Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

رسائل الرحمن

الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقراراً به وتوحيدا، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيدا

ثم أما بعد

بإذن الله ومشيئته ثم بتيسير الله تبارك وتعالى وتوفيقه نشرع في الأسبوع القادم بإذن الله بعد إنتهاء الصلاة في مدارسة تحت هذا العنوان ” خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء ” , ونحن اليوم نوضح ما المراد بهذه الكلمات.

خلق الله تبارك وتعالى هذا الإنسان ووجه له خطابا فقال: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ وقال مخاطبا هذا الإنسان متحدثا ومحذرا من الشيطان فقال: فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى ولكن الإنسان لم يصبر على إمتثال أمر الرحمن سبحانه وتعالى فقال تعالى مخاطبا إياه والشيطان قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ… ثم خاطب هذا الإنسان ونسله فقال …فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ۝ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى.

و بقي الإنسان زمانا على عهده مع الله ثم استهواه الشيطان فأرسل الله إليه رسولا ليرده الى جادة الحق والى طاعة الرحمن فأصر الإنسان على العصيان ولم يثبت على جادة الحق إلا فئة قليلة قدر الله لهم النجاة وقدر لأهل العصيان الهلاك والبوار. واستمرت أجيال الإنسان على هذا السنن, كلما انحرفوا أرسل الله تبارك وتعالى إليهم رسولا بهديه وهدايته ووحيه حتى إنتهينا الى أمة مستقرة على سنن الإسلام ولا نقول الإيمان وهي أمة بني إسرائيل, أمة تتوارث الإسلام وإن لم تكن مقيمة له كما يحب الله ويرضى فأعطاهم الله تبارك وتعالى تشريعا وحكما لكي يقيموا حياتهم على نور الله وهدايته فكتب الله تبارك وتعالى التوراة بيده وأعطاها لموسى عليه السلام ثم لم يثبت الإنسان على عهد الرحمن كما هو ديدن الإنسان وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ومن آمن منهم لم يكن إيمانه خالصا وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ قال تعالى وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ… قال قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ۝ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ المحصلة النهائية وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ هل كان لهم عذروَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ.

ثم كادت الظلمة أن تطبق الأرض, قال صلى الله عليه وسلم: ” إن الله تعالى نظر الى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب ” أفراد معدودين في هذه المساحة الكبيرة من الأرض هم الذين بقوا على عهد الله تبارك وتعالى, وحينئذ أذن الله بمنه وكرمه أن يخاطب الإنسان الخطاب الأخير.

حينما أنزل الله التوراة إنما كان يخاطب بها أهل الإيمان أو قل أهل الإسلام في هذا الزمان أما حين تكلم الله بالقرآن فإنما خاطب به الإنسان, لم يخاطب به أهل الإيمان وإنما خاطب به الإنسان, جنس الإنسان, فأنزل الله على نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم كلمات الله, فالقرآن هو كلام الله, الله تعالى يخاطب الإنسان ويكلمه, يرشده وينصحه ويهديه ويوجهه وهو خطابه الأخير اليه من هذا الحين الى أن يرث الله الأرض ومن عليها بأن يعود الرب تبارك وتعالى في عليائه بمخاطبة الإنسان مرة أخرى, قد خاطبه بخطاب كاف وكفى.

هذا الخطاب بدأ بهذه الكلمة إقرأ. في هذا الغار خاطب الله تبارك وتعالى الإنسان بقوله إقرأ فكانت إقرأ هي أول كلمة يخاطب الله بها الإنسان, وقد قلنا من قبل أن هذا الخطاب كان قبل أن يخلق الله الإنسان، قد تكلم الله بالقرآن وكتب الله القرآن في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق جنس الإنسان، ولكنه أنزل عليه هذه الكلمات حين كان الوقت قد آن أن يخاطب الله الإنسان بهذه الكلمات.

 تلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة الله وسار في حياته في نور هذه الكلمة، كلما نزلت كلمة من كلمات الله حملت نوراً وهداية ورشداً وتوفيقاً وسعادة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدى وفي نور هذه الكلمات، كلمة تلو الكلمة، حتى اكتمل هذا النور بأن أقبل الناس الذين كانوا في إدبار وإعراض، أقبلوا إلى الله تبارك وتعالى وحينئذ أنزل الله إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ، إذاً من هذه الكلمة إلى هذه الكلمة هي رحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نور كلمات الله.

 كيف أنزل الله كلماته؟ قال الله تبارك وتعالى الم ۝ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۝ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ.. وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ.. وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ الأصل في أَنْزَلَ أن تكون مرة واحدة، جملة واحدة، وأما نَزَّلَ فإنما تكون تباعاً، الشيء تلو الشيء، وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً هذه حقيقة التخبط، لولا [أُنزل] عليه القرآن جملة واحدة، ولكن لا يقولون لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً حينما يحيد الإنسان عن الحق حينما يصر الإنسان على محادة الحق وهو يعلم يضطرب في تفكيره وفي نفسيته وبالتالي في كلامه، هم على ما لهم من فصاحة وعلم وفطنة لم يستطيعوا أن يضبطوا هذه الجملة لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا إنما هي الحكمة البالغة، وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا إنما شاء سبحانه وتعالى ذلك وقدره لحكمة، لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ تتنزل الآية تلو الآية برداً وسلاماً على قلبه صلى الله عليه وسلم وعلى قلوب المؤمنين، وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا الترتيل حسن السبك والسياقة، والترتيل الترسل والتمهل في القراءة، إذاً هناك معنيين، القرآن نزل منجماً، ثم بعد ذلك حينما تنزل الآية يقول سيدنا جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ضع هذه الآية في سورة كذا بين آية كذا وآية كذا، وبالتالي قد تقرأ في السورة آيات قد نزلت بعد الآيات التى أتت بعدها، في سياقة القرآن، وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ينزل منجماً ثم توضع كل آية في المكان الذي هو مآلها النهائي، هي نزلت في هذا الوقت لأن حكمة التنزيل اقتضدت أن تنزل في هذا الوقت، وتوضع في المكان الذي علم ربنا سبحانه وتعالى بحكمته أنه مكانها الائق بها.

 وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا حتي يرتله من أُنزل عليه ترتيلاً بتفكر وتبصر، حين تنزل الآيات تباعاً مقاطع صغيرة تستطيع أن تستوعبها، تستطيع أن تهضمها وتفهمها، تسهل ولا تعسر، لو كان كتاباً ألقي إليك مرة واحدة لعجزت عنه ولم تستطع حتى أن تتلوه، أما إذا نزل هكذا استطعت أن ترتله، وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَل أي شبهة أو شيء يقولونه إلا نزل القرآن مبيناً لوجه الحق فيها إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ۝ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا.

إذاً أراد الله تبارك وتعالى لهذه الآيات أن تنزل على وفق علمه وحكمته، بترتيب عَلمه وقدّره، فما حكمة هذا الترتيب؟ أن يتربى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه بهذه الآيات على نسق محدد، ربنا سبحانه وتعالى اختار أن تأتي هذه اللبنة أولاً ثم تأتي اللبنة الثانية لتوضع فوق اللبنة الآولى، ثم تأتي اللبنة الثالثة لتوضع في محلها فوق اللبنة الثانية، حسناً، وإذا قلّبت اللبنات؟ أو غيرتها؟ هل يستقيم لك بناء؟، الذي خاطب به ربنا سبحانه وتعالى الناس بعد عشرون عاماً هل يصلح أن يوضع في أول جملة؟ أم يجب أن يكون الخطاب الذي كان في أول شهر هو الخطاب المناسب لأول شهر؟ والخطاب المناسب للسنة الثالثة هو الخطاب المناسب للسنة الثالثة؟ فهو يخاطب الإنسان بالصورة التي شاء سبحانه وتعالى أن يتربى عليه الإنسان.

 إذاً نحن الإن لدينا صورتان، القرآن كمنهاج، أو رسالة يخاطب الله بها الإنسان، والقرآن كنسق تربوي يربي الله به الإنسان، لديك صورتان، من أراد أن يستوعب الرسالة سيقرأ هكذا، ثم حين يحب أن يُربى سيقرأ هكذا لأن ربنا سبحانه وتعالى أراد أن يربي صحب نبيه هكذا، ولذلك النتاج نتيجة لنسق التربية، إن لم يوجد نسق التربية لا يوجد نتاج، حسناً والذين جاءوا بعد ذلك كيف تعلموا؟ الذين جاءوا بعد ذلك وكان الطريق قد سار فيه النبي صلى الله عليه وسلم زماناً، قد جئت وقد فاتني قدر من القرآن، كيف استدركه، ماذا أفعل؟ يقول أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان وعلى بن أبي طالب أنهم كانوا إذا اقترأوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر آيات، لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل، فيقولون فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جيمعاً، أنا قد فاتني شيء هل أسرع في تعويضه؟ لا، سيتعلمون عشر آيات ولا يتعدوها حتى يدركوا ما فيها من العلم والحكمة ثم يعملون ذلك تطبيقاً في الحياة فإذا فعلوا ذلك أتوا إلى نبيهم صلى الله عليه وسلم يطلبون المزيد، إذا فعلوا ذلك.. لا قبل ذلك، ولذلك من الذي كان يدير الأمر؟ الشخص المؤمن نفسه، هو الذي يستشعر هل يتجاوز تلك الآيات ويتلقى آيات أخرى أم لا؟، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل فإذا استتم ذلك أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب مزيداً، ولذلك حينما تقرأ عَبَسَ وَتَوَلَّى ۝ أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى تدرك خطورة ذلك، شخص كف بصره وليس له قائد يقوده، يمشي يتلمس في الطرقات ويتحسس الجدران وحده حتى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ماذا يطلب؟ يطلب مزيداً، يقول: يا رسول الله علمني مما علمك الله، أيوجد شيء جديد أنزله ربنا؟ أيوجد آية أنا سأسترشد بها؟.

عَبَسَ وَتَوَلَّى ۝ أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ۝ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ۝ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ۝ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى ۝ فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ۝ وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى ۝ وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ۝ وَهُوَ يَخْشَى ۝ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ۝ كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ۝ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ أنت لن تفهم ما الذي حدث إلا عندما تعرف ما هذا، وما الذي كان في قلبه يحركه، وكيف يرى القرآن، النبي صلى الله عليه وسلم يجلس مع أناس أُمر – أُمر – صلى الله عليه وسلم أن يبلغهم القرآن، هو ماذا كان جالس يفعل؟ جالس مع أناس من سادات قريش يتلو عليهم كلمات الله، كما أمره الله، هو ماذا كان يفعل !! كما أمره الله يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ هو يفعل الواجب الذي عليه، هو كان يجلس يفعل الواجب، جالس يفعل الواجب، وبعد ذلك وهو يفعل الواجب تلمس من أحدهم نوع تأثّر فيخاطبه ربما يستجيب وهذه هي اللحظة التي ينتظرها لبداية أي إنسان ” لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم ” وربما كا هذا الرجل من الكبراء فأسلم بإسلامه أناس، كل هذا كان موجودًا.

وجاء ابن أم مكتوم، فمن الذي له الأولوية؟ هل من أحدثه أم الذي جاء ليقطع الكلام؟ الذي أحدثه. فلماذا كل هذا؟ وفيم المعاتبة؟ المعاتبة أن هذا الشخص الذي قادم هذا، كيف ينظر إلى هذه الآيات، كيف يقع في قلبه مقام وعظمة هذه الكلمات؟ إرادته أن ربنا سبحانه وتعالى يطهره ويزكيه، هو يريد كل يوم، كل يوم يكون له مع القرآن شأن، وجاء على هذا العسر وهذه المشقة وهذا العنت يتلمس كلمة، فهو يقول له سبحانه وتعالى، دع هؤلاء فهذا هو الحقيق بأن تلتفت إليه، وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ۝ وَهُوَ يَخْشَى ۝ فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين

طيب، كيف ستقرأ أنت؟ أولًا: الأصل أنك ستسمع، الأصل أنك ستسمع وبعد ذلك ستقرأ، القرآن قرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم على مسامع الناس، فما الفرق بين سمعنا وما بين سمعهم، أنا أتحدث عن سمعهم مؤمنهم وكافرهم، تأثّرهم بالقرآن كان واحدًا، ولكن تجاوبهم كا متباينًا، هذه النقطة مهمة.

فكلهم تأثّروا بالقرآن ولكن ليس جميعهم استجابوا لنداء القرآن، لكن كلهم تأثّر، مؤمنهم وكافرهم، فما الفرق، ما الفرق؟

أول شيء: القرآن قرع مسامعهم أول مرة، أما نحن فعادي، نحن سمعنا القرآن كثيرًا وأذننا أذننا حشيت قرآن،، لكن قلوبنا؟ هذه هي الأزمة، فلما تسمع لا شيء يجذب انتباهك لأنه لا جديد، لا جديد، لا جديد، لكن هم بالنسبة إليهم، لابد أن يلفتهم هذا الكلام، القرآن جاء عليهم، أما نحن فجاء علينا القرآن فعادي ” هو موجود ” نحن جئنا وجدناه موجود فــ ” هو موجود ” لكن هم جاء عليهم القرآن، لن تشعر بقيمة هذا إلا إذ حاولت أن تعيش هذه الحياة، جاء عليك القرآن، هذا ما نحن نتحدث عنه، أنا لا أتحدث عن هذا لأننا سنتكلم كلام في المسجد، لا لا لا، لأنك محتاج أن تفعل هذا، لأن هذا لابد أن يفعل بشكل شخصي، القرآن جاء عليك وليس أنت من جئت على القرآن، لا لا،، فإذا أردت أن تستقبله استقبله كما استقبلته قريش، ليس وأنت مؤمن، استقبله كما استقبله عتبة بن ربيعة ومثلما استقبله الوليد بن المغيرة ومثلما استقبله عمرو بن هشام، ليس كما استقبله أبوبكر ولا استقبله ابن مسعود ولا استقبله عبد الرحمن بن عوف، ولكن استقبله كما استقبلوه هم، ليس المسلمون منهم، لابد أن تعي وتفهم ماذا تسمع أنت، هذه الكلمات ماذا تقول، القرآن رسائل،، الحسن البصري يقول ” إن من كان قبلكم – الصحابة – نظروا إلى كتاب ربهم على أنه رسائل لهم من ربهم ” هذا هو الموضوع، هذا القرآن هو الرسالة، ما معنى الرسالة، ربنا سبحانه وتعالى يخاطبك أنت شخصيًا يوجه إليك كلمات، لابد أن يكون لك منها موقف، لأنك في يوم الموقف الأعظم ستقف وتسأل عن موقفك من الكلمات، ولذلك نحن قلنا أن ربنا سبحانه وتعالى جعل الإيمان الذي لا ينجو عبدٌ إلا به مبنيًّا على أركان، أركان، كل ركن هذا شيء عظيم مستقل بنفسه، إيمانك بالله سبحانه وتعالى أساس كل شيء ركن، هذا طبيعي ومفهوم، هذه هي القضية العظمى وغاية الغايات، لكن أن إيمانك بالملائكة يكون ركن – أيضًا – بمفرده، إيمانك بالقرآن ركن بمفرده، إيمانك بالرسول صلى الله عليه وسلم ركن بمفرده، هذا القرآن ركن في الإيمان إذا سقط الإيمان يسقط، الملائكة التي حملت القرآن ركن في الإيمان، الرسول الذي استقبل القرآن وطبّق القرآن ركن – ركن – ركن ركن، بناء تام مستقل بنفسه، إذا سقط من هذه الأركان الست ركن سقط الإيمان بكليته، نحن لا نتحدث في شيء بسيط، لا نتحدث في شيء بسيط، هم كيف سمعوا القرآن؟

هما نقطتان، لكي تسير بشكل صحيح هما نقطتان؛ الأولى تسمع هذا على أنه رسالة ” إن من كان قبلكم نظروا إلى كتاب ربهم على أنه رسائل لهم من ربهم فكانوا يتدبّرونها بالليل ويتفقدونها بالنهار ” ” فكانوا يتدبّرونها بالليل ويتفقدونها ” أي ينظر بالنهار هل هو طبّق الذي قرأه بالليل أم لا، يحاول أن يعيش ما قرأه بالليل أم هو في دنيا أخرى، ” فكانوا يتدبّرونها بالليل ويتفقدونها بالنهار ” هذا أول شيء، لابد أن ترجع تستمع إليه – ليس أن تقرأ – الأول تستمع كما كانوا يسمعون، هذه أول نقطة، تسمع، ربنا يحدثك أنت شخصيًّا، لا يحدث شخص آخر، رسالة شخصية لكل إنسان، ربنا يخاطب كل إنسان، فربنا يحدثك فماذا يقول لك؟

الأمر الثاني: لابد أن تبدأ تنظر في التركيب، ماذا قال لك ربك أولًا، وهذه إلى ماذا ستوصل، وبعد ذلك، ماذا قال لك ثانيًا، وهذه ماذا ستزيد على أولًا، وبعد ذلك ماذا قال لك ثالثًا وماذا ستزيد عن أولًا وثانيًا، هكذا أنت تقرأ القرآن، مثلما أنزل ربنا القرآن، غير هذا أنت لن تستطيع أن تقرأ قرآن، ولن يوجد أي أثر للقرآن، فهو يُقرأ هكذا، لابد أن يبدأ هكذا ويسير هكذا.

ابن مسعود رضي الله عنه ماذا يقول؟ يقول ” لا تنثروه نثر الدقل – يتحدث عن القرآن – ولا تهزّوه هز الشعر ” يقرأ بسرعة لكي يختبر هل حفظ جيدًا أم لا، يقول ” قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة ” ” قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ” أنت تحاول أن تحيي هذا، تحيي هذا بكلمات الله، ” قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ” فما الذي يجعلنا لا نستطيع أن نفعل هذا؟ أننا نريد أن ننجز، فيقول ” ولا يكن هم أحدكم آخر السورة ” يقول ” إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره “

شخص يقول له قرأت المفصل كله في ركعة، أي أنه قام صلى ركعة بالليل قرأ من أول ق إلى الناس، – الرجل سعيد أنه فعل هذا يرى أن هذا شيء حسن – فقال ابن عباس ” هزًّا كهز الشعر، إن قومًا يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ” حنجرة فقط لا شيء في القلب، ” ولكن إذا وقع في القلب – هذا واحد – فرسخ فيه نفع ” متى ينفع؟ عندما يحدث أمران، ” ولكن إذا وقع في القلب ” هذا أولًا: الأول يقع، وبعدما وقع؟ ” رسخ ” مرحلتان، ” ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع ” قال ابن مسعود ” من أراد العلم فليثوّر القرآن فإن في القرآن علم الأولين والآخرين ” بعد هذه الجمل، حينما تسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” من أراد أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ” تفهم إلى أين تذهب هذه الكلمات، هو كان يصلي، والنبي صلى الله عليه وسلم يستمع إليه، فقال هذه الكلمات، فأسرع إليه أبوبكر فبشّره بكلمات رسول الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم بعدما سمع قراءته وعقّب ماذا قال ” من أحب أن يقرأ القرآن غضًّا ” ما معنى ” غضًّا ” أي كأنه نزل الآن، كأن سيدنا جبريل نزل به الآن، ” من أحب أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ” كما يقرأ هذا العبد، فهذا العبد ماذا يقول؟ يقول هذه الكلمات ” قفوا عند عجائبه ” ” حركوا به القلوب ” ” إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره ” ” ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع ” وأخطر جملة ” من أراد العلم فماذا يفعل؟ قال: فليثوّر القرآن ” ما معنى يثوّره، كلمة الثورة معروفة كلنا حافظين لها، كلنا نحفظ هذه الكلمة، هو هنا يقول ماذا تفعل؟ ماذا تفعل ” تثوّر القرآن ” قال تعالى وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا إثارة الأرض أي تقلبها، لكي تحرثها فأنت تقلب الأرض، فأنت ماذا تفعل، أنت تريد أن تستخرج كنوز موجودة في القرآن، ” من أراد العلم فليثوّر القرآن ” فإن في القرآن علم الأوليين والآخرين.

فأنت الآن ماذا تحتاج، محتاج أول شيء أن تفهم أن هذه كلمات الله، ربنا سبحانه وتعالى في عليائه تكلّم بهذه الكلمات مخاطبًا إياك فحملها جبريل عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم لكي يلقيها إليك، لأجل حينما تنظر في السيرة تعرف لماذا هذا العراك، فكل العراك هذا كان على هذه الكلمات، أن هذا كلام ربنا في عليائه تكلّم به تكلّم بهذه الكلمات التي تقرأها، الذي تقرأه هذا، الذي تقرأه هذا أول ما خرج خرج منه تبارك وتعالى، ألقاه لمن؟ ألقاه لجبريل عليه السلام، جبريل أوصله لمن؟ أوصله لمحمد صلى الله عليه وسلم لكي يوصله إليك، لكي يوصله إليك، أنت ترى هذه السلسلة كيف سارت؟ جاءت من أين، لكي يصل إلينا هذا الكلام، لكي يحدث به ماذا؟ نحن ماذا نفعل به، فربنا يخاطبك مباشرة فماذا ستفعل بالخطاب الإلهي لك، فأي شخص أنت تحترمه بعث إليك برسالة فيكون لها قدر كبير من التقدير على حسب تقديرك لمن بعث إليك بالرسالة.

فربنا سبحانه وتعالى هو الذي بعث الرسالة، فما الفعل؟ فلكي نستطيع أن نستقبلها لابد أن نسمعها كما سمعها الأول، أنت محتاج أن تسمع القرآن من جديد كلمة كلمة، والذي نحاول أن نفعله أو سنحاول – إن شاء الله ربنا يعيننا – ونعمله نتخيل هذا كيف يكون، هم كيف كانوا يفعلوه، سنحاول أن نقترب منه، فلن نستطيع أن نفعل مثلهم، ولكننا سنحاول أن نقترب منه، لو أنت تتعامل مع كلمات الله، أن ربنا بعث إليك برسالة كيف ستقرأ الرسالة، فهذه الرسالة مطلوب أن تحفظ مضمونها أو منصوصها أم ستنفّذ التوجيه الذي بها؟ إذا بعثت إليّ برسالة وفيها مضامين وتوجيهات وطلبات، وأنا هذه الرسالة حفظتها وبروزتها – كمان – ولم أطبّق شيء مما فيها، فهل أحمد عندك أم أذمّ؟ هل هدفك من الرسالة أن أقدّس ورقها أم ألتزم بالتوجيه الذي أرسلته إليّ فيها؟ فلو لم ألتزم التوجيه؟ أفقدت الرسالة حقيقتها، أفقدت الرسالة حكمتها ونعمتها ومضمونها، هذا هو الموضوع.

فماذا نريد أن نفعل؟ وهذا لن يفعل هنا، لا، هذا عمل شخصي يفعله من أراد، فهو في النهاية لن يأخذ أحد خطوة إلا إذا تحرّك في قلبه شيء يدعوه أن يأخذ خطوة، وبما أن القلب بيد الله فنحن لابد أن ندعو ربنا سبحانه وتعالى أن يقبل بقلوبنا إليه، فأنت في النهاية لا تملك شيئًا ” إن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أن يقيمها أقامها – عياذًا بالله – وإن شاء أن يزيغها أزاغها ” .

اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك

اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك

اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك وطاعة رسولك صلى الله عليه وسلم

اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا، ذهاب همومنا وجلاء أحزاننا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا، وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا

اللهم خذ بأيدينا إليك، اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.