Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

للكون إله

بسم الله الرحمن الرحيم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

إستمعنا فى القراءة إلى قول الله تبارك وتعالى وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ

واستمعنا أيضا إلى قول الله تبارك وتعالى قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ.

الله سبحانه وتعالى قال فى الآية الأولى أنه نزّل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب، هذا الذى نسمعه ونتلوه صباح مساء، أنزله سبحانه وتعالى تبيانا لكل شىء. تبيان أى إيضاح وتجلية لكل شىء. الله سبحانه وتعالى المتكلم بهذا الكتاب بيّن أنه أنزله تبياناً لكل شىء ولم يستثن منه شىء. أى شىء الإنسان يحتاجه فى هذه الحياة الله سبحانه وتعالى تكفل بإيضاحه وتبيانه فى الكتاب.

ليس على العبد من شىء بعد ذلك إلا أن يطالع ويتصفح هذا الكتاب الذى أنزله الله تبارك وتعالى. تبيانا لكل شىء. وبعد التبيان هدى ورحمة وبشرى – ولكن لمن؟ – للمسلمين الذين أسلموا وجوههم لله تبارك وتعالى. ثم قال فى الآية الثانية قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ، وقلنا قبل ذلك الفرق بين نزّل وأنزل، أن ” نزّل ” على التتابع منجّم مفرق على حسب الوقائع والأحداث والأحوال شيئا فشيئا..كلما إحتاج الناس إلى شىء نزلت آيات تبيانا له.قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ وهو جبريل عليه السلام أعظم ملائكة الله تبارك وتعالى مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ. ونزّله أى أن الله سبحانه وتعالى أهداه إلينا ونحن فى بيوتنا، نحن لم نصعد إلى السماء لكى نطلب هذا الكتاب، ولم نسافر يمنة ويسرة لكى نجمع صحائف هذا القرآن. بل جمع لنا وأنزل إلينا فى مساجدنا وفى بيوتنا وليس علينا وراء ذلك أو يطلب منا بعد هذا التنزيل والهدى لهذه الآيات فقط إلا أن نطالع كتاب الله عز وجل بقلوب مفتوحة. بقلوب تستلهم الهداية والبركة.

الله سبحانه وتعالى قال الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا. ماذا يحتاج عباد الله المسلمون بعد هذه الآية بل جزء الآية العظيم؟ فالله سبحانه وتعالى هو الذى أكمل لنا الدين الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ .. وجعل هذا منّة ونعمة عظيمة وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وجعل هذا شيئا مرضيّا يرضى عنه الله سبحانه وتعالى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا.

هذا الدين سمّاه الله عز وجل نعمة ومنّة من الله يتميز بخاصتين عظيمتين.

الأولى: أنه فطرى أى مغروس فى أعماق الإنسان فكل مولود يولد على الفطرة كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مولود على الفطرة وعلى التوجه لله سبحانه وتعالى وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ۝ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ .. فهو فى عمق فطرة الإنسان.

الثانية: وهى منّة عظيمة أن هذا الدين بسيط سهل يستطيع أى إنسان مهما كان مستواه الثقافى أو التعليمى أن يستوعبه .. فالدين كله يقوم على فكرة واحدة وهى توحيد الله عز وجل .. أن لهذا الكون إله سبحانه وتعالى هو الذى خلق .. هو الذى يملك .. هو الذى يدبر .. هو الذى يشرّع وله سبحانه وتعالى المآب والمرجع والمصير. من آوى إلى الله .. من إعتمد على الله .. من إحتمى بحمى الله فله السعادة وله النجاة فى الإولى والآخرة. ومن أعرض عن أمر الله سبحانه وتعالى .. من حارب الله ورسوله فله المعيشة الضنك وهو فى الأذلين كما أخبر الله سبحانه وتعالى.

هذا هو الدين … كلمة بسيطة جدا .. أن الكون كله له إله واحد تبارك وتعالى. هذا المعنى سوف نتلمسه فى ثلاث آيات فى سورة الأنعام فى أولها ووسطها وآخرها ..

ورابعة فى سورة الأعراف. فى أول الأنعام قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ

هذه أول كلمة: الولى، والولى هو الذى يتولى أمرنا بالمتابعة.

فالله سبحانه وتعالى هو ولينا الذى يتولى جميع أمورنا .. الذى نتوكل عليه ونكل إليه كل أمورنا.

ونلاحظ إن هذه العبارة التى جاءت فى سورة الأنعام جاءت بصورة إستفهامية تعبرعن التعجب والإستنكار قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

نأتى إلى منتصف السورة أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ۝ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.

قلنا أن الأولى الولى الذى يتولى أمرنا.

الثانية: الحكم .. الذى يحكم شرعاً ويحكم قدراً. قدراً بمعنى أن كل المقادير التى تجرى إنما تجرى بتقدير الله سبحانه وتعالى وبمشيئته وبإذنه. وأما شرعاً فهو سبحانه وتعالى الذى يضع الأحكام التى تحقق للعباد السعادة فى المعاش والمعاد. أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ۝ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فيه بيان تفصيلى لكل ما يحتاجه الناس. وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ أهل العلم يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ۝ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا الصدق فى الأخبار … كل ما أخبر الله سبحانه وتعالى فهو صدق، وكل ما قضى وحكم به الله سبحانه وتعالى فهو عدل وهو الذى يحقق العدالة الحقيقية.

وفى آخر السورة قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ هو سبحانه وتعالى الرب المسئول المدعو، الملجأ، المفزع، الملاذ سبحانه وتعالى الذى يدبر الأمر، هو المصلح وهو المربّى وهو المدبر لكل هذا الكون بكل ما فيه.

ثم تأتى الكلمة الرابعة على لسان موسى عليه السلام فى سورة الأعراف وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ۝ إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ۝ قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ

هل شكر الله سبحانه وتعالى على نعمه أن نجاهم وأزاح عنهم هذا الغم الذى كانوا يعانونه ويسر لهم طريقهم لكى يغيروا أحوالهم ولكى يقتربوا من الله سبحانه وتعالى ويصلحوا أحوالهم الشخصية والفردية والأسرية والإجتماعية .. هل يكون شكر الله على هذه النعم أن نبحث لنا عن آلهة غير الله سبحانه وتعالى؟

قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ هذه الكلمات البسيطة حسمت أمر أن هذا الكون له إله سبحانه وتعالى وهوالولى وهو الإله وهو الحكم وهو الرب سبحانه وتعالى.

هذه الكلمات معلومة للجميع لكن ما نحتاج اليه نحن حقيقة هو تحقيق حقيقة الإيمان باليقين .. إن تتحول هذه الكلمات إلى يقين فى القلب وأحاسيس. نحن جميعا نعرف هذه المعانى.

أما الإيمان فهو إن يتحول هذا الإيمان إلى مشاعر وأحاسيس فى قلب الإنسان مؤثرة هى التى تغير وتحرك. قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ۝ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. هذا هو ما نبحث عنه حقيقة الإيمان واليقين. تحويل المعرفة أو المعلومات التى نعرفها إلى حقائق إيمانية. وهذا يتحقق بمنتهى البساطة إذا نحن فتحنا قلوبنا فى كتاب الله عز وجل وأحسنا تدبره وتأمله فهو الذى يعطى كل هذه النعم الربانية والحقائق الإيمانية. قال الله تبارك وتعالى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ.

أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم.