Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

فأتبع سبباً

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد ,

حديثنا اليوم عنوانه فَأَتْبَعَ سَبَبًا.

كنا نتحدث في جمعتنا الماضية عن أم إسماعيل وابنها وعن قصة مريم وانتهينا إلى أن العبد مأمور بأن يسعى جهده وأن يأخذ بأسباب الخير سواءاً الخير الذي يقوده إلى رضوان الله تبارك وتعالى وإلى رحمته وإلى السعادة في الدنيا والآخرة, أو الأسباب التي تلزمه لكي يحصل معاشه في هذه الحياة الدنيا, وأن الله سبحانه وتعالى هو الذي يرتب لهذه الأسباب آثرها, وهو الذي يملك الأمر لا مالك له غيره وأن الله تبارك وتعالى كما قال جبريل عليه السلام مطمئناً أم إسماعيل ” إن الله لا يضيع أهله ” وذكرنا أمر الله تبارك وتعالى لمريم على لسان من تحتها بقوله وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ وذكرنا أن هذا أمراً للإنسان بأن يبذل وسعه وإن لم ير لهذا وقعاً أو تأثيراً, فالله سبحانه وتعالى سوف يعطيه وسوف يمنحه, واليوم نتحدث عن ذي القرنين متابعة لقضية السبب وموقف الإنسان مما يؤتيه الله تبارك وتعالى إياه من أسباب, قال تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ۝ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ۝ فَأَتْبَعَ سَبَبًا ۝ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ۝ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ۝ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ۝ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ۝ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ۝ كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا ۝ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ۝ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ۝ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ۝ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ۝ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ۝ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ۝ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا.

 أرسلت قريش رسولين إلى يهود في المدينة, لأنهم أهل الكتاب وأهل العلم بالرسل والنبيين يسألونهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطتهم يهود علامة يميزون بها الصادق من الكاذب في دعوى النبوة وهي الإخبار عن أمور لا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى, فأمروهم أن يسألهم عن فتية ذهبوا في الزمان الأول, كيف كان أمرهم فإنهم كان لهم حديث غريب – اللي هما أصحاب الكهف – وأمروهم أن يسألوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها كيف كان نبأه – وهو ذي القرنين – وأمروهم أن يسألوه عن الروح, قالوا فإن أجابكم فهو نبي مرسل وإلا فهو متقول يفتري على الله الكذب فتروا فيه رأيكم – شوفوا انتوا هتعملوا فيه إيه؟ – فسألته قريش كما أخبرت يهود فأنزل الله سبحانه وتعالى سورة الكهف فيها ذكر أصحاب الكهف وفيها ذكر خبرهم وفيها ذكر ذي القرنين ونبأه وخبره ونزلت في سورة الإسراء وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا, فماذا كان جواب قريش هل آمنت وأذعنت؟ وماذا كان شأن يهود أيضاً هل أيقنوا وأسلموا؟ هم أنفسهم جعلوا آية وعلامة تميز الصادق من الكاذب تميز الرسول من الدعي, ما هي؟ أن يجيب على هذه الأسئلة التي لا يعلمها إلا نبي, فلما أجاب؟ ولذلك قال الله تبارك وتعالى إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ ۝ وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ لماذا؟ لأن هؤلاء الناس لا يريدون حقيقة الهداية, ولذلك إذا جاءت الإجابة على خلاف ما يشتهون وعلى خلاف أهوائهم فإنهم لا يستجيبون ولا يذعنون, ولكن من الذي ينتفع بالعظات؟ من الذي ينتفع بالعبر؟ من الذي ينتفع بما يأتيه من رسائل من الله تبارك وتعالى؟ الذي يريد الهداية والذي يحرص عليها.

 ولذلك قال الله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ۝ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ۝ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ هؤلاء طلبوا آية، فآتاهم الله آية إذ رأوا القمر وقد انشق فلقتين بينهم مسافة، فماذا كان شأنهم، هل آمنوا؟ ولكن جعلوا لذلك علامة قالوا إن محمداً قد سحرنا، صلى الله عليه وسلم وحاشاه من ذلك، ولكن قالوا إن كان قادراً على أن يسحرنا فلن يسحر الناس جميعاً، فلنسأل من كانوا في سفر أو كانوا في أماكن بعيدة، هل رأوا مثل ما رأينا؟ فإن رأوا مثل ما رأينا فإنه لا يمكن أن يسحر من يحضره ويسحر من يغيب عنه، فلما أخبروهم أنهم رأوا مثلما رأوا، هل آمنوا؟ قالوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ممتد المفعول ومنتشر بحيث أنه مسيطر على الدنيا، لذلك قال الله تعالى: وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً آية واضحة بينة فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا هذا هو علة ذكر هذه القصة.

 الأمر الثاني: أن هذه القصة من هذه السورة من أعظم أحداث التاريخ، فأين هي من هذا التاريخ المدون الذي بلغنا، نحن نقرأ في كتب التاريخ اسم ذو القرنين هذا ليس موجوداً رغم أنه من أعظم ملوك الأرض فإذا مقدار ما عندنا من العلم حقيقة هو مقدار قليل ومحدود، ولا علم لنا إلا ما علمنا الله تبارك وتعالى إياه، قال تعالى: قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ثم قال تعالى: تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ وقال تعالى بعد أن ذكر قصة موسى عليه السلام مع فرعون: وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ۝ وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ۝ وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا.

 قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا فإذاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يخبر عن كل تفاصيل وأحداث قصة ذي القرنين، ولكن سيتلو علينا منه جزء، فلماذا سيتلو علينا منه جزءاً؟ لأن هذا الجزء سوف يكفينا ويغنينا، ما المقصود من العلم؟ أو ما المقصود من سرد هذه الأحداث التاريخية؟ أن الإنسان يأخذ العظة والعبرة، الله سبحانه وتعالى هو العليم بما نحتاجه وما لا نحتاج إليه، بما ينفعنا وبما نستغني عنه، فإذاً القضية ليست قضية موسوعية أو أن يكون الإنسان عالماً بكل شيء، لا يوجد إنسان عالماً بكل شيء، ولكن الإنسان يعرف المقدار الذي ينتفع به ويستطيع أن يستثمر هذا المقدار أو يرتب عليه أثره من الفائدة والانتفاع.

 إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا الله سبحانه وتعالى يخبر أنه هو الذي يعطي الإنسان التمكين في الأرض، الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في هذه الحياة له مهمة، ولكي يؤدي هذه الرسالة الله سبحانه وتعالى سخر له هذا الكون، ولولا تسخير الله تبارك وتعالى لم يكن الإنسان ليتمكن من فعل شيء فهاهنا يذكرنا الله سبحانه وتعالى بأنه هو الذي يعطي التكمين ويعطي القوة ويعطي الاستقرار ويعطي المنعة الله سبحانه وتعالى، هو الذي يهب ولا يهب ذلك غيره تبارك وتعالى وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ فالاستخلاف منة من الله تبارك وتعالى للمؤمنين، وبعد الاستخلاف وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ من الذي يعطيهم هذا التمكين لهم ولدينهم؟ هو الله تبارك وتعالى وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا من الذي يملك أن يهب الأمن؟ أن يهب السلامة؟ هو السلام المؤمن تبارك وتعالى، فالله سبحانه وتعالى يذكرنا بأن كل ما سيرد معنا من تفاصيل هذه القصة إنما هو عطاء ومنحة ونعمة منه تبارك وتعالى، إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا الله سبحانه وتعالى أعطاه كل ما يحتاجه لكي يقوم بالرسالة أو المهمة التي أوجبها الله على كل عبد مؤمن وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ هو يحتاجه آتاه الله سبباً أي وسيلة توصله إلى غايته, فإذاً هذه المنح والعطايا مِنْ مَنْ؟ من الله تبارك وتعالى، والإنسان إزاء هذه النعم شيء من اثنين، إما يعملها، وإما ينتفع بها، وإذا انتفع بها إما يتذكر أنه يتذكر أن هذا من فضل الله سبحانه وتعالى ويوظفها في الخير وإما أنه ينسى فضل الله تبارك وتعالى ويجحد ويتكبر وينسب هذا الفضل إلى نفسه كما قال تبارك وتعالى بحق قارون قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ هذا المال عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ومن أين وهب العلم؟ هذا العلم هو الذي أكسبه لنفسه هو الذي أعطى نفسه القدرة على الفهم والوعي والإدراك والاستدلال والاستنباط وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ الله سبحانه وتعالى هو الذي بث العلم وأعطانا أدوات إدراكه ومعرفته وترجمته والانتفاع به.

 وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ۝ فَأَتْبَعَ سَبَبًا وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ۝ فَاتَّبَعَ سَبَبًا قراءة نافع وابن كثير وأبو عمرو, ونقرأ نحن وكذلك يقرأ الكسائي وحمزة وكذلك يقرأ ابن عامر فَأَتْبَعَ سَبَبًافاتبع سبباً أي وظف العلم والقدرة والقوة التي أعطاها الله له في أداء الرسالة التي عليه أن يؤديها, فَأَتْبَعَ سَبَبًا أي قام بنفسه باستثمار العلم في تطوير القدر والإمكانيات التي آتاه الله إياه، فإذاً على وفق هذا المعنى، يكون ذي القرنين فعل شيئين: انتفع بالعلم الذي أعطاه الله إياه، وانتفع بالإمكانيات التي أعطاه الله إياه, ثم وظف هذا العلم في تطوير ما آتاه الله تبارك وتعالى فيتخذ أسباباً فوق أسباب وأسباباً مع الأسباب، فإذاً الإنسان سيوظف النعم الذي أعطاه الله إياها ويرقي ما آتاه الله سبحانه وتعالى حتى يرتقي في مراقي القوة والقدرة والإيادة والإحسان والكفاءة، ففي أي شيء يوظف هذا الأمر؟ أنه يتحرك في هذه الأرض ويجوب الأرض شرقاً وغرباً لكي ينشر الإيمان والخير والعدل ويحارب الظلم, فَأَتْبَعَ سَبَبًا إلى أي مكان أوصله هذا السبب؟ أوصله إلى مغرب الشمس، وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا فإذاً فهو وصل إلى قوم كافرين مستحقين للعقوبة, فالله سبحانه وتعالى فوضه وخيره بين أن يختار العقوبة لهؤلاء الذين يستحقون أو أن يستأني بهم لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ هم مستحقون للعقوبة، فهذا العبد بلغ منزلة أن الله سبحانه وتعالى يعطيه تفويضاً وهذا يدل على مقدار ما يتحلى به من الإيمان والأمانة أن الله سبحانه وتعالى يأمن له على أن يحكم في هؤلاء ما يراه حقاً وصواباً وعدلاً إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا وهذا تنبيه خفي من الله تبارك وتعالى لاختيار الثانية على الأولى أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا فكأن هذا فيه الإحسان وفيه الحسن فكأن هذا أولى من الأول ولذلك كتب الله سبحانه وتعالى كتاباً عنده فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي, النفس الطيبة أو النفس الصالحة تميل بالطبيعة إلى الخير.

 قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ۝ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا فإذاً ماذا سيصنع ذو القرنين؟ سيدعو هؤلاء إلى ربهم وإلى الإيمان وإلى الدخول في طاعة الله، سينقسم الناس بعد هذه الدعوة إلأى قسمين، قسم مصر مع أنه كان مستوجب العقوبة، تأتيه الآية تلو الآية والدعوة تلو الدعوة, والنذير تلو النذير لكنه مصر، فهذا الذي يصر على الظلم سوف يعاقبه, عقوبة على قدر قدرته في هذه الدنيا، ثم يرد إلى ربه تبارك وتعالى فيعذبه العذاب الشديد, والذي سيستجيب؟ وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا لماذا لم يقل الله سبحانه وتعالى من آمن فقط؟ لأنه من الممكن أن يظهر الإيمان تعوذاً وتخوفاً لكنه في الحقيقة ليس بمؤمن, فلابد يصدق هذا الإيمان بالإصلاح وعمل صالحاً لأنه ذو القرنين هنا سوف يسوس وسيدير المجتمع, في هذا المجتمع ينقسم الناس قسمين, أناس سوف تظلم أي ستفسد وستسير على غير مراد الله سبحانه وتعالى, وأناس سوف تصلح, فإذاً لا يكفي المؤمنين أن يكونوا مؤمنين في أنفسهم, فالمؤمن سوف يتعبد أو يكون في نفسه معتقد طيب, لكننا نتكلم على مجتمع هذا المجتمع فيه حركة, هذه الحركة إما أن تكون حركة إصلاح أو حركة إفساد، فلابد أن يقترن الإيمان بالعمل الصالح, فإذا كان فلابد لهؤلاء المصلحين من أن يكافئوا من الإدارة التي تدير, يكافئوا المكافأة المادية والمعنوية, فله جزاءاً الحسنى عند الله سبحانه وتعالى الحسنى هي الجنة, وجزاء الحسنى في الدنيا الإثابة على الإحسان والعمل الصالح, ثم الثناء اللفظي والتكريم وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا, فإذاً ذو القرنين في التعامل مع هؤلاء الذين كانوا في الأصل ظالمين, أول شيء سيفعله أنه سينقلهم من الفساد إلى الصلاح, من الظلم إلى العدل, من الشرك إلى الإيمان, ولذلك قال أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ لم يقل فسنعذبه, لأن سوف فيها مدة أطول, لأنه يريد أن يأخذ مساحة زمنية لكي تمكنه من أن يلج بقدر الإمكان إلى قلوب هؤلاء العباد, يبالغ في نصحهم وتوجيههم, لعلهم, فإذا أصر منهم من أصر لابد أن يأتي حينئذٍ قانون للثواب والعقاب لكي ترتفع قيمة المصلحين, وتوضع منزلة المفسدين, لأن هؤلاء الظلمة الذين يظلمون إذا رددناهم إلى يوم يلقون فيه ربهم سبحانه وتعالى فهم في الحقيقة لا يؤمنون به, فهؤلاء أنه هؤلاء لا يؤمنون بالآخرة, وبالتالي لو قلت لي إن ربنا هيعقبك في الآخرة مش هتفرق معاه مش مشكلة. لأنها حقيقة لا تؤثر فيه, لكن ما الذي سيردعه حقيقة وجود عقوبة دنيوية, ولذلك لما ذكر المؤمنين قال فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى فلماذا قدم العذاب الدنيوي للظالمين؟ لأنهم ليس عندهم غير الدنيا ليس عندهم إيمان بالآخرة, أما المؤمنون فأعظم ما عندهم الحسنى لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ فما الزيادة فوق الحسنى؟ أعظم من الجنة ومن نعيم الجنة أن يتمتع المؤمنون برؤية ربهم سبحانه وتعالى في دار النعيم, إذا لم يكن هذا الوضع موجود أو إذا كان مقلوب, يعني هنيجي في مجتمع من المجتمعات هانشوف من اللي يستحق الإكرام من اللي بيرتفع قدره ومكانه ومنزلته المصلحين ولا المفسدين؟ لو أنت عايز تعمل ميزان للمجتمع من الناس اللي تكرم في المجتمع, فإذا وجدتهم أهل الخير والإصلاح والعدل يبقى المجتمع بيرتفع, طيب إذا كان عكس كده, يبقى المجتمع بينزل وبينهار.

 فإذاً وجود مجرد قانون حتى لو قانون صالح للثواب والعقاب لا يكفي إلا إذا كان هناك إعمال للقانون أو تنفيذ له، يعني لو ذو القرنين لو جه عملهم دستور وبعدين قال لهم خذوا يا جماعو الدستور وسلام عليكم أنا متوكل على الله مش هيحصل حاجة، فأول خطوة وضع الأرضية الإيمانية في المجتمع وبعد الأرضية الإيمانية سيتخذ الناس موقفاً تجاهها الذي سيصر على الظلم والإفساد لابد من أن يؤخذ على يده, لماذا؟ لكي ننشر قيم الخير ونردع ونمنع الظلم؟ فإذا لم يكن؟ لن يحدث شيء, وإذا كان الأمر عكس ذلك لابد أن يهلك المجتمع.

 ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا سلك طريقاً آخر على وفق ما أمده الله سبحانه وتعالى, فإذاً ذو القرنين يتبع الأسباب التي منحه الله سبحانه وتعالى إياها, لأن هذه الأسباب لابد أن تكون أسباباً صالحة ويرضى عنها الله سبحانه وتعالى, إلا أن الإنسان من الممكن أن يتخذ أسباباً لا ترضي الله سبحانه وتعالى فماذا سيكون مآل هذه الأسباب؟ كما أن يأخذ الإنسان مثلاً أسباب لسلوك طريق الكسب غير الحلال فهذا سبب, لكن هل هذا السبب سينفع ويثمر؟ سيوصل الإنسان إلى الخير؟ لا, ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ۝ حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا ۝ كَذَلِكَ يعني هيعمل مع دول زي ما عمل مع دول, منهج مطرد بيتعامل به مع كل الناس وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا فالله سبحانه وتعالى هو المحيط بذو القرنين وبعلمه وبقدرته وبمقدار ما آتاه الله سبحانه وتعالى, لا يحيط بهذه القدرة أو بهذه القوة أو بتفاصيلها إلا الله سبحانه وتعالى, صاحب العلم وصاحب القدرة وصاحب الهبات وصاحب المنح سبحانه وتعالى, ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ۝ حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ,

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم,

الحمد لله رب العالمين.

 فإذاً فيما مضى ذو القرنين كما قلنا يسعى لنشر الإيمان أو الخير أو الحق أو العدل قولاً وفعلاً لكنه لما جاء بين السدين كان هذا نموذجاً آخر, هنا لم يتكلم على أناس سيدعوهم هنا سيتكلم عن أناس يعانون من أزمة, وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا ۝ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا فهؤلاء الناس وصفوا بأنهم في منطقة بين جبلين كبيرين سدين بين هذين هناك ممراً, هم من ناحية ذو القرنين وهناك من وراءهم في الناحية الأخرى أناس مفسدون, هؤلاء المفسدون كثيراً ما يغيرون عليهم وهم لا يستطيعون مقاومتهم لا يستطيعون أن يحموا أنفسهم, لا يستطيعون أن يوفروا لأنفسهم الأمان وصل لهم ذو القرنين وهم لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا فكيف تفاهم معهم ذو القرنين؟ فهو بذل جهداً كبيراً ليتعرف على هؤلاء ويتعرف أحوالهم لكي يستطيع أن يساعدهم, فإدراكهم وفههم محدود وتواصلهم محدود وهذا يدل كما قلنا على مدى تعظيمه لرسالته وحرصه على الخير.

يعني مثلاً أعد يتكلم معاهم شوية الناس دي شكلها مش فاهمة حاجة ياعم سلام عليكم أنا أروح حتة تانية أشوف ناس أعرف أتفاهم معاهم, يا عم الناس دي مخها تعبان حتة التفاهم مش عارفين يتفهموا, طيب هما بيقولوا أيه؟ بيقولوا الناس دول بيتعدوا علينا وإحنا مش هنقدر ندفعهم, طب هنعمل إيه؟ خد ياعم فلوس وانت بقى اتعامل, أتعامل أعمل أيه يا جماعة؟ اعملنا سد, السد ده هيسد ما بين الجبيلين وبالتالي ميعرفوش يعدوا، فإذا كيف تعامل ذو القرنين مع المجتمع الذي هذه صفته؟ لا يوجد فهم ولا وعي وهناك تخاذل عن الدفاع عن أنفسهم هناك تقاعس عن القيام بأي دور.

شبه كده بلادنا, ناس ركنت من زمان وطلعت بره الحياة, عاشت زمان طويل كانت ليها المكانة والقوة والقدرة والسيادة حينما كانت مع الله سبحانه وتعالى وبعدين انسحبت من أداء الرسالة وانسحبت من تحمل الأمانة وبالتالي انسحبت من عالم الحضارة وعالم التأثير خلاص, طب دول عايزين إيه؟ إحنا معانا شوية فلوس, تعالى يا أي حد, دافع عننا انت واحمينا وخد الفلوس يسفر بقى يجيب أمريكا يجيب أي حد، فماذا كان رد فعل ذو القرنين؟ قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا طب أمريكا بتعمل كده لأ مابتعملش كده ده أمريكا أصلا بتسفر تجيب الناس يدونا على قفانا فاحنا نقلق فإحنا نصفرلهم فيجوا فيقعودا بقى مابيعملوش حاجة هما بيقعدوا بس, النموذج العكسي تماماً, فأول ما قاله قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ متذكر دائماً أنه عايش في فضل ونعمة ربنا كل ده مما آتاه الله سبحانه وتعالى وفاكر ربنا على طول وربنا سبحانه وتعالى على باله على طول, بيشكر نعمة ربنا دائماً كما كان يقول سليمان عليه السلام وهو يرى ما آتاه الله سبحانه وتعالى فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ فأول حاجة يا جماعة أنا مش عايز من الفلوس حاجة, أنا الحمد لله ربنا أعطاني أكتر من اللي عندكو بكتير فأنا مش هابص على الفلوس بتعتكم لكن أنا عايز أساعدكم وعشان أساعدكم قال: فأعينوني بقوة ساعدوني اجعل بينكم وبينهم ردماً طب ليه معملش سد؟ وليه هما قالوا سد وهو قال ردم؟ أول حاجة هما قالوا سد, لأنهم عايشين ما بين سدين فالإنسان بيكون أسير البيئة والعالم اللي هو فيه, فالإطار الثقافي والحضاري اللي عايشين فيه هما مش شايفين غير السدود, فهو مايعرفش أو مش حافظ إلا السد مايعرفش غيره, لكن ذو القرنين أوسع علماً وإدراكاً ودراية, فهو عارف اني السد مش هيقوم بالدور المطلوب بل هم يحتاجون إلى ردم, فما الفرق بين الاثنين؟ أن الردم مجموعة من المكونات هتتداخل هتحط شوية حاجات وبعدين نحط بينهم مادة صلبة, هنحط ما بينها مادة سائلة أو لينة تشتبك فيتماسك هذا البناء فيصير لحمة قوية لا يمكن أن تخترق, وده هيبان.

 فأول شيء ذو القرنين ذكر هؤلاء القوم بفضل نعمة الله سبحانه وتعالى ونعمته عليه وأن ما هو عليه من فضل الله سبحانه وتعالى, الشيء الآخر أنه لا يريد منهم شيء لكنه يطلب منهم الإعانة قال فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ۝ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ قطع الحديد حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قمتا الجبل, فهذا الحديد الذي وضعه ملأ كل المساحة بين الجبلين ثم قَالَ انْفُخُوا سيصنع كيران من النار بحيث يصهر هذا الحديد بعد صهر الحديد قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا نحاساً مذاباً فصنع ردم من الحديد مع النحاس, وبعد انتهاؤه قال فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي به وبهم, به لأنه أعطاه هذه القدرة أعطاني هذا الثواب أني أستطيع مساعدة الناس, وبكم والأجيال القادمة لكي تحميهم من هذا الشر وهذا له أجل فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا.

 فماذا في خلاصة هذه القصة في هذا الجزء؟ ما الذي فعله ذو القرنين؟ هناك شيء فعله أهم من الردم؟ هو ردم على النظام القديم, ماذا كانت مشكلة هؤلاء الناس؟ هم كانوا أناس لهم طبيعة معينة ليس هناك فقه وليس هناك فهم وليس هناك دراية ولا استعداد للعمل, هم معهم أموال يريدون أن يخدمهم الناس بهذه الأموال, فماذا فعل ذو القرنين؟ أول شيء ذكرهم بالله سبحانه وتعالى وأن الفضل بيد الله وذكرهم أن هناك قيماً أعلى من المال, فأنا سوف أساعدكم ولا أريد من أحد شيئاً أنا إنما أريد ثواب الله سبحانه وتعالى, ليس المادة كل شيء, هناك قيمة أعلى من المال, فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ هناك شيء أعلى من المادة.

 ثم فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ فإذاً قال لهم ذو القرنين في وسط الكلام أنكم عندكم قوة, هل يريد ذو القرنين الذي أعطاه الله من كل شيء سبباً يحتاج إلى أحد لكي يساعده؟! لكنه يعطيهم ثقة أول شيء أعطاهم الثقة فيه هو شخصياً أنه لا يريد منهم شيئاً, ثم بعد أن أعطاهم الثقة فيه, أعطاهم الثقة في أنفسهم أنهم يستطيعوا وأنهم يملكوا والله سبحانه وتعالى أعطاهم كل شيء, من أين أتوا بالحديد والنحاس؟ ذهبوا ليستوردوه؟! هو موجود في ديارهم في أرضهم التي أعطاهم الله سبحانه وتعالى أياها أعطاهم كل شيء لكنهم لا يفعلوا شيئاً, لا يريدون أن يفعلوا شيئاً فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا يا جماعة مش كل حاجة السد وسع مخك شوية فالسد ده مش هينفع طيب هيعمل الردم ده هو عنده تصور واضح ماذا سيفعل من اللي اشتغل؟ هما اللي اشتغلوا, آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ قَالَ انْفُخُوا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا هو بس بيدير هو واخد الإدارة الهندسية للموضوع لكن هما اللي بينفذوا هو يقدر ينفذ, لأ, لأن هو لما يسبهم ويمشي هيفضلوا هما عندهم القدرة على أن هما يبنوا نفسهم يدافعوا عن نفسهم هو قال لهم انتم عندكم إمكانيات عندكم موارد بشرية, انتم بيتفهموا مش مابتفهموش, مش لما شرحلهم فهموا لما قالهم نفذوا مش نفذوا, فهما بيفهموا مش مابيفهموش بس هما مش شايفين انهم بيفهموا, لازم حد يصحي النيام يقولهم انتم عندكم قدرة, عندكم إمكانيات ربنا سبحانه وتعالى أعطانا أعطانا كثير وأن الثروات دي انتم تملكوها فالمفروض تبقى في أيدينا, على فكرة ممكن ياخد حق استغلال المناجم ثلاثمائة سنة قدام لأ, بس يا جماعة دي ثرواتكم أهيه انتم استخدمتوها, استخدموها بعد كده السلام عليكم وخلاص, هو مش عايز حاجة, بس هو نقل الناس دي نقلة هو عمل أيه؟ هو أول حاجة صهر الحديد, وبعدين وصلوه هو والنحاس لمستوى من التماسك بنى سطح أملس عشان محدش يعرف يطلع فوق منه وصلب وقي عشان محدش يعرف يخرقه, وبعدين؟ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا إما يكون المقصود يأجوج ومأجوج لا عرفوا يطلعوا ولا عرفوا يخرموه يبقى إذاً معنى كده لو على المعنى ده يبقى ذو القرنين استنى لحد ما يختبر بعينه السد أو الردم ده هينفع ولا مش هينفع, أصل أنا ممكن أعمل حاجة وأسلمك وتمضيلي والاستشاري يمضي وكل حاجة فل الفل وامشي أنا أسافر بره أروح لندن أروح أي مصيبة وبعدين كل حاجة تروح عادي بيحصل برده كل ده بيحصل, لأ هو قاعد عشان يتأكد, هو هدفه أيه؟ هو هدفه أنه بيني وخلاص لأ هو هدفه أنه يحقق الغاية. فلازم يتأكد إن هو فعلاً وصل عشان يطمأنوا أن ده فعلاً هايحميهم, طيب الحاجة التانية أو الاحتمال التاني, أن هو يكون قال لهم اختبروه, طب حد يا جماعة يطلع كده يتسلقه طب حد يحاول يخرمه فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا فلما شاف كده قال إن دي تاني من رحمة ربنا تبارك وتعالى, يبقى إذاً هو صهر وبعد ما صهر وصل بالصهر ده للتماسك كذلك المجتمع ده هو صهره مع بعض ومعاه يعني هما لما اكتسبوا الثقة فيه وفي نفسهم صهرهم زي ما بيصهر الحديد بيصهر الناس صهرهم مع بعض بقى المجتمع انصهر في بعضه بعد كده صار مجتمع متماسك, يبقى إذاً المجتمع لكي يكون مجتمع قوي لازم ينصهر بعضه مع بعض الأول وبعدين يصلب فيتماسك فيقدر يقاوم يقدر يغير يقدر ينهض نهضة حقيقية وإلا فالكلام ده مفيش أسهل منه.

 فهنا أعطانا الله سبحانه وتعالى هذه القصة وهذا المثال لكي يعطينا بعض الرسائل وخلاصتها, أن الهبات من الله أن الله سبحانه وتعالى عطائه ليس له حدود, أن الله سبحانه وتعالى يعطي العباد كل أسباب الخير لكنهم إما أن ينتفعوا أو أنهم لا ينتفعون, إما أن يوظفوه في خير أو في غير ذلك, وما كان الدور الأساسي لذي القرنين؟ أنه يبني مجتمع ويبني قدرات يحول هذا المجتمع من حالة إلى حالة هذا هو الذي نجح فيه, وهذا الذي من المفترض إذا أردنا أن نصنع شيئاً جيدأً أن نبحث عن مشاكلنا الحقيقة ونحاول إصلاحها, نحن خرجنا من العالم من قرون, لابد أن نعود ونرجع ولكي نرجع لابد أن تتغير بنيتنا الداخلية, لابد أن يكون هناك مقداراً من الثقة, مقداراً من الإحساس بنعم الله سبحانه وتعالى مقدار من الإحساس من أن الإنسان إذا كان مع الله عز وجل فإن الله سبحانه وتعالى سيكون معه, وأن الإنسان إذا استعان بالله واستمد من قوة الله سيستطيع أن يفعل كل شيء, وأن الله سبحانه وتعالى أعطانا نعماً كثيرة جداً, الله سبحانه وتعالى أعطانا في أنفسنا وفي ديننا وفي إيماننا وفي أرضنا كل شيء.

أنا بقالي أد أيه مفيش ميه في الحنفية عندنا إحنا ربنا أعطانا البتاع ده ومش عارفين نشرب ! عندنا بترول مش لاقين سولار, إحنا عايشين فين؟ أنا مش فاهم, يعني ربنا سبحانه وتعالى كل هذه النعم التي آتانا إياها, هو إيه اللي بيحصل, طيب إحنا عندنا بنية وعندنا طبيعة تشابه لحد كبير هؤلاء الناس الذين لا يكادون يفهون قولاً, إيه اللي هنغيروه؟ منهج ومسلك سلكه ذو القرنين لو إحنا هنسلك نفس المسلك هنوصل إن شاء الله لنفس النتيجة, يبقى القضية مش إن هو يعمل ردم, فهو ماتركهمش إلا بعد ما غيرهم, نَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ إحنا قولنا إن فيه تغيير جوه وبره, هيغير ما بقوم يعني أحوالهم الاجتماعية والسياسية حتى يغير هؤلاء القوم ما بأنفسهم, الصفات والخصائص وأسباب الضعف أسباب الوهن وأسباب البعد عن الله سبحانه وتعالى, في حاجات جوه القلب, لما ده بيتصلح ربنا سبحانه وتعالى بيعطينا الإصلاح الخارجي إصلاح ما بالقوم, طيب وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مفيش حد نلجأ له حينجينا من عذاب ربنا فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ طيب نعمل إيه عشان نطلع من ده؟ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا هنطلع من ده إزاي؟ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا هي على فكرة سكة واحدة إحنا بنلف حولين نفسنا مش عارف ليه؟ هو في طريق واحد بس هو في مسار واحد مفتوح والباقي كله مقفول, اللي إحنا نؤوب إلى الله, هو باب ربنا بعيد, طيب إحنا قلقين من ربنا في حاجة؟ طيب إحنا شاكين في فضل ربنا؟ طيب إحنا معندناش يقين فغي رحمته لو إحنا أوبنا إليه؟ هو إحنا في مشكلة فين؟ أصل الفكرة إحنا يا مش واثقين في ربنا أو في قدرة ربنا سبحانه وتعالى أكيد, أو في رحمة ربنا سبحانه وتعالى, هي سكة واحدة أن الإنسان يدعو ويلجأ ويتضرع وسصلح حاله, ربنا سبحانه وتعالى بابه مفتوح على طول, لا يغلق حتى تطلع الشمس من المغرب, نعم ربنا سبحانه وتعالى تتوالى علينا تترى, سواء كانا في طاعة أو في كنا في معصية, منهج ونور ربنا سبحانه وتعالى موجود بين أيدينا, النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة النموذج الأمثل وحياتهم وطريقة ارتقائهم بأنفسهم ومجتمهم موجودة, الإسلام اللي انتشر وساد إمبارح وأول إمبارح لسه ما بين أيدينا هو مارحش بعيد هو موجود وهيرجع يسود, ” إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا ” , ” ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار ” الأرض كلها ” ولا يكون بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز به الإسلام وذلاً يذل به الشرك وأهله ” إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ لكن لمن؟ الإسلام علا وارتقى ثم تركناه فنزل وسيرجع ليعلو ويرتقي وستعود له السيادة هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ لكنه لكي يصعد مرة أخرى لابد نصعد نحن به كما صعد بنا, يعني إحنا بننزل أهو عشان نطلع تاني لازم إحنا ناخد صفات ونلجأ إلى الله سبحانه وتعالى ونفر إليه فيعلينا طيب لو إحنا ماعليناش هنفضل ننزل, فعشان نوقف النزيف لازم نعنل حاجة, طيب هي السكة صعبة يعني؟ لأ بس هي العزيمة الإرادة الحقيقة إن إحنا نبقى أحسن, الحاجة التانية إن إحنا لازم ننصهر كلنا في إرادة حقيقية, لو ماكنش؟ يبقى مش هيحصل حاجة.

 اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه, اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.

اللهم ارحمنا برحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك, اللهم ارحمنا برحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك, اللهم ارحمنا برحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك,

اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه الله لكل خير ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره واجعل الدائرة تدور عليه يا أرحم الراحمين.

اللهم إنا نسألك فعل الخيرات, وترك المنكرات, وحب المساكين, وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا, وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك.