إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
قال سفيان الثوري رحمه الله وكذا قال بشر بن الحارث رحمه الله: ” الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ” الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا.
وقال سهل بن عبد الله: الناس نيامٌ فإذا انتبهوا ندموا، وإذا ندموا لم ينفعهم ندمهم.
الإنسان في نومه يرى أشياء كثيرة، يفرح ويُسرّ، ويحزن ويكتئب، ويرضى ويغضب، ويكلم فلانًا ويخاصم فلانًا، وهو في ذلك يرى أنه يعيش ذاك حقيقة، فبين هو انتبه أو نبّهه شخصٌ إذا به يدرك أن هذا إنما كان خيالًا لا حقيقة له.
فهم يقولون: إن هذه الحياة الدنيا بالنسبة للحياة الحق وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ أي الحياة الحقة لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ قال تعالى: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ثم قال يَعْلَمُونَ فهو سبحانه وتعالى نفى عن أكثر الناس العلم، ثم أثبت أن لهم علمًا لكنه لم يعد ذلك علمًا، يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ
إذًا العبد الذي لا علم له بالآخرة، لا إيمان له بالآخرة، لا يعد موصوفًا بعلم، كما أن الذي لا يخشى ربه ولا يعظمه لا يوصف بعلمٍ، قال تعالى إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ فالعلماء حق العلماء هم الذين يقودهم علمهم إلى خشية الله تبارك وتعالى، وقد ذكرنا قبل مرارًا أن الله تبارك وتعالى إنما عقّب هذا التعقيب فيما نسميه نحن بالعلوم الطبيعية والجيلوجية والكونية، ولم يكن ذلك متعلقّا بما نسميه نحن ” علومًا دينية ” أو ” علومًا شرعية ” أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ إذًا علوم الكون والإنسان وعلوم الأرض والجبال إنما تقود العبد إلى الله، فإذا لم تقده إلى الله لم يكن ذلك علمًا، فلماذا كثير من الناس التي أجرى الله على أيديهم بعض هذه الاكتشافات أو أكثرها لم يقدهم ذلك الإيمان؟ لأنهم يأتون في نقطة ويوقفون أنفسهم، هو الآن بعدما يدرك هذا يقوده إلى عظمة من أوجد ومن خلق ومن صنع فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ فهو هنا يقف، يقول: أنا سأدرس المادة ولن أدرس وراء ذلك، من الذي خلق أو من الذي صنع لأن هذه ” فلسفة ” وليست علم، فهل يُعد ذلك عالمًا؟ ربنا سبحانه وتعالى يقول: لا.
وهذا العلم ليس فقط يقود للإيمان، ربنا قال أنه يقود للخشية، وهذه الخشية محبة وتعظيم وهيبة وليس مجرد أن يعرف أن هناك خالقًا قد خلق ومدبرًا قد دبّر، وإنما يقوده ذلك إلى تعظيم الله وإلى معرفته وإلى محبته، قال تعالى للأسف ليس نحن سَنُرِيهِمْ هم، سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ فهم يصفون هذه الحياة الدنيا بالنظر بالحياة الحقيقية أنها بمثابة الحلم والنوم الذي سرعان ما يزول، يقول يونس بن عبيد: ما شبهت الدنيا إلا برجلٍ نام فرأى في نومه ما يكره وما يحب، فبينما هو كذلك إذ انتبه. وقال الحسن في قول الله تبارك وتعالى قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ قال: رحم الله عبدًا صحبها – أي صحب الدنيا – على حسب ذلك، أي: على حسب تعريف الله لها، ” رحم الله عبدًا صحبها على حسب ذلك، فما الدنيا من أولها إلى آخرها إلا كرجلٍ نام نومة فرأى بعض ما يحب ثم انتبه، قال تعالى وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ
الإنسان يحمل كثيرًا من الهموم فيما يتعلق بالمستقبل وتعتريه كثير من المخاوف مما يمكن أن يحدث غدًا في غيب الدنيا المحجوب، هو لا يعرف ما الذي سيحدث غدًا وقلق من الغد، ما الذي يخبئه القدر في الغد وبعد غد، رغم أن كثيرًا من مخاوف الإنسان برحمة الله وفضله لا واقع لها، فيأتي الغد ولا يحمل هذه المخاوف أو هذه الهموم فينتقل الإنسان بخوفه وهمه إلى بعد غد، وهكذا تتوالى الأيام بالإنسان حتى يقف أمام الحقيقة التي لا مرية فيها وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ الإنسان يحاول أن يصرف هذه الفكرة عن فكره أو عن ذهنه لماذا؟ لأنه يعتبرها فكرة مزعجة أو تورث الإنسان الضيق، فيصرف هذه الفكرة عن فكره أو عن ذهنه؛ لدرجة أننا وصلنا أنك من الممكن أن تجد شخص بمجرد ما يسمع قرآن ينقبض صدره، لماذا؟ لأن القرآن – للأسف – اقترن بالموت، عندما تمرّ بجوار منزل أحد وتجده يشغّل القرآن بصوت مسموع، تبدأ بالسؤال: هل هنا يوجد ميت، هل مات أحد عند فلان؟، فأصبح القرآن نفسه مما يتشاءم به الناس، فلماذا يا جماعة، لماذا هو شؤم؟ لأنه اقترن بالموت.
إذًا الأصل أن الموت فكرة مزعجة ومخيفة، أحاول أن أدفعها عن نفسي، فإذا سمعت قرآن فذكّرني بالموت أحببت أن أوقفه، لماذا؟ لئلا يذكرني بذلك ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ
فإذا ألغى الإنسان الفكرة، فهل إلغاؤه لها، هل يلغي وجودها الحقيقي؟ أي أنه لو طالب – فكرة أنه يوجد امتحان بعد أسبوع – هي فكرة مزعجة بالنسبة له فجحدها، فهل جحوده لها سيجعله يستطيع أن يلغي الامتحان واقعيًّا وفعليًّا ويستطيع أن يلغي آثاره؟ لا، ولكنه ماذا يريد أن يفعل؟ هو يريد أن يعيش هذا الأسبوع بدون توتر، هذه هي الفكرة أنا أريد أن أعيش هذا الأسبوع بدون توتر، لأنني كذّبت أنه يوجد امتحان السبت القادم، فهل أستطيع أن ألغي هذه الفكرة بالكلية؟ لن أستطيع أيضًا، فسيظل في قلق وتوتر موجود عندي طوال الأسبوع، ولكنني أحاول أن ألغي هذه الفكرة، فإذا جاء يوم السبت وجاء الامتحان وجاءت آثاره وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ هل هذا الأسبوع إذا قضيت جزء منه في التعلم والاستعداد ماذا يضير الطالب؟ أين الأزمة؟ العلم كعلم من المفترض أنه شيء محبب وشيء يرفع عن الإنسان الجهالة، ويرفع من قدره ومكانته ومنزلته، ولكنني ماذا أريد أن أفعل؟ أنا أريد أن ألعب، اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ نحن ندخل في دائرة أصعب، لماذا أصعب؟ لأن التفاخر والتكاثر ” تنافس ” اللعب واللهو والزينة من الممكن أن يكون شخصي، لكن الأصعب منه أن ندخل في دائرة تنافس، التنافس لا ينتهي، كلما علا شخص عني قليلًا أريد أن أسبقه، كلما أصبح أكبر مني قليلًا، أريد أن أكون أكبر منه، كلما كان أوسع مني متعة؛ أريد أن أكون أوسع منه، نظر الإنسان للآخرين يفسد عليه دنياه وآخرته وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ نفس الفكرة ” وَتَكَاثُرٌ ” أريد أن يكون أكثر، لا أريد أن يكون لدي كثير، لا ” أكثر ” ولذلك ” أكثر ” هذه لن تنتهي، أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ إلى متى؟ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ هذا خطير، ربنا سبحانه وتعالى يقول أن هذا التكاثر لن ينتهي إلا عندما تصل القدم إلى القبر أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ عْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ وبعد ذلك؟ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ف ” حطامًا ” وتنتهي، ممكن تكون سهلة
ولو أنّا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حيّ
ولكنّا إذا متنا بعثنا ونسأل بعدها عن كل شيء. هذه هي المشكلة
” ولو أنّا إذا متنا تركنا ” كنا ترابًا، ” لكان الموت راحة كل حيّ ولكنّا إذا متنا بعثنا ونسأل بعدها عن كل شيء
وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين.
إذًا ما النصيحة التي توجه لنا؟ أننا ندرك أن وراء هذا الحلم المحدود الذي نعيشه بقلوبنا ومشاعرنا، وأفكارنا وجوارحنا، أن وراء ذلك حياة أخرى سوف تفجأنا من دون أن نعلم لها موعدًا.
فما الفرق بين العاقل والشخص غير العاقل؟ أن العاقل يُعد العدة لهذا الاختبار والامتحان الذي لا يعلم له موعدًا محددًا، لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ربنا سبحانه وتعالى في القرآن ما هي الرسالة التي أراد أن يوصلها في القرآن؟
يقول الله تبارك وتعالى شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ربنا سبحانه وتعالى جعل لهذه الأيام ولهذه الكلمات اتصالًا خاصة ليس لغيرها من الأيام.
ربنا سبحانه وتعالى يمن علينا أن يكون لدينا فرصة أننا نستمع أكثر من أي وقت إلى كلمات الله، إلى وصايا الله ومواعظه وإرشاده لعباده، وهذا الاستماع منّا لكلام الله إنما يكون في أحسن وأعظم موضع يصغى فيه للقرآن، لأن أعظم استماع وأعظم قراءة إنما يكون حال القيام بين يدي الله في الصلاة، يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا نعمة من ربنا سبحانه وتعالى أننا نقف بين يدي الله فنستمع لكلمات الله، فكلمات الله ماذا تقول لعباد الله؟ كلمات الله تخبر عباد الله عن عظمة الله وعن نعم الله وآلائه وعن رحمة الله وقدرته، وعن علم الله وحكمته، وعن أن كل شيء في هذا الكون إنما هو بقضائه وقدره وتدبيره وتصريفه ورحمته وحكمته وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ فهو يخبر عن عظمة الله وعن رحمة الله ويخبر ويذكّر بلقاء الله، ويخبر عن حقيقة هذه الحياة الدنيا، وعن حقيقة الحياة الآخرة، ويدعو عباده إلى جنته وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ويحذر من النار ويحذر من عذابها ويقول فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ويحدثنا عن أوليائه ممن اصطفاهم واختارهم، وعن أحوالهم وعن سيرهم ويأمرنا أن نقتدي بهم، قال تعالى أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ وقال لنا لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ووصف لنا طريق المغضوب عليهم وطريق الضالين وحذرنا من هذه السبل وقال وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ثم بيّن لنا أوامره وشرائعه، وأخبرنا أننا باتباعنا لهذه التوجيهات ننال خير الدنيا والآخرة، قال تعالى فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً إذًا ربنا سبحانه وتعالى في رسالته بيّن لنا الحقائق، كيف نحب الله ونعظمه، وكيف نلتجئ إليه وننزل حوائجنا به، وكيف نعمل للقائه وكيف نرجو جنته وكيف نتجنب سخطه وعقابه أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ووالى الله علينا الآيات لكي تتحقق وتستقر هذه الحقائق في قلوبنا.
والآن،، كيف يتعامل الإنسان المسلم مع رسالة الله؟ كيف يستقبل الإنسان المسلم رسالة الله إليه، ” الناس نيام ” وأتت كلمات الله لتوقظ هؤلاء النيام، ولذلك كان من الحكمة والتوفيق والهداية حينما سطّر الهروي كتابه ” منازل السائرين ” وهو يتكلم عن طريق العبد إلى الله والمراحل التي يقطعها، بدأ ذلك باليقظة، أن الإنسان يفيق ويدرك ما هو مقبل عليه وما سيلقاه غدًا فيستعد له من الآن، أصعب سورة هي قول الله تبارك وتعالى وما أعظمه من وصف، قال وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وهذه أصعب حالة، أن يكون مظهرنا مستيقظ ولكننا نيام، ما معنى ذلك؟ أي أننا من الممكن أن نكون مدركين، ولكننا ليسوا متجاوبين أو متأثرين، نعامل الحقيقة على أنها خيال، نعامل اليقين على أنه وهم، وهذا أصعب شيء، يوجد شخص نائم وشخص مستيقظ،، وشخص نائم ومظهره مستيقظ.
فالنائم هذا أنت تراه نائمًا، فيكون منطقي أنه نائم؛ وأنت تريد أن توقظه، وأما الشخص المستيقظ،، مثل شخص لديه أمر مهم وتأخّر عليها فأنت حينما توقظه ماذا يحدث؟ أول ما يعرف كم الساعة يهبّ مفزوعًا ويسرع ليدرك ما يمكن إدراكه من موعده الهام الذي قد يفوته، أصحيح؟
فإذا استيقظ وأدرك هذا وأنه متأخرًا جدًا، وتثائب أو قال لك اتركني قليلًا أو نام مرة أخرى !! أو بقي على السرير، هل ستقل فعلًا أن هذا الشخص عنده ميعاد مهم وحيوي وضروري وأنه شاعر بأهميته أو قيمته؟ أكيد لا، أكيد لا، فنحن هكذا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ فهذه علامات اليقظة، وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ هذه حقيقة النوم والغفلة، النوم والغفلة، إذا كنّا مدركين ومؤمنين بأننا اليوم أو غدًا أو بعد غد موقوفون بين يدي الله فلابد أن يتماشى شكل الحياة على وفق رسالة الله، نحن لازلنا معنا الوقت، سنسمع فيه القرآن ونحن واقفون بين يدي الله، محتاجين أن نصغي لكلمات الله كما يحب الله، على الأقل لكي نكون أدينا شكر شيء من نعمة الله، القرآن: نعمة من أعظم نعم الله على العباد، أعظم من أي نعمة دنيوية، نعمة الهداية لله، نعمة الارشاد لله، نعمة بيان الحقائق، نعمة إخراج الإنسان من الظلمات إلى النور، من الضلال إلى الهدى، هذه نعمة من أعظم نعم الله على الإنسان، تخيل نحن لأن الموضوع في أيدينا لا نشعر به، تخيل لو أن هذا القرآن نزع، أو تخيل أنه غير موجود؟ كيف ستكون رؤيتك للحياة؟ تصورك لغاية وجودك كيف سيكون؟ كيف سيكون تصورك لشكل الحياة الصحيح؟ تصورك للحياة والشقاء كيف يكون؟ تصورك لموازين الأمور ومعاييرها كيف سيكون؟ اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ – المعايير من الله وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ نحن لازال معنا الوقت، لا نريد أن تذهب الفرصة، نحن قلنا قبل ذلك من سنين، كل رمضان نكرر هذه الكلمة، أن سيدنا جبريل يدعو وسيدنا محمد يؤمن داعيًا، ليس له ولكن عليه، ” من أدرك رمضان فلم يغفر له ” لماذا؟ لماذا ” خاب وخسر من أدرك رمضان فلم يغفر له، قل آمين ” سيدنا جبريل الذي يقول، يقول للنبي صلى الله عليه وسلم ” قل آمين ” فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بُدٌّ من الامتثال، فقال: آمين.
فلماذا؟ لماذا الخيبة والخسران؟ لماذا؟ لأن ربنا سبحانه وتعالى جعل المغفرة والرحمة غاية ما تكون من التيسير والقرب، – على فكرة – نحن سنة وراء سنة نسير للأبعد، سنة وراء سنة نفقد الحقائق، سنة وراء سنة نذهب لأماكن الله أعلم أين منتهاها، فرمضان كل سنة يكون أبعد وليس أقرب – كقيمة – من الممكن أن نكون نحن نؤدي، ولكن كقيمة كإحساس كإدراك للنعمة، كمحاولة لاستثمارها، كمحاولة لاستثمارها للمحافظة عليها، نحن نبعد، نحن نبعد، ولابد أن نحاول نوقف هذا، نحن إما سنربح أو سنخسر، ونحن لا قدّر الله لو خسرنا سندخل في هذه الدعوة ” خيبة وخسران ” من الذي يرضى لنفسه بهذا ولماذا؟ ولماذا؟ لماذا يضنّ العبد على نفسه بالخير، والنعمة والرحمة وهي أقرب ما تكون إليه.
فما المطلوب؟ في الأيام الباقية يصغي المسلم لكلمات الله فقط، يصغي المسلم لكلمات الله حيث تقوده إلى الله بس، يصغي المسلم لكلمات الله، لأنه يسمع رسالة الله للإنسان، رسالة الله للإنسان وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا من الممكن أن نكون نقرأ، ولكننا أيضًا في الهجر، لأن ربنا سبحانه وتعالى لم يأمر بأن نقرأ، قال كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ أمران، التدبر: أن أتفكّر، وأترجم الرسالة، وبعدما أترجم الرسالة، يحدث التأثّر والاتعاظ والتجاوب، وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ
اللهم إنا عبيدك بنو عبيدك بنو إمائك، نواصينا بيدك، ماضٍ فينا حكمك، عدلٌ فينا قضاؤك، نسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا وجلاء همومنا وذهاب أحزاننا وغمومنا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا، على الوجه الذي يرضيك عنا، على الوجه الذي يرضيك عنا
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا
اللهم تقبل صيامنا، اللهم تقبل صلاتنا، اللهم اجعلنا من عتقائك من النار، اللهم اجعلنا من عتقائك من النار واجعلنا اللهم من المقبولين، ربنا اجعلنا اللهم من المقبولين
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيم
اللهم ارحم في هذه الدنيا غربتنا، وارحم اللهم عند الموت كربتنا، وارحم اللهم في القبور وحشتنا، وارحم اللهم في القيامة ذل مقامنا بين يديك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم