إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
إنه من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا
ثم أما بعد:
قال أبان بن عثمان رحمه الله سمعت عثمان رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي “
يقول صلى الله عليه وسلم ” من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح – أي إذا قالها مساءً – ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي “
ذكرنا قبل كلمتين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن نكرر هاتين الكلمتين كل واحدة مائة مرة واليوم هو يأمر أن تردد هذه الكلمة ثلاث مرات. ما الفارق بين المائة مرة والثلاث مرات؟ شيء يكفي في تكراره أن يكرر ثلاث مرات فيحقق غايته ومقصوده وشيء يحتاج الى أن يكرر مائة مرة كاملة لكي يحقق مراده ومقصوده.
فمن قال ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ” لكي تكون له حرزا من الشيطان, ومن قال ” سبحان الله وبحمده ” أيضا مائة مرة لكي يحط الله عنه بها خطاياه.
أما الكلمة التي يوصينا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يومنا هذا فهي كلمة تؤمن العبد من بلاء الدنيا فما يحتاج إليه العبد لكي يرفع الله به درجاته ويحط عنه من خطيئاته ويؤمنه به من الشيطان يحتاجه أن يكرر حاجة ماسة أكثر بكثير مما يحتاجه الإنسان لكي يعطيه الله أمانا من البلاء في هذه الحياة الدنيا. فاكتفى صلى الله عليه وسلم بأن يكرر العبد هذه الكلمة ثلاث مرات وهي أولا تذكرنا بنعمة الله تبارك وتعالى علينا وأنه صلى الله عليه وسلم ما ترك من خير يحتاجه العبد في دينه وفي دنياه إلا أوصى به وما ترك من شر قد يصيب العبد في دينه أو في دنياه إلا وقد حذر منه. قال الله تبارك وتعالى إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.
إذا الإنسان في هذه الحياة الدنيا لابد أن تعتريه المخاوف وأسباب القلق والتوجس وتعتريه أيضا الهموم والأحزان فربنا تبارك وتعالى يستثني من هذه المخاوف ومن هذه الهموم والأحزان أهل الإيمان والاستقامة على الإيمان.
إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، ومما يخافه العبد أن يصيبه بلاء في نفسه أو في ماله أو في ولده، وطبيعة الإنسان كما ذكرنا قبل بيّنها ربنا تبارك وتعالى إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا هذه طبيعة الإنسان، فهل يستطيع الإنسان أن يعالج هذه الطبيعة؟ بالإيمان وبالصلاة، إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ ثم ذكر سبحانه وتعالى أوصاف هؤلاء المصلين التي يعافيهم الله بها من الهلع الذي يتمثّل في صورتين؛ في حال مسيس الضراء، وفي حال مسيس السراء، فالهلع ليس فقط في صورة الضر، وإنما في صورة الخير والنعمة أيضًا، إذا أعطاه الله وأحسن إليه منع فضل الله عليه أن ينتقل عنه إلى غيره ضنًّا به وخوفًا عليه من النقص أو من الزوال وإذا أصابه ضرٌّ أو شر أصابه الجزع ولم يستطع أو يطق تحمّلًا، فهو صلى الله عليه وسلم لم يخاطب الإنسان المؤمن ويرشده إلى كلمات يدخله الله تبارك وتعالى بها في دائرة الأمان، هو محتاج هذا الإحساس؛ أن يحس بالأمان، فهو إذا قال هذه الكلمات حينما يستقبل ليله يستشعر الطمأنينة إلى أن يصبح، فإذا قالها حين يصبح يستشعر الطمأنينة حتى يمسي، هذه الكلمات ماذا ستعطي؟ ستعطي الإنسان الشعور بالأمان،، ربنا سبحانه وتعالى يدخله في دائرة الأمان من الخوف أنه من الممكن أن يصيبه شيء من الشر أو الضرر أو البلاء، هو محتاج أن يستشعر بالأمان، فربنا سبحانه وتعالى يعطيه ما يورثه الشعور بالأمان، ماذا يفعل؟ إنها كلمات.
ما الذي سيفعله؟ كلمات يرددها ثلاثًا وفقط؛ يقول ” بسم الله ” ونحن حينما كنا نتكلم عن الفاتحة من قديم ذكرنا كلماتٍ في معنى بسم الله وفي أثرها في الحياة، الإنسان حينما يقول ” بسم الله ” فهو يستدعي الاستعانة بالله وطلب الحفظ والرعاية والحماية والعياذ من الله،، فأنا حينما أقول ” بسم الله ” في مقدمة كل شيء؛ حينما أقول بسم الله، ما معناها؟ معناها أنني أدخل نفسي في رعاية وفي حماية الله، أطلب من المدد ومن الخير الذي لا يملكه إلا الله تبارك وتعالى، إذًا علام تُبنى هذه؟ مبنية على إيمان الإنسان بعظمة الله وقدرة الله وأن كل شيء مملوك لله، وأيضًا إيمان الإنسان برحمة الله وبره وإحسانه وكرمه وأنه لا يضنُّ بالخير على عباده الذين يلجؤون إليه، فعندما أقول ” بسم الله ” لابد أن يكون الاثنان موجودين، أنا أستند على القدرة وأستند على الرحمة، القدرة والرحمة، فـ ” بسم الله ” ، الطبيعي أن أقول بـ ” الله ” ، فأنا ممن أطلب المدد والعون؟ ليس من الاسم، من الرب سبحانه وتعالى، فلماذا أقول بسم الله ولا أقول ” بـالله “
حينما أقول ” بسم الله ” فأنا أطلب المدد والرعاية والحماية من الله وأنا استحضر عظمة أسماء الله، لأنني أطلب العطاء من صفات ربنا سبحانه وتعالى يعني أنا الآن حينما أقول ” بسم الله ” أطلب المدد من الله من رحمته ومن كرمه ومن قدرته ومن علمه ومن لطفه ومن خبرته ومن برّه ومن إحسانه ومن عطائه، فحينما أقول بسم الله على مقدار ما أنا في قلبي من معاني أسماء الله على مقدار ما أستمطر من مدد الله تبارك وتعالى، فإذا قلت بسم الله فقط، لها ثمرة وأثر.
وبسم الله هذه إذا اتسعت في قلبي وأنا أقولها أستحضر هذه الأسماء، كل اسم أنا أحضره في قلبي أطلب من مدد ربنا النوعي هذا، كأنني أوسع دائرة الطلب لأمداد ربنا سبحانه وتعالى على حسب علمي ومعرفتي وإيماني بأسماء الله.
إذاً هناك فرق كبير بين أن أقول ” بالله ” وبين أن أقول ” بسم الله ” رغم أن الاثنين واحد،، فإذا قلت ” بسم الله ” فأنا أستعين بالله مستمدًّا ومستحضرًا بركة وخير وعطاء أسماء الله وصفاته، فكل ما اتّسعت هذه الدائرة كلما زاد أثرها على الإنسان من مدد ربنا سبحانه وتعالى.
فأنا أقول ” بسم الله ” والعادي أن أقول ” بسم الله ” في مقدمة كل شيء، لكن هنا؟ النبي صلى الله عليه وسلم وسّع – وسّع – في وصف التسمية أو الطلب فقال: يقول ” بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء ” فمع ذكر الله، مع الاستعانة بالله، مع الاستمداد من الله، مع اللجوء لله، مع الاستعاذة واللياذ بالله لا يصيب الإنسان ضرر، إذا وجد اسم الله انتفى الضرر وانتفى الشر، ” بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء ” إذا ذكر اسم الله انتفى الضرر وانتفى الخطر، ” بسم الله ” الذي إذا ذُكر لا يضر مع اسمه شيء، ” بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء ” فشيء هذه عامة تشمل أي شيء، لا لا، مزيد تفصيل وتأكيد وبيان، هذا الشيء أيًّا كان محله ” في الأرض ولا في السماء ” الكون كله الذي خلقه الله تبارك وتعالى، ليس منه ثمّ ضرر حينما يذكر اسم الله تبارك وتعالى، ” بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم “
السميع: الذي يسمع هذه الكلمات أو يسمع هذه الضراعة أو يسمع هذا الطلب وهو الذي يستجيب لمن يناجيه، قلنا قبل ذلك كثيرًا أن الإنسان حينما يقيم صلبه من ركوعه يقول ” سمع الله لمن حمده ” ” سمع ” أي استجاب، الله سبحانه وتعالى يستجيب دعاء وطلب ورغب العبد الذي يستشعر نعم الله ويحمد ربه عليها، ولذلك نحن نقول ” سمع الله لمن حمده ” إذا كان إمامًا أو منفردًا، ثم كل مصلي بعد ذلك يستجيب لهذه الكلمة، نحن نقول ” سمع الله لمن حمده ” هذه مقدمة، والإجابة: ربنا ولك الحمد،، فكأن الجملة الأولى أن ربنا يستجيب لمن يحمده، ونحن نريد الاستجابة، فنحمد، ولذلك الإنسان حينما يأتي بمقدمة الحمد يصلح أنه حينما يسجد يسأل فيجاب، هي مرتبة على هذا، أولًا، أولًا التذكير بهذا القانون: أن الله تبارك وتعالى يستجيب ويسمع دعاء عبده إذا كان حامدًا لربه تبارك وتعالى، وبعد ذلك أنا أتجاوب مع هذا القانون، فأحمد ربنا سبحانه وتعالى، ثم أهوي إلى السجود فأسأل وأنا على يقين بالإجابة إذا كنت صادقًا في الحمد حينما استجبت بحمد الله تبارك وتعالى.
إذاً السميع هو الذي يستجيب دعاء من يسأله ويدعوه، وهو العليم: العليم بمواضع الخير عليم بمن يستحق الإجابة، العليم بمن يستحق النعمة، والعليم بأحوال عباده والعليم بما يصلحهم وبما يحتاجون، سأقول هذه الكلمة مرة، لا سأقولها مرة أخرى، سأقول ” بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ” هل يكفي هذا؟ لا سأقولها مرة أخرى ” بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ” وحينئذٍ يدخل العبد في أمان ربه تبارك وتعالى حتى يمسي، فإذا أمسى فقالها ثلاثًا دخل في أمان ربه تبارك وتعالى حتى يصبح
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الحمد لله رب العالمين
قال أبان بن عثمان رحمه الله: سمعت عثمان رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاءٍ حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاءٍ حتى يمسي، وكان أبان قد أصابه الفالج ” أبان بن عثمان الذي يروي الحديث قبل أن يتوفى بسنة أصيب بشلل نصفي ” وكان أبان قد أصابه الفالج، فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه، ففطن له، قال: ما لك تنظر إليّ، والله ما كذبت على عثمان – رضي الله عنه – ولا كذب عثمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني غضبت فنسيت أن أقولها ” فالرجل سمع منه الكلام ثم ينظر إليه فهو يرى أن الكلام لا يتماشى، الكلام لا يتماشى مع حاله،، فهذا بناءً على ماذا؟ أولًّا: بناءً على أنه يعتقد أنني أي شيء أعرفه أنا أستعمله، وأن أي شخص يعرف أي شيء يلتزمه، وأن الإنسان حينما يمنّ عليه بخير مثل هذا يتشبّث به، – وهذا ليس شرطًا – ليس بالنسبة إليهم ولكن بالنسبة لنا نحن، فيوجد أشياء كثيرة جدًّا نحن نعرفها ونحن أحوج ما نكون إليه، وعادي جدًّا نحن نهملها ولا نعبأ بأي شيء، فهذا الدعاء إذا قلته مرتين فهذا جيد جدًا، فالشخص حينما يسمع الشيء يتأثّر به قليلًا ويقوله مرة أو مرتين ثم يتركه، فهذا أمر.
فأول شيء أن الرجل بالفطرة الطبيعية يعتقد أن الشخص الذي قال له هذه الكلمات هو أكيد متشبّث بها ويقولها صباحًا ومساءً مكررةً كما ينبغي، فالطبيعي أن الإنسان حينما يهديه ربنا إلى خير ويكون هو محتاج إلى هذا الخير حاجة ضرورية يتشبّث به، هذا هو الأمر الأول.
الأمر الثاني: كلمات اللسان كافية أم كلمات القلب هي المطلوبة؟ أي: مجرد ذكر الكلمات بدون إحساس بالمعاني أو بدون لجوء حقيقي إلى الله، أو بدون إدراك معنى بسم الله، أو بدون استحضار عظمة أسماء الله، هل يفعل شيء، فنحن كما قلنا قبل هذا، أننا لابد أن نفرّق بين الإيمان وبين التعاويذ، فهذه الأشياء يا جماعة ليست تعاويذ، هي ليست مثل الناس التي تعلّق الحجاب،، لا هذه كلمة – كلمة – يناجي بها الإنسان ربنا، ويتعبد بها لله، وقلبه ممتلئ منها وموقن بها، فربنا يعطيه على قدر إيمانه وإحساسه ويقينه، أما الجملة كجملة، ليست بشيء، فهل نحن نقول أن أبان يقولها كلمة؟ لا ليس هذا هو المقصود، ولكن نريد أن نقول أن الجملة التي استشكلها الرجل لأنها غير مطابقة للواقع مبنية على مقدمات، أول شيء أن أكون أحافظ عليها، الشيء الثاني: أن أقولها من القلب يقينًا كما ينبغي فالرجل رأى أن حاله لا تتناسب مع هذا.
فهو يقول له أن هذا يقين طالما أنه قاله الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم، فالآن حينما يقول النبي صلى الله عليه وسلم شيء وأنا أرى أن الواقع لا يطابقها، فأين الخلل؟ هل في رؤيتي أنا وما أفهمه، أم أن الخلل في الجملة نفسها،، فالرجل أول شيء، أول شيء أتى في ذهنه ليس أن يكون فهم الكلام خطأ؟ لا، أن تكون الجملة محل شك وريبة، من بدايتها هكذا، هو لم يتكلم، ولكن نظرة عينيه وشت بذلك، والرجل الفطن أدرك ما في عيني الرجل، فقال له، قال له: لا أنا – عياذًا بالله – كذبت على أبي، ولا عثمان رضي الله عنه – وحاشاه – كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا مواظب عليها دائمًا، لكن اليوم الذي حدثت فيه أنا غضبت غضبًا شديدًا فنسيت.
تخيل؛ أنا غضبت، انفعلت انفعال، فهذه مساحة، من الليل إلى الصباح هذه مساحة قول الذكر، فأنا غضبت غضب شديد لدرجة أنه أطبق على ذهني فنسيت الكلمات التي أقولها.
فأن يغضب الإنسان هذا أمر من الممكن أن يحدث، من الممكن أن يحدث، لكننا بماذا أمرنا؟ ألا نتجاوب مع الغضب، النبي صلى الله عليه وسلم حينما أتاه رجل، فقال: يا رسول الله أوصني، قال: ” لا تغضب ” ففهم الرجل، فقال ” يا رسول الله أوصني ” أي زد بشيء آخر، فهذا الرجل ممن يطلب الوصية؟ من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أكيد يريد أن يغتنم الفرصة ويستكثر من هذه الوصايا، فقال له: أوصني، فقال له: لا تغضب،، فنعم أنا فهمت، وهذه استقرت، ” أوصني ” الثالثة فقال له ” لا تغضب ” فسكت الرجل، واضح أن النبي صلى الله عليه وسلم لن يعدو هذه الجملة، فلماذا كررها ثلاثة مرات؟ لأن هذا خطر ولو ربنا عافاه منها تستقيم أحواله، والنبي صلى الله عليه وسلم قال أن الغضب من الشيطان، فهو يؤز الإنسان للغضب ويستثمر الغضب، فهو حينما غضب، أخرجه الشيطان من التحصين الذي يحصّن نفسه به في كل صباحٍ ومساء، ناهيك عن الانفعال الشديد وأثره، فمن الممكن أن تكون حالة الانفعال الشديد هذه نفسها – هذه نفسها – هي التي تصيبه بالفالج، فالحالة التي وصل إليها هذه من الممكن أن تكون أثر من آثار الانفعال الشديد.
إذاً الآن هو يريد أن يقول له: اليقين في كلام الله، وفي كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، والمؤمن يستقبله باليقين، لكن الإنسان إن لم يحافظ على هذا، هو يعرّض نفسه بالخروج من هذا الحصن ومن هذه الحماية، فإذا كان خارجًا منها، فهو عرضة إلى أن يصيبه ما يصيبه.
إذاً الشيطان يستثمر الغضب، يستثمر الغفلة، يستثمر الضعف، يستثمر الميل مع الأهواء، لكي يخرج الإنسان من دائرة رعاية ربنا سبحانه وتعالى وحفظه، إلى دائرة استحواذ الشيطان على الإنسان.
إذاً هذه الكلمات يحتاج الإنسان إلى أن يستمسك بها ويحافظ عليها، وأن يحذر الشيطان وأنه لا يجري مع الشيطان ولا أن يستجريه الشيطان، أو يغويه الشيطان فيخرجه من دائرة رعاية الله، ومن دائرة حماية اسم الله، إلى دائرة الوقوع في البلايا وفي المحن.
الشيطان للإنسان، الشيطان للإنسان عدوٌّ مبين، فالإنسان عليه أن يحرص أن يستمسك بما أسداه الله إليه من خير ومن نعم، وأن الإنسان كلما كان مستمسكًا بأوامر ربنا سبحانه وتعالى كلما كان في الحفظ وفي الحماية وفي الرعاية، وأن ربنا سبحانه وتعالى لم يترك شيئًا يحتاج إليه الإنسان وهو سبحانه وتعالى العليم بمن خلق، ” ألا يعلم من خلق ” وهو اللطيف الخبير، ربنا يعرف الإنسان وطبيعته وإمكانياته وضعفه واحتياجاته، وأعطاه ما يغطي هذه الاحتياجات ويلبي الرغبات ويصرف عنه الشرور والسيئات والمنكرات، ولكن الإنسان عليه أن يتقبل، يتقبل نعمة ربنا عليه.
وأخيرًا: اليقين، وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى والإنسان إذا قصر عقله أحيانًا عن أن يدرك حكمة ربنا في شيء أو يدرك فك التعارض بين ما يراه وبين ما يقوله ربنا، لا يسارع بأن يحسّن الظن بعقله ويسيء الظن بدينه، هذا ليس الطبيعي، ليس الطبيعي، المؤمن من المفترض أن يكون عكس هذا، هو على يقين من كلمات الله، فلو توهّم التعارض أو أن الشيطان أوهمه التعارض؟ أول شيء يستعيذ بالله من الشيطان، ثم يسأل ربنا سبحانه وتعالى أن يرشده ويعلمه ويلهمه ويسدده، ثم يبحث في كلمات الله حتى يزيل الله ما في صدره من الحرج، ويجعل له من كلماته دواءً وشفاءً وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك
اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تجعل إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا
اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
اللهم يا مصرّف القلوب صرّف قلوبنا على طاعتك
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم