الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم
نحن نتكلم الآن عن امتثال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر الله عز وجل له في قوله يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ كيف استجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمر ربه تبارك وتعالى.
قلنا أن أول ظهور لأثر هذه الكلمات كان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقرب الدوائر إليه صلى الله عليه وسلم، فقلنا أن أول شخص استجاب، أول شخص آمن، خديجة رضي الله عنها، وقلنا أن خديجة رضي الله عنها لم تكن شخصًا يحتاج إلى الدعوة، لأنها كانت موجودة في كل الخطوات، وتتابع مسيرة النبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل عليه السلام لحظة بلحظة، وكانت من فضل الله تبارك وتعالى عليها أنها كانت مصدر تثبيت وتطمين لقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربما هذا كان من حكمة ربنا سبحانه وتعالى في تقدير هذا الاختيار قبل سنوات طويلة، ربنا سبحانه وتعالى قدّر هذا القدر قبل خمس عشرة سنة، لأن في هذه اللحظات كان صلى الله عليه وسلم يحتاج لمثل هذا التثبيت، ولمثل هذا العون، ومثل هذه الحكمة.
وقلنا بالإضافة إلى خديجة رضي الله عنها كان إسلام زيد بن حارثة رضي الله عنه، وقلنا أن زيد أيضًا كان يكفيه فقط أن النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بأن الله تبارك وتعالى قد أرسل إليه أو أن جبريل عليه السلام قد أتاه.
وقلنا أننا لكي نفهم طبيعة هذا البيت في هذه اللحظات لابد أن نعرف تاريخه، تاريخ العلاقة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين خديجة، وتاريخ العلاقة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين زيد، وقلنا أن زيد لم يكن محتاجًا لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم له، وذكرنا قصة زيد رضي الله عنه بتفصيل الدرس الماضي، وقلنا أن زيد رضي الله عنه وهو في الجاهلية وليس في الإسلام – وهو في الجاهلية – قد اختار مرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصاحبة أبيه وعمه، وسط زهول وتعجب من الأب ومن العم كليهما، وأنه قد اختار بذلك أن يكون عبدًا عن أن يرجع حرًّا، فلماذا كل ذلك؟ هو علل ذلك، علل بجملة؛ قال: لقد رأيت من هذا الرجل شيئًا ما أنا بالذي اختار عليه أحدًا، و” شيئًا ” هذه نكرة، فأنت محتاج أن تسرح بخيالك؛ ما هو الأمر، أو ما هي الأشياء، أو ما المعاملة أو ما طبيعة العلاقة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل بها زيد تجعله يضعه في هذه المكانة أو في هذه المنزلة، ويختار هذا الاختيار؟
وقلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قابل فعل زيد بما هو أعظم منه، دائمًا يقابل الوفاء بوفاء أعظم، ويقابل الإحسان بإحسان أعظم، فالنبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى فناء الكعبة وأشهد قريشًا بأن زيدًا ابنه، قال: يرثني وأرثه، وقلنا أن أبوه وعمه نفوسهم طابت لما رأوا ذلك، أن ابنهم عند رجل قد اتخذه ابنًا.
النقطة المهمة قبل أن نمرر هذا الموقف؛ إذًا إيمان زيد بالنبي صلى الله عليه وسلم اليوم هو ثمرة تعامل النبي صلى الله عليه وسلم بالأمس، الذي زرعته الأمس ستجني ثمرته اليوم، والذي تزرعه اليوم أيًّا ما كان؛ ستجني ثمرته غدًا، النبي صلى الله عليه وسلم حينما أرسله الله تبارك وتعالى هو جنى في لحظاته الأولى ثمرات علاقات تأسست مع هذه الدوائر القريبة جعلتهم يسرعون إلى الاستجابة، يسرعون إلى الإيمان، ثقتهم فيه ليس لها حد، محبتهم له ليس لها حد، ولذلك قلنا أن زيدًا لم يكن محتاجًا أن النبي صلى الله عليه وسلم يوجه إليه دعوة.
يحكي زيد موقفين من التاريخ؛ الموقف الأول: يقول ( كان صنم من نحاس يُقال له إساف ونائلة ) صنمين ( يتمسح به المشركون إذا طافوا، فطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ) هذان الصنمان واحد عند جبل الصفا، وواحد عند جبل المروة، فهم حينما يذهبوا يتمسحون في الصنمين.
فهو يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف، ( فطفت معه، ويقول: فلما ممرت مسحت به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تمسه، فقال زيد: فطفنا، فقلت في نفسي لأمسّنه حتى أنظر ما يكون فمسحته، فقال: ألم تنه، قال زيد: فوالذي أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما استلم صنمٌ قط حتى أكرمه الله تعالى بالذي أكرمه وأنزله عليه ) هو هنا يحكي عن موقف في حال الجاهلية وقبل أن يمنّ الله عليه بالرسالة، يقول نحن نطوف ومن عادة المشركين أنهم يمسحون الأصنام، فيقول أنني تمسّحت به كما يفعلون والناس بالطبيعة تقلد بعضهم البعض، والصغار يقلدون الكبار، بغض النظر عن منطقية الفعل، ولكن الناس تحاكي،،، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهاه وقال له: لا تمسه.
فهو يقول أنا طفت مرة أخرى وجئت عنده ومسحته لكي أرى ما رد فعله؟ أي ما يمثله هذا الموضوع عنده؟ فأنت الآن إذا نهيت شخص عن شيء، ثم إن هذا الشخص بعدما نهيته مارس الفعل مرة أخرى فمستوى الزجر والإنكار يزداد، هو يريد أن يرى مدى قيمة هذا النهي، أو مدى مستوى هذا الاستنكار عنده.
فهو يقول أنه عمدًا – عمدًا – ذهبت ومسحته مرة أخرى، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ألم تنهَ – ألم أقل لك لا تفعل ذلك – فإذًا يحكي زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أبعد ما يكون عن ممارسة الطقوس الوثنية التي كان يمارسها رجالات قريش، ولكنه يطوف بالبيت، أي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي الأفعال التي هي أصلًا من ملة إبراهيم عليه السلام، والأشياء التي أحدثتها قريش خلافًا للإيمان وخلافًا للتوحيد، كيف يتعامل مع الشرك الذي أحدثوه؟ يتعامل معه بقدر كبير من النفرة، ولا يجعل أحدًا من الناس القريبة منه أو ممن يستمع إلى كلامه أو من الناس التي تتأثر به أن يشاركوا في هذا، فليس هو فقط، فزيد قريب منه ويخصّه، ويطوف معه، فهو يقول له لا تفعل ذلك، فلماذا؟ ما الفرق بين الطواف وبين مسيس الأصنام؟ الاثنان هو درج على وجودهم، فالأصنام وتعظيم الناس للأصنام دين الآباء والأجداد وهو قديم ضارب في عمق التاريخ، فهو لم يشب ووجود هذه الأشياء محدثة، لا، هو شب ووجد الناس الذين يعظمهم والذين يقدرهم ويقدر عقولهم – يكفي عبد المطلب، هو كافي – على ما له من التقدير والمكانة في نفوس الناس، فهو كان يفعل ذلك، فلماذا لا؟
لأن هذا عكس الفطرة، عكس الميثاق الذي أخذه ربنا على بني آدم، فلماذا تخرج عن عهد هذا الميثاق؟ تأثرًا بالبيئة ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) فهو ينساق وراء ما تلقنه بيئته، فلو فكر؟ لو فكر؟ ربنا يقول سبحانه وتعالى فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ فسيدنا إبراهيم ماذا يفعل؟ يوجد وضع مستقر والناس تسير عليه، وهو يريد أن يجعل الناس تفكر، هذا كل الموضوع، هو يريد الناس تفكر، فالآن نحن نعظم هذه الأشياء، وهذا المشهد حينما يروه سيهزّ بداخلهم شيئًا، الأصنام في بيت الأصنام فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ فهم جاءوا قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ فهذا هو الشخص الوحيد المتهم سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ الأمر الثاني هو لم يخرج معهم، هم جميعًا كانوا في العيد، وهو الوحيد الذي كان متخلف عنهم، فكل الشكوك تحوم حول هذا الشخص، فهم يسألوه، أنت من فعلت هذا؟ فأنا لماذا سأفعل هذا،، وها هو دليل الإدانة قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ فهذا هو الفأس على رقبة الصنم الكبير، فهو أكيد غضب عليهم فكسرهم جميعًا، فهذا كلام منطقي، فهو كبير الآلهة وهذه هي الآلهة الصغيرة، والإله الكبير حينما يغضب على الآلهة الصغيرة من الممكن أن يدمرهم – هذا طبيعي – وهو واقف وواضع الفأس على كتفه، فالآلهة حينما تتعارك… مثل الأساطير اليونانية، الآلهة تتعارك معًا، قال فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ فماذا فعلوا؟ ماذا يقول ربنا، قال فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَفهم ماذا يحتاجون؟ لحظة تفكير، هم محتاجون للحظة تفكير، وبعد لحظة التفكير ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ هل تستهزء بنا؟ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إذن هم كانوا لا يحتاجون لشيء، وهل هنا يوجد محجة؟ هل جادلهم وقال لهم شيئًا؟ ناقشهم في مصداقية ذلك؟ لا، لم يفعل ذلك، قال لهم: ها هم يا جماعة، فسألوهم وهم سيردون عليكم، ولم يقل غير ذلك، فهذا كان كافي أن يدركوا أنهم على خطأ مزري، فما الذي جعلهم لا يكملون؟ النقطة هنا، فنحن الآن أدركنا أننا في ضلال بيّن، ربنا بماذا يصف؟ فأنت شخص طبيعي، رأسك في الأعلى وقدمك في الأسفل، ثم انقلبوا، وضعوا قدمهم مكان رأسهم، لماذا؟ السؤال؛ لماذا الإنسان يفعل ذلك؟ لماذا؟ هذا هو السؤال، لماذا يفعل الإنسان ذلك؟ وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا سيدنا إبراهيم يقول ذلك وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ إنسان واحد فقط الذي استجاب، فهو ماذا يقول؟ يقول لماذا أنتم اتخذتم هذه الأوثان، مراعاة للمودة، لكي نظل على مستوى من التواصل، نظل في دائرة التواد والتقارب التي اصطلحنا عليه، نستمر عليه، اتخذتم الأوثان مراعاة للمودة، وهذه المودة ستستمر إلى متى؟ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ
فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فأول موقف قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ البيئة التي نتكلم عنها وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ فهنا ما هو مضمون المعلومات؟ يقول أن هناك سلطان كبير وإمكانيات ضخمة، والملك امرأة، وعرشها الذي يعكس مستوى قوة الملك؛ عرش عظيم.
ثم الهدهد ماذا يقول أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لماذا ذكر العرش هنا، لأنه يقول وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ فيذكر حقيقة العرش الذي يستحق العظمة، ولذلك ذكره هنا معرّف، أما عرشها، عرش ناس من الناس مهما كان فهو نكرة وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ هذا مستوى الإيمان والإدراك الذي عند الهدهد المنقب عن الماء في جيش سليمان عليه السلام.
طيب، فماذا فعل سليمان؟ فالآن نحن لدينا مملكة عظيمة وعرش عظيم وعبادة للشمس، أول تعارف بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ فهي من المفترض أنها ستفهم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبالتالي ستدرك معنى الإسلام، وهو لم يقل شيئًا آخر، هو لم يقل شيئًا آخر تمامًا، والكتاب ماذا كُتب فيه؟ مكتوب فيه اسمه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ إذن هم سيفهمون الإسلام من بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فقط.
وهي ماذا ستفعل؟ بدأت في الأول بالاستشارة، ماذا نفعل؟ ما كنت قاطعةً أمرًا حتى تشهدون، هم يقولون أن الإمكانيات المطلوبة للمواجهة موجودة والاستعداد موجود قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ هي التي ستأخذ القرار، هي ستصنع المواجهة أم ستستخدم الدبلوماسية، هي التي ستختار، ولكننا لدينا الاستعداد لاستخدام الاستراتيجية، نحن لدينا هذا الاستعداد وانظري ماذا ستفعلي أنت، نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ لماذا ذكروا هذا فقط؟ لأن هذا هو الذي ستحتاج فيه القوة أو التدعيم أو أن لديهم هذا الاستعداد، فالدبولوماسية لا تحتاج لشخص يقول لك أننا لدينا إمكانيات، هذا من المفترض، ولكن هذا محتاج وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ انظري ماذا تريدين قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً قال تعالى وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ فماذا ستفعل؟ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ سليمان هذا ملك أم نبي؟ ستختبر، ستصنع اختبارًا لسليمان، ستبعث له بهدية تفتن أي أحد، لو فُتن بالهدية فهذا ملك، سنتعامل معه تعامل الملوك، ولو لم يُفتن بالهدية؟ فهذا نبي، سنتعامل معه تعامل الأنبياء، فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ أنتم ترون أن هذا شيء كبير،أنتم، بمعايركم وطريقة تفكيركم، هو ليس شيئاً عظيماً فما أتاني الله من فضل، وليس عظيماً في ميزان الله، وبما أن الموضوع هكذا، ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ثم؟، معنى هذا الكلام أنه متجه لغزوهم، قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ هو متوقع أنهم سوف يأتون، هذا الكلام الذي قاله، ما معناه؟ وجه رسالة للرسل الذين بدورهم سيوجهونها لبلقيس؟ وما رد بلقيس على هذه الرسالة؟ ستأتي، وبعدما قال تلك الكلمات أمر الملأ بأن يأتوا بعرشها، هذا الكلام الذي قاله.. هو يعلم جيداً ما يريد أن يفعله،هي ستأتي، وحين تأتي ستجد عرشها هنا، وكيف يأتي بالعرش؟ مع كل الأغلاق والتحصينات؟ أيستطيع أن ياتي به؟، وحين تجد العرش هنا ماذا سيحدث؟ تتضطرب وتدرك عظمة ما آتاه الله وتدرك أن هذا فوق إمكانيات أي أحد، قالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ هذه أعلى مستوى من الإمكانيات أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ هو سيجلس في مجلس القضاء ليكن من الظهر إلى العصر، أثناء ذلك سأذهب من فلسطين إلى اليمن لأجلب العرش إليك وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ استطيع أن أأتي به ولن أسرق منه شيئاً، لأنه عرش عظيم، إن سحبت منه ياقوتة واحدة منه فسأعيش كملك ولن احتاج تلك الوظيفة بعد ذلك، وقوي استطيع أن أأتي به سليماً دون ضرر، حسناً، هل هذه آخر الإمكانيات؟ ربنا سبحانه وتعالى قد سخر الشياطين لسيدنا سليمان، وهذه أعلى الإمكانيات، أعلى من إمكانيات البشر، وهذا عفريت ليس جنياً عادياً، ألا يوجد عرض أفضل من ذلك؟ لا، ثم قال رجل له: سوف أأتي به قبل أن يرتد إليك طرفك، ما معنى هذا الكلام؟ حتى يدركوا أن الأمر إنما يتم بتدبير الله سبحانه وتعالى وتيسيره، وأنهم مهما بلغت قدراتهم فهم ليسوا شيئاً، لأنهم يرون أنهم يقيمون ملك سليمان ويعطون له العظمة يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ وهذا الصرح الذي ستدخله الملكة هم الذين صنعوه.
فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ غيّر في معاله، هو أولاً رفص الهدية، ثم أتت ورأت هذه الآية، فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ فهي أدركت أنه هو قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ لأنه متغير قليلاً، فهذه جملة غاية في الدقة، ما معنى كَأَنَّهُ هُوَ ؟ لأنه من المحتمل ألا يكون كذلك، لكنها تعرف أنه عرشها، قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ المفترض أنها ستسلم؟ لا، التاريخ وهذا ما نتكلم عنه وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ التاريخ، التراث، وما درجت عليه وما نشأت عليه وما تعلمته، وما غُرس فيها من الصغر، ليس سهلاً أن تتخلى عنه، حسناً.. نعلي المستوى قليلاً، قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ وليس العرش فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا دخلت المكان ورأت ماء.. فماذا تفعل؟ سترفع أطراف ملابسها كي لا تبتل قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي من الواضح أنه أعلى مستوى من الملك، حتى الملكة لم تر الزجاج الموضوع فوق الماء.
حسناً، هذا الأمر قطع أدنى درجة من درجات التشكك في أن هذا من عطاءات الله سبحانه وتعالى وأن هذه نبوة، لا يوجد داع لكي تكمل وتسترسل.
فإذاً، مرت القصة هنا بمرحلتين، وقوم سيدنا إبراهيم؟ هم مصرون أن يكونوا كذلك، فنحن الآن لدينا نموذجين، َصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ولكن هنا ربنا لم يقل أنها نكست على رأسها، لماذا؟ ما الفرق؟، فبسبب عمق ما كانت عليه تحتاج شيئاً قوياً كي تتحرك، أما الآخرون فقد أخذوا قراراً، أنهم لا ينفع أن يستجيبوا لما يقوله سيدنا إبراهيم، ولذلك قال ربنا نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ.
فإذاً الإنسان يدرك بفطرته وبالعقل وبالمنطق الحقائق ولكنه يأخذ منها موقع بناءً على ماذا؟ بناءً على أشياء خارج إطار الحقيقة، أشياء أجنبية عن الصواب، ليست لها علاقة بهذا، هم يدركون جيداً ما يفعلون، ولكن أيضاً سيستمرون على ما هم عليه، وما الفرق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش؟ أنه في النهاية لازال يركن إلى الفطرة ويستخدم المنطق، ولذلك نحن قلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو رجالاً للإيمان قال له: يا حصين كم تعبد؟، قال: سبعة ستة في الأرض وواحد في السماء، هم يومنون بربنا ولكن هناك درجة يدخلون من خلالها إلي ربنا مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى قال: من الذي تجعل لرغبتك ورهبتك؟ قال :الذي في السماء، ولماذا يجعل الذي في السماء لرغبته ورهبته؟ هو يدرك أن في النهاية الملك لله سبحانه وتعالى، هذه هي الحقيقة، ولذلك عبد المطلب حين جاء أبرهة لم يلجأ للأصنام تماماً، ماذا فعل؟ تعلق بأستار الكعبة وفقط
اللهم إن العبد يحفظ رحله فاحفظ رحالك
لا يغلبن صليبهم وضلالهم عدواً نحالك
فانصر على آل الصليب وحزبه اليوم آلك
هو لم يقل شيئاً آخر، لم يقل شيئاً آخر، لا هبل ولا اللات والعزى، هذا الكلام ليس موجوداً تماماً، إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورً في لحظات الشدائد يلجأ الإنسان إلى الله، ولذلك بعدها قال ربنا أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ الآن من يقول أن البحر خوف والبر آمان؟ أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ وْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى ستركب البحر مرة أخرى، أنت تحتاجه ثانيةً، ستلجأ له مرة أخرى أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا.
فإذاً الإنسان في الحقيقة يدرك تمييز الصواب من الخطأ، وأين المشكلة؟ المشكلة أن هناك عوامل أخرى تؤثر على قراراته، حين ينحي هذه العوامل تتبين له الحقائق، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعثه الله، هو يدرك أن هذا باطل ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يبحث وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى عن ماذا كان يبحث؟ هو يدرك أن هذا ليس بحق، ولكنه يريد شيء يسير به إلى ربنا، أنا أريد أن أعبد ربنا، ماذا أفعل؟ أنا أدرك أنني من المفترض أن أعبد ربنا وأن أتوجه إلي الله، ولكنه يريد أن يبين ربنا سبحانه وتعالى له معالم الهداية، كيف يعبد ربنا؟ وكيف يتقي ربنا؟ وكيف ينيب؟ وكيف يتوب؟، كيف يقضي الحياة في مرضاة الله؟، ولذلك الطبيعي أن يكون في الغار، يفكر ويتأمل في عظمة الله ويدعو الله ويرجوه ويسأله ويطلب منه، ولذلك زيد يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتمسح بالأصنام وفقط وإنما كان يحاول أن يحجزه أو يبعده أو يمنعه منها، لكن هل يقدر أن يطلب من زيد أكثر من ذلك؟ لا.. لم يكن لديه أكثر من ذلك، يحتاج أن يرشده ربنا سبحانه وتعالى ويهديه.
يقول زيد، أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير وهو مردفي في يوم حار من أيام مكة حتى إذا كنا بأعلى الوادي لقيه زيد بن عمرو بن نفيل، فحيا أحدهم الآخر بتحية الجاهلية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالي أرى قومك قد شنفوا لك؟ قال: أما والله إن هذا لغير نائرة كانت مني إليهم، ولكني أراهم على ضلالة فخرجت أبتغي الدين، حتى قدمت على أحبار يثرب فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به فقلت: ما هذا بالدين الذي ابتغي، فخرجت حتى أقدم على أحبار خيبر فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به فقلت: ما هذا بالدين الذي ابتغي، فخرجت حتى قدمت على أحبار فدك فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به فقلت: ما هذا بالدين الذي ابتغي، فخرجت حتى قدمت على أحبار أيلة، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به فقلت: ما هذا بالدين الذي ابتغي، فقال لي حبر من أحبار الشام: إنك لتسأل عن دين ما نعلم أحداً يعبد الله به إلا شيخاً بالجزيرة، الجزيرة المكان ما بين العراق والشام، فخرجت فقدمت عليه فأخبرته بالذي خرجت له فقال: إن كل من رأيت في ضلال، أنك تسال عن دين هو دين الله ودين ملائكته، وقد خرج في أرضك نبي أو هو خارج يدعو إليه، ارجع فصدقه واتبعه وآمن بما جاء به، يقول زيد: فلم أحس نبياً بعد.
نحن قلنا متى توفى زيد؟ توفى قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات، وقلنا أن زيد كان يخرج إلى غار حراء، لأن قريش كانت تطرده من مكة، فقابله النبي صلى الله عليه وسلم وحيا أحدهم الآخر بتحية الجاهلية، عمت صباحاً أو أنعم صباحاً، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: مبالي أرى قومك قد شنفوا لك؟ أي كرهوك وأبغضوك، لماذا يعاملونك هكذا؟ فقال أنني لم أفعل لهم شيئاً، إن هذا لم يكن لنائرة كانت مني إليهم، عداوة أو شر، أنا لم أفعل لهم شيئاً ولكنني أرى أنهم على ضلالة فخرجت أبحث عن الحقيقة، حسناً، لماذا اتخذوا هذا الموقف تجاهه؟ لأنه مصر أن يوصّل لهم أنهم ليسوا على شيء، هم يدّعوا أنهم على دين سيدنا إبراهيم، وهم الذين يخدمون الكعبة ويقومون بأمر الله تبارك وتعالى، وهو يقول لا هذا ليس دين سيدنا إبراهيم، دين سيدنا إبراهيم لم يكن فيه أصنام، ولا شرك، تعاملاتكم المالية.. لم يأمر ربنا بهذا، وأد البنات.. وهذه الأفعال التي لا يرضى بها الله، فهو ينكر ما هم عليه من عقائد ومن ممارسات ومن عادات إجتماعية، والناس من الصعب أن تقبل أحداً يستنكر ما هم عليه، فيعاملونه هذه المعالمة، فهو يقول أنني وجدت الناس على ضلال فذبت أبحق عن الدين، فذهب إلى كل مكان يوجد به أحد من أهل الكتاب، يبحث عن الدين، كل توحيد هو مشوب بشرك، في النهاية قالوا له أن هناك شخص واحد قريب من طلبك، شخص واحد، شخص واحد فقط !!، النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب.
فقال له الشيخ أنك تبحث عن الدين، عن الدين الحق، فهو للأسف ليس موجوداً لكن ربنا سيمن عليك بنبي سيخرج من أرضك التي خرجت منها، ارجع وانتظره وآمن به، هو مع من كان يتكلم؟ مع من كان يتكلم زيد؟ كان يكلم النبي، الشخص الذي كان يبحث عنه هو ذلك الرجل الذي أمامه، الشخص الذي كان ينتظره هو هذا الشخص الذي أمامه، الذي كان أمامه ويسأله لماذا يبغضك قومك؟!، فهو يقول أنني لم أحس نبي بعد، وأنا انتظر.
حسناً، هل أدرك نبوته؟ لم يدرك، حسناً هل أضاع ربنا سعيه؟ وهذه الأهم، هل ربنا أضاع سعيه؟ لا لم يضيع سعيه، وليس ذلك فقط، ماذا وصفه النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أنه يأتي أمة وحده بيني وبين عيسى بن مريم، الأنبياء يأتون ومعهم أتباعهم، كل نبي له راية ومعهم أتباعه، زيد بن عمرو بن نفيل سيأتي بعد سيدنا عيسى، ربنا سبحانه وتعالى يعد هذا الشخص أمة، بمثابة أمة كاملة من الناس،لأنه تمسك بدين سيدنا إبراهيم إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً، اجتهد وبحث عن الحقيقة ولم يجد شيئاً، فماذا يفعل؟ أنا على دين سيدنا إبراهيم لا أعرف منه إلا السجود فأنا أسجد، أسجد وأقول لربنا أنني إن علمت شيئاً أعبدك به أكثر من السجود سأفعله، لكنني لا أعرف، هذا الشخص ماذا فعل به ربنا؟، كم تسع رحمة وإحسان ربنا سبحانه وتعالى للخلق؟، قد بذل وسعه ولكنه فعلاً كان حريصاً على الهداية ورحل من مكان إلى مكان يبحث عن الدين النقي الصافي، لم يجده، تمسك بما يعرفه من الدين، فلن يضيع ربنا سبحانه وتعالى أجره وثوابه.
وذكرنا قبل ذلك سيدنا حذيفة وهو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب، حتى لا يُدرى لا صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله في ليلة حتى لا تبقى في الأرض منه آية وتبقى طوائف من الناس، الشيخ الكبير والعجوز، يقولون: أدركنا آبائنا على هذه الكلمة، لا إله إلا الله، فنحن نقولها، فيقول صِلة: لا تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة، فسكت حذيفة، فكررها ثانية، ما تغني عنهم لا إله إلا الله، وهم لا يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك ولا صدقة، فسكت حذيفة فكررها ثلاثة، قال: يا صلة تنجيهم من النار، يا صلة تنجيهم من النار، هم لا يعلمون شيئاً، لم يتبقى من الدين إلا كلمة، ولم يدركوا حتى حقيقتها، ولا يعرفون شيئاً من العبادة لكنهم متشبثين بها، لم يتبقى غيرها، أردكنا آبائنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فحن نقولها، فما أدركه الإنسان وتمسك به سينجيه الله به أيا كان مقداره حتى ولو كان مجرد كلمة هو لا يعلم حتى ماذا تقول، لكنه في النهاية الذي بقي لنا من الدين هذه الكلمة، أدركنا آبائنا على هذه الكلمة، لا إله إلا الله، فنحن نقولها، قال: تنجيهم من النار.
ربنا سبحانه تعالى لا يطالب الإنسان بأكثر مما يفعله، أو أكثر مما كان متاح له، أو أكثر مما كان متاح إدراكه، لكن في النهاية الإنسان يبذل وسعه لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وقانون الهداية وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.