Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

كلام حول الدين 3

الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المتقين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. ثم أما بعد،.

نجتذب خيطاً من خطبتنا الماضية لنتحدث عن الإيمان والغباء، هل هناك علاقة بين الإيمان والغباء؟ طردية كانت العلاقة أم عكسية أو ليس ثمة هناك علاقة بين الإيمان وبين الغباء، ما الحامل لنا على هذا الحديث؟ الحامل لنا على هذا الحديث أمران.

 قد كنا ذكرنا في الجمعة الماضية أن عامراً الشعبي إمام التابعين حينما ذكر أهلية المرء لأن يدخل في باب تعلم أحكام الدين بأنه كان يشترط شرطان وهذا لم يكن اشتراط معهد أو مؤسسة او جامعة تشترط ذلك على الناس، لا، الناس تدرك من يحق له الدخول إلى هذا المجال أو يلج إلى هذا الباب، فماذا قال؟ قال أن الناس كانت تدرك أنه لا يطلب ولا ينال هذا الأمر الذي هو علم الدين إلا من اجتمعت فيه خصلتان: العقل والنسك فمن كان عاقلاً ولم يكن ناسكاً قال هذا أمر لا يناله إلا النساك فلا يطلبه، ومن كان ناسكاً ولم يكن عاقلاً قال هذا أمر لا يناله إلا العقلاء فلا يطلبه، ثم قال الشعبي: ولقد رهبت – أي عظمت خشيتي – أن يكون يطلبه الآن ما لا عقل له ولا نسك، حسناً قلنا أن النسك أي غلبة التعبد وأن يكون للشخص قدر كبير من العبادة من الصلاة ومن الذكر ومن تلاوة القرآن ومن الدعاء ومن الإحسان فهذا يهيئه أن يفتح ربنا سبحانه وتعالى قفل قلبه للعلم، والعقل؟ إنه مقدم على أمر ذو وزن عظيم فهو سيعمل مع كلام ربنا سبحانه تعالى ومع كلام وأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكم تبلغ هذه الكلمات من العظمة ومن الثقل ومن العمق؟ فلا يصلح أن يقدم عليها إلا من يملك هذا القدر من الاستعداد لذلك الذي يسمونه العقل، وما هو العقل؟، قبل أن نجاوب على هذا السؤال نقول لماذا نتكلم أصلاً في هذا الأمر؟ لسببين: الأول أنه عند وجود قدر من التأمل تجد أن غالب وليس كل الناس الذين نعتبرهم لديهم قدركبير من السطحية وقدر أحياناً من السذاجة وقدر من اللامعقولية وقدر من الخرافية في التفكير، وهذا الكلام إذا كان منتشراً فإنه بمثل ظاهرةً وعندما تحلل الظاهرة فتقول أن القاسم المشترك بين هؤلاء هو التدين، إذن الشخص حينما يكون متديّنًا، عقله يضعف، تفكيره يقل، يكتسب قدر من الحماقة، فمن أين أتى بها؟ هذا واحد.

رقم اتنين: أن كثير من الناس حينما يتعامل مع ما أمر به ربنا سبحانه وتعالى لا يرى إلا أنه في الكتاب أنك من المفترض تفعل كذا أو لا تفعل كذا، ” فتعمل كذا ” هذه ماذا سيترتب على أن تفعلها؟ فمن الممكن أن يكون يوجد شيء موجود في الكتاب أنك من المفترض أن تفعلها، وعندما تفعلها تصنع مشاكل، أو لا ترتب ما كنت تريد أن تصل إليه، أو تجلب عواقب وخيمة، فلما تتكلم معه يقول لك ” والله هذا هو الدين، ربنا سبحانه وتعالى أمر بهذا، فأنا لابد أن أنفذ هذا بقطع النظر عن النتائج، ربنا لم يأمرني بالنتائج، وأنا ليس مغسل وضامن جنة، هي هكذا وانتهى ” حسن، هي هكذا وانتهى، ما معناها؟ معناها أن ربنا سبحانه وتعالى يأمر العباد بما ربما لا يصلح حياتهم بل بالعكس ربما يسبب لهم مشاكل ويرتب لهم مفاسد، فهذا الكلام يصح نسبته للدين؟ أم لا، عندما أرى شريحة ليست قليلة تفكر هكذا وتقول أن هذا هو الدين وهذا أمر ربنا؟ إذن هناك تنافر أحيانًا كثيرة ما بين ما يوجبه العقل وما بين ما تأمر به الشريعة، موجود أم غير موجود؟ هذا ما نريد أن نحاول أن نصل فيه إلى نتيجة.

أول شيء نحن نتكلم عن العقل، العقل ما هو أولًا؟ نحن لدينا شيء يسمى ” العقل مناط التكليف ” ما معنى ” العقل مناط التكليف “؟ أي أن الإنسان الذي خاطبه ربنا لديه عقل يستوعب به الذي أمره ربنا به أو ينهاه عنه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: ( رفع القلم عن ثلاثة ) وذكر ( وعن المجنون حتى يفيق ) ” المجنون حتى يفيق ” ما معناها؟ أي أن لديه حالة أشبه بحالات الصرع، أي حالة تعرض له أحيانًا ثم يرجع إلى وضعه الطبيعي، فإذا كان هذا وضعه الدائم، أي هو أصلًا هكذا؟ فيكون هذا خارج إطار المخاطبة بكلام ربنا سبحانه وتعالى يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى لماذا؟ حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ إذًا ربنا سبحانه وتعالى لماذا حرّم المسكر؟ لأنه يضيع النعمة العظيمة التي اصطفى واختص وأكرم بها الإنسان، وبالتالي إذا دخل وهو غير واعي للصلاة، لن يستطيع أن يفهم شيئًا، إذًا المراد من الصلاة ومن القرآن، أنني أفهم وأتأثّر وأعمل وأنفذ، ليس مجرد أي شيء وانتهى.

إذن العقل هذا أول مرتبة، أن يوجد عند الإنسان الإدراك الطبيعي، ولكن هذا ليس العقل الذي يتكلم عنه الشعبي، هذا عقل مشترك بين كل الناس.

للعقل كم مرتبة؟ أول مرتبة الذي يسميه العلماء: العقل الغريزي، الذي هو العقل الفطري، الذي أعطاه ربنا سبحانه وتعالى للعباد وجعله – جعله – الآلة التي من المفترض أن يستخدموها، لكي يتحركوا في الحياة بالشكل الصحيح أو الأمثل، وهذا جزء مشترك والتفاوت فيه بين الناس بالأصل ضعيف جدًا، لكن ما الفرق بين شخص وشخص؟ هو يستخدم عقله بأي نسبة وكيف يدربه ويمرنه؟ من تراه لا يفكر ولا ينتج عقله، ليس لأنه ليس له عقل، لأنه كسول، كسول، يكسل عن التفكير، يرى أن التفكير شيء متعب فالتقليد أفضل من التفكير، طالما ربنا سبحانه وتعالى خاطب الناس كلهم بالقرآن الذي هو كلام ربنا سبحانه وتعالى الغاية في العلم والحكمة والخبرة، وأمر الناس كلهم أن يقرأوه فنحن جميعًا نستطيع أن نقرأه كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ هذا خطاب للإنسان فإذاً أي إنسان يستطيع أن يتدبر القرآن، أي إنسان عنده قدر كبير من العقل الفطري الغريزي يستطيع أن يستعمله إذا رغب في ذلك، هذا أولاً.

ثانياً العقل هو القاسم المشترك بين الناس يسمونها العلماء العلوم الضرورية والذي نسميه ما يتفق عليه العقلاء، فمثلاً إذا تشاورنا في أمر ما هل نقوم به أم لا ووجدنا عشرون رجلاً عاقلاً يجتمعون ويتفقون على عدم فعل ذلك لأنه سيجلب إلينا أضراراً ولن يؤتي بثماره، وهذا معناه العلوم الضرورية الأشياء التي يتفق عليها الناس، ولذلك هناك فرق بين العقل والرأي، الرأي هو وجة نظر شخصية، رؤية شخصية لشخص ليس عليها إجماع ممن أعطاهم الله عقلاً، ولذلك قال علي بن أبي طالب: لو كان الدين بالرأي، لم يقل لو كان الدين بالعقل والكثير منا ينقلونها هكذا وهذا خطأ ” احنا بنلغبط ” لم يقل لو كان الدين بالعقل، قال: لو كان الدين الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه، هنا يقول أننا نظرنا إلى الموضوع بمنطقنا سنقول أننا حين نمسح على الخف – وهو الجورب المصنوع من الجلد – أو الجورب، والخف مذكور هنا لأنهم يسرون به في الطرقات فالطبيعي أن تمسح الخف من الأسفل لتطهيره، فهو يقول لا لماذا؟ لأننا افترضنا أن الحكمة هي تطهير الخف، لا، هذا نوع من أنواع الرخصة التي أعطاها الله تبارك وتعالى للإنسان كي يخفف عنه حتى لا يحتاج إلى أن يغسل رجليه إن شق عليه ذلك أو تكاسل في خلع الخف في حدود وضوابط مذكورة في كتب الفقه لكن المقصود أنك ستمسح على جزء من ظاهره بأصابع يدك بعد أن تبلها بالمياة كرخصة بديلة نيابة عن غسل القدمين وليس لها علاقة بتنظيفه، ولذلك في الوضوء لا تمسح الخف كله فالمشكلة جاءت أننا افترضنا حكمة وبنينا عليها فوجدنا حكمة ربنا سبحانه وتعالى التي بنا عليها الأمر مختلفة عما في عقولنا، نحن توهمنا شيء وهذا ليس له علاقة بالعقل، العقل هو الشيء اليقيني التي يتفق عليها الناس.

الشيء الثالث، العقل أصله من العقال المانع للإنسان من أن يفعل ما فيه الشر والفساد أي انتفاع الإنسان بالمعلومات أو العلم التي علمه الله سبحانه وتعالى إياه، فإذا العقل هو الغريزة والفطرة، العقل العلوم الضرورية أو المسائل التي يتفق عليها العقلاء، العقل هو الانتفاع بالعلم وتحقيق الخير والمصلحة وترك ودفع الشرور والمفاسد التي لا تقود إلى خير.

قال معاوية بن أبي سفيان: ( العقل عقلان، عقل تجارب وعقل نحيزة ) ونحيزة هي الفطرة والغريزة، ( فإذا اجتمعا في رجل فذلك الذي لا يقام له )، لا يقدر عليه أحد، فهناك عقل تكتسبه بالخبرات والتجارب التي تمر بك في الحياة ولذلك الإنسان الذي لا يترجم هذه التجارب ولا يستفيد منها من الصعب أن تصفه أنه شخص عاقل، من الممكن أن يقع في نفس الخطأ مراراً وتكراراً، يعيد إنتاج نفس الأخطاء، يقول: وإذا انفرد كانت النحيزة أولاهما، أي أن الذكاء الشخصي يصبح أعظم أثراً من التجارب.

يقول ابن جريج: قوام المرء عقله ولا دين لم لا عقل له، قوام المرء أي الشيء الذي يزنه هو عقله، ولا دين لمن لا عقل له.

قال الحسن البصري: ما تم دين الرجل حتى يتم عقله، فهؤلاء يقولون أن العقل علاقته مع الدين علاقة طردية إذا زاد دينك زاد عقلك وإذا زاد عقلك زاد دينك، حسناً لماذا إذا زاد دينك زاد عقلك؟ لأنك أولاً تتعلم من حكم ربنا سبحانه وتعالى، تتعلم قوانين ربنا سبحانه وتعالى الذي أنزل عليك القرآن هو سبحانه وتعالى الذي وضع قوانين الحياة والنواميس التي تسير على أساسها الحياة، فأنت تعرف السنن والقوانين التي تدار بها الأمور فإن سرت عليها تصل إلى النتائج التي من المفترض أن تصل إليها، هذا الكلام موجود في كلام ربنا، فالذي أنزل القرآن هو الذي خلق الأكوان سبحانه وتعالى، هذا أولاً.

ثانياً: أنك ستتعلم من تعاليم النبوة، هل هناك أكمل عقلاً أو أكثر حكمة أو دراية أو رؤية أو فهم من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ والذي يتعلم منه ماذا تنتظر في حسن إدارته وتعامله مع الأمور؟، فإذاً إذا زاد دينك زاد عقلك وإن لم تجد ذلك فاعلم أنه ليس لديك دين حقيقي، فليس كل إنتساب للدين هو انتساب حقيقي، فهل أنا تفاعلت مع القرآن أم لا؟ تعلمت من النبي صلى الله عليه وسلم واتخذته قدوة فعلية أم لا؟، فهناك فرق بين التعلم وبين ” أن أُبخر ” ، يقول ربنا سبحانه وتعالى يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ تناول الأمر بجدية، أعطه حقه ومستحقه ونحن لا نفعل ذلك، فمن اكتسب ديناً اكتسب عقلاً ولابد.

حسناً، والذي يملك عقلاً حين يستعمله سيجعله يحسن فهم أحكام الله سبحانه وتعالى ويحسن فهم شريعة ربنا سبحانه وتعالى وبالتالي يزداد بذلك ديناً ويزداد بذلك قرباً من الله تبارك وتعالى، يقول الحسن البصري أيضاً: ( من لم يكن له عقل يسوسه لم ينتفع بكثرة روايات الرجال )، لو لم يكن لدي عقل يقودني لن انتفع من كثرة الرويات والأحاديث والآثار.

وميزان العقل؟، يقول سفيان ابن عيينة ) لا تنظر إلى عقل الرجل في كلامه ولكن انظر إلى عقله في مخارج أموره )، كيف يتصرف وليس بما يقول، لأنك قد تجلس مع رجل وتشعر من كلامه الرزين أنه يملك قدراً من الفهم، حسناً وماذا يفعل بهذا الكلام؟ إذا توافقت تصرفاته مع كلامه فهو شخص عاقل وإلا فهو ليس بعاقل.

فهذا أول ميزان كيف تقيم العقل؟ بالممارسة لا بالكلام، يقول أيضاً سفيان: ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر ولكن العاقل الذي يعرف الخير فيتبعه ويعرف الشر فيجتنبه، لأن خاصة العقل أو وظيفته كما قلنا أنه يعقل الإنسان ويحبسه ويحجزه

عما يرديه وعما يهلكه وعما يفسده وعما يشقيه، فهذا مغهوم العقل، يقول عامر بن عبد قيس: إذا عقلك عقلك عما لا ينبغي؛ فأنت حينئذٍ عاقل، متى تكون عاقل؟ إذا عقلك عقلك، ربطك، عما لا ينبغي، عما يسوؤك إن فعلته، إذا عقلك عقلك عما لا ينبغي؛ فأنت عاقل.

إذن العقل عبارة عن ماذا؟ العقل: أن الإنسان يشكر نعمة ربنا بأن يستعمل الإمكانيات التي أعطاها له ربنا، لا يخرج عمله عما يقتضيه العقل، يستفيد من الخبرات والتجارب التي يوقعه الله فيها، أن يحسن التعاطي والتناول لمصدر العقل والفهم والحكمة وهو كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا كان كذلك كان عاقلًا وكان حكيمًا، قال تعالى يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ولذلك نحن قلنا قبل ذلك كثيرًا، ربنا ماذا يقول؟ ما وظيفة الرسالة؟ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ حفظ النص القرآني، فأنت في النهاية لكي يحفظ الدين ويستفيد الناس من القرآن، لابد أن نحافظ على القرآن، يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وبعد ذلك؟ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُزَكِّيهِمْ فماذا يفعل يُزَكِّيهِمْ ماذا يفعل؟ سيطهر قلوبهم بالقرآن، إذن أول وظيفة للقرآن أن يجعل قلب الإنسان طاهر، يستطيع أن يستقبل العلم، قلبك طاهر يستقبل العلم، وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ يبدأوا في فهم القرآن فيكتسبوا العقل، ويمارسوا بشكل صحيح فيكتسبوا الحكمة، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ نحن قلنا ما الحكمة؟ الحكمة: هي وضع كل شيء في موضعه الصحيح، ومن أين تؤتى هذه الحكمة؟ أن ترى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كيف طبّق القرآن، فما هي الحكمة؟ هي ممارسة، ممارسة الكتاب، ولذلك حينما يقول العلماء بأن الحكمة هي السنة، ما معنى أن الحكمة هي السنة؟ أن الحكمة هي الجزء التطبيقي، الحكمة هي الجزء التطبيقي، ممارسة الكتاب عمليًّأ، ووضع كل شيء في موضعه الصحيح، لأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو الشخص الأكمل الذي كان يتصرف في كل موقف بما كان يناسبه مما علّمه الله، ومما فهمه من كلام الله، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين

كيف كان صلى الله عليه وسلم يمارس الحكمة؟ تقول عائشة رضي الله عنها؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها بعدما منّ الله عليه ففتح مكة، قال: ( يا عائشة لولا أن قومك حديثو عهد بكفر) وفي رواية ( بجاهلية، لنقضت الكعبة وبنيتها على قواعد إبراهيم وجعلت لها بابين ) هو ماذا يقول هنا؟

يقول أن قريش – وهذه القصة ذكرناها قبل ذلك – قريش حينما بنت الكعبة قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، وهي الحادثة الشهيرة التي قام فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه الشريفتين بوضع الحجر الأسود في محله، قريش وهي تبني الكعبة بسبب أن السيل أثّر على بنيانها، قالوا يا جماعة نحن لا يصلح أن ندخل في بناء بيت الله المعظم المطهر مالٌ فيه حرامٌ ولا شبهة، فكل مالٍ اكتسب من شبهة أو من غصبٍ أو من حرامٍ أو ربا فلن ندخله في بناء الكعبة، وقريش أناس تجار ومعهم أموال، ولكن حينما قالوا لابد أن نأخذ الحلال الذي يرضي ربنا، لم يكفي المال، فقريش كلها عندما جمعت المال الحلال الذي منّ الله عليها بها وأخرجتها لم تستطع أن تكمل بناء الكعبة، فماذا فعلوا؟ أخرجوا جزء من الكعبة من البناء، الذي هو على هيئة نصف الدائرة – حجر إسماعيل – ولذلك لماذا أنت حينما تطوف لابد أن تطوف من الخارج؟ لأنك إذا دخلت الحجر، فأنت في الحقيقة – في الحقيقة – على بناء الكعبة الذي بناه سيدنا إبراهيم عليه السلام فأنت تطوف من الداخل، أي أنك لم تطف بالكعبة كلها، طفت بجزء من الكعبة، ولذلك أنت حينما تتشاجر لكي تصلي في الحجر، لماذا تتشاجر؟ لأنك حينما تصلي في الحجر أنت تصلي بداخل الكعبة في الحقيقة، أما داخل الكعبة الذي هو داخل الكعبة فلن يفتح أحد لك الباب، فانت حينما تصلي في الحجر لا يصلح أن يتشاجر أحد مع أحد ولا أن يدفع أحد أحد، لأن الإيذاء في هذا المكان أسوأ بكثير جدًا جدًا مما يرتجيه الإنسان من الثواب، وهذا ما يدل على عدم وجود العقل والحكمة، اصطراع الناس عند الروضة، اصطراع الناس عند الحجر الأسود،،اصطراع الناس على الصلاة في الحجر، هذا علامة على أننا ليس لدينا عقل، إيذاء، إيذاء المسلمين محرم، وهذا شيء من الفضيلة أو الاستحباب، هذا أفضل أحواله، فلكي أفعل هذا أأذي شخص

المهم؛ أن هذا أصبح بناء الكعبة، فماذا أراد النبي صلى الله عليه وسلم؟ أراد أن يرجعها إلى البناء الأول، وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ يريد أن يرجعها على هذه القواعد، يقول لها أنه يريد أن يفعل هذا، ولكن يوجد شيء قلق منه، ما الشيء الذي يقلق منه؟ يقول أن قريش حديثو عهدٍ بجاهلية، وهم يعظموا البيت ويروا أن تعظيم الناس لهم من تعظيمهم للبيت وخدمته، فعندما يهدم البناء الذي بنوه ويبني بناء آخر من الممكن أن يأتي في نفوسهم، ومع أن هذا احتمال ليس قريبًا جدًا، وليس لهم أثر كبير إذا تفكرت فيه – فليقولوا ما يقولوا لن يحدث شيئًا – إعادة بناء الكعبة على وفق الصورة الذي ارتضاها ربنا في البداية أكيد أهم – أهم – وأعظم من هذا الكلام، فهم سيظنوا أنه يريد أن يستأثر عليهم بالخير والفضل وأن ينزع عنهم كل فضيلة، حتى عمل الخير الذي فعلوه ببناء الكعبة ليتقربوا به، فهو سيفسده عليهم، وبالتالي كأنه يريد أن يمسحهم.

فهو يقول صلى الله عليه وسلم لئلا يفكروا بهذا الشكل، لئلا يفكروا بهذا الشكل أنا لن أفعل هذا، فالآن النبي صلى الله عليه وسلم أمامه عمل، عمل عظيم من أعمال الدين يريد أن يفعله، هو ماذا يفعل؟ يفكر، يفكر ما أفعله هذا ماذا من الممكن أن يترتب عليه؟ والشيء الذي فكرّ فيه، أتحداك أن تأتي في عقلك أو عقل أي شخص فينا تمامًا، ليس هذا وفقط، وأتحداك إذا جاءت في عقلك أن تضع لها أي اعتبار، ولا لها أدنى قيمة، ولا لها أدنى قيمة، فهو كيف ينظر إليها؟ هو اعتبر أن هذا كافي، كافي ألا يأخذ هذه الخطوة، فهو ماذا يفعل أو ماذا يعلم، ماذا يعلم صلى الله عليه وسلم؟ أنني حينما آتي لأفعل شيئًا لابد أن أفكر؛ ماذا سيرتب هذا الشيء، وأوازن الخير الذي أريد أن أفعله في مقابل الضرر أو الشر الذي ربما أتوقعه، وعندما أوازن الاثنين فأرى أيهما أقوى أو أهم فأعمل عليه، ولذلك نحن إذا كنّا نتناقش معه الآن لكنا نقول له: لا لا لا، اتركهم وابني الكعبة، فالمشكلة ليست هكذا فقط، ليست أنك أدركت فقط، بعدما أدركت ماذا ستختار؟ بعدما وازنت وفكّرت؟ فلتحترق قريش، ما لنا؟ نحن نفكر هكذا، ليس فقط أنك فكرت، ناهيك أننا لا نفكر، نحن عندما نريد أي أن نفعل أي شيء نتحرك ونكتشف الموضوع بعد فترة، فالموضوع ينير أو يظلم بعد فترة، نكتشف كلما أظلمت نكتشف أننا كنا خاطئين.

فهذا أول شيء، هو فكّر، وبعدما فكّر وضع توقّع ووازن بين البديلين، ورجّح شيء من الاثنين، هذا واحد،، هم قصص كثيرة، ولكننا لا يصلح أن نحكي كثيرًا.

الثاني: وهذا أيضًا ذكرناه قبل ذلك زمان أكثر من مرة،، النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد جاء رجل أعرابي، هذا الأعرابي ربط جمله عند باب المسجد ودخل، بحث عن الحمام فلم يجده، فأخذ ساتر، ساتر وبدأ يقضي حاجته في المسجد بشكل عادي جدًا، ماذا فعل الصحابة؟ رد فعل طبيعي، فأنت الآن رأيت شخصًا نزع ملابسه في المسجد ويريد أن يتبول، ماذا ستفعل؟ لابد أن تقول له ماذا تفعل،، فالصحابة هموا به، ” هموا به ” أي قاموا وسيجروا عليه، وهم لم يقوموا بعد، هم سيقوموا سيقوموا لكي يستنكروا ما يفعل، أن هذا لا يصح في المسجد، اخرج في الخارج وافعل ما تريد، لا لا لا.

فالنبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال؟ قال: ( دعوه ولا تزرموه ) ما معنى ” تزرموه ” هذا الرجل الآن بدأ في عملية معينة، وهذه العملية أنت تريد أن توقفه الآن وهو يتبول، ف ” لا تزرموه ” أي لا تقطعوا، لا تقطعوا عليه بولته، لأن هذا الكلام سيضع الشخص صحيًّا – صحيًّا – في حالة تضرر إذا أراد أن يحبس بوله، فلن يستطيع، ” تزرمه ” فتصنع له مشكلة، فهذا أول شيء.

فلو لم نقل هذا؟ ما الاحتمال البديل الثاني؟ ماذا يحدث؟ يحدث أننا إذا جرينا على شخص، الطبيعي أن يجري مننا، فلو جرى مننا،، هذا الشخص الآن يقضي حاجته في هذا الركن، فلو جرينا وراءه؟ سيجري مننا، فلو جرى مننا ماذا سيحدث؟ فكل هذا المكان….، ومن الممكن أن يلتفت إلينا…، ولو التفت إلينا سينجسنا، ففي النهاية ما الاحتمالات التي ستحدث؟ هما هذان الاحتمالان: إما أن يقطع على الرجل بوله ويتأذى، وإما أن يحدث ما قلنا عنه هذا، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال لهم: اتركوه، لماذا يتركوه؟ لأن ما حدث هذا، ما مشكلته؟ ما نهاية هذا؟ الرجل سيستتم بوله، فنحتاج أمرين، محتاجين أن نطهر هذا المكان، ومحتاجين أن نعلم هذا الرجل الذي من الواضح أنه لا يعرف شيئًا، أعرابي حديث عهد بإسلام، لا يعرف المسجد ولا يعرف حرمته، فنحن نريد أن نعلم هذا الرجل لئلا يفعل هذا بعد ذلك، هذا الكلام يصلح أن يحدث الآن؟ لابد أن ينهي ما يفعله هذا لكي نبدأ في المعالجة.

إذن هذا الموقف لا يصلح أن يستدرك، يستدرك الآن، انتهى، لا يصلح أن تصلحه في المنتصف، ما حدث حدث، فماذا سنفعل بعد ذلك، كيف نحتوي الموقف، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ( لا تزرموه وأريقوا على بوله سجلًا من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) ما كنتم ستفعلوه هذا لن يتماشى مع الرسالة التي أرادكم ربنا سبحانه وتعالى أن تقوموا بها، فما هي؟ التيسير وترك المشقة والتعسير، ( فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ).

قلنا لو كان الرجل تحرك؟ كنا سنحتاج إلى عربية إطفاء بدلًا من أن نحتاج سجل من ماء، ثم إن أماكن كثيرة ستنجس، والنبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أحضر الرجل وأفهمه أن المسجد مكان ربنا طهره للعبادة لا يصلح لشيء من البول والقذر.

هذا الرجل تبول وصلى وبعد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم أتى به بعدما صلى، فلم يكلمه في البداية، تركه وبعدما صلى أحضره وكلمه وعلّمه وأفهمه، لماذا؟ لئلا يفعل هذا الموقف مرة أخرى، كيف عولج الموقف؟ فلو كنا عالجناه بالطريقة الأخرى، ماذا كان سيحدث؟

فهنا النبي صلى الله عليه وسلم إلام ينظر؟ هناك شيء حدث، كيف سأعالجها؟ هم إلام نظروا؟ رد الفعل الطبيعي، أن هذا يصنع شيئًا لابد أن نوقفها، هذا الرجل، هذا الرجل بعدما صلى رفع يديه إلى السماء وقال ( اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا ) هذا ولم يكلمه أحد، الصحابة كانوا جالسين ولم يقم أحد ويكلمه، هو بعدما انتهى دعا ربنا، هو يرى أن هذا الرجل رجل صالح، هو لم يتعامل مع أحد في الجامع، لم يكلمه أحد، هو دخل تبول وتوضَأ وصلى مع نفسه، وبعدما صلى رفع يديه ” اللهم ارحمني ومحمدًا – فهذا الرجل صالح – ولا ترحم معنا أحدًا ” فلم هذا؟ ولذلك ماذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم قال ” : ( لقد حجرت واسعًا ) رحمة ربنا تسع العالمين، أنت أغلقتها علينا نحن الاثنين،، أنا ومن استويته.

هو يقول ” ولا ترحم معنا أحدًا ” بدون أن يفعل له أحد شيئًا، فلو كان قد تعرض إليه أحد؟ ماذا كان سيفعل؟ هذا ليس بعيدًا أن يخرج من الدين تمامًا، تمامًا.

الأمر الأخير: عبد الله بن أُبي وقد فعل ما فعل قال لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ هذا ليس أول شيء، فهو في أحد رجع بثلث الجيش، في الأحزاب ظل يفت في عضد المؤمنين، في المريسيع قال: ” إنا وهؤلاء ” يقصد النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين ” كما قال الأول سمّن كلبك يأكلك ” أتدري بمن يقصد بالكلب – عياذًا بالله – النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة،، أننا مننا عليهم وأعطينا لهم، فانتفخوا علينا، فإن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز – يقصد نفسه – منها الأذل – عياذًا بالله رسول الله صلى الله عليه وسلم – وتكلم في عرض رسول الله في قضية عائشة وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ

فسيدنا عمر يستأذن أن هذا ينبغي أن يزال شره، فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: ( لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه ) هو في الحقيقة ليس من أصحابه ولا شيء،، هذا ألد أعدائه، ولكن الناس ماذا سيرون، ” الناس ” من هؤلاء الناس؟ الناس هم الكفار، الناس ليسوا المؤمنين، الكفار في جزيرة العرب الذين نريد أن تقبل قلوبهم على الإيمان، وتقبل على الله، وتدخل في دين الحق، لن يفهموا هذا الحدث بشكل صحيح، هذا في النهاية نحن لا نعرفه، هذا واحد ممن ينتسب إلى دينه، مع أن الكبراء من زعماء القبائل يعرفون من هو عبد الله بن أُبي جيدًا، ولكن عموم الناس لا، فهو يقول ماذا؟ يقول له: لا، لم لا؟ لم لا؟ لئلا يقول الناس هذا يقتل أتباعه، نحن إذا اتّبعناه ثم اختلفنا معه من الممكن أن يفعل معنا ماذا؟ فأنا سأتحمل أذاه وضرره وشره لئلا يشوه على الناس تفكيرهم إعلاميًّا، هؤلاء الناس هم الآخرين، ليسوا نحن، لكي يكون عند الآخرين صورة الإيمان ومجتمع المؤمنين تكون مثالية، فلعل غدًا أن يقبل الله بقلوبهم للإيمان، فهذا هو مقتضى العقل والحكمة، أما مقتضى الرحمة.

عندما مات عبد الله بن أُبي، الطبيعي ماذا يحدث؟ فهو مات، فماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم؟ انتبه ” لا يتحدث الناس ” هذه مقتضى الحكمة، فلما مات ابن أُبي، انتهى الموضوع، هذا خرج من الحياة، خرج من دائرة التأثير، ظهر من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر ما ينطوي عليه من الرحمة هو في النهاية يشفق عليه، أعطى لعبد الله ابنه، أعطى له شعاره، الثوب الذي يرتديه، قال له: خذه كفنه به، وذهب لكي يصلي عليه لعل ربنا يرحمه، وسيدنا عمر يشده ويقول له ماذا تفعل؟ هذا فلان الذي قال يوم كذا، كذا وكذا، وقال يوم كذا، كذا وكذا، وفي الوقت الفلاني فعل كذا، وفي الوقت….

أنت تكلم شخص يعلم ولا ينسى، أنت من تكلمه، من تكلمه صلى الله عليه وسلم هل لا يتذكر؟ لا، هو يتذكر، هل نسي، لا لم ينس، فهو من كان يقع عليه الأذى نفسه، فهو لم ينس، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ حتى أن ربنا سبحانه وتعالى أنزل لكي يوقفه وَلَا تُصَلِّ ليست لهذه الدرجة وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ الصلاة على المسلمين وهذا ليس مسلمًا، ربنا يقول إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ.

إذن ” لا يتحدث الناس ” هذا مقتضى ماذا؟ هذا مقتضى الحكمة، وأما الصلاة والاستغفار؟ هذا مقضتى الرحمة، ليس فقط الحكمة، الحكمة خرجت من قلب أصلًا ينطوي على الرحمة، النموذج الذي يمثل الدين هو الذي يجمع ما بين الحكمة البالغة والرحمة التامة، ليست حكمة فقط، لأن هذه الحكمة من الممكن أن تصف بها بعض الناس وهم غلاظ القلوب، من الممكن ويكون قائد جيد وسياسي ناجح، ومدير جيد ورئيس مجلس إدارة جيد، ولكن لكي يكون ينتسب إلى الله وإلى الدين لابد أن تكون الرحمة لا تقل عن الحكمة، هكذا يكون دينًا، ولذلك وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فهم لماذا سيدخلون؟ نعم، لأجل هذا، لأجل هذا وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًالأجل هذا.

فَبِمَا رَحْمَةٍ ولم يقل شيئًا آخر، وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ صفاته الفاضلة كثيرة جدًا، لكن ربنا اختص منها الرحمة، قال فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ وقلنا لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ وأنت نبي الله، من الذين سيفضوا من حوله؟ الصحابة، ما معنى الصحابة ينفضوا من حول النبي، فهم يعرفون أنه النبي، ويؤمنون بأنه النبي وأنهم يلزمهم اتّباعه، وأنهم إن لم يتبعوا وانفضوا من حوله يخرجوا من الإيمان للكفر ويلجوا إلى النار، ورغم كل هذا لن يتحملوا وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ وهم يعلمون أنك رسول الله حقًا فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ.

اللهم إنا نسألك علمًا نافعا، وقلبًا خاشعا، ولسانًا ذاكرا، ويقينًا صادقا، ورزقًا طيبًا وعملًا صالحًا متقبلا.

الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة، الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.

اللهم توفنا مسلمين، اللهم توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم توفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين

اللهم إنا نسألك حبك، اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يبلغنا إلى حبك

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم