Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

سبيل الله

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

قال أبو هريرة رضي الله عنه: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع شاب من الثنية يقول فرمقناه بأبصارنا ثم قلنا لو أن هذا الشاب جعل نشاطه وقوته وشبابه في سبيل الله فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وما سبيل الله إلا من قتل؟ إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على أبويه شيخين كبيرين فهو سبيل الله وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان.

فهاهنا مشهد لشاب آتاه الله جلدا وقوة فلما أن بصر به الصحابة أحبوا أن توظف قوته في سبيل الله. ما معنى في سبيل الله، أي في القتال للدفاع عن الإيمان ولإعلاء كلمة الله. ففكرهم وملاحظتهم ومراقبتهم إنما تدور حول هذه الفكرة، إعلاء كلمة الله عز وجل، فرأوا أن هذه القوة ينبغي أن توظف في هذا الباب. كيف توظف هذه القوة في هذا الباب؟ هل في كلية عسكرية ينضم إليها وينتظم فيها مثلا؟ ما الفرق بينه وبين غيره؟ أليس إن جد الجد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا كلهم في صحبته؟ الجلد والنشاط والشباب والقوة في كل الأحول يوظفوا في هذا السبيل حينما يدعوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي ينصروا الله ورسوله. إذا ماذا يقصد الصحابة بهذا التساؤل وماذا يريدون؟ هم يريدون أن توظف هذه القوة في كل فرصة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يرسل بعوثا وسرايا يندب الناس إليها ندبا أي ليس إجبارًا بل اختيارًا فه يريدون أن عندما تكون هناك فرصة أن يسخر النبي صلى الله عليه وسلم هذه القوة ويبعث هذا الشاب في هذا الباب مع مراعاة ما كان عليه أهل الإيمان حينئذ من ضعف وقلة واحتياجهم لكل دعم وسند وقوة، فبينما هم يتحدثون إذ انتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حديثهم فقال مستنكرا: وما سبيل الله إلا من قتل؟ ألا يوجد شيء آخر يمكن أن يعتبر في سبيل الله إلا هذا السبيل؟ ثم ذكر 3 أشياء.

قال إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين كذلك فهو في سبيل الله، إذا نحن عندنا أطفال صغار يحتاجون للرعاية لا يقوم بهم إلا هذا الرجل فسعيهم عليه وإنفاقه عليهم وألا يتركهم لمضيعة فهذا في سبيل الله أو أبوين كبيرين بلغا بهم السن مبلغه واحتاجا إلى خدمة ورعاية وإلى أنفاق واهتمام، لذلك فهو أيضا في سبيل الله. إذا هنا يوجد الشفقة هي الباعث وهنا يوجد الرحمة هي الباعث، وإن كان خرج على نفسه يعفها، وهنا التعفف وترك السؤال والاستغناء عن الناس وعدم التذلل لهم هو الباعث. إذا عما نتكلم نحن هنا، ما الذي حرك هذا الشخص هذه الحركة؟ إن كان حركته الشفقة والرحمة والتعفف فهو في سيبل الله وإن كان خرج يسعى رياءً ومفاخرة وفي رواية ومكاثرة، فهو في سبيل الشيطان. إذا هنا يوجد طريقين، السعي هو السعي والحركة هي الحركة، فيم يخطو الإنسان؟ واحد في سبيل الله والآخر إذا كانت بواعثه ومقاصده فهو عياذًا بالله في سبيل الشيطان. ربنا سبحانه وتعالى جعل سبيله يشمل كل نفع وخير وإحسان وبر. كل حركة يتحركها الإنسان مبعثها الخير والإحسان والبر فهي في سبيل الله.

و يقول صلى الله عليه وسلم: الخيل ثلاثة، هي لرجل وزر ولرجل ستر ولرجل أجر. قد تكلمنا هنا عن الإنسان وحركته وسعيه وما نسميه نحن سعي دنيوي، وقد جعل الله هذا بهذه المقاصد في سبيل الله، عبادة وتقرب الى الله. أما هنا، الحيوان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الخيل سوف تؤدي بصاحبها الى منطقة من ثلاثة، فهي لرجل وزر، لرجل ربطها رياءً ومفاخرة، يكاثر بها الناس ويريهم أنه أحسن منهم وأعلى، فخرج على قومه في زينته ونواءً لأهل الإسلام، أي أنه وضعها محادة لله وللرسول، فهي له وزر، ورجل ربطها في سبيل الله ولم ينس حق الله في رقابها ولا في ظهورها فهي له ستر، ورجل ربطها، هذه رواية مسلم، رجل ربطها في سبيل الله، ولم ينس حق الله في رقابها ولا في ظهورها فهي له ستر، وعند البخاري، ورجل ربطها تغنياً وستراً وتعففاً ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا في ظهورها فهي له ستر، ورجل ربطها في سبيل الله لأهل الإسلام.

، فإذاً هنا قال أن هذا الأول الذي له ستر قال في سبيل الله، والثاني قال في سبيل الله لأهل الإسلام، فكأن هذا أوقف الخيل لله ولمصالح المؤمنين ولحماية المؤمنين، وللذب على المؤمنين، وهذه في سبيل الله التي هي تغنياً، استغناءً عن الناس والحاجة إليهم وستراً لئلا يفتضح بالحاجة والسؤال والافتقار، وتعففاً، هذا سماه في سبيل الله.

 فنحن الآن لدينا مستويين في سبيل الله، هذا مستوى سماه ستراً، ومستوى آخر سماه أجراً، وحين تكلم عن الأجر ماذا قال؟ قال: فما رعت في طولها، ما معنى طولها؟ هذا الفرس جعله وأوقفه لله، وربطه بحبل وهو طويل كي يتحرك الفرس، فما رعت في طولها من مرج أو روضة كان ذلك كله له حسنات، هو لم يفعل شيئاً، ربطها وتركها وهي تتحرك وتأكل من المرعى، مرجاً كان أو روضةً، وهي تتحرك وتأكل يكتب له حسنات، يقول صلى الله عليه وسلم: وإن قطعت طولها فاستنت شرفاً أو شرفين، جرت فعلت مرتفعاً كانت آثرها وأرواثها له أجر، وكتب له به حسنات، وإن مرت على نهر فشربت منه ولم يرد أن يسقيها، لم ينتبه لذلك، كُتب له به حسنات، قيل يا رسول الله: والحمر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ما أنزل علي فيها إلا هذه الآية الفاذة الجامعة، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ۝ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ قال ذلك هو القانون، النبي صلى الله عليه وسلم تكلم عن الخيل لأنه ذُكر له وقد أوحى ربنا له بكلام يقوله عن الخيل، قالوا: والحمر؟ هو يريد أن يقول لم يوحى إلي فيها بشيء، لماذا؟ لأنها أقل شأناً، لا تستحق التنصيص عليها، لكن في النهاية، أليس لها قانون؟ قال صلى الله عليه وسلم إنما تدخل في إطار هذه الآية ووصفها بقوله: الفاذة الجامعة، ما هي الآية الفاذة الجامعة؟ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ۝ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فإذاً أي شيء ربنا سبحانه وتعالى أعطاه للإنسان، أي شيء أعطاه له سواءً في نفسه أو في طاقته أو في قدراته، في خبراته، في وقته، فيما ملّكه الله إياه، أي شيء يضعه في خير يراه من الله سبحانه وتعالى خيراً، وإن عياذاً بالله وظفها في شر رآه شراً في دنياه وفي آخرته.

فإذاً قانون ( في سبيل الله ) يشمل كل خير، كل خطوة أنت تخطوها في حياتك، إذا كانت في خير لك ولمن حولك فهي في سبيل الله، يقول صلى الله عليه وسلم: دينار تنفقه في سبيل الله ودينار تنفقه على المساكين ودينار تنفقه على رقبة ودينار تنفقه على أهلك، أعظم ذلك أجراً الدينار الذي تنفقه على أهلك، لماذا؟ دينار تنفقه في سبيل الله، ودينار تنفقه في المساكين، إذاً في سبيل الله هنا بالمعنى الخاص، والمعنى العام سيشمل كل هذه الأشياء، لأنها كلها في سبيل الله، لكن هنا بالمعنى الخاص، دينار تنفقه في سبيل الله ودينار تنفقه على المساكين أو قال: في المساكين – كل ذلك في سبيل الله – ، ودينار تنفقه في رقبة، تسعى فيها وتعتقها، ودينار تنفقه على أهلك، لماذا هذا أعظم أجراً؟ لأنه في دائرة الأولوية، لا يصح أن تذهب إلى الواجب أو الخير الأبعد وانت مضيع الخير أو الواجب الأقرب، كفا بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت، فإذاً النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن كل ذلك خير لكن من أين تبدأ؟ من أين تبدأ؟ تبدأ بالأولى والأوجب، ” يعني مش هينفع الدينار دا تجيب به برينجلز وأنا مش لاقي دابق أجيب بيه عيش ! ” وإلا فكيف تحسب الأولوية؟ كفا بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت، الاحتياجات الأساسية للأقرباء، لا ينفع أن أضع نفسي بهذا الحديث في دائرة الترف وأقول أن هذا اسمه في سبيل الله، فإذاً الأولويات حين تكون الأشياء في مستوى واحد، لا ينفع أن أغرق نفسي في أشياء مستغني عنها ولا أحتاجها وهناك أناس تتضور جوعاً، لا تجد طعاماً تطعمه ولا كساءً تلبسه ولا دواءً ضرورياً تفتقر إليه، فهذه الأشياء حين تتساوى فيكون أول شيء الواجب الأقرب.

 أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقال رجل: عندي دينار قال: أنفقه على نفسك، قال: يا رسول الله عندي دينار آخر، قال: أنفقه على ولدك، قال: يا رسول الله عندي دينار آخر، قال: أنفقه على خادمك، قال: يا رسول الله عندي دينار آخر قال: أنت أبصر، أنت أعلم، ناظر في دائرتك من الأولى والأحوج فأعطه.

جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أخبر أنه قد أعتق عبد له عن دبر، ما معنى عبداً له عن دبر؟ هو يملك عبداً، فيكتب في وصيته أنه حين أموت يُعتق هذا العبد، فالنبي صلى الله عليه وسلم سمع ذلك فأحضره، النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف، لم يحدث هذا الحديث أمامه، فأتى بالرجل وقال له: هل تملك غيره؟، أتملك شيئاً في الدنيا غير هذا العبد؟ قال له: لا، هذا العبد سيعتق، وهذا إحسان في سبيل الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل تملك مالاً آخر؟، قال له: لا، فقال صلى الله عليه وسلم: من يشتري مني العبد؟، سيأخذه منه ويبيعه، فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي رضي الله عنه بثمانمائة درهم فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أعطاها للرجل، أي أنه أخذ منه العبد وباعه وأخذ الثمانمائة درهم وأعطاها له وقال: أبدأ بنفسك فتصدق عليها، ثم على أهلك، ثم على ذي قرابتك، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا وهكذا، أنفق كيفما شئت بين يديك وعن يمينك وعن شمالك، إذاً هو يقول له كيف ترتب الأمور، أنت تريد أن تحسن لكنك ستسحن كما وجهك ربنا سبحانه وتعالى أن تحسن، حاجاتك الشخصية الأساسية أولاً، ثم حاجة دائرتك الأقرب، ثم الأبعد فالأبعد، هي دوائر، لا تنتقل إلى الدائرة الأبعد إلا أن تعطي الدائرة الأقرب حاجتها الأساسية، مرة أخرى.. الأساسية، لا ينفع أن أجعل الدائرة الوسيطة في التحسينات والدائرة الأبعد لا تملك الحاجيات أو الضروريات، من المفترض أن أمدهم بالضروريات ثم انتقل إلى الدائرة الأبعد، إذا كنت في سعة سأذهب أولاً إلى الدائرة الأقرب أوسع عليها ثم الأبعد فالأبعد، هكذا أنا أسير كما أحب ربنا سبحانه وتعالى، وهذا يسمى في سبيل الله.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.

الحمد لله رب العالمين.

قال صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له صدقة، هو لم ير ولم ينوي، ما من مسلم، لماذا ما من مسلم؟ لأن سعي وحركة المسلم يجب أن تنطوي على نية الخير بالطبيعة فأي شيء ينتجه تلقائية يكون خيراً، كما قلنا في الخيل، وكيف أنه ربط الفرس ثم تركه، كل حركة الفرس سواءً في الحبل أو بعد انقطاعه، أو شرب الماء، كل ذلك له به حسنات لماذا؟ رغم أنه لم يكن موجوداً، لأن أصل ارتباطه للفرس وأصل نيته وأصل توجهه لله فما يأتي بعد ذلك من فروع فهي لله، رآها أم لا، أحس بها أم لم يحس.

 يقول صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيؤكل منه فهو له صدقة، وإن سرق منه فهو له صدقة، وإن أكل السبع منه فهو له صدقة، وإن أكلت الطير منه فهو له صدقة، وما رزؤه منه أحد، أي شخص أخذ منه شيئاً، إلا كان له به صدقة، هو زرع وفقط.

 دخل صلى الله عليه وسلم على أم مبشر الأنصارية، فقال: يا أمر مبشر من غرس هذا الغرس؟ مسلم أم كافر؟ فقالت: بل مسلم، فقال: ما من مسلم، ليس أي أحد، لماذا؟ لأن المسلم بداخله الشكر لله والحمد لله على نعمه وابتغاء مرضاة الله والإحسان على عباد الله، إذاً كيف أضع المسلم والكافر في دائرة واحدة؟، فهو يقول لها هذا الذي غرس الغرس مسلم أم كافر؟ قالت: بل مسلم، فقال: ما من مسلم يغرس غرساً فيأكل منه إنسان أو دابة أو شيء إلا كان له به أجر، ولذلك لما قالت عائشة لرسول الله صلى الله عليه سلم، قالت: يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين أينفعه ذاك؟، قال: لا ينفعه، أنه لم يقل يوماً رب أغفر لي خطيئتي يوم الدين، لم يكن يفعل ذلك لله ولا شكراً لله ولا ابتغاءً لمرضاة الله، ماذا له عند الله؟ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.

فهي للمسلم وفقط، لماذا؟ لأن بواعث المسلم بواعث إيمان وإخلاص ونفع وخير، أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مثل بعضهم البعض مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ.

ما من مسلم يغرس غرساً، لا يوجد شيء تفعله كإنسان مسلم وبداخلك أنك تشكر الله وتحسن إلى عباد الله، أدركت التفاصيل أم لم تدرك كل ذلك ربنا سبحانه وتعالى يجعل اسمه ( في سبيل الله ) وله به أجر وثواب وحسنات أياً كان.

 يقول صلى الله عليه وسلم: لأن يأخذ أحدكم حبله على ظهره فيذهب إلى الجبل فيحتطب، فيحملهم على ظهره فيبيعه فيتصدق به أو يستغني به عن الناس خير له من أن يأتي رجلاً فيسأله أعطاه أو منعه فأن اليد العليا أفضل من اليد السفلى، وأبدأ بمن تعول، لا يوجد شيء حلال ويكون محقراً، لماذا ذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؟ لأن هذا شيء يحتقره الناس، المجتمع يحتقر هذه المهنة، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول بأن يأخذ الرجل حبلاً ويجره ويصعد الجبل ويحتطب، ويأتي بالخشب ويبيعه لكي يصبح وقوداً للنار، قال: فيتصدق، هذا أول شيء، فالإنسان المؤمن ماذا يفعل؟ فيتصدق أو يستغني به عن الناس، خير له من أن يريق ماء وجهه لفلان أو علان، أعطاه أو منعه، قال: فإن اليد العليا، التي تعطي، أفضل، وفي رواية خير من اليد السفلى أي التي تأخذ، حسناً ماذا أفعل؟ قال: وأبدأ بمن تعول، مسؤولياتي، هذه واجباتي، هناك دائرة مسؤولية لا ينفع أن أضيعها وأنا أقول أنني أرتجي الخير أو البر أو الإحسان.

 يقول جابر رضي الله عنه: طُلقت خالتي، فأرادت أن تجد نخلها، تريد أن تجني ثمار بستانها، فزجرها رجل، فأتت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله، قال: بلى بلى، فجدي نخلك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً، قال: بلى بلى، فجدَي نخلك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً، أين التوجيه؟ أين يوجه النبي صلى الله عليه وسلم الناس؟ الخير، هي الآن ستجني ثمار نخلها والطبيعي أنها ستشونه، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم قال: عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً.

 السيدة عائشة تحكي أنها دخلت عليها امرأة تطلب منها صدقة ومعها ابنتان لها، تقول: فلم يكن عندي إلا تمرة، تمرة واحدة، بيت النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن به إلا تمرة واحدة، أعطتها التمرة، فماذا فعلت المرأة؟ شقت التمرة نصفين وأعطت نصفاً لكل بنت من بناتها، فهذه المرأة ذهبت إلى بيت النبوة تستطعم والبيت ليس به إلا تمرة، وعائشة آثرت بالتمرة، حسناً، هل لهذه التمرة معناً؟ هل تفعل شيئاً؟.

 بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة بن الجراح في سرية إلى ساحل البحر، ثلاثمائة شخص، وزودهم بجراب من تمر، لم يكن لديه غيره، ثلاثمائة شخص أعطاهم جراب تمر، بالإضافة إلى بعض الأزواد كانت لديهم، ففنيت أزوادهم فأمرهم أبوعبيدة رضي الله عنه أن يجمعوا ما معهم، فكانوا مزوادين من تمر، جرابين من تمر، فقسم ذلك عليهم يعطيهم كل يوم حصة، قليلاً قليلاً، يقول جابر: حتى فني ذلك، فكان يعطينا كل يوم تمرة تمرة، فقال له رجل: وما تغني تمرة؟ قال: لقد وجدنا فقدها حين فنيت، حين فقدناها شعرنا بقيمتها، فالسيدة عائشة أخذت هذه التمرة وأعطتها للمرأة التي قسمتها إلى نصفين، وحين جاء النبي صلى الله عليه وسلم حكت له ما حدث، فقال: من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له ستراً من النار.

وفي يوم آخر، جاءت امرأة تحمل بنتين، وهذه المرة كانوا في سعة فكان لدي عائشة رضي الله عنها ثلاث تمرات، فأعطت واحدة لكل بنت من بناتها وأخذت هي واحدة تأكلها، وهي تأكلها نظرت البنتان على وجهها وعلى فمها، فأمسكت التمرة وقسمتها نصفين وأعطتهم إياها، فقالت عائشة: فأجبني ما صنعت، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته فقال: قد أوجب الله لها بها – بهذه التمرة التي شقتها – الجنة، قد أوجب الله لها بها الجنة.

 حسناً، ماذا نريد أن نقول؟ أولاً نذكر بالذي نبني عليه، أنزل ربنا سبحانه وتعالى هذا الدين هداية ورحمة وبراً وسعادة للعالمين، قبلها من قبلها وردها من ردها، هذه الرحمة أنزلها الله تبارك وتعالى صالحة لكل زمان ومكان، حسناً، ربما يختلف الناس في أحوالهم وأوضعهم أزمنة وأمكنة، صعوبة ويسراً، يعطي الله سبحانه وتعالى كلاً على حسب جهده وبذله وسعيه، ولا يظلم ربك أحداً، إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا، قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عتبة بن غزوان: إن من ورائكم أيام الصبر للمتمسك فيهن بما أنتم عليه أجر خمسين منكم، فقالوا: يا نبي الله بل منهم، أنت تقصد منهم، قال: بل منكم، وقال في حديث أبي ثعابة الخشني: إن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين يعملون مثل عمله، قالوا: يا رسول الله منهم؟، وفي رواية، قالوا: ولما؟ قال: لآنكم تجدون على الخير أعواناً وهم لا يجدون، إذاً ما الفرق، هل تجد تدعيماً أم تجد صدوداً؟ حين تريد فعل الخير يساعدك الناس أم لا؟ وعلى حسب ما يجهد الإنسان على حسب ما يأجره ربنا، وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ وكما قلنا في المرة السابقة أن القانون العام فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ربنا سبحانه وتعالى لا يكلف الإنسان إلا وسعه وطاقته ولا يطلب منك شيئاً لا تقدر أن تفعله، حسناً وما الواجب عليك؟ قلنا أن الواجب في العبادة ليس شيئاً ثقيلاً، لم يوجب الله سبحانه وتعالى على العبد المسلم في يومه وليلته إلا الصلوات الخمس على أن يحسن فيها وأن يقيمها كما أراد الله وأحب لكي تكون الصلاة عوناً له على حياته، وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ۝ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ وكل عمل تعمله وكل نية تنتويها وكل خير تريده، وصلت إليه أو لم تصل جعله الله تبارك وتعالى أجراً وثواباً وبراً وحسنات وجعله في سبيل الله.

 حسناً، ما المطلوب مني؟ أن يكون الله تبارك وتعالى في قلبي في الحركة والسكنة، أن يراقب العبد ربه، أن يسعى لإرضاء ربه عز وجل، وأن يحسن في فعل الخير قدر استطاعته.

 آخر جملة، قال صلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة، جعل حقيقة العبادة أن يتعلق قلب العبد بالله، لماذا الدعاء هو العبادة؟ رغم أنه من الممكن أن يكون طلباً أو أمر شخصياً، لماذا الدعاء عبادة؟ رغم أنه من الممكن أن يكون في مصلحة العبد، لأن الدعاء لا يكون دعاءً إلا إذا افتقر العبد إلى الله، إلا إذا أيقن العبد أنه لا ملجأ من الله إلا إليه، إلا إذا آمن العبد أن الخير كله بيد ربه وأنه لا يجلب الحسنات إلا هو ولا يدرأ السيئات إلا هو فيتعلق قلبه بالله، فإذا تعلق قلبه بالله، صار هذا عبد لله حق العبد، فمن العبد إذاً؟ العبد هو الذي يكون قلبه معبد بالله، هو الذي يرتبط قلبه بربنا سبحانه وتعالى، يراقب ربه في عمله ولا يرتجي إلا ربه، ويعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوه بشيء لا ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له، وإن اجتمعوا على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، فقلبه مع ربه، وهذا يستطيعه كل أحد، ويطيقه كل أحد، لكنه حقيقةً أصعب من أي شيء آخر، أصعب من الممارسة، حقيقة الإيمان هي حضور القلب مع الله، هذا متاح لكل إنسان، وليس لأحد من سلطان على قلب أحد قال تعالى مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا، القلب لا يملكه إلا الله سبحانه وتعالى ولا يطلع عليه إلا الله، هو محل التقوى ومحل الإيمان ومحل الصلاح ومحل الفساد كذلك، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب.

 إذاً أياً كان حالك أياً كان مكانك أياً كان زمانك أياً كانت ظروفك أياً كانت أحوالك، فبابك إلى الله مفتوح، وإقبالك على الله أيسر ما يكون، لكن في النهاية الإنسان يجب أن يصلح من قلبه لكي يصلح الله حاله إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ أن يصلح الإنسان ما بداخله، فإذا فعل ذلك أصلح الله له أحواله وأقواله وأفعاله.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك.

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك.

اللهمَّ إنِّا نعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ، وعضال الداء وخيبة الرجاء.

هم إنا نعوذ بك أن نقول زورا أو أن نغشي فجورا، اللهم إنا نعوذ بك أن نقول زورا أو أن نغشي فجورا.

اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك وطاعة رسولك صلى الله عليه وسلم.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.