تكون راحة إلا إذا كانت بعد كدٍّ وتعب وجداني، ” وجُعلت قر عيني في الصلاة ” الحالة التي عندما يدخل فيها صلى الله عليه وسلم لا يريد أن يخرج منها، عندما يدخل فيها لا يريد أن يخرج منها، لذلك ذكرنا مراراً أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما ذات مرة سلّم من ركعتين في الظهر أو في العصر بدى سلوكه غريباً غير مفسّر، ذكرناه أكثر من مرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما خرج من الصلاة قام مغضباً يجرّ رداءه، ثم وقف ثم دخل ثم خرج ثم وقف مشبّكاً أصابعه – شكله غضبان – يقول أبو هريرة: وفي القوم أبوبكر وعمر فهابا أن يكلماه.
لماذا قال وفي القوم أبوبكر وعمر؟ لأن هذين أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين يقدروا نتيجة لقربهم الشديد منه أن يتكلموا معه في أي موضوع في أي وقت، يقول من شكله هم خافوا أن يتكلموا معه، هم يريدون أن يقولوا أنه سلّم من ركعتين وبقي ركعتان لابد أن نكمل الصلاة، فقام رجل يقال له الخرباق، فقال: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ قال: لم أنسى ولم تقصر!، قال: بل نسيت.
فهو أمر من اثنان؛ إما أن ربنا أنزل وحي وتشريع فالظهر بدلاً من أربعة أصبح اثنان، فهذا الاحتمال الأول أو أن النبي صلى الله عليه وسلم نسي، فقال: لم أنسى ولم تقصر، فبما أنها لم تقصر فهو وقع النسيان لا محالة، قال: بل نسيت، قال: أصدق هذا؟ قالوا: نعم، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وصلى الركعتين التاليتين، فلما انفتل من الركعتين التاليتين، رجع إلى وضعه العادي الطبيعي، المقدار حينما نقُص للنصف بدا واضحاً على حاله وسلوكه وسكينته صلى الله عليه وسلم مباشرةً، إذاً هناك فرق كبير جداً بين مفهوم الصلاة عنده ومفهوم العبادة عنده، ومفهوم العبادة لدينا، هذه المسافة الواسعة هذه تحتاج إلى أن تضيق.
نحن الآن حينما نتكلم عن الدين والعبادة والإيمان، نحن عم نتكلم؟ نحن نتكلم عن وحي نزل من عند ربنا سبحانه وتعالى، وبما أن هذا الوحي متنزل من عند الله فهذا الوحي متّسم بالحكمة وبالعلو وبالعظمة وباللطف وبالخبرة وبالرحمة لماذا؟ لأن هذا مصدره إلهي فيستمد من عظمة الصفات الإلهية، فالإنسان حينما يقدم على هذا، فنحن الآن إذا أحبّينا أن نتكلم عن حكمة ربنا سبحانه وتعالى في توجيهه وفي هدايته، فهذا الكلام يكون سهلاً أم صعباً؟ فالإنسان سيدخل إلى هذا الباب أو يلج إلى هذه الساحة بالثقة أم بالقلق؟ بالجرأة أم بالهيبة؟ فأنت الآن تريد أن تقول أن ربنا سبحانه وتعالى أراد كذا، أو حكمة ربنا سبحانه وتعالى كذا، أو توجيه ربنا سبحانه وتعالى كذا أو الصورة التي أرادها ربنا سبحانه وتعالى للناس كذا أو الشكل الذي من المفترض أن يكون عليه الإنسان كذا، أو أن الشكل الذي من المفترض أن يكون عليه الإنسان كذا أو الصورة التي أرادها ربنا سبحانه وتعالى للناس كذا، أو الشكل الذي من المفترض أن يكون عليه الإنسان الذي يرضى ربنا عنه كذا، هذا سهل أم صعب؟
معرفتنا له ستكون سهلة أم محتاجة إلى قدر من التبصر وقدر من الاجتهاد، الحجم والمساحة التي من المفترض أن يشغلها ما هي؟
نحن الآن في وضعنا وفي واقعنا يوجد شيء اسمه ثقافة، ما معنى ثقافة؟ الثقافة هذه هي ممارسة المجتمع للدين، هذا الدين عبارة عن ماذا؟ الدين هذا عبارة عن المنظومة ” مثلما قلنا من كذا خطبة ” منظومة كاملة لرؤية وتفسير وتحديد الهدف والغاية من الحياة وبالتالي ممارسة الحياة بشكل صحيح، هدف أي إنسان وهدف أي فرد هو تحقيق السعادة، وهدف أي مجتمع هو تحقيق الرخاء، هذا يشترك فيه كل الناس، من المفترض أي بني آدم يريد أن يكون سعيداً، وأي مجتمع يريد أن يتمتع بالرفاهة والرخاء والسلام والأمن.
كل شخص لكي يصل إلى هذا لابد أن يكون واضع منظور في ذهنه، فنحن الآن متفقين جميعاً أننا نبحث عن السعادة الشخصية لكننا مختلفين كثيراً في كيفية الوصول إليها، كل المجتمعات تريد أن تحقق الرخاء والرفاهة والسلام والأمن، ولكن كيف سيتم هذا؟ على وفق أي صورة؟ هذا هو الذي يتباين به الناس وهذا هو الذي من أجله ربنا سبحانه وتعالى أنزل هذه الكلمات فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى هذا هو ما يريده الإنسان، في النهاية خلاصة الموضوع هكذا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى نحن لا نريد شيئاً آخر، الضلال أن أكون تائهاً لا أعرف أين من المفترض أن أذهب؟ أو أعرف المكان الذي من المفترض أن أذهب إليه لكنني لا أعرف كيف أصل إليه، وكيف أواجه العقبات التي في طريقي وكيف أتخلص من العواسر التي تعرض لي، وكيف ألتزم بجادة الصواب بدون أن أنحرف يميناً أو يساراً، ربنا يكفل لك هذا، أنت لا تضل ويكفل لك أنك لا تشقى، كل صور الشقاء والتعاسة والنكد والغم ربنا سبحانه وتعالى يعد، إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ربنا يعد الذي يتّبع الهدى أنه لن يصيبه الشر أبداً، نحن الآن لدينا شيء اسمه أيدولوجية، ما معنى أيدولوجية؟ أيدولوجية هذه هي الهيكلية العامة لإدارة الحياة، يوجد شيء اسمه الشيوعية أو الاشتراكية، في مقابلها اللبرالية أو الرأسمالية، ما هذه؟ هذه منظومة كاملة لرؤية الحياة، هل يوجد مقابل للاشتراكية واللبرالية شيء يسمى الدين أو الإيمان أو الإسلام أم لا؟ إذا قلنا أنه يوجد شيء هكذا فنحن ندّعي أو نزعم أن الدين يقدّم رؤية كاملة للوجود تشمل الأولى والآخرة تشمل إصلاح المعاش والمعاد، تشمل إصلاح الفرد والمجتمع هذا هو من المفترض علّة التنزيل، وهذا هو من المفترض أن النبي عاشه وطبّقه، فالشخص الذي ينتسب إلى الماركسية وهم مازالوا موجودين، حينما تتحدث معه سيكون لديه رؤية ليتكلم عن برنامج لإدارة الحياة، أنا لا أتكلم عن صحة وخطأ ولكنه لديه برنامج، إذا تكلمت مع شخص يتبنى اللبرالية سيكون لديه برنامج لإدارة الحياة، فلو تكلمت شخص من المفترض أنه مسلم هل يستطيع أن يقول لك؟ على نفس المستوى يستطيع أن يشرح لك؟ عنده رؤية ولديه بصيرة يستطيع أن يتكلم أو لا يستطيع؟ فإذا لم يستطع هل لأنه لا يوجد أم لأنه لا يعرف؟ وإذا كان لأننا لا نعرف فلماذا لا نعرف؟ فنحن الآن نريد أن نتكلم عن المال نحن من المفترض نعيش في إطار عالم، هذا العالم من الذي يديره؟ يديره الرأسماليين، النظرية تسمى رأسمالية والناس الذين يحتموا فيها يسموا رأسماليين، فلابد أن نكون عارفين ما معنى مال وما قيمة المال في الحياة وما توجيه الدين بالنسبة للمال؟ وهل تحصيل الأموال أو جمع الأموال شيء محمود في الدين؟ أم شيء مذموم؟ أم شيء لا محمود ولا مذموم؟ وهل السعي في هذا السبيل يكون حسن أم قبيح؟ المال بالنسبة للإنسان أو قوة المال بالنسبة للإنسان ما مدى ضرورتها بالنسبة له؟ فسنجد هؤلاء الناس لديهم نظرية، وهؤلاء الناس لديهم نظرية، أما نحن ولذلك نحن عشنا زمان نتكلم عن أن الإسلام قريب من الاشتراكية أو اشتراكية الإسلام أو الاشتراكية في الإسلام ثم تكلمنا عن أن الإسلام يتبنى منهج الحرية الاقتصادية أو الرأسمالية في الإسلام، فهل الإسلام هكذا أم هكذا؟ هل هو سابق على هذه الأشياء أم لاحق لها؟ من الذي جاء أولاً؟ أي هل الدين كان قديماً وهذه الأشياء طرأت كنتاج ذهن بشري متأخّر، أم أن هذه الأشياء كانت موجودة أولاً ثم جاء الدين بعدها؟ إذا كان هو قديم وهذه الأشياء جاءت عليه هل كان لديه شيء يقوله أم ليس لديه شيء يقوله، والمسلمون عاشوا زماناً طويلاً على وفق رؤية أم ليس لديهم رؤية؟ كل هذه أسئلة هذه الأسئلة محتاجة لأجوبة، هل هي محتاجة أجوبة أم ليست محتاجة لأجوبة، ضروري أن نجيب أم غير ضروري أن نجيب، نحن لدينا جملة مشهورة نستخدمها أو معظم الناس يجيبون بها، يقولوا أن ” الكلام دا ما بيأكلش عيش ” نحن نتكلم في أكل العيش، نتكلم في المال وأكل العيش،، لكن دعونا نقف على هذه الجملة، هذا الكلام يؤكّل عيش أو لا يؤكّل عيش، ما معناها، ما المقصود بها، لا يؤكّل عيش هذه معناها أنه ليس له نفع أو فائدة، أي كل هذا الكلام الذي نقوله هذا نوع من أنواع الفلسفة؟ ترف فكري ليس له معنى؟ هل له قيمة أم ليس له قيمة؟ فإذا كان ليس له قيمة فنحن نضيّع الوقت بدون فائدة فنلقي به، وإذا كان له قيمة لابد أن نعرف لماذا له قيمة، نحن ما الذي سنستفيد به منه؟ هل يوجد أثر يترتب على هذا الكلام أم لا؟ إذا كنّا نقصد بأكل العيش اصطلاح رمزي لمعنى النفع، فهذا معنى صحيح وإن كان التعبير عنه ليس بهذا القدر، لا يتناسب مع مستوى الكلام، ما معنى هذا؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” اللهم إني أسألك علماً نافعاً ” ويرفع يديه ويقول ” اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ” فيوجد علم ينفع، ويوجد علم لا ينفع، العلم الذي ينفع النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل ربنا ويرجوه أن يرزقه منه لكي ينتفع به ويوجد علم لا منفعة له، أو أن الإنسان لا ينتفع به، ” علم لا ينفع ” تطلق على أمرين؛ العلم نفسه أو هذه المعرفة ليس لها ثمرة لا فائدة لها، فهذا تضييع للوقت أو أنه علم نافع لكنني – عياذاً بالله – ربنا لا يوفقني فلا أنتفع به، أما إذا كان المقصود أن الكلام الذي لا يؤكّل عيش بمعنى العيش المادي، أي لا يجلب مال، أي لن ينفعني نفع في المدى القريب الدنيوي، فهذا الكلام خطأ، العيش مهم لكن هناك أشياء لا تقلّ عنه أهمية، العيش ضرورة للحياة المادية، والإيمان ضرورة للحياة الروحية، العيش ضروري لبقاء الدنيا، والإيمان ضروري لهداية الآخرة، ما هي الموازين بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ يهديهم لماذا؟ جنة تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
الحمد لله
ربنا سبحانه وتعالى يقول وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ربنا يتكلم سبحانه وتعالى عن غاية الوجود الإنساني لماذا؟ الناس موجودين في الحياة يعبّر سبحانه وتعالى بصيغة القصر والحصر، لا يوجد وظيفة أخرى ” وما، إلا ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما العبادة، ما المطلوب؟ قلنا قبل ذلك هل العبادة مجرد أن الإنسان سيؤدي شعائر التقرب أم أن المعنى أوسع من هذا، لو قلنا أن الإنسان خُلق للعبادة والعبادة هي الأركان الأربعة اللاحقة للشهادة، الصلاة الصيام الزكاة الحج، فالإنسان من المفترض أنه طيلة الوقت يكون في صلاة وانقطاع وصيام،، لو كان هذا مفهوم العبادة، وبما أن الأمر ليس هكذا، فأكيد العبادة أوسع مدى من الشعائر، وإن كانت الشعائر هذه هي الركن الأساس للعبادة، لماذا؟ لأن فيها صورة التقرب الخالص، صورة التعبد المحض، فما العبادة، ما المقصود بها؟ العبادة: أن الإنسان وهو يتحرك يحرص على أن يتحبب إلى الله، يفعل كل شيء هو يرى أن ربنا يحبها ويرضى بها، وينأى بنفسه عن كل شيء يرى أنها تسخط ربنا سبحانه وتعالى وتغضبه عليه، كل شيء في الحياة، أنا أتكلم، أنتوي نيّات، أفكّر في أفكار، أتخلق بأخلاق، أسلك سلوك، أتعامل معاملات في كل حركة وسكنة، هل هذا يرضي ربنا سبحانه وتعالى محبوب عند الله، فأنا في إطار عبادة الله، بعيد عن هذا فأنا سأنأى عنه، هذه هي حقيقة عبادة الإنسان لله.
فالعبادة ستتمثل في ممارسة وعمل وسلوك ونيّة وقصد، وبعد ذلك عقّب سبحانه وتعالى قال مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ السيد الذي له عباد من المفترض من المفترض بالصورة الطبيعية أنه يسخّرهم في تحقيق مصالحه، لكن كان من رحمة ربنا سبحانه وتعالى الغني، لا يحتاج من أحد شيئاً،، أن يوظّف العباد لمصالحهم هم، أي أحد غير ربنا سبحانه وتعالى يوظّف من حوله لمصلحته، لكن ربنا سبحانه وتعالى يوظّف العباد لمصالحهم ولسعادتهم في المعاش وفي المعاد، فهم خُلقوا لأداء عمل، لم يخلقوا لجمع المال، فهنا يوجد غاية، وهنا يوجد غاية، بل بالعكس إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ربنا سبحانه وتعالى هو الذي سيرزقهم ما يعينهم به على أداء الوظيفة – العبادة – إذاً نحن لدينا يوجد شيء اسمه غاية، ويوجد شيء اسمه وسيلة، العبادة والعمل على إرضاء الله هي الغاية، ووسائل المحافظة على هذه الحياة وسيلة، العلماء يكلّمونا عن شيء اسمه الفرض والواجب والحتم واللازم، يقولون أن الفروض هذه قسمان قسم عيني وقسم كفائي، قسم عيني أي واجب على كل إنسان بعينه وبنفسه وبذاته لابد أن يفعله، وقسم كفائي، ما معنى كفائي؟ المطلوب فيه تحقق الكفاية، فما معنى عيني وما معنى كفائي؟ العيني هذا: هو الواجب الشخصي، والكفائي: اسمه الواجب الاجتماعي واجب شخصي وواجب اجتماعي، في الواجب الشخصي ما المطلوب؟ المطلوب أن أؤدي هذا بنفسي لأن هذا شيء أنا أحتاجه حاجة ضرورية، أنا شخصيّاً، أؤدي العبادة، أصلح قلبي، أحسّن خلقي؛ فهذا واجب شخصي عليّ.
يوجد شيء اسمه واجب اجتماعي؛ قيام المجتمع يتوقف عليه، ما المطلوب منها؟ العمل على تحقيق الكفاية، فإذا لم تتحقق الكفاية؟ سيصبح المجتمع بأفراده في دائرة الإثم والمعصية كما هم لو تنكّبوا الفرض العيني والواجب الشخصي يكونوا في دائرة الإثم والمعصية.
فما المطلوب؟ المطلوب أن يقيموا واجبات، هذه الواجبات أعمال عليهم أن يعملوها،، يعملوها لكي يحققوا غاية وجودهم ويكتسبوا مرضاة ربنا، أم لمجرد أن يأخذوا العائد المادي عليها، أنا أعمل أعمل لكي أقدّم نفع أو قيمة مضافة أو أتعبد لله أو أحسن لعباد الله أم لكي أأخذ مال، أنا محتاج للمال لكن هل أعمل لأجل المال، ستفرق كثيراً، تفرق كثيراً جداً، لأجل ذلك نحن بدأنا الخطبة بأننا من الممكن أن يكون لدينا دين نحن منتمون له لكننا نعيش في دين آخر، أنت الآن تعمل لأجل المادة أم أن هذه المادة شيء يعينك على أن تؤدي مهمتك وتكمل عملك، لابد أن تجيب عن هذا السؤال، وبالتالي الأعمال التي لا تجلب المال بالقدر الكافي، أو التي لا تجلب أموال تماماً يزهد فيها الناس لأنها في النهاية لا تجلب مالاً ” ما بتأكلش عيش ” وبعد ذلك العمل واجب، قيمة في ذاته؛ أن الإنسان يكون له قيمة ولذلك سيدنا ابن مسعود كان يقول ” إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللة لا في أمر الدنيا ولا في أمر الآخرة ” فراغ ” سبهللة ” هذا هو الشخص الفاضي الذي يعيش هكذا وانتهى، لا يعمل شيء ينفع في الدنيا ولا يعمل شيء ينتفع به في الآخرة، فهو يقول أنه يكره ذلك، بناءً على ماذا؟ هل هذه كراهية شخصية نفسية أم كراهية دينية؟ كراهية دينية بناءً على ما تعلّمه من الدين، أن الإنسان المسلم لابد أن يكون لديه وظيفة، يؤدي الوظيفة لأنها وظيفة، ويوجد أشياء لا يستحسن فيه هذا.
عثمان بن أبي العاص قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” يا رسول الله اجعلني إمام قومي، قال: أنت إمامهم واقتدي بأضعفهم واتخذ مؤذّناً لا يأخذ على أذانه أجرا “
عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه شاب صغير من ثقيف عنده 19 سنة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع وفد قومه ليسلموا، ولازم رسول الله صلى الله عليه وسلم طيلة فترة مقامه في مكة – فهم قادمون من الطائف إلى مكة – يتعلم منه القرآن والعلم والدين، ثم هم سيرجعون مرة أخرى الطائف، فعثمان بن أبي العاص يقول للنبي صلى الله عليه وسلم ” اجعلني إمام قومي ” أليست الإمامة هذه لها قوانين ولها شروط،، أليس ” يؤم الناس أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواءً فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً ” فهي لها قواعد، ليس هناك معنى لأن يقول ” اجعلني إمام قومي ” لأنه لن يضعه في مكان هو ليس أهلاً له، وهذا يأتي بشكل تلقائي، فلماذا قال هذا الكلام؟ لأنه أصغر الناس سنّاً ولكنه أحقهم بهذا من الممكن أن يكون في نفوس الناس الكبار سواءً في السن أو في المقام غضاضة من أن يؤمهم شخص صغير السن، فهو يقول للنبي صلى الله عليه وسلم – خليها تيجي منك – لكي تكون نصّاً لتزيل أي شيء يأتي في نفوس أي شخص من الغضاضة أو الضغينة أو عدم القبول، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ” أنت إمامهم ” لم يقل جعلتك إمامهم، قال: ” يا رسول الله اجعلني إمام قومي، قال: أنت إمامهم ” فهذا هو الطبيعي، هذا هو الطبيعي أنا لا أحتاج أن أعيّنك لأنك معيّن ومتعيّن، ولكن لكي يسمعوا، قال ” واقتدي بأضعفهم ” فهو صغير السن ويريد أن يتعبد فليكون على النطاق الشخصي، لكن في الجماعة ” الضعيف أمير الركب ” في الجماعة الإنسان يراعي ظروف الناس الذين وراءه، قال ” اقتدي بأضعفهم ” مع أنه القدوة والناس يقتدوا به، فما معنى ” اقتدي بأضعفهم ” أي يسير على سير الضعيف منهم، وبعد ذلك
قال ” واتخذ مؤذّناً لا يأخذ على أذانه أجراً ” فلماذا؟ لأن هذه عبادة محضة لكي تكون خالصة، فلنفرض أنه سينقطع للأذان وسيترك عمله فلابد أن يأخذ عليه أجر لأنه محتاج إلى المال، لكنه لن يؤذّن لكي يأخذ المال، فهو محتاج لأن يراجع نفسه دائماً ويصفي نيّته، فهو لماذا يؤذّن، هو يؤذّن لكي يأخذ الثواب، وهو يأخذ المال لأنه حبس نفسه لهذه الوظيفة فمحتاج المال لأن المال ضرورة لكي يستطيع أن يعيش، فهو لا يؤذّن لكي يأخذ المال، لا يصلي لكي يأخذ المال، لا يخطب لكي يأخذ المال، ولا يدير لكي يأخذ المال.
سيدنا أبوبكر وسيدنا عمر كان يخرج لهم مالاً من بيت المال، لماذا؟ لأنهم تركوا كل شيء لأجل هذه الوظيفة، هذا الفرض الكفائي العظيم هذا يأخذوا مال مقابل الوظيفة؟ لا لا، لذلك هم ماذا كانوا يأخذون؟ يأخذوا بمقدار الحاجة، إذا كانت بالوظيفة فيكون لها مسمى وظيفي، الذي يعمل كذا فيكون مرتبه كذا،، لا ليست هكذا، هو احتياجاته الأساسية في الحدود الفلاني، فهو يأخذ قدر هذا المقدار، فإذا كان أكثر من هذا لا يأخذه.
ولذلك نحن أخذنا في المدرسة زمان أن أم كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب رضي الله عنها وعن أبيها كانت تريد أن تشتري شكولاتا، سيدنا عمر قال لها أن هذه خارج الاحتياجات الأساسية، فادّخرت لتشتري شكولاتا فلما ادّخرت ووضعت القرش على القرش واشترت الشكولاتا ووجدها اشترت الشكولاتا، فقال لها إذاً المال الذي ادّخرتيه هذا زائد عن الحاجة، اعطيني المال، لأنه يرى أن هذه الشكولاتا ليست احتياجات أساسية، وهذه من مال الله فهو لن يستطيع أن يأخذ منها لأجل الشكولاتا، فهو لماذا يأخذ مال؟ يأخذ مال مقابل احتياجاته، ليس أداؤه للوظيفة، هو يؤدي هذه الوظيفة لله، أداءً للأمانة وابتغاءً لمرضاة الله.
فالذي قلناه اليوم في مقدمة هذا الكلام الذي يتتابع – بإذن الله – الشيء الأساسي ” العمل غاية وواجب ” الإنسان يعمله لكي يتعبد لله، لكي يحقق وظيفته، لكي ينفع عباد الله سبحانه وتعالى، هذا هو الأساس، ولذلك إذا لم تكن محتاج للمال لأي سبب من الأسباب، هل هذا سيلغي عنك دورك أو واجبك الشخصي والاجتماعي؟ لا طبعاً، أنت إذا أحلت للتقاعد هل هذا يلغي دورك وواجبك الإنساني والاجتماعي؟ أيضاً لا، مفهوم المعاش عندنا هذا هو انقطاع عمله في مجال معيّن، لكن المشكلة أنهم يعطوننا انطباع أنك بعد الستين أنت خارج الحياة، للأسف هذا يقع في قلوب كثير من الناس، هذا غير صحيح، لا يوجد شيء هكذا، أنت لا تخرج من الدنيا، لا تكون مثل الخيل الحكومي الكبير، لا، ولكن هذا ينقضي واجبه في هذا المحل، لكي يتفرغ لأشياء أخرى من الممكن أن تكون أصلح وأنفع له في المعاش وفي المعاد، هذا هو المفهوم.
أما المال،، المال لكي يغطي احتياجات الإنسان،، وسيلة لكي تحافظ على الإنسان لكي يستمر في أداء دوره ومهمته ووظيفته، هذا ما نريد أن نبروزه ونخرج به اليوم إِلَّا لِيَعْبُدُونِ هذه هي الوظيفة، إذاً يوجد غاية ويوجد وسيلة، المال هو وسيلة لإعانة الإنسان على تحقيق الغاية، لا يعمل من أجل المال، لا يؤدي أدوار لمجرد المادة، هذه المادة شيء مساعد ومعين، ولها معايير كثيرة، ليس مجال للكلام عليها الآن، لكن بإذن الله سنحاول أن نتلمّس هذا من نور ربنا تبارك وتعالى لذلك أنا تحدثت على أن الموضوع ليس سهلاً، فأنت حينما تتكلم عن ربنا سبحانه وتعالى وعن المنهج الذي وضعه ربنا وعن الرؤية التي ارتضاها ربنا، ليس سهلاً، فأنت تقول كلام تزعم؛ تزعم أن ربنا أراد هذا، تزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش هذا، لابد أن تكون على يقين من هذا، أو أنك بذلت الأسباب المطلوبة لكي تتيقن مما تقول، لأنك تنقل عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن دين الله تبارك وتعالى وعما يثمر مرضاة الله، لكن العزاء الوحيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” فأصاب فله أجران وأخطأ فله أجر ” إذا لم يوجد هذا فلن يستطيع أحد أن يتكلم، إذا لم يوجد هذا الكلام لن يستطع أحد الكلام، قال أن الشخص إذا اجتهد أي أنه بذل وسعه، والوسع هذا يعلمه ربنا سبحانه وتعالى، إذا بذل وسعه فعلاً في تحري الحق وابتغاء مرضاة الله سبحانه وتعالى ربنا سبحانه وتعالى يأجره ولو لم يصب عين الحقيقة، فإذا أصاب عين الحقيقة، له أجر الإصابة وأجر المحاولة، فنحن نريد أن نتلمّس ما الصورة التي أردنا ربنا سبحانه وتعالى أن نكون عليها، وعندما نسير فيها قليلاً ونجمّعها بشكل كبير قليلاً سندرك إلى أي مدى – بشكل عملي واقعي، ليس بشكل نظري،، بشكل عملي وواقعي – كم هي نعمة ربنا علينا بالإيمان، شيء يجيب عن كل الأسئلة، وتنير كل مكان مظلم كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ كل الناس مِنَ الظُّلُمَاتِ كثيرة، الظلمات هذه كثيرة، لم يقل من الظلمة إلى النور، الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ واحد فقط بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ هذا النور سيضعنا على صراط ربنا سبحانه وتعالى المتصف بأنه العزيز الحميد، كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ ما وظيفته؟ لِتُخْرِجَ النَّاسَ كل الناس مِنَ الظُّلُمَاتِ الكثيرة بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إذا لم يكن بتوفيق ربنا وبهدايته وبتسديده، لن يصل أحد إلى شيء، بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ولذلك قال بعد ذلك وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ لأنه لا يصلح بعد كل هذا أن يكفروا بهذه النعمة، لا يصلح بعد كل هذا أن يحيدوا عن النور ويختاروا الظلمات، لا يصلح، ولذلك استحقوا هذا الوعيد إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ العزيز: الذي يغلب ولا يُغلب، الذي يقهر ولا يُقهر، فهذا في حق من؟ في حق من يمتنع عن الاستجابة لله، والحميد في حق من؟ في حق من يستجيب لداعي الله تبارك وتعالى، ربنا سبحانه وتعالى سيحمد له فعله ويحمد له امتثاله، ويحمد له عبادته، ويحمد له اتّباعه فيرزقه خير الأولى والآخرة.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك
اللهم إنا نسألك علماً نافعا، وقلباً خاشعا، ولساناً ذاكرا، ويقيناً صادقا، وعملاً صالحاً متقبلا.
اللهم إنا نعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن نفسٍ لا تشبع، ومن دعاءٍ لا يسمع
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك وطاعة رسولك صلى الله عليه وسلم
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم