Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

زلزال في بلاط القيصر 2

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا إنه من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا. إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا. لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ. وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ

ثم أما بعد،.

ما زلنا نتحدث حول هذا العنوان الأعظم مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وكنا في الجمعة الماضية نتحدث عن زلزال في بلاط القيصر, حيث تحدثنا عن رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ملك الروم وما أحدثت هذه الرسالة من اضطرابٍ ومن زلزلة في هذا البلاط الملكي.

صوتٌ من مكة ردَدَهُ خيرُ الأكوانِ مُحَمَدُهُ

فارتاعَ الروم ُومالِكُهُم واهتزَ بِكِسْرى سُؤدُدُهُ

الشمسُ بمبدئه انبهرت وفَمٌّ الأيامِ يُردِدُهُ

وعطاردُ قال لزُهرَتِهِ قد جاءَ العالمَ أحمَدُهُ

ورمالُ البيدِ إذ افتخرت والطيرُ ترنمَ مُنشِده

صُعِقَ الكفارُ لدعوته ودَعُوا الأصنامَ لتُخمِدَهُ

قالوا هذا يدعونا إلى أن ندع العُزَّةَ وتَعَبُدَّهُ

ويَذُمُ اللاتَ وإخوته ويحبُ اللهَ ويعبُدُه

وغريبٌ يدعو الناس إلى التوحيد وذا لم نَشهَدَهُ

سَلَكَ الآباءُ سبيلاً لا نختارُ سِوَاهُ ونَجحَدهُ

لكن اللهَ أبى إلا إستعلاءَ الحقِ فأيدهُ

تحدثنا عن الحديبية وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يُبرم صلحاً يستثمره في نشر دعوة الحق في جزيرة العرب وفي خارجها, وكيف أنه أرسل إلى هؤلاء الملوك وهؤلاء الجبابرة يدعوهم إلى الله عزوجل فهو رسول رب العالمين يحمل رسالته إلى الناس أجمعين ولا يُبالي صلى الله عليه وسلم وهو يحمل الرسالة لجبروت جبارٍ أو لطغيان طاغية فهو لا يلتفت إلى إلى رسالته, قال الله عزوجل: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ. الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ. وهو يُخاطب هؤلاء ويُحَمِلُهم من آثام هؤلاء الذين يُضلونهم بغير علم إذ يقول مُخاطباً القيصر ” فإن توليت فإن عليك إثم الأديسيين ” هؤلاء الفلاحين وهؤلاء الجهلة من المقلدين الذين يقلدون ملوكهم ويسيرون على دينهم, فهؤلاء يحمل الملوك والعظماء والجبابرة من آثام إضلالهم لأنهم هم الذين يصدونهم عن السبيل ويمنععون كلمة الحق من أن تصل إلى مسامعهم وتُلامس شِغَافَ قلوبهم. ورأينا كيف تباين الإستقبال لهذه الرسائل النبوية العظيمة فذكرنا نموذجين متضادين, القيصر وكسرى..

أما كسرى الذي كان قومه يعبدون النار وكانو يتعبدون لهذا الملك الجبار كيف غضب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما أرسل هذه الرسالة يدعوه إلى الله بدأ صلى الله عليه بذكر نفسه قبل أن يذكر هذا الملك الجبار وكيف قال هذا الطاغية وهو يٌمزق رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” يكتب إلي بهذا وهو عبدي ” وذكرنا أنه يعني بهذه العبودية أن أهل الجزيرة الذين منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يخضعون لسلطان حاكم اليمن الذي هو تابع لكسرى في بلاد فارس فلما كانوا خاضعين لسلطانه جعلهم عبيداً له. ثم أرسل إلى باذان نائبه في اليمن أن يرسل رجلين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي يَمثُلَ في بلاط كسرى في بلاد فارس, فجاءا إلى الطائف يسألان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرهم أهل الطائف وكانوا إذ ذاك أهل شرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يقيم في المدينة واستبشر هؤلاء حينئذ إذ قالوا ” قد نصب له كسرى فقد كفيتم الرجل ” ده كسرى نفسه حطو في دماغه بقى خلاص يعني كده إيه انتهى أمره وانتهى وجوده ووجود رجاله ووجود دينه من الأرض, إذ أن كسرى الملك الأعظم في هذه الأرض قد نصب العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم, هكذا يفكر الناس حينما يغيب الله تعالى وتغيب عظمة الله سبحانه ويغيب سلطان الله عن عقولهم وعن فكرهم.

فأتيا المدينة فلقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمراه أن يقدم معهما إلى اليمن فيكتب باذان اللي هو أمير اليمن يكتب معه كتاباً إلى كسرى يستعطفه به – يعني تعالى معانا الأول اليمن فالراجل حيلاقيك لراجل غلبان كده فيكتبلك كلمتين عشان لما تروح عند إيه الإمام الأعظم يتعامل معاك بالرفق والرحمة بدل ما الدنيا تقلب بغم – فالنبي صلى الله عليه وسلم أمرهما أن يأتياه في الغد فلما جاءا قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن ربي قد قتل ربكما في ليلة كذا وكذا ” اللي هو كسرى سلط عليه ابنه شيراويه فقتله. فهذا الجبار الذي مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي وصفه بأنه عبد له قد أتاه مهلكه بيد ابنه, ثم تمزق ملكه لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع وحين بلغه أنه مزق كتابه قال ” مُزِق مُلكُه ” فلم يبقى للفرس مُلكٌ بعد دعوة وبعد خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فلما قال لهما رسول الله ذلك قالا له أتدري ما تقول؟ قد كنا نقم منك ما هو أقل من ذلك – احنا جاينلك في مصيبة أقل من كده – أنت كمان حتدعي وتزعم إن الملك مات إنت عارف إنت بتقول إيه؟! ننقل الكلام اللي إنت قلته ده لباذان الكلمتين اللي إنت قلتهم دول؟ قال: نعم قولا له ذلك وقولا له إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى وينتهي إلى منتهى الخفِ والحافر, إلى آخر مكان ممكن يروحله خف جمل أو حافر فرس يبقى إلى آخر نهاية الأرض التي تُعمر والتي يسكنها الناس ويرتحلون إليها, وإنك – أي باذان – إن دخلت في دين الحق ملكتك على من معك من ملكك.

فلما ذهبا إليه قال لهما إن هذا ليس بكلام ملك وإنما هو بكلام نبي مرسل وإننا سوف ننظر إلى الخبر الذي ذكر فإن كان حقاً فهو نبيٌ لا شك ولا ريب في ذلك, فلم يلبث أن أتاه كتاب الملك الجديد – كسرى الجديد – يخبره أنه قد قتل كسرى ويقول ما فعلت ذلك إلا غضباً لفارس لما استحل من قتل أشرافهم وتجميرهم في بعوثهم, فإن أتاك كتابي فخُذ لي بالطاعة ممن عندك وانظر الرجل الذي قد كان كسرى كتب إليك فيه فلا تُهِجهُ حتى يأتيك أمري. فلما جاء الكتاب باذان أسلم وأسلم من معه في اليمن ودخلوا في دين الله سبحانه وتعالى.

وذكرنا النموذج المقابل.. كيف استقبل قيصر رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف أنه قد حدث نفسه أن يُذعن لدين الحق, وكيف حاول أن يدعو قومه قادته وأمرائه ورجال دولته وكبار رجال دينه كيف حاول أن يدعوهم أن يدخلوا في دين الحق فإنه السلامة والخير في الدنيا والآخرة, فلما أبوا عليه لم يُرد أن يخالفهم فآثر ملكه على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

وكذلك حينما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حاكم الإسكندرية إلى المقوقس أرسل إليه أيضا كتاباً يدعوه إلى الله عزوجل فلما نظر في الكتاب قال قد نظرت فيه فلم أره يأمر بمزهودٍ فيه ولم أره ينهى عن مرغوب فيه وما وجدته بالساحر الضال ولا بالكاهن الكاذب ووجدت معه آلة النبوة – طب وبعدين؟ مقتضى هذه الكلمات أن يؤمن ويذعن – ثم وضع الكتاب في حُقٍ من عاج – علبة – ووضع عليه خاتمه ودفعه إلى خازنه منتهى الإكرام, ثم كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: قد علمتُ أن نبياً قد بقي وقد أكرمت رسولك. بس كده وأرسل معه بجاريتين وبغلة هدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. يعني أنا كنت عارف إن في رسول سوف يأتي يعني ضمنياً أنا مدرك إن هاهنا نبوة, طب أنا حعمل إيه بقى في مقابل النبوة؟ وقد أكرمت رسولك – أنا اتعملت كويس كنت راجل شيك – فالنبي صلى الله عليه وسلم قال إيه حين استقبل هذه الرسالة؟ قال: ضَنَّ الخبيث بملكه ولابقاء لملكه. هو بيعمل كده ليه؟ هو عاوز يحافظ على الملك بتاعه لو دخل في هذه النبوة – هو يظن ذلك – حينما يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يذهب ملكه, فهو يريد أن يؤثر هذا الملك على الآخرة ثم ماذا؟ قال صلى الله عليه وسلم: ولابقاء لملكه.

طيب زي ماقولنا المرة اللي فاتت.. إيه الفرق بين الصورتين دول؟ يعني إحنا عندنا هنا ملوك وكلهم إشتركوا في عدم القبول وعدم الإستجابة إيثاراً للدنيا على الآخرة لكن في ناس أحسنت الاستقبال وأبدت التبجيل والاحترام زي ماقولنا المرة اللي فاتت إن لازال ذرية هرقل تحمل هذه الرسالة تحفظ هذه الرسالة تعظم هذه الرسالة لأنهم بلغهم أن ؤسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيبقى ملكهم مادام كتابي فيهم.

فهم يتوارثون هذه الكلمة أنهم يحفظون ملكهم بتعظيم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنهم لا يدخلون في الدين. أما هذا الآخر فقد مزق الكتاب, فقلنا أن هناك فرقاً بين من يدرك أن هناك رباً وأن هناك رسلاً ويعلم من أخبار الأنبياء والمرسلين وبين من لا يدرك ذلك, وأن هؤلاء وإن اشتركوا جميعا في عدم الاستجابة إلا أن هناك أثرا دنيويا لهذا التعظيم وهذا التقدير وهذا التبجيل لهذه الرسالة فكان عاقبة هؤلاء هي ذهاب الملك وكان عاقبة هؤلاء أن بقي لهم ملكهم. ذكرنا في الجمعة الماضية وذكرنا قبل قول رسول الله صلى الله عليه وسلمتَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ يبقى لهم ملكهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

يبقى اللي عنده شيء من العلم شيء من الدراية أو شيء نت الفهم أو شيء من حُسن الترجمة يحسن التعامل, هناك كما قلنا بعض الشر أهون من بعض الإنسان ممكن يكون عنده شيء من العقل شيء من الحكمة شيء من الفهم فيترتب على كده أثر دنيوي وإن لم يكن أثراً أخروياً. الحاجة التانية إن كسرى بيغتر بجبروت القوة بس أما هؤلاء الروم اللي عندهم شيء من بقايا الكتاب عارفين إن في حاجة إسمها رسالة وفي حاجة إسمها حق وإن ربنا سبحانه وتعالى بيؤيد الرسالة ويؤيد الحق, ده معامل أساس بيوضع في الإعتبار مش قوة مادية صرفة.

ولذلك لو قارنا نفس المقارنة ما بين ستالين وما بين الغربيين أو مابين الشيوعيين وما بين الغربيين حنلاقي نفس النتيجة – لما ستالين قالهم لما شرشل طلب منه أن هو يتصل لما بدأوا يعملوا تحالف ضد هتلر أن هو يتصل بالبابا لأن البابا غاضب من اضهاده للكاثوليك وإن ستالين لما دخل بولندا البابا كان مستاء من هذا الفعل, ستالين قاله إيه؟ قال: كم فيلق تحت إمرة البابا؟ الراجل ده إيه مدى قوته العسكرية بيحرك أو بيسيطر على أد إيه من الجيوش؟ هو ده اللي هو بيعنيه ده البيفهمه المفهوم ده, هو بقى حيصلب مش عارف إيه ملهوش دعوة بالقصص دي البابا ده ميعننيش, القصة كلها هي متعلقة بالقوة المادية الصرفة.

فهؤلاء لما كانوا أكثر بعدا وكانوا ملاحدة لايؤمنون برب وإن كانت القلوب قد استقرت فيها معرفة الرب ولكن ده جحود لساني عشان مايبقاش فيه مترتبات لده, أنا لو أقريت أن هناك رباً ده حيستلزم أن أذعن لهذا الرب, إذا أقريت إن الرب أرسل رسول سأضطر أذعن لمنهاج الرب الذي نزل مع الرسول طب ما عشان أحل المشكلة من بدري خالص ” لا إله ولا حآمن؟ ” ولذلك لم تبقى هذه الدولة مع وجود قوة كبيرة جدا عسكرية ومادية وموارد عندهم لكنها لما كانت مناقضة للفطرة لم يكن لها أن تدوم طويلا, لما كانت بتحارب نزعة التدين عند الإنسان لم يكن لها أن تسود ولا أن تبقى.

ثم نأتي إلى وعدنا.. قد تكلمنا في المرة الماضية أننا سوف نذكر تفاصيل الحوار مابين هرقل القيصر وما بين أبوسفيان, هرقل لما جاءه الكتاب أراد أن يعرف شيئا من أخبار هذا الرجل الذي أرسل هذه الرسالة هو رسول فعلاً ولا هو دَعِيّ؟ طب عندنا معايير في عندنا موازين نقدر نميز بيها الحق من الباطل؟ عندنا معيار نقدر نحدد به الراجل ده دعي ولا رسول؟ فيه معايير. والغريب إن قيصر في كل أسئلته اللي سئلها متعرضش خالص للمعجزات ولا الآيات ولا الحاجات الخارقة للعادة تماما! زي ما حيأتي معانا, مقلش مثلا هو الراجل ده أُرسِل بمعجزة باهرة قاهرة؟ متكلمش عن كده خالص!

إتكلم عن حاجات متعلقة بسنن ربنا سحانه وتعالى في المرسلين وسنن ربنا سبحانه وتعالى في تأيدهم وفي نصرتهم, إحنا قولنا إن أبو سفيان كان في غزة في أول قافلة خرجت من مكة بعد صلح الحديبية. أهل مكة بقى اللي معاه قرش واللي معاه قرشين واللي معاه تلاتة ساغ كل بني آدم معاه مليم إداه لأبي سفيان عشان هم كلهم مقشفرين, عشان يحصل شيء من الرواج الإقتصادي للرحلة المنتظرة من أيام بدر يعني هم بقالهم أكتر من أربع سنين على أمل إن الأمور تنفرج فيبتدوا يتحركو ويستعيدوا الرواج الإقتصادي اللي عندهم. طب إذا كانوا هم في الحالة دي هم ليه كانوا معاندين ومصرين على الحرب؟ هي حمية الجاهلية كما أخبر ربنا تبارك وتعالى, يبقى إذا الإنسان أحيانا يحمله العناد على إنه يُهلِك نفسه ويهلك من حوله – هو في النهالية ده اللي احنا بنسميه الخيار شمشون عليا وعلى أعدائي هي بايظة بايظة مش مشكلة, أنا أموت بس كل الناس دي تموت – طب المفروض يكون فيه شيء من العقل شيء من الحكمة ميخسرش البني آدم هكذا طبيعة هؤلاء الناس.

فهم نزلوا غزة والقيصر كان فين؟ كان في إلياء – القدس – فأمر رئيس جهاز الشرطة أو وزير الداخلية أو مدير الأمن – معرفش كان بيشتغل إيه الراجل ده – إن هو يِعِسِّلُه على حد من الناس اللي هم قريبين من هذا الرجل, ففجأة كده لقو كبسة البوكسات جت الناس لموهم ودوهم فين؟ خدوهم من غزة ودوهم القدس. بردو مستوى المعرفة والدراية الأمنية قوي جدا الراجل يعني عمل استخباراته سريعا في القدس لقى الناس دول فين في غزة في السوق بيبيعوا قام إتعفئو كده وجدوا نفسهم فين أمام بلاط القيصر.

فبدأ هرقل يخاطبهم.. فقال: أيكم أقرب نسباً إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال أبو سفيان أنا. قال: أدنوه مني – هاتو كده قدام شوية عشان أعرف أتكلم معاه – واجعلو أصحابه ورائي – خلف ظهره – ثم قال لترجمانه: قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي فإن كذبني فكذبوه. هم دولقتي كلهم قرايبو وأهله واصحابه فقالهم لو هو حيبتدي يهجص قولولي شاورولي إن ده كده بيهجص. فأبو سفيان قال إيه يُعقب على هذه الجملة؟ قال: فلولا الحياء من أن يأثِروا عليّ كذباً لكذبت عليه – أبو سفيان ده حينئذ مكنش راجل مؤمن يعني مفيش حاجة اسمها الكدب حرام أو الكداب حيروح النار – لكن هو رجل زعيم وسيد في قومه ولا ينبغي للسادة الزعماء الشرفاء أن يكونوا دجاجلة ولا دجالين. فهم لما حيروحه هناك هو عاوز يقول إيه أبو سفيان إن احنا كلنا كفرة في بعضينا يعني أنا لو قعدت أهجص مكلهم حيهجصو بردو لأن ده عدو لهم فمش عاوزين نديله أخبار صحيحة, لكن هم حيسجلوها عليا مينفعش فقال: لولا الحياء من أن يأثروا عليا كذبا لكذبت عليه.

فأول سؤال سأله هرقل لأبو سفيان: كيف نسبه فيكم؟ قال أبو سفيان: هو فينا ذو نسب. السؤال الثاني: هل قال هذا القول أحدٌ قط قبله؟ – كان فيه حد عندكم قبل كده إدعى النبوة – قال: لا. قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قال: لا. قال فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول مقالته؟ قال: لا. قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفائهم؟ قال: بل ضعفائهم يتبعونه. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قال: بل يزيدون. قال: فهل يرتد أحدٌ منهم سَخطةً لدينه أو سُخطَةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قال: لا. قال: فهل قاتلتموه؟ قال: نعم. قال: كيف كان قتالكم إياه؟ قال: الحرب بيننا وبينه سِجَال ينال منا وننال منه. قال: فهل يَغدِر؟ قال: لا ونحن فيه في مُدة لا ندري ما هو فاعلٌ فيها – قال أبو سفيان: ولم تُمَكني كلمة أُدخِل فيها غير هذه الكلمات – . قال: فبماذا يأمركم؟ قال: يقول اعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئاً واتركوا ما كان يعبد آبائكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة – وفي رواية: ويأمرنا بالصلاة والصدقة والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة – . وهكذا انتهت سؤالات القيصر ثم بدأ يُعَقِب على هذه الكلمات.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم..

الحمدلله رب العالمين..

قبل أن نذكر التعليقات والإستنتاجات القيصرية على هذه الأسئلة نلاحظ أنه لم يجعل لأبي سفيان رضي الله عنه فرصة لأن يأتي بكثير كلام, الأسئلة كلها إجاباتها يآه يلأ ! – مفيش مجال لأكتب ما تعرفه عن ويبتدي بقى يهجص وكده – هو في النهاية حيسأل أسئلة محددة الأسئلة دي حيترتب عليها إجابات واضحة وحاسمة وهو حيستنتج بقى النتيجة ميديش فرصة للي قدامه إن هو يسرح بيه, وبعدين كده متتابعة بشكل معين.

أول سؤال – يقول بقى مُعلِقاً – يقول للترجمان قل له, كيف نسبه فيكم؟ فذكرت أنه ذو نسب وكذلك الرسل تبعث في أنساب قومها, يبقى زي ما حنلاحظ هو عنده فكرة عن الرسل وسنن ربنا سبحانه وتعالى في المرسلين, إذا كان الراجل ده على نفس السَنَن ونفس المنوال اللي كان عليه إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام على نفس النسج والنهج والمنوال يبقى إذا هو رسول كما أن هؤلاء من المرسلين, لذلك لم يُعَرِّج على الآيات هو مش محتاج معجزات عشان يُدرك الرسالة الموضوع مش محتاج كده, الموضوع أسهل وأوضح من كده.

طب السؤال التاني هل قال هذا القول أحد قط قبله؟ قال فذكرت أن لا, قلت إن كان أحد قال هذا القول قبله لقلت رجلٌ يَأتَسِد القول – يعني هو ملهوش سلف في اللي بيقوله. أصل هو في بيئة معينة البيئة دي محدودة بحدود ثقافية معينة مفيش حد إخترع الإختراع ده قبل كده ولا جت فدماغه الفكرة دي فبل كده يبقى مينفعش أنه يكون هو أنشأها من نفسه, في الإطار ده الفكرة دي مش مطروحه.

طب السؤال الثالث هل من آبائه من ملك فذكرت أن لا, فقلتُ إن كان في آبائه من ملك لقلت رجلٌ يطلب ملك أبيه – يعني إيه؟ يعني حياخد الدين ذريعة للسلطان وللملك. طيب لو كان في لآبائه ملك فضروري ضروري إن هو يكون بيطلب الملك؟ يعني لازم يكون جده مثلاً شغال بيبيع بليلة عشان هو يبقى نبي؟ لأ مش شرط. بس هي الفكرة إيه إن دي شبهة يعني ممكن إحتمال آه واحتمال لأ فربنا سبحانه وتعالى من رحمته يريد أن ينفي أي شبهة تقع في أذهان أو في قلوب الناس إن ده طالب دنيا, ولذلك دايماً في كلمات المرسلين وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًاقُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ليه؟ لأن هو احنا بطبيعتنا الدنيا عندنا في المقام الأول فأي حد بيسلك أي مسلك أو بيدعو أي دعوة أو بيتجه أي إتجاه أول حاجة تيجي في دماغنا أيوه الكلام ده احنا هارشينه الراجل ده عايز يَقَلِّبنا أو عايز يسيطر علينا, ماهو حاجة من الإتنين يا عاوز فلوس يا عايز سلطان فلو فيه في آبائه ملك يبقى ممكن يجي في دماغنا إن هو يطلب بالنبوة ملك أبيه.

طب بعد كده.. وسألتك هل كنتم تهمونه بالكذب قبل أن يقول ما يقول؟ أخلاقه إيه أو إيه معرفتنا عنه أخلاقياً قبل هذه البعثة؟ فذكرت أن لا, فقد علمتُ أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله! يعني هو بيتحرى الصدق التام في كل صغيرة وكبيرة في الحاجات الصغيرة, لما يجي يكذب حيكذب في قضية فيها تقول على الله سبحانه وتعالى؟!

وسألتك أأشراف الناس اتبعوه أم ضعفائهم؟ فذكرت أن ضعفائهم اتبعوه, وهؤلاء أتباع الرسل. هو أبو سفيان لما قاله ” بل ضعفائهم يتبعوه ” هو إيه اللي حيجي في دماغه؟ إن ده راجل ملك ووارمان كده في نفسه ومتعظم فلما حقوله إن السوقه والغوغاء اتبعوه حيستنكف ويستكبر إن هو يخش في دين مع الناس دول كما كانت قريش تستنكف وتستكبر إن هي تقعد مع النبي صلى الله عليه وسلم – معاه – لأن المجلس فيه ناس غلابة أو فيه ناس مساكين. ولذلك ربنا سبحانه وتعالى قالوَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ.. طيب عَلَّق بقى قال إيه؟ فذكرت أن ضعفائهم إتبعوه وأولئك أتباع الرسل, هو بيقول إن عامة أتباع المرسلين هم الغلابة – طب ليه الغلابة؟ – لأن الغلبان معندوش حاجة يركن عليها إلى ربنا. يعني اللي عنده سلطان حيركن على سلطانه واللي عنده مال حيركن على ماله اللي عنده جاه وعنده نسب وعنده شرف حيركن عليه حيتوكل على المتاع الدنيوي أو على القوة المادية اللي عنده كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى. أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى طب هو مُستغني؟ لأ. يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ كل الناس فقراء كل الناس محتاجين بس في واحد فاهم وواحد مش فاهم, في واحد بيظن أنه غني – أن رآه استغنى – هو حاسس إنه استغنى عن ربنا سبحانه وتعالى. فدول أقرب للإستجابة لأن أصلاً قلوبهم مفهاش تعاظم, ربنا ذكر فرعون وقومه فقال وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ يبقى الغلابة اتبعوه – معظمهم يعني – بس كان في ناس أثرياء بس الشريحة الغالبة مين؟ الناس القبليين, قال إيه أولئك أتباع الرسل.

طب أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون, وكذلك أمر الإيمان حتى يتم – إلى أن يكتمل في ارتفاع لأن ده حق – .

ثم سألتك هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن لا, وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب, وهنا محتاجين نركز في حتة صغيرة.. هنا هرقل مبيسألش في حد ارتد ولا لأ ! لأ بيسأل في حد ارتد لأنه دخل في الدين فمقتنعش بيه أو معجبوش؟ ولذلك في ناس ارتدت يعني بعد ما النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه أُسري به فيه ناس ارتدت, ” عبيد الله بن جحش ” نسأل الله السلامة والعافية وكان من السابقين الأولين وهاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى وبعد كده تنصر في الحبشة. يبقى إذا فيه ناس ارتدت وأبو سفيان عارف إن فيه ناس ارتدت ومع ذلك قاله لأ, ودي أمانة لأنه هنا ممكن يقول آه فيه ناس ارتدت لأن حقيقي فيه ناس ارتدت! بس مش بسبب أنهم سخطوا الدين مش لأن الدين في نقص..لأن نفوسهم فيها ضعف. كان إذ ذاك كافراً لكنه كان أميناً, طب هرقل عقب قال إيه؟ قال كذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب إذا هو عاوز يقول إيه؟ إن الإيمان إذا دخل إلى سويداء قلب الإنسان مبيطلعش تاني.

يبقى إذا اللي بيمشي وبيرجع هو بيرجع عشان مكنش وصل للآخر, لو وصل للآخر مش حيرجع. فإذا الإيمان استقر حقيقةً وملئ قلب الإنسان مش بيطلع تاني.

وسألتك هل قاتلتموه؟ فذكرت أن القتال بينكم وبينه سجال تنالون منه وينال منكم – يعني أنتم بتكسبوا ساعات وهو بيسكب ساعات – قال كذلك الرسل تُبتَلى ثم تكون لهم العاقبة, طب تبتلى ليه؟ عشان ربنا سبحانه وتعالى يميز الخبيث من الطيب الصادق من الكاذب, لأن هو لو هزيمة على طول محدش حيخش في الدين, يعني هم حيخدوا الجنة آه بس الدنيا كلها قفقفى ماشية كده قفقفى محدش حيستحمل ده وربنا رحيم. والناس ممكن تشك أصل إزاي يبقى نبوة وإزاي تبقى رسالة وتبقى هزيمة على طول مفيش تأييد إلهي؟! الناس تشك في الحقيقة ومتستحملش.

ولذلك ربنا قال وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ. وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ. وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ربنا سبحانه وتعالى بيقول إن الكفار ملهمش وزن ولا قيمة ربنا سبحانه وتعالى كان يريد أن يُنَعمهم لأن هم معندهمش آخرة, نعيم مبالغ فيه نعيم إلى المنتهى بقى كل أدواتهم اللي بيستعملوها وكل الأسانسيرات اللي بيركبوها والفيلل اللي هم فيها ذهب وفضة بس – لا فيه أسمنت بقى ولا مونة – ذهب وفضة !! طب ربنا سبحانه وتعالى معملش كده ليه؟ خشية على قلوب المؤمنين إنهم مش حيستحملوا, إحنا كلنا حنفتن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً يعني كلنا نكفر عياذاً بالله, فربنا سبحانه وتعالى رحمة منه بالعباد قال كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ المؤمنين والكفار دي مش حاجة مختصة بحد وده من رحمة الله سبحانه وتعالى.

فلو هزيمة على طول سواءً شكاً أو ضعفاً, طب لو انتصار على طول؟ كل أصحاب المطامع الدنيوية كل أصحاب الشهوات يركبوا مركب الدين.. ده مينفعش, كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة. ولذلك المقوقس – هو برضه ملسع شوية – سأل عبادة بن الصامت رضي الله عنه هو كان عنده فكرة برضه زي ماقلنا وبص الفرق ما بين الصورتين, سأله بيقوله نفس السؤال فأخبره إن الحرب سجال فالمقوقس قال إيه, قال آلنبي يُهزَم؟ هو ينفع برضه يبقى نبي ويهزم؟ فعبادة بن الصامت قاله إيه – المقوقس نصراني – مقلهوش آه أو دي سُنَّة, قال آلرب يُصلب؟! – ياجدع اتنيل أنت فاهم حاجة أنت عبيط؟! شوف نفسك ياعم أنت أصلا عندكم ربنا إتمسك واتضرب على قفاه طب ركز شوية ياعم ركز – . يعني الذكاء والفطنة احنا قلنا برده عن عظمة الصحابة وإدراكهم وفهمهم وذكائهم ده على البديهة على طول كده, كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة.

ثم سألتك هل يغدر؟ فذكرت أن لا, وكذلك الرسل لاتغدر. مش ممكن دي مش ممكن, طيب هنا أبو سفيان قاله نحن منه في مُدَّة وقعد يقول كلام كده..

ثم سألتك بماذا يأمركم؟ فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولاتشركوا به شيئا ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف والصلة وهذه صفة نبي, فإن كان ما تقوله حقاً فسيملك موضع قدمي هاتين وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أظن أنه خارجٌ فيكم ولو أعلم أني أصل إليه – حيسبوني – لتجشمتُ لقائه ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه.

يبقى إذاً في خلاصة هذه الكلمات هرقل وهو كافر بيعلمنا ونحن مسلمين أن هناك سنناً لله سبحانه وتعالى وهناك آيات للأنبياء وهناك قانون إلهي في التعامل مع الرسل والرسالات, وهناك موازين ومعايير للحق, وإن الحق لابد أن ينتصر ولابد أن يُأَيَّد من قِبَل الله سبحانه وتعالى: فإن كان ما تقوله حقا فسيملك موضع قدمي هاتين.

طب هم قوتهم المادية تسمح بكده؟ ومع ذلك هرقل مآمنش ليه؟ خشية على الملك! طب هو لو قرأ كده النبي صلى الله عليه وسلم قاله إيه في أول الرسالة؟ قال له: أسلم تسلم أسلم يؤتك الله أجرك مرتين. حاجتين: تسلم معناها أنه لا يُصيبك الضرر ولا الأذى ولا يضيع ملكك ده في الدنيا, ويؤتك الله أجرك مرتين أي في الآخرة فجمع له الدنيا والآخرة لكنه لإيثاره الدنيا على الآخرة خسر الدنيا والآخرة ! والغريب أن هو بعد كده هو نفسه اللي بدأ يُحارب النبي صلى الله عليه وسلم – في مؤتة – وأَبَى أن يحاربه في تبوك وحارب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أجندين وفي اليرموك وفي كل موضع. طب أنت عارف أن هو رسول وبتحاربه؟ عارف أن دي رسالة وحتظهر وأنت بتقول سيملك موضع قدمي هاتين وبتحارب!! أحياناً إيثار الدنيا أو الطمع فيها فعلاً يُفسد عقل الإنسان وقلبه وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ.

لكن في النهاية الحق لابد أن الله سبحانه وتعالى يُظهره, الدين لابد أن ربنا سبحانه وتعالى ينصره, لكن هي حتبقى المسكلة فين؟ المشكلة عندنا إحنا هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا. مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ربنا سبحانه وتعالى يُظهر الحق ينصر الدين يُعلي راية الحق لكن لابد لكي تعلو راية الحق أن يكون هناك أناس صادقين يتحملوا هذه الأمانة فيظهرهم الله تبارك وتعالى. ولذلك دي مشكلتنا إحنا, المشكلة مش متعلقة بالحق ولا بالنور ولا بالدين, الحق بيُنصر والنور بيظهر, لكن المشكلة مين اللي ربنا سبحانه وتعالى حيكتبله هذا الشرف؟! مين اللي ربنا سبحانه وتعالى حيرزقه أن يكون قائماً تحت هذه الراية؟ الله سبحانه وتعالى قال: فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ اللي هم قريش فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ.

اللهم لاتجعلنا من المستبدلين وارزقنا شرف العمل بهذا الدين اللهم اجعلنا من الموقنين اللهم اجعلنا من حزبك المفلحين وعبادك الصالحين.. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا متعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا أبدا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولامبلغ علمنا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لايخافك فينا ولا يرحمنا ولا تجعل إلى النار مصيرنا واجعل الجنة هي دارنا..

اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا واهلك اللهم أعدائنا ولا تخيب اللهم فيك رجائنا واختم اللهم بالباقيات الصالحات أعمالنا.