الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين، وأشهد أن محمد عبده ورسوله النبي الأمين؛ صلى الله عليه وعلى وصحبه الطيبين الطاهرين ثم أما بعد:
وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا هاهنا بدأت القصة، ثم قال الله تبارك وتعالى وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ثم قال تعالى ذاكراً قمة المحنة وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ولم تنتهي محنة يوسف عليه السلام إلى هذه اللحظة بل امتدت لسنوات طويلة.
ونحن اليوم نريد أن نتحدث عن امرأة العزيز كيف وصفها الله تبارك وتعالى، إذا نحن تأملنا في مجريات الأحداث التي ذكرها ربنا تبارك وتعالى لوجدنا سلطة وشهوة ونزقاً وتهوراً وتجبراً.
امرأة العزيز في شبابها وحسنها وسلطانها تراود فتاها عن نفسه وكانت أول صدمة أن قال مَعَاذَ اللهِ فاستشاط غضب المرأة، لكن يوسف عليه السلام لم يكتفي بقوله مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ولكنه تبارك وتعالى قال بعدها وَاسْتَبَقَا الْبَابَ
إذاً يوسف عليه السلام إنما استعان على امتثال أمر ربه والحفاظ على نقائه وطهره أولاً بالاستعاذة بالله تبارك وتعالى من كل ما يغضبه ومن كل ما يسخطه ولا يكون هذا إلا في قلبٍ قد استقر فيه قبل تعظيم الله تبارك وتعالى فهو يستدعيه حينما يحتاج إليه.
الاستعاذة وحدها تكفي؟ قال تعالى وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ فهو إذا ظل واقف مكانه مع استمرار الضغط، النفس الإنسانية تضعف، الضغط المستمر، الضغط المستمر، الضغط المستمر القدرة على المقاومة ربما تنهار، فماذا يحدث؟ ربنا سبحانه وتعالى قال أن قوة الإيمان وقوة الإخلاص كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ هو ماذا سيفعل؟ هو سيهرب هو سيفرّ، هي ستحاول أن تجري وراءه، لكن ربنا سبحانه وتعالى سيهيّئ له ما ينقذه، إذاً الاستعاذة بالله سبحانه وتعالى، الاعتصام بالله سبحانه وتعالى ثم الفرار، هل الموقف انتهى عند ذلك؟ لا استمر كثيراً، الموضوع أخذ شكل العند والقهر والرغبة في فرض السيطرة أياً كان، قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ بعد كل المجاهدات الطويلة أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ وبعد ذلك ربنا سبحانه وتعالى يمرّ السنوات، وبعد ذلك؟
نجد نفس المرأة وهي تتكلم بهذه الكلمات، قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ.
من يرى المشاهد الأولى هل من الممكن أن يرد عليه أو من الممكن أن يتخيل أن هذه الشخصية من الممكن أن تكون بعد هذه السنوات أن تكون هذه الشخصية؟ فهذه ” امرأة العزيز في بداية معرفة يوسف عليه السلام ” مختلفة كثيراً عن هذه ” امرأة العزيز بعد سنوات من معرفة يوسف ثم سجنه ” ما الذي حدث؟ وما الذي فرق؟ ولماذا نقول هذا الكلام؟ نحن الأسبوع الماضي عم كنا نتكلم؟ نتكلم عن طريق الإنسان إلى ربنا سبحانه وتعالى وكان عنوان الخطبة ” خط النهاية ” أن نعمة ربنا على الإنسان أن يستمسك بالهداية إلى النهاية، يستمسك بالهداية إلى النهاية وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ وقلنا أن لدينا نماذج، شخص ربنا سبحانه وتعالى حفظه ومنّ عليه من نقطة البداية هو في حفظ وحياطة الله إلى نقطة النهاية ” وشابٌ نشأ في عبادة ربه ” وفي المقابل – عياذاً بالله – شخص من نقطة البداية هو في الجحود والإعراض لنقطة النهاية، وأناس ربنا وصفهم سبحانه وتعالى بالتذبذب والاضطراب ذاهب وآيب وذاهب وآيب وذاهب،، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا وبقي شخصان؛ شخص كان يسير في حياطة الله وحمايته ثم بدّل وغيّر وشخص كان يسير في طريق الغواية، ثم منّ الله عليه فاستقام سبيله، يقول صلى الله عليه وسلم ” إن العبد ليعمل البرهة من دهره ” فترة من حياته ” بعمل أهل النار ثم تعرض له الجادة ” طريق ” من جواد أهل الجنة فيعمل بها ويموت عليها فيكون من أهل الجنة، وإن الرجل ليعمل البرهة من دهره بعمل أهل الجنة ثم تعرض له الجادة ” نحن قلنا – الأسبوع الماضي – أن النبي صلى الله عليه وسلم خطّ خطّاً طويلاً، وقال ” هذا صراط الله مستقيما، ثم خط عن يمينه وعن شماله خطوط، قال: هذه سُبل ” طرق فرعية ” وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه ” ، هذه طرق الانحراف وهذه كثيرة.
وقلنا النبي صلى الله عليه وسلم قال ” ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً وعلى جنبتي الصراط سوران ” وفي هذين السورين ” أبواب مفتحة عليها ستور مرخاة ” فهذا طريق وهذا هو الذي نسعى أن نسير فيه، ويوجد طرق فرعية، النبي صلى الله عليه وسلم وصف هذه الطرق الفرعية أنها سُبل وهذه التي تسمى بدع وهنا يوجد محارم – معاصي، ومنكرات وموبقات – لكن ربنا وضع عليها الستر، من يزيل الستارة يدخل الباب، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول أن هذا الشخص سائر، سائر في جادة الحق، فعرضت له جادة من جواد أهل النار، ماذا فعل؟ فأخذ هذه الجادة وانحرف بها فيتحول فيعمل بهذا العمل ثم يموت عليه فيكون من أهل النار عياذاً بالله، فنحن لدينا صورتين، صورة أن الإنسان يكون بعيد وربنا سبحانه وتعالى يكتب له الهداية والصورة الأخرى التي تخيف: أن الإنسان يكون قريب ولا يستمر على هذا إلى أن يلقى الله تبارك وتعالى.
فامرأة العزيز نموذج لشخص انظر له في هذا الوقت ليس من الممكن أن تتخيل أن هذه النفسية من الممكن أن تأول إلى هذه الصورة بعد هذه السنوات، فماذا تفعل الأيام؟
الإنسان مع الوقت ربما يمضي ويعقل ويكتسب الحكمة ربما الإنسان مع الوقت الصلف والكبرياء التي هو عليها،والإحساس بالقوة والنفوذ والسلطة وأنه يستطيع أن يفعل كل شيء، هذه الأشياء مع الوقت إما تتغير أو تقل، الشهوات والأشياء التي يتعلق بها الإنسان ربما مع الوقت ومع السنين ومع النضج تفكيره يتغيّر.
الشيء الثاني الأساسي المؤثر المحوري هنا؛ أثر يوسف عليه السلام في هذه البيئة، هذا بالنسبة إليهم صدمة لأنهم لم يروا هذا الشكل قبل ذلك، كيف تعاملوا معه؟ تعاملوا معه أولاً من منطلق الحماقة والسفه، لكن مع السنين، هل هو الذي يعلّم فيهم أم هم الذين يعلموا فيه؟ هو الذي أثّر فيهم أم هم الذين أثّروا فيه؟ وربنا سبحانه وتعالى لما ذكر سيدنا يوسف في السجن ذكر إحسان ودعوة إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ وبعد ذلك يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ فماذا ذكر ربنا سبحانه وتعالى؟ ذكر الإحسان الذي يأسر الناس ويجذبهم إلى الشخص ويحببهم فيه، ثم حينما يقربهم منه؛ هو يريد أن يهديهم لربنا سبحانه وتعالى، لكن في القصر ربنا سبحانه وتعالى لم يذكر الدعوة؛ ذكر استعاذة واحتماء واستعصام، كل شيء من الترغيب والترهيب لم تؤثّر في هذا الشخص المؤمن النقي الراقي، طوال الوقت، لا يوجد شيء أثّر فيه، في النهاية من الذي كسب ومن الذي خسر؟ يبدو أنهم فعلوا ما يريدوا لكن في النهاية قانونه ومبدأه وخلقه هو الذي ينتصر في النهاية، وهو نفسه سيمكنه ربنا، ولكن بعيداً عن تمكينه؛ سواء تمكن أم لم يتمكن، خرج من السجن أو لم يخرج، نال الوزراة أو لم ينل، ربنا سبحانه وتعالى أعطاه الوزارة لأجل الناس ليس لأجله.
ربنا سبحانه وتعالى أراد أن يرحم الناس من المحن المقبلة عليهم بأن ييسر لهم الشخص الأمين المؤتمن إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ
ففي النهاية يوسف عليه السلام لما جاءه الرسول قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ هو هو نفس الشخص الذي كان يقول من سبع سنوات لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ قل له يوجد شخص هنا مرمي، ذكره أم لم يذكره؟ لم يذكره، هل ذكر سيرته للملك؟ لم يذكر سيرته، أول مرة يراه منذ كم؟ بعدما مرّ سنوات، لم يعتذر ولم يقل شيء، فأبسط شيء أن يقول له سامحني حدث ظروف أو أنا نسيتك…، لا، فالرجل دخل هو هو بعد السنين الطويلة قال يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا هو لا يشغله إلا أن يلبي طلب الملك، هذا الكائن ليس بني آدم، ولا يعنيه ولا يوجد أي إحساس بشيء، يوسف عليه السلام عاتب الشخص؟ تماماً، تماماً، فهل عاقبه بألا يستجيب لطلبه أو لم يلبي نداءه؟ تماماً.
عبّر الرؤية كما طُلب منه، ليس فقط عبّر الرؤية، فهو وضع لهم برنامج عمل لأربع عشرة سنة قادمة، لأربع عشرة سنة قادمة.
فالملك يريد أن يراه، هو نفس الشخص، نفس الشخص الذي يقول ” اذكرني عند ربك ” الآن يقول له ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ ما الذي تغيّر؟ ما الذي تغيّر عبر هذه السنوات؟ أكيد، أكيد حال يوسف عليه السلام وهو يقول هذه الجملة، غير حاله وهو يقول هذه الجملة، ما الذي حدث خلال هذه السنوات؟
أما بالسبة لهم قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ للهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ وحينئذٍ تتكلم المرأة قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ هذه أول جملة ” الحق ” أنه لابد أن الحق يوماً ما يسفر عن نفسه ” حصحص الحق ” تبيّن وانعزل عن الباطل وابتعد عن الاختلاط به، الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فهذه الكلمة لامرأة في هذه الوضعية سواءً بقيت عليها أو لم تبقى، تغيّرت الظروف أو لم تتغير، بالنسبة لسمعة شخص في هذه الوضعية، هذه الكلمة تؤثّر سلباً بأي مقدار؟؟؟ هي لم تبال، أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ هو غير موجود هنا، من الممكن أن تقول أي شيء، لكنها لن تقول إلا الحقيقة ستدين نفسها وتبرئه، هي هي التي قالت مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ هي هي، نفس الشخصية التي قالت هذا، هي الآن تقول ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ فهذا الكلام من أين أتى؟ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ من أين أتت بهذا الكلام؟
يوسف عليه السلام لما غادر هذا المكان ووضع في السجن هذه السنوات هو لا يعرف ما الذي حدث وراءه، هو لا يعرف ما الذي خلفه وراؤه، هو سيدرك هذا الكلام بعد ذلك، ولكنه لما غادر لم يعرف ماذا فعل، لا يعرف ما المعاني الذي رسّخها في هذا المكان، لا يعرف كم هزّ هذه القلوب، هو لم يفتعل شيئاً، ولم يوجّه رسالة ولكن النموذج الذي قدّمه يهزّ أي إنسان، لكن حينما يهدأ الإنسان والصلف الذي لديه يقل، ويخف الكبرياء الذي لديه، ويرزقه ربنا قدر من العقل ويتفكر قليلاً، وشريط الأحداث يمرّ أمامه مرة واثنان وثلاثة وأربعة، وقتها يظهر أثر هذا الكلام، ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ هذا أصل توجيهها إلا الذي سيرحمه ربنا، فنفسها نفس بشرية كانت تأمرها بالسوء وتحثها عليه وتدفعها وتؤزّها أزّاً إليه، ولا يعصم من هذا إلا الله، ثم التعقيب بطلب المغفرة والرحمة من الله إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ بعد هذه الرحلة الطويلة، شخص يلجأ إلى الله سبحانه وتعالى ويسأله أن يمحو عنه الفائت، يمسح السيئات الكثيرة التي فعلها، الظلم الكثير الذي ظلمه، الافتراء الذي افتراه، الكبر الذي تكبره، التجبر الذي تجبره، يسأل ربنا سبحانه وتعالى ويرجع إليه ويفيئ إليه يطلب منه أن يغفر له وأن يرحمه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
إذاً الإنسان مع الوقت ومرور السنين من الممكن أن يأذن له ربنا برحمة ولذلك كان من رحمة الله، من رحمة الله ” الامهال ” من أسماء الله العظيمة ” الحلم ” الامهال، ربنا سبحانه وتعالى يعطي لنا فرص ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” أعذر الله إلى رجل أمهله أمدّ عمره حتى بلغ ستين ” لأن هذه فرص كثيرة، ستون عاماً من عمر الإنسان ليس أمر قليل، ورسائل كثيرة تمرّ، وتجارب كثيرة تمرّ، فإذا كانت هذه الشخصية بهذه الوضعية التي وصفها الله من الممكن أن تتغيّر فأي شخص من الممكن أن يتغير.
أم عبد الله بنت أبي حسمة رضي الله عنها؛ تحكي تقول أنها وزوجها عامر بن ربيعة رضي الله عنه، قرروا أن يتركوا مكة ويهاجروا؛ فهي تقول وهم يترحلوا إلى أرض الحبشة؛ أي يجمعوا أمتعتهم ليسافروا، ذهب عامر بن ربيعةة ليجلب شيئاً سيحتاجونها في السفر، فتقول أنه قبل أن يأتي مرّ عمر بن الخطاب، تقول: وهو على شركه وكنّا نلقى منه البلاء إيذاءً لنا وشدة علينا، فهو حينما رأها ماذا قال لها؟ قال: إنه للانطلاق يا أم عبد الله – خلاص أنتم مغادرون – قالت: نعم والله، لنخرجنّ في أرض الله آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله لنا مخرجاً، فقال عمر: صحبكم الله، قالت: ورأيت له رقة وأحزنه فيما أرى خروجنا.
هذا ليس عمر، أم هذا هو عمر؟ هل هذا ليس عمر، هذا شخص آخر؟ هذا ليس عمرَ الذي يعرفونه، ولكن هذا هو عمر الذي خلقه الله أم أن هذا هو عمر الذي خلقه الله ولكنه لم يكن ظاهر، هذا هو الشخص الموجود بالداخل وراء الصورة العنيفة التي يظهرها أم أن هذا شخص آخر.
فهي تقول أنه ذهب، ثم جاء عامر بحاجته، فقالت: يا أبا عبد الله لو رأيت عمر ورقته وحزنه على خروجنا، فنظر إليها، قال: أطمعت أن يسلم؟ قالت: نعم والله، قال: والله لا يسلم هذا حتى يسلم حمار الخطاب، لو أسلم حمار أبيه فلن يسلم هذا، فلماذا؟ هي تقول؛ تقول: يأساً منه لما يرى من غلظته وشدته علينا.
فهذا الكلام لا يقوله هكذا، فهذا النموذج بصورته وشكله هذا، لا يصلح لهذا أن يهتدي، ولا يصلح أن يؤمن، ولا يصلح أن يسلم.
فماذا حدث؟ ولذلك الإنسان لا يصلح أن يقطع رجاؤه من أحد، حقيقة ما استقر في النفوس أو انطوت عليه لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
النقطة الأخيرة: الإنسان إذا منّ عليه ربنا سبحانه وتعالى وأقبل بعد إدبار، إذا رزقه ربنا حقيقة الفهم وحقيقة الفقه عليه أن يستدرك ما فاته، يعوّض ما ذهب منه.
النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” إذا أراد الله بعبدٍ خيراً عسله ” وفي حديث آخر ” استعمله ” قيل يا رسول الله وما ” عسله “؟ عسله أي يأتي به ويغمسه في العسل ويخرجه، فالإنسان مؤكد أنه لن يغمسه حسياً في العسل، قيل يا رسول الله وما ” عسله “؟ قال ” يفتح الله عز وجل له عملاً صالحاً قبل موته ثم يقبضه عليه، ولما قال ” استعمله ” قيل: وما يستعمله؟ الاستعمال واضح أي يوظفه في الخير، النبي صلى الله عليه وسلم يفسّر معنى ” يستعمله ” ” يهديه الله عز وجل لعملٍ صالح ويقبضه عليه “
يحكي الحسن البصري رضي الله عنه يقول أن الحارث بن هشام بن المغيرة، سهيل بن عمرو، أبو سفيان بن حرب هؤلاء عظماء قريش اجتمعوا عند باب عمر بن الخطاب يريدوا أن يدخلوا للخليفة يريدونه في أمر ما، فجاء صهيب وعمّار وبلال – الناس الغلابة – الذين كانوا يسمون ” المستضعفين ” يطلبوا الإذن على عمر فآذن عمر – الشخص الذي يأذن للناس – عمر يسأله من بالخارج فيقول له فلان وفلان وفلان ويوجد فلان وفلان وفلان، أناس كثيرة، فلمن أذن؟ لصهيب وبلال ولعمّار، والآخرون…، فأبو سفيان لا يفهم ماذا يحدث !! قال: ما رأيت مثل اليوم !! ما الذي حدث وما الذي يحدث ! يأذن لهؤلاء العبيد ونحن ببابه لا يؤذن لنا !! هل فسدت موازين الدنيا؟ الدنيا اختلطت واختلت !
فماذا قال سهيل بن عمرو، قال: أيها القوم إني والله قد أرى الذي في وجوهكم من الضيق والغضب إن كنتم غضاباً فاغضبوا على أنفسكم دُعي القوم – هؤلاء الناس – ودُعيتم فأسرعوا وأبطأتم، هو يدخلهم أولاً لأنهم يستحقوا أن يدخلهم أولاً ” دُعي القوم ودُعيتم فأسرعوا وأبطأتم، ووالله الذي لا إله إلا هو لما سبقوكم به من الفضل أعظم عليكم فوتاً من بابكم هذا الذي تتنافسون فيه ” يا جماعة المشكلة ليست هنا، يقول أن ما خسرتموه في السبق إلى الله ولا تنتبهوا له أصعب عليكم بكثير وأخسر لكم بكثير من هذا، فهذا عادي، دخلت أولاً أو لم تدخل تماماً، بعثت أي شخص بأمرك، جعلت أي شخص يوصي عليك،، فهذا ليس موضوعاً، هذا في النهاية ليس موضوعاً، هذا في النهاية شيء دنيوي، هذا في النهاية شيء دنيوي، فهو يقول لهم يا جماعة ” لا ” ما خسرناه من الإيمان والمكانة عند ربنا سبحانه وتعالى أعظم بكثير من هذا، ثم قال ” أيها القوم إنه لا سبيل لكم إلى إدراك ما فاتكم فانظروا هذا الجهاد لعل الله أن يرزقكم شهادة ” شيء تستطيعوا أن تستدركوا به جزء مما فات آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَللهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا الناس الذين أسلموا قبل الحديبية شيء آخر تماماً غير الناس الذين أسلموا بعد الحديبية، لَا يَسْتَوِي لكن من رحمة الله وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى لكن لا يستويان.
