Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

لا تبغضوا إلينا ديننا

لا تبغضوا إلينا ديننا. 

لا تبغضوا إلينا ديننا. 

لا تبغضوا إلينا ديننا

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم

قال الله تبارك وتعالى وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ۝ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ ماذا يحدث؟ لو سار وراء أهوائنا، لو مشى وراء ميولنا النفسية، لو مشى وراء شهواتنا ورغائبنا، هل سنكون أفضل، أم أننا حينما نستمع لكلامه ونطيع أمره ونسلك سبيله نكون أفضل لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ العنت لن يعود عليه، سيعود علينا نحن، الحرج والمشقة ستترتب على ماذا؟ على أنه يطيع ويمتثل لأهوائنا.

من يسّر لهم ربنا سبحانه وتعالى أنهم أطاعوا أمر نبيّهم، هل هم الذين فعلوا ذلك؟ ربنا لا يقول ذلك، يقول وَلَكِنَّ اللهَ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ الإيمان شيء محبوب بذاته، بطبيعته، بالمعاني الذي يشتمل عليها، بالأشياء التي يحققها، بالأشياء التي يدعوا إليها، هو بطبيعته يحب، لكن من رحمة ربنا سبحانه وتعالى أنه فوق ذلك حبب الإيمان إلى قلوب العباد وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فما معنى التزيين؟ التجميل.

إذاً الشيء يُحب؛ هذه مشاعر، وتراه جميل فقلبك يتعلق به، وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ

وفي المقابل ربنا يقول سبحانه وتعالى وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ التزيين؛ أن تدخل تجمييل على شيء محتاج أن يجمّل، إذا لم تراها وهي مزيّنة ربما تنفر منها، فالشيطان يأتي إلى القبائح فيزيّنها فترى بالصورة المزيّنة فتميل إليها النفوس.

الإيمان شيء جميل بذاته، هل يحتاج إلى التزيين؟ الشيء الذي جماله طبعي لا تحتاج أن تدخل عليه تجميلات، لكن لأن الشيطان يزيّن القبائح كان من عظيم رحمة ربنا سبحانه وتعالى أن يظهر حسن الجميل، لن يزيّنه لأنه في نفسه جميل، هو سيظهر لنا محاسنه.

إذاً يوجد أمران؛ أن قلب الإنسان يحب الإيمان، وأن ربنا سبحانه وتعالى يري المؤمنين جمال وحسن ورونق وبهاء الدين الذي منّ ربنا عليهم به، والإيمان الذي رزقهم ربنا إياه، هل هذا فقط؟ لا

ما يقابله ” والضد يظهر حسنه الضد ” أن ربنا سبحانه وتعالى جمّل الجميل وتمم هذا بأن جعلنا نرى القبيح قبيح وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ثلاث أشياء.

الناس الذي حبب إليهم ربنا سبحانه وتعالى وزيّن لهم وكرّه إليهم؛ بماذا وصفهم ربنا، قال أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ هؤلاء هم أهل الرشاد والعقل والحكمة، فماذا فعلوا؟

إذا كان ربنا الذي حبب، وربنا الذي زيّن، وربنا الذي كرّه، ماذا فعلوا هم؟ هم فقط استجابوا، فربنا سبحانه وتعالى وصفهم بالرشد لمجرد الاستجابة.

هل هذه الاستجابة من عندهم؟ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً فَضْلًا مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وهو سبحانه وتعالى العليم الحكيم، بعلمه وبحكمته يضع الإيمان، يضع التحبيب ويضع التزيين في مواضعه التي تستحقه في التربة التي ينتج وينبت فيها، فهل يصلح بعدما حبب ربنا سبحانه وتعالى وزيّنه وجمّله وكرّه الكفر والفسوق والعصيان أن نعيد الجميل مشّوه، أننا نبغّض الأشياء التي وضع ربنا حبها في القلوب.

شخص يسير في منطقة صحراوية فوجد نبعة في صخرة – أرض صخرية وبها نبعة والنبعة: شجر عوده أصفر ورفيع وقوي، ومع قوته هو غاية في القوة وغاية في اللين – وهي نبتة صغيرة تنبت، وهذه النبعة أصلح ما يصنع منه أو يبرى منه القوس، لماذا؟ لأنها قوية جداً وفي نفس الوقت بها مرونة عالية، وهذه الأشياء من الصعوبة أن تجتمع، فمن الممكن أن تجد لين لكن مع رخاوة وضعف ومن الممكن أن تجد قوة لكن مع قسوة وفظاظة، ولذلك قالوا ” لا تكن صلباً فتكسر ولا ليّناً فتعصر ” الكمال والاتزان، هذه عظمة الدين في كل شيء، وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا الخصائص الجامعة لجوانب الخير، دائماً الوسط بين الأطراف التي بها قدر من التطرف.

فالشجرة بها الاثنان، وهي نبتة صغيرة تنبت، فبدأ يرعاها ويتابعها، وهي تكبر على عينه، إلى أن استوت على عودها، فأخذ العود وبدأ يصنع منه قوساً، وأغصانه صنع منها السهام، فبراه وصنع له وتراً ثم دهنه وألمعه، وصنع خمس سهام، ثم جاء إليه في طريق تمرّ فيه قطعان الحمر الوحشية وترصّد، فمرّ قطيع فأخذ سهم ووضعه في نبعته ورماه إلى جهة القطيع الذي يجري، فأورى ناراً، أي أن السهم انطلق فاصطدم بالجبل وعمل شراراً، فحزن لأن هكذا السهم جاء في الجبل ولم يصيب شيئاً من القطيع المار.

وبعد قليل مرّ قطيع آخر فأعاد الكرة فعادت كما كانت، أيضاً اصطدم بالجبل ونتج شرار، فزاد الموضوع صعوبة، ثم مرّ قطيع ثالث ورابع وخامس، وكل مرة يحدث نفس الموقف بالضبط، طوال الليل.

فمن كثرة حزنه وضيقه كسر القوس ونام من الغم، ثم صحى في الصباح بعدما طلعت الشمس، فوجد خمس حمر معقّرة ووجد سهامه مضرجة بالدماء.

فالسهم من قوة القوس يخترق الصيد بسرعة، ومن قوته يصدم الجبل فيوري شرار، فهو ظن أنه تخطئ، والسهم لا يخطئ، فهو حينما استيقظ نهاراً وجد أن الخمس أصابوا خمس ولم يخطئ سهماً.

فماذا فعل؟ عضّ على إصبعه فقطعه، عضّ على إصبعه فقطعه، ثم يقول

 ” ندمت ندامة لو أن نفسي تطاوعني إذاً لقطعت خمسي ” الصوابع الخمس، فهذا لا يكفيه

 ” تبيّن لي فساد الرأي مني لعمر أبيك حين كسرت قوسي ” لذلك أصبح هذا مثلاً، في أمثال العرب حينما يريدوا أن يذكروا الندامة الشديدة، يقولوا ندامة الكسعي،، فهذا الرجل اسمه الكسعي.

فهذا الرجل أين مشكلته؟ مشكلته أنه تعجّل، هو لو تريث للصباح أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ لو تريث للصباح سيكتشف أن الموضوع ليس هكذا تماماً، فهو تعجّل وكسر القوس، فحينما انتبه اكتشف أن الأمر على خلاف ما كان يظن.

هذه السهام وصفت بماذا؟ مدرجة بالدماء، أي هي دخلت وتعلّقت بدماء من هذه الحمر ثم انطلقت خارجها.

النبي صلى الله عليه وسلم يقول أمر أصعب من هذا، يصف أناس دخلوا الدين وخرجوا ولم يتعلقوا منه بشيء، أناس دخلت وخرجت، دخلت وخرجت لم تتعلق من الدين بشيء حتى هذا الأثر المحدود الذي كان موجود في سهام هذا الكسعي لم يكن موجوداً عند هؤلاء، هذا الحديث ذكرناه قبل ذلك مراراً، ولكننا اليوم نريد أن نقف عند نقطتين أساسيتين.

النبي صلى الله عليه وسلم يصف أناس فكان من أوصافهم أنهم أناس أهل اجتهاد في الطاعة، النبي صلى الله عليه وسلم يكلّم الصحابة فيقول لهم أن هؤلاء الناس ” تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، وصيامكم إلى صيامهم، وقراءتكم إلى قراءتهم ” هذا هو الوصف، يكلم من؟ لا يكلمنا، يكلم الصحابة، هؤلاء الصحابة الذين هم الصورة المثال والنموذج الأرقى والأعلى في التعبد والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، فهم حينما يروا هؤلاء الناس ويقارنوا حالهم بحالهم، لن يشعروا بأنهم أقل، لا، سيحتقروا؛ سيحتقروا أعمالهم.

إذاً هناك فرق كبير بين هؤلاء وهؤلاء.

وبعدما وصفهم بهذا الوصف قال ” يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ” مثل الصورة التي وصفناها هذه، مثل الصورة التي وصفناها أم أشد؟؟ لا، أشد.

هذا الكلام ما معناه وما أثره، هذا ما نريد أن نركّز عليه، ونريد في النهاية نقف على ما يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصله لنا، ما الرسالة التي من المفترض أن تصل إلينا من خلال هذا، وهذا النموذج كيف يتجنبه الإنسان، وكيف يتأكد أنه ليس كذلك، وكيف يعرف هو على سبيل أم على غير سبيل، هذا ما نحتاج أن نصل إليه

 ” ” عرض تمثيلي لاختراق السهم للحيوان المصيد ” “

هذا هو السهم وهذا هو الرمية، النبي صلى الله عليه وسلم يقول أنهم يخرجوا من الدين كما اخترق السهم الرمية، ويقول انك ستنظر في السهم لن تجد فيه شيء، لا يوجد أي أثر، هذا في النصل، تنظر في رصافه، رصافه هو المكان الذي يدخل منه النصل في أصل السهم فلا ترى فيه شيء، وتنظر في نضيّه – وهو جسم السهم – فلا ترى فيه شيء، وتنظر في قززه الريش الذي في آخر السهم – فلا ترى فيه شيء، قد سبق الفرث والدم.

ما معنى ذلك؟ أي أنهم دخلوا وخرجوا وأنت تنظر هل خرجوا متعلقين من الدين بشيء، لا لا يوجد شيء تماماً.

الأمر الثاني الأخطر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن الدين هو الرمية، أي هم اخترقوا الدين، هذه الرمية عندما تخترق بسهم هل تكون حية أم تموت؟.

إذاً اختراق هؤلاء الدين بهذه الصورة ليس فقط سيفسد عليهم، لا هو سيفسد الدين نفسه، لأن الرمية حينما تخترق بالسهم تتردى، تموت، تهلك، فنحن نتكلم عن خطر مزدوج، خطر على الدين نفسه وخطر على هؤلاء.

هؤلاء ما مشكلتهم؟

النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ” النقطة: هؤلاء الناس الذي وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم خرجوا من الدين، خرجوا من الدين للانحراف والفسق؟ والسكر والزنا؟ – عياذاً بالله من القبائح – لا، هم خرجوا لما يرون أنه مبالغة في الدين ومزيد من التعظيم له ومزيد من القيام بحقه وأنهم أهل التزام الدين الحق وأهل القيام به، وهم الذين يحافظوا عليه عندما تخلى الناس الآخرى الذي كانوا الصحابة تخلوا عن الدين وتركوه، لو كان المشكلة أنهم مرقوا فذهبوا إلى مكان ليس ديناً، فستكون سهلة، انتهى الموضوع، لا مشكلة ولا فتنة ولا أزمة، لكن الشخص يسير في طريق وكلما استمر في الطريق هو يبعد، كلما يسير أكثر هو يبعد أكثر، لكنه لا يعتقد ذلك، هو يعتقد أنه كلما اجتهد أكثر أنه هو الأمثل والأفضل وأنه الأكثر تديّناً، ما الشيء الذي تعصمنا من أن نسلك نفس السبيل، ما الشيء الذي يجعل الشخص على طمأنينة أنه على دين فعلاً.

نحن نتكلم عن أناس النبي صلى الله عليه وسلم قال ” يقولون من قول خير البرية ” أفضل كلام يقال، الكلام الذي يقولوه النبي صلى الله عليه وسلم وصفه بماذا ” من خير قول البرية ” من أحسن كلام يقوله شخص، فهذا هو الكلام؛ قرآن يقرأ، صلاة اجتهاد ليس له مثيل، صيام اجتهاد ليس له مثيل، ومع كل هذا هم لم يتعلقوا من الدين بشيء، دخلوا وخرجوا لم يتعلقوا من الدين بشيء.

هذا لماذا حدث؟ ولكي نتجنبه ماذا نفعل؟ والنقطة الأخيرة؛ ” يمرقون من الدين ” ما هو، النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن هؤلاء الناس خرجوا من الدين مع أنهم يفعلون كل هذا، يقولون هذا ويفعلون هذا ومع ذلك هم ليسوا في الدين، هم خارجه، هم خارجه، فماذا هو الدين الذي خرجوا عنه، ما تعريفه، ما طبيعته، كيف أعرف أنا متدين أم غير متدين، كيف أتمسك بالدين الذي هو الدين على الحقيقة، أسئلة لابد أن يكون لها إجابات، فالموضوع خطر وليس سهلاً.

تخيل شخص قضى عمر وعاش زمان في سبيل هو يعتقد فيه أنه يحسن صنعاً وهو في الحقيقة ليس كذلك، ربنا وصف هذا الوضع وهذا الوصف قال قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ۝ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْيوجد سعي، ليس حركة وعمل، سعي أي اجتهادالَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا

أقول قولي هذا وأستعفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين

ماهية الدين، ما معنى كلمة دين؟ الدين، الدين: الخضوع والتذلل والتحبب لله علّام الغيوب، هذا معنى الدين؛ أن الإنسان قلبه ونفسه تخضع وتذل تحبباً لله رب العالمين.

هذا بماذا يبدأ؟ يبدأ بأن الإنسان ربنا سبحانه وتعالى يرزقه الهداية، ما معنى الهداية؟ يدرك أن له ربّاً ويدرك من عظمة الرب، ويدرك شيء من نعم ربنا عليه، أن الإنسان مغمور في فضل ربنا سبحانه وتعالى ونعمته، وأنه واجب عليه بأن يشكر نعم ربنا سبحانه وتعالى، يدرك أن له رسالة ووظيفة وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ۝مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ۝ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ هذا علام يحمله؟ على أن يزداد في قلبه محبة ربنا، وأن يسعى أن يرضي ربنا سبحانه وتعالى في الحركة وفي السكنة، سيكتشف أنه محتاج أن يتقرب ويتعبد لله، فهؤلاء الناس كانوا يتعبدوا، ما الفرق بين عبادة وعبادة، هذا هو السؤال، سيحتاج أن يتقرب ويتعبد لله شكراً لنعم الله عليه ورغبة في التقرب إلى ربه سبحانه وتعالى، سيكتشف أنه لديه في نفسه آفات وأخلاق لا ترضي الرب سبحانه وتعالى، محتاج أن يجاهد نفسه لكي يصلحها، نحن قلنا قبل ذلك كثيراً، ما مهمة الرسالة؟ مهمة الرسالة محددة وواضحة، لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ ينقيهم ويطهرهم ويغسلهم ويرقيهم، وبعد ذلك، بعدما يفعل ذلك، يعلمهم القرآن ما توجيهاته، ويعلمهم ” الحكمة ” ما تطبيقاته.

الأول يتلو الآيات ويزكي بالآيات، ولذلك الصحابة ورد في تعليمهم ماذا يقولوا، يقولوا ” كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعلمنا الإيمان ثم تعلّمنا القرآن، فلما قرأنا القرآن ازددنا به إيماناً ” هذا الأول، الأول هو يؤمن.

النبي صلى الله عليه وسلم يعلّمه الإيمان هذا أمر يُعلّم، يعلمه الإيمان، لما يعلمه الإيمان يستطيع أن يتعلم حكمة وأحكام القرآن لأنه سيستطيع أن يعظّمها ويضعها في محلّها.

فلما قرأوا القرآن ازدادوا إيماناً، لماذا؟ لأن القرآن يطلعهم أكثر على حكمة الله وعلى رحمة الله سبحانه وتعالى وعلى علم ربنا سبحانه وتعالى وقدرته في كل موطن من مواطن القرآن.

أنت تزداد كلما تقرأ، كلما تقرأ تزداد قرباً وتزداد تعظيماً وتزداد إدراكاً لعظمة الله تعالى، ولرحمة الله ولبر الله سبحانه وتعالى فتزداد له حباً وتزداد له عبادة.

الإنسان حينما يسعى ليصلح نفسه أو يجاهد نفسه أو يقيمها على الحق ماذا يحدث؟ يحدث أن من حوله، من حوله يلمسوا التغيير، ولما يلمسوا التغيُّر، هل يحبوا الصورة الجديدة أم يضيقوا بها.

الآن أنا ذهبت إلى المسجد، ذهبت إلى المسجد، بعدما ذهبت إلى المسجد ما الأخبار في البيت.

أنا لا أعرف المسجد ” أنا: أي من في المنزل ” أنا لا أعرف المسجد، لا أعرف م نالذي يجلس مع من، ولا من يقول لمن ماذا، لكنني أعرف الثمرة والنتيجة.

أنا في البيت وجدت أثر المسجد يوجد برّ ويوجد رحمة ويوجد رقّة ويوجد تهذيب وأخلاق تصلّح، وأشياء تتغيّر باتجاه حسن، فأنا سأحبّ هذا، وأنا لم أرى هو مع من جلس أو إلى أين ذهب، لكن الثمرة والنتاج الذي رأيته جلعني أحب هذا وأحب الدين وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ وزيّنه، أنا أحببت هذا

وأنا أيضاً لم أرى؛ فوجدت الشخص يزداد صعوبة ويزداد شدة، ويكلم أناس من المفترض أنه مغمور بفضلهم عليه بأسلوب به استعلائية وكبر، هو يفهم وهم لا يفهمون! هو متدين وهم طول عمرهم ضائعين ! هل سأحب المسجد؟ أنا لا أعرف هو أين يذهب، ولكني في النهاية لا أعرف إلا الثمرة والنتيجة، أحب أم لا أحب، ما سأقدمه هو الذي سيعطي النتيجة، أحب أم لا أحب، أنا أصحبت أفضل أم أسوأ، أقدم ماذا، ما الذي أقدمه، ما الذي أغرسه؟ ما الذي أغرسه؟

يَتْلُو عَلَيْهِمْ وَيُزَكِّيهِمْ ثم وَيُعَلِّمُهُمُ، وَيُزَكِّيهِمْ ثم وَيُعَلِّمُهُمُ، شيء يحدث

أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ربنا يقول ذلك، أن الإنسان قبلما يمنّ الله عليه بنعمة الإيمان هو ميت قلباً وروحاً ميت، جثة فقط، مثل أي شيء خلقه ربنا أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وبعد ذلك؟ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا نور الهداية ونور القرآن، هذا النور ماذا يفعل؟ يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ وهو يمشي الناس تتنعم بهذا النور، وترى فنحن في ظلمة كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ الناس، الناس، كل الناس لم يستثني مِنَ الظُّلُمَاتِ هذه كثيرة جداً، الظلمات كثيرة، طرق الضلال كثيرة ” خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً وقال هذا صراط الله مستقيماً ” هذا واحد ” وخط عن يمينه وعن شماله خطوطاً وقال هذه سبل ” هؤلاء كثير، كثير، ” وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، ثم تلا وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ وهو يمشي يستضيء الناس بهذا النور، كانت الدنيا متخبطة أصبحت تنير، كانت الدنيا مظلمة بدأوا يهتدوا، كلما يزداد هو تزكية وزكاة وإيمان نوره يتسع، وكلما يتسع نوره كلما يزيد الناس التي تتنعم بهذا النور من حوله، طبيعي بدون أن يفعل شيئاً، طبيعي هو ينير، بدون أن يفعل شيء فالناس تستضيء بالنور.

فماذا يزرع الإيمان بداخله، يزرع ” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ” هذا يزرعه بداخله تلقائي، هو لا يصلح أن يستأثر بالخير لنفسه، هو يحب الناس، يحب الناس ويحب لهم الخير، فعندما يحب لهم الخير ويحبهم سيكون حريصاً أن يأذ بأيديهم، هل الحب ينتج قسوة أو فظاظة؟ أبداً لا يمكن لا يمكن، الحب لا ينتج إلا الخير، لا ينتج إلا الرحمة، فهو سيكون حريص أن يأخذ بأيدي الناس.

فالنبي صلى الله عليه وسلم نفسه بماذا مثّل الناس، قال ” إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً ” هذه النار ماذا يفعلوا بها؟ يهدوا بها السبيل ويستدفئوا بها من البرد ” فجعل الذباب والجنادب ” الحشرات والفراش وما أشبه ” يتقحمن فيها ” يدخلوا في النار، فهم يدخلوا فيها لماذا، لن يستضيئوا بها، من يدخل بداخلها ماذا سيحدث له؟ سيحرق.

فالنبي صلى الله عليه وسلم ماذا يقول؟ ” فأنا آخذ بحجزكم عن النار وتأبون إلا التقحم فيها، هذا هو حاله وحال الناس، هم يرمون أنفسهم في النار وهو يحاول أن يبعدهم، يبعدهم، ولكنه كيف وصفها، لم يقل ” وأنا أدفع في نحوركم أو أدفع في صدوركم ” لا لا قال ” وأنا آخذ بحجزكم ” هذه كيف؟

 ” ” عرض تمثيلي لكيفية دفع النبي صلى الله عليه وسلم للناس بعيداً عن النار ” “

هذا التوصيف توصيف دقيق، هو لا يقف، هو لكي يسرع يفعل هكذا هكذا هكذا ” تأبون إلا التقحم فيها ” يفوتونه ويقذفون أنفسهم، فأت حينما ستقذف نفسك أين ستذهب !!.

انظر شكله كيف يفعل، هو يصف شكله، فكل شيء دقيق ليس هكذا، هو مطأطئ ويدفع هكذا لكي يلحقهم، ولا يلحقهم، هذا الشخص الذي يحب الناس ويخاف عليهم، يحب الناس ويخاف عليهم، سيأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، المعروف الشيء التي تعرفه الفطرة، الشيء الطبيعي الذي فُطر عليه الإنسان، والمنكر هو الشيء الذي يستنكره الإنسان بفطرته، كل شيء خيّر هو يدعو إليه، وكل شيء شر هو يبعد الناس عنه

كيف ستسير؟ لها مراتب، لها مراتب، ” من رأى منكم منكراً ” ماذا يفعل؟ ماذا يفعل؟ ” فليغيّره ” ” يغيره ” فماذا يفعل؟ ” التغيير ” إحلال وإبدال، يوجد وضع به منكر هو ماذا يريد أن يضع مكانه؟ معروف فهذا معنى التغيير، هو لم يقل ينكره، ” من رأى منكم منكراً فليغيّره ” يغيره أي ماذا يفعل؟ يريد أن يضع الخير مكان الشر، العرف محل النكر، ماذا سيستخدم؟ سيستخدم قوته، الحديث لدينا ” جنزير أو سيف أو… ” وتجري وراء الناس، إن لم تقدر فلسانك على قدر ما ربنا يقدرك.

ما معنى ” يغيّره ” أي يزيل شيئاً ويبني مكانه شيئاً، ماذا سيستخدم؟ سيستخدم كل إمكان ربنا آتاه إياه وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ مامعنى ” الأيدي ” وما معنى ” الأبصار “؟

الأيدي: القوة في التزام أمر الله، والأبصار: البصيرة في دين الله سبحانه وتعالى وهذا كمال الإنسان؛ أن يرزقه ربنا البصيرة ويرزقه الصبر والعزم.

أحيانا الإنسان يكون عارف الحق ومتبيّن له ولكنه ضعيف لا يستطيع أن يسير فيه، أو شخص لديه عزيمة لكن لديه تخبّط، ليس لديه بصيرة فيفسد ولا يصلح.

الحسن البصري يقول ” إذا أردت أن ترى بصيراً لا صبر له رأيت، وإذا أردت أن ترى صابراً لا بصيرة له رأيت، فإن رأيت بصيراً صابراً فذاك ” هذا هو، لديه رؤية ولديه عزيمة وهذه تمام نعمة ربنا على الإنسان أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ ۝ إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ تذكرهم الدائم ليوم القيامة هو الذي يحملهم على هذا.

إذاً الأيدي استخدام كل إمكان ربنا أعطاه له لكي يزرع معروف محل منكر، فإذا كانت إمكانياته ضعيفة، ليس لديه قوة ماذا يفعل؟ سيستخدم النصح اللساني، لأنه ليس لديه طاقة، ليس لديه طاقة لبناء، ليس لديه طاقة لفعل شيء، صبره ضعيف، لا يقدر، لا يستطيع، ماذا سيفعل؟ سيستخدم لسانه، سينصح ويدعو ويرشد ويوجّه ويحذّر وينبّه، فإن لم يملك.

فهل أحد ليس لديه قدرة على النصيحة؟ نحن قلنا قبل ذلك سيدنا أبو ذر سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله ” دلني على عمل يدخلني الجنة قال: تؤمن بالله ورسوله، قال: إن مع الإيمان عملاً، قال: ترضخ مما رزقك الله ” أنفق مما رزقك الله ” قال: أفرأيت إن كان فقيراً ليس عنده ما يرضخ به، قال: يأمر بمعروفٍ بلسانه، قال: أرأيت إن كان عييّاً لا يبلغ عنه لسانه ” عييّاً معناها أنه لا يملك فصاحة.

إذاً استخدام الكلام ليس مجرد أن ينطق بكلام، لا، أقول كلاماً أنا أعيه جيداً وأستطيع أن أوصل الرسالة، فإن لم يكن كذلك، ماذا يبقي؟ يبقى القلب، فهذا القلب ماذا يفعل به؟ القلب يفعل به أمران، الأمر الأول إخلاصاً يتوجه لله أن يقيم ربنا الخير ” إن الله ينصر ” هذا كلام صاحب الوحي صلى الله عليه وسلم ” إن الله ينصر هذه الأمة ” بمن؟ ” بضعيفها ” الناس الغلابة، لماذا؟ ماذا يفعلوا؟ ” بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم ” يصلوا يدعوا ربنا وهم مخلصون، ولأنهم غلابة وضعفاء ليس لديهم إلا ربنا، لا يركنوا على شيء، لا يركنوا على شيء، هم ليس لديهم إلا ربنا، ومن لا يملك إلا ربنا لابد أن يكون ربنا معه.

الأمر الثاني: أن هذا المنكر لا يخترق قلبي، فمع كثرة اعتياده يدخل بداخلي، فلابد أن أدفعه عني.

فالحرص على إقامة الخير ينشر الخير، الصحابة هكذا بنوا دينهم، متى يصل إلى آخر مراحله؟ عندما يصل الإنسان إلى مستوى من الإيمان يصبح فيه رضا ربنا سبحانه وتعالى والجنة أغلى عنده من كل شيء، لديه استعداد طيبةً نفسه أن يقدّم ماله بل نفسه التي أعطاها له ربه – أغلى شيء عنده – لكي يرضي ربنا سبحانه وتعالى، لذلك سميت هذه شهادة، الذي يقتل في هذا… لماذا سموها شهادة؟ لأنه بسلوكه هذا يشهد يشهد أن ما آمن به هو مصدقه فعلاً، عندما يدفع الثمن ونفسه راضية لأن ربنا لديه أغلى من نفسه هذه أعلى درجة من درجات الإيمان، بناء يُبنى.

الناس الآخرون الذي ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء كانوا خارج كل هذا، هم لم يعملوا على أنفسهم في شيء، هم أناس قرأوا القرآن وحفظوهن ثم اجتهدوا في صورة العبادة، فهل هذه العبادة مؤثرة في القلب؟ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا ” يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم ” هنا ” القلب ” لا يوجد شيء.

كم اجتهدوا مع أنفسهم لإصلاح أخلاقهم وصفاتهم؟ لم يفعلوا شيئاً، ولذلك هم لماذا بعد قليل استعلوا على الناس وقاتلوا الصحابة أنفسهم؟ لأنهم يروا أنفسهم أعلى، أعلى هذا ما معناه؟ هذا عجب وكبر، مبني على ماذا؟ مبني على صورة العبادة.

إذاً العبادة من الممكن أن تؤدي إلى الطغيان ملثما يؤدي المال إلى الطغيان، مثلما النفوذ إلى الطغيان، العبادة أيضاً هكذا، العبادة تؤدي إلى الطغيان.

هل هذه عبادة فعلاً، لأن ما معنى العبادة؟ العبادة معناها أن أتعبد وأُعبّد نفسي لله؛ أخضعها وأذللها، العبادة انكسار، ولذلك أقرب ما يكون العبد من ربه أين؟ لأنه تحت، فإذا كان في الصورة تحت وفي الحقيقة فوق، لا يكون شيئاً.

إذاً ما نريد أن نقول يوجد مجموعة من الجمل الأساسية.

الجملة الأولى: أن الإنسان لابد أن يتحسس مواضع أقدامه لئلا يكون ولو بنسبة شبه هؤلاء الناس.

ابن أبي مليكة يقول ” أدركت ثلاثين من الصحابة من أهل بدر ” ، أهل بدر هؤلاء النبي صلى الله عليه وسلم ماذا قال فيهم، قال ” وما يدريك – يقول لعمر – لعل الله اطّلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ماشئتم فقد غفرت لكم ” يقول ” كلهم يخاف النفاق على نفسه ” هؤلاء الناس الذي أدركهم، يقول الثلاثين الذي لحقتهم كلهم يخاف النفاق على نفسه.

قلق على نفسه، يخاف ألا يكون مخلصاً، يخاف أن يكون غير صادق، فهذا أول أمر؛ أن يكون الإنسان حريص أن يتحسس مواضع أقدامه، ويكون فعلاً فعلاً هو يرضي ربنا سبحانه وتعالى، فكيف يعرف هذا؟ كيف يعرف هذا؟ أن يلازم السيرة لكي يعرف منها النموذج، وأن يحاسب نفسه كل وقت، وينظر إلى نيته ما أحوالها، وأين تكون، هذا هو الأمر الأول

الأمر الثاني: أن أي صورة شوهاء للدين هي هدم وتدمير وقتل للدين نفسه، من يتحمل تبعاتها، من يتحمل مسئوليتها، من يستطيع أن يقف أمام ربنا سبحانه وتعالى وهو مدان بتهمة قتل الإيمان، قتل الإيمان في نفوس الناس، من يتحمل تبعاتها، فكيف يبني الدين؟ الدين يبنى: الإيمان، العبادة والتقرب من الله، تهذيب الأخلاق والسلوكيات والتزام آداب الإسلام فيصبح الشخص نموذج يعبر عن الدين في الحقيقة ويحمل نفسه على الدين فعلاً، لأن الكلام أسهل شيء، إذا بقيت أتكلم ولا أقيم الدين على نفسي، فهذا دين رخيص، فعلام يدخل الإنسان الجنة؟ أنه يستطيع الكلام !! أين المجاهدة؟ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا أين المجاهدة، النفس والهوى والشيطان، أنا طوال الوقت أحاربهم وانتظر مدد ربنا سبحانه وتعالى وأرجو أن يتوفاني ربنا وأنا في هذه المجاهدة، فلن يصل أحد في النهاية إلى صورة الكمال ولكنه يحاول التقرب، ربنا سبحانه وتعالى يتوافاه في أحسن مكان أو في أحسن نقطة؛ جهده وجهاده واستعانته بالله وتوكله عليه أوصله إليها، كلما يرتقي من هنا، من الداخل ليس من الخارج، كلما يرتقي من الداخل كلما يرزقه ربنا سبحانه وتعالى من الرضا ويرزقه من القبول، فيكون مثلما ذكر ربنا في سورة مريم وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ أي مكان يحل فيه يكون الخير، فالناس تتأثر بالخير، الناس لا تتأثر بالكلام، الكلام لا يقدّم ولا يؤخّر، الناس كلهم لديهم أن الدين شيء جميل لكنه مثالي، ليس واقعي، إن لم ترى أناس تحاول تعيش الدين بجد، وتطبق الدين على نفسها بجد سيبقى الدين أسطورة، سيظل أسطورة ليس واقعياً، وإذا قدمت نموذج نظري وقدّمت واقع يخالفه فأنا أدمّر الدنيا وأخرب كل شيء.

فالموضوع هكذا ” رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ” مثلما قلنا هو بناء هرمي، أساسه الإسلام والاستسلام والتسليم المطلق لله سبحانه وتعالى، ثم إقام الصلاة، فهذا هو العامود، إن لم توجد صلاة فليس هناك دين، ويظل الإنسان يتدرج إلى أن يصل إلى هذا إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا هذه الجنة وعد عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ هذا ليس هنا فقط فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ من حين ما أذن ربنا أن يوجد شيء اسمه أمة مع سيدنا موسى وقد أبرم هذا العقد مع الناس وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ هذا العقد لمن سيعطيه؟ لم يتركها هكذا التَّائِبُونَ هذه أولها، أول منزلة التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِوفي النهاية وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ التوبة، العبادة، الحمد، السياحة – أي الانقطاع لعبادة الله – الركوع، وقد ذكر العبادة،فلماذا الركوع والسجود مرة أخرى الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ حالة الترقب واليقظة الدائمة أنه لا ينتهك حد من الحدود، هو منتبه جداً مع نفسه وحذر مع نفسه، وفي النهاية وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ عندما يسير الإنسان هكذا، فهو هكذا يبني دين، يبني إيمان حقيقي وغير ذلك لا يكون دين، لو الإنسان لم يقيم الدين على نفسه فعلاً لا يكون دين، ولذلك الإنسان من المفترض أول ما يمنّ ربنا سبحانه وتعالى يمنّ عليه بالهداية كيف تعرف هل سيتقدم أم لن يتقدم؟ إذا اختفى فسيكون حسن، إن لم يختفي لن يكون حسن.

ما معنى اختفى؟ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا هو شعر بعظمة الدين وعظمة النعمة فأصبح مشغول، ويتفكر فيما سيفعله، وحاله مع ربنا سبحانه وتعالى، فهو غير منتبه لشيء آخر.

مثل أي تأسيس أي شخص لأي شيء، فالآن إذا أردت أن تؤسس بناية محترمة – برج خليفة مثلاً – لو جئت بعد أسبوعين وجدتك طالع بالدور الأول، فأنت لم تفعل شيئاً، لم تفعل شيئاً، فالذي يؤسس ينزل، ينزل تحت، الذي يؤسس يختفي، الذي يؤسس يختفي، الذي يؤسس يختفي فإذا لم أختفي فأنا لم أفعل شيئاً، لابد من ذلك، أنا أنزل تحت، وعلى مقدار نزولي لتحت على قدر قابليتي أن أصعد لأعلى، أنت لا تعمل ” كرفان ” بنيان، ” بني الإسلام ” بنيان الإسلام العظيم، هذا لا يُبنى بسهولة، تنزل إذا أدت أن تصعد، وعلى مقدار ما ستنزل فعلاً، على مقدار ما يعطيك ربنا حينما تصعد، وغير ذلك لا يصلح، غير ذلك لا يصلح، غير ذلك لن يكون ديناً ولن يصل الإنسان لشيء، وربنا سبحانه وتعالى لن يحقق به شيئاً، لن يحقق به شيئاً، فالإنسان الذي يريد أن يجعله ربنا سبحانه وتعالى مفتاح للخير مغلاق للشر لابد أن يسعى لبناء هذا، لابد أن يسعى لبناء هذا، غير ذلك لا يكون شيئاً، لا يكون شيئاً

خلاصة الموضوع: لابد أن تختفي إذا أحببت أن تفعل شيئاً، لذلك سفيان الثوري ماذا يقول ” كانوا إذا علموا عملوا، فإذا عملوا شغلوا – طبيعي – فإذا شغلوا فقدوا – الناس لا يجدونهم، كانوا معنا ولا نجدهم – فإذا فقدوا طلبوا – الناس تبحث عنهم – فإذا طلبوا هربوا ” لماذا يهربون؟ لأن الناس الذين يجرون وراءهم ليسوا من سيعينون، ولكنهم سيشغلوهم، أنت تجري على الناس الذين سيعينونك، وتبعد عن الناس التي ستشغلك.

آخر كلمة وَاصْبِرْ نَفْسَكَ هذا أمر للرسول صلى الله عليه وسلم ليس لنا، إذا كان هو محتاج لأحد يقول له وَاصْبِرْ نَفْسَكَ فماذا نفعل نحن، وَاصْبِرْ نَفْسَكَ أي الزمها، فالموضوع ثقيل وليس خفيفاً، وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا هنا يوجد شخص، وهنا يوجد شخص، يقول له اصبر نفسك مع هؤلاء وحذاري أن تسمع كلام هذا.

من هؤلاء ومن هذا؟ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وبعد ذلك وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا لابد أن يهرب، لابد أن يهرب ” إذا علموا عملوا، فإذا عملوا شغلوا فإذا شغلوا فقدوا فإذا فقدوا طلبوا فإذا طلبوا هربوا “

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك

اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك

اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك

اللهم يا وليّ الإسلام وأهله مسّكنا الإسلام حتى نلقاك عليه

اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا

اللهم برحمتك الواسعة عمّنا، اللهم برحمتك الواسعة عمّنا.

اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم ولا تعذّبنا فأنت علينا قادر والطف بنا يا مولانا فيما جرت به المقادير واختم لنا بخاتمة السعادة أجمعين