بسم الله والحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
خطو خاتم الأنبياء ما بين ” اقرأ ” و ” إذا جاء “
من المخاطب بهذه الكلمات؟ المخاطب بهذه الكلمات هو الشخص الذي يريد ويحرص على أن يقتفي أثر خطواته صلى الله عليه وسلم، قال الله تبارك وتعالى لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قلنا قبل ذلك أن هذا خطاب عام، ومن هذا العام يخصص منه أناس،، أي أن الجملة الأولى هذه قانون،، وبعدها جملة توضح من الذي سيلتزم بهذا القانون لَقَدْ كَانَ لَكُمْ لكم هذه عائدة على من؟ على كل المؤمنين لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ صلى الله عليه وسلم، هو الشخص الحقيق أن يتخذ قدوة يقتدي به المؤمنون، الإنسان عمومًا يحتاج أن ينصب له قدوة، محتاج لأن يرى نموذج في الحياة يعتقد أن هذا هو النموذج المثالي وينسج على منواله، ويسير خلفه، وكل الناس هكذا، لا يوجد أحد يعيش بدون قدوة، وكل شخص يرى أن القدوة التي اختارها هي القدوة التي ستحقق له ما يأمله ويرجوه، كلٌ حسب طموحه وحسب رؤيته وحسب أهدافه في الحياة، يضع الشخص الذي يعتقد أنه ناجح أو أنه حقق ما يريد أن يحققه، أو أن هذا هو النموذج الذي وصل لما يريد أن يصل إليه.
فيقرأ مذكرات فلان، وقصة حياة فلان، وفديوهات عن فلان، ويحاول أن يقلده، لأنه يعتقد أنه حينما يقلده أن يصل إلى ما وصل إليه هو، وسينجح النجاح الذي نجحه.
فربنا يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الشخص الحقيق – الحقيق – الذي يستحق أن يتّخذ قدوة لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ثم قال لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ثلاث شروط محتاج أن يتحقق بها الإنسان لكي يستطيع أن يضع نفسه في دائرة الاقتداء، فمن الذي سيقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي هو أهل لأن يقتدى به؟ الشخص الذي يرجو الله، يرجو رحمة ربنا ورضوانه ومغفرته، فالذي يرجو رحمة ربنا ورضوانه ومغفرته، من أعظم شخص سلك هذا السبيل، من أعظم شخص ربنا أناله هذه الأمنيات؟ هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطبيعي – طبيعي – إذا كان هو يرجو هذا الرجاء أن يضع نفسه في هذا المكان، لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ هو يعمل – يعمل – للدار الآخرة وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ذكره لله سبحانه وتعالى يعينه ويعصمه من الشيطان.
إذًا الذي يستطيع أن يقتدي به صلى الله عليه وسلم هو الشخص الذي سيحاول أن يوفر لنفسه هذه الخصائص الثلاث لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا.
فالآن، الهدف، إلام نريد أن نصل؟ نحن نريد أن نحاول – مثلما قلنا في الجمعة الماضية ” بعنوان ” رسائل الرحمن ” ” نحاول أن نستقبل القرآن مثل استقبله الناس الذي نزل عليهم القرآن، نسمع مثلما سمعوا، فحينما نسمع مثلما سمعوا ماذا يحدث؟
قلنا أن كل الناس الذي نزل عليهم القرآن، كلهم تأثروا بالقرآن، بعظمة القرآن، وكلهم أزعنوا وأقروا لهذه العظمة، ولكنهم ليسوا جميعهم آمنوا، أناس آمنوا وأناس لم يؤمنوا، لكن الذين آمنوا والذين لم يؤمنوا كلاهما اتفقوا على الخضوع لسلطان القرآن، ثم إن الناس الذين تركوا نفسهم للقرآن آمنت، والناس الذين تشبثوا بشهواتها أو مصالحها أو بأهدافها في الحياة التي لا تتماشى مع المضمون القرآني لم يؤمنوا، لكنهم جميعًا – جميعًا – جمعهم الخضوع للقرآن.
نحن لم نستقبل القرآن مثلما استقبلوه، ولذلك قلنا أننا نريد أن نستقبل القرآن مثلما استقبلته قريش، وليس المؤمنين من قريش،، أي أنك تسمعه كأنك تسمعه لأول مرة.
إذًا نحن ماذا نحتاج؟ أن نعرف كيف سنستقبله.
النقطة الثانية: الإنسان كيف يربي أو يبني نفسه مثلما أراد ربنا سبحانه وتعالى، نحن قلنا أننا سنحاول أن نتابع التنزيل بدرجاته لكي نعرف كيف يبني الإنسان الإيمان مثلما شاء ربنا سبحانه وتعالى وأحب وأراد.
أنت ماذا ستحتاج؟ أول شيء: ستحتاج أن تصغي لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ تصغي جيدًا لكلمات الله، لذلك نحن قلنا أن الأصل – الأصل – السماع، والقراءة تأتي بعد، الأصل أنهم سمعوا، هم سمعوا الكلمات الإلهية، ثم كتبوها وتلوها، ولكنهم أولًا سمعوا، يوجد شيء سكّت مسامع الشخص ولفتت انتباهه ولم يستطع أن يتجاهلها، هذه كانت كلمات الله.
وبعد توفّر هذا، سنحاول أن نتخيل أنفسنا في هذا الإطار أو في هذه الدائرة أو هذه البيئة، كيف نستقبل هذه الكلمات، سنحتاج أننا نكون مدركين مفردات ما نقرأه،، معاني الكلمات، هذه الكلمات في العربي ما معناها.
ربنا سبحانه وتعالى امتنّ على الناس الذين أنزل عليهم القرآن قال بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ فلابد أن أكون فاهم لمفردات الكلمات التي أقرأها لكي أستطيع أن أفهم ماذا تقول هذه الجمل.
الأمر الأخير: لابد أن يكون معي كتاب سيرة، لكي أفهم هذا الكلام كيف تحرّك، كيف استقبله الناس، وكيف تعاملوا معه،، إذًا أنا محتاج لكلمات قرآنية، ومحتاج إلى السيرة.
أول التنزيل بدأ بـ ” اقرأ ” من المفترض أنني لا أستطيع أن أبدأ بـ ” اقرأ ” إلا إذا رجعت قبلها قليلًا، وتعرّفت على طبيعة الشخصية التي أنزلت عليها ” اقرأ ” ما الظروف التي نزلت فيه ” اقرأ ” ، وأين المكان الذي اختاره ربنا لنزول ” اقرأ “؟ ولكن هذا الكلام لأننا تكلمنا فيه كثيرًا، لن نعيد الكلام فيه، وسنبدأ من أول ” اقرأ ” . سنفترض أنك تسير في طرقات مكة وسمعت شخص يتلو هذه الكلمات.
يوجد أسلوب كلامي نحن نتعامل به معًا، ويوجد أسلوب للبيان الذي يتعمّد فيه إظهار البلاغة، ” الشعر أو الخطابة ” وهذا معروف ونحن معتادين عليه ” أقصد عرب قريش ” وبعد ذلك أنت تسمع كلمات هي ليست شبيهة بأي شيء، شكلًا ولا مضمونًا، هذه كلمات لا تشبه أي كلمات، أنت تستمع لشخص يقول اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ أنا ” المستمع ” شخص غافل، أعيش في هذه البيئة أو في هذه الحياة مثلما يعيش الناس، مثلما يعيش المجتمع، بثقافته وعاداته وتقاليده ومعتقداته وأفكاره ورؤيته للحياة ورؤيته للعلاقات ورؤيته للمصير مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ هذه رؤيتنا، نحن لدينا معايير قبلية معينة وولاءات معينة وصور للعلاقات الاجتماعية والاقتصادية نحن نعيش بها، وعندنا أصنام نعتبرها وسطاء بيننا وبين ربنا سبحانه وتعالى، رموز لملائكة أو أناس صالحين، هؤلاء نحن نلجأ إليهم حينما توجد شدة أو إذا أردنا أن نأخذ قرار في الحياة، هل افعل كذا أم لا، هل أسافر أم لا، أتاجر أم لا،، ألجأ إليهم ونجري ” طس ” ” الاقتسام بالأزلام ” لكي نعرف ماذا سنفعل، وهذه الحياة في النهاية إلى فناء.
هذا هو ما أؤمن به وأعتقده، ثم أسمع اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ نحن كيف سنسير؟ مثلما قلنا في الخطبة، المفتاح في نقطة واحدة فقط أن هذه رسائل أنت محتاج أن تسأل نفسك في كل آية، ربنا سبحانه وتعالى ماذا يريد أن يوصل إليك، يوجد رسالة – رسالة – تقال لك، ما المعنى الذي يريد ربنا سبحانه وتعالى أن يصل إليك.
هنا ” اقرأ ” هذا أمر، أولًا، أول كلمة أمر. ” اقرأ ” وأنت لا تعلم ماذا ستقرأ، ولكن أول شيء وجّه إليك أنك محتاج تقرأ أو أنك لابد أن تقرأ، هذا أول أمر.
هذه الكلمة ماذا تثير؟ أنك هناك شيء ستخاطب به محتاج أنك تقرأه، اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ أنت لن تقرأ بمفردك، لا، أنت ستقرأ بمدد ربنا لك، ستقرأ باسم الله، لن تقرأ بنفسك، فما الفرق بين أنك تقرأ بنفسك وأنك تقرأ باسم الله؟ تقرأ بنفسك هذه معناها أنك ستعتمد – ستعتمد – على نفسك، وعلى فكرك وعلى إمكانياتك، وهذه الأشياء ربنا وهبها لك، هذه الأشياء في النهاية ربنا سبحانه وتعالى وهبها لك، فالإنسان لم يهبها لنفسه، ولكن لابد أن يستحضر الإنسان أن ربنا الذي وهبه وربنا الذي أعطاه وربنا الذي حباه وربنا الذي علّمه، وهو محتاج في كل شيء أن ربنا يعطيه المدد أو يفتح له الباب أو ييسر عليه الأمور العسيرة أو يهيئ له الخير، اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ.
حسن، فما معنى الرب؟ – ليس عندنا اليوم – بل عندهم، فنحن قلنا أننا لن نفهم إلا عندما ندرك هم كيف يترجموا، ” الرب ” : هو السيد المطاع المالك والمدبر والمتصرف والمصلح والمربي، هذه الكلمات موجودة فأنا حينما أقول أن فلان هذا رب قبيلة أو أن هذا هو زعيمهم فهو السيد الذي له حق الطاعة، القائم بشئون هؤلاء.
أطلق الرب وأريد التدبير، أطلق الرب وأريد التربية، أطلق الرب وأريد الملك، اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ على هذا سيكون هو الذي يملكك، سيدك، الذي يدبّر أمرك، الذي يصلح أحوالك، الذي يتصرف في شئونك، الذي يربيك.
هذه الربوبية علام بنيت؟ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ الرب: هو الخالق، الذي يستحق أن يكون الرب هو الخالق، والأرباب الكثيرة التي نعرفهم؟
الَّذِي خَلَقَ خلق كل شيء، مطلقة، ثم اقترب قليلًا؛ على الإنسان، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ أصل خلق الإنسان كم هو ضعيف، كم هو حقير، قطعة من الدم المتجمد تعلق بجدار الرحم، لا تعرف مستقبلها، ليس فيها عقل ولا إدراك ولا رؤية ولا نظرية ولا بصيرة، لا شيء، هذا هو أصل خلق الإنسان، ثم يكرر الأمر، ولكن لم يكن هناك شيء في البداية اقرأه، فاقرأ الأولى هذه أنا مازلت منتظرًا ماذا سأقرأ، ثم يقال ثانية اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ نحن نتكلم بالأساس في إطار أمة لا تحفل كثيرًا بالقراءة ولا تهتم بالقلم.
بداية؛ الأمة المخاطبة هذه الأمور عندها – هي وصفت بأنها أمية – فهذه الأمور عندها ليست في دائرة الاهتمام أصلًا ولا في دائرة الإدراك، ربنا يتكلم عن القراءة باسم الله، عن القلم والعلم، وأن ربنا سبحانه وتعالى مصدر كل علم تعلّمه الإنسان.
حسنٌ، أنت حينما تقرأ هذه الكلمات أمامك بديلين، أن محمد صلى الله عليه وسلم اختلق هذا أو نقله من أحد، أو أن يكون خالقك هو الذي يخاطبك.
سننحي كل شيء جانبًا، وفكّر أنت في هذه الكلمات، هل يصلح أن يقول إنسان هذه الكلمات؟ هل يجرؤ إنسان – يجرؤ – أن يقول هذا الكلام؟ وهل يوجد إنسان نسج خياله أو تفكيره سيصل إلى إطار هذه الكلمات، فكّر أنت شخصيًّا – أنت شخصيًّا – إذا أردت أن تبتدع، ستبدأ في خلق كلام ونسبته إلى الله – عياذًا بالله – ما الذي ستقوله؟ ستقول كلامًا في إطار تفكيرك أنت الشخصي، في إطار اهتماماتك وأهوائك ورغباتك وما تريد أن توصله، أو الشيء الذي تريد أن تخرج به من الأمر، فأنت تريد أن تقول كلامًا لكي تبني به شيئًا لنفسك، فهنا أين أي شيء ” لنفسك “؟، أول شيء ” اقرأ ” ، و ” اقرأ ” هذه ربنا سبحانه وتعالى يأمرنا أن نحسن استقبال الكلمات الإلهية التي سوف تتنزل.
فأنت أولًا تهيأ الشخص ثم تكلمه، تهيئه أولًا ثم تكلمه، أنت تجهزه لكي يستطيع أن يستقبل، ثم يستقبل، تجهزه أولًا لكي يستقبل فيستطيع أن يستقبل، فأول شيء تقول له ” اقرأ ” ، فـ ” اقرأ ” هذه ما أصلها؟
القراءة: الجمع والضم، عندما تقول ” أنا قرأت كلامًا ” فتقول ” قرأت ” بمعنى أنك ضممت الكلام بعضه إلى بعض، أي أنك جعلت الكلام مجتمع، إذًا حينما تقول أنك ستقرأ، إذًا يوجد كلام أنت ستجمعه معًا لكي تصل منه إلى نتيجة أول لصورة، فالقراءة :جمع، ستجمع كلام إلى بعضه البعض، فلماذا ستجمع الكلام معًا؟ لكي ترى مؤدى أو مآل هذا الكلام إلام يصل بنا، والصورة كيف ستكون.
من الأشياء الغريبة جدًا، نحن حينما نقول أننا سنقرأ، – وهذا والله من الأشياء التي تعجب لها – نقول ” فلان هذا أنا قريه ” أو ” أنا قرأت الحوار من أوله ” فنحن نقول هكذا في كلامنا،، فهذا ما معناه؟ ما معنى أن نقول أن ” فلان أنا قريته “؟ أي أنني فهمته واستوعبته جيدًا بحيث أنني أصبحت حافظًا له، فهذه قرأته، ” قرأت الحوار ” ما معناها؟ أن هناك قصة تحدث وأنا فهمت ما وراءها، أي أن هناك أحداث تحدث وهذه الأحداث خلفها شيء، فنحن نقول هذا.
ولكن حينما نأتي لنقرأ، ما العلاقة بين أنني قرأت الشخص و ” قرأت الحوار ” الذي نقولها حينما نمدح أنفسنا، وبيننا حينما نأتي لنقرأ؟ ولا شيء من هذه الأشياء، معنى هذا أنني أفهم جيدًا وأفهم ما وراء الستور أيضًا، فنحن نستخدم كلمة القراءة، ولكن حينما نأتي لنقرأ لا نفعل أي شيء من هذه الأشياء، وهذا قمة التناقض، فنحن من المفترض حينما نقرأ، نقرأ مثلما نقول، أن نقرأ لنفهم جيدًا ونفهم مرام الكلام ومقاصده وما وراء الجمل التي نقرأها، فهم حينما يقال لهم ” اقرأ ” سيفهم أن المراد منه مستوى معين من الإدراك.
” فلان تقرّأ ” أي تفقه، و ” فلان تقرّأ ” أي تنسك، يستخدمون القراءة في الفقه، ما معنى الفقه، أي أنني فهمت الشيء جيدًا، ما معنى تفقه؟ أي سلك مسلك التفهم والتعلم، و ” تقرّأ ” تنسك، ما معنى تنسك؟ أي أن هذا قاده العلم – العلم الحقيقي – يقوده إلى التعبد، لعبادة ربنا سبحانه وتعالى إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ولذلك كلمة القارئ عند الصحابة: هو العالم المتعبد – العالم المتعبد – هذه معنى كلمة القراءة.
إذًا القراءة تفقه، تفقه يقود إلى تنسك.
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ نحن نعرف ” باسمك اللهم ” نحن ” أي قريش، نعرف باسمك اللهم، و ” باسمك اللهم ” هذه متى نستخدمها؟ ” باسمك اللهم ” هذه ليست موجودة في الحياة، تكلمنا قبل ذلك ونحن نتكلم عن الفاتحة، تكلمنا عن بسم الله ووجودها في حياة الإنسان المسلم، ووجودها في حياة المؤمنين، طيب.
عندنا نحن في ” مكة ” متى نستخدم ” باسمك اللهم ” هذه؟ هذه الكلمة غير موجودة في حياتنا، يعني أنني لا أذكر اسم الله وأنا داخل وخارج وعندما أشرب، هذا غير موجود تمامًا، أنا لا أقول بسم الله هذه تمامًا، فمتى نستخدمها؟ في المعاهدات، فقط، هذا جزء من بروتوكول المعاهدات، قريش حينما أحبت أن تحاصر بني هاشم أتو بالوثيقة وكتبوا ” باسمك اللهم ” ، وتحت ” باسمك اللهم ” أننا نقاطع هؤلاء الناس، لا بيع ولا شراء ولا تجارة ولا علاقات اجتماعية، ولماذا كتبنا هذا؟ لأن هذه وثيقة، فهل لو أننا تفكّرنا في ” باسمك اللهم ” هل يصلح أن نكتب تحتها هذا الكلام؟ أي يصلح أن ” باسمك اللهم ” يكون معها قطيعة الرحم؟
فـ ” باسمك اللهم ” هذه غير موجودة في حياة الإنسان الذي يعيش في مكة، ولكنها موجودة فقط في المعاهدات كصيغة قانونية، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية أمر سيدنا عليّ أن يكتب ” بسم الله الرحمن الرحيم ” فقال له: لا، سهيل بن عمرو، قال: لا نحن لا نعرف الرحمن، فقال لهم: يا جماعة هل تنكرون أن ربنا متصف بالرحمة، لا لا ننكر، ولكن هذا الاسم غير موجود لدينا، فهذا هنا اعتراض شكلي، فالمعاهدات غالبًا ما تبنى على المشاكسة ” الغلاسة ” اعتراض شكلي، فأنا أقول أن ربنا عنده رحمة، لكنني ليس لدي هذا الاسم، ليس في ثقافتي أن ربنا اسمه الرحمن، فقالوا نحن لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة، – وهذا مسيلمة سمّى نفسه رحمن اليمامة “
فماذا نفعل؟ قال له: اكتب ” باسمك اللهم ” كما كنت تكتب – كما كنت تكتب – ، فأنت كنت معنا زمان، ما الذي جدّ؟ فأنت تكتب كما كنت تكتب.
” باسمك اللهم ” وماذا بعد؟ الذي يؤمن ويأتي إليك ترجعه إلينا، ومن يكفر ويأتي إلينا لا نرجعه إليك،، فهل هذا يتماشى مع ” باسمك اللهم ” نعم تتماشى، إذًا ” باسمك اللهم ” هذه كلمة ليس لها أي قيمة عند أصحابها.
فربنا سبحانه وتعالى إلا ينتقل بهم الآن، ينقلهم إلى بسم الله، اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ فأنت حينما تقرأ ستذكر اسم الله تبارك وتعالى، وهنا ذكر الرب، مع أنك حينما تأتي لتطبّق ستقول بسم الله الرحمن الرحيم، لكن لماذا قال هنا اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ لأنه يريد أن يذكّرنا – يذكّرنا – بمعنى الرب، وأن كل النعم التي نحن فيها من فضل ربنا سبحانه وتعالى، وكل المنن التي نعيش فيها هي من فضل ربنا سبحانه وتعالى ومنته، كل شيء ربنا يفعله، كل شيء ربنا يفعله، فعندما تقول اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ أنت تذكر نفسك أن كل شيء موهوب من الله، إذا كان التدبير والتصريف والتربية والملك والسيادة لله ماذا بقي للإنسان.
حسنٌ، اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ قلنا ما معناها؟ اقرأ مستمدًّا من بركات أسماء الله، فهل هذه الأسماء هم يعرفونها؟ هم سيتعلموها بعد، يعرفون بعضها، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ فهم يعرفون قليل منها، يعرفون قليل منها، فلماذا أتت الرسالة؟ لكي تؤكد الصحيح الذي يعرفوه وتبني عليه، ففي النهاية إلام ستوصلنا؟ ” إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة ” الأسماء التي سيعرفنا عليها ربنا ستظل في الاتساع إلى أن تصل إلى تسعة وتسعين اسمًا مما علمه الله للإنسان، لكن في البداية؟ أنت ستقول ” بسم الله ” ، و ” بسم الله ” هذه كافية، لأنهم مدركين ما معنى ” بسم الله ” .
إذًا اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ هي تدعو الإنسان إلى أن يستقبل كلمات ربنا التي تأتيه أحسن استقبال، وأنه يضع بين يدي هذه الكلمات ذكر اسم الله، طلب المدد والبركة من الله، طلب العلم والفهم والهداية والتوفيق والارشاد من الله، من الله الخالق، يذكّر الإنسان بأصل علاقته مع ربنا سبحانه وتعالى وأصل نشأته، وأصل ضعفه واحتياجه إلى الله خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ وبعد ذلك سيتوالى في كلام ربنا سبحانه وتعالى تفاصيل، كيف خلق ربنا الإنسان، وكيف تطور في مراحل خلقه، أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ يخاصم ربنا سبحانه وتعالى وينازعه… وأصله، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ ” اقرأ ” هذه ما معناها؟ معناها أنك مطلوب منك أمرين، تستعيد القراءة وتستمر في القراءة، اقرأ الثانية غير اقرأ الأولى،، أنت قرأت،، و” اقرأ ” أي اقرأ ثانية وثالثًا ورابعًا، اقرأ الجديد واقرأ الذي قرأته، وكلما قرأت ما قرأته قبل ستكتشف أنك لم تكن قرأته،كلما قرأت ما قرأته قبل ستكتشف أنك لم تكن قرأته، ويوجد أشياء كثيرة جدًا أنت لم تكن رأيتها، وأشياء كثيرة جدًا لم تنتبه لها، وأحاسيس كثيرة لم تكن عمرك أحسست بها.
اقْرَأْ وَرَبُّكَ هذه ثانية، المرة الثانية اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ” الأكرم ” أنت في بيئة تدرك معنى الكرم، البيئة العربية تدرك معنى الكرم، وعندها أيادي وآيات في الكرم عظيمة جدًا وكبيرة جدًا وراقية جدًا، وهم يجلون معنى الكرم، فربنا سبحانه وتعالى يقول أن ربنا سبحانه وتعالى هو الأكرم، الذي ليس لكرمه حدود، وليس لكرمه منتهى، ولا يقارن به كرم أي كريم، حسنٌ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ما معناها؟ معناها اقرأ وسوف يكرمك ربك، نحن نستخدمها كثيرًا، أن يكرمك ربك ما معنى ” ربنا يكرمك ” أن ربنا سبحانه وتعالى يغدق عليك من كرمه ومن منّه ومن خزائنه التي لا تنفد، هذا أمر مفتوح، أمر ليس له حد وليس له منتهى، فأنت استمر في القراءة وربنا سبحانه وتعالى سيعطيك من أمداد كرمه.
إذًا الفهم والإدراك، الهداية، البصيرة، من أين ستأتيك؟ ستأتيك من عند ربنا سبحانه وتعالى، ولذلك ستمدح شخص بالعلم، من الممكن أن تمدحه بأنه يجتهد في التعلم، نعم، ولكن ليس بالعلم وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ خاصة إذا كان العلم يتعلق بكتاب الله، ربنا يقول اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ما يفتحه الله من علم إنما هو من خزائن كرم الله سبحانه وتعالى، فالإنسان ماذا يفعل لكي ينال من الكرم؟ يحاول أن يأخذ بسبب ويحاول أن يصلح قلبه، ويحاول أن يدعو ربنا سبحانه وتعالى أن يعلمه ربنا أو يرشده أو يهديه، ولذلك لماذا أنت محتاج لأن تقرأ في كتب التفسير؟ قلنا مرة قبل ذلك أن ابن تيمية ” في خطبة وأنى بأرضك السلام ” يقول أنه حينما يريد أن يتبين معنى آية من كتاب الله، يقول: أنا أطالع في الآية الواحدة أكثر من مائة تفسير، ثم أسأل الله الفهم.
قال أمرين، قال أنه يقرأ – يقرأ – في الآية الواحدة أكثر – أكثر – من مائة شرح لمائة مفسر، نحن قلنا حينها أننا لا نستطيع أن نعد أسماء مائة كتاب، أسماء فقط، فضلًا على أن يطالع أو يراجع،، ونحن نقول أن ابن تيمية هذا رجل عالم، فبمفهومنا نحن أن هؤلاء الناس لا تحتاج إلى المراجعة، فأمثالنا محتاجة إلى المراجعة، لكن رجل مثل هذا بعدما بلغ من العلم ما بلغ، فهؤلاء الناس يفتحون أفواههم يخرجون العلم،، لا لا، نحن نفهمهم بشكل خطأ.
يقول أنه يطالع في الآية الواحدة أثر من مائة تفسير، وبعد ذلك؟ ” ثم أسأل الله الفهم ” في النهاية خزائن العلم بيد الله سبحانه وتعالى قال فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ فَفَهَّمْنَاهَا، ثم أسأل الله الفهم.
فأنت عن ماذا تبحث في الكتب؟ تبحث في الكتاب عن الإكرام الذي يكرمه ربنا للإنسان، وأنت تقرأ في الكتب ستجد كلامًا كثيرًا مكررًا وهو هو في كل الكتب، وستجد في مواضع معينة أن هذا الشخص أن ربنا فتح عليه وأعطاه إحساس أو معنى أو إدراك أو فهم لآية معينة، فأنت تقرأ لتخرج هذا، بالأساس، الكلام المشترك هذا موجود، فستجد معظم الناس تتكلم بنفس الجمل ولكن تأتي في موضع تستشعر أن هذا نور ربنا سبحانه وتعالى أعطاه لفلان، هذا ما تبحث عنه، فهو لماذا يقرأ في مائة كتاب؟ لا يبحث عن المعاني اللغوية أو الأحاديث أو الآثار التي وردت عن الآية،، هذا الكلام هو يحفظه كله، ولا يحتاج إلى أن يراجع فيه شيء، هو يبحث عن شيء، أين المواضع التي فتح ربنا سبحانه وتعالى من نوره على فلان، فتح على فلان هنا، وفتح على فلان هنا، وفتح على فلان هنا، هذه هي وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ.
إذًا الفتح عطاء من ربنا سبحانه وتعالى ليس منّة من الإنسان، ولا يصلح أن يتمدّح به الإنسان، لأنه شيء ليس من عنده أصلًا.
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ العلم الذي آتاه ربنا للإنسان لكي يحفظ محتاج إلى القلم، لماذا القلم؟ لأن العلم لن يتوارث ولن يتناقل إلا بالقلم، والإنسان نفسه حينما يعطيه ربنا شيء من العلم إذا لم يلجأ إلى القلم ينسى – ينسى – والعلم الذي أعطاه له ربنا يضيع، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ العلم في النهاية مرده إلى الله سبحانه وتعالى.
حينما نأتي لنقف هنا الآن، نريد أن نقول ما هي الرسالة التي يريد ربنا سبحانه وتعالى أن تصل إليك، أنت من المفترض إذا أخذت هذه الآيات ما الذي ستخرج به من كلام ربنا لك؟ ربنا يوجهك أنك محتاج أنك تقرأ – تقرأ – كلمات الله، تفهم كلمات الله، تعي خطاب ربنا لك، محتاج وأنت تقرأ أن تقول ” بسم الله ” ليس باللسان، تستمد من الله، تستمد الهداية من الله، وتستمد العلم من الله، وتستمد العمل والالتزام والانقياد والتطبيق من الله، تتذكر أن ربنا سبحانه وتعالى يساوي كل شيء في الحياة، ربنا سبحانه وتعالى هو كل شيء في الحياة، كل الأمداد إنما هي من الله تبارك وتعالى، ربنا سبحانه وتعالى هو الذي خلق، هو الذي ينبغي أن يلجأ إليه الإنسان.
أخذ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات، فكم استمرت معه؟ لذلك نحن قلنا نحن محتاجون أن يكون معنا خط السيرة، ربنا سبحانه وتعالى ألقى إليه هذه الكلمات وتركه بعدها مدة طويلة، لم يوالي عليه القرآن، انتبه،، قال له ” اقرأ ” وتركه مدة طويلة لا يقرأ شيئًا غير ” اقرأ ” فلماذا لم يوالي عليه الكلمات؟ لماذا تركه فترة طويلة ما بين اقرأ وما بين ما بعدها مما ينبغي أن يقرأ.
نقف هنا وإن شاء الله نستكمل المرة القادمة
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم