Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

عاقبة العقوق 2

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد:

أعيد مرة أخرى كي يعقل عني ما أقول، قال الله تبارك وتعالى: وَللهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى هذا هو القانون الإلهي الذي لا يتخلف وَللهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى قال الله تبارك وتعالى لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ….

كنا في حديث عن عاقبة عقوق العبد لربه تبارك وتعالى وما يصيبه من جراء ذلك ووقفنا عند التعبير بالذوق، التعبير الذي جاء في كلام الله تبارك وتعالى للتعبير عن هذه الحال، لما؟ لماذا كلمة الذوق؟ علام تدل؟ أعلى درجات الملابسة والإحساس، أعلى درجات الملابسة والإحساس، ونحن أيضا نعبر بهذا عندما نحب أن نخبر أحدا سلك مسلكا أو فعل فعلا معينا فنقول له ” ذق ” ، لأنه لا يستشعر الشئ أشد مما يستشعره بالذوق.

ربنا سبحانه وتعالى

تكلم عن ذوق الرحمة وتكلم عن ذوق العذاب، قال الله تبارك وتعالى وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ۝لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ…. يكفروا بما آتيناهم، يكفروا بنعم الله وبفضله وبإحسانه وببره، ليكفروا بما آتيناهم، يجعلوا من نعم الله تبارك وتعالى الموجبة للشكر، من نفس النعم، طريقا للملك، أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ… هل هذا هو جزاء نعمة الله تبارك وتعالى عليه؟ …..فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ۝أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَوَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ۝وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ۝إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ… إلا الذين صبروا في الأولى، وعملوا الصالحات في الثانية، ” ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه ” هنا ” إلا الذين صبروا ” ، ” ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني ” هنا ” وعملوا الصالحات “

لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ۝ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ

و لما ذكر سبحانه وتعالى إرسال الرياح وإنزال المطر قال ” وليذيقكم من رحمته ” ” وليذيقكم من رحمته ” .

….وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ.

إذا الله سبحانه وتعالى يتحدث عن نعمه وعن رحمته وعن فضله الذي يذيقه لعباده، ثم يتحدث سبحانه عن جحود العباد لنعم الله تبارك وتعالى عليهم ولإعراضهم عن ربهم وما يترتب عليه من ذوق آخر مناف لهذا الذوق الذي ذكره الله تبارك وتعالى، وهذا هو ما كنا نتحدث عنه وهذا فيه مجموعة من النقاط التي تجعل الموضوع صعب قليلا، لماذا؟

أولا لابد للإنسان أن يؤمن وأن يوقن بهذا القانون، لا يمر شيء بدون حساب وإن ظننا نحن خلاف ذلك وأن الذوق الناتج عن الجحود واقع لا محالة ولكن الإنسان يغتر بالحلم ويغلبه الجهل. فذكرنا في سورة السجدة أن ربنا سبحانه وتعالى ذكر الذوق 3 مرات متتابعةوَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ… هذا ذكر ليوم الجمع، ليوم الفصل، ليوم التغابن، الذي هو بالنسبة لنا حقيقة أقرب للخيال،حق أقرب الى الباطل وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا… الآن قد أدركنا، قد أيقنا،قد آمنا….فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ ۝ وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ۝ فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ هذا ذوق ” فذوقوا بما نسيتم وبما كنتم تعملون ” فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونهذا هو الأول.

إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ۝ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ۝ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ۝ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ۝ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ۝ وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ الثانية ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وهذا ما قلناه، ذوق دون ذوق، أي أن ربنا سبحانه وتعالى يجعل هذا الذوق الثاني حاجزاً ومانعاً من الذوق الأول، الأول في الآيات، والثاني في الواقع أو في الحقيقة، فإذاً هناك ذوق للعذاب الدنيوي يحول…، من المفترض أن يحول بين ذوق العذاب الأخروي وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ۝ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ۝ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ۝ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فربنا سبحانه وتعالى من رحمته، من رحمته جعل ذوقاً دون ذوق، ذوق أدنى دون الأكبر، ذوق أدنى دون الأكبر، فهذا الذوق حين يكون مؤلماً، حين يكون مؤلماً حينئذٍ يقبل الإنسان على الله أو يتوب أو ينيب إليه سبحانه وتعالى، حسناً وإن لم يكن كذلك؟ فالقلب إذاً كما وصفه الله وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فالقلوب تحجرت فلا تتأثر والإنسان يجمّل لنفسه صورة الحياة المشوهة التي يعيشها حتى يستطيع أن يعيشها، نحن قلنا قبل ذلك كثيراً أن الإنسان لا يمكن أن يتمادى في الغي زماناً طويلاً دون أن يقنن هذا الطريق، دون أن يصوب عمله، لا يستطيع أن يتعامل مع نفسه ” مش هينفع الإنسان يفضل ضميره يؤنبه طول عمره ” لا يستطيع أن يفعل هذا، لا يستطيع، فإذاً يجب على الإنسان أن يعيد صياغة الأمور حتى يجمل الأهواء ويجمل ويزين الأعمال حتى يستطيع أن يستمر فيها، وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ.

 هناك مشكلتين أخريين أصعب قليلاً، أن يؤخر الإنسان إدراكه أو ذوقه لما ينتظره، فإذا تراخت عاقبة الأفعال فيعتقد الإنسان أنها ليست موجودة أصلاً، أو لن تحصل، فلو أراد ربنا عقابه لعاقبه في أول الأمر، أو أراد أن يأخذه لأخذه في أول الأمر، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، قال صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة، ومثل الفاجر أو المنافق كالأرزة لا تزال حتى يكون إنجعافها مرة واحدة، مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، النبتة الضعيفة، تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة، ” تلطّش كدة شوية وكدة شوية ” ، حسناً، هل هذا جزاء الإيمان؟! هل جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ؟ فلماذا تفيئها الريح مرة وتعدلها مرة؟ من رحمة ربنا سبحانه وتعالى بالإنسان المؤمن أنه لا يزال ينقيه، لا يزال يطهره ويزكيه، حكمتين ورحمتين عظيمتين، الأولى أن الإنسان يبقى ذاكراً لله دائماً لأن دوام ما نعده نعيماً يورث كما قال الله تبارك وتعالى ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ، الشيء الثاني ” ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ” ربنا سبحانه وتعالى دائم التنقية والتطهير لهذا الإنسان، حسناً، هل هو كثير؟ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ بِشَيْءٍ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ” يبتلى المرء على قدر دينه فإن كان في دينه شدة زيد له في البلاء، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه ” ، فالرياح تفيئها ولا تتركها مائلة دائماً ولكن تعدلها كما كانت، ثم تفيئها ثم تعدلها كما كانت، فإذا كانت مائلة يتذكر الإنسان ويتوب، وإذا كانت قائمة يشكر ويصلح، حسناً، وشجرة الأرز؟ لا تتأثر، هذه الرياح لا تؤثر فيها، ” لا تزال ” حسناً، هل معنى لا تزال أنها لن يصيبها شيء؟ لا، لأنها تنتظر الإعصار، تنتظر الإعصار، ” حتى يكون إنجعافها مرة واحدة ” وخطورة المرة الواحدة أنه لن يكون هناك استدراك، وذكرنا المرة السابقة أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحذر المؤمنين من الربا قال : ” وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قلة ” فإنه وإن كثر بالنظر، لكن ماذا سيورث مستقبلاً؟ فأنا من المحتمل ألا أذوقه الآن لكني سأذوقه مستقبلاً، وإن ذقته؟ فماذا سيكون حالي؟.

أقول قولي هذا واستغفر الله.

 الحمد لله رب العالمين،،،

فهذه أول نقطة أن الحاجة ممكن أن تكون مؤخرة فيعتقد الإنسان أنه إن لم تأت اليوم فهي لن تأتي، يقول ربنا سبحانه وتعالى أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ بالطبع كل الناس تتمنى هذا، أن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وبعد ذلك؟ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ، كنت أملك كل شيء وأكثر مما أرجو، وأكثر مما آمل وأتمنى، ومرتكن إليها، والسن كبر، لم أعد قادراً أن استمر في الاستثمار فأنا الآن أركن على ما بنيته طول عمري، والأولاد مازالوا صغاراً لن يبلغوا مبلغاً أعتمد عليهم فيه أو أرتكن إليهم أو يكونون سند لي، ثم ماذا؟ وفجأة كل شيء قد ذهب، كل شيء قد ذهب فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَت في أي سياق ذكر ربنا سبحانه وتعالى هذا؟ ذكره في سياق أن الإنسان يفعل خيراً ويبطله، قال قبلها يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ فيفعل خيراً ثم يفسده، فحين يأتي الوقت الذي كان ينتظره لكي يجني الثمرة فلا يجدها، لا يجد الثمرة.

حسناً، الشيء الأخير وهو أصعب شيء، أنني الآن أذوق عاقبة العقوق لكنني لا أملك الحاسة التي استشعر بها، فلا أحس بما أتذوقه، وهو أخطر شيء، أنني أعاقب الآن وليس مستقبلاً، ولا أحس أنني أعاقب، وهذا أخطر شيءٍ أن الإنسان يعاقب فعلياً وهو لا يستشعر ذلك لأن معايير التقييم عنده مختلة.

 حينما ينقص الإنسان في إيمانه حينما يتغير قلبه تجاه الله، حينما تستغرقه مشاكل ومشاغل فيعزب عما كان فيه، حينما تغرق الفتن الإنسان وهو لا يدري وهو لا يشعر، ولذلك ذكرنا قول من قال: يا رب كم أعصيك ولا تعاقبني، فجاءه الرد، أليس جمود عينيك وما أصاب قلبك من القسوة عقوبةٌ بالغة؟، قال: ألم أسلبك حلاوة مناجاتي؟، حسناً، هل هذه تقيّم أم لا تقيّم؟ لأننا من الممكن أن لا نشعر بها، فيذهب الإنسان بعيداً وهو لم يعلم أنه قد ذهب بعيداً، فكان في وقت معين له تفكير وأولويات معينة ويضع علاقته بربنا في بؤرة شعوره، ثم مع توالي الأيام والانشغالات والفتن التي تعرض للإنسان، وأشياء يتشبث القلب بها ويتعلق، يسير بعيداً وهو لا يشعر أنه قد سار بعيداً، فيذوق المر وهو لا يحس به ” يدوق المر وهو شايف إن دا حلو ” ، أو يرى أن ما حصل قد حصل، ولا يوجد مجال للعودة، فمن الممكن أن يكون تفكيره هكذا، ومن رحمة ربنا أن في الدين وفي العلاقة مع الله الإنابة موجودة دائماً، لكن الإنسان أحياناً يشعر أن الأمر أصبح عسيراً، أو أنه قد فقد قوته أو إرادته أو عزمه، أو أنه قد جاء في أقصى اليمين وحين أراد العودة وجد صعوبات ” فيه أربع حرات والدنيا مكعبلة ” ، وهذا أشد ما يكون من العذاب، فأخطر شيء أنني لا أشعر، أخطر شيء أنني لا أشعر، من الممكن أن يكون الإنسان على أشد ما يكون من عقوبة وهو لا يدري أنه يعاقب، ولذلك هذا يجب أن يقيّم، ما الذي يكسبه الإنسان وما الذي يخسره، وماذا يعد للأيام القادمة، وما الذي يمكن أن يُضحى به وما الذي لا يمكن أن يُضحى به.

 حين تعيش في واقع صعب، والإعانة على الخير فيه شبه معدومة، وأسوء من ذلك أن المعايير تكون مختلة، وأن يستنكر الناس ما لا ينبغي أن يستنكر، وتحمد ما لا ينبغي أن يحمد من الأفعال والأقوال والسلوكيات والتوجهات، يكون الأمر صعباً، ولذلك نحن قلنا أن الإنسان أحوج ما يكون للقرآن .. لماذا؟ لأن القرآن هو الذي يورث الإنسان اليقين ويعطيه المعايير الصحيحة ويعطيه النماذج الصحيحة وهذا هو أهم شيء وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ ” مش حدوتة ” وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ من المخاطب؟ فإذا كان المخاطب يقول له ربنا سبحانه وتعالى مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ فما بالنا نحن؟، إذا كان صاحب هذا المقام يحتاج أن يقال له أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ فإذاً قلب الإنسان يحتاج أن يمن عليه ربنا سبحانه وتعالى بالتثبيت، ولذلك حينما نقول أو حينما ينقل أنه كان من أكثر دعاءه وهو أعلم الناس وأعرفهم وأفقههم، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، حين يكون أصل هذه المضغة التقلب، وهنا الخطر أن الثبات ليس الأصل في حال القلب ” لقلب ابن آدم أشد تقلباً من القدر إذا استجمعت غلياناً ” ، وهنا الخطر، أنه لو كان الأصل فيه الثبات لأصبح الأمر سهلاً وهيناً، والقلب المتقلب يكون غريباً خارجاً عن المألوف، لا، القلب بطبيعته يتقلب، فهو أشد ما يكون ابتهالاً إلى الله سبحانه وتعالى أن يجعل القلب ثابتاً في محل معين، فهو يطلب التثبيت على شيء واحدٍ فقط، أنه وهو يتقلب لا يتقلب بعيداً عن الدين، بعيداً عن الله، ” اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ” .

 ربنا سبحانه وتعالى لازال يذقنا الرحمات، كلما شكرنا الرحمات يجنبنا ربنا ذوق أثر الخطيئات، فالإنسان لا بد له من ذوق، لابد، يذوق الرحمة ويريد المحافظة عليها، يريد أن ينأى بنفسه عن ذوق العذاب، فعليه أن يلازم الشكر ويدرك حقائق النعم، قال ابن مسعود رضي الله عنه: إن الله تعالى يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ، ولا يعطي الإيمان إلا لمن أحب، إن الله تعالى يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا لمن أحب، يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب، هذا عطاء مشترك ولا يدل على شيء، لا يدل على شيء فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ سماه ابتلاءً فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ هذه الترجمة وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ سماه ابتلاءً أيضاً فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ هذه الترجمة، قال: كَلَّا، قال: كَلَّا، قال تبارك وتعالى معقباً كَلَّا، لا يكون الأمر كذلك، تلك تقيمات خاطئة، هذا ابتلاء وهذا ابتلاء، حسناً، وعلامة الحب؟ ما يرزق الله سبحانه وتعالى الإنسان من الإيمان، لأنه ما ينفع في الدنيا والآخرة، وليس في الآخرة فقط، هذا ما ينفع في الدنيا وفي الآخرة، مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً فالإيمان هو علامة الحب، إذا أعطى الله الإنسان من الإيمان فهو يحبه، فهو يريد به الخير، هل سيشكر النعمة ويتقبلها أم سيزهد فيها ويعرض عنها؟.

 فمن الممكن أن تكون النعمة أمامي وأنا مشغول عنها، العين لا ترى إلا ما يتعلق به القلب وفقط، من الممكن أن يعبر شيء أمامك ويكون في متناولك لكنك لا تمد يدك إليه، لأنك لست منشغلاً به، أنت منشغل بأشياء أخرى وأمور تتمناها، وهذا في كل شيء، دائماً يتعلق قلب الإنسان بالأشياء البعيدة عنه، وزاهد في القريب منه، في كل شيء، دائماً طموح الإنسان يتعلق بالبعيد حتى نحن إذا حصّلنا ما كنا نراه بعيداً نزهد فيه، لو كان بعيداً ثم تناولته وأصبح قريباً منك، بعد فترة تبدأ في البحث عن شيء بعيد آخر، دائماً، لآن النظر يكون دائماً على الشيء البعيد، وحين تتملك هذا الشيء بعد فترة تزهد فيه رغم رغبتك الشديدة على امتلاكه، وعلى حسب قدرها وقيمتها تكون مدة استمتاعك بها، ولكن في النهاية ستزهد فيها، ولذلك يستمر الإنسان دائماً دائماً في هذه المعاناة لأنه لا يرضى، فإذا وضع ربنا الإنسان على طريق الإيمان أو هداه إلى الإيمان أو بصره بقيمة الإيمان عليه أن يعطي النعمة قدرها حتى لا تُسلب، لأنه لا يمكن أن يكون الإيمان أو القرآن أو الهداية شيء رخيص جداً لدرجة أن تكون مرمية على الأرض ونحن نسير عليها ” وعادي كده ” ، لا، قال: وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ، وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ” ألا إن سلعة الله غالية ” ليست رخيصة، أحياناً لأنها متاحة دائماً نحس أنها رخيصة، ولكنها ليست كذلك، ولو سُلبت من الإنسان فسيندم ولكن ولات حين مندم، سيندم ولكن ولات حين مندم.

اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا ولي الإسلام وأهله مسكنا الإسلام حتى نلقاك عليه.

اللهم يا ملقب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا ملقب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك.

اللهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا، اللهُمَّ مَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا، وَأَبْصَارِنَا، وَقُوَّاتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا.

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يبلغنا إلى حبك، اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يبلغنا إلى حبك، وحب عمل يبلغنا إلى حبك.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.