Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

خطو خاتم الأنبياء – الدرس الثاني

بسم الله والحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

بإذن الله لكي ربنا يكتب لما نحاول أن نفعله النجاح إن شاء الله، هناك شرط لابد أن يتوفر؛ الآيات التي نقرأها أو نسمعها من كلام الله سبحانه وتعالى سنحاول أن نفكّر فيها أو نتلوها أو نرددها ونتعايش معها من الموعد للموعد الذي يليه بإذن الله، لأننا إذا لم نفعل ذلك لن يكون لما نفعله هذا قيمة أو أثر، فنحن الآن يوجد هدف معيّن لما نحاول أن نفعله، نحن قلنا وسمّينا هذا مدارسة، ولم نسمه درس ” ما اجتمع قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم ” الدرس هو أن الشخص يلقي بعض الكلمات أو بعض المواعظ أو بعض النصائح بقصد التذكير، أما ما نحاول أن نفعله ليس هكذا، فالفكرة التي تحدثنا عنها ولابد أن نظل متذكرين لها لكي يوفقنا الله فيما نحاول أن نفعله، هي أننا نستمع إلى القرآن مثلما سمع الناس الذين أنزل الله عليهم القرآن سمعوا القرآن، ونحن قلنا أننا لا نختص به المؤمنين، كل من سمع القرآن في مكة حينما أنزل من أهل مكة أو من غير أهل مكة تأثّر بكلمات الله، كل الناس تأثّرت بكلمات الله، فما الفرق بين شخص وشخص؟ أن هناك شخص بعدما تأثر بكلمات الله قرر أن يستجيب لداعي الله ويوجد شخص قرر بعدما تأثّر بكلمات الله أن يربط على قلبه أو يختم على قلبه لئلا يتجاوب مع داعي الله تبارك وتعالى لأن لديه من أسباب الصدود ما يمنعه أن يستجيب لداعي الله تبارك وتعالى وهذا سيظهر في كلمات الله سبحانه وتعالى التي توالت في النزول، فقلنا أن الإنسان لكي يستمع إلى القرآن محتاج أن يحاول أن يستمع إليه كأنه يستمع إليه لأول مرة ويدرك أن هذه رسائل من ربنا سبحانه وتعالى خاطب بها الإنسان ولابد أن يكون للإنسان تجاوب مع الرسائل الإلهية، ربنا سبحانه وتعالى يعطي توجيه ويرشد ويعلّم ويعلل ويبيّن الحكم، فلابد أن يكون للإنسان موقف من كل كلمة، فحينما نقرأ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من قرأ حرفًا من كتاب الله – حرف – فله به عشر حسنات، ولا أقول ” الم ” حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ” لماذا؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن القرآن يُقرأ بالحرف، ليس بالجملة ولا بالكلمة، يُقرأ بالحرف، تقرأه حرفًا حرفًا، ولذلك حفصة رضي الله عنها وصفت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول ” كانت قراءة مفسّرة حرفًا حرفًا ” يقرأ بالحرف، يقرأ ليس بالكلمة، يقرأ بالحرف، لأن كل حرف في كتاب الله سبحانه وتعالى مراد ومقصود، والفهم والإدراك سيقوم على الحرف، الحرف، وتركيب الحروف فتكون كلمة، ولماذا هذه الكلمة مرادة، وبعد ذلك تركيب الكلمات فتكون جملة، ثم هذه الجملة لها سياق، كلام سابق وكلام تالي.

إذًا القرآن سيقرأ حرفًا حرفًا، فنحن قرأنا الدرس الماضي قول الله تبارك وتعالى اقْرَأْ وقلنا أن ” اقْرَأْ ” هذه أمر، أول كلمة أمر، أول كلمة أمر، أول كلمة أمر أمر بقراءة ما يتوالى عليه من كلمات الله، هذا أول شيء.

إذًا أول شيء أنا سأستوعبه، بأنني عليّ أمر أن أقرأ كلمات الله، وبعد ذلك يقول ربنا سبحانه وتعالى كيف ستقرأ. يقول اقرأ بسم الله. فما معنى اقرأ بسم الله؟ قلنا أن تقرأ مستمد العلم والفهم والدراية والإدراك وبالتالي الامتثال والتطبيق وانصياع القلب وانقياده من الله، أنا سأقرأ، ولكي تكون هذه القراءة مثمرة لابد أن تكون بسم الله، لابد أن تكون بسم الله.

قلنا أن البيئة التي خوطبت أول مرة ما حجم القراءة عندها؟ القراءة في هذه الأمة التي وصفها ربنا بأنها أمية، أمر ليس له كبير قيمة – أمر ليس له كبير قيمة – وقلنا ” بسم الله ” ما مكانتها عند المخاطبين؟ لم يكن أحد في حياته يستخدم بسم الله، قلنا أن ” بسم الله ” تستخدم عندما وجدناها في السيرة تستخدم في المعاهدات، فنحن وجدناها مرتين، قلنا أن ” بسمك اللهم ” في وثيقة المقاطعة للنبي صلى الله عليه وسلم ومن آمن به ومن ناصره من بني هاشم كتبوا في الوثيقة التي علّقوها في الكعبة ” بسمك اللهم ” .

وسهيل بن عمرو رضي الله عنه في الحديبية النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب ” بسم الله الرحمن الرحيم ” فقال له: لا، لا نعرف الرحمن، فقال النبي له فماذا؟ قال: اكتب بسمك اللهم كما كنت تكتب.

 ” بسمك اللهم ” هذه هل هم مدركين حقيقتها أو قيمتها؟ مثلما قلنا عندما كنا نتكلم عن ” بسم الله ” في شرح الفاتحة ” في خطبة ” معنى اسم الله ” و ” البركة مع اسم الله ” ” قنا أنهم كتبوا ” بسمك اللهم ” على وثيقة المقاطعة، ولو كانوا فاهمين لـ ” بسمك اللهم ” هذه لم يكونوا ليكتبوها، هل ستذكر اسم الله على إيذاء وقطيعة رحم وإجاعة الناس؟ فأنا إذا فهمت ” بسمك اللهم ” لن أستطيع أن أكتبها، لن أستطيع أن أكتبها هنا أصلًا، لأن هذا لا يصلح أن يكون بسم الله، ولذلك قلنا أن ربنا سبحانه وتعالى حينما أراد أن يقطع دابر هذا الأمر، فالنبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال لهم؟ قال ستدخلون وستجدون الصحيفة ليس فيها بسم الله، ربنا سبحانه وتعالى رفع اسمه من هذه الصحيفة، لا يصلح أن يوضع فيها اسم ربنا، ليس هنا مكانها، لا يصلح أن ” بسمك اللهم ” يكون مكانها هنا؟ لا تكتب إلا في الخير، هل هم مدركين؟

 ” بسم الله ” الذي وجه ربنا سبحانه وتعالى الناس إليها هي أمر آخر تمامًا، أنك في كل خطوة ستخطوها ستقول ” بسم الله ” ، وقلنا ما معنى ” بسم الله “؟ أنك تستمد وتستعين بالله، مستحضرًا عظمة وبركة أسماء الله، ولذلك نحن قلنا أن ” بسم الله ” هذه عندما تقرأها في أول سورة العلق ستكون ترجمتها محدودة، أي عندما أسألك: ما هي أسماء الله – وقت تنزيلها – التي تعرفها؟ ستجدها قليلة، فقد قلنا وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ إذًا الآن عندك العزة والعلم، يعرفونها، ويعرفون الله، فهم يقولون ” بسمك اللهم ” اللهم هذه، الميم هنا للجمع، الجامعة للعظمة التي تنبغي لاسم الله، فهم يعرفون أشياء.

 ” بسم الله ” هذه حينما نزل القرآن بدأت في الاتساع، بدأت في الاتساع هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ۝ هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ۝ هُوَ اللهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فهي أوسع أيضًا من المذكورات، إذًا كلمة ” بسم الله ” هذه كلما قرأت قرآن ستجدها تكبر، الكلمة نفسها تكبر، لأنك تقول بسم الله، هذه الأسماء تزيد مع الوقت، ولما تزيد مع الوقت؟ عظمة ربنا سبحانه وتعالى تزيد في قلب الإنسان تزيد مع الوقت، تقديس ربنا سبحانه وتعالى وإجلاله يزيد مع الوقت ويكبر، فما معنى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ ؟ أن الإيمان بدأ من ” اقرأ ” حتى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ حينئذٍ اكتمل الإيمان، هل اكتمل الإيمان كمنهج فقط؟ لا، فالمقصود أنه اكتمل في نفوس المؤمنين، فهم يرتقوا بالإيمان خطوة وراء خطوة، فربنا يربي، الرب هو المربي، ربنا سبحانه وتعالى يربيهم بهذا الإيمان الدرجة تلو الدرجة والمرحلة تلو المرحلة.

فأول ما تقرأ ” بسم الله ” كان لها قدر وقيمة، ستزداد وتتسع مع الوقت، وتستمر في الكبر، فالآن يوجد توجيه أن أقرأ، وهذه القراءة ” بسم الله الرب الخالق ” .

ما هدف القراءة؟ هدف القراءة العلم، فالقراءة وسيلة، القراءة مجرد وسيلة، هدف القراءة الوصول إلى العلم، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ۝ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ۝ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ إذًا من هذه الآيات ما الذي وصل إليّ؟ ربنا سبحانه وتعالى أذن بأن يهدي العباد، عبر ماذا؟ عبر كلمات الله تسمع وتقرأ، وأنا سأنتظر أن تأتي كلمات الله فأبدأ في قراءتها، وسأقرأها باسم الله لكي يهديني ربنا للعلم، يوجد هدف، فلو أن هذه القراءة لا يُعرف لها ثمرة، لن يكون لها قيمة، أولًا أنت واضع أمامك العلم وتريد أن تصل إليه عبر القراءة، ولذلك إذا قلت أن هناك أناس يقرأون ” الجرنال ” أو ” ميكي ” أو ” تنتان ” أو ” رواية ” لماذا؟ لكي يصل إلام؟ لكي يتسلى، هذه تسمى تسلية، ليس هذا هو المكتوب في القرآن، يوجد علم، أنا آخذ هذا وسيلة للعلم، إذا لم يكن وسيلة للعلم فأنا أضيع عمري على ما لا فائدة منه.

القراءة لكي تصل إلى العلم، والعلم لكي تصل إليه بالقراءة لابد من القلم، والقلم ماذا يمثل؟ جدية القراءة، لابد أن تقرأ وبيدك قلم، هذا القلم تكتب فيه ما أدركته وما فهمته وما استوعبته وما تريد أن تحتفظ به، وبدون قلم لا علم ولا قيمة للقراءة.

كل هذا موجود في هذه الآيات، أنت تريد أن تصل إلى العلم، العلم من الله، العلم عبر كتاب الله، العلم ” بسم الله ” العلم لازم له قلم.

طيب، من المخاطب؟ الذي خوطب أولًا بالأصالة ونحن وراءه بالتبع هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، الشخص الذي خوطب هو الشخص الذي كان منتظرًا للهداية.

لماذا أحسن النبي صلى الله عليه وسلم استقبال هذه الكلمات؟ لأنه كان يبحث عنها ومنتظرًا لها وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى هذا شخص كان يبحث، يريد أن يصل إلى الله، ولا يجد الطريق وظل يبحث، وربنا سبحانه وتعالى امتنّ عليه فهداه، أعطى له.

طيب، فالذي لا يبحث؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يبحث، أما غيره من الناس لم يكونوا يبحثوا، فالشخص الذي يبحث جعله ربنا هو الوسيلة أو السبب لإيصال الهداية للناس الغافلة، الناس الأخرى لم يكن يشغلها الموضوع إلا ندرة في المجتمع، لكن معظم المجتمع تعيش الحياة بشكل طبيعي، ولكن هناك أناس يشعرون أن هناك مشكلة ما، يوجد خلل في الحياة، يوجد شيء يجب أن يعالج، يوجد أسئلة محتاجة لإجابات، نحن لماذا نعيش الحياة؟ وكيف سنعيشها؟ وإلى أين سنذهب بعد ذلك؟

هو كان يبحث عن هذه الإجابات، ربنا سبحانه وتعالى أعطاها له، وقال له أوصلها للناس التي لا تفكر فيها.

كلمات الله بما لها من عظمة وبما لها من سلطان تستطيع أن تهز قلوب الناس التي غير منتبهة والتائهة، فما المطلوب منه؟ أن ينقل هذه الكلمات الإلهية للناس وهي كفيلة وقادرة على أن تهزهم إذا سمعوها، ستؤثر فيهم وتغيّرهم.

النبي صلى الله عليه وسلم عندما تلقى هذه الكلمات ربنا سبحانه وتعالى اختار أن يتلقاها في الغار، ليس في الطريق وليس في مجلس من مجالس قريش وليس في بيته، فلماذا في الغار؟

هذا الغار، قلنا ماذا يمثل؟ يمثل كم حجم الصدق والجهد والمعاناة التي كان يبذلها صلى الله عليه وسلم طلبًا لتحصيل الهداية، شخص يعزل نفسه، يجلس في مكان موحش ومخيف لفترة ليست قليلة، تتتابع وتزداد مع الوقت، يتفكر في عظمة الله ويسأل ربنا سبحانه وتعالى أن يهديه وأن يرشده وأن يشرح صدره للحق، ويوفقه له، فهذا المكان هو المكان المناسب أن يختاره ربنا سبحانه وتعالى لإجابة هذا السؤل وهذا الطلب وهذا الدعاء وهذا الرجاء، لكن ربنا سبحانه وتعالى اختار أن الموضوع يكون فيه صدمة.

سيدنا جبريل لم يلقي الكلمات وذهب، أو ربما كان النبي صلى الله عليه وسلم ألهمها، كان من الممكن أن يلهمها مثلما كان يرى الرؤى، وتتحقق، كان من الممكن أن يلهم الكلمات، يراها في منامه، لا.. ربنا لم يرد هذا، أراد أن يضمّ مرارًا، ويهتزّ بقوة وتلقى إليه الكلمات، فلماذا اختار ربنا سبحانه وتعالى هذه الصورة، أنت تتكلم على شخص ربنا سبحانه وتعالى أراد له النعمة والهداية والخير وأراد أن يرحمه وأراد أن يمن عليه، لكن ربنا اختار هذه الصورة للمنة وللرحمة.

تقول عائشة رضي الله عنها ” أول ما بدء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي؛ الرؤيا الصالحة فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ” إذًا ربنا سبحانه وتعالى من رحمته يعطي بعض الممهدات، فالنبي صلى الله عليه وسلم أعطى ستة أشهر يرى رؤى، هذه الرؤى عندما يصبح تتحقق تمامًا كما رأها، فهذا أول نوع من الاتصال بهذا العالم، أول صورة من صور الوحي، فهذا نوع من أنواع التدريج والتعويد لهذا القلب على ما سوف يأتيه، هذا أمر.

الأمر الآخر: أحجار وأشجار تلقي السلام، وهو سائر يسلم عليه الحجر والشجر، وهذا الكلام يتكرر فيدرك أن هذا ليس تخيل، هو لا يتوهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ” إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن ” أي فأنا من الممكن أن أريكم هذا الحجر، فهذا الحجر في هذا المكان كنت عندما أمر يسلم عليّ.

فربنا سبحانه وتعالى جعل ممهدات أن يوجد أشياء فوق العادة تحدث.

تقول عائشة رضي الله عنها: ” ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه – وهو التعبد – الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك فقال: اقرأ: فقلت: ما أنا بقارئ ” أنا لا أحسن هذا، ” فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ” ضمه ضمّ شديد ” عصره ” ” ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ ” أنا لا أعرف ” قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة، ثم أرسلني فقال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال: زملوني زملوني، فزملوه حتى ذهب عنه الروع ” هدأ ” فقال لخديجة: مالي، وأخبرها الخبر، ثم قال: لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة: كلا، والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق ” .

إذًا أول استقبال للهداية أو للرسالة صحبوا هزة قوية، ترجّ شخص جدًا لكي يدرك عظمة المخاطب به، ويدرك قيمته ويدرك أثره، وأن شكل الحياة سيتغيّر، فما ردّ فعل النبي صلى الله عليه وسلم، هو أصابه حالة من الفزع وأسرع إلى البيت وطلب أن يدثّروه ويغطى لكي يهدأ، فظلّ هكذا إلى أن بدأ يهدأ ويسكن ويطمئن، ثم قال لخديجة ” ماذا حدث لي، أو ما الذي يحدث لي؟ ” وبعد ذلك قال لها على ما حدث والملك والكلمات، ثم قال ” لقد خشيت على نفسي ” أي أنه من الممكن أن يكون رأسه حدث له شيء، هل يكون هذا تهيّأ له أم حقيقة، ما حدث هذا شيء بالفعل حدث أم هذا من الممكن أن يكون وهم من كثرة ما جلس بمفرده، الخلوة والوحشة والظلمة مع الوقت… هو لا يعرف، من الممكن أن يكون جن، أصابه مس من الجن، الكلمات لا تقل هذا، لكن في النهاية لا يوجد تفسير آخر، فهي قالت: لا،،، فلماذا ” لا “؟

قالت أن الإنسان الخير ذو الخلق، ذو الإحسان ذو الكرم لا يصلح أن يجعله ربنا نهبة للشيطان، لذلك نحن تكلمنا قبل ذلك كثيرًا عن الفطرة، الفطرة ومعرفة الإنسان بالله، هي علام تبني؟ لن نقول أن ربنا سبحانه وتعالى قال هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ لا يوجد، هي علام اعتمدت؟ اعتمدت على الفطرة، أن ربنا سبحانه وتعالى لن يعامل الخيّر إلا بالخير، لن يعامل الإنسان المحسن إلا بالكرم لأن ربنا سبحانه وتعالى أولى بالكرم والبر والإحسان بالفطرة، ” كلا والله ” جزمًا وقطعًا، هي تحلف ” كلا والله لا يخزيك الله أبدًا ” فلماذا؟ قالت ” إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل ” – الضعيف – تحمله أي تقوم بأمره، ” وتكسب المعدوم وتقري الضيف ” ثم القانون العام الجامع لكل هذا، ” وتعين على نوائب الحق ” كل الشدائد التي تصيب الناس وتنوبهم في الخير لابد أن تشارك فيها بنصيب قدر الوسع والطاقة، لا يصلح أن يختار ربنا سبحانه وتعالى لمثل هذا الشخص إلا الخير.

فهذا الكلام كم عمقه؟ وكم أثره في الحياة؟ أن الإنسان إذا كان يسلك طريق البر والإحسان فلابد أن يكون ظنه بربنا سبحانه وتعالى أن لا يضيّعه، نفس الفطرة التي أنطقت أم إسماعيل عليه السلام، ” قالت: يا إبراهيم إلى من تكلنا؟ ” خرجوا من فلسطين إلى أن جاءوا إلى مكان صحراء، في منتصف جزيرة العرب وليس فيها أي شيء، لا أناس ولا ماء ولا أكل، لا شيء تمامًا، ووضعهم في مكان ما، وترك قربة ماء وجراب من تمر، وقبل أن يصل فلسطين سينفد هذه الأشياء ويموتون، فهي تتعلق به وتجري وراءه، لمن تتركني في هذا المكان؟ هو لم يتكلم لأنه لا يجد شيء يقوله، ربنا قال له افعل ذلك، فهو يفعله، لم يتكلم، فلما أكثرت عليه، قالت: آلله أمرك بهذا؟ أي هل ربنا قال لك افعل ذلك؟ قال: نعم، قالت: إذًا لن يضيّعنا.

فما الذي تغيّر؟ قربة الماء وجراب التمر هذا بالفعل لن يصنع شيئًا، فلم يتغيّر شيء، كل ما حدث أنه أسند الأمر لله فقط، ربنا الذي قال هذا، إذًا الثقة في الله سبحانه وتعالى هي التي ستسود، فهذه الثقة عبارة عن ماذا؟ هذه شيء في القلب، ليس شيء مادي، هذا ليس سببًا، هو لم يقل لها أن ربنا سينزل مطرًا، لم يقل هذا، في النهاية سببيًّا لا يوجد شيء، ولكن بما أن ربنا الذي أمر فربنا سبحانه وتعالى سيدبّر الأمر ويقدّر لهم الخير ويسوقه إليهم، وهي لا تعرف كيف؟ ولكن هذا الموضوع إلام مرده؟ أنك تثق في ربنا سبحانه وتعالى بداخلك، وهذا شيء مرتبط بمعرفة الإنسان بالله وإيمانه به، وثقته فيه ويقينه بالله، ليس له علاقة بشيء مادي.

ولذلك إذا سأل أحد وقال ” ربنا عرفوه بالعقل ” قل لي كيف؟ اعطني ورقة وقلم ولنحسبها… وقتها ماذا ستقول؟ لأنه في النهاية الشخص سيقول أن هذا نوع من أنواع الخبلان، ونوع من أنواع الجنون، ولا يوجد أحد يفعل ذلك، فكيف ستشرحها؟ الأشياء المرتبطة بالإيمان لا تشرح لأحد ليس لديه إيمان، لن تنفع، لن يصلح، لابد للشخص المخاطب يكون هذا بداخله، بنسبة ما، ولكن يكون موجودًا، إذا لم يكن لديه ثقة بالله، أو إيمان بالله، أو نسبة من اليقين بالله، وقلت له هذا الكلام فكيف سيستقبله؟ لن ينفع، لابد أن يوجد لدى المخاطب هذا الإدراك، ولذلك نحن قلنا أكثر من مرة أن سيدنا أبو ذر لم يقل للرجل الذي سأله ” لماذا بيتك بدون متاع ” لم يقل له لماذا يفعل ذلك، لم يقل له عن السبب، هذه النقطة مهمة، الشخص الذي تخاطبه كم إدراكه؟ كم إدراكه.

الرجل جاه ضيفًا، قال: يا أبا ذر – أين العفش – أين المتاع؟ قال: إن لنا بيتًا ننقل إليه صالح متاعنا، قال: ولكن لابد لك من متاع مادمت هاهنا، قال: إن صاحب الدار لا يتركنا هاهنا.

هو يسأله أين ” عفشك ” – متاعك -؟ فقال له نحن لدينا بيت آخر فالمتاع ” العفش ” نحن ننقله من هنا إلى البيت الآخر، فماذا سيفهم الرجل؟ أنك كنت تسكن في مكان فانتقلت إلى مكان آخر أفضل في حي أرقى، فأفضل ” عفش ” متاع لك ستنقله البيت الآخر – فهذا أمر عادي – .

فقال له: ولكنك مازلت هنا ولم تنتقل، فقال له: فالعقد سينتهي بعد شهر وصاحب الشقة سيأخذها، فلماذا سأترك المتاع هنا؟ ففهم الرجل أن أبو ذر هذا رجل عاقل، فلو قال له الرجل حقيقة ما يعنيه؟ سيتحول أبو ذر هذا من رجل عاقل إلى شخص مختل عقليًّا.

فهو ينقل عفشه ” متاعه ” للآخرة، للجنة، ينقل متاعه إلى الجنة، وهو لم يقل له هكذا، وهذه نقطة مهمة، هو لم يقل له ذلك، ونحن في زمان الصحابة، فالعهد قريب، وهو لم يقل له ذلك، لأنه لن يفهم – لن يفهم – وسيبدأ بالاعتراض والتسفيه، فهو أجابه، وفي الإجابة بها كلام فهمه الرجل ويوجد كلام أبو ذر قصده، هو لديه بيت آخر، وفعلًا هو لديه بيت آخر،، ينقل إليه صالح المتاع، المتاع الحسن؛ لأنه هو الذي سيبقى، الأشياء التي خفنا عليها نقلناها إلى البيت الآخر، وهذا البيت نحن لن نطيل فيها، فلا نأتي في النهاية ولا نستطيع أن ننقل المتاع فتنشأ مشكلة، فنحن خفف من المتاع قليلًا قليلًا بحيث أن يكون الانتقال سهل وسريع.

هذا الكلام منطقيًا أم لا؟ في تفكير الرجل هو منطقي، وفي تفكير أبو ذر هو منطقي أيضًا، ولكن كل شخص على تفكيره.

وأبو ذر لم يتحدث معه عن الآخرة.. وأن ما عند الله خير وأبقى، و ” بل تؤثرون الحياة الدنيا ” .. إلخ، لا نحن أخنا بيتًا آخر… فسلم الرجل.

لماذا فعل ذلك؟ لأنه لابد أن ترى من تتحدث معه هل سيستوعب أم لا، هل عنده هذا التفكير أم لا، إن لم يكن لديه، فلا داعي لأن نتحاور على ما لا طائل وراءه، فلا فائدة من ذلك.

فهنا السيدة خديجة علام تبني كلامها؟ تبني على ثقتها في الله المبنية على الفطرة قبل تنزيل القرآن، وماذا بعد؟

 ” فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة – وكان امرآ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي – فقالت له خديجة: يا ابن عم! اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزله الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي “

من رحمة ربنا بالإنسان أن يجعل القرب منه شخص يحتويه أو يطمئنه أو يهدئه، فهنا من رحمة ربنا سبحانه وتعالى أن هذه الشخصية كانت موجودة، فالنبي صلى الله عليه وسلم حالة الاضطراب وجد شخص يهدئ من روعه، ولا يهدئه فقط، هي قالت قوانين،، فمن الممكن أن يضرب الشخص على صدر الإنسان أو يقل له خذ هذا الكوب من الماء، فهي لم تفعل ذلك، هي وضعت قانون، وضعت قانون، هو يستند إلى شيء، قالت له: لا، ربنا سبحانه وتعالى لن يعاملك بما تتوجس أو بما تظن أو بما تشك، لا لا لا، لأنه يوجد حيثيات، هذه الحيثيات ستجعل ربنا سبحانه وتعالى يعاملك بما تستحق من الخير، قالت حيثيات وقانون، سنة لربنا سبحانه وتعالى في عباده.

والأمر الثاني: أن ذهبت به إلى مصدر العلم، ونحن كنا نتكلم زمان – في دروس السيرة – قلنا أن السيدة خديجة ذهبت أولًا لتسأل، ثم جاءت وأخذته وذهبت به، أولًا، أولًا مهدت للأمر، هي ذهبت بمفردها لتسأل ورقة، فلما اطمأنت من كلامه أخذته لكي يسمع، انتبه فهي لم تغامر به، رغم ثقتها، رغم ثقتها الشديدة إلا أنها لم تأخذ النبي صلى الله عليه وسلم في مغامرة، فهي ذهبت أولًا وسمعت واطمأنت أنها فاهمة بشكل صحيح، ثم جاءت لتأخذه وقالت له قل له، ولم تقل لها أنها ذهبت، لا أنها ذهبت ولا أنها سألت ولا أنها اطمأنت ولا أن ورقة يقول، ولم تقل له على شيء، وكانت من الممكن أن تقول أنها سألت ورقة وأنه قال لها كذا، لا لا

أخذته لكي يحكي له والرجل يناقشه ويرد عليه، فلمن رجعت؟ رجعت إلى شخص يفهم في مثل هذه الأمور، لديه علم بالرسالات وبالرسل وبالكتب، ونحن تكلمنا قبل عن ورقة وزيد بن عمرو – زمان – ، وقلنا أن ورقة هذا نموذج لرجل العلم، هو الآن يقرأ الإنجيل، والإنجيل بماذا كُتب؟ كُتب باليونانية، الإنجيل مكتوب باليونانية، واليوناني هذا تُرجم إلى السرياني، والسرياني تُرجم للعبراني، فهو ماذا فعل؟ هو تعلم عبري لكي يبحث عن نسخ أصلية يقرأها، قبل أن تترجم، فالترجمة من الممكن أن يحدث بها شيء أو تختلط، أو أن أحد يحرّف فيها، فهو يتعلم العبرية لكي يبحث عن أصول الكتب الأصلية من التوراة والإنجيل فيقرأها، فالتحريف إذا وقع لا يصيبه.

فهو يقرأ ويكتب بالعبري ” ما شاء الله له أن يكتب ” فحينما كلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له هذا هو الوحي، هو يعرف بوجود رسالة ويوجد نبي منتظر، فقال له هذا هو الوحي الذي أنزل الله سبحانه وتعالى مثله على سيدنا موسى ” يا ليتني فيها جذعا ” يتمنى أن يرجع الأيام به إلى الوراء – لأنه كبير السن – لكي يعيش معه ويؤيده ويقوم بواجبه تجاهه، ثم قال: ” يا ليتني فيها جذعا ” هو يتمنى المستحيل، فلن ترجع الأيام إلى الوراء، ولكن هذا علام يدل؟ على شدة طوقه لتأييده وأن يمد الله في عمره فيعيش معه، فلماذا طلب الشباب؟ لكي يكون لديه قوة نصرته، فهو من الممكن أن يؤيده على الكبر بعلمه وحجته، لا، هو يريد أن ينصره النصرة الكاملة، ” يا ليتني فيها جذعا ” يريد أن يستعيد قوة الشباب، ولكن هذا لن يحدث، فماذا قال بعدها؟ ” ليتني أكون حيا ” هذا أمر ممكن، أن يطيل ربنا بقاؤه إلى أن ” يخرجه قومه ” لا أن يدعو فقط.

فالنبي صلى الله عليه وسلم فزع، فلماذا؟ فأنا ليس بيني وبينهم إلا كل بر وإحسان، ونحن نتحدث في المفهوم القبلي، وهو الولاء للقبيلة ونصرتها، ونصرتها لأبنائها أشد ما يكون، فلو أن شخص اعتدى على أبنائها وأي شيء يملكه ليس هو نفسه، ولكن أي شيء يملكه ولو معزة اُعتدي عليها من الممكن أن تحارب القبيلة عشرين وثلاثين سنة من أجلها، وهذا في تاريخ العرب، من الممكن أن يتحاربوا ثلاثين وأربعين سنة من أجل معزة، وينتهوا جميعًا، فهذا ليس فيه مشكلة، ولكن في النهاية لا يتعدى أحد على شخص من قبيلتنا.

فقومه بهذه المفاهيم وهو بهذه الصفة وهذه الطبيعة وهذا الإحسان وسيخرجوه من مكة !؟ فقال له: مادام أنت نبي فهم لن يتقبلوك ” لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ” فهو يريد أن يقول – وهذا أمر مهم جدًا – أن هناك شيء اسمه سنن، سنن، يوجد قوانين إلهية ثابتة في الحياة، موجودة في القرآن، لمن يريد أن يفهمها أو يدركها.

 ” وإن يدركني يومك ” أي يوم يدعو الناس للدين ” أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي “

ربنا سبحانه وتعالى أمدّ في عمره إلى أن تأتي هذه اللحظة، فربنا منّ عليه بأنه بقي حيًّا إلى أن قابل النبي الذي عاش سنين منتظرًا له، وأدى دوره في تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم ونصرته، وانتهى على هذا، فهكذا انتهت مهمته في الحياة، فتوفاه ربنا.

آمن وقرّت عينه بالنبوة والرسالة والهداية وبالخير، وثبّت قلب النبي صلى الله عليه وسلم وبيّن له طريقه، ثم توفي، فلما توفي… السيدة عائشة تقول ” وفتر الوحي “

فالآن الآيات فالمتوقع أن تتوالى الآيات لكي نقرأ، ” اقرأ ” وفقط، ولا يوجد شيء يقرأ، لفترة ليست قليلة، فترة الوحي هذه ليست قليلة، ستة أشهر، ستة أشهر لا ينزل الوحي، فلماذا كانت ” اقرأ ” إذا لم ينزل وحي؟ ولماذا ظلّ كل هذه المدة؟ فالآن النبي صلى الله عليه وسلم أول استقباله للوحي، كان به حالة من الخوف والقلق غالبة عليه، محتاج لأن يطمئن ويهدأ ويسكن، ومحتاج لأن تميل نفسه إلى ما ألقي إليه، وتظل تتردد هذه الآيات معه، ويبدأ في التشوق إليها، ويتشوق للقراءة وللمنّة التي منّ عليه ربنا سبحانه وتعالى بها، الشيء الذي انتظره منذ زمن، وسيتقبلها أيًّا كانت تكلفتها، وسيشتاق ويحنّ إليها، فلما ينزل الوحي بعد ذلك سيستقبله كما ينبغي أن يستقبل، وسيقرأ كما ينبغي أن يُقرأ، لم يتوالى عليه الآيات، النبي صلى الله عليه وسلم ظلّ فترة يتردد، وكان كلما تأزّمت حالته يظهر له سيدنا جبريل يقول ” يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل ” ثم يختفي، وهذا حدث أكثر من مرة.

إذًا فماذا حدث؟ ربنا سبحانه وتعالى أرسل سيدنا جبريل ضمّه الضم القوي، وبثّ فيه الآيات وتركه، وهو محتاج نفسيًّا أن يستوعب هذا وهذا محتاج إلى وقت، وعندما يكون في حالة صعبة، يأتيه جبريل بالتثبيت، يقول له كلمة ويذهب، فيسكن ويطمئن، وعندما يحتاج إليها مرة أخرى، يظهر له مرة أخرى، واستمر على هذا فترة.

فما الذي يحدث، هو بعيد عنه، وتاركه، يتركه لكي يستوعب ويهدأ ويشتاق ويستقر، ولما يحتاج إليه في لحظة حرجة يظهر له لكي يقول له الكلمة المطمئنة وينسل منسحبًا، فما معنى هذا الكلام؟

الآن ماذا يساوي الوحي؟ يساوي التحول في حياة الإنسان سينتقل الآن من حالة إلى حالة، لكي يتحول لابد أن يستوعب ما شكل النقلة التي ينقلها، وهذا محتاج إلى الوقت، وقت ليهدأ ويستوعب ويستقر، لكن جبريل عليه السلام قريب منه، عندما يحتاجه يجده، إلى متى؟ إلى أن أصبح هو منتظرًا ومشتاقًا وعنده استعداد لاستقبال الوحي حتى لو وجد به هذا الضم القوي، وحتى لو وجد به تكلفة، وحتى لو وجد به عبء، وحتى لو وجد به ضغط، هو سيتقبّله بأي حال، حينئذٍ ينفع أن تتوالى عليه الآيات، أما قبل هذا فلا.

فالشخص أولًا يدرك معنى الوحي والرسالة والدين، ومحتاج أن يأخذ وقت لكي يأخذ القرار، هو يريد أن يستقبله أم لا يريد أن يستقبله.

فنحن حينما نتعجّل في هذا الوقت؟ تظل الحياة مضطربة دائمًا، المشكلة هنا، نحن لم نجلس نقلب وهدأنا وفكّرنا واستوعبنا وأخذنا قرار فسوف نتحمل نتائجه، لم يحدث ذلك، فالدنيا تكون هكذا كل شيء بسرعة، فما نتيجة هذه السرعة؟ أن يكون الشخص دائم التردد، ذاهب وراجع، ذاهب وراجع، ذاهب وراجع، لأنه لم يجتاز هذه النقطة، لأننا لم نقرأ هذا الكتاب قبل ذلك، هذا الكتاب يقول هذا، ربنا سبحانه وتعالى يربي هكذا، قال له ” اقرأ ” وتركه لكي يأخذ القرار، هل هو يريد أن يقرأ أم لا يريد أن يقرأ، هل مؤمن بالقراءة أم غير مؤمن بالقراءة، هل هو مقتنع بالقراءة أم غير مقتنع بالقراءة، ففتر الوحي، ولا يوجد كلام يتلى، هو بمفرده لكي يأخذ قراره، وحينما يأخذ قراره، سيكون مؤمنًا به ويتحمل تبعاته، فبعد ذلك بعد ستة أشهر يُقال له ” قم ” فلا يجلس مرة أخرى، وهو لم يجلس مرة أخرى.

نحن لن ننتظر ستة أشهر، نحن إن شاء الله الجمعة القادمة سنتكلم عن ” يا أيها المدثر ” لكن، الفكرة أنك محتاج لهذا، أن تأخذ قرار، فأنت إن لم تكن قبل ذلك أخذت قرار وأادبست فيه، فإذا سمحت، ارجع واجلس وخذ القرار، اقرأ في ” اقرأ ” هذه، واجلس مع نفسك، وقل لنفسك هل هذا الكلام أنت قابل له أم لا؟ مقتنع به أم غير مقتنع به، لا يصلح أن يكون الدين إجبار، هو ليس إجبارًا، لن يكون اضطرارًا، لن يكون اضطرارًا، لا هذا شيء آمنّا به وأحبيناه، آمنّا به وأحبيناه، وعرفنا قيمته وارتبطنا به، وغير ذلك لن يصلح

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم