بسم الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
لازلنا نتحدث عن مجتمعنا مجتمع الأنا والآن.
أولاً كثير منا حينما يذكر هذه اللفظة الأنا يقول في كلامه أنا وأعوذ بالله من كلمة أنا، الأنا اللي إحنا بنتكلم عليها هي مش كده هي كلمة بتعكس حالة إن الإنسان نفسه تتضخم نفسه ديه هي محور الكون بتتمحور حوليها كل حاجة في سبيل هذه الأنا ممكن يضحي بأي قيمة بأي معنى.. ممكن يدوس على أي إنسان أنا أنا ومن بعدي الطوفان إذا جه الطوفان حط ابنك تحت رجليك الكلمة العظيمة اللي أنا بتخذها شعار في حياتي.. عيش ندل تموت مسطور دييه الأنا وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أنا سيد ولد آدم ولا فخر.
يبقى المشكلة في الفخر ” أنا سيد ولد آدم ” ده خبر بيخبرنا بيه علشان يبين لنا مكانته صلى الله عليه وسلم ثم يقول ” ولا فخر ” النبي صلى الله عليه وسلم يسأل أصحابه يوماً قال من أصبح منكم اليوم صائماً قال أبو بكر أنا من عاد منكم اليوم مريضاً قال أبو بكر أنا من تبع منكم جنازة قال أبو بكر أنا من تصدق منكم اليوم بصدقه قال أبو بكر أنا يبقى المشكلة مش في كلمة أنا وإنما فيما تعكسه هذه الأنا من احساس أو من معنى أو من شعور أو من خلق أنا التي ذكرها الله تبارك وتعالى في قوله عن إبليس قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ قال فرعون أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى قول الملك المحاج لإبراهيم عليه السلام قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ هذه هي الأنا التي ينبغي أن تزول ينبغي أن تختفي من الحياة.
ذكرنا بالأمس قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يمدح ويصف الأشعريين اليمنيين فقال كما ذكرنا بالأمس – طبعاً اللي فات مات – قال: ” إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ ” هما ناس خارجين في سفر في صحرا أرملوا قل زادهم وطعامهم السفر طويل والأكل بدأ يقل جداً ولذلك سمي أرملوا لإن خلاص حيبقوا على الرملة مفيش معاهم حاجة ” أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ ” هما مستقريين مش مسافرين بس المواد الغذائية قلت في البلد يعملوا إيه ” جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ ” .
فالنبي صلى الله عليه وسلم هنا سلوك هؤلاء الناس اللي النبي صلى الله عليه وسلم بيتولاهم ويمتدحهم إنهم لما يحصل أزمة في الحاجات الضرورية أو الأساسية في المجتمع المواد الغذائية الضرورية لحياة الناس احنا بنعمل إيه..؟
إحنا أول ما بنسمع إشاعة إن في حاجة حتبتدي تغلى أو تشح أو كده نبتدي كلنا ننزل على السوبر ماركت ونلم نلم تلاقي الناس تكون حاجات قد كده، على فكرة مانكونش بنعمل بيها حاجة ده في النهاية بيزود الأزمة ولو مكنش في أزمة بيبقى في أزمة فعلاً وتبتدي الحاجات تغلى على الغلابة اللي ماعهمش فلوس أنا معايا فلوس ممكن أخش أشيل طب الغلبان اللي ربما بيجيب حاجة اليوم بيوم هو ده اللي حيضيع إيه سبب كده إحنا.. إجنا.. الأنا ديه ممكن الحاجة تفضل تتكوم وبعد كده تبوظ مثلاً ومن رحمة ربنا مابيحصلش حاجة، هو جو كده طيب هما بيعملوا إيه؟
عكس كده تماماً هما اللي معاه كثير واللي معاه قليل واللي معاه واللي ماعهوش هما بيلموا الحاجة كلها وبيحطوها في مستودع واحد وبعدين؟؟! حتتوزع على المواطنيين بالسوية وبعدين بإناء واحد احنا قلنا يعني إيه مش كل واحد معاه مكيال واحد جايب بتاع خمسة كيلو وده معاه نصف كيلو، لأ.. النبي صلى الله عليه وسلم قال إيه؟ ثوب واحد يبقى ده مخزن واحد.. إناء واحد المقادير متساوية كل فرد بيأخذ احتياجه لحد ما تزول الأزمة وتختفي الفاقة يعني ده برده مش واضع عام للمجتمع لكن لما يكون في أزمة ازاي حنتعامل معاها..؟ ازاي حنعالجها..؟
كده يعني الحديث ده منهاج تعامل اقتصادي مع المشاكل الأحاديث دي غالباً مابتمرش علينا ومش بنسمعها كثير دي المشكلة أو الثقافة الدينية بتعتنا أو الخطاب الديني اللي بنسمعه معظمه بيتعلق مثلاً بالكلام على الإخلاص الكلام على بعض أمور العبادة الكلام عن الزهد في الدنيا فطبيعي ده يولد عندي أنا شعور إن الدين.
حقيقة احنا نبقى علمانيين طبعاً نتيجة ده نبقى علمانيين الدين لا له علاقة بالاقتصاد ولا بالسياسة ولا بالاجتماع ولا بيحل مشاكل ولا بيعالج أزمات أنا معرفش. عمرنا ما سمعنا اللي احنا بنعرفه عن الدين كده. فيجي يقولك الدين والشريعة واتصالها بالحياة ده طبيعي لأن احنا أصلن الكلام ده مش موجود النبي صلى الله عليه وسلم في سنة من السنوات في عيد الأضحى دف الدفة – الناس اللي مشيه براحة تعبانيين فماشية ببطأ دلالة على شدة الاحتياج ناس من أهل البادية في حالة احتياج شديد فقالوا في العيد يمكن يكون في نص كيلو لحمة يعني.. فضلت خيرك كده حلة أي حاجة.. طب صنية فاته أي حاجة فالناس زي كبست على المدينة من شدة الاحتياج فالنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى حال هؤلاء من شدة فاتهم وإقبالهم على المدينة – الصحابة برده الضواحي اللي حيذبحوها مش كثير – فالنبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بأنهم لا يدخروا الأضاحي فوق ثلاث وألا يدخروا إلا في حدود الثلث يعني تشيل الثلث لمدة ثلاث أيام بعد ثلاث أيام وزعه يبقى النبي صلى الله عليه وسلم عالج الأزمة ديه إزاي؟ الناس ده جايه احنا عايزين نستوعبهم. إن احنا في النهاية مش حيبقى في الادخار إلا لثالث أيامك التشريق بس أكثر من كده لأ.
فبعد كده الصحابة جم بيسألوا النبي صلى الله عليه وسلم بعدها. قبل العيد اللي بعده فقالوا يا رسول الله إن الناس يتخذون الأسقية من الأضاحي ويحملون أو يجنون – أي يذيبوا – فيها الودج – الودج يعني الشحم والسمنة – النبي صلى الله عليه وسلم قال وما ذاك – وأنا مالي – وما ذاك – أنا إيه علاقتي بالموضوع أصلاً؟ قالوا: يا رسول الله كنت نهيت عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث. قال: إنما كنت نهيتكم من أجل الدافة التي وردت عليكم – الكلام ده أنا قلته السنة اللي فاتت نتجة إن كان في ظروف – فكلوا وادخروا وتصدقوا. الكلام ده كان وضع عارض بسبب الظروف.
يبقى ده علاج برده أزمة عارضه في العيد ده وبعد كده اعملوا اللي أنتم عايزينوا فالصحابة ظنوا من كده إن النبي صلى الله عليه وسلم يقصد إن النهي العام المطلق عن إن احنا ندخر فوق ثلاث. لأ طب اعمل إيه أنا في الديب فريزر اللي أنا اشتريته خلاص أنت بقى أجروا تبيعه ماليش دعوة هما ثلاث أيام هما كانوا متخيلين إن ده حكم عام دائم مستمر… لأ لأ يا جماعة ده كان في ظروف الناس جات يبقى ده كان أمر متعلق بحاله معينة.
زي النبي صلى الله عليه وسلم كان بيرى في فترة من الفترات بيدعو لبعض المستضعفين في مكه اللهم أنجي الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ وعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ والمستضعفين من المؤمنين فضل يقنط كده فترة وبعدين انقطع عن الدعاء فأبو هريرة قال يا رسول الله ما لك لا تدعو؟ النبي صلى الله عليه وسلم بص له وقال: أما رأيتهم قد قدموا، الناس اللي بدعلهم أهم جم خلاص. اللي بدعلهم أهم أنت مش شايفهم جانبك ادعي ليه دلوقتي؟
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان النهي ده – يبقى الحديث لو أضفناه للحديث الثاني ازاي نتعامل مع الأزمات العارضة أو المشكلات يبقى في النهاية يبقى الادخار يعني مثلاُ يبقى المواد التموينية تنزل في المحلات لمدة ثلاث أيام بس بحيث إن محدش يعرف يلم ما هو النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث أيام يبقى احنا ممكن إيه بناء عليه نعالج هذه الأزمة وهنا حاجة ثانية – هي نقطة أخيرة – النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً بيذكر أشياء متعلقة بوقائع معينة أو ظروف معينة عارضة مش بتبقى أصل عام لكن الصحابة ظنوا إن ده أصل عام لكن النبي صلى الله عليه وسلم لما بين لهم بين لأ إن ه كان إيه لعله معينة فأحياناً في بعض النصوص يكون مقصود بها معاني معينة خاصة تفهم بقى من خلال السياق من خلال الظروف اللي كانت موجوده من خلال بيان النبي صلى الله عليه وسلم من خلال كلام العلماء ولذلك مينفعش أي حد يتعامل مباشرة مع النصوص بدون ما يرجع لكلام أهل العلم.
يعني مثلاً من الحاجات المشهورة جداً قول النبي صلى الله عليه وسلم أنتم أعلم بأمور دنياكم ده بيفهم على أنه إن أي حاجة متعلقه بالدنيا بره المسجد الدين ملوش دعوه يعني. فاحنا لو راجعنا الحديث حنلاقي النبي صلى الله عليه وسلم كان ماشي والناس بتأبر نخلة – بتأبر نخلة يعني إيه بيلقحوا من الذكر للأنثى – فالنبي صلى الله عليه وسلم قال يعني إيه ما أظن هذا يغني شيئاً – وقام معدي – بيقول يعني لو سابوه ده حيطلع برده عادي وبعدين مشي وبعدين رجعوا قالوا يا رسول الله النخل. قال: لهم طب في إيه؟ قالوا: له أصل يعني إيه لما ماريت قلت كذا فاحنا عملنا كذا.. فقال إنما ظننت ظناً فلا تآخذوني بالظن فإذا حدثتكم عن الله فلست أكذب على الله.
فهو عايز يقول يعني إيه النبي صلى الله عليه وسلم كان معدي عادي.. هو نفسه نسي.. هو معدي كده فبص فقال يعني بتهيئلي مش حتفرق مش حتفرق ده ولا حكم ولا حتى النبي صلى الله عليه وسلم ألتفت لده ولا فكره هو كلمه قالها وعدى لكن الصحابة من شدة تعلقهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وتلقفهم لكلماته فقالوا بس خلاص يا جدعان فككوا من الموضوع ده هي حتمشي كده إن شاء الله فلقوها ماماشتش فجم للنبي صلى الله عليه وسلم قالوا له مامتش هيه إيه اللي مامشتش.. مش أنت قلت كذا.. أنا قلت كذا..؟ ده لا حكم ولذلك قال: أنت اعلم بالأمور الفنية أو التقنية.
النبي صلى الله عليه وسلم مش حيتكلم فيها لكن ضبط الأطر العامة الاجتماعية والاقتصادية والمنظومات السياسية وأصول نظام الحكم..
يبقى إذن القضية متعلقة بإيه..؟ بأمور التقنية أو بأمور الفنية المحضة طيب ده يفهم إزاي..؟ من خلال إدراك النص ومعرفة معناه ومعرفة مخزاه احنا لو بصينا النبي صلى الله عليه وسلم أصلاً قال جملة لن يلتفت إليها أصلاً فإدراك ده إنما يكون بإدراك معنى النص وإدراك محله.
يبقى احنا النهاردة ذكرنا إن الإسلام في علاج لكل قضية.. المخرج من كل أزمة لكن احنا محتاجين نعرفه أكثر احنا محتاجين نقرب منه أكثر وهو على فكرة متاح موجود يعني المعرفة بالذات في أيامنا ديه دلوقتي أي حد عايز يعرف أي حاجة بسهولة جداً يقدر يعرفها مبقتش المعرفة صعبة زي زمان وكلما زادت إمكانية المعرفة.. يعني أنت لو تجوجلت في جوجل حتعرف أي حاجة عايز تعرفها الموضوع مبقاش صعب وكلما زادت إمكانية المعرفة وكلما زادت فرص المعرفة واتيحت وقربت منا كل ما كانت مسؤليتنا أكثر كل ما كانت الحجة علينا أكثر الموضوع مفيش فيه صعوبة ولذلك احنا أحياناً ممكن نبذل جهد كبير علشان واحد عايز يشتري موبيل يخش يعمل سييرش يجيب يعني تفصيل تفصيل كل حاجة في الدنيا عن الموبيل وممكن مثلاً في جزر القمر بيتباع بكام ولو جابه من ماليزيا تكلفة الشحن حتبقى كام في حين إن أبسط المعلومات المتعلقة بالدين – مش أنت طبعاً – ممكن يكون مش عارفها مع إنها هي متاحة وسهلة – لأ لأ مفيش حاجة – لكل أحد – علشان منلخبطش بقى – ..
جزاكم الله خيراً..