سيدنا خالد لما تنازع يوم مع سيدنا عبد الرحمن بن عوف؛ النبي صلى الله عليه وسلم شدّ عليه في الكلام قال ” لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم ” ” لا تسبوا أصحابي ” هو من يكلم، هل من يكلمه بوذي مثلاً ! هندوسي! أليس خالد بن الوليد هذا من الصحابة ! إذاً تعريف الصحبة عند النبي صلى الله عليه وسلم أضيق وأخصّ، أصحابه هم الناس الذين لزموه وكانوا معه من زمان، قال ” لا تسبوا أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه ” المد: هو ملء الكفين معاً، ونصيفه: الكف الواحد، ربنا يقول أن هذا عند ربنا سبحانه وتعالى في الثواب والقبول من هذا الشخص أعظم من لو أنفق جبل أحد من هذا الذي قد تأخّر.
الوليد بن الوليد لما دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء ظل يبحث عن خالد، فلم يجده، قريش أفرغت مكة وتركتها لهم لئلا تضايق نفسها بشكلهم، فترك له رسالة، فماذا قال له؟ قال ” إني لأعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك ” أنت بعقلك هذا الذي أعطاك الله إياه، لا يصلح أن تظل إلى اليوم متشكك في الإسلام أو في أحقية الإيمان ” إني لأعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك وما مثل الإسلام جهله أحد ” هو ماذا يقول له؟ يقول أن الإسلام لا يصلح للمتأمّل فيه أن يجهل أحقيته، هذا موضوع غاية في الوضوح ” وعقلك عقلك وما مثل الإسلام جهله أحد، ولقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك فقال أين خالد ” أين هو إلى الآن؟ النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يقول؟ يقول أين هو إلى الآن؟ لماذا؟ لأنه لا يصلح لهذا الشخص بهذا التركيب وبهذه العقلية يظل إلى هذه اللحظة في المكانة التي هو فيها، من الممكن أن تكون مقبولة إلى الأمس وأول أمس أما اليوم فلا، ” فقال: أين خالد، فقلت: يأتي الله به ” فالنبي صلى الله عليه وسلم ماذا يقول، يقول ” ما مثل خالد جهل الإسلام ” هذه الجملة غير الجملة الأولى، الجملة الأولى ” وما مثل الإسلام جهله أحد ” الدين نفسه، الذي يتكلم عليه الوليد هو الدين نفسه، الإسلام الذي هو الإسلام أي شخص يتأمّله سيدرك عظمته.
أما النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم عن خالد ” الشخص ” فنحن لدينا أمران؛ قوة الدين والمنهج؛ عظمة الدين والمنهج، ورجاحة عقل الإنسان وإدراكه، أمران ” وما مثل خالد جهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وجده ” وفي رواية ” وحده ” – قوته – ” مع المسلمين على المشركين لكان خيراً له ” في الحال وفي المآل، في الدنيا وفي الآخرة، ” ولقدمناه على غيره ” – ولقدمناه على غيره – ” فاستدرك يا أخي ما فاتك فقد فاتتك مواطن صالحة ” وهو لم يثنّيها، بعدما قرأ الرسالة لم يثنّيها، كانت كافية أن تحسم أمره في التحول للإيمان.
النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” لكان خيراً له ” هذه مفهومة، ” ولقدمناه على غيره ” إذن التقديم؛ التقديم بالأحقية وبالصلاحية وليس بالأقدمية، النبي صلى الله عليه وسلم سيقدمه وسيؤمره لأنه حقيق – حقيق – بهذا المكان ومصلحة الدين والإيمان بأن هذا الشخص يكون في هذا المكان، لكن هذا أمر ومكانه عند ربنا سبحانه وتعالى أمر آخر، هو هو خالد الذي يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” لقدمناه على غيره ” ويقول أن هذا ” سيف سلّه الله على المشركين ” هو هو النبي صلى الله عليه وسلم يقول له ” لو أنفق أحدكم مثل أحدٍ ذهباً ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه ” نفس الشخص، نفس الشخص الذي يضعه في هذه المكانة ويقول له هذا الكلام يذكره، يقول له انتبه، ربنا أعطى له إمكانيات، واجبي أنا أن أضعه في مكان يتناسب مع الامكانيات التي أعطاها ربنا له، لابد أن أستثمر إمكانيات الناس في أماكنها الصحيحة، أما مكانه عند الله إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ مكانه عند ربنا بمقدار ما انطوت عليه القلوب بمقدار السبق وبمقدار التضحية التي قدّمها الإنسان لكي يرضي ربنا، هو كم دفع ثمناً في دينه؟
هذه قضية وهذه قضية، يوجد فصل واضح تام ما بين هذا وبين هذا، الوظائف بالصلاحيات، المكانة عند ربنا سبحانه وتعالى لها موازين أخرى، النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن لديه الأمور مختلطة.
فهو ماذا يقول له؟ يقول له استدرك ما فات، فهل يستطيع الإنسان أن يستدرك الفائت؟ يستطيع، يستطيع، ولذلك العلماء كانوا يقولوا ” ليست العبرة بمن صدق ” والإنسان الذي كان له تاريخ في الشر أو في المعصية يقدر أن يستدرك تاريخه، أبناء الصحابة ولدوا في الإسلام، والصحابة عاشوا حياة الشرك والكفر وبعد ذلك منّ الله عليهم بالإسلام، وهؤلاء كانوا أعظم عند ربنا مكانة ومنزلة من الآخرين.
فالإنسان من الممكن أن يستدرك ما فاته، فماذا يحتاج لكي يستدرك ما فاته؟ محتاج أن يحسن استقبال الرسائل التي تأتي له من ربنا، محتاج أن يستجيب للفطرة التي بداخله التي تدعوه إلى الله، نحن قلنا الجمعة الماضية أن الشخص الذي قتل تسعة وتسعون فمائة لازال عنده داعية العودة إلى الله هذا أمر موجود، لو كان يصلح أن تذهب أو يصلح أن تردم، كانت ردمت عند شخص مثل هذا، لإنه لا يوجد ران أعلى من هذا، قتل مائة نفس أعظم ما يكون من الران، ومع ذلك لازال بداخله الداعية التي تدعوه أنه يريد أن يرجع إلى ربنا ويسأل هل يصلح؟يسأل هل يصلح إلى ربنا؟ هل هذا الباب مفتوح؟ هل شخص مثلي بكل ما أتى به من الفظائع والجرائم يصلح أن يقف على باب ربنا فربنا سبحانه وتعالى يفتح له الباب، هو يسأل هل يصلح؟ ولما قالوا له لا يصلح، رجع مرة أخرى يسأل هل يصلح؟
إذاً قلنا أن يقينه في أنه يصلح أقوى من فتوى العابد أنه لا يصلح، فالفتوى جاءت له أنه لا يصلح، لكن يقين الإيمان الذي بداخله أنه لا يصلح أن يغلق ربنا سبحانه وتعالى في وجه التائب كان أقوى لديه من الفتوى ومن التوجيه لأن هذه هي الفطرة، الفطرة أعمق أثراً في نفس الإنسان حتى من التوجيه وحتى من الكلام، هذه هي الفكرة.
الإنسان الإنسان لو وضعه ربنا في باب خير لابد أن يبقى حريصاً أن يحافظ عليه ولابد أن يكون قلقاً قليلاً – وهذا ما سنتكلم عليه إن شاء الله الجمعة القادمة وهي النقطة الأخيرة – أن الإنسان ربنا يرزقه الثبات على الهداية إلى أن يلقى الله تبارك وتعالى.
لابد أن يكون الإنسان الذي وضعه ربنا في صورة استقامة، لن أقول في حالة استقامة خائف على نفسه وهو سائر، لابد أن يوجد قدر من القلق، ليس كل قلق سيئ، يوجد قلق مذموم، ويوجد قلق محمود، هذا أمر وهذا أمر، ولكن هذا ليس مجال لشرحه وتفصيله الآن.
فهو إذا لم يمشي ويشعر أنه خائف أنه من الممكن أن يسلب النعمة بأنه يرتكب شيء أو يسلك غير سبيل أو أن يعجب بنفسه أو أن يتكبر على عباد الله أو أن يمنّ على الله، يوجد أشياء كثيرة جداً تخيف، والخوف هو الذي بإذن الله يحفظ الإنسان، لأنه يتحسس مواضع أقدامه يحاول أن يرى أين يضع قدمه، هو قلقان.
والذي يريد أن يلف ويرجع، يريد أن يدخل طريق ربنا سبحانه وتعالى بعدما أعرض عنه زمان، يستطيع بسهولة أن يستدرك ما فاته وأن يسبق وأن يحقق وأن يحصل.
الحسن البصري يقولون له ” سبقنا القوم ” أي الصحابة ” على خيلٍ دهمٍ بهم ” هؤلاء الناس يجرون، سبقتنا وجرت، ” ونحن على حمرٍ معقّرة ” حمر وهذه الحمر متعبة ولا تسير، أي بقي لها خطوتان وتنفق ونحن نقلب من عليها.
إذاً الولولة والنواح والإحباط واللطم وهذا الجو المزعج الذي نفعله هذا موجود من زمان جداً، الحسن البصري يُقال له نفس الجمل، أين نحن وأين هؤلاء الناس، فهذا الجو قديم جداً، جو الإنسان الذي يكون ينوي ألا يفعل شيئاً، ” سبقنا القوم على خيلٍ دهمٍ بهم، ونحن على حمر معقرة ” فهو ماذا يقول؟ قال ” إن كنت على الطريق فما أسرع اللحاق بهم ” سر، امش، هذه هي أعظم نقطة في الدين، الدين حقيقته أنه مبني مبني على حسن الظن بالله وعلى العمل، وَقُلِ اعْمَلُوا هذه هي، هذه هي النقطة الأساسية في الدين، ركنه الأساسي ” العمل ” ، استهلاك الطاقة في العمل، وعدم إهدار الطاقة النفسية في أي شيء غير أني أفعل شيئاً مفيداً، غير أنني أفعل شيئاً فيه بناء، لا أستغلّ طاقتي، فالنياحة هذه من الكبائر، النياحة والولولة والطم والصياح وهذا الجو الذي دائماً ما نفعله هذا، هذا في النهاية غير أنه استهلاك للطاقة، هذا أمر كبير في المعصية، فليس لابد في النياحة أن يوجد ميّت، فأنا حينما أولول على نفسي فنفس الأمر، فالقضية هكذا، أن ركن الدين الأساسي هو حسن الظن بالله، وحسن التوكل عليه وحسن الرجاء لرحمة ربنا سبحانه وتعالى مع العمل وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ لَا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا الناس الذين سيبذلون جهداً ابتغاء مرضاة الله لابد أن يرزقهم ربنا سبحانه وتعالى الهداية لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
اللهم اهدنا فيمن هديت، اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت
اللهم اهدنا واهد بنا واهد لنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى
اللهم اجعلنا هداة مهتدين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، غير ضالين ولا مضلين.
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أبقيتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا.
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يبلغنا إلى حبك، وحب كل عملٍ يبلغنا إلى حبك، وحب كل عملٍ يبلغنا إلى حبك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم