الحمد لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله ولي المتقين، وأشهد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله خاتم الأنبياء وصفوة المرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين ثم أما بعد.
نتحدث اليوم أو نستكمل حديثنا عن ميراث النبوة وعن كنوز السنة، روي عن عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه أنه مر يومًا بالسوق، فوجد الناس على حالهم منشغلون بالبيع والشراء والتجارة والحلف فقال لهم أنتم هاهنا فيما أنتم فيه وميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم في المسجد، النتيجة الطبيعية لو أي حد فينا سمع حاجة زي كده الناس هطير، وفعلًا الناس تركوا مواضعهم وأماكنهم وهرولوا وأسرعوا إلى المسجد وبقي ينتظرهم ثم عادوا إليه، فقالوا ما وجدنا ميراث يقسم، مفيش حاجة أصلًا، قال فماذا وجدتم؟ أنتو لاقيتوا إيه في المسجد، قالوا وجدنا أناسًا يذكرون الله تبارك وتعالى ويقرأون القرآن، قال فإن هذا هو ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين ورثته، ما هو الميراث ده مين اللي بيستحقه؟ هل كل الناس؟ يعني إذا توفي شخص هل كل أهل المحلة هايتقاسموا هذا الميراث؟ وإنما يتقاسم هذا الميراث مستحقوه، قال هذا ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين ورثته ليس بمواريثكم ودنياكم، طب ماذا أراد أبو هريرة رضي الله عنه أن يبين أو أن يوجه؟ إحنا الكلام ده اتكلمنا عليه قبل كده في الكلام عن الميراث والحجب والحرمان، بنتكلم عن المعنى العظيم ميراث النبوة، قال صلى الله عليه وسلم: وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه ” أخذ هذا الميراث ” أخذ بحظ وافر.
هذا الميراث أو هذا الكنز العظيم، ولذلك قال الله تبارك وتعالى: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا الميراث الأعظم، طيب هذا الميراث لئلا تأتي عليه عوادي الدهر أو أطماع العباد، لابد من أن يحفظ ولذلك قال الله تبارك وتعالى وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ فلو كان الجدار سقط في هذا الوقت لوقع المال في يدي من لا يستحقه، فأرسل الله تبارك وتعالى الخضر عليه السلام لكي يطيل عمر هذا الجدار لكي يحفظ المال إلى الأجل المعلوم في علمه تبارك وتعالى، فهذا الميراث الأعظم الذي هو ميراث النبوة، تعهده حفظته، يسلمه الأول لمن يليه محفوظًا موفورًا، لأن ده ميراث مينفعش ينقطع، الميراث المالي، اللي بيورثه شخص لبنيه أو لذويه إنما يسرع إليه الفناء، كما يسرع لكي شيء من عرض هذه الدنيا، أما الوحي الذي أصله في السماء والذي طبيعته البقاء كان لابد أن يحفظ لأنه ميراث هذه الأمة الممتد لكي تعود إلى ربها وإلى أن يرث الأرض ومن عليها، فكان لابد أن يحفظ موفورًا كاملًا، ثم كما قلنا في الخطبة الماضية، انتهى أهل الحفظ والصيانة عند مرحلة معينة إلى أن وضعوا هذا الكنز في حوافظ تحفظه، خزن الخزن دي هي الكتب، يعني كان الكنز منثورًا وكان يجلس حوله من يتعاهده ويحفظه، ثم من عظم خشيتهم عليه وضعوه في حوافظ حديدة مغلقة لا تفتح إلا لمن يملك مفاتحها، حتى يحفظ هذا الكنز فيصل إلينا كما تركه صلى الله عليه وسلم.
وهذه الخزائن لهذه الكنوز كما قال تبارك وتعالى في مال الهالك المخسوف به وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ وفي مقابل ده اللي هو كان كنز مادي فلوس، في مقابل ده الكنز المعنوي الذي آتاه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم هو الحقيق بهذا الوصف مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ الخزائن التي وضع فيها هذا الكنز النبوي العظيم خزائن عظيمة وربما كانت لا تحصى كثرة، وسوف نأتي على ذكر هذا فيما يستقبل بإذن الله.
لكننا اليوم نتكلم في إشارة عن خزانة من أعظم هذه الخزائن، وإنما استدعينا ذكرها لمن يعرض لها من نقص ومن تحقير ومن تشكيك هذه الخزانة التي عرفت باسم صحيح البخاري، ونحن اليوم نتكلم من وجهة بعيدة، الخديوي إسماعيل خاض حربًا مع الحبشة هو كان بيحكم مصر والسودان والقرن الإفريقي اللي هي الصومال، ثم عادت عوادٍ إلى خاض حربًا، ولن نخوض في ذكر هذه التفاصيل السياسية والعسكرية والأخطاء، المهم أنه بدأت الحرب وعلى خلاف المتوقع بعد فترة بدأت الهزائم تلحق بجيشه فضاق صدره بذلك ولم يدرِ ما يصنع، فخرج يومًا راكبًا مركبته ومعه وزيره اللي هو زي العزيز رئيس الوزراء شريف باشا، ثم التفت إليه فسأله قال: ماذا تصنع إذا نزلت بك ملمة، لما يضيق صدرك بحاجة أو تنزل بك أزمة أنت بتعمل إيه؟ قال أجمع العلماء فيقرأون لي صحيح البخاري فيفرج الله عني، فالخديوي أمر شيخ الأزهر أن يجمع علماء الأزهر في صحن هذا الجامع العريق، فيقرأوا له صحيح البخاري فاجتمعوا وجعلوا يقرأون، والهزائم تتوالى محصلش حاجة، فركب مغضبًا حانقًا حتى انتهى إليهم وهم في مجالسهم، فقال إنما أنكم لستم علماء أو أن هذا ليس صحيح البخاري فإن الله لم يدفع بكم ولا بتلاوتكم شيئًا، فوجموا ولم يتكلموا بما فيهم شيخ الأزهر نفسه مصطفى العروسي رحمه الله محدش اتكلم، فقام شيخ في آخر الصف، واحد قاعد في الآخر خالص، فقال منك يا إسماعيل لا منا المشكلة عندك مش عندنا، فإنا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعوا خياركم فلا يستجاب لهم، فزاد العلماء وجوماً على وجوم هيودينا في داهية الراجل ده، فقام الخديوي وانصرف ولم يتكلم بكلمة، مافتحش بقه، وأقبل العلماء إلى هذا الشيخ يلومنه ويأنبونه، إيه الهباب اللي أنت هببته ده حد يقول كده برده!! فبينما هم كذلك إذ جاء شريف باشا اللي هو شريف باشا فقال أين الشيخ المتكلم؟ باس كده الله يرحمه، فقال هأنا ذا، فأخذه وذهب، وجعل العلماء الذين كانوا يأنبونه ويلومنه يودعونه خلاص الله يرحمه كان راجل طيب هو كان متهور آه بس كان راجل طيب، فانتهى به إلى قصر النيل الخديوي قاعد في بهو القصر، ووضع كرسيًا أمام عرشه وأجلس عليه الشيخ، وقال أعد علي يا أستاذ ما قلته لي في الأزهر، فكرر كلمته وذكر الحديث الذي ذكره وشرحه وبينه، فسأله الخديوي من الواضح إن هو مافهمش حاجة، قال وما صنعنا حتى ينزل بنا هذا البلاء، طب إحنا عاملنا إيه؟ هو كل ده مافهمش، فقال يا أفندينا الذي الربا مباحًا بقانون، أليس الزنا برخصة، أليس الخمر مباحًا، أليس كذا وعد عليه كثير من المنكرات التي ظهرت فلم تستنكر فماذا قال الخديوي؟ قال فماذا نصنع وقد عاشرنا الأجانب، الأوروبيين، وهذه مدنيتهم، فقال الشيخ فما ذنب البخاري إذًا؟! وما ذنب العلماء، طب هما عملوا إيه؟ ثم قال ويالعظمة ما قال، ماذا قال؟ قال ومتى كان البخاري لتلاوته والتبرك به،إنما البخاري لتفهمه والعمل بما فيه، هو مين اللي عمله تعويذة يا جماعة مين اللي عمله تميمة وبعدين نقول طب هو الحجاب اللي كنا حطينوه نفع ولا مانفعش، قال إنما البخاري لتفهمه والعمل بما فيه، فأطرق الخديوي ثم رفع رأسه وقال صدقت، وبعدين صرف له مرتب 30 جنيه في الشهر، يعني الحمد لله جت سليمة، لأن هو إيه بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ربما كان هذا الشخص أكرم عليه ممن سكت ولم يتكلم، وهذه أمانة العلم.
طيب الآن نحن نتكلم عن هذا الكتاب المعظم المبارك الذي اتخذه الناس ردءاً للفتنة والشر والهم والبلية، ننقل هاهنا نقولًا من كلام العلماء الثقات، يقول ابن حجر نقلًا في فتح الباري أشهر شروح هذا الصحيح العظيم يقول عن ابن أبي جمرة وهو أحد الشراح يقول: قال لي من لقيت من العارفين عمن لقي من السادة المقر لهم بالفضل، أن صحيح البخاري ما قرأ في شدة إلا فرجت ولا ركب به في مركب إلا نجت، وقال ابن كثير في البداية والنهاية في ذكر البخاري: وكتاب البخاري الصحيح يستسقى به الغمام يعني نتوسل إلى الله به فينزل به المطر، وأجمع على قبوله وعلى صحة ما فيه أهل الإسلام، وقال ابن السبكي في طبقات الشافعية في ذكر البخاري، وأما الجامع الصحيح وكونه ملجاً للمعضلات ومجربًا لقضاء الحوائج فأمر مشهور، ولو اندفعنا لتفصيل ذلك وما اتُفق فيه لطال الشرح، وقال عبد الحق الدهلوي: قرأ الكثير من المشايخ والعلماء الثقات صحيح البخاري لحصول المرادات وكفاية المهمات وقضاء الحاجات ودفع البليات وكشف الكربات وشفاء المرضى وعند المضائق والشدائد فحصل مرادهم وفازوا بمقاصدهم ووجدوه كالترياق ” الدواء يعني ” مجربًا.
طيب دلوقتي شريف باشا قال للخديوي هو لما تبوظ معاه الدنيا بيعمل إيه؟ بيقرأ عليه العلماء صحيح البخاري فيزول عنه الهم، أول حاجة دلوقتي في فرق بين حاجتين كبار أوي؛ ما بين هموم وما بين مشاكل، مابين إن أنا مهموم مخنوق يعني، وما بين إن أنا عندي مشكلة، وفي فرق ما بين وضع شخصي وما بين وضع مجتمعي، ربنا سبحانه وتعالى وضع سنن لقيام والارتفاع ولسفول المجتمعات، شريف باشا بيتكلم عن إيه؟ بيتكلم عن واحد أصابه شيء من الهم فيتلى عليه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وينعم المتكلم والسامع بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما يعمل كده هيحصل إيه؟ نفسيًا هيرتاح مش مشكلة تتحل، المشاكل لها أسباب طيب لما تنتهي الأسباب وكلنا بيمر علينا مواقف الأسباب المادية ماتسعفناش فيها، يعني واحد تعبان والطب جاب آخره، واحد فقد عزيز عليه، واحد وقع في ضائقة مالية ومفيش مخرج في إيده، بيعمل إيه؟ بيلجأ إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء، والدعاء ده من أعظم الأسباب بيرد الأمر لمين؟ لمن بيده أن يزيل الهم ويفرج الكرب سبحانه وتعالى، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال له أبي بن كعب رضي الله عنه قال يا رسول الله كم أجعل من صلاتي لك؟ هو له ورد دعاء بيدعو به في سحره في آخر الليل فبيسأل النبي صلى الله عليه وسلم فما أجعل من صلاتي لك؟ يعني الدعاء بتاعي أخصص أد إيه منه في الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه سلم؟ قال الربع؟ قال ما شئت وإن زدت فهو خير، قال فالنصف؟ قال: ما شئت وإن زدت فهو خير، قال فالثلثان؟ قال: ما شئت وإن زدت فهو خير، قال: يا رسول الله أأجعل صلاتي كلها لك؟ أنا مش هادعي خالص هاخلي الوقت المخصص ده كله للصاة والسلام صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له إيه؟ قال: إذًا يكشف همك، ويغفر لك ذنبك، يبقى دي حاجة بيكشف بيها الهم ويغفر بها الذنب، يبقى إذًا لو شريف باشا بيعمل كده من هذا الوجه، لذلك هو بيجد ثمرة ده دي حالة نفسية، لكن واحد بيتكلم عن وضع عام، بيتكلم عن معركة محتاجة استراتيجيات عسكرية وسياسية واقتصادية، وهما قاعدين بيقرأوا صحيح البخاري مش بيبحثوا عن المخرج في صحيح البخاري، مش بيبحثوا في مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السلوك اللي القائد مفروض يسلكه سياسيًا وعسكريًا وإداريًا لأ، هما بيقرأوا بس، ولذلك قطعًا مش هيحصل حاجة طيب ده موقف عارض؟ لأ هنا في تاريخ الجبرتي حبة من ده، ده مش موقف واحد، دلوقتي الكلام ده فين؟ ده أيام الخديوي إسماعيل، حننقل هنا حاجات قبل وحاجات بعد.
حاجات قبل 1203 اللي هي 1788 تقريبًا، يقول في يوم الخميس 28 من شهر رجب، ورد مرسوم من الدولة من الخليفة، فعمل الباشا اللي هو الوالي على مصر الديوان وقرأوه وفيه الأمر بقراءة صحيح البخاري بالأزهر والدعاء بالنصر للسلطان على الموسكو اللي هما الروس فإنهم تغلبوا واستولوا على قلاع ومدن عظيمة، الراجل باعت من الآستانة باعت من اسطنبول لهنا في مصر باعتبار إن الأزهر ده أكبر صرح من صروح الإسلام، يا جماعة الحقونا واقرأولنا صحيح البخاري عشان إيه؟ عشان هو بيحارب هناك، فهما هيقرأوا صحيح البخاري هنا فربنا هايسترها معاهم هناك، فإنهم تغلبوا واستولوا على قلاع ومدن عظيمة من مدن المسلمين، وكذلك يدعون لهم بعد الأذان ما دي أوقات الإجابة في كل وقت وأمر الباشا بتقرير عشرة من المشايخ من المذاهب الثلاثة الحنفي والمالكي والشافعي يقرأون البخاري في كل يوم ورتب لهم في يوم مائتين نصف فضة لكل مدرس عشرون نصف من الدربخانة اللي هي وزارة المالية، ووعدهم بتقريرها على الدوام يعني هايثبتها لهم، عشان يقرأوا بذمة يعني هو هايأجرهم، هو مأجر الشيوخ عشان يقرأوا صحيح البخاري عشان يقرا بقلب يعني يقرأ بإخلاص وفيه شرع الباشا في تبييض حيطان الجامع الأزهر، يعني كمان هايعملوا إصلاحات وترميمات بحيث إن برده ربنا يكرمهم، يعني هما هناك بيحاربوا وهنا بيعملوا الإجراءات اللي على أساسها الدنيا هناك هاتظبط، وفي يوم الأحد حضر الشيخ العروسي ” أحمد بن موسى العروسي ” والمشايخ وجلسوا في القبلة القديمة جلوس عامًا وقرأوا أجزاءً من البخاري واستداموا على ذلك بقية الجمعة، وحضر الصناع وشرعوا في البياض والدهان وبناء الأعمدة.
طيب 1213دخول الفرنسيون مصر، يقول في يوم الاثنين من الشهر اللي هو شهر المحرم وردت الأخبار بأن الفرنسيس وصلوا إلى نواحي فوة ثم إلى الرحمانية، واستهل شهر صفر ووردت الأخبار بأنه في الجمعة التاسع والعشرين من شهر محرم التقى العسكر المصري مع الفرنسيس، فلم تكن إلا ساعة وانهزم مراد بك ومن معه، ولم يكن قتال صحيح ملحقوش يعملوا حاجة، وإنما هي مناوشة من طلائع العسكرين بحيث لم يقتل إلا القليل من الفريقين، وقد كانت العلماء عند توجه مراد بك تجتمع بالأزهر كل يوم ويقرأون البخاري وغيره من الدعوات، وكذلك مشايخ كبراء الأحمدية ” الصوفية بقى ” والرفاعية والقادرية والسعدية وغيرهم من الطوائف وأرباب الأشاير، ويعملون لهم مجالس بالأزهر وكذلك أطفال المشايخ ” العيال بتاعت الكتاب ” ويذكرون اسم اللطيف وغيره من الأسماء ” يقعدوا يقولوا يا لطيف يا لطيف يا لطيف عشان ربنا يلطف بينا يعني ” طب حصل حاجة بعد الكلام ده يا جماعة ماحصلش أي حاجة، طيب محصلش أي حاجة هادينا إحنا على كده؟ لأ، مكملين إحنا برده.
1233 في شهر جمادى الأول، وأواخره وصل هجان من شرق الحجاز ببشارة أن إبراهيم باشا استولى على بلد كبير من بالد الوهابية ” بيحارب هو في السعودية هناك ” ولم يبقى بينه وبين الدرعية ” اللي هي الرياض دلوقتي ” إلا ثماني عشر ساعة فضربوا شنكل ومدافع ” عملوا احتفاليات باعتبار إن هما اتصلحوا كانوا متخانقين واتصلحوا الحمد لله ” وفيه وصل هجان حسن باشا الذي بجدة بمراسلة يخبر فيها بعصيان الشريف حمود بناحية يمن الحجاز وأنه حاصر من بتلك النواحي من العساكر وقتلهم ولم ينجو منهم إلا القليل، وحصل الأمر بقراءة صحيح البخاري ” ماهو هانعمل إيه؟! الراجل ده عمل تمرد فاهنعمل إيه؟ برده هنقرأ صحيح البخاري ” وقرأ على يومين وفرق على مجاوروا الأزهر عشرة أكياس ” اللي هي كراتين الأكل دي ” وكذلك فرقت دراهم على أولاد المكاتب ” العيال بتاعت الكتاب ” وفي منتصفه نفس الشهر حصل خسوف للقمر في سادس ساعة من الليل، وكان المنخسف منه بمقدار النصف، وحصل الأمر أيضًا بقراءة صحيح البخاري، يعني في خسوف للقمر هانعمل إيه؟ هنقرأ برده صحيح البخاري، طيب إحنا كده خلصنا؟ لأ.
جم الأنجليز الفرنسيون مشوا أهم، وإحنا قرأنا البخاري حصل حاجة؟ ماحصلش حاجة، جاء الخديوي إسماعيل وحارب في أثيوبيا وقرأوا صحيح البخاري حصل حاجة؟ ماحصلش حاجة، برده إحنا زي ما إحنا. وجاء الأنجليز.
يقول الشيخ محمد القياتي من علماء الأزهر إن الأنجليز لما احتلوا الإسكندرية بقى، يقول لما نشبت الحرب بين الأنجليز وأهل الوطن العزيز، اجتهدوا غاية الجهاد في سبيل المدافعة والجهاد، ثم يقول وكانت السادة العلماء الأعلام ولاسيما أستاذنا شيخ الإسلام يقرأون كتاب البخاري الشريف في الجامع الأزهر الأنور المنيف. حصل حاجة؟ ماحصلش حاجة.
آخر حاجة بقى، آخر لقطة؛ معركة التل الكبير، أحمد باشا عرابي لم الناس بليل برده بيعملوا إيه؟ ليلة المعركة؟ هايقرأوا صحيح البخاري، خنفس باشا اللي هو المفروض هناك ناحية الإسماعيلية، هايبعت للباشا عرابي بأخبار تحركات الأنجليز، فهو إيه هما بيتحركوا وهو قاله كله تمام مافيش حاجة، فهما عاملوا إيه بقى؟ عاملوا حاضرة، وقاعدوا يقرأوا صحيح البخاري بليل وقاموا نايمين، فلم يفجأهم إلا الأنجليز عند الصبح، مفيش حرب أصلًا، زي 67 كده كله بالبوكسرات واجري!!! عرابي نفسه هرب وبعدين راح سلم نفسه في مصر طب أنا جريت ليه؟
ولذلك شوقي كان بيقول:
واظلم صحيح البخاري كل آيته ونم عن الحرب واقرأ في لياليها
فالح أنت قاضيها قراءة، ماشية كده.
ويقول أحمد شفيق باشا، لأ ده قديم ده غير ده!!، يقول عن حسن رضوان باشا المسؤول عن الاستحكامات اللي هي التحصينات بتاعت التل الكبير، يقول في مساء 12 سبتمبر دخل عليه في الطابية أحد أرباب الطرق الصوفية وبيده ثلاثة أعلام وتقدم إلى أحد المدافع، فرفع عليه أحد هذه الأعلام، وقال هذا مدفع السيد البدوي، تمام جدًا، ثم انتقل إلى مدفع آخر ووضع عليه علمًا ثانيًا وقال هذا لسيدي إبراهيم الدسوقي، ثم إلى مدفع ثالث وقال هذا لسيدي عبد العال، فيقول حسن رضوان معقبًا ثم لم يمر على ذلك بضع ساعات حتى صارت الأعلام والمدافع المصرية في حيازة الجنرال ويسلي، طب هل هما كانوا أقل؟ عدد الأنجليز 11 ألف بيادة، البيادة دي اللي هو جندي على رجله، طب اللي مع عرابي كام مقابل 11 ألف، معاهم 20 ألف، وألفين ظابط، عرابي معاه كام؟ ألفين وخمسمائة، و60 مدفع عرابي معاه كام؟ 70 مدفع، يبقى إذًا عسكريًا المفروض إن أهل مصر متفوقين على هؤلاء الأنجليز الغزاة لكن في النهاية، المحصلة النهائية؟ طيب هل ده صحيح البخاري؟ هل صحيح البخاري كده ظالم ولا مظلوم؟ هل ده اللي أمرنا به؟ الله المستعان.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
الحمد لله رب العالمين، آخر حاجة مقال لأحد علماء الأزهر سنة 1320 يعني سنة 1900 يعني بعد كل الحاجات دي، حصل وباء في مصر، تقريبًا كوليرا، فهو كاتب مقال ومكتبش اسمه، كتب عنوان المقال ” بماذا دفع العلماء نازلة الوباء ” دفعوها يوم الأحد الماضي في الجامع الأزهر، بقراءة متن البخاري موزعًا كراريس على العلماء، وكبار المرشحين للتدريس ” الأساتذة والأساتذة المساعدين ” ، في نحو ساعة، جريًا على عادتهم من إعداد هذا المتن أو السلاح الجبري؛ لكشف الخطوب، وتفريج الكروب فهو يقوم عندهم في الحرب مقام المدفع والصرام والأسل، وفي الحريق مقام المضخة والماء، وفي الهيضة مقام الحيطة الصحيحة وعقاقير الأطباء، وفي البيوت مقام الخفراء والشرطة وعلى كل حال هو مستنزل الرحمات، ومستقر البركات ولما كان العلماء أهل الذكر والله يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، فقد جئت أسألهم بلسان كثير من المسترشدين عن مأخذ هذا الدواء من كتاب الله، أو صحيح سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أو رأي مستدل عليه لأحد المجتهدين الذين يقلدونهم، إن كانوا قد أتوا هذا العمل على أنه ديني، داخل في دائرة المأمور به ” اللي ربنا أمرنا به يعني ” وإلا فعن أي حذاق الأطباء تلقوه ” يعني مين من الأطباء اللي قال إن الكوليرا بتتعالج كده ” ليتبين للناس منه أو من مؤلفاته عمل تلاوه متن البخاري في درء الهيضة عن الأمة، وأن هذا داخل في نواميس الفطرة أو خارج عنها خارق لها، وإذا كان هذا السر العجيب جاء من جهة أن المقروء حديث نبوي، فلم خص بهذه المزية مؤلف البخاري، ولِمَ لَمْ يجز في هذا موطأ مالك، وهو أعلى كعبًا وأعرق نسبًا ” كتاب أقدم ” وأغزر علمًا، وإذا جروا على أن الأمر من وراء الأسباب ” دي حاجة مش معللة ” فلم لا يقرؤه العلماء لدفع ألم الجوع كما يقرءونه لإزالة المغص أو حتى تذهب شحناء الجراية من صدور كثير منهم وعلى هذا القياس يقرأ لكل شيء، ما دامت العلاقة بين الشيء وسببه مفصومة ” مفروض يكون السبب يبقى ليه علاقة بالنتيجة، طيب هنا إيه العلاقة بين السبب والنتيجة؟ إيه لما يقرأ يحصل إيه؟ ” ، فإن لم يستطيعوا عزو هذا الداء إلى نطاس الأطباء، سألت الملم منهم بالتاريخ أن يرشدنا إلى من سن هذه السنة في الإسلام، وهل قرئ البخاري لدفع الوباء قبل هذه المرة، فإنا نعلم أنه قرئ للعرابيين في واقعة التل الكبير ” أي في مصر ” فلم يلبثوا أن فشلوا، ومزقوا شر ممزق، ونعلم أنه يقرأ في البيوت لتأمن الحريق والسرقة، ولكن بأجر ليس شيئًا مذكورًا، يعني هايجبوا واحد كده فقي هايدولوا بيضتين وشوية سميط وهيقرأ، في جانب أجر شركة التأمين المعروفة مع أن الناس يتسابقون إليها تسابقهم إلى شراء الدواء إذا نزل الداء، عايز يقول أنت لما تجيب شيخ يقرأ أرخص كتير من أنك تعمل تعاقد مع شركة التأمين أو إنك تروح للدكتور، طب ليه الناس بتسيب القراءة وبتروح لشركة التأمين وبتروح للدكتور؟ المفروض من المنطلق الاقتصادي يعمل الأوفر إذا كان بيعتقد إن هو بينفع أو بيفيد، ويعدلون عن الوقاية التي نحن بصددها، وهي تكاد تتكون بالمجان ويجدون في نفوسهم اطمئنانا لذلك دون هذه فإن لم يجد العلماء عن هذه المسألة إجابة شافية خشيت – كما يخشى العقلاء حملة الأقلام – عليهم حملة تسقط الثقة بهم، ده اللي إحنا بنعيشه انهارده، إحنا لازم نرجع ورا شوية عشان نعرف اللي إحنا فيه ده جاي منين، على فكرة مش ناشئ من فراغ، الانتقالات كده مش بتبقى انتقالات عشوائية لأ، إحنا دلوقتي وصلنا لمرحلة فيها قدر من قلة التعظيم للدين وقدر من قلة الثقة به، ده جيه منين؟ جيه من هنا، إحنا لم ننتقل من زمان الصحابة الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الإيمان واليقين إلى الوضع اللي إحنا فيه ده لأ، إحنا مررنا ببرزخ طويل لو مأدركناش أسبابه مش هانعرف نعالجه، يقول: خشيت عليهم حملة تسقط الثقة بهم، حتى من نفس العامة؛ الناس العادية مش المثقفين والنخبة، وحينئذ تقع الفوضى الدينية المتوقعة، الكلام ده سنة 1320 إحنا 14 وكام دلوقتي، يعني الكلام ده بقى له 117 سنة، الفوضى الدينية المتوقعة من ضعف الثقة، واتهام العلماء بالتقصير وكون أعمالهم حجة على الدين، هذا وقد لهج الناس بآراء على أثر الاجتماع الهيضي الأزهري، فمن قائل: إن العلماء المتأخرين من عادتهم أن يهربوا في مثل هذه النوازل من الأخذ بالأسباب، والاصطبار على تحملها لمشقتها الشديدة، ويلجئون إلى ما وراء الأسباب من خوارق العادات لسهولته ولإيهام العامة أنهم مرتبطون بعالم أرقى، يعني ناس وصلا عند ربنا، من هذا العالم المعروف النظام فيكسبون الراحة والاحترام معًا فيظهرون على الأمة ظهور إجلال، ويمتكلون قلوبهم ويسيطرون على أروحهم ولهذا تمكثوا؛ يعني تأخروا، حتى فترت شرة الوباء، يعني أول ما الداء ظهر معملوش حاجة لما بدأ الموضوع هايبتدي يتحسن هيظهروا هما فيقرأوا، ولما يقرأوا؟ أهو شوفت بقى الشيوخ بقى أول ما قرأوا الحمد لله ربنا أذهب عنا الكوليرا!!! ليوهموا أن الخطر إنما زال ببركة تميمتهم، وطالع يمنهم ومن قائل: إنهم يخدعون أنفسهم بمثل هذه الأعمال بدليل أن من يصاب منهم لا يعالج مرضه بقراءة كراسة من ذلك الكتاب، يعني اللي بيعيا منهم بيروح للدكتور يبقى إذًا القراية دي هو مابيعتقدش فيها أصلًا، بل يعمد إلى المجربات من النعنع، اللي هو النعناع، والخل وماء البصل وما شابه أو يلجأ إلى الطبيب لا تلتفت نفسه إلى الكراسة التي يعالج بها الأمة فهذا يدل على أن القوم يعملون على خلاف ما في وجدانهم لهذه الأمة خادعين أنفسهم بتسليم أعمال سلفهم، ومن قائل: إن عدوا من أعداء الدين الإسلامي أراد أن يشكك المسلمين فيه فدخل عليهم من جهة تعظيمه فأوحى إلى قوم من متعالمي السابقين أن يعظموا من شأنه ويرفعوا من قدره حتى يجعلوه فوق ما جاءت له الأديان فيدعون كشف نوائب الأيام بتلاوة أحاديث خير الأنام ويروجون ما يقولون بأنه جرب، وأن من شك فيه فقد طعن في مقام النبوة حتى إذا رسخت هذه العقيدة في الناس وصارت ملكة دينية راسخة عند العوام وجربوها فلم تفلح وقعوا – والعياذ بالله – في الشك وأصابهم دوار الحيرة كما حصل ذلك على أثر واقعة التل الكبير من كثير من الذين لم يتذوقوا الدين من المسلمين حتى كانوا يسألون عن قوة: ” البخاري ” الحربية ونسبته إلى البوارج، المراكب الحربية، ساخرين منه ومن قارئة، ولولا وقوف أهل الفكر منهم على أن هذا العمل ليس من الدين وأن القرآن يقول: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ لضلوا وأضلوا وقد جرأ هذا الأمر غير المسلمين على الخوض في الدين الإسلامي وإقامة الحجة على المسلمين من عمل علمائهم ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويقول قوم: إن التقليد بلغ بالعلماء مبلغًا حرم على العقول النظر فيما نقلوه عن أسلافهم وإن كذبته العينان وخالف الحس والوجدان، ويقول آخرون – ممن لا خبرة لهم بهمة العلماء في مثل هذه الكوارث – أما كان ينبغي لهم أن ينبثوا في المساجد والأبدية والولائم حاثين الناس على الوقاية من العدوى معاضدين الحكومة في تسكين سورة الأهلين مفاوضين الصحة في فتح المساجد وتعهدها بالنظافة، فإن أعوزهم البيان وخلب القلوب بذلاقة اللسان فلا أقل من أن يؤلفوا رسالة في فهم ما ورد متشابهًا في موضوع العدوى حتى يعلم الناس أن الوقاية من الداء مأمور بها شرعًا وعقلًا وسياسة، فيكون كل فرد عارف عضدًا للحكومة ولو طلبوا من الصحة طبع ما ألفوا وتوزيعه على المصالح والنواحي للبت ذلك شاكرة وكان لهم الأثرالنافع.
وهذا ما يقوله القوم في شأن علمائهم نرفعه إليهم ليكونوا على بينة منه؛ لأنهم لا يختلطون بالناس غالبًا إلا في الولائم والمآتم، ملهمش علاقة بالناس، ملهمش علاقة بالدنيا ولا بما يجري فيها، وإن اختلطوا فقلما يناقشونهم في شيء، ليه؟، تحرزًا من حدتهم في المناقشة، ورميهم مناظرهم بأول وهلة بالزيغ والزندقة؛ فلذلك يجاملونهم ويوافقونهم خشية الهجر والمعاندة. أما أنا فإني لا أزال ألح في طلب الجواب الشافي عن أصل دفع الوباء بقراءة الحديث، وعن منح متن البخاري مزية لم يمنحها كتاب الله الذي نعتقد أنه متعبد بتلاوته دون الحديث؛ ولو كان هذا العمل من غير العلماء الرسميين، علماء الأزهر، لضربت عنهم وعن عملهم صفحًا، ماكنتش هاتكلم أصلًا، ولما خططت كلمة، ولكنه من علماء لهم مراكز رسمية، يزاحمون بها مراكز الأمراء، فيجب أن يؤبه لهم، وأن ينظر لعملهم بإزاء مركزهم عن الأمة التي يسألون عنها، والله ولي التوفيق.
لو إحنا راجعينا ده كويس هانعرف إحنا دلوقتي في إيه بالظبط، ليه الناس افتقدت الثقة فيما تنتمي إليه؟ ليه الناس لم تعد تلجأ وتفزع إلى الدين كما كانت تلجأ، ليه لم تعد تعظمه كما كانت تعظم؟ في حاجات حصلت في أسباب في مفاهيم اختلطت وفي حاجات فسدت، إحنا بدأنا الخطبة بهذا الكنز العظيم من كنوز رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل يصح أن يؤول هذا الكنز العظيم إنه يتحول إلى مجرد حجاب أو تميمة وتعويذة، هل ده الواجب على المسلمين إزاء هذا الهدي الذي منحهم الله إياه، تجاه هذه السنة التي جعلها الله حقيقة بتطبيقها وفهمها شفاءً من كل داء؟! ورفعة لهذه الأمة قال الله تعالى لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ.
يبقى إذًا لما يطعن اليوم في الكتاب لازم نرجع نشوف هو الطعن ده منشأه منين؟ ليه حصل؟ إحنا على فكرة يا جماعة لحد وقت قريب لما حد يحب يعبر عن إن الخطأ اللي هو خطأه خطأ ليس له كبير أثر بيقول هو إحنا غلطنا في البخاري على فكرة الكلام لغاية إمبارح وأول امبارح، يعني إيه إحنا غلطنا في البخاري؟ يعني أنا غلط في أبيات شعر أو في نقل كلام دي مش حاجة خطيرة دي مش حاجة ذات بال، إنما الخطأ جل الخطأ والخطأ العظيم جدًا أن يخطأ المرء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، طب ليه البخاري؟ لأن ده أعظم الكتب اللي إحنا نشأنا على تعظيمها نشأنا على إجلالها، طب إيه اللي حصل؟ ليه قيمتها راحت؟ ليه إحساسنا بعظمتها خبى؟ ليه دلوقتي لما نسمع حد بيتكلم عنها بشيء من التحقير أو بشيء من التشكيك قلوبنا مش بتنفر؟ مش بنشعر بالتوتر والقلق أو بالغضب، لأن ده بيتكلم عن أعظم حاجة عندنا عن ميراث نبينا صلى الله عليه وسلم؟ ليه؟ لازم ندرك يا جماعة إن في حاجة اسمها ثقافة متوارثة يعني الكلام ده إحنا أول مرة نسمعه غالبًا أو معظمنا على الأقل، لكن إحنا ورثنا عن أبائنا بالجينات، هي الثقافة بتتناقل كده أنت ممكن تكون مش عارف أنت كده ليه، بس أنا نشأت على كده والآباء نشأوا على كده والأجداد نشأوا على كده التراكمات دي بتستقر في نفوسنا هي دي اللي اسمها الثقافة، يعني إيه ثقافة؟ الثقافة هي الدين واللغة والتاريخ لما يمتزجوا مع بعض وتتوارثهم الأجيال بصورة عملية أو بصورة فكر، سواء الفكر ده هما بيعقلوه أو موجود في اللاوعي أو في اللاشعور، هو موجود ولذلك ده وصل بينا للي إحنا فيه، نطلع إزاي؟ نستعيد المكانة العظيمة للميراث النبوي إزاي؟ نحطه في مكانه نضعه في منزلته، فإحنا دلوقتي جربناه في درء الهزائم، طب هو النبي صلى الله عليه وسلم كان بيعمل كده صاحب الوحي نفسه؟ هو إحنا دلوقتي بنعمل إيه؟ بنقرأ وحي رسول الله صلى الله عليه وسلم، طيب صاحب الوحي نفسه حينما أراد المشركون أن يهاجموا المدينة لم الصحابة وقالهم أنا هقرأ قولوا ورايا؟! معلش يا جماعة ده صاحب الوحي نفسه اللي كلماته إحنا بنتبرك بيها، طب هل الصحابة من بعده صلى الله عليه وسلم كانوا بيعملوا كده؟ يعني هل الصحابة في عشية اليرموك مثلًا سيدنا أبو عبيدة جمعهم وقاعدوا يقرأوا أحاديث ويرددوها ما هما ماعملوش كده، لأنهم وعوا الدين حق الوعي وعوا القرآن حق الوعي، بيطبقوا السنن اللي ربنا وضعها فيه، ومع ذلك كان يمنعهم إنهم يكونوا أعظم الناس لجوءًا إلى الله، لأن في الآخر الأمر بيد مين؟ بيد الله، لكن ربنا بينزل نصره على مين؟ بيعطي تأييده لمين؟ بيعطي تسديده لمين؟ للناس اللي هما التزموا أمر ربنا وسلكوا المسلك اللي ربنا أمرهم به، ولذلك الكلام ده لابد أنه يخلينا هزءة الأمم، طبيعي إن إحنا نكون في الآخر المألسة بتاعت عباد ربنا كلهم، وإن إحنا في النهاية عبارة عن شوية دراويش، لكن هل الدين كده فعلًا؟ لأ إحنا حولناه لكده عبر دهور وعبر سنين، عشان نطلع لابد إن إحنا نستعيد الصورة الأولى، نستعيد صورة التعظيم، لازم نرجع شوية نعرف إحنا من أين أوتينا، إنت لما تكون ماشي في طريق قضيب قطر، وبعدين التحويلة أتعملت غلط هاتمشى أنت بقى في سكة تانية فترة طويلة، طب لو عايز ترجع لطريقك الأصلي هاتعمل إيه؟ لازم ترجع لنفس النقطة لازم نرجع لنقطة بداية الانحراف فنستقيم على الجادة، غير كده ماينفعش مش هاقدر استدركها من النص، لازم نرجع واظبط التحويلة مظبوط فامشي على الصراط المستقيم، ولذلك الكلام ده مهم ليه؟ عشان ندرك به هو التحويلة جدت منين؟ هو الخطأ جاء منين؟ الخلل جاء منين؟ الموروثات اللي عندنا غير الصحيحة دي إحنا جبناها منين؟ وبالتالي نظبطها ونراجعها، لما نراجعها نستعيد الثقة في الموروث اللي ربنا أمدنا به، نستعيد تعظيمه ونتعامل معه بالشكل الصحيح، قبل كده؟! فلازم نلغي فكرة التوهيمات ونعود إلى الاستمساك بالمنهاج بشكل صحيح زي ما ربنا أمر فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ.
اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه، اللهم أرنا الحق حقًا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا وارزقنا اجتنابه.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، ومن تحول عافيتك، ومن تحول عافيتك، ومن فجاءة نقمتك، ومن جميع سخطك، ومن جميع سخطك يا رب العالمين.
اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، ومن سوء القضاء، ومن شماتة الأعداء، ومن عضال الداء، ومن خيبة الرجاء.
اللهم إنا نعوذ بك من علن لا ينفع ومن نفس لا تشبع،ومن قلبك لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع.
اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.
اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.