Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

معاذ إلى اليمن

الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

لازلنا مع ركائز الإسلام وأركان ودعائم هذا الدين العظيم وذكرنا أن أركان ودعائم وقواعد وأصول هذا الدين العظيم يتمثل في أربعة أركان الأول العقائد والتصورات والثاني الشعائر والعبادات والثالث الشرائع والمعاملات الرابع الأخلاق والسلوكيات وأول هذه الأركان وأعظم هذه الأركان هو ركن العقيدة ونعني بالعقيدة الأركان والأصول التي بثها الله عز وجل في كتابه والتي علمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تبين للإنسان حقيقة ذاته غاية وجوده في هذه الحياة تحدثه عن الله عز وجل وعن صفات الله وعن الكون من حوله وعن علاقة الإنسان بالكون من حوله وتحدثه عن مصيره بعد أن يغادر هذه الحياة وإلى أين ينتقل بعد أن يغادر هذه الحياة هذا الإدراك وهذه المعرفة وهذه الرؤية التي يعلمنا الله عز وجل إياها هي بذاتها نعمة من أعظم نعم الله عز وجل ومننه على الإنسان فكم في هذه الحياة التي نحيا من أناس لا يعرفون لهم رباً لا يعرفون لوجودهم غاية لا يدركون حقيقة أو علة أو حكمة وجودهم في هذه الحياة ولا إلى أين يصيرون حينما يغادرون هذه الأرض وأناس آخرون لا يعلمون طبيعة ربهم الذي يعبدون لا يعلمون حقيقته هل هو واحد أم متعدد له طبيعة إلاهية فقط أم طبيعة إلاهية وناسوتيه فهم مضطربون في معرفة ربهم وفي إدراك حقيقته هذه النعمة نعمة من أعظم نعم الله عز وجل على الإنسان ربما استمع منا من استمع إلى شاعر عراقي سطر بقلمه كلمات ثم تلقفها أخر فأنشدها على عباد الله الذين هم بالأصل مسلمون من الله عز وجل عليهم بنعمة ومنة المعرفة والهداية فجعل هذا ينشدهم ويقول:

جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت ولقد أبصرتُ قدامي طريقاً فمشيت

وسأبقى سائراً إن شئتُ هذا أم أبيت كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟

لست أدري

لكننا بفضل الله عز وجل ندري قال الله عز وجل: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ كم من أناس ربما أوقعت في قلوبهم الضلالات والريب أمثال هذه الكلمات قال الله عز وجل: قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ۝ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ۝ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ۝

هذه المعرفة وهذا الإدراك هو أول أصول وأول أوليات هذا الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه إذ أرسله إلى اليمن قاضياً وداعياً ومعلماً ” إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ ” الذين أرسل إليهم كانوا على دين النصرانية فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ شهادة أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ – وفي رواية فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ إلى أن يوحدوا الله – فأخبره أنه يأتي قوماً عندهم نوع علم بالكتاب وعندهم نوع علم بالرب لكنه علم مشوش علم مضطرب يشوبه الشرك والشك وعدم اليقين أول شيء يجب عليك تجاه هؤلاء الناس أن تعرفهم بربهم عز وجل فقال له صلى الله عليه وسلم: ” فَإِذَا هم عَرَفُوا اللهَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ “

فإذن الركن الأول والأصل الأول الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذاً رسوله إلى بلاد اليمن أمره أن يبثه في هؤلاء الناس أن يغرسه في قلوبهم أن يوقظ إليه قلوبهم وفطرهم أن يعرفهم أو يعيد تعريفهم بربهم عز وجل معرفة صحيحة تميل إليه قلوبهم عبر هذه المعرفة ” فَإِذَا هم عَرَفُوا اللهَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ” إذن ينتقل من الركن الأول الذي هو ركن المعرفة والعقيدة والتصور إلى الركن الثاني وهو ركن الشعيرة والعبادة ” فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةَ أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ” فنقله من الركن الثاني إلى الركن الثالث اللي هو ركن الشرائع والمعاملات ثم قال: ” وإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ” .

فهكذا رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم أوليات هذا الاتصال أوليات هذه الدعوة أولاً أن يعرف العبد ربه عز وجل فإذا هم عرفوا الله.. حينئذ خاطبهم أن لله عز وجل العظيم الجليل الذي عرفوه أن له سبحانه وتعالى عليهم حقا هذا الحق يتمثل في هذه الشعيرة العظيمة.. شعيرة الصلاة ثم قال: ” فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ ” امتثلوا لهذه الشعيرة وأدوها على الصورة التي تنبغي التي ترضي الله عز وجل حينئذ انتقل بهم إلى المرتبة الثالثة وحدثهم عن الزكاة التي هي صدقة تأخذ من الأغنياء وترد على الفقراء.

فإذن بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الأصل الأول الذي هو أصل المعرفة فإذا استقرت هذه المعرفة حينئذ يبني على هذا الأصل بناءاً الذي هو أصل العبادة والتقرب والخشوع والخضوع لله سبحانه وتعالى الذي يهيأ نفس بأن تعالج شحها وحرصها على هذا المتاع الدنيوي وحينئذ تستطيع هذه النفس الذي هذبت بالصلاة أن تتخلى عن جزء من هذا المال ولو كان جزءاً يسيراً قال الله عز وجل وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ.

الشح طبيعة النفس الإنسانية فإذا هذبت بهذه العبادة حينئذ استقامت على الأمر حينئذ تهيأت لكي تخرج هذه الصدقة وأخبره أن يخبرهم عن علة وحكمة إخراج هذه الصدقة أنها تأخذ من أغنيائهم فترد في فقراءهم هي لا تعدو عن هذا المجتمع لا تخرج عن هذه الدائرة هؤلاء الأغنياء من حولهم جيران وأقارب وذوي أرحام فقراء يستعطفهم الله عز وجل ويسترحمهم على هؤلاء الضعفاء فيعطيهم شيئاً من أموالهم يكفلونهم به يطيب قلوب هؤلاء الفقراء فينظرون إلى أموال هؤلاء الأغنياء نظر تخلوا من الحسد والحقد والضغينة بل يدعون الله عز وجل أن يبارك لهؤلاء في أموالهم لأنهم كلما زادت هذه الأموال كلما زاد نصيب هؤلاء الناس من هذه الأموال ثم.. قال له صلى الله عليه وسلم في ختام وصيته له صلى الله عليه وسلم: ” وإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ ” هو الآن هو الحاكم وهو الأمير وهو الإمام الذي سوف يجبي هذه الأموال سوف يجمع هذه الزكوات فربما ظلم أصحاب هؤلاء الأموال قال: ” وإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ ” يعني لا يأخذ من أموالهم أغلاها وأثمنها وأعزها على أصحابها ولكن يأخذ من أوساط الأموال فلا يظلم الغني ولا يجور على حق الفقير هذا هو العدل الذي به قامت السماوات والأرض اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ الميزان هو العدل والقسط والقسطاس اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ قال: ” وإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ ” لأن هذا من الظلم ثم قال له: ” وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ” لأنه ربما لا يستجيب الإنسان إلى هذه النصيحة فيريد أن يضير أحداً من عباد الله فيأخذ منه أكثر مما ينبغي فذكره حينئذ بعظمة الله عز وجل وسلطانه قال: ” وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ ” .

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.