الحمد لله حمداً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله لا رب غيره ولا معبود بحق سواه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أطهر عبدٍ وأشرفه وأزكاه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتّبع هديه واهتدى بهداه
يقول الله تبارك وتعالى فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ بوّب عليه البخاريُّ رحمه الله في صحيحه فقال ” باب العلم قبل القول والعمل لقول ” الله تعالى فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ما معنى ” العلم قبل القول والعمل “؟ أول شيء يجب على الإنسان أن يدرك الحقائق وإدراكه للحقائق هو الذي سيرشده للأقوال الطيبة وللأعمال الصالحة.
ربنا سبحانه وتعالى يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم فيقول له فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ طيب؛ متى؟ هذا الكلام في أي توقيت؟ في أي وقت؟ هذه الآيات أنزلها ربنا تبارك وتعالى بعد غزوة بدر، إذاً نحن تجاوزنا الخمس عشرة سنة في تاريخ الإيمان، 15 عاماً كاملاً وأكثر مرّت في تاريخ الإيمان والبعثة والرسالة، فما المضمون الذي جاءت به هذه الرسالة؟ ” لا إله إلا الله ” أي خلال هذه المساحة الطويلة هذه إلام كان يدعو صلى الله عليه وسلم، ماذا كان يغرس بداخله وعلام يربي المؤمنين وإلام يدعو غير المؤمنين؟ يقول لهم ” قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ” ومرّت مساحة زمنية طويلة وتاريخ كبير جداً، وأحداث وابتلاءات عظيمة، وبعدما مرّ كل هذا ربنا سبحانه وتعالى يخاطب صاحب الرسالة نفسه صلى الله عليه وسلم فيقول له فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فلماذا؟ ما الفحوى الذي يريد ربنا سبحانه وتعالى أن ندركها أو نفهمها أو نتعلمها، يوجد أمور؛
أول أمر: أن أعظم شيء وأجلّ شيء أن يوقن الإنسان بهذه الكلمة العظيمة ” لا إله إلا الله ” ولذلك نحن قلنا أن البخاري يقول ” العلم قبل القول ” قبل أن تقول ” لا إله إلا الله ” التي تكون بها في عداد المؤمنين عليك أن تعلم أولاً وتوقن أولاً بأنه في الحقيقة ” لا إله إلا الله ” لأن بناءً على اليقين والإيمان ستترتب الأقوال وتترتب الأعمال فتأتي طيبة صالحة، هذا أول أمر.
الأمر الثاني: أن العلم – العلم – محتاج تثبيت واستدامة وأن حديث الإيمان حديث لا ينقطع.
الأمر الثالث: أنه بعد مجريات كثيرة وأحداث كثيرة ومن أعظمها وقعة بدر ربنا سبحانه وتعالى يقول له من خلال ما رأيت وما عايشت وما لامست فأيقن أنه لا إله إلا الله، لأنك ترى بعينك وتلمس بيدك، تدرك في الحياة مصداقية هذه الحقيقة العظيمة أن في النهاية ” ما من إله إلا الله “
– قيمة ” لا إله إلا الله ” في حياة الإنسان المؤمن ووزنها كم هي؟ ربنا سبحانه وتعالى يقول يَا أَيُّهَا الَّذِينَ وهذه في سورة النساء، أي أنك ستسير ثلاث سنوات أخريات إلى الأمام، إذا كانت هذه بعد 15 أو 16 سنة، فهذه بعد 18 أو 19 سنة من حديث الإيمان. ربنا يقول للمؤمنين يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ هم آمنوا ! ربنا يقرر هذا، ليس نحن الذي نقول، ربنا سبحانه وتعالى يقول يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا هو سبحانه وتعالى يخاطب أناس هو نفسه سبحانه وتعالى بعلمه بما تنطوي عليه النفوس وعلمه بسرائر القلوب يقول لهم – يقول لهم – ما يدل على تقريره على أن هذا الإيمان موجود فعلاً، ومع ذلك يقول للذين آمنوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ فلماذا هذا نَزَّلَ ولماذا الآخر أَنْزَلَ.
وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ ” نزّل ” هذه: التنزيل المتتابع، جزء جزء، لأن كل جزئية من هؤلاء، الكتاب السابق نحن جئنا ووجدناه موجود، أما الكتاب الذي أنزله ربنا سبحانه وتعالى على نبيه أنزله منجّماً، مفرّقاً، لماذا؟ لماذا لا ينزل مرة واحدة؟ لأن هذه طوبة تُوضع فوق طوبة، لبنة تُوضع فوق لبنة، الإيمان القلب يتشربه مع الوقت، يترسّخ مع الأيام، يقوى مع الأحداث، جزء فوق جزء، جزء ينبني على جزء.
طيب، هم آمنوا فلماذا يطلب منهم الإيمان مرة أخرى؟ لأنه يفنى؛ هذا أول شيء، ” يفنى ” ” يفنى ” الإيمان مثلما قلنا كثيراً ” يستعمل ” يستعمل في الحياة، هذه هي وظيفته ولا يكون إيمان إلا إذا كان موجود في القلب ويستعمل في الحياة.
المعلومات ليست ديناً، والمعارف ليست إيمان، الحقائق القلبية هذه هي الدين وهذه هي الإيمان، فأنا محتاج أن أشحن ومحتاج أن أثبت ومحتاج أن أستديم ومحتاج أن أقوّي الجذور وأُمدّ الفروع، فأنا الآن آمنت بالله.
هذا الإيمان؛ يوجد إيمان مبني على جملتين وإيمان مبني على مئتا جملة، المبني على جملتين مثل المبني على مئتا جملة؟ أي أنني كم أعرف من صفات ربنا؟ وكم أنا تعايشت مع هذه الصفات؟ كم تفكّرت في عظمة الله؟ كم تفكّرت في نعم ربنا عليّ؟ فلكي أعلم، ” أعلم ” ، ” أعلم ” هذه معناها أن يؤمن الإنسان، العلم: هو اليقين الذي لا يعتريه الشك ولا الريب، فلكي أعلم أنه لا إله إلا الله، من أين آتي بها؟ ماذا أعرف عن ربنا؟ كم تفكّرت في عظمة ربنا؟ كم استجبت لنداء ربنا لي في القرآن بالتفكر في خلق الله؟ كم تفكّرت في نعم ربنا سبحانه وتعالى الظاهرة والباطنة عليّ وعلى كل الناس، وفي المقابل كم تفكّرت في ضعف الإنسان وفي نقص الإنسان وفي عوار الإنسان.
فأنا لكي أعلم أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ لابد أن أعلم عظمة الله وفي نفس الوقت أنه لا يوجد أحد يستحق أن يكون له أدنى قدر من الشراكة أو أنه يصلح أن يكون ندّاً لله رب العالمين، فأنا لكي أعلم هذا لابد أن أعلم حقيقة الرب سبحانه وتعالى وأعلم حقيقة العبد.
فهذا العلم هو شيء تبنيه، نحن نقول في كل ركعة؛ ندعو ربنا سبحانه وتعالى ونقول اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، طيب اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ باعتبار أننا في الضلال أو الكفر، أم باعتبار أن ربنا رزقنا شيء من الهداية؟، فهذا أكيد ليس تحصيل حاصل، أنت لماذا تقول في كل ركعة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ؟ أنت تريد ألا يسلبك ربنا هذا، ربنا يثبّت هذا في قلبك، ربنا يحفظ هذا في وجدانك، ربنا يقويه ويعطيك الثمرة التي ترتجيها منه، يوجد أشياء كثيرة جداً أنا محتاج أن يعطيها لي ربنا لكي يرزقني الهداية للصراط المستقيم.
فهل أنا أعلم الصراط، وأعلمه جيداً، أعلم التفاصيل، أعلمه بمنارات سبيله، أم قليلاً قليلاً؟؟
إذاً ربنا سبحانه وتعالى يطلب منا أول شيء أن نعلم، هل هذا العلم شيء مرسل؟ لا لا، فالعلم هذا اكتساب أي معلومة، هو يطلب منّا العلم، علم محدد، العلم بعظمة الله هذا هو العلم الذي يرشدنا إليه.
طيب وعندما تعلم، تستغفر، ما أثر العلم؟ تستغفر، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ عندما أدرك العظمة أدرك التقصير، عندما أدرك النعم أدرك الجحود والنكران الذي أنا فيه، عندما أدرك حقّ ربنا سبحانه وتعالى أدرك أنني لا أفعل شيئاً، أنا في غاية من الجناية والتقصير
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ هل أنت بمفردك؟ هل يشغلك نفسك فقط؟ حتى في الإيمان،، حتى في الإيمان، الأنانية هذه شيء مذموم، ربنا سبحانه وتعالى أمرنا ونحن في كل ركعة أن نقول إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ربنا سبحانه وتعالى أمرنا أننا حينما نطلب من ربنا وحينما نعترف لربنا نعترف كلنا، نحن قلنا قبل هذا، أنت تصلي بمفردك، حينما نصلي جماعة هذه مفهومة.
أنت تصلي بمفردك! الطبيعي المنطقي حينما تكون واقف بمفردك تقول ” إياك أعبد ” وحينما تكون واقف بمفردك تقول ” إياك أستعين ” وحينما تكون واقف بمفردك تقول ” اهدني الصراط المستقيم ” لا.
وأنت تصلي بمفردك تقول إِيَّاكَ نَعْبُدُ وتقول إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ، وتطلب الهداية للجميع تقول اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ الأنانية عكس الإيمان.
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وستنسى الآخرين؟ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ المتقلب: الحركة التي نتحركها بالنهار، والمثوى: الوضع الذي نكون عليه بالليل، وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ لأن متقلبنا مليء بالذنوب، ومثوانا مليء بالغفلات، نحن محتاجون للاستغفار لماذا؟ لأننا إذا راجعنا متقلبنا وراجعنا مثوانا ندرك أننا يقيناً محتاجين الاستغفار.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ هذه أين مكانها؟ ربنا يقول وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ ” يسمع ” أم ” يستمع ” ما الفرق بين ” يسمع ” و ” يستمع ” ، ” يسمع ” : الصوت يدخل أذنه، أما ” يستمع ” أن أعطي أذني، الذي يستمع هذا يصغي، ربنا يتكلم عن أناس أعطت أذنها، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ طيب، ما الذي حصلوه مما استمعوا إليه؟ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ” هو ماذا كان يقول؟؟ “
في مقابل هذا؛ حنظلة الأسيدي رضي الله عنه ماذا يقول؟ يقول أنه عدّ نفسه في عداد المنافقين، لماذا؟ يقول ” نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا الجنة والنار ” فهم جالسون يستمعون، هؤلاء يستمعون، ” نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا الجنة والنار فكأنّا رأي عين، حتى إذا عافسنا الأزواج والأولاد والضيعة نسينا كثيراً ” هو الآن يقول أنه منافق، لماذا منافق؟ لأنه ليس لديه استدامة لهذه الحالة الإيمانية الراقية طيلة الوقت، ماذا يقول، يقول أننا ونحن نستمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يذكّرنا بالجنة والنار كأننا نراها.
فإذا تكلمت عن شخص كأن الجنة أمامه وكأن النار أمامه؛ أي أن الغيب، الغيب أصبح شبيه بالشهادة ماذا يحدث للإنسان في نفسيته وسلوكه؟ الذي يرى الجنة يدأب لها، ومن يرَ النار يهرب منها، وبعد ذلك؟
يتابع عمله ويقعد مع أولاده، فيقول حينما يحدث هذا ماذا يحدث؛ هذه الحقائق بهذا المستوى وبهذا الحضور وبهذه الحالة الإيمانية الراقية هذه تخبو، ” نسينا كثيراً ” هذا يضعف، فماذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم يقول له أن هذه الحالة إذا كانت مستدامة تساوي الملائكية أما الحالة البشرية فهي التي يعتريها القوة والضعف، فلما يضعف أحتاج أن أستعيد هذا الاستماع لكي أستعيد هذا الشحن مرة أخرى، ولما يضعف؟ أستعيده مرة أخرى، لذلك الحاجة للتذكير حاجة ضرورية، نحن قلنا قبل ذلك الدين ليس عبارة عن معارف مختزنة، أو معلومات جديدة تضاف كل مرة، لا لا لا، ربنا يقول فَذَكِّرْ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ هذه وظيفته.
طيب، لماذا التذكير وظيفته؟ لأن النسيان طبيعتنا، الفكرة هكذا، وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا النسيان، وليس النسيان مجرد التوهان، لا لا لا، الإهمال والتوهان، النسيان والإهمال والتوهان طبيعة البني آدم، محتاج دائماً للتذكرة، التذكرة ليست كلام جديد، أنت محتاج، محتاج العلم بأنه ” لا إله إلا الله ” ، كل وقت تذكر نفسك به لأنك لا تملك أغلى أو أهم أو أعلى أو أقدس منه إذا كنا نرى هذا، للأسف كثير من الناس علاقتها مع ربنا، أو ارتباطها بالله أو تعظيمها لربنا سبحانه وتعالى فيه مقابل دنياها لا قيمة له، المشكلة هنا، حينما ندرك أولاً ما معنى عظمة ربنا، ما أهمية وجود ربنا في الحياة؟ ما أهمية ارتباطنا بربنا، ما أثر هذا الارتباط في الدنيا والآخرة حينئذٍ سنعرف ما معنى ” لا إله إلا الله ” وإذا لم نعرف، فلماذا لا نعرف؟ لأننا غير متفرغين لأن نعرف، نحن غير متفرغين لأن نعرف، غير فارغين لأن نعرف، عندنا أشياء أخرى أهم بكثير، حينما ندرك الحقائق والموازين ساعتها الأمور تتسق وتستقيم، وليس غير هذا.
هذا يقول ” يذكرنا الجنة والنار فكأنّا رأي عين ” إذاً هؤلاء أناس تنتفع ثم تغفل أو تضعف أو تنسى وترجع تستمع فتنتفع، وربنا يتكلم عن أناس أخرى تستمع ولا تنتفع، مَاذَا قَالَ آنِفًا ربنا يعلق ماذا يقول؟ يقولأُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ مُقلق، مُقلق ويخوّف، أُولَئِكَ الَّذِينَ الذي لا ينتفع بما يستمع إليه، بماذا يصفه ربنا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ القلب لا يستقبل والأهواء هي الغالبة، ما معنى الأهواء؟ الأهواء: أي الميول الشخصية للشخص، اختياراته هو، هو يسمع على ما في ذهنه، يضبط الكلام على ما يتمنى، وهذا الهوى ليس بالضرورة أن يكون هوى المخالفة والفسق، بداخل الدين نفسه يوجد هوى، أنا من الممكن أن أضبط الدين على صورة تتماشى مع ما أريد، أو مع ما أفكّر فيه أو مع ميولي، وفي المقابل وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى هذا أول شيء وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ من أين تأتي التقوى؟ هذه ربنا يعطيها لك، ربنا يعطيها ثمرة لمن يريد أن يهتدي، من طلب الهداية، الذي أخذ خطوات في طريق الهداية ربنا سيزيده من الهدى وسيعطيه التقوى، هو الذي سيحصّنه، هو الذي سيحفظه، هو الذي سيدرأ عنه كيد الشيطان، هو من سيغرس في قلبه الخشية ثمرة العلم، إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ
فإلى متى؟ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فنحن ماذا ننتظر؟ الاستماع غير المثمر، ما ثمرته في النهاية؟ أن ينتهي كل شيء فجأة، ينتهي كل شيء فجأة، فعندما ينتهي كل شيء فجأة، لن نستطيع أن نستدرك، لن نستطيع أن نستدرك، وسنحاسب على كل كلمة، نحن أمام ربنا سنحاسب على كل كلمة، سندفع فاتورة كل معلومة، كل شيء مرّ بك ستحاسب عليه، فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وماذا بعد؟ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا انتهى، فكل الأمارات جاءت، كل المذكرات مرّت، كل المنبهات رأيناها، فنحن سننتظر ماذا؟ وبعد ذلك ربنا يقول فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.
إذاً، إذاً من آمن بالآخرة أو من لديه يقين بالآخرة يتلقى هذا التوجيه أن يوقن بعظمة الله، يستغفر لذنبه، يسد خلل المؤمنين، ويتذكّر دائماً رقابة ربنا عليه، رؤية ربنا سبحانه وتعالى له وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ
إذاً العلم، العلم هو الأساس، العلم هو الذي سيورث القول وسيورث العمل، نحن أشد ضرورة واحتياج للعلم، العلم بماذا؟ العلم بالله، العلم بالله الذي سيصلح الحياة، وبعد ذلك لو آمنّا بالله سنهتدي بهدى الله.
نحن ربنا سبحانه وتعالى منّ علينا بكل شيء بكل شيء، أي تفصيلة أي جزئية، أي شيء أنت تريد أن تعرف ما الصواب فيها، أو ماذا تفعل في أي شيء؛ ستجد إرشاد ربنا سبحانه وتعالى موجود كعلم، وتسديد ربنا موجود كتوفيق، فأنت محتاج أمرين كبار، محتاج إرشاد من الله وهداية توفيق من الله، هداية إرشاد: أن يضعك ربنا على الطريق الصحيح وتكون تراها، هداية التوفيق: أن يعينك ربنا سبحانه وتعالى أن تسير بشكل صحيح، ويصرف عنك صوارف السوء، نحن نحتاج هذا، نحتاج هذه الهداية، ولابد أن نزيل الأشياء التي تجعلنا لا نستطيع السماع، لا نستطيع السماع، لا نريد أن نكون من الناس الذين يقولون مَاذَا قَالَ آنِفًا أنت علام تتحدث، هو ماذا كان يقول؟ ولابد أن نعرف ما الأشياء التي تجعل الإنسان لا ينتفع بأن يعرفها.
النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على امرأة تبكي عند قبر فقال ” يا أمة الله اتق الله واصبري، قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمثل مصيبتي ” هو ماذا فعل؟ ذهب، ذهب لم يفعل شيئاً، فقالوا لها: ألا تعرفي من هذا!! فقالت: لا، قالوا لها: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتت إلى بابه فلم تجد عنده بوابين، الذي يريد أن يدخل يدخل ومن يريد أن يخرج يخرج، قالت: لم أعرفك، قال: ” إنما الصبر عند الصدمة الأولى ” نركز هنا دقيقة.
النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على امرأة عند قبر تبكي، مات لها ميّت وهي تبكي وتنوح عند القبر، فالنبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال لها؟ قال: ” يا أمة الله ” أول شيء ذكّرها بتعريفها، في النهاية هي في إطار العبودية لله وهذا في تقدير الله، وهذا اختيار ربنا، وهذه حكمة ربنا وهذه رحمة ربنا، ” يا أمة الله اتق الله واصبري ” – اتق الله واصبري – لا تفعلي شيئاً يسخط ربنا سبحانه وتعالى، لا تعترضي على اختيار ربنا سبحانه وتعالى، لا تعترضي على قدر الله، وتمالكي نفسك قليلاً.
إذاً ” أمة الله ” و ” اتق الله ” هذه هي التي ستجعلها تصبر، فما الذي يجعل الإنسان يصبر أو يقاوم الجذع، علمه بأمرين؛ بأن هذا من عند ربنا سبحانه وتعالى وأن ربنا سبحانه وتعالى سيثيبها على هذا، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا للهِ هذا أول شيء، الملك لله يتصرف كيفما شاء، وفي النهاية نحن راجعون إلى ربنا الذي صبر والذي جزع الاثنين راجعون إلى ربنا، وفي النهاية هذا الجزع سيكون في يومين ثلاثة وفي النهاية…
ولذلك كان من وصايا العلماء العظيمة ” اصبر صبر المؤمن وإلا سلوت سلو البهائم ” لأنك ستنسى كنت هذا أو هذا، لكنني أخذت السخط وأضعت الثواب فلماذا؟
فهي ماذا قالت له؟ قالت له اذهب فأنت لا تشعر بي، لا تشعر بي، فهي من أين جاءت بهذا الكلام؟ فهي حينما قالت له هذا، ” قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمثل مصيبتي ” هذه المرأة في المدينة وامرأة من المسلمين والذي يكلمها من هو؟ النبي نفسه صلى الله عليه وسلم، وهي لا تعرف شكله، لا تعرف شكله، وهي مقيمة في المدينة، والمدينة هذه صغيرة جداً، لا تعرف شكله، قالت: لم أعرفك،، لا تعرف من هذا؟؟
فعندما قالت له هذا، ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذهب، ذهب، هي في حالة لا تسمح أن يكمل كلامه، ذهب، ولم يكلمها أحد من الصحابة في شيء، هم قالوا لها فقط، هل تعرفي من الذي خاطبته بهذا الشكل؟ هل تعرفي من هذا؟ فهي جرت لكي تلحق به، فقالت: لم أعرفك، فهو ماذا قال لها؟ لم يعلّق على شيء، هو بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ هو يريد أن يوصل لها الرسالة، يريد أن يوصل لها الدرس، هو لا يفرق معه ماذا فعلت معه، قال: ” إنما الصبر عند الصدمة الأولى ” الكلمتين الذي كان يريد أن يقولهم هو سيقولهم، فهو لا يشغله شيء آخر، لا يشغله كيف تعاملت معه، هو يتمنى أن يوصل لها هذه الرسالة، يتمنى أن يرحمها ربنا بالصبر، يتمنى ألا ينهار إيمانها بالجزع، فلما أتت إليه مرة أخرى، هي تعتذر له، هو لم يتكلم تماماً عن الجزء الشخصي، تماماً، قال: ” إنما الصبر عند الصدمة الأولى ” .
هنا يوجد نقطتان: النقطة الأولى: هي، أين المشكلة؟ أنها ترى أنه لا يوجد معها في الدنيا، أي أحياناً من الموانع التي تمنع الإنسان أن يستفيد من شيء أنه يرى أن هذا الكلام ليس واقعي تماماً، أو من يتكلم به لا يفهم الدنيا بشكل صحيح، أو ” اللي ايده في الميه مش زي اللي ايده في النار “
تخيل لو الطبيب لكي يكون كلامه مقبول في الطب لابد أن يكون لديه نفس الداء ونفس الأحاسيس ونفس الآلام الموجودة عند المريض الذي يجلس أمامه فكيف يكون الوضع؟! اجعلها كذلك، يقول ” لا يا عم هو دا حاسس بحاجة “
ما علاقة الإحساس – الإحساس – بالإدراك والتوجيه، هذا أمر.
الأمر الثاني: من قال لها أنه لا يشعر بها؟ من أين أتت بأنه لا يشعر بها، من الذي قال لها ” بأنه ايده في الميه مش في النار ” من قال لها هذا؟ فلا يعرف الشخص ما بداخل الشخص، من الذي قال أنني الوحيد الذي أعاني في العالم، فهذا هو الأمر الأول.
الأمر الثاني: هي قالت لم أعرفك، ما علاقة هذا بالموضوع؟ فالآن الحجة، الحجة أو المنطق أو الصواب مبني على مصداقية الجملة وليست على من الذي يقولها، فهي الآن المشكلة،، هي إذا عرفته ستسمع كلامه وإذا لم تعرف من هذا ستكون ” اتق الله ” هذه ليست لها معنى!!
ما الميزان؟ ما الميزان؟ الميزان: مصداقية الكلمات، هذا جزء أساسي من الصوارف التي تصرف الإنسان عن الانتفاع، هو يرى أنه الوحيد، الوحيد الذي يفهم نفسه، وأنه كائن كائن غير بقية الكائنات التي خلقها الله، هو وحده، هو بمفرده الأعرف بطبيعته وبتركيبته وظروفه وحالته، وبالتالي هو طبيب نفسه فلا يسمع أي كلام ويأخذه على محمل الجد.
خلاصة الموضوع: ماذا نريد أن نقول؟ أنت محتاج أن تعلم أنه ” لا إله إلا الله ” محتاج أن تجدد العلم بأنه ” لا إله إلا الله ” محتاج أن تعمّق العلم بأنه ” لا إله إلا الله ” ، محتاج أن ترسّخ بداخلك ” لا إله إلا الله ” ، محتاج أن تذكّر نفسك بآلاء ونعم الله، ومحتاج الاستغفار، ومحتاج أن أتلقى كلمات الله كما كان يتلقاها أولياء الله.
أسمع بقلبي وأمتثل التوجيه، إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ هم هؤلاء فقط، ” سمعنا ” هذه أي استجبنا، و ” أطعنا ” سننفذ، نطلب من ربنا الإعانة، وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك
اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين
اللهم إنا نسألك حبك، اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم