الحمد الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً. وأشهد أن لاإله إلا الله إقراراً به وتوحيدا وأشهد أم محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً مزيداً
ثم أما بعد..
عنوان هذه الخطبة لأُنسِيَنَ الرُومَ وَساوسَ الشيطان ومحاور هذه الخطبة ثلاث وهي: ماهيةُ الوسوسة, علاج الوسوسة وقطع الوسوسة.
إننا في آخر ما نقرأ في كتاب ربنا تبارك وتعالى وآخر ما أوصينا به أن نتلوا قوله تعالى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ويكأننا لاننتفع بكل الآيات وكل العظات التي أُوردت في كتاب ربنا تبارك وتعالى, لانستقي من هذه الحكمة الإلهية إلا إذا مَنَّ الله عزوجل علينا بأن جنبنا نزغات الشياطين, وهذه الوساوس التي تُفسد على العبد قلبه وقوله وعمله وتُفسِد عليه دنياه وآخرته ولذلك قال الله تبارك وتعالى فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فالله سبحانه وتعالى أمرنا لكي ننتفع بكتاب ربنا لكي تقع مواعظ القرآن في محلها أن نبدأ قبل أن نشرع في هذه القراءة أن نطلب من الله سبحانه وتعالى ونعتصم به ونلتجأ إليه في أن يصرف عنا نزغات الشيطان لكي نتمكن من أن ننتفع من مواعظ كلام الله تبارك وتعالى. فالله سبحانه وتعالى أمرنا أن نلجأ إليه وأن نحتمي بحماه وأن نعتصم به سبحانه وتعالى في أن يقينا من هذه الوساوس وهذه النزغات قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ أمرنا سبحانه وتعالى أن نلتجأ إليه وأن نسأله بأنه ربنا وأن نسأله بأنه مالكنا وأن نسأله بأنه إلهنا سبحانه وتعالى أن يقينا بربوبيته وملكه وإلهيته من وساوس الشيطان التي تقع في صدور العباد, قال صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» وهذا هو خطر هذه العداوة, أن العدو الذي لاتراه ولا تدرك مدخله عليك هو شر الأعداء أما العدو الظاهر البادي فأمره أيسر وأهون, ولذلك قال سبحانه وتعالى مُحَذراً إيانا من أهل النفاق الذين هم في الظاهر معنا وهم في الحقيقة من أعدائنا لأنهم عدوٌ خفيٌ ليس بظاهر قال سبحانه وتعالى محذراً ومنبهاً هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
طيب – هم العدو – هل ليس لنا عدوٌ غيرهم؟ ولكن لأنهم أخطر العدوين علينا لأننا نوليهم ظهورنا ونأمنهم على أنفسنا وعلى أموالنا وعلى ذرارينا وعلى معتقداتنا ولذلك كانوا هم الخطر الأعظم. وهذا الفعل ” الوسوسة ” الذي عبر به ربنا تبارك وتعالى دالٌ بأصله اللغوي على شيء يتكرر أي أن هذه النزغات تتكرر ولا تقف عند منتهىً ولا عند حد, ولذلك الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في لحظات مغادرته لهذه الحياة رآه ولده عبدالله وهو يقول بيديه هكذا – بيشاور – ليس بعد ! ثم أُغمي عليه ثم أفاق فسأله ولده عما يفعل كنت تقول ليس بعد وتقول بيديك هكذا؟! فقال: إن الشيطان آتاني وقال ياأحمد فُتَني فتني – إنت كده خلاص نجوت مني – وأنا أقول لا لا ليس بعد. أي إلى أن تخرج روح الإنسان هو لازال خاضعا تحت تأثير وكيد الشيطان ولكنه مع كونه وسواساً إلا أن الله سبحانه وتعالى وصفه بأنه الخناس أي هو يخنس يفر ويهرب بمجرد أن يلتجأ الإنسان إلى الله بمجرد أن يذكر العبد ربه تبارك وتعالى ويعتصم به فهذه الوساوس هي الخطر الأعظم لأنها لا تنفك عن نفس الإنسان في كل وقت وحين ثم نأتي لذكر محل الوسوسة أين تقع الوسوسة تقع الوسوسة في صدر الإنسان فإذا تقبلها الإنسان دلفت من صدره فدخلت في قلبه فإذا دخلت في قلب الإنسان انبعثت مع دمه إلى جوارحه فتحول سلوكه وتحرف كلامه أما إذا بقيت في الصدر يدافعها فهي لا تلقي بأثرها على قلب العبد ولا على عمله النبي صلى الله عليه وسلم قال ” أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ ” يبقى إذن محل الصلاح ومحل الفساد للإنسان هو قلبه إذا كان صالحاً انبعثت الجوارح بأثر هذا الصلاح وإن كان فاسداً انبعثت الجوراح أيضاً بأثر هذا الفساد فإذا ما بقيت الوسوسة في الصدر تدافع فهي لا توقع أثراً على معتقدات العبد ولا أفعاله ولكنها إذا تقبلت وتشربها القلب حينئذٍ كان الخلل وحينئذٍ كان الفساد.
ثم نأتي إلى ذكر أحوال العباد مع هذه الوساوس الوساوس تعتري قلوب المؤمنين وأما أهل الفساد وأهل الشرك وأهل الكفر وأهل الضلال فإنما يقعون في إطار استحواذ الشيطان يبقى الوسوسة هي الأشياء اللي بيقذفها في قلب الإنسان المؤمن لكي يحرفه أما هذا الأخر غير المؤمن فقد صار أسيراً للشيطان قد ألقى بقياده له واستسلم له قال تعالى في ذكر أهل النفاق قال اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ الاستحواذ اللي هو السيطرة الحصار التام فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ وقال تعالى أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا تَؤُزُّهُمْ أي تدفعهم دفعاً واحد ماشي وواحد في ظهره قاعد كل شوية يخبطه مايقدرش يمتنع من الاستجابة لهذا التأثير وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ بيزقه بيدفعه فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ قال الله تبارك وتعالى إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ الله سبحانه وتعالى قسم الناس بإزاء هذه الوساوس الشيطانية إلى فريقين أهل تقوى هذا الفريق الأول وإخوان الشياطين وأصحابهم ورفقائهم هذا هو الفريق الثاني فالفريق الأول إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ الله سباحنه وتعالى يتحدث عن أهل التقوى أهل الخوف والخشية من الله سبحانه وتعالى هؤلاء أيضاً طالما أنهم ليسوا بنبيين أيضاً هؤلاء يسمهم الشيطان… كيف يكون مسه إياهم إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا طيب يبقى ربنا سبحانه وتعالى جعل إن محاولة تأثير الشيطان على أهل التقوى تكون بداية بفعل الطواف طب الطواف ده بيبقى ليه الطواف ده إن الإنسان بيدور حولين حاجة.. هو بيدور حولين صدر الإنسان وحولين قلبه.. ليه؟ علشان يبحث عن منفذ لأن الإنسان المؤمن المتقي هو متحصن بحصن الله سبحنه وتعالى لكنه إنسان سوف تعتريه لحظة الغفلة النسيان الضعف الشهوة.. والشيطان بيطوف بينتظر اللحظة وهو ده خطر الشيطان إن هو الشيطان ملحاح بطيء اليأس هو معندوش شغلانه تانية هو الشيطان مشكلته فين؟ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ دي شغلته وهو في أداء وظيفته بيتسم بسمتين التخصص التام والتفرغ الكامل يعني هو دي شغلته مابيشتغلش غيرها فهو يجيدها إجادة كاملة الحاجة الثانية هو بيشتغل كده طول النهار هو معندهوش شغلانة ثانية إلا الغواية والإضلال… هو بيطوف كده….. طيب إِذَا مَسَّهُمْ يعني حيصيبه إصابة بسيطة فلما يصيبه بيتخبط ولما بيتخبط بتوجعه لما توجعه بيفوق إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ أدرك فعاد إلى الله تبارك وتعالى طيب.. الفريق الأخر وَإِخْوَانُهُمْ اللي هما مأنتمين يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ لا بيرجع ولا بيتذكر ولا بيتوب وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ يبقى إذن الشيطان بالنسبة للإنسان المؤمن كما قال الله تبارك وتعالى إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ملوش سيطرة على هؤلاء لكنه بيحاول عبر هذا التطواف أن يمسهم بمسه وأن يأثر فيهم وأن يستجرهم أو يستجلبهم إليه.. ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان حريص أشد الحرص على أن يبعد قدر المستطاع وقد الإمكان تأثير هذه النزغات على القلوب المؤمنة لذلك لما خرج صلى الله عليه وسلم من معتكفه مع زوجه صفية
لكي يردها إلى دارها – حيوصلها البيت – فبينما هو يكلمها إذ مر رجلان من المسلمين فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا – كانوا ماشيين عادي وبعدين مشوا بسرعة – فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ” على رسلكما – استنوا اسنتوا رايحين فين – إنها صفية بنت حُيي، قالوا أوفيك نشك يا رسول الله – ماهو مينفعش الإنسان يشك في النبي صلى الله عليه وسلم وفي كماله لأن دا حيؤل به إلى عياذًا بالله إلى الكفر وهو قطعا دا موقعش – فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ايه؟، قال: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فأحببت ألا يقذف في قلبيكما شيئا، يبقى إذًا الشيطان هنا حيعمل ايه؟ حيلقي في قلوب هؤلاء الصحابة شيء من الوسوسة هم سيدافعونها ولن يستسلموا لها لكن أنا ممكن أريحهم بدل ما أترك الإنسان يتعارك مع الشيطان ويستعيذ ويطلع وينزل.. طب ليه لما أنا ممكن أريحه، فالنبي صلى الله عليه وسلم لعظيم رحمته وبره حب أنه يريحهم لأنه عارف أن الشيطان لأنه غلس لن يتركهم فأراد أن يرحهم بكلمة بسيطة وقال لهم أن هذا أمر طبيعي لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فأحببت ألا يقذف.. هو حيضع في دماغهم حاجات حب النبي صلى الله عليه وسلم ألا يضعها لهما.
إذن الشيطان سيحاول أن يلقي هذه الوساوس في القلوب المؤمنة.. طيب أهل الإيمان لو قسمناهم تقسيمة كلية لهم طبيعتان.. طبيعة مريحة شوية يعني ايه؟ يعني هي أميل لضعف الالتزام والتحلل من الطاعات، يعني هو بيحب كدا يبقى حلو.. وطبيعة تانية مقابلة فيها شيء من التشدد والالتزام القوي، فدا له برنامج ودا له برنامج تاني لأن الشيطان قلنا انه متخصص فهو سيتعامل مع كل واحد بطريقته، فمثلا الشخص اللي هو مريح شوية مش حيقول له تشدد يبقى مجنون لأنه في الطرف دا لما يجي يدفعه سيدفعه في ناحيته.. أما الشخص اللي فيه شيء من الورع الزائد والالتزام الشديد لن يدعوه للمعاصي والمنكرات لا.. بل يدعوه لمزيد من الالتزام والتشديد فيه لأن هذا اقرب له فيجي كدا، فهو يبحث في طبائع النفوس ويوسوس لكل شخص بما يراه مؤثرًا فيه بدرجة أكبر، ولذلك احنا بتجي لنا الوساوس في الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس لما اشتكى له من أن الوساوس بتكثر عليه في الصلاة قال ” ذلك شيطان يقال له خنزب ” يعني بص فيه عفريت للصلاة مخصوص.. فكل لواحد له عفريته ودا بتاع الصلاة مخصوص.. ايه وظيفته في الصلاة؟ أنه يوسوس للإنسان فيبوظ دماغه أو أنه يشغله عن الصلاة.. ليه؟ لأن الصلاة ديه هي محور الإستقامة فهي الزاد اللي الإنسان بيستفيد به في كل وقت ولذلك ربنا سبحانه وتعالى جعلها على الأوقات في اليوم بحيث أن الإنسان كل ما الشحن بتاعه يضيع تأتي الصلاة فتضبط الإنسان، طب لو بوظ له الصلاة؟ لو أفسد عليه هذا الشحن؟ لذلك هو مركز في إفساد الصلاة، فابن عباس رضي الله عنه قال له أن اليهود تزعم أنها لا توَسوَس لها في الصلاة يبقى هم أحسن مننا لأن احنا بتجي لنا وساوس ودماغنا بتبوظ وبنسرح وهم ناس محترمين بياخدوا الصلاة خبط كدا لا فيه وسوسة ولا فيه أي حاجة، يبقى المفروض هم أكثر استقامة وأكثر تدين وأكثر عبادة وناس كويسيين يعني والشيطان ليس له عليهم سلطان تتحسب كدا هي بقى، فقال صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه وعن أبيه ” وماذا يصنع الشيطان بالبيت الخرب؟ ” هم أصلًا ناس بايظين وكفار أصلًا فالشيطان حيوسوس لهم ليه؟ ما يصلوا لأنه كلما ازداد صلاة ازداد من الله بعدًا، ما يصلي ! جميل جدا أنه يصلي، لكن الصلاة اللي هي فعلا حتقرب من ربنا ديه الصلاة اللي الشيطان حيجعلها محل الحرب، هو حيكافح ليه مع اليهودي ما خلاص، يبقى إذًا الصراع حيبقى في هذه الدائرة دائرة أهل الإيمان، فقلنا الإنسان اللي عنده ميل فيه شيء من الضعف عنده ميل للتحلل أو التقصير في الطاعات وفعل المعاصي والمنكرات حيجد الشيطان يدفعه في هذا الإتجاه.. طب ايه الحل؟ ايه العلاج؟ والتاني اللي الشيطان حيأتي ويشدد عليه في أمر العبادة ويدعوه لشيء من الغلو فيها ليكون أقرب إلى الله سبحانه وتعالى.. دا ايه حله وايه علاجه؟
دا له أسلوب ودا له أسلوب.. الإنسان ايه اللي يخليه يتحلل من الطاعة أو يأتي بالمعصية؟ دلوقتي فيه أسباب منها ضعف الإيمان عند الإنسان ومنها تصور الإنسان أو اعتقاده بثقل الطاعات وأن ديه شيء مزعج أو ثقيل على الإنسان وعدم إدراكه لفائدة أو أثر هذه العبادة على قلب الإنسان لأن احنا للأسف كثير منا هو بيتصور أن الطاعات اللي ربنا سبحانه وتعالى أمره بها ديه عبارة عن مجموعة من التكاليف اللي الإنسان حيلتزم بها في مقابل أن ربنا سبحانه وتعالى يدخله الجنة وينجيه من النار، أما أن هي نفسها هي سبب السعادة والسكينة والطمأنينة للإنسان فكتير مننا بينسى دا ولذلك بتبقى العبادة نفسها ثقيلة عليه، هو حاسس أنه واجب بيعمله مع ربنا لكن مش هو حاجة هو بينتفع بها، هو ربنا سبحانه وتعالى ايه اللي حيعود عليه من نفع إذا احنا بقينا كويسيين؟! أو ايه اللي حيعود على ربنا سبحانه وتعالى من ضرر إذا احنا بقينا مش كويسيين؟! ربنا سبحانه وتعالى قال ” وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ ” ، ” وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ” ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان بيقول ” وجعلت قرة عيني في الصلاة ” – عيني أنا – يبقى الصلاة ديه هي اللي حتعطيه السعادة والسكينة والطمأنينة اللي هي ” يا بلال أرحنا بها ” ” ألا بذكر الله تطمأن القلوب ” يبقى إذا العبادة دي ربنا سبحانه وتعالى جعلها للإنسان سبب السعادة والسكينة والطمأنينة والهدوء النفسي اللي هو بيبحث عنه, فده حيدفع الإنسان إذا إستقرت في ذهنه المعاني ديه أن هو يندفع للعبادة أولا عشان هو محتاجها بغض النظر حتى عن آثارها الأخروية عند الله تبارك وتعالى, الحاجة التانية إن الأشياء اللي بيوسوس بيها الشيطان مما لايُرضي الله سبحانه وتعالى تذكر الإنسان الدائم إن هي مُضرة بالنسبة له ومفسدة لقلبه وتمنع عنه رحمة ربنا سبحانه وتعالى.. ده حيخليه إن هو يُعيد النظر في هذا الإتجاه, طيب اللي في الإتجاه المقابل.. لابد أن يُحَدَّثَ كثيراً عن رحمة الله سبحانه وتعالى وعن ذنب الغلو والتجاوز والتنطع.
طيب الجزء المتعلق بقى بالوساوس اللي بتيجي في الطهارة وبتيجي في الوضوء وبتيجي في الصلاة هي دي بتيجي ليه؟! الشيطان بيحاول طالما إن هو مش حيقدر يمنعني إن أنا أصلي يحاول أن هو يوسوس لي في الصلاة فأفضل أنا بقى متلخبط أو يوسوس لس في الوضوء أو في الطهارة ليه؟ عشان تبقى العبادة اللي هي شيء جميل جدا أنا مفروض بانتظره أصبح شيء ثقيل جدا ما بحبش بقى وقت الصلاة يجي – لا أنا حخش الحمام أقعدلي ساعتين واطلع اتوضا مش عارف أنا غسلت إيدي كام مرة مرة ولا مرتين ولا سبعتاشر وبعدين سجدت سجدة ولا سجدتين وقلت سبحان ربي الأعلى في السجود ولا مقولتش وقلت التشهد طب ولا مقلتش طب سلمت عاليمين ولا من فوق !! حافضل أنا بقى.. فالشيطان بيستثمر إن الإنسان لحرصه الشديد على العبادة عنده شيء من القلق فهو بيستثمر القلق ده فيحاول يضغط على الإنسان ليه؟ عشان يُبَغشض ليه العبادة ويُحدِث في نفسه الحزن قال تعالى إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ربنا سبحانه وتعالى بيقول إيه إن من مقاصد الشيطان إن الإنسان يَحزَن ويضيق صدره بأي حاجة, النجوى دي عبارة عن إيه؟ إتنين بيتكلموا وواحد قاعد فالشيطان بيوقع في قلبه إن دول بيتودودوا عليك – هو طبيعي واحد بيكلم واحد في موضوع خاص فمش عايزني أسمع عادي يعني – لكن الشيطان مش حيسبني بقى لأ على فكرة هم دلوقتي إيه الحوار ده عليك. ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم أوصى برضه لسد مداخل الشيطان «إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً، فَلاَ يَتَنَاجَى رَجُلاَنِ دُونَ الآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بِالنَّاسِ، أَجْلَ أَنْ يُحْزِنَهُ».. يجي الشيطان يقوله على فكرة هم بيتكلموا عليك فلما يبققى في زحمة كده يبقى خلاص احنا مش قصدنا فلان بعينه, فربنا سبحانه وتعالى بيقول إن هدف الشيطان إحداث الحزن للإنسان إحداث الضيق في قلب الإنسان يريد أن يُبَغِض له العبادة.
طب إيه الحل؟ الوساوس دي علاجها ” التنفيض ” مفيش حاجة ! هو الشيطان عمره ما حيبقى ناصح للإنسان فحيجي يقوله خلي بالك إنت كده سجدت سجدة واحدة بس فكده الصلاة حتبوظ!! يعني هو الشيطان عاوز الصلاة متبوظ حريص قوي عليا بيحبني وعاوز الصلاة تطلع سليمة؟! وبعد كدة لو أنا نفضتله حيقولك خلي بالك إنت كده بوظت الصلاة على نفسك أنا مليش دعوة أنا كده كده رايح النار إنت بقى اللي مسمعتش كلامي أنت كده لابسها لابسها بتعندني أنا؟ ما أنت اللي رايح في داهية ! فأنا أقول لا صح المفروض أحتار فتبوظ مني الدنيا تاني.
فهي القضية أن هذه الوساوس علاجها فقط المدافعة ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الوسوسة في أعظم شيء في وجود الله سبحانه وتعالى وسوسة في العقيدة ودي أسوأ حاجة حتصيب الإنسان, فالصحابة لما اشتكوا النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الوساوس فقالوا إيه؟ قالوا يا رسول الله إن أحدنا ليجد الشيء في نفسه لأن يكون حُمَمَه خيرٌ له من أن يتكلم به – يجد الشيء في نفسه يعني الوسوسة في وجود الله في صفات الله تكييف ذات الله سبحانه وتعالى أي حاجة من الحاجات اللي بيلقيها الشيطان في قلب الإنسان, ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم يأتي الشيطان إلى أحدكم فيقول من خلق كذا من خلق كذا من خلق كذا يفضل بالتسلسل حتى يقول هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله؟ طب الواحد لما يحصل كده يعمل إيه؟ ” يستعيذ بالله ولينتهي ” بس يفصل – لأن يكون حممه يعني ربنا يولع فيه خير له من أن يتكلم به يعني شيء الواحد بيضايق منه لدرجة إن هو بيتمنى إن ربنا يهلكه أحسن مايسترسل مع هذه الأفكار, فالنبي صلى الله عليه وسلم قال إيه؟ رد بسيط جدا وسهل قال: أوقد وجدتموه؟ – يعني الكلام ده إنتم وجدتم هذه الوساوس؟ – قالوا نعم. قال: ذاك صَريحُ الإيمان.
على فكرة رد الفعل بعيد قوي عن تصوراتنا! النبي صلى الله عليه وسلم أول حاجة ” أوقد وجدتموه؟ ” آه آه هو جالك؟ معنى ده إن ده الشيء العادي الطبيعي اللي بيحصل لأي إنسان مؤمن ده شيء عادي! – لما تقول لواحد آه آه آه هو عملها معاك؟ يعني ده العادي اللي بيعمله مع كل حد – ف ” أوقد وجدتموه ” ده شيء عادي بيحصل.
طيب النبي صلى الله عليه وسلم وصف ده على إنه إيه؟ علامة على الإيمان الصريح الإيمان الكامل ليه؟ لأن طلما أنا الوسوسة لما جات لي وأنا رفضتها وإضايقت منها وحاولت أصرفها عن نفسي وتمنيت إن ربنا سبحانه وتعالى ياخدني ولا إن الوساوس دي تستمر ده علامة على إيه؟ على إن أنا مش قابل ده وإن أنا رافضه وده الفرق ما بين الشرك والإلحاد وما بين الوسوسة. إن التانية حاجة بتستقر في النفس وبيبقى مطمأن بيها هو ساكن معاها, أما دي لأ هو بيدافعها ومش حاببها فالنبي صلى الله عليه وسلم قال إن دي علامة الإيمان. طب يبقى الواحد يعمل إيه؟ ولاحاجة يستعيذ بالله عزوجل من الشيطان وبس!
يبقى الموضوع محتاج شيء من العزم وإن الإنسان يستعيذ بالله من الشيطان ويصرف عن نفسه ولا يفتح لها الباب, فإن فعل ذلك؟ سوف ينجو من أثر الوسوسة بإذن الله. الموضوع بس عاوز من الإنسان شوية ” تناحة ” بس هي دي الفكرة مش أكتر من كده, لكن يبقى على يقين إنه لما يعمل كده إنه حيبقى في إطار السلامة والأمن. هو إيه اللي بيخلي الإنسان بيتجاوب مع الوسوسة؟ إحساسه إن هو لو نفضلها إن ربنا حيحاسبه أو إنه كده حيبقى مش مهتم بأمر العبادة أو مش مهتم بأمر الدين أو مش مهتم بالصلاة. فإذا تصحح عند الإنسان مفهومه وأدرك إن دي وسوسة وإن الوسوسة دي الإنسان لا يؤَاخَذ عليها وربنا سبحانه وتعالى غفور رحيم لا يحاسبه عليها, وإنه حتى لو إنه كده سجد – في أحكام هذه الأشياء – إن الإنسان اللي بتجيله الوسوسة وبتضغط عليه على فكرة هو لو سجد سجدة واحدة هو معذور عند ربنا سبحانه وتعالى – حتى لو هي كده – !
ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم شُكِيَ له الرجل يُخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة – وهو بيصلي يتهيأله أن هو وضوءه إنتُقد – فالنبي صلى الله عليه وسلم قال إيه؟ قال: لاينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً. ملهوش دعوة هو مكمل عادي يسمع صوتا يعني شيء يقيني خالص بحيث إنه هو مثلا لو بيصلي في الجامع ومطلعش اللي جنبه حيقوله ياجدع إنت إيه يعني ماتطلع وتوضا بقت حاجة يقينية تامة, ريحة إنتشرت أو صوت إنفجار طلع, يبقى ده علامة على إيه الشكوك ليس لها إعتبار اليقين هو اللي عليه المعول.
يبقى إذا علاج الوسوسة في هذا الجانب العلم والإدراك ومعرفة الإنسان برحمة الله سبحانه وتعالى, وفي الجانب الآخر معرفة الإنسان بقيمة وأثر العبادة ومعرفة الأثر السلبي للسيئات والمخالفات.. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمدلله رب العالمين.. هو كان فاضل حاجة بقى أنا مش عارف كده إيه النظام؟! قطع الوسوسة – نقول كلمتين ونكملهم المرة الجاية إن شاء الله..
سيدنا أبو بكر حينما أجلبت عليه الروم في الشام كان قد أرسل جيوشاً صغيرة إلى بلاد الشام, فالروم حشدت حشود كبيرة وقالوا ” والله لنشغلن أبا بكر على أن يُورِدَ الخيول إلى بلادنا ” احنا أصلا حنطلع عليه ناس بحيث أللي هو.. فسيدنا أبو بكر قال إيه؟ قال: ” والله لأُشغِلَنَّ الروم عن وساوس الشيطان بخالد بن الوليد ” أنا حبعتلهم بقى واحد – حيسحب بقى خالد رضي الله عنه من العراق فيجعله قائد جيوش المسلمين في الشام – ده حيعمل إيه للروم؟ حينسيهم العفريت!
يبقى إذاً هنا سيدنا أبوبكر الشاهد بقى هنا إيه يعني هذه الفطنة وهذا الفهم الدقيق إن الشواغل اللي بتعتري الإنسان والملمات والحاجات المهمة في حياته بتطير الوسوسة. عاوز تقطع الوسوسة خالص؟! تقضي عليها تماما؟ تلغي الفراغ الموجود في الذهن, فإذا الفراغ زال حينئذٍ ضاعت الوسوسة, فسيدنا أبوبكر بيقول إذا أرسل خالد بن الوليد فإن الروم لأنهم مشغولين قوي به ومركزين قوي معاه حينسوا كل حاجة حتى الوساوس.
زي احنا مثلا الواحد مننا إذا كان عنده حاجة مُلِحة للذهاب للحمام لما الحاجة دي بتبقى ملحة عليه مبيفكرش إلا في حاجة واحدة بس فين الحمام!! بس كيف يصل إلى الحمام, كل الأفكار والديون اللي عليه والحاجات اللي هو مشغول بها والمشاوير اللي كن حيروحها كل ده بيطير ومبيفضلش غير حاجة واحدة بس تركيزه كله متجمع في حاجة واحدة بس أين الحمام؟! هي دي.
فإذا الإنسان لما يكون في قضية ملحة مهمة ضاغطة عليه حينئذ تزول كل الأفكار اللي في دماغه وتبقى هذه القضية الملحة, فخالد بن الوليد حينما يحل في قيادة عسكر المسلمين بالشام حينئذ حطير الوساوس من أذهانهم ليه؟ لأن خالد رضي الله عنه كما وصِف ” كان لاينام ولا يُنِيم ” لا هو بينام ولا بيسيب حد ينام يعني هو صاحي والجيش اللي معاه كله صاحي وبالتالي الأعداء صاحيين ولذلك إزاي خالد بن الوليد فتح حصن دمشق؟ هم المفروض أنهم محاصرين الحصن ده مدة طويلة والشتاء دخل – والشتاء بقى في سوريا شتا جامد يعني – والصحابة بدأو ييأسوا من إنهم حيفتحوا الحصن خلاص, وبعدين في يوم الحاكم البطريق بتاع المدينة إتولد له مولود فعامل عزومة عمل أكل وشربه بقى خمرة والناس اللي على الأبواب سابتها والناس اللي لسه واقفة إدهولت, لم يشعر بذلك أحدٌ من المسلمين لا قادة ولاجنود ما عدا خالد رضي الله عنه بس! فكده في وصفه حينئذ أنه كان لا ينام ولا ينيم, هو الوحيد اللي أدرك أن هم دلوقتي مشغولين وإن الأبواب في أضعف نقطة حماية, ولذلك تمكن من فتح المدينة عبر هذا الرصد الذي رصده لهذه المدينة ليه؟ لأن هو لاينام ولا ينيم.
يبقى إذا – إن شاء الله بقى حنكمل الخطبة اللي جاية – يعني إيه قضية قطع الوساوس لكن اللي احنا عاوزين نقوله من خلال هذه الكلمة العظيمة من سيدنا أبوبكر.. إن الإنسان إذا كان مشغولا أو مهتما بأمر أو قائما في قضية حينئذ هذا يُزيل ويقطع عنه وساوس الشيطان. يبقى إذا الإنسان لو عاوز يخلص خالص من الوساوس بتاعت أي حاجة يعمل إيه؟ يروح الحمام.. يروح الحمام.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أفدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.. اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.. اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.