Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

حال العرب قبل البعثة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد،،،

لازلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس أشرف ولا أعظم ولا أجل من أن نبقى لحظاتٍ قلة أو كثرة مع ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كنا معه في المرة الماضية وهو يسير في طريقه إلى ربه عز وجل لا يلتفت عن طريقه يمنة ولا يسرة يعرض صلى الله عليه وسلم عن كل عرض إغراءٍ يصده عن سبيله.

في صحيح مسلم من حديث عياد بن حمار رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى ” إني خلقت عبادي حنفاء كلهم على الفطرة السليمة – على التوحيد على معرفة الله عز وجل وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي مالم أنزل به سلطانا وإن الله عز وجل نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب “.

هكذا كانت لحظة مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نظرنا إلى الأرض وحال أهلها وجدناهم أبعد ما يكون عن الفطرة السليمة وعن كل خلق فاضل وعن كل قيمة وعن كل مبدأ سامٍ نبيل، يستعبد الناس بعضهم بعضا يلغون في أوحال ومستنقعات الفواحش والشهوات لا يدرون لوجودهم غاية ولا يهتدون سبيلاً.

في ظل هذا الظلام الذي أطبق على وجه الأرض كان بصيصٌ من نورٍ خافت ينير في غارٍ صغيرٍ في جبلٍ في بقعةٍ غطّاها الغبار لا ترى على وجه هذه المعمورة، في هذا الغار الصغير حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلمس طريقه إلى ربه عز وجل، يتلمس سبيل الهداية بدأ النور وبدأ الوحي بهذه الكلمات اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ.

وإذاً فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتنزل عليه هذه الكلمات التي وصفها الله عز وجل فقال إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًالقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعاني واقعاً مرّاً ثقيلاً، ولا يزيل هذا الواقع الثقيل إلا القول العظيم الثقيل كذلك، لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلقى هذه الكلمات يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ۝ قُمْ فَأَنْذِرْ ۝ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ۝ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ۝ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ۝ وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ۝ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ كان وهو تتنزل عليه هذه الكلمات صلى الله عليه وسلم يعي حقيقة ما يريد وحقيقة الدور الذي أناطه الله عز وجل به، لقد كان ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج هؤلاء الناس جميعاً، يخرج من بأقطابها من الظلمات إلى النور، يحمل إليهم نور الله عز وجل الذي يبقى سارياً فيهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولذلك كان طبيعياً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يلتفت إلى أي عرض أو إلى إغراء تعرضه عليه قريش هو يرى الأمر أعلى وأجل وأكبر من هذه الكلمات الصغيرة، هو لا ينظر فقط في محيط قريش أو حتى في محيط جزيرة العرب أو حتى في محيط هذا العصر الذي يعيشه ولكنه ينظر من وراء الحجب إلى دعوة يجب أن تبقى وإلى نورٍ يجب أن يشرق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولذلك بقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى يثرب ولا يثق إلا بربه عز وجل ولذلك كان طبيعياً كذلك أن تجابهه قريش ويجابهه العرب من بكل هذا الصدود وبكل هذه الحرب لأنهم يكرهون هذا النور الإلهي المتنزل.

وأنت إذا نظرت بالموازين الأرضية لا يمكن أن يخطر على بالك أو يرد على ذهنك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خالٍ من أي قوة أو من أي سندٍ من أسناد هذه الأرض أو من أي تدعيمٍ من أي جهة من الجهات، تدعيماً مالياً أو معنوياً أو بالرجال، أنه صلى الله عليه وسلم يستطيع أن يصمد في وجه كل هذه الظلمات بل أن يغير هذا الواقع بكل ما فيه حتى يكون خاتمة أمره صلى الله عليه وسلم هو هذه الكلمات إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ۝ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ۝ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا

جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يقف أمام النجاشي، يخرج هو وأصحابه رضي الله عنهم من مكة باحثين عن مكانٍ يعبدون فيه ربهم عز وجل، لكن قريشاً أبت عليهم ذلك أيضاً، هي تريد أن تطاردهم في كل مكان، هي تريد أن تطفئ نور الله عز وجل في كل بقعة من بقاع الأرض، فترسل فوجها إلى النجاشي بالهدايا يريدون أن يردوا هؤلاء وأن يسلمهم لهم النجاشي ليفتنوهم ويردوهم عن دينهم، لكن النجاشي كان كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلٌ وملك عادل لا يظلم عنده أحد، لا يحكم ولا يقضي دون أنيسمع الحجج ودون أن يرى البراهين.

فاستدعاهم فسأل جعفر رضي الله عنه: ما هذا الدين الذي أنتم عليه فارقتم دين آبائكم ولم تدخلوا في يهودية ولا نصرانية، فقال جعفر رضي الله عنه: أيها الملك إنا كنا قوماً أهل جاهليةٍ وشرك نعبد الأصنام لا يهتدون إلى ربهم عز وجل، ونأكل الميتة، لا ندري ما يحل من المطاعم وما يحرم، ما ينفع ويفيد وما يضر ويؤذي، وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا

كنا قوماً أهل جاهلية وشرك نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش – السيئات والموبقات – ونقطع الأرحام ونسئ الجوار ويأكل القوي منا الضعيف، هذا هو حال أهل الجاهلية، وحال أهل الشرك أياً كانت بقعتهم وأين كان زمانهم وأين كان محلهم يشركون بالله ويأتون الفواحش ويقطعون الأرحام ويأكل القوي منهم الضعيف، حتى بعث الله إلينا رسولاً منّا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله عز وجل لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الأرحام وحسن الجوار، والكف عن المحارم وعن الدماء، وامرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والصيام والزكاة فصدّقناه وآمنا به واتبعنا ما جاءنا به من عند ربنا عز وجل فعبدنا الله عز وجل وحده لم نشرك به شيئاً وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل الله عز وجل لنا فعدا علينا قومنا وعذبونا وآلمونا ليفتنونا عن ديننا ويردون إلى عبادة الأوثان من عبادة الله وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما ظلمونا وقهرونا وتعدوا علينا وفتنونا في ديننا وحالوا بيننا وبين عبادة ربنا خرجنا إلى بلادك وآثرناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا ألا نظلم عندك.. هذا جعفر رضي الله عنه يبين الحال الذي يكون عليه الناس حين يبعدون عن نور الله عز وجل وعن رسالته ويذكر كيف تتحول أحوالهم وتتبدل أحوالهم إذا ما اهتدوا إلى ربهم عز وجل وبيّن عظمة الدين الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حسّن الحسن وقبّح القبيح كله، كيف أتى بكل ما يوافق الفطرة السليمة والعقل الصحيح بكل ما يحقق السعادة والاستقامة والهناء والسكينة للعباد، ولذلك حق له صلى الله عليه وسلم أن يمضي في طريقه غير ملتفت لأن له غاية عظمى يريد أن يصل إليها.

فاتبعه على دينه صلى الله عليه وسلم أُناس وتحملوا في سبيل دينهم وفي سبيل ما اعتقدوا وفي سبيل مرضاة الله عز وجل، فلما أن صبروا وتحملوا ورأى الناس ما هم عليه من شرف وفضل ورأى الناس ما هم عليه من تضحيةٍ وبذل وأدرك الناس فوق القيم المادية التي يعملون لأجلها قيمٌ أخرى وأخلاق ومبادئ وأصولاً وعقائد ورسالة يستحق ن يضحي من أجلها، حينئذٍ فاق الناس إلى ربهم ودخل الناس في دين الله عز وجل أفواجا، وبقيت أرض الإيمان تزداد يوماً بعد يوم وأرض الشرك تنقص يوماً بعد يوم أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِإن الكفر والشرك الذي ناء بكلكله وساد الأرض بقوته لم يستطع أن يواجه ضغط العقيدة وضغط الفكر وضغط المبدأ.

إن الباطل مهما كان قوياً لكنه سوف يتحطم يوماً ما داخلياً لا خارجياً، هو يتحطم نفسياً وإن بقيت قوته وجيوشه وإرهابه وسلطانه.

هذا الجبار بن سلمة رضي الله عنه يطعن حرام بن ملحان رضي الله عنه يطعنه بالرمح في ظهره وهو يدعوهم إلى الله عز وجل وإلى دينه وإلى رسالته، فلما انفجر الدم من صدره أخذه ووضع الدم على رأسه وقال فزت ورب الكعبة.

هذا الرجل القاتل رغم أنه هو الذي قتل وهو الذي علا بميزان الأرض إلا أنه قد أثرت فيه هذه الكلمة ووقعت في قلبه موقعها هو بادئ الرأي وبنظر العين قد قتل ونزف دمه وسقط قتيلاً فأي فوزاً هذا الذي يتحدث عنه، بقي هذا الرجل يدور ويسأل – ماذا يعني؟ – هذا الرجل وماذا يريد حتى انتهى إلى الضحاك بن سفيان رضي الله عنه فسأله ماذا أراد بهذه الكلمة وأي فوزٌ هذا الذي فاز.

قال:هو يعني الجنة، فزت ورب الكعبة أي أنه نال ما يشتهيه ونال ما يبحث عنه ونال ما أراده وهو رضوان الله عز وجل والجنة فكانت هذه الكلمة هي سبب في إسلام هذا القاتل الذي قتل، لقد انتصر حرام بن ملحان على جبار بن سلمة رغم أنه كان هو القيل وكان الآخر هو القاتل لكنه انتصر بعقيدته وفكرته ومبدأه، إنه جاء هذا المكان لكي يسلم هذا الرجل فبعد أن مات وانتقل إلى جوار ربه أسلم هذا الرجل فتحققت غيته التي خرج من المدينة لأجلها وفاز فوق ذلك بما يريد ؛برضوان الله عز وجل والجنة.

وإذاً فقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه غاية عظمى، هذه الغاية هي أيضاً أو ما ينبغي أن تكون عليه الأمور هي أيضاً ينبغي أن تكون هي غايتنا وهي مرادنا وهي مطلبنا وهي رسالتنا، فليس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول، وليس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من مبلغ ولا نبي، وإنما أمته هي التي تحمل رسالته، قال الله عز وجل كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ولكي نقوم بمهمتنا نعود إلى رسالتنا لابد أن نعي أولاً أن لنا غايةً ورسالة، أخرجنا الله عز وجل لأجلها، إن العالم بكل ما فيه وكل من فيه في مشارق الأرض ومغاربها أحوج ما يكون إلى هذا النور الإلهي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أن جاء، لقد استدار الناس دورته وعاد الناس أحوج ما يكون إلى هذا الدين، هم ينتظرون منّا أن نقوم بدورنا ورسالتنا، ولن نقوم بدورنا ورسالتنا إلا إذا وعينا أولاً أن لنا دوراً ورسالة، رسالة عظيمة وكبيرة، وأن معنا شيئاً يحتاجه الناس جميعاً، نحن نملك ما لا يملكه غيرنا، نحن نملك نوراً، نملك فطرةً،نملك عقيدةً، نملك مبدأً ومنهاجاً لإصلاح الدنيا ولإصلاح الآخرة كذلك، ونحن ونحن فقط الذين نملك هذا المبدأ ونملك هذا المعتقد ونملك هذه الرسالة، لكننا ويالا الأسف لا نقدر قيمة ما معنا لا ندرك حقيقة نعمة الله عز وجل علينا الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًافالبداية الصحيحة أن نعي قيمة ما معنا وأن نعي أن لنا رسالة، أن نتميز برايتنا لكي يراها الناس واضحة جليّة، أن نثبت تحت رايتنا إذا تعرضنا لهجوم من أهل الظلم والظلام ونؤمن ونوقن أن هذا النور إنما أنزله الله عز وجل لكي يسود هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ليبلغنّ هذا الدين ما بلغ الليل والنهار ولا يكون بيت مدرٍ ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعزّ عزيزٍ أو بذل ذليل عزّا يعز به الإسلام وأهله وذلاً يذل به الشرك وأهله

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله.لقد آليت على نفسي أن أفرض عليّ حصاراً إعلامياً اختيارياً وأن أضع نفسي في خندقٍ لكي لا تقتحمه خيول الإعلام والصحافة فتفسد على المرء قلبه وتشوش عليه فكره، لكن تأبى هذه الخيول الإعلامية أن تجلب علينا بخيلها ورجلها وتشغلنا كل يوم بما تولده إلينا من أنباءٍ وأخبار، فأقف وقفة مع بعض هذه المقتحمات، نقف مع ألف نائب وبرلمان الندامة،

لقد شرفنا ذكلك برسول الله صلى الله عليه وسلم شرفنا به صلى الله عليه وسلم وصعدنا وأنسنا به وقد أتاه شابٌ من الأنصار يقول: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، ورأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمي هو وأمي كيف كان حميماً رفيقاً صبوراً جادله وناظره ووضع يده على صدره داعياً الله عز وجل له حتى أذهب الله عز وجل به، رسول الله صلى الله عليه وسلم يحنو عليه ويأخذ بيده إلى طريق الله عز وجل برفقٍ ورحمة.

رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد آتاه ماعز بن مالك الأسلمي رضي الله عنه ويقول يا رسول الله أصبت حداً فطهرني، فيعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يأتيه الثانية فيعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يأتيه ثالثة، فيعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اعترف أربع مرات ورأينا كيف أن أبا بكرٍ وعمر رضي الله عنهما لما أتاهما ماعز قبل أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراه أن يستتر بستر الله عز وجل وأن يتوب فإن الله يقبل التوبة عن عباده، بل أعظم من ذلك يروي عليّاً رضي الله عنه كما في الصحيحين وغيرهما قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد وفي رواية أنا والزبير وأبي مرفت انطلقا إلى روضة خاخ فستجدون ظعينة من المشركين معها كتابٌ من حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه من المشركين.

كم كانت رحمته صلى الله عليه وسلم وهو يخرج إلى مكة غازياً فاتحاً، لا يريد أن يبلغ المشركين خبر خروجه قبل أن يترق ديارهم لئلا تحملهم حمية الجاهلية على أن يواجهوه بالسيف فتقع فيهم مقتلة وتراق منهم دماء وهم المشركون، فأراد أن يعمي خبر مسيره عنهم حتى يبلغ إلى ديارهم وقد كان ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حاطبٌ رضي الله عنه يرسل كتاباً إلى المشركين مع هذه المرأة يبلغهم ويفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يأتي صلى الله عليه وسلم بالكتاب لكي لا يفسد حاطب عليه مراده وخططه، فأتوا بالكتاب فطلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، فلما جاء قال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني لأضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطباً حاطب: ما حملك على ما صنعت، ما حملك على ما صنعت، هو لا يحتاج أن يسأل هذا السؤال هذا الرجل قد أفشى سرّه وهو يعلم أنه يفشي سرّاً عسكرياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقد بوّب عليه البخاري في بعض أبوابه في صحيحه ” باب الجاسوس ” عدّ هذا من جملته ومع ذلك فرسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله ” ما حملك على ما صنعت؟ ” فقال حاطب: والله يا رسول الله ما بي ألا أكون مؤمناً بالله عز وجل ورسوله،ولكنه ما كانمن أصحابك من أحد إلا وله في مكة أهلٌ وعشيرة يدفعون عن أهله وماله.

هو يريد أن يقول: ربما قريش ربما تحاول أن تنتقم من المسلمين الذين في مكة ولم يستطيعوا الخروج منها لأي سبب من الأسباب ولأي علّة من العلل.

وكل رجل من أصحابك له أهل ومال في مكة له من أقاربه ومن ذويه ومن عشيرته ما يحميه ويحمي أهله وماله، وكنت رجلاً ملصقاً في قريش ليس لي فيهم أهلٌ ولا عشيرة فأردت أن أصنع لي عندهم يدٌ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه قد صدق فلا تقولوا له إلا خيرا.

غضوا الطرف عن هذا الذي حدث لا تلتفتوا إليه، لا تذكّرونه به، لا تقولون له إلا كل خيرٍ وبرٍ، فقال عمر يا رسول الله: دعني أضرب عنقه فإنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إنه قد شهد بدراً وإن الله عز وجل قال لأهل بدر: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، فدمعت عينا عمر رضي الله عنه وقال: الله ورسوله أعلم.

هكذا كانت رحمته صلى الله عليه وسلم وكان عطفه وكانت شفقته، هكذا كان تعامله صلى الله عليه وسلم مع لحظات الضعف البشرية، إن الإنسان، أي إنسان تعتريه لحظات القوة ولحظات الضعف، لحظات يعلو فيها إيمانه حتى يكاد يبلغ عنان السماء حيث الملأ الأعلى، وأحياناً يضعف إيمانه ويستهويه الشيطان حتى يدنّسه في أوحال الطين والشهوات، هكذا هو الإنسان، لابد أن نعامل الإنسان من حيث هو إنسان، لابد أن نعطف على لحظات الضعف كما كان يعطف رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن هذا الرجل الذي صدر بحقه صكوك الحرمان الكنسي والطرد من الرحمة لم يلتفت أحدٌ من هؤلاء الناس الذين شنّعوا عليه وفضحوه، كيف سيعيش هذا الرجل وسط الناس بعد ما أصابه من هذه الفضائح التي نشرت وأعلنت، ثم من هذا الطرد الذي أصابه حتى أصبح مهجوراً منبوذاً من إخوانه ومن أصحابه الذين لا يعيش إلا في وسطهم، لم نفكر لحظة ما أثر هذا على مثل هذا الشخص، هل يطلب منه أن يخرج من دياره وأهله وعشيرته ليذهب مثلاً إلى كندا، هل لم يفكّر هؤلاء ما أثر هذا على تدين هذا الرجل وثباته على أمر الله عز وجل إذا بقي منبوذاً مسخوطاً عليه بهذه الطريقة!.

إننا لم ندرك بعد طبيعة ديننا ولا قيمة إسلامنا ولا كيف كان يتعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع البشر، نحن بشرٌ من البشر.

ثم لم يفكر هؤلاء ما الذي يحمل هذا الرجل على أن يكذب هذه الكذبة، هو كان يمكنه أن يفعل ما فعل دون أن يحتاج إلى هذا الكذب الذي كذبه وهذا الاختلاق الذي اختلقه، هو يعلم أنه إذا فعل هذا أنه سوف يصير ملعوناً لأنه لم يرضى بخلق الله عز وجل ولا بصفته التي برأه الله عز وجل عليها فسوف يصير من وسط أصحابه وإخوانه طريداً فهو يريد أن يتجنب سخطهم بهذا الفعل الذي فعل، فهو في الحقيقة وإن كنا لا نعتذر عن الكذب، لكن الكذب هو خطيئة في حق الله عز وجل والله عز وجل يتوب على من تاب من الشرك فما دونه إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا يكفي لأي إنسان أذنب ذنباً أياً كان هذا الذنب أن يتوب إلى الله عز وجل وأن يعتذر للناس وكفى، لم يكن الأمر يحتاج كل هذا لكننا كما قلت وكما أقول لم نعي حقيقة الإسلام ولم نعي قيمة هذا الدين ولا عظمته، ربما هذا الرجل بقي عمره لا يرتدي إلا قميصاً وسروالاً ونعلاً، ثم إذا به اليوم وقد خرج إلى حيث الشهرة وحيث الأضواء يرتدي سترةً ورابطة عنق ويدهن رأسه ولحيته، فهو فجأة ينظر إلى المرآة – هذا اختراع ربما لم يعرفه من قبل – فإذا نظر إلى المرآة وجد وجهة بصورة لم يستحسنها من الذي دفعه إلى هذا، الذي دفعه إلى هذا الذي دفعه إلى باب الشهرة والأضواء من دون أن يعده لهذا ولا أن يهذبه لتقبله والتعاطي والتعاون معه، فنحن الذين نفتن عباد الله عز وجل ونسوقهم إلى هذه المحال ثم نحن نحرمهم ونطردهم، وهذا كما قلنا ليس له علاقة من قريب أو من بعيد بما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نحن نطرد هذا من النور فإلى أين يذهب؟ يذهب من النور إلى الظلمات.

إن هذا عكس ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِليس من النور إلى الظلمات، ليس لنا مثل السوء اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ولكن من رحمة الله أن الرجل اسمه ” أنور ” لا يحتاج إلى نور أصحاب هذا النور.

قال الله عز وجل مخاطباً رسوله وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ قال تعالى فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ

اللهم كن لنا ولا تكن علينا ، اللهم كن لنا ولا تكن علينا، اللهم كن لنا ولا تكن علينا.

وأعنا ولا تعن علينا ، وأعنا ولا تعن علينا، وأعنا ولا تعن علينا

وانصرنا ولا تنصر علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا

وامكر لنا ولا تمكر علينا ، وامكر لنا ولا تمكر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا

واهدنا ويسر الهدى إلينا، واهدنا ويسر الهدى إلينا، واهدنا ويسر الهدى إلينا

وانصر على من بغى علينا ، اللهم انصرنا على من بغى علينا، اللهم انصرنا على من بغى علينا.

اللهم اجعلنا لك ذكراين، لك شكارين ، لك مطواعين، لك راهابين، إليك أواهين منيبين.

اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وامح خطيئتنا، وثبت قلوبنا وسدد ألسنتنا واسلل سخيمة قلوبنا.

اللهم اشف منا المرضى، اللهم اشف منا المرضى، اللهم اشف منا المرضى.

اللهم ارحم منا االموتى، اللهم ارحم منا االموتى، اللهم ارحم منا االموتى.

اللهم اهلك اعدائنا، اللهم اهلك اعدائنا، اللهم اهلك اعدائنا.

اللهم احفظ لنا إيماننا، اللهم احفظ لنا إيماننا، اللهم احفظ لنا إيماننا.

اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا بالإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا بالإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا بالإسلام حتى نلقاك عليه.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.