الحمد لله رب العالمين، رب العالمين مالكهم وخالقهم ومدبرهم ومربيهم والمتصرف فيهم سبحانه وتعالى بما شاء كيف شاء.
ربُ هذا الكون بما فيه ومن فيه، المجرات والأفلاك والنجوم والكواكب والملائكة والأنس والجن والطير والجبال والبحار والهوام والدواب، كل ذلك مربوب لله رب العالمين.
هو سبحانه وتعالى الذي يتصرف في كونه على وفق علمه وعدله وحكمته ورحمته، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ.
انظر إلى هذا النسق الإلهي،قال الله تبارك وتعالى قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي، فإذا خفت عليه فالقيه في اليم، وهذا الالقاء الذي أمر الله تبارك وتعالى به يبدو لأول وهله وفي باديء الرأي أنه يزيد الوجل ويزيد الجزع ويزيد المخافة، إذا خافت عليه من فرعون ومن جنده فعليها أن تلقيه في اليم، ويكأنها تستبدل المخافة المظنونة بالمخافة المتيقنة فإنها إذا وضعته في اليم فإنه يغرق وهو يختنق فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ولكن وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي
إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ ثم هذا اليم مربوب مأمور من رب العالمين تبارك وتعالى له دوره الذي يؤديه وواجبه الذي أمره الله عز وجل به هكذا في نسق واحد
بل العدو الذي يأخذه، هو أيضاً لابد أن يفعل ما أمره الله عز وجل لا يمتنع منه ولا يستعصي عليه اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يؤدي مهمته التي أمره الله عز وجل بها.
قال الله تبارك وتعالى: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ؛ هذه النار كذلك مربوبة مخلوقة مؤتمرة بأمر ربها تبارك وتعالى، فلما أن ألقوه فيها بعدما أوقدوا عليها أياماً، ماكان إلا أن أمرها الله عز وجل بأن تكون برداً وسلاماً على إبراهيم، فامتثلت أمر ربها تبارك وتعالى فلم يصبه من حرها ولا من ضررها شيء.
فالله سبحانه وتعالى الذي جعل فيها خاصة الإحراق هو سبحانه وتعالى متى شاء، كيف شاء أوقف هذه النواميس التي خلق والتي قدر والتي جعلها سبحانه وتعالى سنن إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عن أبي هريرة: غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَاــ كاتب كتابه ــ وَلَا أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَاــ بنا بناءً ولم يكمله ــ وَلَا أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ ــ أي إبل ــ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا. لشدة تعلق هذه القلوب بهذه الإشياء فهي لا تفارق خواطرهم يريدون أن يعودوا إليها سريعا ثم يقول صلى الله عليه وسلم: فدنا من القرية – التى يريد – حين صلى العصر أو قريباً من صلاة العصر فقال للشمس إنكي مأمورة وأنا مأمور مربوب لأمتثال أمر الله عزوجل، اللهم احبسها عنا فحبست حتى فتح الله عزوجل عليهم هذه الشمس كذلك خلق من خلق الله تعالى تمتثل أمره وتأتمر بأمره فأمرها الله تعالى أن تكف فلا تغرب الشمس قبل أن ينتهى من مهمته التى أمره اللع عزوجل بها فاحتبست عليهم حتى فتح الله عزوجل عليهم فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُّنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَىٰ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِّمَن كَانَ كُفِرَ
وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ
فهذا الماء الخارج من الأرض والنازل من السماء موكول بأمر ربه ممتثل لأمره لا يمتنع منه، هذا الماء الذي جعله الله نعمة ومنه عظمى الذي قال الله عزوجل فيه وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ هو هو هذا الماء الذي جعله الله نعمة من أعظم النعم ينقلب يوما ما لعذاب من أشد العذاب على هؤلاء العباد
فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وهكذا يصير الماء عذاباً بل ياتي على أقوام عافانا الله واياكم من حالهم.. يأتي على أقوام أيام يصير فيه الماء حراماً وَنَادَىٰ أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّـهُ قَالُوا إِنَّ اللَّـهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ هذا البحر المخلوق المربوب لله رب العالمين الذي يأتمر بأمره سبحانه وتعالى فينجي هؤلاء ويغرق الاخرين هو هو سبيل لنجاة هؤلاء وسبيل لغرق هؤلاء.
في سنن الدارمي ومسند أبي يعلى واللفظ لهما عن ابن عمر قال: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه أعرابي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لك في خير؟ تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فقال الأعرابي ومن يشهد لك؟ قال صلى الله عليه وسلم هذه السلمة – شجرة في أول الوادي على مسافة بعيدة – قال هذه السلمة فدعاها صلى الله عليه وسلم فأتت تخد الأرض خدا يعنى تشق طريقها كالاخاديد حتى قامت بين يديه صلى الله عليه وسلم فأستشهدها فشهدت ثلاثاً أنه رسول الله أتي قومي ادعوهم إلى الإسلام فإن بايعوني جئتك بهم وإلا اتيتك حتى أكون معك هذه الشجرة أيضا مربوبة لله رب العالمين تأتمر بأمره لا تمتنع منه فما أن دعاها صلى الله عليه وسلم أقبلت حتى قامت بين يديه مقام الخاشع المتواضع العارف لقدره صلى الله عليه وسلم فلما استشهدها شهدت ثلاثاً أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ هؤلاء الذين يقولون هؤلاء الذين يخاطبون لسنا نحن وإنما هم المشركون هؤلاء المخاطبون هم المشركون قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّـهِ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ مَا اتَّخَذَ اللَّـهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـٰهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۚ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يَصِفُونَ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ آللَّـهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ تَعَالَى اللَّـهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّـهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ
قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ
أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ فَذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ ۖ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ۖ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ كَذَٰلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۚ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ
الحمد لله رب العالمين
ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا اذ انه من بلدة الكفر أنجانى
تقول عائشة رضى الله عنها فيما رواه البخارى: ” اسلمت امرأة سوداء لبعض العرب فأتت المدينة فكانت فى حفش لها – أى بيت صغير لها فى المسجد – تقيم فى غرفة صغيرة قريبة السقف فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. تقول عائشة فكانت تأتينا فتتحدث عندنا وكانت كلما ختمت حديثها قالت قالت ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا اذ انه من بلدة الكفر انجانى.
تقول عائشة فلما اكثرت اى من ذكر هذه الجملة وكررت وكررت، قلت لها وما يوم الوشاح؟ فقالت خرجت جويرية لنا من بعض العرب ” هى كانت أمة عند اناس ثم اعتقت ” فخرجت مع هذه الجارية الصغيرة فسقط وشاح لها – زى اشارب كده وجلد كان لونه احمر – سقط من هذه الجارية الصغيرة، تقول فأتت الحدية – الحداية اللى مبتحدفش كتاكيت – فاتت الحدية فظنته لحما فأخدته، اخذت الوشاح وطارت.
فأتى أهلها فاتهمونى به فجعلوا يعذبوننى ثم جعلوا يفتشون هذه المرأة تفتيشا ذاتياً حتى أهانوها إهانة بالغة وهى فى كربها ولاتدرى ما تصنع، تخبرهم أنها لم تأخذه ولكنهم لايصدقون، وهى لا حول لها ولا طول ولا قوة.
وكانت إذ ذاك على الشرك قبل أن تسلم، تقول فينما أنا فى كربى الذى أنا فيه إذ أتت الحدية حتى وازت رؤوسهم – رجعت تانى ووقفت فوقيهم بالظبط – ثم ألقته بين أيديهم فأخذوه فقلت: هذا الذى اتهمتمونى به وأنا منه بريئة.
هذه رحمة الله عز وجل تنال هذه المرأة المسكينة الضعيفة وهى على ملة الشرك لا على ملة الاسلام والايمان ولكنها رحمة الله عز وجل التى وسعت كل شئ ونالت كل مخلوق وجعلت المرأة كلما تحدثت حديثا ذكرت هذه الكلمة
ويوم الوشاح من تعاجيب ربنا إذ إنه من بلدة الكفر أنجانى
فالله سبحانه وتعالى رفع عنها كربها ثم أقبلت إلى مدينة رسول الله صلى الله وعليه وسلم فأسلمت شكرا لله عز وجل على ما أعطاها وعلى ما أولادها فالله سبحانه وتعالى يسوق ويقدر لعباده مقادير الخير والبر والرحمة، امتن عليها بعد ما اسأوا اليها، فنفر قلبها منهم فأقبلت الى ربها عز وجل تائبة مؤمنة طاهرة
وشاهدنا الذى ذكرناه لأجلهن انه حتى هذه الحدية مخلوقة مربوبة بامر الله عز وجل، فهذا كما ذكرت هذه المرأة من تعاجيب ربنا تبارك وتعالى، هذا أمر ليس له نظير.
فالله سبحانه وتعالى رفع عنها كربها ثم أقبلت إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت شكراً لله عز وجل على ما أعطاها وعلى ما أولاها فالله سبحانه وتعالى يسوق ويقدر لعباده مقادير الخير والبر والرحمة.. امتن عليها بعدما أساءوا إليها فنفر قلبها منهم فأقلبت إلى ربها عز وجل تائبة مؤمنة طاهرة.. وشاهدنا الذي ذكرناها من أجله أنه حتى هذه الحديّا مخلوقة مربوبة مؤتمرة بأمر الله عز وجل فهذا كما ذكرت هذه المرأة من تعاجيب ربنا تبارك وتعالى.. هذا أمر ليس له نظير أن تأخذ شيئاً فتسير به بعيداً فإذا لم تنتفع به فإنها تطرحه أما أن تحتفظ به وتعود مرة أخرى حتى تقف على رؤوسهم في ذات المكان الذي أخذته منه ثم تلقيه بين أيديهم ليكون براءة لهذه المرأة فهذه كما أخبر من تعاجيب ربنا إذ أنه من بلدة الكفر أنجاني.
يقول محمد ابن المنكدر رحمه الله يحدث عن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ركب سفينة في البحر يقول فانكسرت بي فركبت لوحاً من ألواحها فألقاني في أجمة أي في غار.. فألقاني هذا اللوح في أجمة فيها الأسد فأقبل إليَّ ينيلوني فقلت يَا أَبَا الْحَارِثِ، أَنَا مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكلم أسداً يقول يَا أَبَا الْحَارِثِ، أَنَا مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول فطأطأ رأسه ثم أقبل إليَّ يدفعني لأركبه حتى أخرجني من الأجمة ووضعني على أول الطريق ثم همّهمَّ فظننت أنه يودعني فكان هذا أخر عهدي به. يَا أَبَا الْحَارِثِ، أَنَا مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا الأسد المخلوق المربوب المؤتمر بأمر ربه تبارك وتعالى يطأطأ رأسه اجلالاً لرسول الله ثم يقود هذا الصحابي إلى حيث يخرجه من هذه الأجمة التي هي محل الخطر.
وفي كتاب لابن الأثير أن عقبة بن نافع رحمه الله أراد أن يبني مدينة ليضع فيها عسكر المسلمين وأهليهم فأتى على محلة من الأرض التي هي القيروان يقول ابن الأثير وهي أجمة مشتبكة – أجمة أي غابة فيها شجر مشتبك – وفيها من أصناف الحيوان الحيات والسباع وغير ذلك مما خلق الله عز وجل فهي مخيفة غير مأمون يقول فدعا الله عز وجل أي عقبة وكان مستجاب الدعوة ثم نادى أيّا أيتها الحيات والسباع إنا صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتحلوا فإنا نازلون فمن وجدناه منكم بعد ذلك قتلناه يقول ابن الأثير فجعل الناس ينظرون إلى هذه الدواب وهي تحمل أولادها وترتحل هذه الأجمة فأسلم قبيل من البربر كثير في هذا اليوم وفي الرواية التي ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية يقول فجعلت هذه السباع تحمل أولادها وتخرج بها وجعلت الحيات تخرج من أجحارهن هاوارب فأسلم خلق من البربر كثير هذه الأجمة بما فيها من حيات وسباع وهوام هذه بكل ما فيها مربوبة لله رب العالمين مؤتمرة بأمره تبارك وتعالى إذا أمرت أن تخرج من هذه الأجمة لكي يقيم فيها صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجنده المؤمنون أذعنت وأطاعت وخضعت وامتثلت لأمر الله رب العالمين هذه الكلمة التي أمرنا الله عز وجل أن نستفتح بها قراءتنا في كل ركعة من ركعات صلاتنا لا تصح لنا صلاة إلا بها هذه الكلمة الحمد لله رب العالمين تعطي العبد أو تشعره بمقدار عظمة الله عز وجل وأن كل شيء في قبضته تبارك وتعالى وفي حبل سلطانه وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ قال الله تبارك وتعالى ناصحاً وواعظاً لعباده الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه قال الله تبارك وتعالى ناصحاً إياهم وهم نحن فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك، لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك.
اللهم اجعلنا ممن يعرفك حق معرفتك ويخشاك حق خشيتك، اللهم اجعلنا ممن يعرفك حق معرفتك ويخشاك حق خشيتك.
اللهم اجعلنا من المخبتين، اجعلنا من الأواهين المنيبين، اللهم تقبل توبتنا واغسل حوبتنا وامحو خطيئتنا، وثبت قلوبنا وسدد ألسنتنا واسلل سخيمة قلوبنا
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم