أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
قال الله تبارك وتعالى معلناً دستور هذه العبادة العظمى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ بين ربنا تبارك وتعالى أن هناك غاية عظمى وحكمة كبرى ومقصد أسمى من وراء تشريع هذه العبادة العظمى ألا وهي عبادة الصيام الغاية هي حصول التقوى لله عز وجل فالله عز وجل لا يشرع شيئاً ولا يأمر بأمر ولا ينهى عن شيء إلا لغاية وحكمة عظمى يعلمها ويقدرها سبحانه وتعالى فجعل سبحانه وتعالى الغاية من هذه العبادة هي حصول التقوى التي هي الهيبة والخشية والتعظيم لله تبارك وتعالى الذي يحمل العبد على التوقي أو البعد أو النأي عن كل ما يسخط ربنا تبارك وتعالى وهو سبحانه وتعالى لأجل إيصالنا إلى هذه الغاية التي هي التقوى التي هي سعادة الدنيا والآخرة جعل هذه العبادة التي هي الصيام فريضة وحتماً لازماً قال سبحانه وتعالى كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ فالله سبحانه وتعالى إنما يفترض الفرائض ويوجب هذه الواجبات لكي يحملنا سبحانه وتعالى حملاً على سعادتنا وعلى نجاتنا في الدنيا وفي الآخرة وجعلها سبحانه وتعالى فريضة وحتماً لازماً على أهل الإيمان من حين ما بزغت شمس الرسالة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها قال الله عز وجل: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ فالله سبحانه وتعالى بين أن أصول هذه الشرائع أصول هذه العبادات التي تحقق عبادة الله تبارك وتعالى تحقق التقوى تحقق سعادة الإنسان في الأولى والآخرة إنما هي سنن وشرائع وأوامر ثابتة لا تتغير ولا تتبدل..
الله سبحانه وتعالى حينما أخبرنا عن هذه الغاية وأوجب علينا هذه العبادة قبل أن يشرع في ذكر ذلك تبارك وتعالى بين لنا صفات هؤلاء الأقوام الذين يحققون حقيقة التقوى..
فإذن نحن أمرنا بهذه العبادة لكي نحقق هذه الغاية فلابد أن ننظر في عبادتنا وأن نراجع هذه العبادة لكي تحقق هذه الغاية التي أرادها الله تبارك وتعالى فإذن الصيام وسيلة والتقوى غاية فلابد لهذه الوسيلة أن تؤول وأن تؤدي إلى هذه الغاية ولذلك قبل أن يذكر الله سبحانه وتعالى هذه الآيات التي هي في أواسط سورة البقرة صدر سبحانه وتعالى ذات السورة ببيان صفات هؤلاء المتقين لكي يستطيع الإنسان أن يعرض نفسه على هذه الصفات لكي يرى هل قارب هذه الغاية الإلهية أم لم يقارب فقال الله سبحانه وتعالى الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ، أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ فالله سبحانه وتعالى حينما ذكر صفات أهل التقوى ذكر أول هذه الصفات إيمانهم بالغيب إن وراء هذا العالم المحسوس هذا العالم المادي الذي نعيش فيه والذي نستغرق جوارحنا ويملأ أسماعنا وأبصارنا.. إن وراء هذا العالم حقيقة عظمى هي التي توجه وتقدر وتدبر الأمر وهي الله تبارك وتعالى فأول صفات أهل التقوى إيمانهم بهذه الحقيقة الغيبية العظمى هذا الإيمان بهذه الحقيقة الغيبية العظمى يورثهم الخشوع والخضوع لله تبارك وتعالى الذي يتمثل في إقام الصلام ويورثهم الإحسان إلى عباد الله عز وجل الذي يتمثل في الإنفاق من الطيبات التي رزق الله تبارك وتعالى الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ثم ذكر سبحانه وتعالى إيمانهم بما أنزل الله تبارك وتعالى إيمانهم بالدين الذي أنزل الله تبارك وتعالى وتصديقهم به ويقينهم بهذا الدين ثم يقينهم بلقاء الله عز وجل واليوم الموعود الذي سوف يجازي الله عز وجل فيه كل عامل بعمله
فإذن حقيقة التقوى إيماننا بربنا تبارك وتعالى إيماننا ويقيننا بما أنزل الله تبارك وتعالى إلينا ثم تمثل ذلك في واقع نعيشه وهو الخشوع والخضوع لله سبحانه وتعالى والإحسان إلى عباد الله فنحن نحتاج إذن إلى هذه المحاور الثلاثة حسن صلة بالله عز وجل هذا أولاً ثقة بدين الله عز وجل وتعظيماً له هذا ثانياً ثم استقامة والتزام بأوامر الله عز وجل وإحسان إلى عباد الله تبارك وتعالى فنحن في أمس الحاجة إلى هذه المحاور الثلاث حسن صلة بالله يحتاج إلى معرفة الثقة والتعظيم لهذا الدين يحتاج إلى علم والخشوع والخضوع لله سبحانه وتعالى والإحسان إلى عباد الله يحتاج إلى صبر وإلى مجاهدة فنحن بمشيئة الله تبارك وتعالى سوف يكون محاور كلامنا إن شاء الله عز وجل وقدر حول هذه المحاور الثلاثة حسن صلة بالله عز وجل ثقة وتعظيم لدين الله عز وجل وصبر ومجاهدة على التزام أمر الله عز وجل.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المتقين.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.