بسم الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إن شئت سهلاً.
قال الله تبارك وتعالى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
يقول الله تبارك وتعالى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ إقامة الوجه للدين أن يتوجه العبد صوب القبلة التي وجهه الله عز وجل إليها فلا يلتفت عنها يمنة ولا يسرة فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ استقبل هذه القبلة ولا تنحرف عنها بوجهك تطلب أي وجهة أو أي جهة أخرى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًاوسبق أن بينا معنى كلمة حنيف وقلنا أن الحنيف بمعنى المائل.. الميل والانحراف هو الحنف وذكرنا أن الله سبحانه وتعالى قال وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ
فطريق الله سبحانه وتعالى طريق الاستقامة فلماذا سمى الله تبارك وتعالى المقبل على الله سبحانه وتعالى سماه حنيفاً أو مائلاً فذكرنا أن مسيرة المجتمع الذي ربما يسير فيه الإنسان ربما تسير على عكس الإتجاه الذي يرضي الله تبارك وتعالى والإنسان كفرد في جملة هذا المجتمع يسير على وفق ما يسير عليه المجتمع.
فالشخص الحنيف أي المائل إلى الله سبحانه وتعالى هو الذي يحيد عن هذه الوجهة التي يسير إليها هذا المجتمع الذي يريد أن ينحرف عن طريق الله سبحانه وتعالى فهو يميل عنهم وينحرف عن طريقهم مائلاً حائداً عائداً إلى طريق ربه تبارك وتعالى ولذلك الله سبحانه وتعالى وصف بهذه الكلمة إبراهيم علي السلام بأنه كان يمثل تمام التمثيل لهذا المعنى الذي هو الحنف أو الميل أو الانحراف عن المجتمع االمنحرف ترك مجتمعه واعتزلهم كما قال تعالى وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا فقد اعتزل هذا المجتمع وهاجره عائداً راجعاً إلى ربه تبارك وتعالى َأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا.
هذا التوجه لله سبحانه وتعالى من رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعله فطرة فطر عليها الإنسان والفطرة هي الشيء الذي يتوجه إليه الإنسان بدون توجيه يعني إذا تركت الإنسان ونفسه بدون أن توجهه فهو يتوجه إلى هذا الأمر الذي قد فطر عليه ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في حديث أبي هريرة في الصحيح قال: ” كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ ” على معرفة الله سبحانه وتعالى والتوجه إليه بدون أن يوجه أحد ” فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ ” فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر إن أثر البيئة أو أثر الأسرة أو أثر المجتمع الذي يوجد فيه الإنسان هو يحرفه عن مسار الفطرة ” فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ” يجعلونه مجوسياً ممن بعد النار لم يقل صلى الله عليه وسلم أو يسلمانه لأن الإسلام ده هو أصل فطرة الإنسان وده من رحمة الله سبحانه وتعالى أن جعله على هذه الفطرة ” كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ ” أي مجتمعة الخلق يعني مثلاً إيه بقرة ولدت وليداً يتنزل مجتمع الخلق الناس علشان يعلموه واحد يقوم خارم مناخيره واحد يروح قاطع ودنه ” هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟ ” يعني هيه لما بتنزل بتنزل سليمة مابيبقاش فيها أي جدع أو أي نقص يبقى إذن مراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين إن الجمعاء ديه السليمة الكاملة طيب أثر البيئة إيه..؟ الجدع والنقص والتقطيع يبقى ده في النهاية تشويه لهذه الصورة يبقى إذن الفطرة هي الصورة السليمة الصورة المستقيمة للإنسان وسلوكه ونفسيته وعقليته فإذا تدخل هؤلاء الناس مشوهين الفطرة لابد يبقى أثر المشوه ده أثر ضرر ونقص على هذا المخلوق فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ جعل الله عز وحل هذا الإتجاه للدين أو لهذه الفطرة جعلها خلقاً زي ما صورة الإنسان ورسمة شكله أو تركيبة أعضائه بيبقى شيء يخلق به فكذلك هذه الفطرة إنما خلق بها هذا الإنسان ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ الله سبحانه وتعالى يخبر أن هذه الفطرة وهذا الدين الذي وجهنا الله عز وجل إليه هو دين قيم العظيم الجليل الكبير الراقي العالي وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
هي ديه المشكلة إن عدم إدراك الناس إن هذا الدين دين قيم، عدم إدراك الناس لرقي هذا الدين عدم إدراك الناس بالنعمة عليهم بهذا الدين هو الذي يجعلهم يعرضون عن هذه المنة ولذلك احنا في كل هذه الكلمات إنما نحوم حولين هذا المعنى فقط احنا عايزين نوصل معنى واحد فقط احنا عايزين نوصل معنى واحد بس إن الإسلام شيء راقي جداً شيء عظيم جداً شيء سامي جداً لأنه جاء من السماء وأنه يستحق التقدير والإجلال وأنه يستحق منا أن نقدره حق قدره طب ده حيأتي إزاي حيأتي عبر العلم العلم ده هو اللي حيورث الإنسان إدراك هذه العظمة ولا يكتمل هذا العلم إلا بدراسة مقارنة يعني لن نستطيع أن ندرك تمام هذه العظمة إلا إذا قارنا ده بنتاج الفلسفات.. نتاج الفكر البشري نتاج الدساتير والقوانين البشرية والتحريف والتشوية الذي لحق أصحاب الأديان السماوية التي تنسب إلى السماء من اليهودية أو النصرانية إذا قارنا كل هذا بما معنا بما من الله عز وجل به علينا حينئذ فقط ندرك قيمة هذا الدين قال الله تبارك وتعالى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ سوف نعرض لهذه الآية إن شاء الله فيما يلي ثم يقول الله تبارك وتعالى وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
طيب هذا الدين القيم الذي أمرنا الله عز وجل باتباعه جعله الله سبحانه وتعالى مشتملاً على أربعة أركان يعني احنا المطلوب مننا أربع حاجات مُنِيبِينَ إنابة وَاتَّقُوهُ التقوى وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إقام الصلاة الرابعة الاجتماع وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا أربع حاجات الأول الإنابة معناها الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى أن يكون الإنسان دائماً رجّاعاً إلى الله يعني إذا عمل عملاً وربنا وفقه لطاعة يرجع إلى الله سبحانه وتعالى بالشكر ورجاء القبول.
إذا عمل معصية يرجع إلى الله سبحانه وتعالى بالتوبة ورجاء قبول هذه التوبة إذا ألمت به ملمة رجع إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء والرجاء أن يكشف الله عنه هذه الملمة وهكذا يبقى الإنسان في كل أموره يرجع إلى الله تبارك وتعالى.. ثاني حاجة التقوى أن يتق مساخط الله تبارك وتعالى الحاجة الثالثة إقام الصلاة.. ربنا سبحانه وتعالى جعل الصلاة معينة على هذا الأمر أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَثم الاعتصام بحبل الله والاجتماع وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا شيع وفرق وأحزاب كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ الدين اتقسم أجزاء كل واحد آخذ جزء من الدين قد فرح به وترك ما عداه وتحول أهل الإسلام إلى فرق وشيع وجماعات وأحزاب الله سبحانه وتعالى جعل هذا ربما يورث العباد الشرك واللعياذ بالله وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ قال الله تبارك وتعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا قال الله سبحانه وتعالى إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ كلمات بسيطة الأمة ديه أمة واحدة لها رب واحد فعليه أن تعبده وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ثم قال الله سبحانه وتعالى بعد آيات بعدما ذكر أن هذا هو الدين القيم القائم على هذه الأركان الأربعة قال
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.