Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

فاحتمل السيل زبدا رابياً ومتلازمة كوبر

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي المتقين، وأشهد أن محمد عبده ورسوله خاتم الأنبياء وصفوة المرسلين؛ صلى الله عليه وعلى وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين ثم أما بعد:

اليوم سنتحدث عن نقطتين:

النقطة الأولى: يقول الله سبحانه وتعالى: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ ۝ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ۝ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ فأين تذهبون بعيدا عن كلمات الله وبعيدا عن هداية الله وبعيدا عن نور الله تبارك وتعالى.

إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ أنزله الله تبارك وتعالى لكي يكون هداية لجميع الخلق إنسهم وجنهم، كلام ربنا سبحانه وتعالى فيه القابلية والصلاحية لهداية جميع الخلائقوَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ للهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا….

هذه الصلاحية والقابلية هي متاحة لكل مريد إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ۝ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ

إذا ما الذي يفرق بين شخص وآخر؟، إرادة الاستقامة، أن يكون الإنسان حريص على أن يقيم نفسه على جادة الصواب، أن يقبل وينيب ويفيء الى ربه تبارك وتعالى، لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ۝ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ

إذا الشخص الذي لديه إرادة الاستقامة عليه أن يلجأ الى الله، يطلب من الله، يسأل الله تبارك وتعالى.

دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم السوق فمر على رجل يبيع طعاما وكان طعامه الشعير، يصنعون خبزهم من الشعير لعدم توفر القمح أو عدم ملائمة سعره، فالبائع كان يضع الشعير أمامه في صرة أي ” شوال ” فوضع النبي صلى الله عليه وسلم فيها يده فوجد بللا، قال ما هذا يا صاحب الطعام، قال أصابته السماء يا رسول الله، الشغير من فوق كان لا بأس به أما عندما وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده تحت وجد شعيرا به بلل فسأل الرجل فأجاب أنه أصابه المطر أي لم يعمد إلا بله كي يزيد وزنه وحجمه فيبيع كمية أقل بنفس السعر ويغش الناس، فقال النبي: هلا جعلته فوق كي يراه الناس؟ من غش فليس مني.

رد عليه النبي صلى الله عليه وسلم أنه من الأحرى به أن يترك ما أصابته السماء فوق كما هو ولا يبدل مكانه الشعير الذي من أسفل ” هلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني “

هذا الكلام يدور على شعير، مجرد شعير، أما ما هو أصعب من الشعير هو لو كان هذا يدور حول الإنسان نفسه، أن يكون الغش في باطن الإنسان، يجعل المبلل تحت والجاف فوق، يقول الله سبحانه وتعالى: أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا.

ربنا سبحانه وتعالى يتحدث عن أودية وقنوات وأخاديد ومجاري للمياه، بدون ماء تكون هذه الأودية جافة دون خير ومع الرياح تحمل هذه الأودية أوراق شجر، أخشاب، ربما ألقى فيها آدمي مخلفات، ربما جاء حيوان فبال فيها. هذه المجاري الجافة مليئة بما يفسد، هذه هي النفس الإنسانية، ثم من الله عليها بالمطر الذي فيه النفع والحياة، عندما يصيب هذا المطر تلك الأخاديد أو تلك القنوات، يملأها بالماء الطيب العذب، أما ما بداخلها يقول الله فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا أي الأشياء التي كانت تحت أصبحت فوق، هذا جيد أم سيء؟ أي ان الإيمان والقرآن والتوجيه الإلهي أظهر لي ما في النفس من آفات التي كانت تحت فأصبحت فوق، هل هذا جيد أم سيئ؟ هو يصيب بالفزع لكن جيد، لكن جيد لمن؟ لمن يبحث عن النقاء، لمن يبحث عن التطهير، لمن يبحث عن التزكية.

فالله سبحانه وتعالى يقول فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا أصبح فوق، لكن الله تبارك وتعالى يبشر العبد الذي يتجاوب مع كلمات الله أن قوة دفع هذا الكلام الذي يمثل في الآية بالمطر سوف تدفع هذه الأشياء بعيدا، فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءًسوف يعلق هذا الزبد يمنة ويسرة على طول الطريق ويستمر الماء بالسيروَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ، الخير هو الذي سيبقى، لكن إذا فعلت العكس، إذا فعلت مثل صاحب الثبرة، وحاولت أن أدفن الذي خرج.. ماذا يحدث؟ هذا هو الخطر، أن يدفن الإنسان الأشياء التي خرجت فتصبح موجودة ولكنه لا يريد أن تكون مرئية، حسناً وإن فعل ذلك فسيرتاح من وجهة نظره مؤقتاً، لكنه سيتعب بعد ذلك، سيبدو أنه أسهل ولكنه في الحقيقة ليس كذلك، أصعب وأصعب جداً.

 النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتكلم عن النفاق، ما ماهية النفاق؟ بماذا وصفه النبي صلى الله عليه وسلم؟ بأنه صورة في الظاهر، وحقيقة في الباطن، المبتل أضعه بالأسفل، قال صلى الله عليه وسلم: آية المنافق ثلاث وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم، إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتُمن خان، ما هذا؟ صورة ظاهرة وحقيقة باطنة، إذا تحدث أظهر الصدق، ولكنه لا يظهر الحقيقة، الحقيقة في الأسفل، الحقيقة شيء آخر، إذا وعد أظهر الحرص على الوفاء لكنه يضمر الإخلاف في الأسفل، يظهر الأمانة لكي يكون محلاً للائتمان، لكنه في الحقيقة يضمر الخيانة، هناك شيء في الأعلى وشيء في الأسفل.

 أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها، إذا حدث كذب، إذا وعد أخلف، إذا عاهد غدر، إذا خاصم فجر، يحدّث فيكذب، يعد ويخلف، يعاهد ويظهر الالتزام لكنه يضمر الغدر، يخاصم، العلاقة مبنية على المودة، إن حدث أي شيء؟ فإذا خاصم فجر، فإذاً هذه المودة لم تكن حقيقية لأنه لو كانت حقيقية لم تكن لتنتقل للفجر في الخصومة، صور وبالأسفل منها حقيقة أخرى، ولذلك يقول ربنا إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ لأن الكافر ما في الأعلى مثل ما في الأسفل، هو أظهر ما بداخله أما الآخر فقد أظهر شيئاً وأخفى شيئاً لذلك فهو في الدرك الأسفل، إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ما بالأعلى غير ما بالأسفل، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال أن الرجل ليعمل الزمان الطويل بعمل أهل الجنة، وبعد ذلك؟ بعد ذلك يتحول فيعمل بعمل أهل النار، لماذا هذا التحول؟ ” يعمل بعمل ” هذه صورة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات، قال: فيما يبدو للناس، فيما يبدو للناس ’ صورة، صورة، ليست صورة حقيقية.

 وبالعكس، شخص يعمل بعمل أهل النار ولكن بداخله أشياء جيدة، صورة تبدو سيئة لكن ما في الأسفل فيما هو أفضل، فالذي بالأسفل يصعد لأعلى، فهي نفس الفكرة، الذي بالأسفل سيصعد لأعلى، الخواتيم أن الذي بالأعلى يختفي والذي بالأسفل يظهر، ولذلك حين يتكلم صلى الله عليه وسلم عن امرأة بغي من بني إسرائيل وتسقي الكلب فيغفر لها ربنا بهذا العمل، ماذا يعكس هذا الموقف؟ هذا المجتمع فاسد، ويمكن أن يكون بعض الناس تضطره ظروفه أن يقتات ويتكسب من الحرام. من الرذيلة، وقطعاً يكون فيها جزء من ضعف النفس، لكن أحياناً يسير الإنسان ويكون قد سأم من هذه الحياة ولا يريد أن يكمل حياته هكذا، يأمل أن يتطهر، يأمل أن يتوب، ثم تظهر مواقف تدل على أشياء خيّرة جداً بداخله، إحساس عالي بالرحمة، أشفقت على الكلب، فخلعت حذائها ونزلت في البئر وملائتها بالماء ووضعته أمامه كي يشرب، فشكر الله لها، فشكر الله لها فغفر لها، الرحمة، ثم إنها لا تريد أن يشاهدها أحد ولم يكن أحداً حاضر، لم يكن هناك أحد حاضر، ولن يقول أحد أن هذه المرأة هي امرأة رحيمة وطيبة أو يقول إنها في جمعية الرفق بالحيوان، والكلب لا يتكلم، لن يحكي ولن يثني.

 سيدنا أبو هريرة يحكي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي مشهداً من مشاهد يوم القيامة، يقول أن أول من يقضى يوم القيامة عليه، من أول من سيحكم عليه الله أو يفصل في شأنه؟، يقول رجل استشهد فأُوتي به فعرّفه نعمه، عدّد ربنا عليه إحسانه ونعمه، ” فعرفها ” أقر بها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، فيقول: كذبت، فيقول: كذبت، بل فعلت ليقال هو جريء، فقد قيل، ثم أُمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار، الشيء الطبيعي أن أول من تسعر به النار هو إبليس الذي قاد هؤلاء جميعاً إلى النار قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ۝ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ لأنه لا يقدر عليهم، أو أن يكون فرعوناً فَحَشَرَ فَنَادَى ۝ فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى، أو أن يكون نمروداً أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ، مردة الشياطين، كبراء يهود الذين قالوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ الذين قالوا يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ، الذين كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ، الذين قالوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا ۝ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ۝ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ۝ أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا ۝ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا ۝ إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا، ” ثم أُمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار ” ، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأؤتي به فعرّفه نعمه فعرفها قال: ما عملت فيها؟ قال: يا رب تعلمت فيك العلم وعلّمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، وإنما تعلمت ليقال هو عالم وقرأت ليقال هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقى في النار، ورجل وسع الله عليه وآتاه من أصناف المال فأتى به فعرّفه بنعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: يا رب ما تركت من سبيل تحب أن يُنفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، وإنما تصدقت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسُحب على وجهه حتى أُلقي في النار.

صورة وحقيقة؛ الصورة هي عبادة الله والحقيقة هي عبادة الذات، أنا أعبد نفسي، لا أعبد ربنا، صورة نعم، الحقيقة لا فأنا أعبد نفسي، أنا أخذت ما كنت أريده، عمر كله، العمر كله يحفظ قرآن ويعلم الدين، أموال كثيرة أنفقت في كل وجوه الخير، رجل قدّم روحه، رجل قدّم روحه، في موقف لإعلاء كلمة الله، لا يوجد أعلى من هذا، هو في النهاية هكذا، نحن في النهاية تعظيمنا؛ للشهداء وللعلماء وأهل القرآن ولأهل الجود والكرم والسعة والبذل في الخير، فلا يوجد شيء آخر، ولكن ما الذي فوق وما الذي تحت فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا الذي يصعد لأعلى يظل في الأعلى، ونستعين بربنا وربنا يعيننا ونطهر أنفسنا، أما غير ذلك أما غير ذلك فهذا هو الهلاك؛ ” قيل يا رسول الله أي الناس أفضل؟ قال: كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه – هذه مفهومة – فما مخموم القلب ” ما معناها؟ ” قال: هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غلّ ولا حسد ” هو نظيف من الداخل ” فما معنى مخموم، مخموم هذه أي مكنوس، قلناه قبل هذا كثيراً أي مكنوس، ما معنى مكنوس؟ ما معنى مكنوس؟ شخص يراعي قلبه، شخص يراعي قلبه، كلما تراكمت فيه الشوائب يرقيها، كلما وردت عليه الأدران يكنسها، مخموم القلب؛ فهو يتراكم عليه أشياء وهذا طبيعي، فهو ماذا يفعل؟ منتبه لذلك، منتبه لذلك ” هو التقي النقي ” تقوى الله تحمل على تنقية النفس ” لا إثم فيه ” إرادة السوء، ” ولا بغي ” التعدي والاستطالة على العباد، ” ولا غلّ ” ضغائن، ” ولا حسد ” لا يكره نعم ربنا على الناس، قال ” هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غلّ ولا حسد “

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين

إذاً النقطة الأولى: حرص الإنسان على تطهير نفسه لكي يلقى ربنا سبحانه وتعالى وربنا سبحانه وتعالى يرضى عنه ولكي يستطيع أن يكمل طريقه لربنا سبحانه وتعالى لمنتهاه ” اخرجي أيتها الروح الطيبة ” الشخص يعمل زمانه كله لأنه منتظر هذه الكلمة، ولو هي خبيثة مستحيل أن يقال لها طيبة، لا يصلح.

 ” اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى روح وريحان ورب راضٍ غير غضبان ” العمل كله على هاتين الكلمتين، لا شيء آخر لئلا نتيه، لا شيء آخر، أنت تعيش حياتك كلها منتظر هذه الكلمة وهي إما لليمين أو للشمال، وهذه لن تستدرك، إن لم يعمل لها لن تستدرك، لو قيل ” أيتها الروح الخبيثة ” لن أستطيع أن أرجع وأجعلها ” الطيبة ” رَبِّ ارْجِعُونِ ۝ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا انتهى، كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ انتهى، هذه لن تستدرك، أي شيء في الدنيا يمكن أن يستدرك أما هذه فلا، هي هذه الكلمة فقط، أنت منتظر الملائكة تأتي لك لكي تقول لك ماذا؟ ستصف هذه الروح بماذا؟ هي كلمة. إما ” طيبة ” وإما ” خبيثة ” أنت تعمل، تعمل على أن تنال هذا الوصف فقط، هذه هي النقطة الأولى

النقطة الثانية: سنتكلم عن متلازمة كوبر، طبعا ” كوبر ” معروف، المتلازمة هذه عبارة عن ماذا؟ عبارة عن شخص هو أسير شيء من أمرين؛ أسير فكرته عن نفسه، أو أسير تاريخه وتجاربه السابقة، هذا عبارة عن شخص عنده مجموعة من التجارب كل مرة يكون واقف قاب قوسين أو أدنى من تحقيق غايته ويخفق، ويخفق، ويخفق، ويخفق فيتكون عنده مفهوم أنه قرين التعثر والفشل، ثم إن الناس تؤكد هذا والصحافة الأوروبية تقول أن هذا ” نحس ” فهو يقتنع أنه ” نحس ” فهذا النموذج، هو عبارة عن ماذا؟ عبارة عن أن الإنسان يكون أسير نظريته عن نفسه، أو أسير تاريخه وسوابقه وتجاربه، طيب.

حينما يكون هكذا ويخوض تجربة، لن يخوض التجربة بجدية، لماذا؟ لأنه مقتنع بل مؤمن أنه سيفشل، فالأحسن له، الأحسن له أنه لا يحاول بجدية، لأنه إذا حاول بجدية وفشل أيضاً، سيزداد إحباطاً، فما هو الأفضل الذي يصنعه؟ لا يحاول، لكي عندما يخفق لا يتأزم، ولو كان قائداً سينقل هذه الروح لمن حوله، فيخفقون بإخفاقه.

طيب، متلازمة ” كوبر ” ، ” كوبر ” هذا رجل غير مؤمن، عادي، عادي أن يكون هكذا، أما في الإيمان؟ في الإيمان ماذا يكون؟ نحن أزمتنا: أننا غير مدركين الفرق بين ما يعطيه الإيمان وبين ما يسلبه الكفر، لماذا؟ لأن معظمنا للأسف قد آمن اسماً، الإيمان هذا لم يلقِ بظلاله على الحياة لم يغيّر في بنية الإنسان، فأنت لا تشعر بشيء فهو عادي، كثير من أهل الإسلام لديهم نفس المتلازمة، هو لا يتحسن ولا يتقدم بسبب هذه الأشياء، الخبرات والتجارب أو بسبب فكرته أو رؤيته عن نفسه.

طيب؛ لو في إطار الإيمان ماذا يحدث؟ في إطار الإيمان؛ أولاً لن يعمل هذا العمل، لأن هذا العمل لا يصلح، مبدئياً هذا العمل لا يصلح، ذرونا نتكلم عن شيء فعلاً، أبني في شيء له قيمة، ماذا أفعل؟

الإنسان في أي تجربة يخوضها يستخير ربنا سبحانه وتعالى في البداية إذا كان هذا الشيء ليس قربة إلى الله، يوجد أشياء تسمى قرب إلى الله سبحانه وتعالى فهذه تفعلها، ويوجد أشياء معاصي لا ترضي ربنا سبحانه وتعالى فتتجنبها، ويوجد أشياء من مباحات الدنيا، قبلما تضع قدمك فيها تطلب الخيرة من الله، هل أقدّم قدمي أم لا؟، فعندما تأتي لتفعل أي شيء تأخذ بالأسباب مثلما أمرك ربنا، وتستعين بربنا سبحانه وتعالى، فإذا وُفقت؟ فالفضل لله سبحانه وتعالى، وإذا لم تُوفق؟ يوجد أمران مهمان؛ أولهما لابد أن أراجع نفسي، ما الذي فعلته به تقصير؟ الأمر الثاني: أرضى باختيار ربنا سبحانه وتعالى وتعلم أن ربنا سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً، أي شيء أنت بذلت به جهد ربنا لن يضيع جهدك، حتى لو أن النتيجة النهاية أنت لم تصل إليها أحياناً، فلا يكون دائماً، لأن القانون العام ليس هكذا، القانون العام أن المقدمات تورث النتائج؛ إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ وماذا بعد؟ إذا كنت محتاج هذا ستعيد فيه الأمر الكرة تلو الكرة، كل مرة تستمد من ربنا سبحانه وتعالى وتثق في عطاء ربنا وقدره وتسلّم لأمره، ومدرك أن في النهاية الجزاء عند ربنا سبحانه وتعالى في الآخرة ولا يضيع.

فقد قلنا مرة – زمان – أنه يوجد رجل بدون لحية، كان يتكلم عن أن الإنسان عليه أنه لا يجعل الفشل يؤثّر فيه، فيقول أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى الطائف، أن النبي صلى الله عليه وسلم فشل في رحلة الطائف، فجاء رجل بلحية ردّ على الرجل الذي بدون لحية، وسبه وقال: أنت الفاشل وأفشل أهل الدنيا، اترك هذه القصة

هذا الكلام ليس له أي معنى، لماذا ليس له معنى، فالآن شخص قال كلاماً فهذا الكلام لابد أن يقيّم صحيح أم خطأ، فأنا ليس لي علاقة أهو فاشل أم لا، هذا الشخص قال كلاماً، هو ماذا يريد أن يقول؟ يريد أن يقول: أن المرء عليه أن يسعى وليس عليه إدراك النجاح، وليس كل محاولة أنت تخوضها تنجح فيها، فيريد أن يمثّل على هذا، ولكنه غير فاهم،، فيقول أن النبي صلى الله عليه وسلم فشل في رحلة الطائف، فهذا الكلام أصلاً خطأ، لماذا خطأ؟ لماذا خطأ؟

لأن أصل القانون ضائع؛ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ ۝ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ هو لم يكن مندوب مبيعات ومطلوب منه أن يأتي برقم في الطائف ولم يأتِ به، هو كان مطلوب منه بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ فما معنى فشل؟ فما معنى فشل أصلاً؟ لم يحقق ما يريد أن يحققه؟ فهو حققه وانتهى، النتائج بيد الله سبحانه وتعالى وإن كانت لها قوانين منضبطة، لكن في النهاية كل شيء يتم، يتم بحكمة ربنا سبحانه وتعالى ” عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ” هذه المتلازمة ليست موجودة في الإيمان، هذه المتلازمة ليست موجودة في الإيمان، الإنسان دائماً يحدوه الأمل ويبني على الثقة في ربنا سبحانه وتعالى وكرم الله، وبعد ذلك، وبعد ذلك يسلم، لأنه مسلم، هو مسلم، فيسلم لأمر الله، ويرضى باختيار الله، ويعلم أن هذه هي الحكمة والمنفعة والمصلحة والرحمة، ولا يتطير أبداً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” الطيرة شرك ” و ” كوبر ” هذا عادي، لا يوجد شيء اسمه بني آدم ” نحس ” لا يوجد شيء هكذا، لا يوجد شيء هكذا، بل يوجد أن الإنسان يظل طوال الوقت يستعين بربنا سبحانه وتعالى ويظل يجتهد ويعلم أن ربنا سبحانه وتعالى لن يضيعه، ويوجد أقوى من ذلك وقلناه قبل ذلك كثيراً

حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في المسند؛ النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها ” هنا يتحدث عن شيء ليس لها ثمرة يقيناً، شيء ليس لها ثمرة يقيناً، النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يقول؟ يقول أن القيامة تقوم وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا لن يكون هناك شيئاً، أصلاً لن يظل شيئاً، لن يوجد جبل فضلاً عن نخلة، يقول أن القيامة تقوم، القيامة تقوم وشخص في يده فسيلة نخل، فيقول إن استطاع على أن يغرسها قبل أن تقوم، فليغرسها، هو علام يريد أن يربينا؟ فسيلة النخلة هذه أين ستذهب؟ إذا قلنا أن شخص أتى له أجله فسنفهم هذه المقولة، فهو لن ينتفع بها ولكن سيكتب له ثوابها، لن ينتفع بها، ولكن ستنتفع بها ذريته من بعده، لكن القيامة تقوم، لن يظل شيئاً تماماً، فهو علام يريد أن يربينا صلى الله عليه وسلم؟ يريد أن يربينا على أن الإنسان يظل طوال الوقت طوال الوقت يغرس خيراً، طوال الوقت يبني خيراً، وربنا سيعطيه أجر الفسيلة وهو يضعها، وهو يضعها حتى إن لم تذهب لنفعها، حتى إن لم تؤتي ثمرة، وهو يغرسها يسطّر في ميزان حسناته شيء سيقابله عند ربنا، أثمرت أم لا، نجحت الفسيلة أو لا، حققت شيئاً أم لا، لابد على الإنسان المسلم، لابد على الإنسان المسلم أن يدرك قيمة نعمة ربنا بالإيمان، وما معنى عقيدة، هذه تغيّر الإنسان، ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ربنا سبحانه وتعالى ذكر خلق الإنسان، وعندما ذكر نفخ الروح قال ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ الروح تحول هذا الطين إلى شكل آخر تماماً، فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ لكننا لا نشعر بذلك، هذه هي الأزمة نحن لا نشعر بذلك، لا نشعر ما الحد الفاصل بين أن يكون الإنسان مؤمناً أو لا، بين أن يكون المجتمع مؤمناً أم لا، هذا فرق كبير جداً، ماذا يصنع بالضبط الإيمان في قلب الإنسان؟ فكيف سنعرفه، إن لم نحاول أن نتفكر فيه ونعيشه، فلن نشعر به عمرنا.

نحن اليوم كيف ننظر للدين؟ وهذا ليس الذي متخذ الدين وراءه ظهرياً، فهذا قصة أخرى، لكن الذي يحاول أو يريد أن يقترب من ربنا؛ هو كيف يرى الدين أصلا؟ ما مدى تعظيمه له وإحساسه بقيمته؟ وفي نفس الوقت هو ليس كلاماً وفقط، هو ماذا يفعل بالضبط، كل جملة ربنا أخبرنا بها ماذا ستبني في نفس الإنسان؟ هذا الماء النازل من السماء، هذا هو الإيمان، هذا الإيمان سيغيّر مجريات الإنسان وتركيبته، وسيخرج الأشياء التي في الأسفل للأعلى لكي نتخلص منها

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك

اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك

اللهم كن لنا ولا تكن علينا وأعنا ولا تعن علينا وانصرنا ولا تنصر علينا وامكر لنا ولا تمكر علينا واهدنا ويسّر الهدى إلينا، وانصرنا على من بغى علينا.

اللهم اجعلنا لك ذكّارين، واجعلنا لك شكّارين، واجعلنا لك رهّابين، واجعلنا لك مطواعين، إليك أوّاهين منيبين

اللهم تقبّل توبتنا، واغسل حوبتنا، وامح خطيئتنا، وثبّت قلوبنا، وسدد ألسنتنا، واسلل سخيمة قلوبنا

اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه، اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.