إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد ،،،
هناك مؤشرات تستطيع من خلالها أن تدرك مدى قرب أو بعد المجتمع من الإيمان ومدى قربه أو بعده من حقيقة الدين، ومن هذه المؤشرات، العيد.
نحتاج أن نفهم مقدار هذه النعمة التي إمتن الله عز وجل بها على عباده وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتفي به وما الحكمة من وراء ذلك.
أولا مفهوم العيد، كلمة العيد هي إسم للشئ الذي يعود كل زمان محدد، دورة معينة كلما إكتملت عاد إليك هذا الشئ، فسمي عيدا، أي أن عيد اسم للشئ الذي يعود، ومن عوده مرارا صار عادة للناس، فالعيد شئ يعود وهذا الشئ الذي يعود صار للناس عادة فسمي بذلك عيدا. لا تخلو أمة من الأمم من مفهوم العيد، لماذ؟ إذن نحن نتكلم عن شئ من حاجات الناس، أن يكون لهم كل فترة وقت معين يخرجوا فيه من النمط المعتاد للحياة ويحدثوا فيه شئ من التغيير والاستبشار والفرح والسرور يعينهم على استئناف ولستكمال الحياة، هذا هو مفهوم العيد، ولذلك لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وجد للأنصار يومان يلعبون فيهما فقال (ما هذان اليومان؟) قالوا (يومان كنا نلعب فيهما في الجاهلية)، أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذهب الى المدينة وجد أن هناك يومان في السنة متفرقين يتخذوهم الأنصار موسم للعب والفرح والسرور فسأل النبي صلى الله عليه وسلم لماذا هذان اليومان بالذات وماذا يمثلا هذا اليومان لكي يكونوا عيدا؟ فقال الأنصار أنهم تعودوا ونشئوا على هذا ولكنهم لا يعرفون بالضبط أصل الموقف الذي حدث كي يكونوا عيدا، ما هي المناسبة؟، إذا هذا شئ موجود في نفسية المجتمعات لاحتياج المجتمعات إليها ولذلك قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله قد أبدلكم بهما ما هو خير منهما: يوم الفطر ويوم الأضحى) ما معنى أبدل؟ أي أننا نريد أن نسحب هذان اليومان ونضع مكانهم الأيام الأخرى، يوم الفطر وهو يوم واحد أما أجازة الحكومة فثلاث، والأضحى وهو يوم عرفة ويوم العيد نفسه وثلاثة أيام بعد منه.
فهو يقول أن الله سبحانه وتعالى من منه وفضله أبدلهم، ما معنى أبدلهم؟ شيئين، الأول أنهم يحتاجون للعيد والله سبحانه وتعالى الحكيم العليم لا يخلي عباده مما يحتاجون إليه وإن كان هذا شيئا ترفيهيا وليس ضروريا أي أن المجتمعات إذا لم تشهد الأعياد فلن تتدمر حياتها، ولكن من رحمة الله بالعباد أنه يعطيهم كل ما يحتاجون إليه حتى ما كان يعد منه من قبيل الترفيه ومن قبيل الحاجة النفسية. الثاني، لما الإبدال؟ لأن العيد يعكس مفهوم،ثقافة،أخلاقيات،فلسفة مجتمع. العيد يعكس هذه الأشياء، ليس مجرد يوما بل له خلفية. في كتاب الله تبارك وتعالى قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى سيعمل المناظرة بينه وبين السحرة في يوم العيد حسث أن الناس غير مشغولة ومترقبة هذا اليوم ومنتظراه فهذا هو اليوم الأنسب الذي إحتاره سيدنا موسى للمناظرة التي تبين فصلا وبرهانا بين الحق والباطل، قال …وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى.
فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ قوم سيدنا إبراهيم لديهم عيد وسوف يخرجوا خارج المدينة للأكل والفسحة فقالوا له ألن تأتي معنا؟ فقال لا إني مريض، فخرجوا وهم في قلق منه كي لا يعديهم، فخرجوا هم فاستغل إبراهيم عليه السلام الفرصة وإستثمر خلو المدينة من أهلها وذهب الى معبدهم لكي يقيم عليهم الآية والحجة والبرهان على بطلان ما هم عليه.
إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ الغاية الأولي والأساسية لديهم أنهم جوعى (نأكل منها) ثم (تطمئن قلوبنا) فهي أصلا آية وعلامة على صدق ومصداقية المسيح عليه السلام فيما يدعيه من الرسالة، ..نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ هذا هو ترتيبهم، أما عيسى عليه السلام فقال قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا… هذا هو أول شئ، ثم …. وَآيَةً مِنْكَ… هذا الشئ الثاني، ثم … وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ فالشئ الذي ذكروه هم في الأول ذكره هو في الآخر لأن ما يطلبه من الله شئ عظيم فلا يمكن أن يكون الشئ الأساسي مجرد الأكل.
الأكل موضوع لا يستحق أن نطلب هذا الطلب العظيم، فهو جعله عيدًا، فلماذا عيد؟ لأنهم هنا ستأتيهم آية عظيمة من ربنا سبحانه وتعالى، هذه الآية تبيّن أحقية الحق، ومصداقية الرسول فيما يخبر به فيستحق مثل هذا اليوم أن يكون عيدًا، فلماذا يصبح عيدًا، لكي نتذكر كلما عاد وكلما رجع عظمة ربنا سبحانه وتعالى ونتذكر آيات الله، نتذكر قدرة الله، نتذكر رحمة ربنا سبحانه وتعالى في استجابته وفي رزقه، ونتيقّن كلما عاد العيد بمصداقية الرسالة، ومصداقية الرسول.
إذن ما الفرق بين يوم الزينة ويوم قوم سيدنا إبراهيم ويوم الذي يطلبه عيسى عليه السلام؟ هذا هو الفرق بين العيد الذي هو عيد في دين الله سبحانه وتعالى والعيد الذي هو عيد عند أي شخص أو في أي شيء، وإن كان مفهوم العيد والاحتفال له مفهوم مشترك، فما اليوم الذي يستحق أن يكون عيدًا؟ اليوم الذي أتتهم فيه الآية والتي استجاب الله عز وجل لدعائهم، فيستحق هذا اليوم أن يكو عيدًا، فلما يعود، يعود معه الإيمان، كلما رجع العيد يرجع معه الإيمان كلما تجدد العيد يتجدد معه معاني الإيمان، ولذلك كان من رحمة ربنا سبحانه وتعالى أنه جعل عيدًا مرتبطًا بالصيام، وعيد مرتبط بالحج، فيكون عود العيد بالإنسان المسلم هو تجديد للإيمان وترسيخ لمعاني الإيمان وأثر من آثار الشكر لله سبحانه وتعالى على نعمة العبادة والتوفيق للطاعة فيكون هذا شكرًا لعبادة الله، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال؟ قال أن ربنا سيبدلهم، لأن هذين اليومين الأوليين ليس لهما معنى، وعندما يعودان بماذا؟ لذلك حينما سألهم النبي صلى الله عليه وسلم لم يقولوا شيئًا، هذان اليومان ما هم؟ قالوا نحن كنا نلعب فيهم في الجاهلية، فهذا ما تبقى منهم،، ليس لهم فلسفة ولا أثر ولا قيمة ولا يبنيان شيئًا في نفوس الناس، ولا يبنيان شيئًا في المجتمع، ولذلك لا يصلح أن يتماشيان مع هذان، ولذلك نحن انتكنا مفهوم العيد، فالعيد هذه كلمة ذات وزن، ولذلك في قول الله سبحانه وتعالى وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا نقل ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه؛ قال: منسكًا عيدًا، أي كل أناس لهم العيد الذي يختص بهم، عندما ترى العيد تستطيع أن تفهم ما ثقافة هؤلاء الناس، وما عقدتها وما أفكارها، عندما ترى العيد ستفهم ما طبيعة هذا المجتمع، من خلال ماذا؟ من خلال العيد، بماذا يحتفلون وكيف يحتفلون، فعندما نرى هذا الكلام بدون أن تبحث في أشياء كثيرة، تفهم ما طبيعة هذا المجتمع، وما مرجعيته.
فالآن عيدنا هذا إلام يرجع، أن ربنا سبحانه وتعالى امتنّ علينا به، فلا يصلح أن نحشر معه عيد الفلاح وعيد العمال وعيد الأم، وعيد وفاء النيل، وعيد الحب لعلي أمين ومصطى أمين، وعيد الحب في شهر فبراير،.
فكلمة العيد نفسها تفقد قيمتها وتفقد عظمتها، ولذلك ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، قال أن هذا العيد سيذهبه ربنا سبحانه وتعالى ويعطيهم العيد الذي يستحق اسم العيد، يستحق اسم العيد، ولذلك ماذا تقول السيدة عائشة، تقول أن سيدنا أبوبكر دخل عليها يوم العيد، تقول: وعندي جاريتان – أي بنتين صغيرتين من الأنصار – تغنيان بما تقاولت الأنصار في يوم بعاث، يوم بعاث هذا قبل إيمانهم ودخولهم في الدين وقبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات، حدث فيه اقتتال كبير بين الأوس والخزرج تفانى فيه الرؤساء والكبراء للأوس والخزرج.
فكل قبيلة وكل بطن من بطون هذه القبيلة تتفاخر بشجاعة أبطالها وبما أبلوه في هذا اليوم، فهي تقول أنهم يغنون فسيدنا أبوبكر دخل والنبي صلى الله عليه وسلم كان مستلقي، هو ظن أنه نائم، النبي صلى الله عليه وسلم كان مستيقظ ولكنه كان مستلقي وأعظى لهم ظهره، وهو فيما هو فيه من ذكره لله تبارك وتعالى وتفكره في آياته، وتركهم يغنون، فسيدنا أبوبكر انتهرت؛ قال: أزنبور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم، واكتشف أنه مستيقظ وليس نائمًا، فقال له: (دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد، – وقال له – : إن لكل قومٍ عيدًا وهذا عيدنا).فبما أن هذا هو عيدنا فلابد أن يظهر فيه من آثار الفرح والتوسعة ما يحقق مقصود العيد، فما مقصود العيد؟ أنك كفرد ونحن كمجتمع محتاجون كل فترة أن نخرج من الجو الروتيني الخانق الذي نعيشه لكي نستطيع أن نستكمل ونستأنف الحياة، هذا مقصد من المقاصد، ليس هذا هو المقصد الوحيد، ولكنه مقصد من المقاصد.
ولذلك السيدة عائشة تقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد، فزجرهم عمر رضي الله عنه، غلمان الحبشة يرقصون بالحراب رقصهم – الفلكلوري – في المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة وراءه تشاهد ذلك، فسيدنا عمر دخل فزجرهم.
إذن سيدنا أبوبكر في بيت النبي صلى الله عليه وسلم حاول أن يمنع البنتين، فقال (يا أبا بكر دعهما ) وهنا عمر، فعندما دخل عمر زجرهم، فالأولاد خافوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (دعهم) اتركهم (أمنًا بني أرفدة) أي لا تخافوا وأكملوا كما كنتم.
فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم معقبًا على هذه الكلمات؟ قال ( لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة ) هو لماذا يسمح بهذا؟ لكي يحقق شيئًا، فهو يقول لكي تعرف اليهود أن ربنا سبحانه وتعالى آتاه دينًا فيه فسحة، ما معنى فيه فسحة؟ أي فيه توسعة، ثم عقّب فقال (إني بعثت بحنيفية سمحة) هذه الكلمة شرحناها كثيرًا، ما معنى حنيفية سمحة؟ الحنيفية: الملة المرتكزة على التوحيد، والسمحة: أي السهلة البسيطة الميسرة وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (إن الدين يسر) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ (يسروا ولا تعسروا).
إذن الدين يقوم على ركنين: الركن الأساسي ركن الإيمان، وعلام يقوم ركن الإيمان؟ على توحيد الله سبحانه وتعالى ونسبة كل خير وكل فضل وكل بر وكل إحسان لله، وتوجه القلب لله سبحانه وتعالى في كل صغير وكبير، هذا هو المعتقد.
أما الأحكام؟ الشرائع والممارسات؟ قانونها أنها سمحة؛ ليس فيها تغليظ ولا تشديد ولا إعنات، ومن عظمة هذه الملة السمحة أن بها شيء اسمه ” الرخصة ” الأحكام الأساسية مبنية على التيسير.
افترض أنه يوجد شخص لظرف خاص به عرض له مشقة؟ جعل الله سبحانه وتعالى لأصحاب هذه المشقة العارضة؛ تخفيفًا وتيسيرًا سُمّي رخصة.
إذن التيسير والسماحة في هذا الدين جزء منه، وهذا هو الجزء الأساسي، هو جزء أصلي لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ هذا هو الأساس، فإذا عرض لإنسان بسبب سفر أو مرض أو أي شيء، أمر يجعل الموضوع الأساسي الذي هو بالأساس ميسر نتيجة لظروفه الخاصة أصبح به قدر من المشقة عليه، كان من رحمة الله سبحانه وتعالى أن يعطيه تيسيرًا يخصه، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال اليهود، فلماذا اليهود؟ هل لمجرد أنهم شركاء في المدينة؟
اليهود هم أكثر الناس الذين يركزون مع الدين، لماذا؟ لأنهم يعتقدون أن الإسلام هو المنافس الوحيد لليهودية، الدين الذي يحتوي شرعة كاملة، لأنهم لديهم أصول التوراة، بقطع النظر عما أحدث من تحريف جزئي، لكن في النهاية هم لديهم شريعة، ولديهم دين متكامل، فهم منتبهين للقرآن وللنبوة ومع الإسلام، لماذا؟ لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يعتبروه ترقى إلى مستوى المنافسة، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول جمل أنت تشعر أنها غريبة، يقول ( ما حسدتكم اليهود على شيء؛ ما حسدتكم على التأمين والسلام ) تقول ” آمين ” وراء الإمام في الصلاة، وأن تحية الناس حينما تسلم على بعضهم البعض ” السلام عليكم ” والحسد أصل عندهم وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ لكن النبي صلى الله عليه وسلم عم يتكلم؟ أشياء من الممكن ألا ننتبه لها بأن هذه نعم عظيمة أو أن لها قيمة كبيرة ” التأمين ” و ” السلام ” .
يهودي يقول لسلمان الفارسي قال: علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراء. أي حتى ماذا تفعل في الحمام، وقال يهوديًّا لعمر: لو نزلت علينا هذه الآية لاتخذناها عيدًا الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا
هذه الرسالة ستصل إليهم (ليعلم يهود أن في ديننا فسحة) (إني بعثت بحنيفية سمحة).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين
تقول أم عطية رضي الله عنها: كنا نؤمر أن نخرج في العيد حتى نخرج البكر من خدرها، وحتى نخرج الحيّض فيكن خلف الناس يكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم، – يكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم – يرجون بركة هذا اليوم وطهرته. ماذا تقول أم عطية؟ تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه هذا الخطاب للنساء أن يخرجوا في العيد، تقول: حتى نخرج البكر من خدرها؛ التي هي بالطبيعة لا تخرج؛ سنخرجها في العيد، ” وحتى نخرج الحيّض ” اللاتي هم أصلًا لا يصلح أن يصلون، حتى هؤلاء يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا، فلماذا؟ تقول أم عطية: ” فيكن خلف الناس ” هم لن يختلطوا بالناس فهن لن يصلين، فلماذا؟ ” يكبرن بتكبيرهم ” يظهروا شعار العيد، فما شعار العيد؟ شعار العيد ” الله أكبر ” فسيكبرون بتكبير الناس، ويدعون بدعائهم، أي يؤمنون على الدعاء الذي يدعى، ” يرجون بركة هذا اليوم وطهرته ” ” بركة اليوم ” هو الخير الذي يمن ربنا به، والطهرة؟ التكفير للسيئات والمغفرة للخطيئات ومحو الذنوب.
النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج الجميع، لماذا يخرج الجميع؟ لأن هناك بركات من الله سبحانه وتعالى ويوجد طهرة من الله سبحانه وتعالى سيؤتيها لهؤلاء الناس، هذا مفهوم العيد والخروج للعيد.
انظر اليوم ما شكل عيدنا؟ فهذا هو المؤشر والمقياس، قيمة العيد وعظمة العيد وقدسيته في شرعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدى اهتمامه به ومدى تعظيمه له، والأداء الذي نؤديه في مقابل هذه النعمة، ” يرجون بركة هذا اليوم وطهرته ” .
وتقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج في الفطر والأضحى وأن نُخرج العواتق والحيّض وذوات الخدور، فأما الحُيّض فيعتزلن المصلى يشهدن الخير ودعوة المسلمين، فقلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب – أي ليس لديها ملابس للخروج – . فماذا تفعل؟ هي لن تستطيع أن تخرج إذن، فقال (لتلبسها أختها من جلبابها فيشهدن – أو لتشهد – الخير ودعوة المسلمين.
هو لم يترك أحد في البيت، لكي يعم كل المؤمنين الطهرة والخير والبركة وثمرة الدعاء، فامرأة تقول له نحن لدينا لباس المهنة، أي اللباس الذي يلبسونه في البيت، وليس لديها ملابس للخروج، فامرأة وليس لديها ولا ثوب واحد، ولا ثوب واحد، فتقول أنني ليس لدي ملابس لأخرج بها، فلن أستطيع أن أخرج، فقال ” تشحت ” لهذه الدرجة، ( لتلبسها أختها من جلبابها) هو لا يريد أن يتخلف أحد، لماذا؟ لماذا؟ ما العلة؟ ما الغاية؟ أن هنا يوجد رحمات ربنا سبحانه وتعالى تتنزل ولا يريد أن يفوت أحد هذه الرحمة، لا يريد أن يفوت أحد الخير.
نحن قلنا ما مفهوم العيد؟ مفهوم العيد أن أناسًا ربنا سبحانه وتعالى ربنا امتنّ عليهم بعبادة حرصوا أن يؤدوها، فربنا سبحانه وتعالى جعل لهم وقتًا يحتفلون فيه بما منّ الله عز وجل عليهم.
فماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم؟ يقول: (للصائم فرحتان يفرحهما)، واحدة دنيوية وواحدة أخروية، (إذا أفطر فرح بفطره)، هل أنه الحمد لله انهيت الصيام؟ لا، فرح أن ربنا سبحانه وتعالى أتمّ عليه النعمة حتى آخرها، فوُفّق للصيام حتى انقضت عدة الأيام المعدودات، فربنا سبحانه وتعالى منّ عليه فانتهى من الصيام ويرتجي أن ربنا سبحانه وتعالى يمنّ عليه بالقبول، فإذا أفطر فرح بفطره، فما سبب الفرح والسرور؟ أن الإنسان يفرح أن ربنا سبحانه وتعالى منّ عليه، وأن ربنا وفّقه ويرتجي أن يتقبل ربنا منه، فربنا جعل هذا الوقت هو وقت إظهار الفرح والسرور بفضل الله قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ وما الثانية؟ أنه يرتجي من هذا التوفيق من الله أن ربنا سبحانه وتعالى لا يضيع أجره وثوابه في الآخرة، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه، يجد الجزاء عند ربنا سبحانه وتعالى على الخير الذي فعله.
إذن بم يفرح المؤمنون؟ بأن ربنا سبحانه وتعالى منّ عليهم، وأن ربنا وفّقهم وأن ربنا سبحانه وتعالى امتنّ عليهم بدين يلبي الاحتياجات والرغبات، لم يترك شيئًا نحن نحتاج إليها، حتى الأشياء الغير ضرورية إلا وأقامها لنا لكي تكتمل الحياة وتكون كلها على وفق هداية الله سبحانه وتعالى ورحمته أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ من رحمة ربنا سبحانه وتعالى أنه لم يترك شيئًا نحن نحتاج إليها إلا ووجهنا إليها، ولكننا محتاجين أن ندرك فضل ربنا لكي نستشعره، ولذلك كان من رحمة ربنا أنه جعل مقدمات لهذا العيد الحولي.
حولي: أي يأتي كل سنة، عيد الفطر وعيد الأضحى، وجعل عيدًا لكل أسبوع، فما وظيفة العيد الذي يأتي لكل أسبوع؟ النبي صلى الله عليه وسلم قال أن الجمعة عيد، فلماذا الجمعة عيد؟ ما وظيفتها؟ من المفترض أن الجمعة هذه هي العيد الذي جعله ربنا لكي نتعلم، تعلّم ما معنى العيد وكيف نعيش العيد، وكم نعمة ربنا سبحانه وتعالى في العيد.
فإذا لم يؤدي العيد الأسبوعي دوره؟ لا يقوم بواجبه، فحينما يأتي العيد الحولي لن يكون له معنى ولا قيمة لأننا لا ندرك ما هذا ولا ندرك نعمة ربنا به، ولا نعرف كيف يُعاش، والعيد هذا – مثلما قلنا – حدث اجتماعي، أي أنه ليس هناك عيدًا لفلان دون فلان أو علان دون علان، فهذا مجتمع، العيد هذا إحساس يعم المجتمع، ولذلك الحث فيه على الصدقة والبر والإحسان والخير والتكافل والتواصل وصلة الرحم لماذا؟ لأن العيد هذا معنى سيفيض على المجتمع، لا يصلح أن يوجد شخص يفرح وعشرة لا، فلا يكون هذا عيدًا، لا يُسمى عيدًا، فالعيد هو شعور يعم الجميع، ولذلك تجد أن الأوامر الإلهية في الأعياد تقوم حول البر والتواصل والتكافل والرحمة، وذكرنا قبل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم في عيد أضحى قالوا له: يا رسول الله أنت كنت نهيتنا عن الادخار، أي بعد ثلاث أيام لا يبقي أحد عنده لحمًا، فيسألوه، فقال لهم لا، أنتم فهمتم الموضوع خطأ، (كنت نهيتكم من أجل الدافة التي قدمت عليكم) يوم العيد، يوم العيد جاء أناس من البادية فقراء جدًا، فالنبي صلى الله عليه وسلم لكي يطعم هؤلاء الناس قال للصحابة لا يدخر أحدًا طعامًا إلا ما يكفيه ثلاث أيام، لماذا؟ لكي يزيد مساحة الصدقة والبر والإحسان، فهم ظنوا أن هذه الجملة دائمًا، فكانوا كل سنة يفعلون ذلك، فقال لهم لا، أنتم فهمتم بشكل خاطئ، أنا قلت لكم وقتها من أجل الناس الفقراء الذين قدموا علينا يوم العيد، لابد أن نكفلهم ونغطي احتياجاتهم، وندخل عليهم الفرح والسرور، فيوجد أناس تنتظر هذه الأيام من السنة للسنة لكي يوجد شيء يستبشر ويفرح بها لكي يعيش مثل بقية الناس ولو بشكل جزئي، ينتظر رمضان وينتظر الشنطة وينتظر العيد – كيس اللحمة – من الممكن أن ينتظره أناس من العام للعام، وهم يعيشون على ذلك، وربنا سبحانه وتعالى جعل في قلوبهم أن يقدرون أن يعيشوا على ذلك، فعلى الأقل أن يكون في هذا ما تنتظره هذه القلوب، فتجد أن الناس في نفوسها أثر العيد والسماحة التي تحدثها العبادة أو تحدثها الصلاة، ولذلك أي عيد آخر غير ما قلنا ما قيمته؟ هو لا يصنع شيئًا، كل هذه أشياء ليس لها معنى، فهذا هو العيد الذي هو عيد، لماذا هو العيد الذي هو عيد؟ لأنك تشعر بأثره في نفسك، تشعر أن نفسك فعلًا – فعلًا – فيها الفرح والسرور والاستبشار، تشعر أنك تريد أن تفعل أو تميل لأن تحسن، تشعر أنك تريد الاتصال بفلان، أو تسأل على علان، أو أنك اشتقت لأحد أو شخص كنت غاضب منه وتريد أن تصالحه، لأنه لا يصلح أن يأتي العيد ويوجد الخصام.
فاترك هذا العيد وأبدله بأي عيد آخر، هل سيكون له قيمة؟ هل سيغرس أي معنى من هذه المعاني؟ لا شيء، لاشيء، لا يوجد أي أثر، لا يوجد أي أثر أو أي قيمة. فهذا العيد، العيد هذا نعمة كبيرة ربنا أنعم علينا بها، لابد أن نفهمها، أولًا، لأنك لكي تستطيع أن تعيش الشيء لابد أن تفهمه أولًا، ما هو أصلًا؟ ما معنى هذا العيد؟ ما قميته؟ ما مدى نعمة ربنا سبحانه وتعالى علينا بهذا؟ فلما ندركه، عندما ندركه نستطيع أن نعيشه أو نفهمه، وعندما ندركه ونفهمه سندرك كم هي نعمة ربنا علينا، وأننا لا يصلح أن نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، نحن لماذا لا نشكر نعم ربنا؟ لأننا لم نقدر النعم حق قدرها، ولا أحد يستطيع أن يدرك النعم حق قدرها، ولكن على الأقل نفهم شيء من آثارها ومن قيمتها، ومن عطاءات ربنا سبحانه وتعالى لنا، أن ربنا سبحانه وتعالى لم يترك من شيء به خير، أو شيء نحن محتاجون إليه، أو شيء يدخل علينا السرور، أو شيء يصلح أحوالنا إلا وربنا سبحانه وتعالى وجهنا له، ولم يترك من شيء من الممكن أن يكون شر أو ضرر أو خطر إلا وربنا سبحانه وتعالى صرفه عنا، ولكننا محتاجين أن نفهم هذا – نفهم هذا – لكي نستشعره ولكي نشكره.
النبي صلى الله عليه وسلم قال أن أيام التشريق أيام أكل وشرب، ما معنى هذا؟ أي توسعة واستمتاع بفضل الله، وسكت؟ ” أكل وشرب وذكر لله عز وجل “
فنحن ماذا نفعل؟ نحن نتناول من فضل ربنا سبحانه وتعالى ونحن مدركين أن هذا نعمة، نعمة وفضل من الله قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ المؤمن يتناول النعم من منظور أن هذا إحسان من ربنا سبحانه وتعالى، ولذلك الشكر يخالط قلب المؤمن، لماذا؟ لأنه لا يتناولها تناول الشخص الغافل، هو فاهم أن الإباحة نعمة الإباحة نعمة، ربنا ماذا يقول؟ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ سبحانه وتعالى لِعِبَادِهِ لمن أخرج ربنا هذه الزينة؟ وقلنا أن هذه الزينة شيء فوق الاحتياجات الأساسية، الزينة هي الشيء الذي تتزين وتتجمل به، ليس الشيء الذي تستتر به، لا لا لا، ربنا سبحانه وتعالى أعطانا أكثر من ذلك، أعطى لنا ما يلبي احتياجاتنا للتجمل والتزيّن، ليس فقط احتياجاتنا للستر، لا لا لا، أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا هي يتناولها المؤمن وغير المؤمن، بل إن تناول غير المؤمنين من المتاع ربما يكون أكثر من المؤمنين، لكن ربنا سبحانه وتعالى جعلها مباحة، مباحة للمؤمن ومتاحة للكافر، مباحة للمؤمن ومتاحة للكافر، ما معنى ذلك؟ أي أن ربنا طيّبها للمؤمن، لماذا طيّبها للمؤمن؟ لأنه سيقول الحمد لله ويعرف أن النعمة من الله فيشكر الله، أما الكافر؟ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ فالجاحد ربنا سبحانه وتعالى لم يبح له، ولذلك سيحاسب في الآخرة على ما يُسمى بالنسبة لنا يسمى مباح، قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ربنا أعطاها لهؤلاء والآخرين اغتصبوها منهم، فسيحاسبوا يوم القيامة على ما اغتصبوه من أصحاب الحق، فربنا لمن أعطى النعم؟ لأهل الحمد والشكر وليس لأهل الجحود والكفر، وفي الآخرة؟ ليس لهم فيها نصيب، قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ولذلك نحن في وقت من المفترض أن يكون وقت شكر، وقت الحمد لله سبحانه وتعالى على النعم وعلى أنه جعل لنا عيدًا، وأن هذا العيد له قيمة وله أثر ومن المفترض أنه يشيع روح معينة في المجتمع ويؤثّر في الناس، ومن المفترض أننا بعد العيد نستأنف الحياة بروح أفضل من التي كنا عليها قبل العيد، من المفترض إذا كان هذا العيد حقيقي، إذا فهمنا ما معنى العيد، وإذا عرفنا أن نعيش العيد.
آخر جملة؛ الحسن البصري ماذا يقول؟ يقول: كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد، العيد الحقيقي للإنسان المؤمن؛ هو اليوم الذي يسلمه الله له، اليوم الذي لم يتغلب عليه الشيطان فيه، اليوم الذي لم تزل النفس فيه الإنسان، كل يوم يمر على الإنسان وربنا يسلمه فيه من أن يخضع لتأثير الشيطان، أو لسلطان الشيطان فهذا يسمى عيد.
حقيقة العيد هو اليوم الذي يخرج الإنسان فيه سالمًا، فيجد هذا اليوم في صحيفة أعماله يوم القيامة كان يومًا سالمًا من التبعات.
عبد الله بن المبارك قابل شخصًا من الرهبان، قال: أيها الراهب متى عيدكم؟ عيدكم يوم ماذا؟ – فالراهب رجل فليسوف – فقال: كل يومٍ لا نعصي الله فيه فهو عيد، فنظر له الرجل وقال: إذن ليس لكم عيد، أي في الحقيقة أنتم ليس لديكم عيد، لأن كل يوم، كل يوم هو معصية،،، لكن المعنى.. على الحقيقة لو كان هذا شخص على جادة صواب، ويقول هذا الكلام، فهذا هو كلام الحسن البصري، ولذلك كل حكمة ستتلمسها بدون هذا المعين ستجد ما هو أفضل منها وأمثل هنا، فنحن أحيانًا نبحث عن الحكمة عند الحكماء والفلاسفة، نحن نقرأ هذا الكلام ونحبه، أن فلان قال كذا وفلان قال كذا،،، لن يعجبك قولًا، إلا وستجد ما هو أمثل وأفضل وأنقى وأعمق إما في كلام الله أو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في كلام الناس الذين تربوا على هذا الكلام والذين استقوا من هذا المنهاج ومن هذه المشكاة من الصحابة والتابعين والأئمة، لا يوجد شيء ذات قيمة وذات وزن نحن نعجب بها في أي دائرة خارجية إلا وهناك – بفضل الله – ما هو أمثل وأفضل وأعمق في الدائرة التي امتن الله عز وجل علينا بها.
اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تجعل إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم