إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد:
نتحدث اليوم عن الملك؛ قال الله تبارك وتعالى مبيناً أن طلب الملك وطلب الخلود شيء عميق في نفس الإنسان وأنه كان هو الثغرة التي يدلف ويدخل منها الشيطان إلى قلب العبد قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى كم تلبث أو انتظر أو استحمل هذه الجملة أن يصبر عليها؟ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى فَأَكَلَا مِنْهَا إذاً رغبة الإنسان في الخلود وكراهيته للموت وللفناء، رغبة الإنسان في الملك رغبة عميقة في نفس الإنسان استثمرها الشيطان لكي يقود الإنسان إلى معصية الله تبارك وتعالى، ولذلك نجد أن الإنسان يحرص حتى بعد أن يغادر هذه الحياة على أن يبقى اسمه وذكره عبر النسل الذي يحمل اسمه، عبر أشياء يعملها يذكره الناس بها، ولذلك جاء في كتاب الله وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ أن يظل الناس تقتدي وتذكر بالخير.
هذه الرغبة هل جاءت لها تلبية؟ أم لا، ربنا سبحانه وتعالى يقول وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا الإنسان بطبيعته معتاد على المبالغة؛ أي شيء يعجب به يفخمه جداً، وأي شيء يتضايق منه يحقره جداً ويصغره جداً، لكن هذا هو الإنسان، أما هنا من يصف الملك؟ ربنا سبحانه وتعالى، فالموازين عند ربنا سبحانه وتعالى موازين لا تحتمل لا التفخيم ولا التحقير، الكبير العظيم سبحانه وتعالى يصف الملك الذي يهبه لأهل الجنة بأنه ملك كبير، وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ إذا تسنى لك أن تنظر هناك رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا
هذا الملك العظيم في الجنة ما تكلفته؟ وفي نفس الوقت؛ هذا الملك ملك ليس به عراك، أعظم شيء في ملك الجنة أنه لا يحتاج إلى عراك، لن يكون به تنافس – بمعنى التنافس الذي نعرفه – ربنا سبحانه وتعالى يقول إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ تكلمنا عن هذه الآيات أكثر من مرة وقلنا أن من أعظم المعاني في هذه الآيات؛ أين جاءت هذه الجملة؛ أين جاءت؟ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيم ثم ماذا؟ ثم ذكر شراب أهل الجنة، يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ هكذا الآية؛ فهذا وصف شراب أهل الجنة يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ وفي المنتصف، في المنتصف، فهو لم يستتم سبحانه وتعالى وصف شراب أهل الجنة ثم عقّب، في المنتصف؛ فلماذا في المنتصف؟ لماذا هنا، لماذا هنا، إذاً وأنا مسترسل في ذكر هذه الأوصاف، في التفكر فيها، في إدراك عظمة النعمة التي يمنّ الله بها على المؤمنين، في ظل وصف الشراب نفسه شيء يجذبك بقوة لكي تهزك لكي تنبهك، ثم تكمل، فلماذا هنا؟ لئلا تنسى الجملة، كي تظل معلقة في ذهني، ولا تذهب مني؛ هذا هذا هو الذي يستحق التنافس.
يوجد أناس عموماً ليس لديها هذا، يوجد أناس كثيرة ليس لها طموح أصلاً، لا يتنافس في أي شيء، فهذا الموضوع أصلاً لا يعنيه، لكن الناس الذي لديهم هذا، الناس التي تطمح لأشياء، التي تريد أن تحقق تقدم، التي تريد أن تبني مستقبل، كيف تفكر؟ ربنا سبحانه وتعالى يوجههم فيم يتنافسوا، لماذا؟ أول شيء لأن هذا هو الذي يستحق، هذا هو الذي له قيمة حقيقةً وغير ذلك ليس به أضرار التنافس الذي يجدها أهل الدنيا وهم يتعاركون على الدنيا، المساحة ضيّقة وبالتالي التجاوز والخروج عن القانون سيكون كثير، اللعب الغير شريف سيكون كثير، فأنت تريد أن تكب وفقط، ستكسب وقوانين اللعب لن تتيح لك أن تحقق ما تريد، فستضطر أن تتجاوز، ستحرص على أن تتجاوز.
فربنا سبحانه وتعالى يقول أن الملك الكبير العظيم الحقيقي هناك، ماذا يحتاج، لكي تحصل هذا أو تحصل عليه ماذا تحتاج؟ محتاج أن ترجع قليلاً في الصورة، فلن تذهب بعيداً، نحن تكلمنا عليها منذ كذا جمعة، سورة الإنسان، أنت غير محتاج لأن تذهب بعيد، محتاج أن ترجع لأول السورة لكي تعرف كل هذا مترتب على ماذا إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا وفُونَ بِالنَّذْرِ عهودهم مع ربنا سبحانه وتعالى وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا يحسبون حساباً ليوم القيامة لأنهم يرونه أمامهم ويتفكروا فيه دائماً، وبالتالي وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ربما مع الاحتياج ليس مع الاستغناء مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا
المغيرة بن شعبة رضي الله عنه يحكي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسأل؛ النبي صلى الله عليه وسلم يقول أن سيدنا موسى عليه السلام يسأل ربنا سبحانه وتعالى قال ” يا رب ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ ” أقل شخص، أقل شخص مستوى، فأجابه ربه تبارك وتعالى قال ” رجلٌ يجيء بعدما نزل أهل الجنة منازلهم وأخذوا أخذاتهم فيقال له ادخل الجنة، فيقول: أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم ” كل شيء قسّم فأين أذهب؟ ” فيقول الله تبارك وتعالى له: أما ترضى أن يكون لك مثل مُلك ملك من ملوك الدنيا ” ملوك الدنيا ليس أي شخص لبس التاج، لا ملوك الدنيا أي من اتسع ملكهم حتى كأنه ملك الدنيا بأسرها.
” أما ترضى أن يكون لك مثل مُلك ملك من ملوك الدنيا، قال: رضيت رب، قال: لك ذلك، ومثله ومثله ومثله ومثله، فقال في الخامسة: رضيت رب، ” خمس أضعاف ” قال: ذلك لك، وعشرة أمثاله ” نحن لدينا الآن مُلك ملك من ملوك الدنيا ولا أحسن من هذا، وخمس أمثال، لا أحسن من ذلك، وعشرة في الخمسة أي خمسين، فأين سنذهب، فهو وصل في المضاعفة لخمسين ضعف، هل هذا فقط؟ لا، قال ” ولك ما اشتهت نفسك ” أشياء أنت تخيلتها أو تتمناها لم تكن موجودة في الأرض التي نعيش بها، ” ولذت عينك ” أشياء أنت رأيتها في نعيم أناس أخرى تمنيت أن يكون لك مثلها، لم تكن موجودة في الدنيا أيضاً، فالدنيا هذه محدودة.
فسيدنا موسى ” قال: أي رب، وأعلاهم منزلة ” إذا كان هذا الذي نتكلم عن أدنى أدنى مستوى، لكي حينما يُقال وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ تكون مُدركة ومستوعبة، فقال ربنا له ” أولئك الذين أردت ” الصفوة ” غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها، فلم تر عين ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر، فعقّب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً ومصداق ذلك في كتاب الله فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ويحكي ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إني لأعلم آخر أهل النار خروجاً منها، وآخر أهل الجنة دخولاً؛ رجلٌ يخرج من النار حبواً فيقال له اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيّل إليه أنها ملآى ” لا يوجد مكان، ” فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملآى فيقول الله تبارك وتعالى له اذهب اذهب اذهب فادخل الجنة، فيأتيها فيخيّل إليه أنها ملآى فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملآى، فيقول الله تبارك وتعالى له اذهب فادخل الجنة، ولك الدنيا ومثلها معها، فيقول: يا رب أتسخر بي ” لأن من أين ستأتي هذه المساحة؟ ” قال يا رب أتسخر بي وأنت الملك “
ويحكي ابن مسعود أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولاً رجلٌ يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار مرة، حتى إذا ما جاوزها ” ربنا منّ عليه فعبر من على النار ” التفت إليها فقال: تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين ولا من الآخرين ” بمجرد أن ربنا سبحانه وتعالى منّ عليه فنجا من النار يشعر أن ربنا سبحانه وتعالى لهول ما رأى أنعم عليه بنعمة لم يعطيها لأحد، ثم يقول صلى الله عليه وسلم فترفع له شجرة، تظهر على مرمى بصره شجرة فيقول يا رب أدنني من هذه الشجرة ” قرّبني منها ” أستظل بظلها وأشرب من مائها ” فربنا سبحانه وتعالى يقول له ” فهل عسى إن أعطيتك إياها أن تسألني غيرها؟ ” ستطلب شيئاً آخر؟ ” فيقول: لا ويعطي ربه ما شاء من العهود والمواثيق ” يحلف مائة يمين أن هذه آخر شيء ولا يريد شيئاً آخر، لا أحلى من هذا في الدنيا
فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول ” وربه – وربه – يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه ” طبيعة الإنسان، هو رأى شيء فقلبه تعلق به، وفي حديث أبي هريرة في ذكر نفس الوصف ” فيسكت ما شاء الله له أن يسكت ” أي هو شعر بنعمة ربنا عليه أنه أنجاه من النار، وهذه لم يعطيها لأحد، ثم يرى الشجرة فيقف قليلاً فهو محرج، ثم لا يقدر وسيقول، فربنا سبحانه وتعالى ” يدنيه من الشجرة، فيستظل بظلها ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى ” فماذا سيفعل؟ سيسكت قليلاً، وبعد ذلك ” أي رب أدنني من هذه الشجرة ” طالما أنا رأيتها وأعجبت بها، أحسن مما معي ماذا سيحدث؟ لابد أن أتعلق بها، ولما أتعلق بها سأسعى لها.
لذلك ربنا سبحانه وتعالى هنا أمرنا أن نكفكف هاتين – العينين – لأنهم يحدثوا مشاكل، لماذا يحدثوا مشاكل، لأنهم أحياناً كثيرة يفسدوا الرضا، ويفسدوا القبول، نحن قلنا قبل ذلك ربنا سبحانه وتعالى لما ذكر النساء قال قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ لكن الدنيا ليست مرة وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى
لماذا هنا أكثر، مع أن من المفترض أن أصعب شيء على الرجال كما أخبر صلى الله عليه وسلم أمر النساء ” ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء ” ولكن لماذا الضغط على الدنيا.
لأن الموضوع الأول هذا – النساء – أنا أعرف أنني أفعل شيء خطأ، وأنا أعرف أنني الآن أطلق البصر إلى ما حرّم الله وأنا الآن آثم يجب عليّ الاستغفار، فأنا فعلت شيء خطأ.
لكن الثانية؟؟ لا أحد ينظر إلى أي سيارة أو أي قصر يشعر أنه فعل شيئاً خاطئ، بالعكس عادي، عادي، الموضوع عادي، ولكن لماذا هذا أخطر؟ لماذا؟
المعلم العظيم صلى الله عليه وسلم ماذا يقول؟ يقول أن هذه رقبتك ويوجد فقرات برقبتك تفعل هكذا – تنظر إلى أعلى – وتفعل هكذا – تنظر إلى أسفل – ، فهو يقول أنني في الدنيا كيف أحرك رقبتي؟ أحرك رقبتي هكذا – لمن هو أسفل، وفي الدين؟ أحرك رقبتي هكذا – لمن هو أعلى –
فالرقبة مخلوقة لتنظر لأعلى وأسفل، تنظر لأعلى وتنظر لأسفل، فلماذا أنظر هكذا – لأسفل – في الدنيا؟ ” ذلك أجدر ألا تحقروا نعمة الله عليكم، فإن لم أسمع الكلام؟ لا يوجد اثنين فوق واثنين تحت، لا يوجد اثنين فوق واثنين تحت، لا يصلح أن أنظر لمن هو أفضل مني دينيّاً ودنيويّاً، لا لن تأتي هكذا، الصواب أن تنظر لواحدة فوق والثانية عكسها، فأيهما سأختار أن أنظر إليه فوق، إذا نظرت في الدنيا فوق سأنظر دينيّاً تحت، وسأقول أنا أفضل من غيري كثيراً، ” يا عم أنا أصلي، أيصلي أحد هذه الأيام؟ – نعم الحمد لله فأنت تصلي لنفسك، هذا الفضل أنت لا تمنّ على أحد أنك تصلي.
فهي هكذا، أنا أرى نفسي هنا قليل سأنظر إلى نفسي أنني حسن هنا، فهذه هي المسألة
فالنظر لابد أن نهتم به لكي نحافظ على الحمد وعلى الشكر وعلى الرضا، ولذلك قارون كان يفهم هذا جيداً فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ هو يفهم هذا جيداً، يعرف ماذا سيفعل هذا، قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
الشجرة الثانية؛؛ هو سكت قليلاً، ثم ” أريد أن أذهب إلى هذه الشجرة ” ” يا رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها لا أسألك غيرها ” المرة الأولى لم يقل شيئاً، لأن المرة الأولى لم يكن هناك عهد، فهو يعرف أنه عهد عهداً وهو الآن ينقضه ” والله العظيم آخر مرة ” والله آخر مرة ” لا أسألك غيرها، قال: يا ابن آدم ألم تكن عاهدتني ألا تسأل غيرها، ثم يعقّب صلى الله عليه وسلم فيقول للمرة الثانية: وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه ” كم هي رحمة ربنا بالإنسان، ثم في النهاية من الذي ينقله، من الذي ينقله من كرامة لكرامة، هو ربنا سبحانه وتعالى، ترفع له الشجرة ويراها….
ثم تأمل الحوار لكي تعرف أكثر ربنا سبحانه وتعالى، وتعرف أكثر طبيعة علاقة الرب بالعبد، فربنا سبحانه وتعالى يدنيه من الشجرة الثانية، يستظل بظل الشجرة ويشرب من مائها، ” ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين ” فهو ماذا سيفعل؟ سيسكت قليلاً ثم ” أي رب أدنني من هذه الشجرة لا أسألك غيرها، قال: يا ابن آدم ألم تكن عاهدتني ألا تسأل غيرها، فيقول: بلى يا رب لا أسألك غيرها ” هذه فقط، ” هذه – هذه – ولا أسألك غيرها، وربه يعذره لأنه يرى ما لا صبر له عليه ” لذلك قلنا ضبط الرؤية أصلاً، فأنت إذا رأيت وتعلق قلبك سيصعب أن تنزع نفسك، هذه من أعظم الحكم التي جاء بها التوجيه الإلهي لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ أن الأمر كلما كان في البداية كلما كان دفعها أسهل، وكل ما أنا دخلت فيها أكثر..، لماذا لا نستطيع أن نقاوم العادات؟ لأنها تحولت إلى عادات، هذه العادة لا تعتاد من مرة اتنين وثلاثة، لا، الشيء حينما أكرره كثيراً نفسي تألفه وترتبط به ليس بسهولة أنزع منه، فمن الذي كوّن العادة؟ هو أنا، أنا الذي كوّنتها عبر ملازمة لشيء معيّن لفترة.
فربنا سبحانه وتعالى يدنيه من هذه الشجرة فيسمع أصوات أهل الجنة، فيقول: ” يا رب أدخلنيها، فيقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم ما يصليني منك؟ ” أي ما الذي يقطع إلحاح الإنسان؟ ” أما ترضى أن يكون لك الدنيا ومثلها معها، فيقول: يا رب أستهزئ بي وأنت رب العالمين، فيقول الله تبارك وتعالى: وهو يضحك؛ لا أستهزئ بك ولكني على ما أشاء قادر ” ربنا سبحانه وتعالى على كل شيء قدير.
ما الذي يصفه النبي صلى الله عليه وسلم هذا؟ هذا وضع الإنسان الذي هو إذا قلنا أنه في سلم أهل الجنة فهذه هي أدنى درجة، أدنى درجة هذه حينما نقارنها بالدنيا، فهذا شيء أينفع أن يعرضه للزوال، أيصلح أن يضحي به الإنسان، أيصلح أن يؤثر عليه الإنسان غيره؟ نعم أم لا
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
الملك الثاني: ربنا سبحانه وتعالى وصف لنا نفسه بأوصاف ما المقصود من الأوصاف؟ أن يتعرف الإنسان على الله وبالتالي يرتبط بربنا سبحانه وتعالى وبالتالي تستقيم نفسه وبالتالي يتّسق سلوكه وبالتالي يحظى برضوان الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ” إن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة ” هذه الأسماء عبارة عن ماذا؟ الأسماء أعلام تتضمن أوصافاً، نحن لدينا شيء يسمى أفعال إلهية، وشيء اسمه صفات إلهية وشيء اسمه أسماء إلهية
أفعال مثلما قلنا الجمعة الماضية وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ هذا فعل؛ يغيث الملهوف، يكشف الكربة، هذه أفعال، هذه الأفعال حينما تكون عميقة وغاية في الرسوخ تكون أوصاف، فنحن كلنا نفعل أشياء تنسب إلينا، لكن حينما نصف شخص بصفة تكون صفة راسخة فيه، أي شخص ربما يحسن ويعطي أحياناً فهو يجود ويحسن وهذا فعل، حينما تصفه بأن هذا الشخص متصف بالكرم والجود تكون صفة عميقة فيه؛ أساسية.
حينما تلقبه بها أو تناديه بها، فتكون أصبحت علم عليه، فهذه صفة مميزة جداً
يعني إذا قلت أنني ” جلدة ولكاك واهطل ” ثلاث أوصاف، حينما تأتي لتسميني باسم، أيهم تختاره؟ الشيء المميز جداً التي حينما تذكر أعرف أنني أتيت أو لم آتي، فحينما تدخل تقول ” الاهطل جاء ” فالناس لن تسأل من، لأنهم يعرفون.
هذا بناء على ماذا؟ بناء على الصفة الغاية في الرقي، فربنا سبحانه وتعالى يذكر أفعال، يذكر أوصاف ومن الأوصاف تشتق أسماء أعظم الصفات.
فحينما يكون هناك صفة وربنا سبحانه وتعالى يعرف نفسه بها بعديد من الأسماء، فهو ينبهك على شيء إضافي، على عظمة عظمة هذه الصفة، فحينما يقول ربنا سبحانه وتعالى الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فالاثنان رحمة، تكلمنا على هذا قبل ذلك.
حينما يكون الصفة يعبر عنها بأكثر من اسم فلماذا؟ اتساع وعظمة وتنوع وعمق هذه الرحمة، فلما ربنا سبحانه وتعالى يقول فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ويقول مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ويقول فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ماذا تفهم؟ الملك والمالك والمليك، وكل شيء وله دلالة، لكن الجامع المشترك عظمة الملك الإلهي، أن ربنا سبحانه وتعالى هو المالك لكل شيء والملك المتصرف في كل شيء، كل شيء بيد الله وكل شيء خزائنه لله، وأنت حينما تسأل أو تطلب، تطلب من الملك الذي ملكه ليس له حدود، وفي نفس الوقت بره وعطاؤه وإحسانه ليس له حدود، وبالتالي إذا أردت أن يعطيك أيضاً عطاؤه سيكون ليس له حدود، فأنت تسأل على مقدار ظنّك وعلى مقدار معرفتك، وعلى مقدار ثقتك.
هذا الملك بيد ربنا سبحانه وتعالى ويقسم منه أرزاق مثلما يقسم كل شيء، فربنا حينما يقول سبحانه وتعالى قُلِ اللهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ هذا الملك ملك ربنا، ويقسم منه ابتلاءً واختباراً أرزاق مثل كل شيء يقسّم، مثل كل شيء يقسّم.
تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ هذه المشيئة هل يوجد شيء يوقفها أو يحدها وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ هذه المشيئة هل يوجد شيء يوقفها أو يحدها؟ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ هذه المشيئة هل يوجد شيء يوقفها أو يحدها وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ هذه المشيئة هل يوجد شيء يوقفها أو يحدها، وكل هذه الأشياء التي ذكرت في إطار المشيئة الإلهية العظيمة المطلقة قيّدت بشيء واحد فقط ” الخير ” الخير بِيَدِكَ الْخَيْرُ كل هذه الأشياء التي هي عكس بعضها، فالإيتاء والنزع عكس بعض، والإعزاز والإذلال عكس بعض، لكن ما الذي يجمع الاثنين؟ أنهما مراد منهم الخير لأنهم مصدرهم من ربنا سبحانه وتعالى الذي لا يقضي ولا يقدر إلا الخير ” الخير كله بيديك والشر ليس إليك ” لكنه امتحان واختبار من من؟ من مالك الملك سبحانه وتعالى.
لهذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حينما يقول أن أخنع اسم عند الله شخص يسمي نفسه ملك الملوك، لماذا؟ هذا أحقر وأذل، لماذا؟ لأنه يريد أن ينازع ربنا سبحانه وتعالى مكانه، لا ربنا هو ملك كل شيء وبالتالي ملك كل ملك وهو سبحانه وتعالى الذي يرزق وينزع حكمة واختباراً وابتلاءً ولا يوجد أحد.
والآن أنا ملك وملك هذه ليست قليلة، فلماذا يريد هذا؟ الكبر الذي في النفس كبير جداً فاسم الملك لا يكفيه ويريد أن يعلو فوق هذا
هذا العام، أما الخاص: وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ ما الفرق بين ” ملك الملك ” و ” يؤتي ملكه “
هذا في العام؛ أي ملك، أما هذا، في الملك الذي في دائرة الرضا، في دائرة القبول، في دائرة الالتزام، في دائرة الامتثال بأوامر ربنا سبحانه وتعالى.
ربنا سبحانه وتعالى سيعطيه لمن؟ سيعطيه لمن يشاء، ولكن ” من يشاء ” هنا غير ” من يشاء ” الأولى، ” من يشاء ” الأولى هذه قدرة مطلقة على وفق الحكمة، لكن هنا على وفق الكتاب، ولذلك هو هنا قال صفات محددة، قال إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ ربنا اختاره لمواصفات معينة موجودة فيه لكي يؤدي رسالة معينة من المفترض أن يؤديها في لحظة زمنية معينة، ربنا سبحانه وتعالى أرادها لأمة معينة متهيئة لهذا في لحظة زمنية معينة، كل هذا بحياطة من؟ بحياطة النبي، وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا
إذاً الملك كله لربنا سبحانه وتعالى، تطلب الملك أو السعي له في الآخرة، أما في الدنيا.
تطلب الملك بالدين؟؟ لماذا كان الأمويون أفضل من العباسيين؟ لأن الأمويين لم يطلبوا الملك بالدين، أما العباسيين طلبوا الملك بالدين، فهؤلاء أفضل من هؤلاء، هؤلاء أفضل من هؤلاء، لأن هؤلاء طلبوا الملك من طريقه، أما الآخرين، هؤلاء نجحوا هؤلاء نجحوا ولكن هؤلاء أفضل من هؤلاء.
هذا الملك في النهاية ما مآله؟؟ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يطوي الله تبارك وتعالى يوم القيامة السماوات بيمينه ويطوي الأرض بيده الأخرى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون، أين المتكبرون؟ ” هل سيجيب أحد، هل سيرد أحد؟
رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لا يجيب أحد لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
الخلاصة: الأمر كله لله؛ الملك لله، وبيد الله، ربنا سبحانه وتعالى هو مالك كل شيء، وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ كل شيء بيد ربنا سبحانه وتعالى، وهو يقدّر ويبتلي بعلمه وبحكمته وبرحمته.
والذي يطلب الملك الذي هو الملك، الذي منّ عليه ربنا بأن يعقل أو يفهم يدرك الذي قاله ربنا نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا
كيف ستسعى إليه؟ ماذا ستفعل لكي تصل إليه؟ ولا يصلح أن أجازف به أو أضيعه، وهو أسهل شيء، هو أسهل شيء، أسهل بكثير، فالذي نجهده في سبيل تحصيل الدنيا، كم النسبة منها تكفينا لكي ندخل الجنة العشر، واحد على عشرين، واحد على ثلاثين، إعادة توظيف فقط، لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًاإلى متى؟ فَمُلَاقِيهِ الفكرة هي إعادة ترتيب النسب وإعادة ترتيب الأولويات وإعادة النظر في الأمور على وفق هداية ربنا سبحانه وتعالى ونوره الذي يؤتيه، ماذا يستحق ماذا؟ نحن إذا أخذنا جزء من هذا الكد وهذا الكدح وهذا الكبد وأعطيناه في محله المستحق، كل شيء يضبط، ليس كل؛ جزء، والذي نتوجه إليه يكفل لنا أن يضمن لنا الذي هناك وما هنا، وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ ليس كفيل وينشر أناس مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ربنا سبحانه وتعالى أمرنا أن نسعى أن نرضيه وتكفل لنا بكل شيء هنا وهناك، ولذلك نحن قلنا من سيكسب هناك سيكسب هنا، ومن يخسر يخسر الاثنين.
آخر نقطة لمجرد التذكير، نحن لدينا أن الدنيا تكون متقشفة لتكون الآخرة حسنة، ربنا سبحانه وتعالى أعظم ملك ذكره في القرآن ملك من؟ ملك شخص من المؤمنين أم ملك شخص من الكفار، أعظم ملك كان ملك من؟ وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ، رقم 2 كان من؟ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ليس كما نظن، حتى في الدنيا إذا قسنا تاريخ الدنيا كله، أعظم شخص حكم وملك سليمان عليه السلام ومن بعده ذو القرنين، وربنا سبحانه وتعالى ذكر ملك طالوت وملك داوود، وذكر الغلابة ” الفرعون والنمروذ ” غلابة، هي هكذا بالميزان هؤلاء بالنبة لهؤلاء غلابة، ليس كما نتصور، فالدنيا لدينا مغلوطة، هي ليست كما نظن، حتى في الدنيا حينما نحصر تاريخ الدنيا؛ أعظم أعظم الممالك كانت ممالك الإيمان وليس العكس، ممالك الإيمان وليس العكس، والصحابة حينما صدقوا مع ربنا سبحانه وتعالى، ربنا سبحانه وتعالى أقام لهم لو قارناه بالإمبراطورية الرومانية سيظهر هذا أفضل أم هذا أفضل، هذا أعظم أم هذا أعظم، هذا أقوى أم هذا أقوى، هذا أثبت أم هذا أثبت؟؟
لأن هؤلاء ربنا من يعطيهم، لكن متى يعطيهم؟ حينما يستحقوا أن يعطيهم ربنا وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ ليس هم لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ماذا يفعلوا؟ ما المطلوب؟ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ كل شيء ملك لله سبحانه وتعالى، كل شيء ملك ربنا، لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ هذا الفعل لمن نُسب؟ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ لمن نُسب؟ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ لمن نُسب؟ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ لن يمكنهم هم، لا، سيمكن الدين وهم أدوات، هم أدوات، وسائط، وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ ربنا أراد أن يمكن، يمكن لنور الإيمان عبر أناس صادقين ” عبر أناس ” ” عبر أناس ” بخلاف سيدنا يوسف إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ التمكين لشخصه، لما ذكر الصحابة لم يذكر التمكين لهم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ نقرأها فقط، نقرأها ونتفكر فيها.
ليس كما نتصور، ليست الدنيا في النهاية للكفر، والإيمان له الآخرة، لا.
القرآن وتاريخ الدنيا لا يقول ذلك، لا لا، حسنة الأولى والآخرة، حسنة الأولى والآخرة.
وفي النهاية بعيداً عن حسنة الأولى – لأننا مضيعين – لا نقول حسنة الأولى لأن وضعنا الحالي ككجيل وأجيال قريبة متوقعة بهذه الصورة إن لم نغيّر حياتنا بشكل كبير وحاولنا أن نحيا مثل النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة بشكل صحيح لن يحدث شيء.
في النهاية؛ التي هناك إذاً، وَمُلْكًا كَبِيرًا لابد لابد أن نسعى ألا تضيع من أيدينا، لأنها ستكون الحسرة الكبرى، وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ فالموضوع انتهى ولا شيء يستدرك يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي انتهى فهي مرّت يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَاَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ لا وسيلة للاستدراك، انتهى وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ
اللهم ارحمنا فأنت بنا راحم ولا تعذّبنا فأنت علينا قادر
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أوعمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل
اللهم إنا نسألك الجنة ونعيمها وما قرب إليها من قول أوعمل، ونعوذ بك من النار وعذابها وما قرب إليها من قول أو عمل
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم