Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

باب الخلق 2

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيدا، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيدا

ثم أما بعد:

أما باب الخلق فقد شرعنا في الحديث عنه في الخطبة الماضية، وأصله فيما قيل باب الخرق – حتة مكسورة في سور أو جدار – فهو أصلاً كان اسمه باب الخرق ثم من كثرة مرور الناس فيه سمّوه باب الخلق، وقد جمع الله – سبحانه وتعالى – هاتين الكلمتين في قوله تعالى وَجَعَلُوا لله شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ

وإنما نقصد بباب الخلق الباب الذي ندخل منه على ربنا – تبارك وتعالى – ، نحن كنا في حديث طويل عن القلب وعن تعريفه، ثم انتقلنا إلى خطاب الرب – سبحانه وتعالى – لهذا القلب، ربنا – سبحانه وتعالى – اختصّ هذا القلب بالخطاب، فما هي أسس هذا الخطاب الذي خاطبنا الله – تبارك وتعالى – به، لذلك نحن تكلّمنا الجمعة الماضية عن القرآن،، فلماذا؟

ماذا يمثّل القرآن؟ القرآن كلمات الخالق – سبحانه وتعالى – الذي يخاطب بها هذا المخلوق، فعلى مقدار استمداد الإنسان من القرآن على مقدار ما يدرك ماذا يريد الرب – تبارك وتعالى – الخالق من هذا المخلوق أن يعرف وأن يعلم وأن يدين وأن يعتقد وأن يؤمن وأن يتحرك وأن يسلك وأن يتخلّق، كل هذا أين يوجد؟ موجودٌ في القرآن، ولذلك قال الله – تبارك وتعالى – ناعياً على أقوام أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا لأن كما قلنا أن القلب هو المخاطب،، قلب الإنسان هو المخاطب.

والقلوب التي لا تستقبل القرآن كأنها عياذا بالله عليها أقفال، ونحن مرادنا من ربنا – سبحانه وتعالى – أن يمنّ علينا فيفتح هذا القفل.

يقول عبد الله بن عمرو رضي الله عنه – وكان على علمٍ واضطلاعٍ على كتب أهل الكتاب، فقيل له: ما صفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في التوراة؟ قال: إي والله، إنه موصوفٌ في التوراة ببعض صفته في القرآن ” يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشّراً ونذيراً وحرزاً للأميّين ” حصنٌ وحماية ” أنت عبدي ورسولي، سمّيتك المتوكّل، ليس بفظٍ ولا غليظٍ ولا سخّابٍ في الأسواق، ولن يقبضه الله – تبارك وتعالى – حتى يقيم به الملّة العوجاء، ويفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صمّاً وقلوباً غلفاً ” ولن يقبضه الله – صلى الله عليه وسلم – حتى يفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صمّاً وقلوباً غلفا.

يقول جبير بن نفير رحمه الله: كنّا جلوساً مع المقداد – رجلٌ من عظماء أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ومن السابقين الأولين، فقال له رجل ” طوبى لهتين العينين اللتين رأتا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قد وددنا أن نكون قد رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت، – يقول جبير: فاستغضب – فجعلنا نعجب ما قال إلا خيراً ” فهو الآن هذا الرجل يقول كلام حسن؛ يقول طوبى أي هنيئاً لهتين العينين اللاتين شرفهما الله بأن رأتا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وددنا أنّا رأينا ما رأيت وشاهدنا ما شهدت، أي أننا كنّا تمتّعنا بصحبته – صلى الله عليه وسلم – كما تمتّعت،،، كلام عادي

يقول جيبر: فاستغضب – اتنرفز – فجعلنا نعجب، ما قال إلا خيراً، – فالرجل قال كلام حسن – لماذا يغضب؟ ثم قال المقداد: ما يحمل أحدكم على أن يتمنى مشهداً أو قال محضراً غيّبه الله عنه لا يدري إن شهده ما كان صانعٌ فيه، لقد شهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أقوامٌ أكبّهم الله على مناخرهم في النار لم يؤمنوا به ولم يصدّقوه، لقد بعث الله محمداً – صلى الله عليه وسلم – على أشدّ حالٍ يكون عليه العباد في شركٍ وجاهلية لا يرون ديناً أفضل من عبادة الأوثان فجاءهم الله – سبحانه وتعالى – بهذا الدين وبهذا النور

فهو يقول أنه كان الرجل منهم أشدّ ما يجد حين يفتح الله – عز وجل – قفل قلبه للإيمان ثم يرى حبيبه أو أخاه أو أباه وقد أعرض عن هذا الإيمان فيكون هذا أشدّ ما يكون عليه من الألم وهي التي قال الله – تبارك وتعالى – وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا

يقول له: أنت ربنا – سبحانه وتعالى – منّ عليك بالعافية، أنت ورثت الإسلام ولم تشهد صراع الإيمان والكفر، فاحمد الله على النعمة التي أنت فيها، لأنك لا تدري أنك لو كنت رأيت هذه المشاهد هل ستكون مع أصحاب اليمين – نسأل الله – سبحانه وتعالى – أن يجعلنا من أصحاب اليمين – أم كنت مع أصحاب الشمال.

فهو يقول له أننا شهدنا مواقف صعبة، وأزمت نفسيّة كبيرة، شخص أنت تحبّه جدّاً وقلبك متعلّق به جدّاً يأبى إلا أن يلج في طريق النار، وأنت لا تعرف ماذا تفعل،، الشاهد من هذه القصة التي نحكيها هذه الكلمة،، ” وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان ” هو كان مغلق وربنا – سبحانه وتعالى – منّ عليه وفتحه أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا.

ربنا – سبحانه وتعالى – كيف تعرّف إلى عباده، ولذلك نحن قلنا في الجمعة الماضية إذا أردنا أن نعرف عظمة قضية من القضايا أو قيمة قضية من القضايا فكيف سنعرفها؟ ما مدى ما أعطى لها ربنا – سبحانه وتعالى – من المساحة ومن الاهتمام ومن التركيز، ما هو الكبير وما هو الصغير، لأن هذا الدين – في النهاية – يوجد أصول ويوجد فروع، يوجد أعمدة وأركان ويوجد أسس وأشياء يبنى عليها، هذا ليس كهذا.

ونحن قلنا قبل ذلك مراراً أن النبي – صلى الله عليه وسلم – وصف الإيمان بأنه بنيان، وهذا البنيان له أصول، يوجد تأسيس ويوجد أعمدة، ” بني الإسلام على خمس ” هذه أعمدة وأركان، هذه الأعمدة والأركان بدونها لا يكون هناك بناء، فهل هي تتمة البناء؟ لا، هي أساسه، هل يمكن أن أبني جدران وسقف بدون أعمدة؟! لا يمكن،، هل يمكن أن أبني أعمدة بدون أساسات تحتية؟ لا يمكن.

ولذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ” رأس الأمر الإسلام ” هذا هو الأساس؛ التسليم والتعظيم، ” وعموده الصلاة ” يوجد عمود في المنتصف، هذا هو العمود الأساسي والكبير،، مثل عمود الفسطاط ” الخيمة “

 ” وذروة سنامه ” ما معنى ذروة سنامه؟ إذاً النبي – صلى الله عليه وسلم – تكلّم عن بناء هرمي قاعدته عريضة ورأسه سيكون مدبّب، والسنام كذلك على شكل مثلث.

إذاً هناك أساس ويوجد عمود أساس ويوجد بناء سيكتمل وسيتمّ،،،، فكيف تبنى؟ كيف أعرف قيمة قضيّة معيّنة، كيف أعرفها؟ ربنا – سبحانه وتعالى – كم أعطاها من الاهتمام والتركيز؟

فقضية الخلق؛ هذه قضية فطرية وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ۝ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ربنا – سبحانه وتعالى – من منّته وفضله علينا أن جعل قلوبنا مفطورة على معرفة ربنا، مفطورة على البحث عن الله، مفطورة على تطلّب ربنا – سبحانه وتعالى – وتطلّب مرضاته، أخرج ذريّة آدم من ظهره كأمثال الذرّ – النمل الصغير – كلنا مرةً واحدة، كل من أراد – سبحانه وتعالى – وقدّر وشاء أن يخلقهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها من بني آدم أخرجهم جميعهم من ظهره مرة واحدة، ووجّه إليهم الخطاب جميعاً، قال أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا لكنه – سبحانه وتعالى – من رحمته لا يحاسب العباد لا على هذا الميثاق ولا على الفطرة التي وضعها فيهم، قال تعالى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ربنا – سبحانه وتعالى – من رحمته لماذا أرسل الرسل؟ لكي يذكّرونا بما غفلنا عنه أو نسيناه، ويعرّفونا بحقّ ربنا – سبحانه وتعالى – علينا، ويعرّفونا بطريق مرضاة الله، وهو طريق السعادة والنجاة في الأولى والآخرة، طريق الهداية لتحقيق مصالح الناس، كل الناس في المعاش – أي في الدنيا – والمعاد – أي في الآخرة –

معرفتنا بالله – سبحانه وتعالى – معرفة فطريّة، لكنّها معرفة إجمالية، لكننا محتاجين أن نعرف ربنا أكثر كثيراً، ولذلك ربنا – سبحانه وتعالى – ذكر لنا كثيراً جدّاً أسماء ربنا، ذكر لنا كثيراً جدّاً صفات ربنا – سبحانه وتعالى – ،، لماذا؟ لأننا محتاجين أن نعرف ربنا معرفة تملأ مساحة القلب الفارغ، ” إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة، هذا ما أراد ربنا – سبحانه وتعالى – أن يوجّهنا إليه.

ولذلك قلنا الجمعة الماضية، ما أول شيء ربنا – سبحانه وتعالى – ربنا خاطبنا به؟ الأمر بالقراءة للقرآن الذي تنزّل من عند الخالق – سبحانه وتعالى – ، هذه أول كلمة لا يوجد قبلها شيء آخر، اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ثم قال خَلَقَ الْإِنْسَانَ وقلنا أن هذا خاص من عام، ” الذي خلق ” أي خلق كل شيء – سبحانه وتعالى – ، ثم تخصيص الإنسان لأنه المخاطب بالأساس، هو الذي وضعه ربنا – سبحانه وتعالى – من فضله في محل تكريم وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ۝ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ۝ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ۝ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ۝ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ إذاً هنا ربنا – سبحانه وتعالى – ذكر الخلق وقرن ما بين الخلق والعلم، ربنا – سبحانه وتعالى – خلق بعلم، وأنزل القرآن بعلم، وأمرنا أن نتوجّه إليه الرَّحْمَنُ ۝ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ۝ خَلَقَ الْإِنْسَانَ ۝ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ وقلنا أن ربنا – سبحانه وتعالى – هنا ذكر منّة القرآن قبل أن يذكر منّة الخلق، فكيف سنخاطب بالقرآن إن لم نكن موجودين؟ لأن ربنا – سبحانه وتعالى – إنما خاطبنا بالقرآن قبل أن نكون موجودين، ربنا خاطبنا بالقرآن من زمان جدّا، وقلنا أن هذه من أعظم،، من أعظم،، من أعظم أركان عظمة القرآن، ربنا كان يخاطب الناس قبل أن يكونوا، ربنا كان يستجيب لهم قبل أن يقولوا، رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ

وبعد ذلك فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ متى بعدما قالوا أم قبل أن يقولوا؟، بعدما وجدوا وسمعوا واستجابوا وآمنوا؟ لا لا لا، قبل أن يوجد هذا المخلوق أصلاً.

تخيل وأنت تقرأ أن ربنا – سبحانه وتعالى – يخاطبنا ونحن لم نكن شيئاً مذكورا هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ۝ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ۝ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ۝ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا ۝ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ۝ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ الله يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ۝ يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الحمد لله رب العالمين

الرَّحْمَنُ ومن أعظم آثار الرحمة، فكل ما سيأتي، كل ما سيأتي تجليّات هذا الاسم العظيم، أول شيء، أول شيء ربنا رحم بها العباد؟ القرآن، الرَّحْمَنُ ۝ عَلَّمَ الْقُرْآنَ لم يقل أنزل،، لا أنزل ولا أوحى،، ” علّم ” ، قال الله – تبارك وتعالى – وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ ولو لم يكن ميسّراً بتيسير الله ما أمكن عبد أن يدرك معاني ومرامي الخالق العظيم – سبحانه وتعالى – ، فمن الذي يتكلّم، قيمة الكلام على مقدار قيمة المتكلم، وهذا أمر موجود لدينا بالفطرة الطبيعية، أنت تهتمّ بكتاب تقرأه أو بحث تقرأه على حسب معرفتك المسبقة بالمصنّف وما له من قدر ومكانة ومنزلة وعلم، ولذلك إذا كان الاسم عندي معظّم يكون تعاملي مع الكتاب على هذا القدر من التعظيم والإجلال.

ولذلك إذا وجدتني أقرأ كتاباً أنت ترى أن هذا الكتاب يستحق التركيز والاهتمام وجدتني أقرأه بسرعة أو بشكل سردي ليس به قدر من التركيز، تستنكر عليّ هذا، وتقول: ” – يا عم هو جرنال – لابد أن تقرأ بتمهّل وتكرر الكلام أكثر من مرّة وتقرأ، فهذا الكلام غير بسيط، أنت تعلم من الذي كتب هذا الكلام؟ ” هذا هو الطبيعي، نحن نفعل ذلك، إذاً أنت تتعامل مع الكتاب على مقدار ما ترى قيمة وعلم وحكمة وخبرة الذي تكلّم أو كتب الكتاب.

فإذا كنّا نتكلّم عن أن ربنا – سبحانه وتعالى – هو المتكلّم، إذاً بالطبيعة أن يوضع في المكان – لن أقل الذي يستحقّه لأننا لن نستطع أن نفعل ذلك – لكن مكان لا يكون بعيد جدّاً عما يستحقّ، ولو لم ييسر ربنا – سبحانه وتعالى – القرآن، لكي نستطيع أن نتجاوب معه لم نكن نستطيع، ولذلك ربنا وضع هذه في النعمة الأولى عَلَّمَ الْقُرْآنَ وبعد ذلك خَلَقَ الْإِنْسَانَ وضع له القرآن أولاً،، وضع له القرآن أولاً، ثم خلقه، ثم أنزل إليه القرآن عَلَّمَ الْقُرْآنَ ۝ خَلَقَ الْإِنْسَانَ إذاً بدون قرآن لن يكون هناك إنسان.

هذا الإنسان، كما عندنا ” فلان هذا عنده إنسانيّة ” أو ليس لديه إنسانية، أو أن ” فلان هذا إنسان أوي ” ما معنى إنسان؟ نحن عندنا كلمة إنسان هذه كلمة لها معاني قيميّة ليس مجرّد جسد، الإنسان هذه شيء معنوي، أن لديه قدر كبير من الرحمة، ومن الإحسان.

كلمة إنسان لدينا نحن لا نترجمها، نحن نقولها لكن لا نترجمها، فنحن نستخدم كلمة إنسان عندما تتكلم عن شخص يتّصف بالرحمة ويتّصف بالإحسان، هذه هي حقيقة الإنسان، والإنسان سيكون له من الإنسانية على قدر ما له في هذه الصفات.

فما الذي يجعل الإنسان إنسانا؟ ” القرآن ” ولذلك بدأ بالقرآن ثم ثنّى – سبحانه وتعالى – بالإنسان الرَّحْمَنُ ۝ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ۝ خَلَقَ الْإِنْسَانَ ۝ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ثم تابع – سبحانه وتعالى – على هذا الإنسان الخطاب الذي يذكّر بهذه القضية العظمى، لأن هذا هو المحور الأساس لا يوجد غيره، سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ۝ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ۝ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ۝ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ۝ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ۝ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إذاً في بدايات خطاب ربنا – سبحانه وتعالى – الإنسان، فسورة الأعلى من أوائل ما نزل، ربنا – سبحانه وتعالى – بماذا يخاطب الإنسان ويوجّه ويذكّره بماذا؟ أن يسبّح ربنا – سبحانه وتعالى – الأعلى، ثم التعريف، من هو الأعلى – سبحانه وتعالى – الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ۝ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ ۝ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ ۝ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ۝ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ۝ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ۝ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ أيضاً من أوائل ما نزل، قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ۝ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ۝ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ ۝ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ۝ ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ۝ ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ ۝ كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ ۝ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ لازال الخلق مستمر، الأمر ليس خلق الإنسان فقط مثلما كما سيتبيّن معنا من خلال كلام ربنا، فالموضوع كبير، هذه قضية كبيرة جدّاً، وعظيمة جدّاً، ولأننا أهملناها جدّاً، أصبحت هشّة جدّاً، وضعيفة في وجداننا جدّاً، والمادية والإلحاد تنخر في مجتمعنا جدّاً، فهذا طبيعي، لأننا بعيد جدّاً عن ما يقوله لنا ربنا، عما يريد لنا ربنا – سبحانه وتعالى – أن نرتبط به، في الوقت الذي يقول ربنا – سبحانه وتعالى – فيه وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله فانتهى!! المنطق بما أن هذا موضوع مسلّم، ربنا يكلّم أناس هم مقرون بهذا، فلماذا يذكّرهم به، لماذا يكلّمهم به مرة أخرى، لماذا يكثر عليهم منه؟ لماذا؟ فالموضوع منتهي، لماذا ” تحكي في ما حكي ” الناس المخاطبون نفسهم عندما تسألهم عمن خلقهم يقولون ربنا!! وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ليس الله فقط خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ فالموضوع منتهي، فلماذا كل هذا؟ لماذا؟ لماذا يذكّرنا ربنا – سبحانه وتعالى – بما نحن مقرون به؟ يعيد علينا ما نحن به مؤمنون فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ ۝ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا ۝ ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ۝ فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ۝ وَعِنَبًا وَقَضْبًا ۝ وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا ۝ وَحَدَائِقَ غُلْبًا ۝ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ۝ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ۝ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ۝ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ۝ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ۝ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ۝ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ۝ كِرَامًا كَاتِبِينَ ۝ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَإذاً ما تكلّمنا عليه اليوم هو كلمة واحدة فقط، ” باب الخلق ” هذا هو الباب الذي أراد ربنا – سبحانه وتعالى – أن يطرق على القلب به أول ما طرق، هذه أول شيء، أول لبنة في بناء معرفتنا بربنا – سبحانه وتعالى – في بناء صلتنا بربنا – سبحانه وتعالى – معنى الخالقية، ولازال هناك كلام، لأن ربنا – سبحانه وتعالى – ما أكثر تكلّم عن هذه القضية، إذاً هي كبيرة جدّاً أكثر مما نظنّ، ودلالتها أوسع مما نتخيّل، ولكننا الآن نريد أن نقف عند جزئية لكي نستطيع بإذن الله أن نبني عليها، ما أول شيء القلب ينفتح لها القلب؟ الخالقية إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك

اللهم أحيي قلوبنا بمعرفتك، اللهم أحيي قلوبنا بمعرفتك، اللهم أحيي قلوبنا بمعرفتك

اللهم إنا نسألك علماً نافعا، وقلباً خاشعا، ولساناً ذاكرا، ويقيناً صادقا، وعملاً صالحاً متقبلا.

اللهم إنا نسألك حبك، اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك

 اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك

اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك

اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك

اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك

اللهم اقسم لنا من خشيتك ماتحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهوّن به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا، ولا مبلغ علمنا.

اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم