Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

بادرو بالأعمال ستاً

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

 يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد:

في مسند الإمام أحمد ومعجم الطبراني الكبير ومساوئ الأخلاق عن عابس الغفاري رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بادروا بالأعمال ست؛ إمرة السفهاء وكثرة الشرط، وبيع الحكم واستخفاف بالدم وقطيعة الرحم ونشواً يتخذون القرآن مزامير يتخذون أحدهم ليغنيهم وإن كان أقلّهم فقها.

قال صلى الله عليه وسلم : بادروا بالأعمال ست، أمرٌ بالمسارعة إلى فعل الخيرات والمبادرة إلى فعل القربات من قبل تغير الزمان وتبدّل الأحوال، قال الله عز وجل سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ قال سبحانه وتعالى فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ وقال عزّ من قائل وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ۝ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ۝وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أمرٌ بالمبادرة والمسارعة واغتنام الفرص لفعل الخيرات قبل تغيير الأحوال وتبدلها، هذا التغيير وهذا الفساد الذي يعتري المجتمعات يصعب على من يريد الخير أن يلتزم به ويجعل أمر عسيراً على من يريد أن يسير على جادة الصواب أن يسلك هذا الدرب ويسلك هذا السبيل من غير عنت ومن غير مشقة.

قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمنا، ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا، يبيع دينه بعرض من الدنيا.

يقول صلى الله عليه وسلم : سابقوا بالأعمال الصالحة قبل أن تغشاكم هذه الفتن المتكاثرة المتلاحقة كقطع الليل المظلم بحيث لا يرى الإنسان فيها بصيصاً من ضوءٍ ولا يهتدي فيها إلى سبيل حقٍّ وإلى سبيل رشد، بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، تتابع وتتعاقب، يعرض المرء فيها دينه للخطر رغبة في الدنيا، رغبةً في مالٍ أو في منصبٍ أو في جاهٍ فإذا تعارض هذا مع أمر الله عز وجل وتعارض هذا مع كتاب الله عز وجل جعل كتاب الله وراءه ظهرياً، وباع دينه لتحصيل عرضٍ من الدنيا قليل.

وقال صلى الله عليه وسلم إنه لم يكن نبيٌ قبلي إلا كان حقّاً عليه – كان واجباً عليه – أن يبيّن لأمته خير ما يعلمه لهم، وأن ينذرهم شر ما يعلمه لهم، هذه هي مهمة الرسل والنبيين الذين أرسلهم الله عز وجل ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، إن مهمته وإن رسالته،، وإن حقّاً واجبٌ عليه بأمر الله عز وجل ألا يدع خيراً إلا بيّنه لأمته ودعاهم إليه، وألا يدع شرّاً إلا حذرهم منه ومن مغبته ونهاهم عن سلوك الطريق الموصلة إليه.

إنه لم يكن نبيٌّ قبلي إلا كان حقّاً عليه أن يبيّن لأمته خير ما يعلمه لهم، وأن ينذرهم شرَّ ما يعلمه لهم، وإن أمتكم هذه قد جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاءٌ وأمور تنكرونها.

يقول صلى الله عليه وسلم إن آخر هذه الأمة سيصيبها بلاءٌ وأمورٌ منكرة وتجيء الفتن فيرقق بعضها بعضاً،، تأتي فتنة ثم تأتي بعدها فتنة هي أشد من الأولى فيرى العبد أن الأولى التي مرّت به كانت لا شيء بالمقارنة بهذه الفتنة التي تلتها والتي تبعتها، فتأتي الفتن يرقق بعضها بعضا، فتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي، يخشاها ويحذرها على نفسه وعلى دينه، ثم تنكشف، ثم تجيء الأخرى فيقول هذه هذه، فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأتيه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتون إليه.

من أراد أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، من أراد أن يدخل الجنّة ويأمن من هذه الفتن، فليستمسك بأصول إيمانه، فليستمسك بإيمانه بالله عز وجل وبالدار الآخرة وبلقاء الله عز وجل وليتذكر دائماً أنه موقوفٌ غداً بين يدي الله عز وجل فمسؤلٌ عن النقير وعن القطمير، وليأتي إلى الناس الذي يحب أن يأتي الناس به إليه، كما قال صلى الله عليه وسلملا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. وقال صلى الله عليه وسلم: بادروا بالأعمال ست: طلوع الشمس من المغرب والدابة والدخان، والدجال وخويصة أحدكم، أو قال خاصة أحدكم وأمر العامة.

هنا يأمرنا صلى الله عليه وسلم أن نبادر بالأعمال الصالحة قبل أن تأتي أشراط الساعة فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ

بادروا بالأعمال ست :طلوع الشمس من المغرب، حيث لا يقبل من عاملٍ عمل بعد أن تطلع الشمس من المغرب، والدابة والدخان والدجال وخاصة أحدكم، قيل إنه الموت، وقيل أنه أمور تشغل الإنسان في خاصة نفسه وفي حياته، وأمر العامة أن يلي أمر العامة أو أن تقوم عليهم قيامة

فرسول الله صلى الله عليه وسلم في مجموع هذه الأحاديث يأمر بالمبادرة بالأعمال الصالحة قبل أن تأتي شواغل الإنسان، أو تأتي فتنٌ تصيب الإنسان في خاصة نفسه أو في أمر الأمة عامة.

بادروا بالأعمال ستة: إمرة السفهاء، والسفهاء هم الذين لا عقول لهم يديرون أمرهم بالعسف والبطش والظلم لعباد الله عز وجل، وكثرة الشُرُط، قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين إمارة السفهاء وكثرة الشُرَط، فالشرط لهم مهمة في حماية الناس وتأمينهم وحفظ أموالهم ودمائهم وأعراضهم وربما يكون لنا لقاء بعد ذلك عن مهمة هؤلاء في دين الله عز وجل وفي شريعة الله عز وجل، وأما كثرة الشرط وكونهم بكثرة كاثرة، وعدد كثير يزيد كثيراً عن مهمتهم التي نصبوا من أجلها، إنما كان ذلك حماية وتثبيتاً وتأميناً وتدعيماً لدعائم إمرة هؤلاء السفهاء، فالسفهاء لا يمكنهم أن يسيطروا على الناس، لا يمكنهم أن يفرضوا على الناس سفههم إلا بالإستعانة بهؤلاء الشرط، ولذلك لم يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وجود الشرطة، وإنما قال صلى الله عليه وسلم ” وكثرة الشرط ” ثم قال صلى الله عليه وسلم ” وبيع الحكم ” أن الحاكم يتعامل بالرشى يكون هذا في القضاء وفي غيره، أن يولى في المناصب من لا يستحق هذه المناصب لأجل الرشا وبسبب الرشا، وأن تنتشر الرشوة في القضاء، وإذا انتشرت الرشوة في القضاء فسدت الأحكام، ولذلك عطف عليها صلى الله عليه وسلم ” استخفافٌ بالدم ” أنه يكثر الهرج ويكثر القتل لأن القاتل يعلم أنه يستطيع أن يخرج من حكم الله عز وجل الذي أوجبه في كتابه وهو حكم القصاص سواءً بتنحيته أصلاً أو وجود الرشا أو كيفية الخروج من هذا الحكم بوسيلة أو بأخرى، بثغرة في إجراءات الضبط أو ثغرة في التحقيقات أو رشا لحاكم، وهكذا تتبدل الأحوال وتفسد المجتمعات بإمرة السفهاء وكثرة الشرط وبيع الحكم واستخفافاً بالدم.

قال صلى الله عليه وسلم : إن بين يدي الساعة أياماً يرفع فيها العلم، وينزل فيها الجهل، ويكثر فيها الهرج، والهرج: القتل.

واستخفافاً بالدم، وقطيعة الرحم، ثم قال صلى الله عليه وسلم : ونشواً يتخذون القرآن مزامير يقدّمون أحدهم ليغنيهم وإن كان أقلّهم فقها.

هذا التبيين من رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر لكل الأمور التي ذكرت قبل هو بمثابة التعليل لكل ما سبق إن هذا الفساد الذي يتعتري المجتمعات، هذه التحولات التي تحولها من جادة الحق والصواب إلى طريق غواية أو ضلال، إنها لم تنشأ ولم تكن إلا حينما تتخذ الأمة كتاب الله عز وجل وراءها ظهرياً وهي لا تتخذه ظهرياً بأن تتركه تركاً كليّاً، لا الأمر أخطر من ذلك وأشدّ وأنكى وأسوأ، كتاب الله عز وجل بين أيدينا نقرأه ونحفظه ونصلي به ونقيم به صلاةً طويلة في رمضان وفي غيره ومع ذلك كتاب الله عز وجل في حقيقته ليس موجوداً، ولذلك سبق معنا قبل أن ذكرنا قول الله عز وجل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاكياً إلى ربه عز وجل قال وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا وقلنا إن الاتخاذ لا يتناسب في أصل معناه مع الهجران، الهجران أن تترك الشيء وتهمله، أما الاتخاذ أن تقتني الشيء وتعتني به وتحتفظ به، وتجله، قال الله عز وجل وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ هذا فيه معنى الاصطفاء والاجتباء، وفي حديث أم سلمة قالت: اتخذت خاتم من ورق، اتخذت أي اقتنيت، فإذاً الاتخاذ فيه معنى الاعتناء فكيف يجتمع الاتخاذ مع معنى الهجران، هم يتخذونه كتاباً يقرأونه ربما، يحفظون حروفه، ربما، ولكنهم لا يقيمون له حدّا، لا يتدبرون معناه، لا يعملون بما فيه، فهم في الحقيقة يهجرونه وإن كان في الظاهر يتخذونه ويلزمونه ويحفظونه، ولذلك قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن أخوف ما أخاف أن يقال لي يوم القيامة: يا عويمر أعلمت أم جهلت – هل كنت تعلم أحكام الله، أم كنت جاهلاً لها – فإذا قلت: قد علمت، فلا تبقى آية في كتاب الله آمره أو زاجره – أي فيها أمر أو فيها نهي، إلا أخذت بفريضتها، تطالبه بحقّها، فتقول الآمرة هل ائتمرت، وتقول الزاجرة هل انزجرت، فعلّت هذا الفساد هو تنحية كتاب الله عز وجل تدبّراً وتفهّماً، ولذلك قال الله سبحانه وتعالى فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۝أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ۝أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا الله سبحانه وتعالى قرن بين هذا، بين التولي والافساد وقطيعة الرحم، وبين عدم تدبّر كتاب الله عز وجل وجعل الإنسان كتاب الله عز وجل وراءه ظهرياً، قال تعالى كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ – كثيرٌ خيره، كثيرٌ فضله – لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ فالله عز وجل إنما أنزل هذا القرآن لكي نتدبّره، ولكي نتفكّر فيه، ولكي نعمل به، ولذلك ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أُناساً فقال مخاطباً الصحابة: تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، وصيامكم إلى صيامهم، وقراءتكم إلى قراءتهم، يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.

النبي صلى الله عليه وسلم حينما ذكر الخوارج قال إنهم يجتهدون في الصلاة وفي الصيام وفي قراءة القرآن، لكنهم يقرأون القرآن لا يتجاوز حناجرهم لا يصل إلى قلوبهم وعياً وفهماً

ولذلك جاء في حديث زياد بن لبيد الأنصاري وفي حديث أبي الدرداء رضي الله عنه في الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء، فقال: زياد بن لبيد الأنصاري، يا رسول الله كيف يختلس منّا العلم ونحن نقرأ القرآن فوالله لنقرأه ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثكلتك أمك يا زياد إن كنت لأعدك من فقهاء أهل المدينة هؤلاء اليهود والنصارى بين أيديهم التوراة والانجيل فما أغنت عنهم

قال الله عز وجل وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ فهم يقرأونها، وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ ليس عندهم يقين لأنهم ليس عندهم علمٌ ولا فهم

فهو قال نعم هذه التوراة والانجيل موجودة لكنها لم تغن عنهم شيئاً، فإذاً بيّن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا التدليل أن العلّة في الفساد، العلّة فيما يصيب المجتمعات من شرور هو في بعدهم عن كتاب الله عز وجل وليس بعدها عن كتاب الله كما قلنا أن تهمله بحيث لا تقرأ فيه أو لا تسمع، وإنما حقيقة الهجران أن تهجره فهماً وتدبّراً وعملاً.

فإذاً إذا عادت الأمة إلى كتاب الله عز وجل والتزمت أمر الله عز وجل بتدبره وتفهمه كان لها نبراساً كما قال الله عز وجل إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ قال تعالى كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين و- صلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

من آثار هذا الهجران لكتاب الله عز وجل أن يقلّ العلم ويرفع وأن يكثر الجهل ويثبت، لأن أصل العلم إنما يستخرج ويستنبط من كتاب الله عز وجل فإذا ضيّعنا كتاب الله عز وجل فلابد أن يترتب على هذا من أثر، ما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقبض العلم ويرفع ويكثر الجهل ويثبت.

وقد بيّن صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل لا يقبض العلم بأن ينزعه من صدور الناس وإنما بأن يهملوا تدبره وإقامته وتعلمه.

قال صلى الله عليه وسلم في حديث عبدالله بن عمرو عند البخاري: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الناس وإنما يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقي عالماً اتّخذ الناس رؤساء جهّالاً فسئلوا فأفتوا بغير علمٍ فضلّوا وأضلوا، هذا أول أمر؛ أننا ربما لا نهتم بأن نتعلم كتاب ربنا ودين نبيّنا صلى الله عليه وسلم فيترتب على ذلك أن يموت العلماء ولا يخلفهم غيرهم،، هذا أوّل

الأمر الثاني: أنه يقلّ الورع وتقلّ خشية الله كنتيجة لترك تدبّر كتاب الله الذي يعرّف العبد بربه عز وجل الذي يجعل الإنسان يخشى الله عز وجل، قال الله – تبارك وتعالى – إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ فالعلم هو الذي يورث الإنسان خشية الله عز وجل، فإذا ذهب هذا جعل الناس علمهم مطية لطلب الدنيا.

قال عبدالله بن مسعود: ” كيف بكم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويكبر فيها الصغير ” ، تستمر زماناً طويلا حتى إن الشيخ الكبير نشأ على هذا وكبر عليه والصبي الصغير نشأ على هذا وترعرع عليه، حتى إذا ترك من هذا شيء من هذا الشيء الجديد الذي ينافي أصل الدين الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: تركت السنّة.

فقالوا: متى ذلك، قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: إذا ذهبت علماؤكم وكثرة جهلاؤكم، وكثر قراؤكم وقلَّ فقهاؤكم، قرّاء للقرآن كثير ولكن فقهاء وعلماء قليل ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.، الفقه هو عمق الفهم، قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ علماً وفهماً، إذا ذهبت العلماء وكثرة الجهلاء، وكثرة القرّاء وقلّت الفقهاء، وكثرة أمراؤكم وقلّت أمناؤكمإذا ضيّعت الأمانة فانتظر الساعة، قيل: ومتى إضاعتها؟، إذا وسّد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة.

وكثرة أمراؤكم وقلّت أمناؤكم.

وأولى وصفٍ لأميرٍ أو قائدٍ أو حاكم أو مدير هو الأمانة مع القدرة قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ القوة أن عنده مؤهلات هذا المنصب، والأمانة أنه يتقي الله عز وجل ولذلك كان عمر رضي الله عنه حينما يولي أميراً يوصيه فيقول: إن أهمّ أموركم عندي الصلاة فمن كان مضيّعاً لصلاته فهو لما سواها أضيع.

إذا كان يضيّذع حقّ الله عز وجل فهو لما سواه من الحقوق أضيع إذا كان يضيّع الأمانة التي ائتمنه الله عز وجل عليها، فهو لما سواها أضيع.

فيقول ابن مسعود: إذ ذهبت علماؤكم وكثرة جهلاؤكم وإذا كثرة قرّاؤكم وقلّت فقهاؤكم كثرة أمراؤكم وقلّت أمراؤكم والتمست الدنيا بعمل الآخرة وتفقه بغير دين.

هو يعمل أعمال الآخرة لكنه يطلب بها وجه الناس ويطلب بها الدنيا رياءً وسمعة، وتفقه لغير الدين: لأجل الأموال والمناصب والرياسات وأن يظهر ربما في وسائل الإعلام وغيرها فهو يأخذ الدين مطيّة الدنيا،، هذا ما سببه؟ سببه أيضاً كما قلنا أنه أعرض عن كتاب الله عز وجل الذي يزرع خشية الله عز وجل وتعظيمه في القلوب، قال الله عز وجل إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ، وقال سبحانه وتعالى وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ۝وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ

الأمر الثالث الذي يترتب على ضياع كتاب الله عز وجل هو ضعف الوعي والفقه والفهم عندنا، تتبدل وتتغير المعايير والموازين.

يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد ” بين يدي الساعة سنون خدّاعات يصدّق فيهنّ الكاذب ويكذّب فيهنّ الصادق ويؤتمن فيهنّ الخائن، ويخوّن فيهنّ الأمين، ويتكلم فيهنّ الرويبضة، قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟، قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة،.

هذا سببه أيضاً تبدل وتغير المعايير والموازين ليس عندنا معيار نقيس به، أليس الذي يكذب أم هذا صادق؟، هو في حقيقته صادق لكن نحن ربما نظّنه كاذباً، هذا شخص يكذب، هو الآن يكذب ويهزي لكن نحن لضياع هذه الموازين عندنا جعلنا هذا الصادق كاذباً فلم نأتمنه على ما يقول، وجعلنا الكاذب صادقاً فصدّقناه فيما يقول.

ويؤتمن الخائن ويخوّن الأمين،، وهذا شر من الأول، نحن الثقات الذين هم محلّ الثقة لم يعودوا محلّ للثقة، وأهل الخيانة الذي يجب أن نحذرهم أصبحوا أهلاً للثقة والأمانة، لماذا؟ المعايير والموازين ذهبت وضاعت.

ويتكلم الرويبضة، والرويبضة النبي صلى الله عليه وسلم يقول: هو الرجل التافه ليس عنده عقل وليس عنده وعي، ليس عنده فهم، ومع ذلك يتكلم في الأمور الكبيرة ويصغي له الناس وينصتون، ويبنون فكرهم وتصرفاتهم ومفاهيمهم على كلام الرويبضة لماذا؟ لأنهم أعرضوا عن الأصل الأصيل، لأنهم تركوا كتاب الله عز وجل وراءهم ظهريا، فعلاج هذه الآفات سهل وبسيط، هو بين أيدينا جميعاً، وهذا يجعل مسؤليتنا أمام الله عز وجل أعظم وأعظم نحن نقف غداً بين يدي الله عز وجل يسائلنا عن هذا القرآن ماذا نقول؟ بماذا نجيب؟

هذه نعمة عظمى، الله سبحانه وتعالى أنزل كلاماً كلاماً تكلم به الباري سبحانه وتعالى أنزله بواسطة جبريل عليه السلام أمين السماء على محمد صلى الله عليه وسلم خير خلق الله يبلّغنا أوامر الله عز وجل وما يسعدنا وما ينجينا وما يتعبنا وما يشقينا، ما عذرنا بعد ذلك إذا نحن أعرضنا عن كتاب الله عز وجل وأنصتنا وأصغينا إلى من لا يستحق أن ننصت ونصغي إليه

الآن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ” نشواً يتخذون القرآن مزامير ” هم صرفوه عن محلّه، جعلوه طرباً وأصواتاً ولذلك نحن في رمضان نجد الإسكندرية كلها في مسجد أو مسجدين لماذا؟ طلباً لحسن الصوت، ثم ماذا؟ بعد هذا،بعد أن ينتهي رمضان نعود إلى حالنا الأول لماذا؟ لأننا نحن لم نستفد من كتاب الله

أنت الآن تفكّر معي: شخصٌ وقف على قدميه استمع إلى كتاب الله عز وجل كاملاً من فاتحته إلى خاتمته استمع إلى آيات الله عز وجل فقد قامت حجّة الله عز وجل كاملةً عليه، لقد وصلنا إلى مستوى كان الشخص يستيقظ صباحاً فيسمع القرآن في البي بي سي في إذاعة بريطانيا، ويسمع القرآن عصراً في صوت إسرائيل من أورشليم القدس، الكفار يذيعون لنا قرآن، وقد قال الله عز وجل لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ الكفار يريدون ألا نسمع القرآن لئلا نتأثر، هم وصلوا لمستوى من الثقة هم يذيعون لنا القرآن، اسمعوا القرآن، نحن سوف نقرأ لكم القرآن، استمعوا لكتاب الله،، ثقة متناهية أننا لا تأثير، كما قال ديان إن العرب لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يعملون، لابد من عودة صادقة إلى كتاب الله عز وجل والأمر يسيرٌ سهل، قال الله سبحانه وتعالى وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا وذهاب همومنا، وجلاء أحزاننا.

اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين

سلما لأوليائك، حرباً لأعدائك، نحب بحبك من أحبك، ونعادي بعداوتك من خالفك.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.