Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

نعمة الإيمان بأن الله حفيظ 3

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ۝يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا

ثم أما بعد:

في حديث عن التعرف على الحفيظ سبحانه وتعالى وأي من الناس لا يفتقر الى أن يناله حفظ من الحفيظ سبحانه وتعالى، أينا لا يفتقر الى رعاية الله والى حماية الله والى حفظ الله تبارك وتعالى له وقد بين صلى الله عليه وسلم أنه إنما ينالنا من حفظ الله لنا على قدر حفظنا لربنا تبارك وتعالى، قال لابن عمه رضي الله عنه وعن أبيه (احفظ الله يحفظك) على قدر ما تكون حافظا لله، على قدر ما ينيلك الله الحفيظ سبحانه من حفظه، ولا حفيظ إلا هو ولا حفيظ إلا هو،(احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك).

و تحدثنا في الجمعة الماضية عن واقع من صور هذا الحفظ الذي حدثنا عنه ربنا تبارك وتعالى وذكرنا طرفا من قصة يوسف عليه السلام، وقبل أن نتكلم عن حفظ العبد لله سنذكر طرفا من حديث إلهي آخر، يقول الله تبارك وتعالى وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا ۝فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا۝فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ۝ قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ۝ قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا ۝ فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ۝ قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ۝ قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ۝ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ۝ قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا ۝ قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا۝فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا ۝قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ۝قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا۝فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا ۝قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا ۝قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا ۝فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا ۝قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا۝ أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا هو يعلل ما فعل، هم احتاجوا الى أن يركبوا البحر فركبوا في سفينة يملكها قوم وصف في كتاب الله بأنهم مساكين والمساكين إذا في بيان الله تبارك وتعالى هم من يكدحون على عيشهم ليحصلوا أقواتهم ولا يكفيهم ما يحصلون لتغطية ما يحتاجون ولذلك قال تعالى مبينا أصناف من يستحقون عطاء الله وإحسانه في المال الواجب، قال إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ…، فهؤلاء المساكين أركبوهم في سفينتهم من غير أجرة ولا مال مع كونهم من المساكين الذين يفتقرون ويحتاجون الى كل قرش ينالونه من كدحهم وعملهم لكنهم لما توسموا في هذين الرجلين صلاحا وتقى، أرادوا أن يحملوهما من غير نوال ومن غير مال طمعا في أن تنالهم من بركتهم وطمعا في دعائهم لربهم تبارك وتعالى، وهكذا كثير ممن يعدون من عداد المساكين هم أسمح بالمال وأطيب نفسا بالاحسان والانفاق من كثير يكنزون الأموال، وهو عجب من العجب. فتعجب موسى عليه السلام أن يكون جزاء هذا البر والاحسان من هؤلاء المساكين الذين هم مساكين إلينا أن نخرق سفينتهم فنفسد عليهم عيشهم ونغرق هؤلاء الذين قد أووا إلى هذه السفينة، ولذلك استنكر عليه موسى عليه السلام قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا هو يستنكر خرق السفينة لما يترتب عليه من الإغراق ومن الإفساد، ثم بيّن له الخضر عليه السلام. بماذا وصف الله الخضر؟ قال أولاً فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا هذا أولاً، هو عبد أتاه الله رحمة وعلمه الله علماً، رحمة وعلماً الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا رحمته سبحانه وتعالى التي عمت كل حي، وهي رحمة ناشئة عن علم. رحمة مقترنة بعلم، علمه تبارك وتعالى أن هؤلاء الذين يرحمهم ربما لو نظرنا في أعمالهم وأحوالهم وشكرهم لربهم تبارك وتعالى لوجدنا أننا في حال لا نستحق معها الرحمة، لكنه تبارك وتعالى لعظيم رحمته وسع كل شيء برحمته مع علمه، اللهم لك الحمد على حلمك بعد علمك ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك، اللهم لك الحمد على حلمك ليس عن جهل عياذاً بالله لكنه حلم بعد علم، وعف لا عن ضعف وحاشاه سبحانه وتعالى، إنما عن قدرة. فهؤلاء السماكين أراد الحفيظ سبحانه وتعالى أن يحفظ لهم مصدر عيشهم، أرسل هذا العبد الصالح لكي يحفظ الحفيظ على هؤلاء هذه السفينة التي يرتزقون منها ويسألون الله من فضله وهي لا تقيتهم ولا تغطي لهم ما يحتاجون، أرسله خصيصاً لكي يحفظ عليهم سفينتهم، كيف يحفظ عليهم سفينتهم؟ بان يعيب السفينة، هو سبحانه وتعالى أرسل الخضر لكي يعيب السفينة، لكي يرفع منها لوحاً فيلقيه في البحر فيكون هذا الذي يرى إفساداً والذي نراه بأيننا شراً وضرراً وفساداً هو بعينه هو عين الحفظ الذي يحفظ الله به على هؤلاء العباد المساكين يحفظ عليهم مصدر رزقهم وقوتهم، وهكذا يحفظ الحفيظ عباده بشيء قد تراه أنت تضييعاً لكنه في حقيقته إنما هو عين الحفظ الذي يحفظ الله به عليك ما تحتاجه وما يُقيتك وما يحميك وما يحفظك.

وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۝ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا كان حفظ هؤلاء في مصدر قوتهم، وحفظ هذين الأبوين المؤمنين؟ يحفظ عليهما ربهما دينهما ويصرف عنهما ربهما الفتنة والشر والضرر الذي يأتيهما من أين؟ من أحب الناس إليهما، هذا الذي رزقهم الله إياه لكي يكون قرة عين لهما وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وككم أحسن عليه وسهر عليه حتى إذا بلغ أشده صار كافراً طاغياً يؤذيهما ويحملهما على ما يسخط ربهما تبارك وتعالى وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ. أراد الله تبارك وتعالى أن يحفظهما ويحفظ عليهما إيمانهما فاقتلع هذه النبتة الخبيثة قبل أن تصير شجرة ضارة، وفقط؟ فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وطهارة ونقاءاً وإيماناً وَأَقْرَبَ رُحْمًا أكثر براً وطاعة واستجابة وإحساناً،خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا.

فهاهنا الله سبحانه وتعالى يحفظ هذين الوالدين الطيبين الصالحين المؤمنين، كيفي يحفظهما سبحانه وتعالى؟ كيف كان حفظه تعالى لهما؟ كان بما يبدو أنه أكبر مصيبة ابتلي بها، هم لا يرون من وراء حجب الغيب قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ماذا يريان في هذا الغلام؟ وماذا كان في علم الله عنه؟ هم الآن يرون هذا مصيبة عظيمة، ولكن بعد عشر سنوات.. ماذا سيحدث؟ هذا الغلام نفسه يصير عذاباً على أبويه، ولكن هل كان سيدكون ما الذي كان سيحدث بعد عشر سنوات؟.

وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ليس فقط يحفظ الله عبده الصالح وهو حي يمشي على وجه هذه الأرض وإنما يحفظه الله أيضاً فيما يحب أن يحفظ بعد مماته من ولد أو مال وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا الله الحفيظ سبحانه، مضى هذا الرجل إلى لقاء ربه تبارك وتعالى وترك وراءه ضياعاً، ترك وراءه مالاً قد خبأه في الأرض خوفًا على ولده من قومه الذين يعرفهم، قومٌ لئام هم، أبوا أن يقروا هذين الرجلين الصالحين فيعطوهما قوتًا يطعمانه، أناس آتية من سفر وليس معها شيء، ولن تكلفك شيئًا، قواهم انهارت من الكلال ومن التعب، ألا يوجد رغيب من الخبر اليابس، بعض من الفول !! ولكن حتى هذا، حتى هذا يضنوا به، والرجل يخاف على أولاده، ويخاف أن يضيعوهم، هؤلاء مؤكد سيضيعوهم، هؤلاء قوم لئام لا يقرون ضيفًا، فهل يحفظون كنزًا؟! ولكن لا أحد يعرف أنه خبأ هذا هنا، لأنه لا يوجد أحد يقول له هذا، سيقول لمن؟ من سيأتمنه على السر؟ لا يوجد أحد يؤتمن على السر إلا علام الغيوب سبحانه وتعالى حفظ الله له ماله، وجعل لهم علامة، سوف يسقط سبحانه وتعالى هذا الجدار في الوقت الذي يصلح، يصلح أن يسقط فيه الجدار، هم لا يعرفون أن به المال، عندما يسقط الجدار سيظهر ما تحته، ولكن لابد أن يكون هذا في وقت يسمح أن يحافظوا على المال، يستطيعون أن يحموها، هم صغار، أما الجدار؟ تعب، الرجل بنى جدار ضعيف، والجدار الضعيف انهارت قواه، لا يستطيع أن يقف أكثر من ذلك، لا يستطيع أن يحافظ له على الكنز أكثر من ذلك، أنا أرهقت، أنا سأنقض، فأرسل الله الخضر، لكي يقول له انتظر قليلًا، لم يأتِ الميعاد بعد، لم تأت اللحظة التي قدرها الله، فأرسل الله الخض ليحفظ لهما الكنز بأن يحفظ لهما الجدار قائمًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين

وقد ذكرنا من الحفظ حفظًا آخر، ربما كان أعجب من هذا الحفظ وإن كان هذا الحفظ عظيمًا وعجيبًا، أعجب لأنه أبعد عن الأذهان.

ذكرنا في الجمعة الماضية قول الله تبارك وتعالى حينما ذكر نعمته على سليمان عليه السلام وأن سخر، سخر له الجن، لأن ما يريده فوق قدر وطاقات الإنس، قال تعالى وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ قلنا ما معنى وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ أي هم تحت التحفظ الإلهي، الله حفيظ على هؤلاء أي متحفظ عليهم، لأنهم في غالبهم أهل شرٍ وإيذاء ولا يملك الإنس قدرة في السيطرة على الجن، فهو سبحانه وتعالى لأنه قد سخرهم له، فهو سبحانه الحفيظ عليهم، لأن سليمان نفسه عليه السلام لا يملك أن يسيطر على هؤلاء المسخرين إلا بأن يحفظهم الله تبارك وتعالى بأن يمنعهم من كل شرٍ وفتنة وفساد وأن يلزمهم طاعة أوامر سليمان عليه السلام، حتى قال تعالى، فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ سماه الله تبارك وتعالى عذابًا مهينًا فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ أي من حفظ الله لك أن يصرف عنك من يريد أن يؤذيك أو يضرك أو يجترح سوءًا تجاهك إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فالحفيظ سبحانه هو الذي يحفظهم من تسليط هؤلاء عليهم، ولو شاء أن يكشف عن هؤلاء المؤمنين حفظه فيسلط عليهم هؤلاء لفعل، لكنه بحفظه تبارك وتعالى يحفظهم ممن ربما لا ندرك – لا ندرك – أنهم يريدوننا بسوء، يقول تعالى وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ تُرْهِبُونَ بِهِ هذه وسيلة من وسائل الوقاية، أمن وقائي، هذه القوة تمنع هؤلاء، تمنع هؤلاء من أن يفكروا بالإيذاء، وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ يوجد في عقولهم أفكار، ولكنهم لا يظهرون، فأنت لا تعرف، لا تعرف من ماذا يحفظك ربنا، ولا من من، لا تعرف، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا وذكرنا منذ زمن قوله تبارك وتعالى بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ فالحفيظ هو الذي يحفظ هؤلاء، متى؟ متى بعثنا عليكم؟ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا.

إذن هذا التسليط ورفع الحفظ، وهذا البعث متى يكون؟ حينما يغيرون ويبدلون، حينما يعصون ويفسدون وحينئذٍ، حينئذٍ يرفع عنهم الحفظ.

طيب، إذا رفع عن عبدٍ حفظ الله له، ماذا تراه يكون حاله؟ وإلى ماذا يؤول أمره، صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر، وجمع الناس وقام فيهم تميم الداري رضي الله عنه وكان قد أسلم وشيكًا يخبرهم عن رحلة قد وقعت له في البحر وقد تقاذفهم الموج شهرًا حتى أووا إلى جزيرة فرأوا فيها رجلًا دير، يقول تميم: أعظم ما يكون خلقًا. لم نرى أحد بعظمة هذا الجسم والضخامة، ” وأشد ما يكون وثاقًا ” يديه مربوطة إلى عنقه، ومربوط بالحديد من ركبتيه إلى كعبيه، فلما قابلوه سألهم، قال: ما فعل نخل بيسان، ” ما اخباره؟ ” فقالوا: عن أي شيء تستخبرنا؟ تسألنا عن ايه؟ قال: مازال النخل يثمر؟ قالوا له: نعم، قال: أما أنه يوشك ألا يثمر، ثم سألهم عن بحيرة طبرية ما أخبارها؟ ” عن أي شيء تستخبر ” ما لها البحيرة ! ما زال فيها ماء؟ قالوا له: نعم، قال: يوشك ألا يكون بها ماء، ثم سألهم عن عين زغر،، وهذه الأماكن كلها في فلسطين والأردن، سألهم عن عين زغر، هل لازال فيها ماء وهل ما زال الناس يزرعونها؟ قالوا: نعم، ثم سألهم عن نبي الأميين؛ ما فعل؟ هل بعث؟ – يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم – قالوا: نعم، قال: وما فعل العرب معه؟ قالوا: قاتلوه، قال: فكان ماذا؟ – ما الذي حدث -؟ قالوا: أظهره الله عليهم، قال: أما إنه خير لهم أن يطيعوه، ثم أخبرهم أنه ينتظر أن يخرج وأنه يجوب الأرض كلها لا يترك قرية – أي مدينة – إلا دخلها إلا ما كان من مكة والمدينة فإن الله قد حرصها بالملائكة تحرس أنقابها.

فهذا الدجال يخبر أنه الآن في أسر الله وقيده، ثم يأذن تبارك وتعالى أن يخرجه على الناس، متى يخرجه على الناس؟ نحن الآن، نحن الآن، يمكن أن نقول أننا في حفظ من الله تبارك وتعالى من الدجال، ولو شاء الله تبارك وتعالى أن يرسله علينا لأرسله.

فمتى يرسله الله؟ يقول صلى الله عليه وسلم أنه يخرج في زمان فرقة واختلاف من الناس، يخرج في وقت واختلاف، في حديث أبي هريرة؛ وفي حديث حذيفة بن أسيد: ” يخرج في زمان خفة من الدين وسوء بَيْنٍ بين الناس ” . دين ضعيف، والعلاقات بين الناس سيئة، إذن هذه علامات على ماذا؟ هذه الآن فتنة من الفتن، ربنا حاجز عنّا الفتن، ربنا يحفظنا منها، متى ترسل علينا الفتن، كلما ازددنا بعدًا من الله وهكذا تتوالى الفتن صعودًا كلما ازددنا من الله بُعدًا، وعند ابن أبي شيبة عن عليّ رضي الله عنه، أنه سُئل عن خروج الدجال متى يكون؟ قال: حين يفخر الرجل على جاره، ويأكل الشديد الضعيف، وتقطع الأرحام ويكون الناس هكذا، وشبّك بين أصابعه، الاختلاف والتنازع بين الناس، وكل هذا موجود، كل هذا موجود، ولكنها بنسب، إلى أن يصل إلى أين؟ كلما بقي بقية من الخير، كلما ظلت الناس في حفظ من الله تبارك وتعالى حفظًا نسبيًّا على قدر حفظهم لله، ( احفظ الله يحفظك ) على قدر ما نحفظ ربنا على قدر ما يحفظنا ربنا تبارك وتعالى وهكذا هي، ولذلك قال تعالى: فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ هذا هو ما يحفظ الله به الناس، إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ أناس فيها بقية من الخير، ماذا يفعلون؟ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ لم يوجد إِلَّا قَلِيلًا هؤلاء هم من أنجاهم ربنا فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ فكل شيء يسلط علينا إنما يكون من رفع كلاءة الحفيظ تبارك وتعالى علينا، لماذا ترتفع؟ لماذا يرتفع حفظ الحفيظ عن العباد؟ حينما يضيعون حفظهم لله، ولذلك كلما كنت أكثر حفظًا لله كلما كنت أكثر احتماءً بحفظ الله لك، حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ هؤلاء هم من سيشربون بحيرة طبرية، حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ۝ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ قال ذو القرنين، قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ الجدار، وهذا جدار أيضًا، ولكنه جدار أعظم،قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ هؤلاء محجوزون، من الذي حجزهم، من الذي يحفظ الناس من شرهم؟ هؤلاء لا يفهمون ولا يعقلون، لا يعرفون إلا الدماء، لم يكن لهم ثم حضارة ولن يكون، لا يفهمون شيئًا، من الذي يحفظ الناس منهم؟ ربنا سبحانه وتعالى، فإذا جاء الأجل المقدر؟

استيقظ فزعًا صلى الله عليه وسلم؛ استيقظ فزعًا بليل، وقال: ( لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شر قد اقترب ) ما الذي حدث؟ قال: ( فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه ) (لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شر قد اقترب فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه) فقالت زينب بنت جحش رضي الله عنها – كان في بيتها إذ استيقظ فزعًا – قالت: يا رسول الله: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث ) – إذا كثر الخبث – .

 إذن هذا الفتح الذي قلق منه النبي صلى الله عليه وسلم جدًا، علام انبنى، أو ما سببه؟ أو بماذا يؤذن؟ كثرة الخبث، كلما ازداد الخبث قوةً وشدة، كلما ازداد الخرق في هذا السد اتساعًا، فإذا أراد العبد أو أراد العباد أن يديموا حفظ الله عليهم، أو أن ينعموا بمزيد من حفظ الله لهم فما لهم من سبيل إلا أن يحفظوا ربهم.

فإذا حفظت ربك؟ فأنت من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وإذا لم تحفظ ربك، فمن يحفظنا من بعد الله؟ لا يوجد، فربنا سبحانه وتعالى هو الحفيظ وليس من حفيظ إلا هو، فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ

اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تشمت بنا أعداء ولا حاسدين

اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا.

اللهم استر عوراتنا، اللهم آمن روعاتنا، اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا.

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولّنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنّا شر ما قضيت

اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.