Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

ترك الإنبهار ورصد الإنهيار

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ,

يَا إيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ  

يَا إيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

 يَا إيها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

 ثم أما بعد,

كلمتنا اليوم عنوانها ( ترك الانبهار ورصد الانهيار ), وقبل أن أتكلم اعتذر مسبقاً عن أنني لم أءتي إلى هذه الخطبة بكامل وجداني وكامل كياني فالعقل ربما حاضر واللسان موجود لكن القلب مشغول وقلوب العباد بيد الله سبحانه وتعالى هو الذي يتصرف فيها ويقلبها كيف يشاء وما المرء إلا إحساسه ووجدانه, وأما موضوع خطبتنا فهو كما قدمنا عنوانه قال الله تبارك وتعالى فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ ۝ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ أخبر الله تبارك وتعالى في هذه القصة برجل آتاه الله عز وجل ربما كل أسباب القوة, آتاه العلم حصل بهذا العلم مالاً كثيراً ممدوداً وآتاه سلطان وقوة ونفوذاً بإرتباطه بفرعون ودخوله في حاشيته وزمرته هذا العبد الذي آتاه الله عز وجل هذه المنن العظيمة فسق عن أمر ربه تبارك وتعالى, قال تعالى إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ, ولذلك كان حقيقاً عليه أن يواليهم وأن يعينهم وأن يوظف هذه النعم في انتشال هؤلاء الضعفاء مما هم فيه خاصةً أنهم كانوا يسامون سوء العذاب لكنه كما أخبر الله تعالى فبغى عليهم واستطال عليهم بماله وسلطانه إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ, لم نأمرك أن لا تتمتع بهذا المال في حدود ما أحل الله عز وجل وأباح, ولكن دع الفسق ودع الفجور ودع التكبر ودع الأشر والبطر والطغيان, وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ, فكان جوابه قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيلم يكن هذا المال بزعمه عياذاً بالله من فضل الله ولا من بره ولا من كرمه ولا من إحسانه ولا من منّه, وإنما كان منسوب لي ولذلك انقطع خطاب هؤلاء الكبراء العقلاء من قومه عند هذه الكلمة لا مجال لتجميل الحوار وتكميله, هو ينسى تماماً ويجحد تماماً فضل الله عز وجل عليه فماذا يمكنك أن تقوله لمثل هذا الشخص.

ولذلك كان التعقيب تنزيلاً من رب العالمين تبارك وتعالى أوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ.

ثم قال تعالى فخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ, لماذا يستعرض زينته أمام هؤلاء الفقراء المساكين الضعفاء, إنما يريد بذلك فتنتهم يريد بذلك أن يضعف قلوبهم يريد بذلك أن يضيع إيمانهم أو ما بقي من إيمانهم, أولم يكتف بجحد فضل الله, لم يكتف بالتنكر لنعم الله, لم يكتف بالبغي والبطر والأشر, بل أراد أن يفتن العباد ويضيعهم قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ۝ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّـهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ۝ فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ ۝ وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْابينَ الله تبارك وتعالى أن هؤلاء المؤمنين أو المسلمين من بني إسرائيل حينما عرضت لهم هذه الفتنة الشديدة انقسموا إلى قبيلتين وإلى فريقين, أُناس في إيمانهم ضعف وفي نظرتهم غبش وعدم تبصر هؤلاء فُتنوا بهذه الزينة وتمنوا أن يلحقوا بهذا القارون وذكروا أنه ذو نعمة عظيمة وذو حظ عظيم, وأُناس ينظرون إلى ما وراء ذلك, ينظرون إلى أن هذا امتحان واختبار وبلاء وفتنة وأن الأمر إنما يتعلق بالعاقبة عند الله تبارك وتعالى ليس بعاجل من هذه الدنيا القصيرة الفانية ثَوَابُ اللَّـهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ لا يلقى هذا الثواب العظيم إلا الصابرون على هذه الفتنة وعلى هذا الاختبار وعلى هذا الامتحان ثم كان الجواب الإلهي  فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ هو بماله بحاشيته بقصره بكل ما يملك.

 أصبح الناس فجراً فلم ترى من هذا كل شيء فقال تعالى فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنتَصِرِينَ, لم يكن فرعون وهامان وجنودهما قادرين على نصره وحمايته ولم يكن هو بما له من مال وما له من أسباب قوة ذاتية أن ينصر نفسه وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ اللي هما كانوا بيقولوا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ يقولون اليوم وَيْكَأَنَّ اللَّـهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِر الأمر لله تبارك وتعالى الملك ملكه والسلطان سلطانه وإنما هذه المعطيات منن ومنح أو ابتلاءات واختبارات, لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا لو لم يحفظنا ويثبتنا الله تبارك وتعالى لو لم يكن التعجيل للعقوبة لهذا العبد لكنا قد فُتنا فلحقنا به فأصابنا ما أصابه لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّـهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ متى أُدركت هذه الكلمات؟ بعدما وقع هذا الخسف ، أما الذين عندهم نظرٌ وعقل وعلم وبصيرة فإنما أدركوا ذلك قبل أن يقع, أدركوا أن مآل هذا العبد بهذه الصفة وهذا الحال إنما إلى البوار والزوال وهذا ما عنيناه بهذا العنوان (ترك الانبهار) بهذه المظاهر ولننظر إلى ما وراء ذلك من أعماق وأغراض.

( ترك الانبهار ورصد الانهيار ) هؤلاء إنما علموا أن هذا الانهيار وشيك أما الذين فُتنوا بذلك لم يدركوا ذلك ولم يعلموا متى أدركوا ذلك وعلموه بعدما حقت الحقائق وبعدما رأوا بأعينهم مصير هذا العبد الباغي المتجبر وجزائه, والعجب أن هؤلاء لما كان فيهم معرفة بالله وإيمان عصمهم الله سبحانه وتعالى به وعافهم به فإنهم بذلك قد ترجموا الحدث ولكن بعدما حدث, وأما فرعون وهامان وجنودهما فلم ينتصحوا ولم ينتفعوا ولم يلقوا بالاً بهذا الخسف العظيم الذي وقع بين ظهرانيهم لرجلٍ هو من كبار رجال بلاطهم أين ذهبت هذه العقول؟!!.

  أصل المعرفة بالله سبحانه وتعالى أصل العلم بالله منتفي عند هؤلاء تماماً, ولذلك انقسم الناس بإيزاء هذا الحدث وهذه القضية إلى ثلاثة أنواع وثلاثة أصناف : أهل علم وإيمان يعصمهم علمهم وإيمانهم من الفتنة ويدركون ما وراء الأكمة, وأهل إيمان ضعيف ربما تفتنهم الدنيا لكنهم إذا رأوا العبرة والآية ارتأوا وتذاكروا, وأهل جحود وكفر وإنغلاق وقلوب مغلفة, هؤلاء لا ينتفعون لا قبلاً ولا بعد ولذلك لقيَ فرعون وهامان وجنودهما ما لقيَ قارون, انتهى إلى ساحل البحر ثم شق الله هذا البحر لموسى عليه السلام.

 مقتضى العقل ورؤية هذه الآية العظيمة أن يقف ويتريث ويتلكأ قبل أن يخوض هذه المخاضة, إن إله موسى عليه السلام سبحانه وتعالى الذي شق هذا البحر قادر على إهلاكه وإغراقه فكان حقيقاً في هذه اللحظة إن لم يأمن على الأقل أن يحفظَ نفسه وأن يقيها من هذا المصير الذي لقيه لكنه أصر على أن يخوض غمار هذه المخاضة وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ ۝ وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ ۝ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ  حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ۝ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ۝ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ, رغم ظهور الدلائل والآيات, عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ولهذا أمثال وصور عديدة في القديم والحديث لكننا لا زلنا نغفل عنها أو ننساها.

قد ذكرنا قبل مراراً ما أخبرنا الله عز وجل من قصة بني النضير ونقف عند قوله تبارك وتعالى مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّـهِ يبقى إذاً كل الشواهد والظواهر العسكرية والاقتصادية بتقول إن هؤلاء في حصن حصين, ناس أصلاً موجودين في حصون منيعة معهم سلاح وعتاد كبير ومعهم أموال ومتاع وطعام يكفيهم لسنة كاملة فما يضيرهم من الحصار شيء, ولذلك قال الله تبارك وتعالى مخاطباً المؤمنين مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا الأسباب كلها بتقول مفيش فايدة من الحصار مش هيحصل حاجة وإحنا مش هنفضل نعد سنة نحاصرهم وظنوا هم أيضاً أنهم مانعتهم حصونهم من الله, هي هنا مانعتهم حصونهم من رسول الله مانعتهم حصونهم من المؤمنين مانعتهم حصونهم من الله هي المشكلة هنا الخلل هنا الخطأ هنا, أن هذه الحصون إنما تقيهم من بأس الله عز وجل قال مؤمن آل فرعون يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّـهِ إِن جَاءَنَا ۚ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ,  مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّـهِ فَأَتَاهُمُ اللَّـهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ الأسباب كلها قائمة موجودة مفيش حاجة حصلت كل أسباب القوة والمنعة موجودة هو إيه اللي حصل؟!! هم حسوا بالقلق والرعب طيب إيه مسبباته؟ الأسباب المادية كلها قائمة بنفس قوتها لم تتأثر ولم يضعف منها شيء في ظل العالم المادي, مفيش أي فرق هو إيه اللي حصل؟ هذه القلوب المملوكة لرب العالمين أُلقى فيها الفزع والرعب فطلبوا أن يخرجوا ولما خرجوا أرادوا أن لا ينتفع أهل الإيمان بحصونهم وبيوتهم فجعلوا يخربونها ويفسدونها بأيديهم.

فإذاً هؤلاء أيضاً في الصورة المادية أو في صورة الحسابات الظاهرة أهل قوة وأهل منعة لا يمكن لبنيانهم أن ينهار ولا يمكن لأحد أن يقتحم حصونهم, لكنهم أيضاً انهاروا بانهيار قلوبهم فهرعوا فارين.

 ترك الانبهار ورصد وتبصر في الانهيار, مر معنا في تاريخنا المعاصر الذي نعيش فيه صوراً بالغة الوضوح لهذا الذي نتكلم فيه, فهذا الذي كان يسمي نفسه ” شاهن شاه ” و “شاهن شاه ” دي معناها ملك الملوك قال صلى الله عليه وسلم : ” أخنع الملوك ” أي أذله وأحقره ” رجلٌ تسمى بملك الأملاك أو ملك الملوك ولا ملك إلاّ الله “, يعني هو مش مكتفي أن هو ملك.. لا اللقب ده مش مكفيه هو عايز يبقى الملك فوق الملوك لم يكفه جبروت الملك بل يريد أن يكون ملكاً للملوك وملكاً للأملاك, فالله سبحانه وتعالى جعل هذا أخنع اسم, أخنع اسم يعني إيه؟ يعني أذل وأحقر يعامل هذا العبد بنقيض قصده والذي يبحث عنه, هو يريد التكبر يريد المزيد من الترفع يريد أن يرتفع فوق العباد فيدله الله تبارك وتعالى إلى أسوأ اسم , ولذلك كان هذا أذل وأحقر اسم طيب كيف هوى هذا الرجل؟ إيه اللي سقطه؟  جيش قوي, جهاز مخابرات مالوش مثيل في المنطقة, تدعيم غربي إلى أقصى مدى شرطي أمريكا في المنطقة إيه اللي وقعه؟ مفيش حاجة….. راجل قعد في فرنسا بيقول شوية خطب فالشباب نزلت الناس بتسمعها الناس بتطلع فوق السطوح وينزلوا في الشارع شيلين شوية صور ومشيين يقفوا قدام الببان وشيلين شوية ورد انهار مادياً أنت متعرفش إيه اللي حصل؟ مفيش ترجمة للي بيحصل.

أقوى من ده وأشد… إنهيار الامبراطورية الشيوعية الشرقية, دي أعظم بكثير قوة وملك وسلطان من هذا الشاه, بقيت تسيطر على نصف العالم ربما أكثر زماناً طويلاً, وبعدين فجأة طلع واحد كده هو قال كلمتين قال لبيماستريكى هنصلح ماشي بعد الكلمتين قال جستس هنعمل مصارحة هنصارح نفسنا بواقعنا هو قال الكلمة دي الدنيا وقعت بقت 15 بلد, رومنيا وقعت يوغسلافيا وقعت وأتفكت.. طيب إيه اللي حصل؟ طيب هل ده كان مرصود؟ هل ده كان ظاهر؟ هل اللي بينظر إلى الشاه في ملكه أو ينظر إلى هؤلاء الشيوعيين وما أوتوا من قوة وسلطان كان يقع في عقله إن هم ممكن ينهاروا هذا الانهيار السريع تماماً كقارون, أسباب قوة مدية كبيرة, تبهر بيها أبصرهم ويترتب علي هذا الانبهار أقوال وأفعال.

يعني مثال: إحنا وقع عندنا شوية مظاهرات وناس واقفه في الميدان, دي مش بتسقط نظام ولا بتهد دولة, ناس وقفة, بناءاً علي ذلك الناس بدأت تاخد مواقف, فيه ناس يعنيها المبدأ, فالذي يعينه المبدأ يبحث عن فين الحق وفين الباطل؟ فين الظالم وفين المظلوم؟ وبالتالي يحدد إحداثيات موقعه بناءاً علي المبدأ, و الذي بيعتمد المصالح, مش قضية حق, هو مصلحته فيه فهيرمي ثقله في الحتة اللى فيها المصلحة, هيرمي ثقله في الحتة اللى فيها السند ودعائم الملك والسلطان التي لا تقبل الانهيار, فهذا لوجود الانبهار وعدم القدرة علي رصد الانهيار.. سلك سلوكاً خاطئاً ترتب عليه أن هو حط نفسه في الموقف الخطأ, طبعاً دا مش عذر لأن القضية بالأساس وجود المبدأ, أصل إحنا بنتكلم عن مبدأ, طب لو رجعنا للحساب, يبقي علي الأقل نحسن الحساب, علشان أحسن الحساب لازم يكون عندي أصول هذا الحساب, ولذلك ربنا سبحانه وتعالى لما ذكر الكفار قال يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لأنه لو يعلم حقيقة الدنيا لابد أن يهتدي إلي الله ويؤمن به, يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ يبقي إذاً يبقي حتي الدنيا لا يعلمها علماً حقيقياً, بل هو يعلم ظاهر وشكل خارجي لايدرك ما وراءه.

ولذلك ربنا سبحانه وتعالى مثل لنا وذكر لنا حقيقة هذا الانهيار في كتابه, وذكر لنا انهيار فرد وذكر لنا انهيار أمة قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ۝ وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ۝ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً يبقى إذاً ربنا سبحانه وتعالى هنا بيذكر العباد أو بيخاطب الأحاد والأفراد, أن هو إذا تمادى في هذا الأعراض أنه سوف يأتيه العذاب بغتة, بغتة دي هي دي الانهيار المفاجئ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ  مفيش حته يهرب منها  وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ مش بعيد لأن العباد كلهم بيد الله سبحانه وتعالى فكلهم قريبين, وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ التَّنَاوُشُ أي التناول, هم عايزين دلوقتي يتناولوا الإيمان عايزين يمسكوه وَأَنَّىٰ لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ۝ وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ۝ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ  يبقي دي سنة إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ.

طب الأمم,  وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ۝ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ۝ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ قوة كبيرة مدية تورث الانبهار فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

أقول قولي هذا وأستغفر الله.

الحمد لله رب العالمين ،

قبل أن أتمم هذه الكلمة, أعقب تعقيباً بسيطاً علي عتاب عاتبني به أحد الأفراد المحببين إلي قلبي في هذا المسجد, هو قال لي فيما يتعلق بالخطبة الماضية أنني ذكرت مقولة للمفتي وعلقت عليها, ولم أعرج علي مقالات أخرين ربما شاركوا في مثل هذه المقالة, فقال إن هذا ليس حياداً, لأني هاجمت هذا وتكلمت عن هذا ولم أتكلم عن هؤلاء, أنا فقط أريد أن أشير إلي نقطة الأولى : أن ترك الحياد إنما يكون لميل أو أو حيدة أو حيف لمصلحة فريق ينتمي إليه المرء أو يواليه علي غيره, وأنني بحمد الله سبحانه وتعالى وفضله لا أنتمي إلا إلى الإسلام ولا أنتسب إلا لأمة المسلمين, فليس لي هوىً في جانب دون جانب. الأمر الثاني : وهو الأهم, أنني فيما أتكلم فيه  إنما أقصد تصحيح مفهوم, أو تبيان صواب في مسألة أو خطأ في مقالة دون نظر أو التفات إلي القائل لهذه الكلمة, إنما قصدت المقالة ولم أقصد المتكلم وركزت علي هذه المقالة لأنها مختصرة في عبارتها وتحمل من الخلل شيئاً عظيماً, ثانياً أن المنسوب إلي هذه المقالة ذو مكانةٍ علميةٍ بخلاف غيره, هذه الكلمة إذا صدرت من شخص كان لها من الأثر ومن الوقع شيء كبير بخلاف غيره ممن لا يعتبر الناس بكلامهم ولا يبالون بهم ولا يهتمون.

فالقضية إنما نقصد أو نصحح خلل في عبارة, ولذلك كان من كلمات الإمام مالك العظيمة, أنه كان يقول : لا تسل من قال ولكن أسأل ماذا قال, إن التركيز إنما يكون علي المقالات لا القائلين, طب ليه قال كده؟ لأن الإنسان إذا عظم شخص معين, هذا التعظيم ربما يحمله علي قبول كل ما يقول حقاً كان أو باطلاً, وبالعكس.. لو رأى شخصاً يزدريه أو يحقره أو لا يثق به يرد كلماته ما كان منها حقاً وما كان منها باطلاً وهذا خلاف ما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال لأبي هريرة رضي الله عنه وهو ينقل له كلمات عن الشيطان الذي جاء يسرق من الطعام بعدما أمسكه ثلاث مرات قال له نصيحةً لكي يتركه وشأنه, وأبو هريرة حينها لم يكن يعلم من يحادث حتي أخبره بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال : إذا أويت إلي فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنه لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتي تصبح, فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قال له صلى الله عليه وسلم : ” صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟, ذَاكَ شَيْطَانٌ “.

فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له صدقك, قال كلمة صدق فاقبلها منه, ولكن أحذر منه فهو كذوب بأصله, ثم قال معرفاً إياه قال إن ذلك الشيطان.

نعود إلى حديثنا, قال الله تبارك وتعالى وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإذن رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ۝ يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ۝ فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ.

هذه صورة أخرى من صور الانهيار, سليمان عليه السلام قضى الله عز وجل عليه الموت, كان يراقب أعمال الجن وهم يصنعون له صرحاً مما أمرهم بصنعه, وهو متكأ علي عصاه قبض ملك الموت روحه فبقي متكأ علي عصاه قائماً مفتوح العينين مراقباً لهؤلاء لكنه في الحقيقة مات, هو شكله واقف  لكنه حقيقاً مش موجود, فبقيت الجن تعمل عملها في طاعة هذا القائم الميت حتي جاءت دابة الأرض بقيت تأكل في هذه الخشبة وقعدت وقت طويل تأكل فيه لحد ما الخشبة دي تأكلت فوقعت.. فوقع, فخر, فلما وقع علي الأرض تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ لو هم مدركين كانوا خلاص لم يكلموا العمل ومشوا.

إذاً ممكن يحصل الانهيار, ممكن تموت الدولة ويموت الشخص وتنقضي الحضارة بس هي واقفة !, واقفة لحد ما تقع لكن هي في الحقيقة مش موجودة, وإحنا شايفينها موجودة وبنعاملها باعتبار أن هي موجودة, ونذل لها ونخضع باعتبار أن هي موجودة بس هي مش موجودة !, ولذلك لازم ندرك الفرق ما بين الوجود والحقيقة وما بين الخيال , قال تعالى  فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ النجم أصلاً خلاص أختفي ربما يكون أنفجر, بس الضوء بتاعه بعيد جاي عبر السنوات الضوئية الطويلة, إحنا وصل لنا الضوء بتاعه.. هو موجود؟!! مش موجود, ولذلك ربنا هنا أقسم بمواقع النجوم, دا مكان وجوده لما كان موجود.. دا مش موجود دلوقتي بس إحنا لما وصل لنا الأمر وأدركنا كان النجم من زمان أختفي.

إذاً نريد أن نختم, بالعلة فين؟ يعني دلوقتي إيه اللى بيخلينا نستمر في الانبهار؟ وإيه اللى بيخلينا لا نرصد الانهيار؟

حاجاتين, الحاجة الأولنية, قضية ضعف التعظيم للمولى تبارك وتعالى, الحاجة التانية: الغفلة عن سنن الله سبحانه وتعالى في الكون والمجتمعات والإنسان والحضارات والأمم, أن أحياناً الواحد أسباب القوة المادية بتأسره, فيخضع لها وينسى أن لهذا الكون إلهاً مدبراً عظيماً فوق كل الناس وأن مقاليد الأمور كلها بيد الله تبارك وتعالى, ولذلك ربما -كما قلنا في قضية حسابات المصالح- أن الواحد يركن علي حته ، ليه؟ علشان شايف أن الحتة دي هتأمنه أو تحقق له مصلحة أو معاها هيستمر.. لا هي مش بتملك, هو ربنا سبحانه وتعالى, ولذلك هؤلاء أنفسهم -ربما بدون سبب- سخطوا علي هذا الذي يدخل في خدمتهم فأذوه وأبعدوه, ودا بيحصل كتير, فالمشكلة أن الإنسان بيعظم هذه الصور, بيعظم هؤلاء المخلوقين, وينسى أن لهذا الكون فوق هذه السماوات إلهاً عظيماً هو القاهر فوق عباده, طب لو ده اتوزن شوية؟ موقفنا تختلف كتير, الناس كلها غلابة, طالما كان الشخص أسباب قوته الذاتية مش من عند نفسه موهوبة له ممكن أن تمنح وممكن أن تسلب منه, إحنا عندنا أشياء كتير جوانا رايحة وجاية وحاجات كتير طالعة ونازلة وقلب يدق, دا أبسط حاجة جوانا… هل إحنا بنحركه؟!! هل إحنا بنملك دا؟!!, لو أراد الله سبحانه وتعالى أن يرفع كلائته وحفظه وقيوميته علي عبد من عباده ثانية واحدة؟ الإنسان يموت, إحنا لو واحد فينا جاب كل أجهزته, وقالوا له خد يا عم أنت شيل أجهزتك خمس دقائق مش هيعرف؟ لما يظبط ضربات القلب هتكون الرئة وقفت, ولما  يعمل دا.. تكون الكلية وقفت, لا تقدر أن تسير نفسك خمس دقائق علي جهاز… متعرفش !!.

الحاجة التانية المهمة جداً أن فيه سنن, السنن دي لو إحنا لم ندركها وشغلنا بالظواهر علي الحقائق, يعني مثلاً النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ “, دي سنة, فالإملاء دا هو اللى بيسيطر علي دماغنا, إحنا شايفين قوة مستمرة وشايفين ظلم والظلم مش بيحصله حاجة, يبقي الإملاء دا مدة طويلة من الإمهال و دا اسمه إمهال آخير  وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ولذلك ربنا سبحانه وتعالى قال إيه؟ وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ۝ وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ۝ إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا دي السنة الأولنية. طب السنة التانية وإن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا يبقي ربنا سبحانه وتعالى قال هنا أن فيه سنتين في الرسل, لو هو هيبيع الأمانة والرسالة, لو هو هيركن لهؤلاء, ربنا هينتقم منه وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ۝ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ۝ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ۝ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ.

طب السنة التانية, لو صبر علي أمر الله سبحانه وتعالى, فأرادوا أن يؤذوه ويخرجوه حينئذٍ يأتيهم العذاب إذا فعوا, لذلك قال بعدها سُنَّةَ سنة دي يعني أمر ثابت مستقر سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًاوَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا۝ سُنَّةَ اللَّـهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّـهِ تَبْدِيلًا.

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ سلطان كبير, ملك عظيم, كثرة وقوة وآثار.. يعني أثارهم الحضارية عالية جداً وعظيمة جداً.. وبعدين؟ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ۝ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ۝ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّـهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ ۝ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّـهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ.

قال الله تبارك وتعالى لما ذكر قوم لوط وعذابهم قال مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ وقال تعالى دَمَّرَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ,كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَوَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ, كل دي سنن إلهية وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ كما قال صلى الله عليه وسلم : ” إِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْفَعَ شَيْئًا مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا وَضَعَهُ “, سنن ربنا سبحانه وتعالى أن فيه مداولة بين الناس إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ السنن دي إدراكها هو اللى بيخلينا نستطيع أن إحنا نقاوم الانبهار ونسطيع أن إحنا نرصد الانهيار, طب لو رصدنا؟ هنتجنب أول حاجة أسباب البوار والفساد دي أول حاجة, والحاجة التانية أن إحنا مش هناخد مواقف مبنية علي هذا الظاهر الذي ليس وراءه حقٌ ولا حقيقة.

يبقي إذاً هذا الرصد وهذا الإدراك هو دا اللى هيدينا اليقين ( أكتر حاجة إحنا محتاجنها ), اليقين دا عبارة عن إيه؟ أن الحقائق أن الوحد موقن بيها قلبياً وإيمانياً أقوي من الظواهر المعارضة لها, هي دي المشكلة.. هو الصراع فين؟ الصراع ما بين العالم المادي والعالم الغيبي, أول صفة من صفات المؤمنين  الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ أول صفة ربنا سطرها في صفات المؤمنين, ليه؟ العالم المحسوس كلنا بنؤمن به, الحاجات المشاهدة كلنا مدركنها, الجدل فين؟ والصراع فين؟ والشك فين؟ والريب والتردد فين؟ ,هنا في العالم اللى وراء المحسوس اللى إحنا مش شايفينه, ولذلك الإيمان هو الشيء الوحيد القادر علي مقاومة الفكرة المادية, القادر علي مقاومة الانبهار, الذي يورث العبد القدرة علي معرفة السنن ورصد الانهيار.

   وزي ما قلنا في قصة سيدنا سليمان هذا المثل الإلهي العظيم, أن ممكن النظام أو الفرد أو الدولة يبقي ميت اكلينيكياً ومنتهي, بس هو شغال, لو إحنا لم ندرك دا لم نحسن التعاطي و التعامل مع هذا الموضوع, ولذلك إحنا محتاجين كأشد ما يكون الحاجة إلي القرآن.. أصل إحنا هنجيب الحاجات دي منين؟ كل دا مسطر مدون في كتاب الله تبارك وتعالى, كل اللى إحنا محتاجين أن إحنا نستمد من مصدر الخير ومن مصدر العلم, دا في النهاية اللى هيعطينا اليقين واللى هيعطينا الثقة و اللى هيخلينا نتصرف صح ونحط رجلينا في المواضع الصحيحة, لو حتي أصحاب المصالح اللى بيحسبوا مصالحهم هيحطوها في المكان الصح, ربنا بيقول مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّـهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّـهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ربنا سبحانه وتعالى بيخاطب اللى هو بيفكر في أن هو عايز نعيم الدنيا, أنت هتروح فين؟!! هو مفيش حد تاني غير ربنا هيديك اللى أنت عايزه؟!! اللى عايز ثواب الدنيا برضه هو ربنا مش مكان تاني,فَعِندَ اللَّـهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّـهُ سَمِيعًا بَصِيرًا.

 اللهم أرزقنا البصر والبصيرة, اللهم أرزقنا البصر والبصيرة والعبرة والاعتبار ,

 اللهم اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في أمرنا ، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ,

اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا ,

ولا تؤاخذنا بما فعلنا، ولا تؤاخذنا بما فعلنا ,

ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا ,

اللهم وفقنا لما تحب وترضى، اللهم وفقنا لما تحب وترضى ,

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام لديك ،لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك ,

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.