Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

تحت القبة شيخ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم  يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون  يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءاً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله عليكم رقيباً   يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً  ثم أما بعد ..

حديثنا اليوم يأتي هكذا عبر الخاطر .. حديث سيبدو مشوشاً غير واضح  بل ربما كان إلى الهذيان أقرب منه إلى الكلام الذي يدرى ويعقل معناه .. لقد كان الآباء والأجداد إذا مر بهم بعض ما يعترينا في هذه الأيام وضعوا أيديهم على رءوسهم وقالوا يا مثبت العقل والدين يا رب، هذه الكلمات كلمات تعكس حقيقة عظيمة أن الثبات والتثبيت والخذلان والتوفيق والإرشاد إنما هو إلى الله عز وجل وحده وحينما تختلط على الإنسان الأمور وتختلط الصواب والخطأ والحق بالباطل والظلمة والنور بحيث لا يهتدي إلى سبيل ، حينئذ يكون أقرب ما يكون إلى هداية الله عز وجل وتوفيقه وتسديده ،  يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجهل لكم فرقاناً  .. فاصلاً وحاجزاً واضحاً ما بين الحق والباطل ،  واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم ، اخترت لهذا الهذيان عنواناً فسميته “تحت القبة شيخ” هكذا كما سمعتم، “تحت القبة شيخ”، هذه الكلمة إنما تطلق حين تريد أن تعبر عن السراب الذي لا حقيقة له، هما يريدون أن يقولوا أن هذه القبة التي يتمسح بها الناس ويلتمسون منها البركات هي ليست بشيء وأنه ليس تحت هذه القبة شيء، قال الله عز وجل  والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده سيئاً ووجد الله عنه فوفاه حسابه والله سريع الحساب  الله سبحانه وتعالى يبين حال المشركين الذين يعملون أعمالا لا يبتغون بها وجه الله عز وجل أنها تبدو لهم هي الري وهي النفع وهي الفائدة كما يبدو للعطشان الذي يسير في الصحراء أن أمامه ماء حتى إذا انتهى إليه لم يجد شيئاً مما يره بل يقول الله عز وجل  ووجد الله عنده  انتهت أيامه وتسربت ولقي ربه عز وجل لكي يسائله عن أعماله ، هذه القبة التي تحتها شيخ هذه الصورة التمثيلية هي في الحقيقة صورة تخالف المشروعة المرضية في ديننا فإنه لا تلتمس البركة ولا تجتلب الخيرات إلا من القدوس المبارك كما قال صلى الله عليه وسلم : والبركة من الله ، قال أبو واقد الليثي : حرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حدثاء عهد بجاهلية أسلم بعضهم وشيكاً عندما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، فمررنا بسدرة يحمل عليها الكفار ويعلقون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط ، يناط أي يعلق الكفار بها أسلحتهم يلتمسون بركات يزعمونها من هذه الشجرة فقالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، هما يريدون من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم بجعل الله عز وجل شجرة مثل هذه الشجرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكبر إنه السنن ، قلتم كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة.

ثم عقب صلى الله عليه وسلم ذاكراً أن هذه الأمة تتبع سنن وطريق من كان ، جاء في البدعة لابن وضاح عن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنه وعن أبيه أن الناس كانوا يأتون الشجرة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم اصاحبه تحتها  لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً  كانوا يأتون لهذه الشجرة يصلون عندها فأمر عمر رضي الله عنه بها أن تقطع بعد ان توعدهم في هذا الفعل والعجب أن ابن عمر رضي الله عنه يقول لما كان من العام المقبل هم بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم هذه البيعة في صلح الحديبية في السنة السادسة ثم عادوا في السنة السابعة لكي يعتمروا فبقوا في مكة ثلاثة أيام فهو يقول في العام المقبل عندما رجعنا إلى مكة ما اجتمع منا اثنان على الشجرة ، الف وخمسميت انسان مفيش منهم اتنين اتفقوا الشجرة فين ، انهو شجرة من الشجر الموجود في المنطقة دي ، محدش عارف ، يقول ابن عمر فكان رحمة من الله ، يقول طارق بن عبد الرحمن والحديث في البخاري أيضاً يقول انطلقت حاجاً فمررت بقوم يصلون فقلت ما هذا المسجد ، ليس المسجد هو البناء ولكن المسجد هو المكان الذي يسجد فيه ، أي ما هذا المكان الذي اختصصتموه بهذه الصلاة؟ قالوا هذه الشجرة التي بايع الرسول صلى الله عليه وسلم تحتها ، قال فأتيت سعيد بن المسيب فذكرت له ذلك فقال حدثني أبي وكان ممن بايع الرسول صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة أنه أخبرني أنه لما عدنا في عام القابل لم نهتدي إلى هذه الشجرة ، فقال سعيد فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعرفوها وأنتم عرفتموها فأنتم أعلم ، إذن الشجرة التي قطعها عمر رضي الله عنه لم تتعين ولم يكن معروفاً انها هذه الشجرة التي بايعوا تحتها وإنما قطعها سداً لذريعة الشر والفساد.

نعود إلى خطبتنا ،،،

أول أمر يتبين لنا عندما ننظر إلى هذه القبة التي تحتها شيخ ، قول الله عز وجل  وتلك الأيام نداولها بين الناس  كيف تتقلب الأيام بيننا ، تحت هذه القبة منذ زمان وجيز كان يقبع تحتها ويجلس على هذه المقاعد وفوق هذه الكراسي ، أناس أخرون غير هؤلاء الناس ، بل لا نبعد عن الحقيقة كثيرا ، إّذا قلنا أن الذين أجلسوا على هذه المقاعد هم أعداء هؤلاء السابقين الذين جلسوا على هذه المقاعد منذ زمان وجيز ، فهذا هو واقع هذه الحياة التي نعيش فيها ونحيا، تتقلب هذه الحياة بأهلها ، يصعد أناس أياماً ، ثم يزول ملكهم ولا يستتم أمرهم حتى يخلفهم قوم آخرون ولذلك لا ينعي للإنسان في هذه الحياة أن يركن أو يطمئن إلى شيء منها فهي زائلة لا محالة وإنما الذي ينبغي أن يركن الإنسان إليه هو ركن الله تبارك وتعالى ، قال لوط عليه السلام عندما اشتدت به المحنة ولم يكن له في قومه معين أو نصير لم يكن له إلا ثم بنات له لا حول لهن ولا قوة حتى امراته كانت مع قومه عليه فحينما اشتدت به المحنة قال  لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد  عقب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً رحم الله أخي لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد ، لقد كان يأوي إلى ركن ركين إلى جناب الله عز وجل أما غير ذلك من أركان فإنه لا ينفع ولا يفيد قال الله تبارك وتعالى في ذكر فرعون  فتولى بركن وقال ساحر أو مجنون  ركنه الذي يرتكن إليه هو جنوده وأعوانه وانصاره وأمواله  أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين فلولا أرسل عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين فلما آسفونا  أغضبونا  فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين وجعلناهم سلفاً ومثلاً للآخرين   فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير ، ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ، ذلك ذكرى للذاكرين واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين 

هذا هو أول أمر، وقبل أن نذكر بقية الأمور أريد أن اقف وقفة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد تكلمنا في المرة الماضية والتي سبقت  عن اللحظات الفارقة في حياة الإنسان وكيف أنه في هذه اللحظات يصير الناس أحد الرجلين لا ثالث لهم ، عندما يأتي ملك الموت ليعبر عن الحساب الكتابي لكل عبد في هذه الدنيا وقلنا أن هذا الحساب الكتابي وهذه النتيجة النهائية إنما تتردد بين جملتين اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في البدن نفس طيبة وروح طيبة حلت بدناً طيباً لأنه تأثر بهذه الروح ، وأما الأخرى عياذاً بالله منها ، اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ، وقلنا إن الإنسان في حال السؤال إما موفق مثبت وإما مخذول، فإذا  النفس طيبة أو خبيثة هذه هي النهاية ، والامتثال مؤمن أو غير مؤمن ، هذه هي النهاية وهذه هو المآل وهذه هي النتيجة ، هذه الصورة التي يجب ألا تغيب عن أذهاننا التي سوف يقيم عليها الإنسان عند ربه سبحانه وتعالى ، وإذا فالقضية في النهاية هي قضية الإيمان أو عدم الإيمان ، أصل هذا الإيمان هو يقين مستقر في قلب الإنسان على وفق هذا اليقين الذي يستقر في قلب الإنسان على وفق ما تكون أعماله وأقواله وأحواله وعلى وفق ما سيكون مآله ، ومقابل هذه الإيمان إنما هو الكفر والكفر في حقيقته ، أن يدفن الإنسان الحق والحقيقة ولذلك سمي الزراع كفاراً لأنهم يسترون الحب بالتراب الذي يضعونه فإذا الله عز وجل  سمى الإيمان إيماناً لأنه هو الذي تطمئن إليه النفس هو الذي يشعر معه الإنسان بالإيمان ويشعر معه الإنسان بالمن والامان ومقابله هو الكفر وحقيقته أن الإنسان يدفن بيديه الحقيقة حية وهو يعلم انه  يناقض الحق والحق فكان رسالة المرسلين ودعوة النبيين إنما هي لأجل تحقيق الإيمان الذي هو معرفة بالله عز وجل وايمان به وتصديق لرسله وتسليم له تبارك وتعالى ثم إيمان بملائكة الله تبارك وتعالى إيمان بكتب الله عز وجل واتباعاً لها ايمانا برسل الله عز وحل وتصديقاً وتسليماً لهم إيمان بلفاء الله عز وجل وايمان بأقدار الله عز وجل الماضية في هذه الحياة ، هذا هو الاصل الذي لا تكون النجاة إلا به ، هو الأصل الذي من أجله أرسل الله عز وجل رسله وعن هذا الايمان تنبثق كل الاعمال الطيبة الصالحة عن هذا الايمان تكون الاعمال وتكون الاقوال وتكون الاحوال وتكون الحركات والسكنات ، قال صلى الله عليه وسلم : الحلال بين والحرام بين وبينهم أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرتع حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ، ألا وإن حمى الله محارمه ثم قال ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب. فهو يخبر صلى الله عليه وسلم أن هذه المضغة إذا كانت صالحة عامرة بالإيمان كانت آثار ذلك من الكلم الطيب ومن العمل الصالح لا حقة آتية لا محاله والعكس بالعكس، فإذا المراد من الانسان في هذه الحياة أن يحقق هذه الرسالة ، عتبة بن ربيعة يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أمره قومه أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكلمه ويفاوضه، قالوا اتي هذا الرجل الذي فرق جماعتنا وشتت شملنا وعاب ديننا فكلمه، فأتي عتبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : يا محمد أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبتها ، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك ، إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومه منك – يخاطب بهذه الكلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد -، فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش لساحر ، وأن في قريش لكاهن ، والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى حتى يقوم بعضنا لبعض بالسيوف حتى نتفانى فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتم كلامه كله بما سمعنا فيه من هذا التقريع ثم عقب عتبة فقال : فإن كنت تريد مالا جمعنا لك حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد شرفاً سودناك علينا أي جعلناك سيدنا ، فلا نقطع قولا دونك – نشاورك ونرجع إليك في كل أمر – وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا ، وإن كان الذي يأتيك رئي من الجن – يعني عفريت – جمعنا لك أموالاً والتمسنا لك الطب حتى تبرأ منه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفرغت يا أبا الوليد؟ قال : نعم ، قال فاسمع مني فتلا عليه القرآن من صدر سورة فصلت حتى انتهى إلى قوله تبارك وتعالى  فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود  فقام عتبة من مكانه فوضع يده على في رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : ناشدتك الله والرحم .. ناشدتك الله والرحم .. ناشدتك الله والرحم .. ثلاثا، ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءته حتى انتهى إلى السجدة ثم قال : أسمعت يا أبا الوليد؟ قال : نعم ، قال : فهو ما قد سمعت ، فقام عتبة وعاد إلى قومه فلما رأوه قالوا : لقد جاءكم أبا الوليد بغير الوجه الذي ذهب به – يبدو عليه أمارات التأثر بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم – فلما أتاهم قالوا : ما وراءك؟ قال : لقد سمعت قولا ما هو بسحر ولا بشعر ولا بالكهانة وليكونن لهذا القول الذي يقوله شأن ، فنصحهم أن يتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وشأنه فأن طغى عليه العرب فقد تخلصوا منه وإلا إذا ساد أمره وعلا فملكه ملككم ، قالوا : سحرك والله يا أبا الوليد.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع إلى هذه الكلمات التي آذت مشاعره ، والتي طعنت في عقله وفي دينه ، واستمع إلى مغريات كثيرة مما يغرى به كثير من الناس ، لكنه أعرض عن هذه الأمور ولم يلتفت إلى هذه الكلمات وإنما تلا عليه آيات من كتاب الله عز وجل فيها بيان عظمة الله تبارك وتعالى والأمر بطاعته والتحذير من مخالفته ، لقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا يشوش على دعوته ، لقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا تلتبس دعوة الحق بأي شبهة من شبهات هذه الحياة الدنيا ، لقد كانت حريصاً أشد الحرص على أن ألا يشغب عليه بطلب المال أو الملك أو السلطان فهو لا يريد إلا إحقاق الحق .. لا يريد إلا أن تكون كلمة الله هي العليا ولم يكن ثم سبيل إلى ذلك إلا بأن يتلو على الناس كتاب ربهم عز وجل ، يرشد الناس إلى ربهم سبحانه وتعالى يعرفهم بربهم تبارك وتعالى فإذا هم عرفوا الله أدركوا عظمة الله تبارك وتعالى ، التزموا حينئذ بما يرضى الله تبارك وتعالى ، لم يكن لهم ثم مطلب إلا أن ينالوا رضوانه تبارك وتعالى ، لا يلتفتون إلى غاية أخرى ، إنهم لا يراد من الناس إلا هذا ، إن الله عز وجل إنما أراد من الناس قلوبهم ، إنما أراد الله عز وجل من العباد أن يدركوا عظمته وأن يطيعوا أمره وألا يبتغوا إلا رضوانه  يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم  ليس ينفع عند الله عز وجل إلا القلب السليم أي السالم لله تبراك وتعالى، الذي لا يريد إلا رضوانه تبارك وتعالى فإذا استقام العبد على هذه الجادة ، إذا لم يكن مريداً حقاً إلا لرضوان الله ، إذا خلص فلب العبد وإذا خلصت قلوب العباد لله عز وجل، حينئذ أتاهم الله عز وجل كل خير يطلبونه في الدنيا والآخرة، لكن هذا الخير الإلهي لا يصيب إلا المخلِصين المخلَصين لله تبارك وتعالى ولذلك قال الله تبارك وتعالى  وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ، ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ، يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون  حينما سأل هرقل أبا سفيان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاله معهم في حربه وقتاله ، قال الحرب بيننا وبينه سجال ، ينال منا وننال منه ، فقال هرقل معقباً : كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة ،  والعاقبة للمتقين  فالقضية هي في العاقبة ، لابد لأهل الإيمان أن تخلص قلوبهم لله  أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا  بألسنتهم  وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين  قم تكون لهم العاقبة ، فلابد بعد هذا التمحيص بعد هذا الاختبار ، بعد هذا الابتلاء أن تكون العاقبة ، أي المآل النهائي لأهل الإيمان سواء في الدنيا أو في الآخرة   إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، يوم لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار  هذا هو مراد الله عز وجل من الآيات ، يريد سبحانه وتعالى من عباده قلوبهم خلوصهم لله عز وجل ، هم يريدون وجه الله ، هم يمتلون وجه الله إيمانا به ،  فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما   وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا   ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ، ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين  الله عز وجل يريد من العباد إسلاماً استسلاماً إذعانا لأمر الله عز وجل ، طاعة لله تبارك وتعالى ، فإذا فعلوا كان لهم خير في الدنيا وفي الآخرة  ولو آمن أهل القرى واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض  أما ما أتى من الدنيا من دون هذا الاستسلام، من دون هذه الطاعة فإنما هو البلاء والفساد والاستدراج ،  فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبوا كل شيء ، حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين 

إذا إنه لا صلا ح ولا فلاح ولا سعادة إلا بالتسليم والاستسلام وتسليم القلوب لله تبارك وتعالى فإذا كان كذلك فانتظروا الخير العميم في الدنيا والآخرة ، إذا لم يكن الأمر كذلك فليس هناك من نفع ومن خير وإن كان من خير أو من نفع معجل في الدنيا غير ما قلنا هو البلاء ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا وهو مقيم على معصيته فإنما ذلك منه استدراج ، ثم تلا الآية التي تلونا  فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ، فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين 

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه .. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه

وأرقنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه

اللهم ارزقنا الإخلاص اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل

اللهم اجعلنا من الصادقين .. اللهم اجعلنا من الصادقين

اللهم اجعلنا من المخلصين .. اللهم اجعلنا من القانتين

اللهم اجعلنا من المخبتين .. اللهم اجعلنا من الأواهين المنيبين

اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وامح خطيئتنا

اللهم اهدنا سبل الرشاد .. اللهم اهدنا سبل الرشاد

اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن

اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم