Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

غاية الإجتماع وحرب الشيطان

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ،ونستهديه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله ، فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد……

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّ‌قُوا وَاذْكُرُ‌وا نِعْمَتَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَ‌ةٍ مِّنَ النَّارِ‌ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

روى الإمام مسلم فى صحيحه عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ”

 يخبرنا رسول الله  صلى الله عليه و سلم  عن حال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى زمانه، وكيف استقرت معاني الإيمان فى قلوبهم، وكيف تعاظم توحيد الله عز وجل وتعظيمه فى قلوبهم بحيث يئس الشيطان بعد محاولات ومحاولات أن يفتن هذه القلوب، أو أن يصرفها عن عبادة الله عز وجل، أو أن يصدها عن التوجه لعبادة الله عز وجل، خاصة وقد تمسكت بأعظم أركان العبادة وأعظم مقتضيات الإيمان وهو مقتضى الصلاة.

قال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَيُنْقَضَنَّ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِي تَلِيهَا وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضًا الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلَاةُ”

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: “لتنقضن عرى الاسلام أركانه ودعائمه ووثائقه،  عروة عروة تنهار واحدة تلو واحدة، كلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتى تليها كلما فقدوا واحدة من هذه الدعائم أو من هذة الوثائق أو من هذه الأركان استشعروا عظمة ما بقى من هذه الدعائم والأركان فتمسكوا بها، ثم ضعف تمسكهم مع الوقت فانهارت وثيقة أخرى وعروة أخرى من عرى الإسلام وهكذا. ولذلك جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم  هذه العبادة العظيمة فارقًا بين الإيمان وبين الكفر فقال صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ”.

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْعَهْدُ –الفاصل- الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ – أي الكفار- الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ”

فبين صلى الله عليه و سلم أن الشيطان بعد محاولات ومحاولات لم يستطع أن يصرف الناس عن عبادة الله عز وجل فرضى بالتحريش بينهم، والتحريش هو الإغراء بالعداوة والشحناء والبغضاء، وأصله فى التحريش بين البهائم وبين الحيوانات فى اللعب والمسابقات كما فى التحريش بين الديكة أن تحرش بينهم لكى يتناقروا وكى يتصارعوا و أن يحرش بين الكلاب لكى يتباروا ولكى يتصارعوا ولكى يتنازعوا، فعبر رسول الله صلى الله عليه و سلم ها هنا عن محاولات الشيطان لتفريق القلوب محاولات الشيطان لإثارة الشحناء و العداوة و البغضاء عبر صلى الله عليه و سلم عن ذلك بتعبير يبين وسيلة الشيطان وطريقة الشيطان فى التفريق بين العباد وهى التحريش .. الإثارة بكلمة من هنا وموقف من هنا .. وظن سوء من هنا حتى تقع العداوة والبغضاء فيبقى الشيطان يشاهد هذا ويتملاه وهو فَرِح مسرور كما يكون حال من يحرش بين الديكة وبين البهائم فيشاهد صراعها وهو ملتذ بذلك فرح مسرور بما أحدث وبما أثمر. فهذا التحريش و هذه الإثارة للعداوة والبغضاء من أكبر مقاصد الشيطان وبها يحقق مقصوده ويحقق مطلوبه.

ولذلك قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ.

 فالله سبحانه وتعالى بين ها هنا علة النهى والتحريم وبين لنا سبحانه وتعالى مقاصد الشيطان من وراء هذه الأمور التي يؤز إليها عباد الله أزاً .. هو لا يفعل هذا اعتباطاً أو بشكلٍ عشوائي، بل يفعل شيئاً منظماً مقنناً يريد أن يصل به إلى علةٍ وإلى هدف وإلى غاية محددة، إنما يريد هذا الشيطان من وراء هذا الشرب للخمر وهذا اللعب للميسر ” إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ” العداوة في الأفعال والبغضاء في القلوب والمشاعر والأحاسيس ..

إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ

يبعد العبد عن الله عز وجل لكي يستطيع الشيطان أن يستحوذ عليه وأن يسيطر عليه “اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ” فبين سبحانه وتعالى مراد الشيطان من وراء ذلك وهدفه هو إثارة العداوة والبغضاء.

وقال سبحانه وتعالى:  إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ النجوى.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ”.

ثلاثة اجتمعوا في مكان فأحدهم أخذ الثاني وبدأ يناجيه أي يكلمه سراً والثالث لا يسمع .. ربما أنه يكلمه في أمر ليس له علاقة بالثالث .. يكلمه في أمر خاص لا ينبغي لأحد أن يسمعه، لكن الشيطان ماذا سيفعل سوف يأتي إلى هذا الثالث ويقول له: أنهم قطعاً طالما أنهم يتناجون دونك فهم يتناجون ضدك أو بأمر يؤذيك أو هم ربما يدبرون شيئاً ضدك أو يسخرون منك أو .. إلى آخر هذه الأمور والوساوس والظنون التي يلقيها الشيطان، ربما كان هذا لا حقيقة له فهم لا يذكروه في كلامهم بشيئ، ولكن الله سبحانه وتعالى أراد أن يسد ذريعة أو مدخل الشيطان الذي يدخل منه إلى إحداث الحزن في القلوب .. إذاً إثارة للعداوة والبغضاء .. تحريش بين المؤمين .. تحزين لقلوب المؤمنين .

وفي صحيح مسلم كذلك عن جابر بن عبد الله أيضاً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً”.

وفي رواية أخرى عن جابر أيضاً رضي الله عنه: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا. قَالَ: وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ. قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ أَوْ قَالَ فَيَلْتَزِمُهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ”.

هاهنا النبي صلى الله عليه وسلم يبين:

أولاً: قال: “إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ” أي يصنع له عرشاً ويضعه على الماء”.

 فلماذا يصنع الشيطان ذلك؟؟

 قال الله تبارك وتعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا.

وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ. وَقَالَ: يَدُ اللَّهِ مَلْأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ – أي لا تنقصها الإنفاق والإحسان على العباد- سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ –أي لم ينقص- مَا فِي يَدِهِ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ”.

إذاً لماذا يضع الشيطان عرشه على الماء؟

هو يريد أن يشبه نفسه والعياذ بالله بالله عز وجل، كما ذكرنا عن حال الشيطان قبل هو كتلة من الأمراض والعلل النفسية .. هو يريد أن يتعاظم يريد أن يرفع نفسه ولو بالباطل فهو يضع عرشه على الماء لكي يشبه نفسه بالله عز وجل.

كما قال ابن عمر في الحديث الذي رواه البخاري قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَبْرُزَ وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا الصَّلَاةَ حَتَّى تَغِيبَ وَلَا تَحَيَّنُوا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا فَإِنَّهَا تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ”.

حينما تطلع الشمس يسجد عبدة الشمس فيقارنها الشيطان بين قرنه أي بين زاويتي رأسه، فهو يضع نفسه قبالة الشمس لكي يوهم نفسه أو يشعر أن هؤلاء السُجُود إنما يسجدون له، فهو يريد أن يصور أو يشكل أو يزين لنفسه أنه – والعياذ بالله – مثل مقام الباري عز وجل كما يسجد الناس لله، رغم أنه هو يعلم يقيناً أنهم لا يسجدون له وأنهم لايرونه وأنهم لا يدركون أنه يقارن الشمس حينئذٍ، لكنه يشعر نفسه في هذه المكانة وفي هذه المنزلة .. كتلة من العلل والأمراض وجدت في هذا الكائن الخبيث .. نسأل الله السلامة والعافية.

فإن الشيطان ها هنا شبه نفسه بالله و يضع عرشه علي الماء ثم يبعث السرايا .. سرايا وكتائب .. إذاً هي حرب .. نحن في الحقيقة في حرب وهذا هو أخطر شيء في الأمر أن نكون نحن في حرب لكن لا ندركها ولا نشعر بها.

لابد أن نشعر بأننا مع الشيطان في حرب .. هو له ملك وله عرش ويبعث سرايا هذه السرايا لها هدف محدد هو فتنة الناس بكل أنواع الفتن ومنها التحريش وإثارة الشحناء والبغضاء بين قلوب العباد.

هو يبعث هذه السرايا ولذلك هو له سرايا وله جنود قال تعالي: وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنصُرُونَكُمْ أَوْ يَنتَصِرُونَ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضلالٍ مُّبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَا أَضَلَّنَا إِلاَّ الْمُجْرِمُونَ.

إذاً هناك سرايا وكتائب وهناك جنود .. ثم هو يتابع أعمالهم إننا لو نظمنا أمورنا ورتبنا شؤوننا كما يرتب الشيطان أموره وشؤونه لتغيرت جميع أحوالنا. الشيطان لا يبعث فقط هذه السرايا السرايا لابد أن تكون مرتبة ومنظمة يبعث سراياه، ثم ماذا؟ هو ينتظر نتاجهم في نهاية يومهم، ويقيِّم هذه الأعمال علي مستوي قوتها وتأثيرها، ويكون المقرب منه هو أكثرهم تأثيراً وإثارة للفتنة فهو ليس مثلنا، القرب والمكانة عند الشيطان علي مقدار الاستحقاق، ليس علي مقدار القرب الشخصي أو أن فلان قريبُ فلان أو ابن فلان أو ابن عم فلان  لا لا لا عند الشيطان الأمور تسير علي صورة مرتبة منظمة لأنه يستهدف هدفاً معيناً حريصاً أشد الحرص علي أن يحقق هذا المعني فيبعث سراياه ثم ينتظر نتاجهم فيأتونه في آخر اليوم فيعرضون عليه أعمالهم، فيقول أحدهم فعلت كذا وكذا فيقول: ما صنعت شيئاً .. ربما يكون أز إنساناً إلي معصية أو أحدث في عقله أو في سلوكه خللاً يبعده عن الله لكن الشيطان يري هذا شيئاً ضعيفاً .. ليس هذا ما يريد، ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتي حتي هذه تدل علي شدة الإلحاح والأصرار من الشيطان علي الوصول إلي هدفه.

 قال: ما تركته .. فضل يزن عليه ما تركته حتي فرقت بينه وبين امرأته لم يقل طلقه لأنه ربما يطلق ويراجع، فرق يعني: وضع لا يمكن إصلاحه ولا استدراكه لانه ربما طلق امرأته ثم صالح أو راجع ليس هو بصدد المراجعة، والله سبحانه وتعالي جعل هذه المراجعة كأيسر و أسهل ما يكون بالنية وبالكلمة، لكن قال: ما تركته حتي فرقت بحيث لا يجتمعان بعد ذلك، فإذاً التفريق وهذا هو في كيان الاسرة رغم أن هذا الطلاق أو هذا التفريق ربما كان في الشرع شيئًا مباحًا وربما الذي فعله الشيطان الآخر الذي قال له ما صنعت شيئاً ربما أزه علي معصية، لكن هو يريد النتيجة النهائية هو يعصي ويستغفر ويتوب هو لم يصنع شيئاً .. قال تعالي: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ فعل فعلاً حسناً تاب الي الله ضاع العمر .. إذا هذا العمل اليومي و هذه السرية لم تؤتي نتيجة في النهاية، لكن من الذي أحدث ثمرةً هو الذي أحدث التفريق فهذا التفريق بين القلوب مقصودٌ أساسيٌ للشيطان، ففي التفريق يسيطر الشيطان ويستحوذ علي القلوب، خاصةً في بنيان وكيان الأسرة .. إذا تفرقت الأسرة بهذه الصورة كان نتاجه وكان الأولاد بحوذة الشيطان .. هو يربيهم و يخرجهم علي الصورة التي يريد.

فإذاً الهدف والمقصد والغاية الاساسية من مقاصد الشيطان وغايته التحريش وإيقاع الفرقة والعداوة والبغضاء وهذه كما قلنا حربٌ منظمةٌ من الشيطان لها أسس وقواعد ..

علينا أن ندرك أولاً أننا نحن في حرب.

وعلينا ثانياً أن نأخذ عدتنا لمواجهة هذه الحرب.

فأول هذه العدة: أن ندرك أننا مستهدفون..

ثانياً: أن ندرك حيل الشيطان وطرائقه ومقاصده..

ثالثاً: أن نأخذ أهبتنا لعلاج هذا الأمر..

فمن أخطر أغراض ومقاصد الشيطان الفرقة والعداوة والبغضاء ولذلك كان هذا الأمر من أشد الأمور التي حذر منها ربنا تبارك وتعالي وحذر منها رسولنا صلي الله عليه وسلم.

قال الله عز و جل: وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْرًا لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ ثم بعد ما ذكر التوراة ذكر القرآن وقال: وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ ثم قال تعالي: وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ ثم ذكر قصة إبراهيم عليه السلام ثم ذكر قصة لوط عليه السلام ثم قال تعالي: وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ ثم قال تعالي: وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ ثم قال تعالي: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.

ثم قال تعالى: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَثم قال تعالى: وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبا فَظَنَّ أَنْ لَن نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ثم قال تعالى: وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ . فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ثم قال تعالى: وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِين.

ثم قال تعالى: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ.

 فالله سبحانه وتعالى ذكر لنا النبيين جميعًا، ثم عقب على هذا أن هذه هى أُمتنا فأُمتنا أمة الاسلام .. آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم طريقٌ واحدٌ ومنهاجٌ واحدٌ ووحدةٌ واحدةٌ, المسلمون جميعًا من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم فذكر تعالى: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتكُ أُمَّة وَاحِدَة وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ.

أمة واحدة فيها جميع النبيين وجميع المؤمنين والصالحين والمتقين فقال تعالى: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ

  ذم الله الذين تنازعوا وشتتوا أمرهم وقطعوا دينهم بينهم  وقال كذلك سبحانه وتعالى فى سورة المؤمنون: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ فذكر المؤمنين ثم ذكر النبيين فالمرسلين  ثم قال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ . وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ . فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ . فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِين.

 فالله سبحانه وتعالى يأمر المرسلين وبالتالى يأمر الصالحين المؤمنين كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم “ان الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين” فالله سبحانه وتعالى أمر المرسلين وبالتالى أمر المؤمنين بألا يتفرقوا فى دينهم وأن يجمعوا عليهم أمرهم وأن يحذروا التفرق والشتات والاختلاف.

 قال تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ . يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُون . وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.

 فالله سبحانه وتعالى أمرنا بالاتحاد والاجتماع كما أمرنا بالاعتصام كما ذكرنا فى أول هذه الخطبة قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا فالله سبحانه وتعالى أمرنا جميعًا أن نعتصم بحبل الله وأن نجتمع عليه ونهانا عن التفرق والاختلاف.

وقال تعالى:  وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِين.

وقال تعالى: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِين.

من أول الواجبات علينا جميعًا كمسلمين علينا أن نجتمع وألا نتفرق ولا نتنازع ولا نختلف، ونحذر من تحريش الشيطان بين قلوب المؤمنين، ونحذر من إثارة العداوة والبغضاء، ولا اجتماع إلا بما أخبر الله عز وجل وهو الاعتصام بحبل الله الحبل الذى ينجينا من الغرق الحبل الذى يصل الأرض بالسماء. وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا

فإذاً الاعتصام بحبل الله الالتزام بكتاب الله عز وجل هو الذى يحدث الاجتماع هو الذى يجمع هذه القلوب ونكون كما أخبر الله عز وجل أمة واحدة لسنا فرقاًولسنا شيعاً ولسنا احزاباً  إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ.

وقال تعالى: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا.

لسنا أحزاباً .. لسنا شيعاً ..  لسنا فرقاً .. أمةٌ واحدةٌ .. منهاجٌ واحدٌ .. رسولٌ واحدٌ.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فَادْعُوا الْمُسْلِمِينَ بِمَا سَمَّاهُمْ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ عِبَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ”.

 فلنحذر من التفرق والاختلاف، ولنحذر من كيد الشيطان . ولنتذكر دائمًا أنها كما قلنا حربٌ منظمةٌ من الشيطان بجهوده وسراياه وأحزابه يريد أن يحدث الشقاق وأن يحدث الفرقة بين قلوب المؤمنين. فلنحذر هذا ولنلتزم بمنهاج الحق عسى أن يخرجنا الله عز وجل من الظلمات الى النور.