Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

بدوي وعلوي وأصحاب الكهف

الحمد لله الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيداً, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد،،,

حديثنا اليوم عنوانه ” بدوي وعلوي وأصحاب الكهف ” وإن شئت فقل الحقيقة من وراء الحجب,

 كنا في الجمعة الماضية مع ذكر ذي القرنين وذكرنا أن المشركين من قريش أرسلوا رسلهم إلى يهود المدينة أهل العلم بالكتاب لكي يستفهموهم أو يستعلموهم عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم, قد جعل اليهود لهم علامة واختباراً لهذا الصدق لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلم علماً لا يطلعه عليه إلا الله تبارك وتعالى فكان من جملة هذا العلم السؤال عن فتية مضوا في الزمان الأول كان لهم شأن عجيب, وعن رجل طواف في الأرض بلغ مشارق الأرض ومغاربها, فتحدثنا عن هذا الرجل الطواف في خطبتنا الماضية, واليوم نعرج على هؤلاء الفتية, ولا نريد في حديث يومنا هذا أن نفصل في القصة وما فيها من أحداث وتفاصيل, ولكننا نريد أن نقف معنى بعينه, هؤلاء الفتية أدركوا بفطرتهم وبما آتاهم الله من عقول سليمة أن ما عليه قومهم من الشرك وعبادة غير الله سبحانه وتعالى أن ذلك من الضلال, فخرجوا يوماً مع قومهم في عيد من أعيادهم فجعلوا ينسحبون من هذا الوسط ضيقاً به وضجراً ينسحبون الواحد تلو الآخر يخرج الواحد من هؤلاء فيتنحى في مكان بعيد يجلس وحده منابذاً هؤلاء متفكراً في حاله وحالهم متفكراً في الحقيقة من وراء هذا الباطل الذي يعيشه هؤلاء الناس, فجعلوا يخرجون بلا مواعدة وبلا اتفاق الواحد تلو الآخر حتى جلس بعضهم إلى بعض, يهاب أحدهم أن يكلم صاحبه بما وقع في نفسه, حتى سأل أحدهم أصحابه عن سبب تنحيهم عن أهليهم وذويهم فحدثوا بعضهم بعضاً بما يجول في خواطرهم وما في نفوسهم, ثم جعلوا يجتمعون بعد ذلك يتذاكرون ويبحثون عن طريقهم إلى ربهم تبارك وتعالى وإلى عبادته: وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ۝ هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ثم شاع خبرهم وعلم بهم ملكهم فاستدعاهم وتوعدهم, وأراد أن يبطش بهم ولكنه أمهلهم لعلهم يراجعون أنفسهم, فحينئذٍ تواعدوا عى أن يخرجوا من هذه البلدة إلى كهف يعرفونه كي ينجيهم الله سبحانه وتعالى من هذا البطش المتوعد بهم ومن هذا الشرك والضلال الذي يسود هذا المجتمع وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا ثم يذكر الله سبحانه وتعالى كيف تولاهم بحفظه وعنايته ورعايته في هذا الكهف وكيف أمره سبحانه وتعالى الشمس أن تحيد وأن تنحرف وهي تدخل إلى كهفهم كي لا تضرهم ولا تؤذيهم, ثم يذكر سبحانه وتعالى كيف أعاد هؤلاء إلى الحياة بعد زمان طويل وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ على هذه الحال ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ثم يخرج أحدهم يتلمس لهم طعاماً خفية من هؤلاء القوم الذين يتربصون بهم الدوائر فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ يتخفى وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ۝ إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا ۝ وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا هؤلاء بعثهم الله بعد هذه الأزمنة المتطاولة ثلاثة قرون فلما خرجوا وجدو الحال قد تبدل والمجتمع قد تغير والناس ليسوا بالناس والمدينة ليست بالمدينة والدين ليس بالدين والملك ليس بالملك جعلهم الله تبارك وتعالى آية من آياته لكنها ليس بأعجب آياته تبارك وتعالى أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا هل هم أعجب آية من آيات الله؟ بل في آيات الله ما هو أعظم وأعظم وأعجب بكثير لكنها كما قال تبارك وتعالى أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ ما الحكمة؟ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا يعلم هؤلاء المؤمنون وقد كانوا قبل ذلك عالمين فيزدادوا إيماناً ويقيناً ويعلم هؤلاء المتشككون وهؤلاء الضلال فيكتسبون إيماناً ثم يقيناً والمعنى الذي نريد أن نذكره من هذه القصة كيف نقل الله عز وجل هؤلاء إلى ما وراء الزمن الضيق المحدود؟ إن الإنسان يعيش في هذه الحياة أسير نظره الضيق وأسير زمانه المقدر له وأسير عمره المحدود, فهو لا يرى ما وراء هذا الزمان المحدود, لا يرى ما وراء هذا العمر القصير, سواءاً في عمر الدنيا الطويل أو ما وراء ذلك من الزمن السرمدي الذي لا نهاية له وهو الزمن الأخروي بعد آخر وراء هذه الحياة الدنيوية التي نعيش فيها فهؤلاء الفتية نقلهم الله وراء حجب أعمارهم المحدودة ليروا بأعينهم انتصار الحق وتغير الأحوال وظهور الدين وذهاب الملك الكافر والقوم الضلال المشركين, لكن هذا كان خروجاً عن النسق الطبيعي المعتاد.

يعني الطبيعي كان هيحصل أيه كانوا هيروحوا الكهف هيموتوا بعد شوية أو في الأجيال الطبيعية هيخدلهم تلتين أربعين سنة، هذا الزمن لن يروا فيه هذا التغير أو الظهور للحق الذي نابذوا هؤلاء الناس لأجله, هم اختاروا أن يخرجوا من بين هؤلاء الناس واختاروا هذا الكهف الضيق على هذه الرحابة والسعة وسط أهليهم وذويهم إيثاراً للحق على الباطل وللإيمان على الشرك وقد كان الله تبارك وتعالى معهم حتى في كهفهم الضيق وكان سبحانه وتعالى عند حسن ظنهم به فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ الضيق المظلم فإذا آويتم إلى هذا الكهف الضيق المظلم نشر الله عز وجل عليكم من رحمته, يحيل هذا الكهف الضيق المظلم إلى مكان واسع رحب فسيح لأنهم حينئذٍ يجدون أنفسهم وتستقر فيه أرواحهم التي كانت تعاني الضيق في هذا المجتمع الرحب الذي يضيق بالإيمان وبالنور وبالتوحيد, بل أن الله تبارك وتعالى فوق أنه أراهم هذه الآية وأعطاهم هذا اليقين الزائد بل منَّ عليهم سبحانه وتعالى بأن جعلهم هم أنفسهم آية على البعث وعلى قدرة الله تبارك وتعالى ليس فقط أراهم الآية بل جعلهم جزء من هذه الآية التي أعطت هؤلاء الأقوام اليقين في قدرته تعالى واليقين في حقيقة البعث, فإذا استطاع الإنسان أن يكون مثل هؤلاء يتحرر من أسر الزمان الضيق يتحرر من أسر العمر المحدود ويرى أقدار الله تبارك وتعالى ويرى نوره تبارك وتعالى ويرى من وراء هذه الحجب كيف يظهر الله عز وجل الحق كيف ينصف الله عز وجل المظلوم كيف يبطش الله عز وجل بالظالمين وإن أمهلهم استطاع أن ينتقل هذه النقلة اتسعت نفسه واستنار عقله وسكنت روحه, فنحن نتعلم منهم كيف نستطيع أن ننتقل من وراء هذه الحجب الزمانية الضيقة, لقد جاء النور وجاء الحق وتغيرت الأحوال ولكن جعل الله لها أجل مقدر، تلتميت سنة, يبقى احنا بعد تلتميت سنة مانفقدش الأمل أكيد مصر هتبقى كويسة فيوم تلاتين ستة نشيل نقطة من الستة ونحطها جنب التلاتين تبقى تلتميت سنة.

فإذاً هناك أمل في إن الله سبحانه وتعالى يبدل الأحوال ولكن هذا التبديل أو هذا التغير أو هذا الإصلاح، موقوف على أعمال إنسانية وعلى قلوب متصفة بصفات معينة, فإذا تحققت تحقق الموعود الإلهي فـ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ.

 فإذاً ما الذي يغير الإنسان إذا أدرك هذه الأبعاد؟ أنه يسعى لامتثال أمر الله سبحانه وتعالى, يسعى لتحقيق رسالة الحق والخير في هذه الحياة, ولا ينتظر أن يرى ثمرة ذلك ولا نتيجة ذلك في عمره الضيق المحدود بل ينتقل كما انتقل أصحاب الكهف إلى ما وراء الزمان, ووراء هذا الزمان أيضاً زمان آخر هو الزمان الذي يحق الله فيه الحق, أمرنا الله تبارك وتعالى أن نقول في كل ركعة من ركعات صلاتنا مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ الدين هو الجزاء والحساب الحق, اليوم الذي يدين الله العباد بأعمالهم فيجازي كلاً عن عمله وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ.

 ” بدوي ” اطلع على شرور وفساد وإفساد فأراد أن يحارب هذا الفساد والإفساد, فذهبت مروحيته مرتطمة بعمود نور ومعه ثلاثة عشر رجلاً من كبار القيادات وكان قبل أن يذهب قد أعطى وثائق ومعلومات إلى صديق له وذهب, وبعد سبع سنوات أراد صديقه أن ينشر هذه القضية الميتة, وأن يقوم بحقه الذي أوجب الله عليه, فظلوا يدافعونه سنتين كاملتين وبعد سنتين وقف يعرض وثائقه ويقوم بحقه ثم يقول وأقف مع هذه الكلمات التي تعطي ظلالاً لقصة أصحاب الكهف, يقول: ” يكفيني أن أسجل هذا الاستجواب في مضبطة مجلس الشعب ” ثم استدرك فقال: ” بل في مضبطة التاريخ وسجل الخلود فإن لم تظهر الحقائق غداً فستظهر بعد غد والبقاء لله وحده ” ” إن لم تظهر غداً فستظهر بعد غد ” هذا هو ما نعنيه تماماً, إنه يتجاوز إطار هذا الزمان المحدود الذي يعيشه ويعلم علم اليقين أنه إن ذهب ورحل فإن الله سبحانه وتعالى لابد أن يظهر الحق يوماً ما قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ بعد كم سنة؟ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ يتنبش فيطلع, أخرجه الله سبحانه وتعالى في وقته الذي شائه والذي أذن به, ويقول أيضاً وهو يعتذر – وكان عنده ذبحة واحتمال إنه يفلسع في الموضوع ده – يقول: ” أقول شكراً ومعذرة للأطباء والأصدقاء – الناس اللي خايفين عليه بيقولهم بلاش – لأنني أخاف أن أدخل قبري بهذه الوثائق, فماذا أقول يوم الحساب وماذا أقول في الخبر, وما يدريك لعل الساعة قريب ” , ثم يقول: ” كشف الفساد وتعرية رموزه ومقاومتهم أمانة في عنق كل إنسان وستكون يوم القيامة خزياً وندامة, وإن التستر على الفساد من الخيانة العظمى. فحق علينا أن نبحث عن هذه الأموال المنهوبة ونردها إلى خزانة الشعب ” ومضى في سبيله ولم يحدث من ذلك شئ, لكنه كان موقناً بهذه الحقائق.

 طيب هذا الرجل ممكن نصنفه إيه؟ في إطار الإسلاميين أو في إطار التيار الديني؟ لا, ده رجل وفدي, طيب هذا الرجل إذا صنفناه خارج هذا التيار نقدر نصنفه خارج إطار التدين؟ يعني الشخص اللي الباعث له على ما يفعل هو تذكر يوم الحساب وتذكر سؤال الله سبحانه وتعالى له في قبره وأن هذه أمانة وتذكر لقاء الله سبحانه وتعالى, وأن الله سبحانه وتعالى سوف يظهر الحق يوماً ما, إحنا محتاجين نراجع هو إيه مفهوم التدين؟ إحنا نقصد إيه بالمتدينين أو غير المتدينيين, التيار الإسلامي أو غير التيار الإسلامي؟ إيه مفهود الدين اللي إحنا بنتكلم عليه؟ يعني إيه مفهوم الشخص اللي نقدر نقول انه قائم بالدين أو قائم بكلمة الحق؟ إيه موصفاته؟ هل هو مجرد انتساب لحاجة معينة ولا رسالة يؤديها ودور بيقوم به؟ طيب إذا كنت أنا داخل في إطار أحد هذه الانتسابات بس مابعملش ده, أو مقومتش به, يبقى إحنا محتاجين نراجع كتير إيه هو مفهوم الإسلام اللي إحنا بنتلكم عليه؟ إيه وظيفة المسلم؟ إيه الرسالة اللي بيقوم بها الإنسان في الحياة؟ إيه الواجب على المسلمين تجاه الدين وتجاه العباد؟ على أي مقدار إحنا مستشعرين أو متفكرين أو منتبهين للآخرة أو بنعمل فعلاً حساب ليوم اللقاء يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ۝ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ۝ لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ.

 فإذاً على مقدار تذكر الإنسان لعظمة الله سبحانه وتعالى على مقدار تذكره للآخرة هي أد أيه في الحياة, فعندما نسمع هذه الكلمات نرى أن هذا الشخص مستحضر هذه المعاني, إحنا كلنا مؤمنين بالآخرة كلنا مؤمنين بلقاء الله, إيمان معرفي يعني معلومات إحنا متأكدين إن هي هتحصل لكن هي تمثل أد أيه من الحياة تمثل أد أيه من حركة الإنسان؟ طب أنا بافتكرها بأي مقدار؟ وأنا الكلام ده مش بقوله للناس اللي بتسمع يعني المتكلم ربما يكون أسوأ حالاً بكتير من أي حد تاني, لكن الواحد واجب عليه أنه يذكر نفسه ويذكر غيره, فهي القضية أد أيه الواحد بيعيش الدين مش أد أيه الواحد بيتكلم عن الدين أو أد أيه الواحد عنده معلومات دينية, لأ, إحنا بنعيش الإسلام بأي نسبة وبأي درجة؟ متصورينه إزاي؟ فهمينه إزاي؟ بنطبقه بأي نسبة؟ وبنعيشه بأي مقدار؟, فحقيقة الإيمان أن يكون الإنسان مستحضر عظمة ربنا سبحانه وتعالى, أنه في حركة حياته متذكر لقاء الله بيعمل لهذا اللقاء,

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ,

الحمد لله رب العالمين,

 ثم مضت هذه النوعية من البشر ولم يبقى منها إلا القليل, وهي دي أكبر مشكلة, يعني الناس دول اللي إحنا اتكلمنا عليهم مشوا وكل حد شبهم بيمشي أو بيركن, فأصبح علاج أن يقف في مواجهة الشر والظلم والفساد رجال ,اللي إحنا نلغي الصنف ده من الحياة, وهي ده بقى البرمجة اللي اتعملت بعد كده, يعني دلوقتي عشان نخلص من الناس دي, منعودش بقى نطير وراهم لأ, منصنعش النوع ده خالص, بحيث ميجيش حد لا يقرفك ولا يتعبك يعني تجفيف المنابع, وتجفيف المنابع ده بيتم بحاجتين, الحاجة الأولى: تشويه صورة الإسلام, بحيث أنت حتى لو عايز تبقى مسلم كويس ماتعرفش أو ماتفهمش ولو حولت ماتجيش معاك, وزي ماقولنا في الخطبة اللي فاتت تبديل الموازين قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ۝ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا هو ده الميزان يعني ميزان الحكم الصالح أنت بترفع مين وبتنزل مين؟ أهل الخير والصلاح والبر أنت بترقيهم وبتكافئهم مادياً ومعنوياً طب والتنيين, لازم تضيق عليهم, إحنا ذكرنا قبل كده قول سيدنا عثمان ” إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ” في ناس لا يردعها القرآن فلابد من القوة التي تحفظ الحق, إقامة الموازين العادلة, طب حصل إيه الموازين اتبدلت, فاللي المفروض يبقى فوق بقى تحت واللي المفروض يبقى تحت بقى فوق, طيب لما اللي فوق يبقى تحت واللي تحت يبقى فوق يحصل إيه؟ إن إحنا لأننا نفوسنا ضعيفة والضغوط صعبة, هنضطر عشان نبقى فوق أو عشان نقدر نتنفس لازم نسلك مسلك هؤلاء ونخش في هذه المنظومة هنعمل إيه طيب؟, دلوقتي إحنا عايزين نعيش بدون مشاكل أو عايزين نعلى شوية ونقب, طيب إيه معايير القببان عندكم معايير القببان الفساد والباواظان, طيب اللي عايز يبقى محترم استحمل بقى, فأنت لو موضوع الاحترام ده تعبك معلش بقى استحمل شوية وليك الجنة إن شاء الله فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ده تعليل, يعني الناس دي عالم نضيفة مش هينفع تقعد معانا هنا, بقى هو ده المعيار.

 فإذاً أنا المفروض أبدل المنظومة وأبدل معاييرها, وأحاول أشوه الدين وأمنع خروج أي جيل فاهم أي حاجة ومش فايق حتى !, شهوات ومخدرات.

 المشكلة اللي إحنا طلعنا أجيال متقزمة, لذلك تقعد تدور يمين شمال فوق تحت كل ده جيل ميه واحدة شيخ بقى مش شيخ إحنا كلنا ميه واحدة إحنا كلنا مصريين عشان تبقى الدنيا واضحة, طيب بما إن الدنيا كده هنعمل أيه؟ يبقى في ظل الوضع الراهن إحنا بنبحث على أفضل صورة ممكنة, لكن لو عايز تصلح حاجة بجد, عايز المجتمع يبقى كويس بجد, لازم تعيد منظومة المعايير مين اللي فوق ومين اللي تحت, مين اللي مفروض يطلع ومين المفروض ينزل, لما تبقى المعاني اللي إحنا كنا بنعتبرها قيماً أخلاقية كبيرة أصبحت حاجات يسخر منها, وأصبح الفساد والنصب ده هو اللي يثنى عليه باعتبار إن ده نوع من أنواع الذكاء, يعني لو أصبح عندنا المعيار أن ” الراجل ما يعيبه إلا جيبه ” دي معناها إيه؟ يعني العيب الوحيد اللي بيعاب به الإنسان إنه معه فلوس ولا معهوش, يبقى أنا عشان أبقى راجل بقى ومعنديش عيب لازم أملأ جيبي, طيب هاملأه أزاي؟ معرفش لأنه مفيش معيار, طيب مفهوم الراجل ده موجود فين؟! فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ده اللي جاء في القرآن, لأ إحنا عندنا حاجة تانية, يبقى المفهوم ده لازم يتغير, إحنا بنشأ الشباب والأجيال على أيه؟

وينشيء ناشيء الفتيان فينـا على ما كان عوده أبوه

وما دانَ الفـتى بحجىً ولكــن يعلمه التدين أقربـــــوه

 إحنا هنشأ الناس على أيه؟ إحنا هنطلع الأجيال على أيه؟ بناءاً على ده نبتدي نشوف إحنا هنروح فين.

 سيدنا موسى لما نقل للتيه والشعب بني إسرائيل نتيجة لتأثير الوضع الفرعوني أصبح لا يريد أن يفعل شيئاً ولا يريد أن يقيم أمر الله ولا يريد حتى أن يؤكل نفسه فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ حتى لا نريد أن نزرع, لأ إحنا زهقنا من المن السلوى اللي ربنا بينزلهلنا دي إحنا عايزين نغير, طيب هنغير أزاي؟ إحنا عايزين من بقلها وقثائها من هيعمل الكلام ده؟ إحنا هنزرع, لأ, فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ إحنا هنأكل بس فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا.

 إذاً ماذا نصنع في عصرنا الآن؟ ماذا كان يفعل سيدنا موسى عليه السلام؟ كان يحاول أن يعالج هذا الجيل ويسكنه ويحسن أحوله قدر الإمكان, من الأحوال المعيشية وغيرها فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا يريد الناس أن يشربوا ويأكلوا, فالله سبحانه وتعالى لعظيم رحمته رغم أن هؤلاء الناس كانوا معاقبين بهذا التيه لكن الله سبحانه وتعالى كان يمن عليهم بما يحتاجون, فهذا لم يكن عقاباً إنما لكي يراجع الناس أنفسم, ويظلل عليهم وينزل عليهم من السماء بدون أي تعب من وسلوى مع أنهم معاقبين, لكن هذه هي رحمة الله سبحانه وتعالى.

 وغير هذا الأمر كان موسى عليه السلام يُنَشِّيء, يُنَشِّيء على معايير جديدة يُنَشِّيء على موازين جديدة, يُنَشِّيء على صورة صالحة, لذلك بعد جيل الوضع تغير في أمة بني إسرائيل, فإذاً هذا الأمر من الممكن أن يتغير عندنا أيضاً, فالله سبحانه وتعالى لا يحكي هذا القصة للتسلية, مش حواديت, يبقى إحنا عندنا جيلين الجيل بتاعنا إحنا هنستحملوا نفسنا وخلاص لحد كده ما ربنا يفرجها بس لازم اللي إحنا ناكل ونشرب, ده الطبيعي بتاع الحياة فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ۝ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ونحاول نبقى كويسين قدر الإمكان, أما إذا كنا عايزين نعمل حاجة بجد يبقى لازم نصلح الفكر نصلح المفاهيم نصلح ميزان القيم المجتمعي, لازم هانجيبوا منين؟ والله المصحف موجود على الرف, بس إحنا لسه مش مقدرينه, إحنا كلنا كمجتمع أي كانت اتجاهاتنا, إحنا لسه مش مقدرين القرآن لسه مش حاسين بقيمته, إحنا لسه مافوقناش, لازم نفوق يا جماعة لأن الوقت مش في مصلحتنا, إحنا لازم نفوق عشان ربنا يصلح أحوالنا, المشكلة إن إحنا كل شوية بنغرز أكتر في مشاكل, ويزداد التناحر الداخلي ويزداد العراك ومحدش واثق في حد ده نتاج طبيعي لوضع معين مكعبل, ده نصلحه إزاي؟ هي دي الفكرة, مزيد من الاشتباكات… مش مزيد من الإصلاح, لازم نحاول نصلح الوضع اللي إحنا فيه, إحنا من أين أوتينا أين مشكلتنا؟ أول شيء الوصلة ما بينا وبين فوق, الوصلة ما بينا وبين أثيوبيا مهمة, لكن الوصلة ما بينا وبين فوق أهم لأن هي دي اللي بتنزل الخير فعلأً وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ۝ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ.

 اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.

اللهم إنا نسألك فعل الخيرات, وترك المنكرات, وحب المساكين, وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا, وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك.

اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحينا ما علمت الحياة خير لنا وتوفنا إذا كانت الوفاة خير لنا.

اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا ونسألك القصد في الفقر والغنى, ونسألك نعيماً لا ينفد وقرة عين لا تنقطع ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة.

اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين, اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين سلماً لأوليائك حرباً لأعدائك, نحب بحبك من أحبك ونعادي بعدواتك من خالفك.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.