الحمد لله حمداً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله لا رب غيره ولا معبود بحق سواه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أشرف وأطهره وأزكاه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتّبع هديه واهتدى بهداه، ثم أما بعد:
صف لنا ربك؛ يحب الحياء والستر …
كان حديثنا في الجمعة الماضية عن تعريف برب العالمين سبحانه وتعالى بكلمات من كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ وصف ربه تبارك وتعالى بأنه حييٌ كريم وبأنه حييٌ ستّير؛ قال: ” إن الله عز وجل حييٌ ستّير يحب الحياء والستر ” ، يحب الحياء والستر.
فالحييُ صفته تبارك وتعالى والستّير وصفه كذلك وذكرنا أن هناك ارتباطاً بين الستر والحياء فكأن هذا الاسم العظيم ” الحيي ” هو بمثابة المقدمة والاسم العظيم الآخر الذي هو الستّير هو بمثابة الثمرة والنتيجة فهو سبحانه وتعالى لعظيم حيائه يستر على عباده وإن لم يكونوا أهلاً لذلك، ثم عقّب فقال بأنه سبحانه وتعالى يحب – يحب – الحياء والستر؛
إذاً هذه صفات لربنا سبحانه وتعالى ثم هو تبارك وتعالى بعد ذلك وفوق ذلك – يحب – أن يتخلق العباد وأن يتحلى العباد وأن يتجمل العباد وأن يتزيّن العباد بهذه الصفات العظيمة الجميلة.
هو سبحانه وتعالى يحب وإذاً فالمحبة من صفاته تبارك وتعالى، هو سبحانه وتعالى يحب عباداً ويحب أوصافاً ويحب أشياءً، وفي المقابل سبحانه وتعالى يبغض عباداً ويبغض صفات ٍ ويبغض أشخاصاً ويبغض أشياء، إذاً فالرب سبحانه وتعالى من صفاته أنه يحب وهو كذلك سبحانه وتعالى من أعظم ما نتطلبه نحن في علاقتنا بالله هو أن نتلقى منه سبحانه وتعالى حبّاً أو نبادله حبّاً بحب، ولذلك ذكرنا قبل ذلك مراراً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مخبراً عن ربه تبارك وتعالى بأنه قال ” من عادى لي وليّاً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيءٍ أحب إليّ – وما تقرب إليّ عبدي بشيءٍ أحب إليّ – ” .
إذاً هناك أشياء محبوبة إلى الرب سبحانه وتعالى ومن أعظم هذه المحبوبات أن يتقرب العبد إلى الله بالفريضة الواجبة، ” وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه ولايزال عبدي يتقرب إليّ حتى أحبه “
إذاً العبد يقع في قلبه المحبة لربه تبارك وتعالى ثم يتزلّف إلى ربه ويتقرب إلى ربه ويتسنّم إلى محبته عبر الاسترسال في الطاعة والبر وإرادة التقرب فإذا فعل بادله الرب تبارك وتعالى حبّاً بحب ثم يثمر الحب ثمار وآثار 0فإذا أحببته – فإذا أحببته – كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنّه ” فهنا ربنا سبحانه وتعالى يتكلم عن علاقة، هذه العلاقة قوامها الحب، فمم ينشأ هذا الحب؟.
للأسف هذه الكلمة مع كونها من أعظم الكلمات رقيّاً ربما كانت من أكثر الكلمات ابتذالاً، نحن حينما نتكلم عن هذه الكلمة أو يذكر الحب لا يأتي في ذهنك إلا واحد غالباً….
كان هذا في حلال أو في حرام لكن ربنا سبحانه وتعالى يتكلم أن الرباط الأساس الذي يربط ما بين العبد وبين الرب هو الحب، وهذا الحب ينشأ ويتكون ويتغذى وينمو، يوجد أشياء من خلالها هذا الحب ينشأ ويتكون ويرتقي فربنا سبحانه وتعالى يحب ويُحب فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ولكن أوصافهم صعبة، بل أوصافهم بالغة الصعوبة فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ.
فربنا سبحانه وتعالى يخبر أنه يحب أن يتحلى العبد بالحياء ويحب أن يتحلى العبد بالستر والتصون لنفسه وعلى غيره، ويخبر أن تلك صفات المحبوبين المقربين من عباده.
إذاً نحن لدينا أشياء ربنا سبحانه وتعالى يتصف بهان نحن نحاول أن نعرفها لكي تقودنا إلى أن نصل إلى الحب، أن نحب ربنا، نحن قلنا أن هذه المحبة محبة معللة، يوجد جزء محبة فطرية جُبل عليها الإنسان ويوجد جزء محبة معللة مبنية على المعرفة، المحبة فرع المعرفة، الحب فرع المعرفة، فكلما ازداد الإنسان من المعرفة كلما وضع قدمه على الطريق الصحيح للمحبة، هذا ما نريد أن نقوله.
فربنا سبحانه وتعالى اتصف بصفات وأحب لعباده لكي يكونوا محبوبين منه سبحانه وتعالى أن يتحلوا بهذه الصفات.
النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم عن الإيمان قال ” الإيمان بضعٌ وستون ” وفي رواية ” الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة، الإيمان ينقسم ويتشعب إلى عديد من الصفات المتشابكة المترابطة، لذلك أسماها شعب، بينها وبين بعض صلات وروابط، هذه الدائرة الواسعة إذا اكتملت حينئذٍ يكتمل الإيمان، ” فأعلاها – أعلى هذه المراتب – قول لا إله إلا الله ” لماذا؟ لماذا هذه النبي صلى الله عليه وسلم جعلها شعبة من شعب الإيمان؟ لأن هذا هو الأساس الذي سيقوم عليه كل شيء، أن الإنسان يعتقد أنه ليس له وجه إلا ربنا، الإله المعبود المراد المقصود، فأنا حينما أقول لا إله إلا الله فأنا ليس لي وجهة، ليس لي قبلة، لا أعرف أن أتوجه إلى أحد أو أرتبط به أو أعظمه أو أصمد إليه إلا الله، وعنها سينشأ كل شيء.
وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، لا أريد أحد من المؤمنين يؤذى بأدنى درجات الأذى – هذه هي الترجمة – لا أريد أحد من المؤمنين الذين يشتركوا معك في شعب الإيمان التي ترتبط بهم برباط الإيمان يلقى أدنى قدر من الأذى، ولو كنت أنت غير متسبب به وليس لك علاقة بك، لكنك لن تترك الأذى في طريق العباد المؤمنين، ثم قال ” والحياء شعبة من الإيمان ” إذاً النبي صلى الله عليه وسلم قال يوجد شيء أعلى ويوجد شيء أدنى، وهناك دائرة كبيرة وشعب كثيرة في المنتصف، فنحن نتكلم في أكثر من سبعين، فلماذا هذا المجموع الكبير هذا لم يستخلص إلا هذه؟ فهو قال التي في الأعلى والتي في الأسفل وكل اللائي في المنتصف اختص منه واحدة فقط؛ أراد أن ينص عليها ويوليها مزيد عناية، قال ” والحياء شعبة من الإيمان ” ، لماذا؟ لأنه سيدعو للباقي، هذا سيدعو للباقي، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول صلى الله عليه وسلم ” الحياء والإيمان ” فهذا هو الأصل وهذا الفرع، فالحياء هذا شعبة فهو الفرع والإيمان هو الأصل ” الحياء والإيمان قرنا جميعاً فإذا رفع أحدهما رفع الآخر ” إذا ذهب واحد فالثاني لن يبقى موجوداً، وهذا طبيعي، إذا ارتفع الأصل يرتفع الفرع، لكن لو الفرع ارتفع يرتفع الأصل فهذا خطر، فهذه شعبة من ضمن الشعب، لكنها إذا أزيلت لن تترك شيء آخر، لن تترك وراءها شيء، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر.
يمر صلى الله عليه وسلم على رجل من الأنصار ينصح شخص آخر،، مرّ على رجل من الأنصار وهو يعظ – يعظ – أخاه في الحياء، ” يعظه في الحياء ” هل تعني يدعوه إليه؟ لا، هو يريد أن يقلل منه قليلاً، ” مرّ على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء ” فمن أين عرفنا أنه يريد أن يقلل منه ” حتى إنه ليقول قد أضرّ بك ” ما معنى ” قد أضرّ بك ” ، فمن شدة الحياء لا يعرف، لايعرف يستخلص أحياناً حقوقه من الناس، فهو يقول له ارفق قليلاً، لأن هذا زائد عن الحد، إلام سيؤدي؟ أن الناس ستأكل ستأكل حقوقك عندهم بهذا الشكل، فقلل منه، فالنبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال له؟؟
إذاً أحياناً الإنسان ممكن يعظ وينصح، وهو ممكن يكون مريد للخير فعلاً وهو يرى أن هذه هي المصلحة فعلاً، لكن من الممكن يكون هناك أبعاد أخرى هو لا يراها ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم عندما مرّ لم يقرّه على ما قاله، قال له ” دعه ” اتركه ” دعه فإن الحياء من الإيمان “
إذاً زيادة هذا ستزيده في الإيمان والقرب، ولكن هناك تكلفة، يوجد تكلفة، لكن الذي يكسبه أمام ما يخسره؟ فهي تقاس هكذا،، هو يكسب ويرتقي في الإيمان ومقابله ربما يكسب شيء، – طبعاً ليس كل شيء – لكن ربما يخسر شيء من حقوق له مالية، فكيف سيحسبها؟ النبي صلى الله عليه وسلم قال له سيبه، سيبه، سيبه، ” دعه فإن الحياء من الإيمان ” لماذا؟ لأن الرجل إذا تكلف خلاف ما منّ الله به عليه سيتغيّر ولو تغيّر فسيخسر كثيراً فهو يحافظ على هذا أصلح له وأنفع في الأولى وفي الآخرة.
يقول عمران بن حصين رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الحياء لا يأتي إلا بخير، فقال بشير بن كعب – رجل من التابعين جالس بس مثقف شوية – قال: إنه لمكتوب في الحكمة إن منه سكينة ووقاراً وإن منه ضعفاً ” أي يقول له أن هذا الحياء منه حسن ومنه قبيح، منه سكينة ووقار فهذا حسن، ومنه ضعف فهذا ليس حسناً، فهو لم يفهم، فقال مرة أخرى ” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” الحياء لا يأتي إلا بخير ” فبشير أعاد نفس الكلام قال ” إنه لمكتوب في الحكمة إن منه سكينة ووقاراً وإن منه ضعفاً ” فعمران بن حصين احمرت عيناه من شدة الغضب، قال: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن كتبك لا كلمتك أبداً ” فجعلنا نقول: يا أبا نجيد إنه منّا إنه ليس به بأس، أي يريدوا أن يقولوا أن هذا ليس شيوعي، ليس شيوعي ولا شيء هو بس مش مجمّع الموضوع، فالرجل ليس فاهماً فقط، فهو الآن عمران بن حصين رضي الله عنه ماذا يقول؟ يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” الحياء لا يأتي إلا بخير ” كله، لم يقسم ولم يفصّل.
فهو يقول له لا يوجد حسن ويوجد قبيح، فأعاد مرة أخرى النبي صلى الله عليه وسلم يقول، ” النبي صلى الله عليه وسلم ” يقول ” الحياء لا يأتي إلا بخير ” فهو أعاد الكلمتين مرة أخرى، لأنه لم يفهم، لأنه لن يصلح أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول الحياء لا يأتي إلا بخير وشخص يقول أنه يوجد هكذا ويوجد هكذا،،إذاً لا يأتي إلا بخير مطلقاً.
يقول صلى الله عليه وسلم ” الحياء من الإيمان والإيمان من الجنة ” سبيل الجنة، ” والبذاء ” – الفحش في القول – الفحش في القول في مقابل الحياء، ” والبذاء من الجفاء والجفاء من النار ” ” الحياء والعيّ من الإيمان والبذاء والبيان من النفاق ” يقول صلى الله عليه وسلم.
ما معنى العيّ؟ العيّ أصلها في اللغة أن الشخص لا يحسن الكلام، لكن هذا ليس المقصود، المقصود أنه يتجمل في كلامه فيصرّح حيث يجمل التصريح، ويكنّي حيث لا يجمل التصريح، فقرن ما بين الحياء وما بين العيّ وقرن ما بين البذاءة وما بين البيان وأن هذه من صفات أهل الإيمان، وهذه من صفات أهل النفاق.
إذاً النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن الحياء الصفة المحبوبة لله سبحانه وتعالى هي ركنٌ ركين للإيمان، فما هو الحياء؟ الجنيد بن محمد يعرّف الحياء، يقول أن الحياء عبارة عن ماذا؟ الحياء عبارة عن شيئين: رؤية الآلاء ورؤية التقصير، فيتولد منهما حالٌ تسمى الحياء، يقول أن هذا الحياء؛ حياء الإنسان من الله هو عبارة عن ماذا؟ رؤية الآلاء أي الإنسان يشاهد، يتفكّر، يدرك إلى أي مدى عظمة نعمة ربنا عليه، وفي المقابل يشاهد ويرى ويلمس ما مدى تقصيرنا إزاء هذه النعم، فأكون حييّ، مستحيي من ربنا سبحانه وتعالى لأنني لم أعامل النعم والعطايا والمنن والمنح الإلهية التي تتوالى تترا ولا تنقطع أبداً بببقدر كبير من التقصير والمخالفة والإعراض والمعصية وتنكب الطريق فأنا حينما أرى هذا وأرى هذا يحصل حالة – يتولد منهما حال – ما معنى حال؟ أي صورة أو صفة يتصف بها أو يستشعرها قلب الإنسان، حالة ووضع أنا أتلبس به وجدانيّاً وقلبيّاً، هذه الحالة تسمى الحياء، إذاً هذا الحياء عبارة عن عملية ستتم، رؤيا للآلاء، أي أنني أستحضر شيئاً من نعم الله عليّ، وفي المقابل أنظر إلى نفسي في المرآة.
إذاً الحياء شيء سيفعل، حالة سأستدعيها عبر استحضاري لمعاني معيّنة؛ أقرن ما بين الآلاء والنعم وبين القصور والتقصير، فإذا رأيت الآلاء والنعم وضممت إليها القصور والتقصير حينئذٍ يتحقق العبد بهذا الوصف أنه يستحيي من الله عز وجل
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين
فالإنسان بنا سبحانه وتعالى يحب منه ويحب له أن يستحيي من الله سبحانه وتعالى ويستحيي من مخالفته ومن معصيته ويستحيي من عباده وأن يستتر بستر الله تبارك وتعالى وأن يستر على عباد الله.
يقول صلى الله عليه وسلم ” إن موسى عليه السلام كان رجلاً حييّاً ستّيراً لا يرى من جلده شيء حياءً منه صلى الله عليه وسلم ” شديد الحياء بحيث أنه يبالغ في الاستتار ” فقال بنو إسرائيل: ما يستتر موسى هذا الاستتار إلا لعيبٍ ” الحياء والتصون والتستر الذي هو أرقى صفات الإنسان ربما ينظر إليه بعض الناس على أنه علامة على العيب والنقص، تحويل الفضيلة إلى عجز، هذا يتحول إلى هذا.
يقول المتنبي: الظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعلة لا يظلم.
أي أنه لا يقدر، هذا الكلام غاية في الخطورة ” فإن تجد ذا عفة فلعلة – لضعف ونقص – لا يظلم، فهو لم يستطع أصلاً، هو لم يستطع أن يظلم فلم يستطع أن يكمل ويقود هذا الطريق،، هذا الكلام غاية في الخطر، هذا إلغاء لكل دين ولكل خلق ولكل فضيلة ولكل خشية لله تبارك وتعالى فهو لا يستتر هذا الاستتار إلا لأن لديه عيب إما برص وإما أدرة وإما آفة.
موسى عليه السلام يغتسل ووضع ملابسه على حجر، ولما فرغ من اغتساله دنا إلى ثيابه ليأخذها، فالحجر أخذ الثياب وجرى، فأخذ موسى عصاه وجعل يطارد الحجر، فالحجر أخذ الملابس وذهب بها وسيدنا موسى يجري وراءه يقول ” ثوبي حجر، ثوبي حجر ” هات الهدوم، هات الهدوم، هات الهدوم، فظل يجري حتى وقف به على ملإٍ من بني إسرائيل – جمع كبير جالسين – فلما وصل الحجر عندهم ” قام ” وقف والملابس عليه، فرأوه من أحسن ما خلق الله سبحانه وتعالى شكلاً وجلداً وصورة فأخذ ثيابه فلبسها ثم أخذ عصاه وجعل يضرب الحجر، يقول صلى الله عليه وسلم ” حتى إن بالحجر لندباً – شقوق – ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً ” يعاقبه، كيف يفعل ذلك؟ ثم يقول أبوهريرة قال صلى الله عليه وسلم وهو قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا لا تؤذوا محمداً صلى الله عليه وسلم كما آذت بنو إسرائيل موسى عليه السلام لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا فخطر جداً جداً أن المعاني الراقية ينظر إليها المجتمع على أن هذه مداراة لنقص وعجز وسوءة، وكم كان مقدار إيذاء بني إسرائيل لمن اصطفاهم الله من أنبيائه ورسله وصالح عباده، لأجل ذلك حُذّرنا كثيراً من أن نسلك سبيل هؤلاء، وأخبرنا أننا رغم ذلك سنفعل ذلك ” لتتبعنّ سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى إذا دخلوا جحر ضبٍّ دخلتموه، قالوا: يا رسول الله اليهود والنصارى، قال: فمن! “
وقال صلى الله عليه وسلم ” لا يستر عبدٌ عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة ” وقال ” المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة، فرّج الله عنه كربة – ولكن ليست من هؤلاء – من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ” هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ هذا قانون، من سيسير في حوائج الناس ربنا لن يضيّعه، ومن سيفرّج كروبات الناس ربنا لن يتركهن وليس هذا فقط، يوجد شيء أهم من هذا بكثير، الكروبات هنا مهما كانت هي تمر، والحياة لا تخلو من هذا، لكن هناك…، من يستر على الناس هنا؛ ربنا سبحانه وتعالى سيستره هناك لأن هناك الفضيحة هي فضيحة حقّة، وقال صلى الله عليه وسلم مشدداً في وعيدٍ ربما لم يتكلم بمثله يقول ” يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته ” ربما لم يشدد مثل هذا التشديد ” يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه ” الإيمان حينما يستقر في القلب له آثار، لابد أن ينضح على الإنسان فهذا إيمان صوري وليس إيمان حقيقي، ما مظاهر الإيمان الصوري الذي ليس حقيقي؟ الوقوع في أعراض الناس وتتبع عورات الناس، ” لا تغتابوا المسلمين ” هذا الوقوع في العورات ” ولا تتبعوا عوراتهم ” طبيعي، هو شخص، شخص يريد أن ينتقص الناس فلابد أن يتحسس لكي يخرج أشياء لكي ينتقص بها الناس لأنه يريد أن ينتقص، هو يريد هذا، ” لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم ” فمن سيفعل هذا؟ ” فإنه من تتبع عورة أخيه ” ” عورة أخيه ” هذا انتكاس وتخبط في كل شيء ” فإنه من تتبع عورة أخيه ” من الذي سيقابله؟ فهو تتبع مهما تتبع هو في النهاية عبد محدود في إدراكه وفي معرفته ويقابل في محاولة الفضح، بأنه في المقابل الستّير، هو لا يستطيع كشف ستر ربنا أراد أن يضعه، لا يعرف لا يعرف أصلاً،، لكنه يتتبع، هو يأخذ بالأسباب،، فلما يتتبع هو في النهاية لا يعرف، يوجد شخص سيتتبعه، من الذي سيتتبعه؟ يتتبعه علّام الغيوب فإنه يعلم السر وأخفى أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ولو تتبع ربنا هذه العورات؟ يجعله محلّاً للفضيحة ولو استتر بستر بيته، ولو في جوف بيته، ولذلك كان من عظيم نعم ربنا سبحانه وتعالى علينا وهذا غريب، وهذا غريب جداً أن ابن المبارك كان يقول رحمه الله؛ يتكلم عن صيانة ربنا سبحانه وتعالى لكلمات نبيّه ولوحيه الذي أوحاه إليه، يقول ” كان الرجل يهم ” أي أن الشيطان يلعب في رأسه ” يهم بالكذب على رسول الله فما يصبح إلا والناس يقولون فلانٌ كذاب ” هو لم يفعل شيئاً، لم يفعل شيئاً، هو لم يفعل شيئاً ولكنه يفكر في الأمر، فربنا سبحانه وتعالى يقذف في قلوب العباد بأن هذا خطر، أن هذا لا، أن هذا غير مؤتمن.
إذاً ربنا سبحانه وتعالى إلام يدعونا؟ ربنا سبحانه وتعالى يدعونا إلى الحياء وإلى التصون والتستر في نفسنا وعلى من حولنا، يدعونا إلى هذا كيف؟ فقط يقول سبحانه وتعالى أنا أحب هذا، وهذا يكفي، من المفترض أن هذا يكفي، لو ربنا رزقنا الإيمان فهذا يكفي أن ربنا يقول لنا أنه يحب كذا ولا يحب كذا، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول أن ربنا سبحانه وتعالى يحب الحياء ويحب الستر، ويكفي قبل أن يقول أنه يحب أن يقول أنه يتصف،، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال هذا قال ” إن الله عز وجل حييٌ ستّير ” هذا وصفه، وبعد ذلك يعطف يقول أنه يحب ” إن الله حييٌّ ستّير يحب الحياء والستر “
اللهم استرنا بسترك الجميل واجعل تحت الستر ما تحب، اللهم استرنا بسترك الجميل واجعل تحت الستر ما تحب، اللهم استرنا بسترك الجميل واجعل تحت الستر ما تحب
اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
اللهم استر عوراتنا، اللهم استر عوراتنا، اللهم استر عوراتنا، اللهم آمن روعاتنا، اللهم آمن روعاتنا، اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.
اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم ولا تعذّبنا فأنت علينا قادر والطف بنا يا مولانا فيما جرت به المقادير واختم لنا منك بخاتمة السعادة أجمعين
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم