إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد ،،
عودٌ إلى التسبيح
لقد ذكرنا مراراً قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن سنّة من سنن الله سبحانه وتعالى في أجيال هذه الأمة المتعاقبة، قال صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة في سنن أبي داوود: إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها.
حينما يغيب الدين غياباً كليّاً أو شبه كليّ عن مجتمع من المجتمعات حينما يغفل الناس كل الناس أو أكثرهم عن ربهم تبارك وتعالى حينما ننسى جميعاً أو معظمنا عظمة ربنا تبارك وتعالى توقيراً وتعظيماً، حينما نغفل كلّنا أو أكثرنا عن لقاء الله تبارك وتعالى والدار الآخرة، حينما يغيب بيننا أو يكاد الشعور بالرحمة والودّ والتراحم والتعاطف ويحلّ محله النفرة والعداء والصراع، حينئذٍ يتوجب علينا أن نراجع هذه الكلمات، وأن نستشعر عظيم الحاجة إلى هذا التشديد أن نعود مجدداً إلى ربنا تبارك وتعالى، نعود إلى نقطة البداية حينما يفقد المجتمع، أو يفقد المرء طريقه، لا سبيل له إلا أن يعود إلى نقطة البداية، لكي يعرف ولكي يدرك كيف انحرف عن سبيله، وكيف أضاع طريقه، فلا يمكنه إلا أن يعود مجدداً من حيث ابتدأ لكي يضبط حركته ومسيرته، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم إننا في كل قرنٍ من الزمان سنفقد طريقنا فنحتاج إلى أن نعود إلى أن نجدد لنا ديننا، ولكي يتجدد الدين لابد أن نعود إلى أصوله، نعود إلى بداية النور، إلى حين ما تنزّل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الرسالة وبهذا النور وكيف ابتدأ صلى الله عليه وسلم طريقه وسبيله، فهو صلى الله عليه وسلم الإمام والأسوة والقدوة لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ولذلك نعود في يومنا هذا إلى التسبيح لقد تكلمنا في الجمعة قبل الماضية عن يونس عليه السلام، وعن الحوت الذي التقمه، وعن الظلمة والمحنة والكرب الذي صار فيه، وقول الله تبارك وتعالى فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَونتساءل ما هو التسبيح؟ وما حقيقته؟ وكيف يمنّ الله سبحانه وتعالى علينا لكي يجعلنا حقيقةً من المسبّحين، إذ لو صرنا من المسبّحين لمنّ الله علينا كما منّ على عبده ونبيّه يونس عليه السلام.
وقد ذكر الله تبارك وتعالى كما قدّمنا قبل أنه لولا هذا التسبيح لما كان له أن يخرج من هذه المحنة ولا أن يقوم من هذه العثرة ولا أن يتجاوز هذه الكبوة فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ الشيء الوحيد الذي يخرجه من المحنة ومن الكرب ومن الأزمة، هذا التسبيح، تسبيحٌ سابق وتسبيحٌ وتذكّرٌ وانتباهٌ واستغفارٌ حال الضائقة وحال الكرب وحال الشدّة وحال المحنة، وهذا من عظيم بلاغة كلام الله تبارك وتعالى كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ أي في السابق وكَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ أي في الحالي.
وقد ذكرنا أيضاً أن الله سبحانه وتعالى بيّن لنا ماهيّة هذا التسبيح فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَهذه الجملة ربنا سبحانه وتعالى ماذا سمّاها؟ سمّاها تسبيح، فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ إذاً هذه الجملة كلها تساوي أو بتحقق أو تبيّن أو توضّح ما معنى تسبيح.
ما معنى هذه الكلمة؟ ما معنى أن الإنسان يسبّح أو يقول سبحان الله، نحن تكلمنا عن هذه الكلمة قبل هذا، الإنسان عندما يقول سبحان الله معناها: تقديس وتنزيه والإجلال والإكبار لربنا سبحانه وتعالى عن أن يتّصف أو يتّصل به سبحانه وتعالى أي عيب، أي خلل، أي نقص، فما معنى هذا؟
أول شيء معناه أن ربنا سبحانه وتعالى منزّه عن العيوب وعن النقائص، إذاً التقدير الإلهي أو الاختيار الإلهي أو الحكم الإلهي لا يمكن أن يلحق به أي نقص أو عيب أو جور أو ظلم أو كل ما هو خلاف الحكم والرحمة والإحسان، الذي وقع فيه يونس عليه السلام لم يكن أبداً نقصاً في رحمة الله ولا نقصاً في حكمة الله ولا نقصاً في عدل الله ولا نقصاً في كمال الله ولا نقصاً في جماله سبحانه وتعالى
إذاً النقص من أين يأتي؟ النقص يأتي من العبد ولذلك عقّب على قول سُبْحَانَكَ بقوله إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ إذاً الإنسان حينما يسبّح تسبيح حقيقي، ليس تسبيح لساني، التسبيح اللساني سهل، والاستغفار اللساني سهل، ولذلك نحن ذكرنا في نفس الخطبة أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل وعداً صادقاً وحكماً لا يتخلّف أن أي إنسان مسلم يقع في كربة فيدعو بهذا الدعاء، بهذه الكلمات دعاء يونس عليه السلام، إلا فرّج الله سبحانه وتعالى عنه كربه، لكنّنا ننطق بها فلا يأتينا فرج ولا ينكشف عنّا كرب.
هل الخلل في الوعي؟ الخلل فيما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاشاه، أم في شيء آخر، أين هو؟ نحن نقول فلماذا لا يحدث هذا؟ ربما لأننا نقول لكننا لا تصل هذه الكلمات إلى عمقها المؤثر وبالتالي لا تنطلق من القلب الانطلاق المثمر المؤثر، هي حالة، الجملة أو العبارة هي تعبير عن حالة مثل الاستغفار، ما معنى أن يقول الإنسان أستغفر الله؟ أستغفر الله أي: أطلب وارتجي وأتوسل إلى الله سبحانه وتعالى أن يغفر لي، يغفر لي هذه تحتاج إلى شيئين، محتاجه إلى أنني أشعر فعلاً بالجناية، بالظلم، بالتقصير، بالتعدي في حقّ الله تبارك وتعالى، وظلمي أنا لنفسي بهذا الفعل، أنا شاعر بهذا، شعور التأنيب الضاغط، وإحساسي في المقابل أنني أحوج ما أكون إلى أن ربنا يرحمني ويغفر لي، أحوج ما أكون إلى أن ربنا سبحانه وتعالى يمن عليّ بهذه النعمة، لابد أن يكون هذين الشيئين معاً، هذا هو أستغفر الله.
لذلك فيما يروى عن عليّ رضي الله عنه: أنه لقي شخص بعض الصلاة بيستغفر، نحن بعد الصلاة بنستغفر – فبنصوصو – الاستغفار – بتعنا – المعروف فقال له: استغفارك يحتاج إلى استغفار، أنت محتاج أن تستغفر ربنا من الذي تصنعه، لأن هذا ليس استغفار حقيقةً، هو كلام أنا أقوله، ولكنني لا أستحضر معنى ما أقول، لأنني لكي أقول أستغفر الله فعلاً لابد أن أتملى فيها وأتروى، لابد أن أعطي لنفسي فرصة أتفكّر في الذي أقول، لذلك ربنا سبحانه وتعالى أمرنا في القرآن أمراً مؤكداً مكرراً بتدبّر القرآن ليس القراءة، لأن التدبّر هو الذي سيثمر ويؤتي أُكله، أما القراءة – اللي هي كده لا تنفع – لأنه معاني عميقة تحتاج إلى أن الإنسان يحاول يذهب إلى حيث هذه الأعماق لكي يستخرج منها المعاني المؤثرة أو الروح الإيمانية التي يحتاجها، أو التثبيت الإلهي الذي يبحث عنه، كيف يأتي به؟
إذاً هذا التسبيح على ماذا يشتمل؟ يشتمل على التعظيم لله سبحانه وتعالى، ومن أين يأتي هذا التعظيم؟ لا يمكنني أن أعظم من لا أعرفه، لأن هذا التعظيم فرع ونتيجة لمقدار ما الإنسان يعرف ربنا سبحانه وتعالى فالمعرفة المفصّلة هذه، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الأسماء قال: من أحصاها دخل الجنّة، تسعة وتسعين مساحة كبيرة، مساحة كبيرة للتفكّر وللمعرفة لربنا سبحانه وتعالى، فلو هذه ليست موجودة فمن أين يأتي التعظيم؟ إذاً هذا التعظيم لن يأتي بدون هذا الأساس الذي سيأتي على أساسها وإلا فلن يحدث شيئاً.
طالما نحن لا نحاول أن نصل من الجمل أو المعاني النظرية التي نعرفها لأشياء نقدر نعيشها أو نتأثر بها فتغيّرنا فعلاً لن يحدث شيء، هل نحن كمجتمعات مسلمة عندنا نقص في المعرفة المعلوماتية، هل نحن عندنا خلل في المعلومات، أي نحن لا نعرف، هذا الكلام الذي أقوله فيه كلام جديد، نحن نعرف هذا الكلام، هل نحن لا نعرف طريق الصحّ أين هو؟ ما الأشياء التي المفروض نفعلها، والأشياء التي المفترض أن نتجنّبها، هل نحن لا نعرف أننا حقّ علينا وواجب أننا نطيع ربنا؟ هل نحن لا نعلم أننا عندما نطيع ربنا هذا طريق السعادة والخير، هل نحن لا نعرف أننا سنقابل ربنا غداً وسيسألنا عن هذا؟ كل هذا نحن نعرفه، فلماذا لا يؤتي نتيجة، لماذا لا يثمر؟أكيد يوجد خلل ما؟ فلو لم ننقل ولم نبحث لماذا وقفنا هاهنا؟ فلن نصل إلى شيء، أي شخص يريد أن يحل أي مشكلة يضع افتراضات،،، المشكلة في الشيء الفلاني،، أنت حينما تذهب للميكانيكي يوجد مائة احتمال للأصوات التي تحدث أو العطلة هذه، وهو يجرّب افتراض افتراض حتى يصل إلى مكان المشكلة، هذا طبيعي، سأظل أتابع،،، لكنني لماذا أفعل هذا؟ لأنني محتاج إلى أن إصلاح السيارة، أنا محتاج السيارة، السيارة هذه شيء ضروري بالنسبة لي، فلابد أن أصلحها فلابد أن أتتبع العيب حتى أصل إليه، فلو أنني لم أتتبع العيب، وقلت احتمال يكون مشكلتها كذا، فلم تكن هذه، فتركتها وركبت الأتوبيس، إذاً هي شيء غير ضروري بالنسبة لي، فلو شيء ضروري لابد أن أبحث عن المشكلة أين هي وأصلحها، فلو لم أبحث، فسأكون غير شاعر بالأهمية.
نحن لازلنا لا نشعر بالخطورة والأهمية، هي أشياء منطقية، فماذا نفعل لكي نشعر بالخطورة والأهمية، فربنا سبحانه وتعالى من رحمته لازال يبتلي العباد ويشدد عليهم لكي يفيقوا – طب مفيش – فلابد أن تزيد الجرعة كل مدى، فالامتحانات والاختبارات ليست عذاب من ربنا، هذه نعمّ موجّهه لنا لكي تحدث الإفاقة، فإذا لم تحدث وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ – لعلهم – يَرْجِعُونَ فهذا لماذا؟ لكي نرجع – نلف ونرجع لربنا – .
إذاً هذه رحمة من ربنا لكي نفعل شيء، فلو تأخرنا – شغّالين بقى – إذاً من الذي لا يريد أن يحل المشاكل نحن،، من الذي لايريد أن يرفع الكربة، نحن،، الموضوع في أيدنا نحن، ربنا جعله في أيدينا نحن، نحن لا نريد أن نصنع شيئاً، ولكننا لو لا نريد أن نصنع شيئاً فلا يمكن أن نشتكي أو نقول لماذا رحمة ربنا سبحانه وتعالى محجوبة عنّا – كده مش هينفع – ، المشكلة سهلة وبسيطة وربنا سبحانه وتعالى مبيّنها، ماذا يحدث لكي يحدث ماذا، لم يحدث شيء.
إذاً حقيقة التسبيح لو لم تتحقق فينا، فحقيقة النجاة لن تحدث لنا، نحن سنظلّ قاعدين في بطن الحوت – شغالين احنا مش عاوزين نطلع –
– وهنقعد نبصّ لبعض ايه النظام مش هنطلعوا يا جماعة ولا ايه، طب هنعمل أي حاجة، ايه النظام، طب ده مش شغال نشوف حاجة تانية، احنا بنعمل كده بالظبط – نحن نريد أن نخرج، الحل بسيط، الحل بسيط، نحن قلنا في النهاية أن القضية كلها أن الغنسان يؤوب إلى الله، هذه حقيقة التسبيح، نحن قلنا التسبيح هذا لكي نحققه، أول شيء لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ما معناها، قلنا أن الإله هو المعبود سبحانه وتعالى الذي هو الملجأ والمفزع والملاذ، أنني أنا باعتقد يقيناً أنني ليس لي إلا ربنا سبحانه وتعالى وأنه سبحانه وتعالى ليس منه النقص أو الخلل أو العيب حاشاه، هو سبحانه وتعالى منه النعمة ومنه الرحمة ومنه البرّ ومنه الإحسان، لا ينزل من ربنا إلا هذان نحن ماذا نصعّد لفوق،، الخير من الله نازل، والشر من العباد صاعد، هكذا الدنيا.
ولكي ألا أصعّد هذا أو لكي لا أستمر في أن هذا يصعد، أعترف بأنني الظالم وأسأل ربنا سبحانه وتعالى أنه يمحو الذنب وأنه يغفر لي فقط هذا هو، هذه حقيقة تتحقق في إحساس أو في شعور أو في قلب إنسان يتغيّر حالاً، فإذا لازالت جمل يقولها إنسان بلسانه فلن يحدث شيء، قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ إذاً هذا عكس هذا،، إن الإنسان هذا لن يعرف حقّ ربنا سبحانه وتعالى ولم يسبّح، ما الذي سيحدث يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ فما الذي يبعدنا عن هذا، ما الذي يخرجنا من هذه الصورة وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ.
وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ هذه ما معناها؟ معناها أننا نقرن في قلوبنا ما بين التسبيح والحمد، والتسبيح قلنا معناه، التسبيح: أن الإنسان ينزّه ربنا سبحانه وتعالى عن كل نقص أو كل عيب،، والحمد: أن يستشعر دائماً ما يغمره من فضل الله ونعمه برّه وإحسانه، فاحساس التعظيم مع الاحساس بفضل الله أو برحمة الله أو بنعمة الله، وَنُقَدِّسُ لَكَ ما معنى وَنُقَدِّسُ لَكَ ما معنى التقديس؟ ربنا في أسمائه القدوس، ما معنى القدوس؟ القدوس: هو المطهّر المبارك، المطهّر هذه مثل السبّوح وإضافة إليها المبارك الذي منه كل خير وكل رحمة وكل بركة وكل نعمة وكل إحسان، فلماذا لم يقول ونقدسك لماذا وَنُقَدِّسُ لَكَ، نقدس لك: أي نقدّس أنفسنا لك، أي نطهّر نفسنا لكي نكون أهل أننا نعبد ربنا، لأن عبودية الإنسان لله هذه شيء كبير وليس بسيط هل سيتقبل فيه كل شخص، عندما يكون شخص معظّم يأتوا له بخادم، أو عندما كان هناك رقّ يأتوا له بعبد، فينتقوه على أوصاف معيّنة تليق بأنه ينسب إلى هذا الملك أو هذا الرئيس أو هذا الزعيم لكي يكون أهلاً لخدمته، فنحن لكي نكون أهل أننا نكون عباد الله وننسب إلى الله وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ هذه ليس بسيطة، فهي صفات كثيرة الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا آيات طويلة، هذه الصفات كلها لماذا؟ لكي يستحق هؤلاء الناس أنهم يصلحوا أن ينسبوا إلى الله وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ هذه سهلة، – حاجة كده يعني – عباد هذه تضاف لمن؟ نحن قلنا القضية كلها، التعظيم هذا فرع ماذا، فرع معرفة، نحن لا نعرف الله، نحن لا نعرف الله حقيقةً، نحن لو نعرف ربنا سندرك عظمة ربنا، وكلمة أنني أنسب إلى الله أو اسمي عبد لله هذه ليست سهلة، لن أحصّلها بسهولة، فنقدس هذه :أي أننا نزكي نفسنا أو بنطهرها أو بنزكيها لكي تصلح أنها تنسب إلى الله فيمكن لها أن تسبّح ويمكن لها أن تحمد وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ.
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ أول شيء فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ – وبعدين – وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ الاستغفار، هذا الاستغفار سيجعلني مؤهل لكي أسبّح، هذا الاستغفار ينقي النفس، ويزيل عنها أدران المعاصي والمخالفات التي تبعده عن ربنا، فعندما أستغفر أصلح للتسبيح، وحينئذٍ تأتي الثمرة، فهذه هي حقيقة التسبيح، فعلى مقدار ما نحن نحقق حقيقةً في القلب والاحساس والإيمان، على قدر ما سنحقق حقيقة التسبيح، على قدر ما سنحقق حقيقة النجاة وحقيقة التفريج وحقيقة إزالة الهموم والكروب والغموم فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ
الحمد لله، تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ، وَسَخَّرْنَا معه الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ هذا الكون كله الذي خلقه ربنا إنما خلقه لأجل التسبيح، هذه الغاية، وهو يقوم بهذه الغاية ويؤدي هذه الوظيفة، الكون كله الذي حولنا أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ كل هذا يسبّح ويعبد، ومعهم الذين رحمهم ربهم وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ فما الذي أتى بهذه هنا، هو هنا يتكلم عن السجود في هذا الكون، ما الذي جاء بالإهانة هنا وما الذي أتى بالإكرام،، أن هذا السجود حقيقة الإكرام والذي سيحرم هذه النعمة، هذا هو المهين حقيقةً، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وهذا هو الخزي والهوان الحقيقي وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ.
النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخبر عن نبيّ من الأنبياء قال تحت شجرة – قال أي نام القيلولة – – قرصته نملة – فأمر بجهازه فنقل – جهازه أي الحاجة الذي ينام عليها – ثم أمر ببيت النمل – الحتة اللي فيها النملة اللي قرصته – فأحرق، فأوحى الله إليه؛ فهلّا نملة واحدة، – قرصتك نملة، عاقب نملة – . وفي رواية أخرى قال الله تبارك وتعالى معاتباً إياه: أن قرصتك نملة أحرقت أمّة من الأمم تسبّح.
أمة من الأمم تسبّح ما معناها؟ أن هذا النمل وظيفته ودوره ورسالته التسبيح، وبقاؤه ببقاء التسبيح هذه وظيفته، ولذلك هو عاتبه على أنه أهلك المسبّحين.
فربنا يرحمهم ويبقيهم لأجل أن هذه وظيفتهم، فنحن كأمة، فنحن أمة من الأمم لو لم نعد نسبح، فما بقاؤنا، قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ليس لكم عند ربنا وزن ولا قيمة لولا هذا الدعاء وهذا اتوجه وهذا الضراعة وهذا الإيمان فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ هما شيئين: بقاء النبي صلى الله عليه وسلم وقد انتقل إلى جوار ربه، لم يبقى إلا شيء واحد فقط هي حفيظة الأمة التي تحفظها الاستغفار، هو شيء واحد فقط، الأوبة والعودة إلى الله سبحانه وتعالى.
آخر شيء: أخبر صلى الله عليه وسلم عن قصّة امرأتان خرجتا معاً ومع كل امرأة منهما ابنها، فجاء الذئب فذهب بابن إحداهما – عيلين الذئب خطف واحد – فقالت – اللي ابنها راح – فقالت لصاحبتها – التي خرجت معها – قالت: إنما ذهب بابنك، قالت: لا إنما ذهب بابنك، فاختصمتا إلى داوود عليه السلام.
” إنما ذهب بابنك ” هذه الكلمة هي تعتقدها فعلاً يعني هي لن تعرف ابنها من ابن الثانية، فتعرف الذي اختطف هذا – أنهو – واحد هي تعرف أن ابنها هو الذي فقد، فهي تعرف أنه ولدها الذي ذهب، ولكنها تريد تأخذ ابن الأخرى عوضاً عن ما فاتها.
فلما ترافعتا إلى داوود عليه السلام قضى به للكبرى، للست الأكبر من الثانية، فنحن لا نعلم من هي الكبرى هل هي أم الولد أم لا، نحن لا نعرف،، فخرجوا فلقيهم سليمان عليه السلام فسألهم فأخبروه، فماذا قال: ائتوني بالسكين، قال إن العدل أن كل واحدة تأخذ نصف لأننا لا نعرف هذا الولد لمن فيكما، ليس عندنا بيّنة ولا دليل، ماذا نفعل؟ نحن نشقّه نصفين وكل واحدة تأخذ نصف، فتكونان راضيتان، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله إنما هو ابنها، فقضى به لها، هذه أمه حقيقةً، لماذا أمه حقيقة؟ لأنها خائفة عليه حقيقةً، فهي ستضحي بصلتها بابنها وقربه منها في سبيل أن يبقى حيّاً، حتى لو كانت هذه الأخرى لن تعامله معاملة حسنة.
ومادام أن الثانية قبلت أن يشقّ الولد نصفين إذاً لا يوجد منها أي شعور تجاهه فهي – عليا وعلى أعدائي، ابنها راح، هتاخد النص، النص هتعمل بيه ايه، لا يهم المهم أنها نفسيتها ارتاحت –
فإذاً كيف استطاع أن يميز ما بين الأم الحقيقية والتي ليس بأم، ولماذا داوود عليه السلام قضى به للكبرى؟ في الحالتين لا يوجد بيّنة، لا تملك واحدة منهم دليل قاطع على أن هذا الولد ابنها، لكن ربما كانت الأكبر أبعد عن مظنّة التهمة أو الكذب، لأن الكبرى غالباً تكون أعقل وأنضج وأبعد عن الكذب، هذا شيء.
شيء آخر: ربما كانت صاحبة حجّة، أو عندها قدرة على البيان، أو قدرة على الإقناع، والثانية لا تملك هذا، ففي النهاية هو قضى به بالشواهد الظاهرة أمامه، لكن هل كانت الحقيقة هكذا، متى ظهرت الحقيقة؟ عندما انتقلنا من مجال البيان والتعبير والفصاحة والحجج إلى الحقيقة، حقيقة الشفقة والرحمة والإحسان، فلو كان الاثنين يشتركوا في نفس الوصف، فسيكون الاثنين ليس فيهما أم، – يعني لو هو قال أشقه، والاثنين قالوا على فكرة عادي آه اديني نصه، طب من فوق ولا من جنب، ما دام احنا ابتدينا نتكلم في التفاصيل – تعلم يقيناً أن أم الولد مفقودة في هذا المشهد.
فما علاقة هذا بالذي نعيشه الآن، هل يوجد شبه، أم لا يوجد شبه،، في علاقة، أم لا يوجد علاقة؟ نضع علامة استفهام ونتركه
المهم ما نريد أن نقوله أنه لو لم تتحقق فينا حقيقة التسبيح لله سبحانه وتعالى لن نحصل على حقيقة النجاة، ولذلك كنّا ذكرنا قبل ذلك قول عليّ رضي الله عنه ونختم به، وتكلمنا عليه قبل هذا في خطبة بشكل مفصّل ” لا يرجونّ عبدٌ إلا ربه ولا يخافنّ إلا ذنبه ” لا يرجونّ عبدٌ إلا ربه ولا يخافنّ إلا ذنبه، الرجاء أين يكون، دائماً في رحمة ربنا سبحانه وتعالى، ربنا لا يتّهم في أحكامه ولا في رحمته ولا في أقداره، الرجاء كله معلّق بالله سبحانه وتعالى، فنحن مما نخاف، نخاف من أفعالنا وجرائر أفعالنا ” لا يرجونّ عبدٌ إلا ربه ولا يخافنّ إلا ذنبه ” .
اللهم اجعلنا من المسبّحين، اللهم اجعلنا من المسبّحين، اللهم اجعلنا من المسبّحين
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم، ولا تعذبنا بذنوبنا فأنت علينا قادر، والطف بنا يا مولانا فيما جرت به المقادير، واختم لنا منك بخاتمة السعادة أجمعين.
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم