Generic selectors
المطابقات الدقيقة فقط
البحث في العنوان
البحث في المحتوى
Post Type Selectors
البحث حسب التصنيف
أحداث جارية
أسماء الله الحسنى
الأذكار
التلون
السيرة النبوية
القصص في القرآن
الكتب
بني آدم والشيطان
بني إسرائيل
تراجم
تربية
تربية
تفسير
جهد الغلبان في تبيان فضائل القرآن
خطب الجمعة
خطو خاتم الأنبياء ما بين اقرأ وإذا جاء
دروس
رمضان 1436هــ - 2015م
سلم الوصول إلى علم الأصول
عقيدة
غير مصنف
كتابات
كلمة التراويح
مسألة الرزق
من قصص كتاب التوابين
من هدي النبوة
مواسم الخير
هذه أخلاقنا

نعمة الإيمان بأن الله رقيب

الحمد لله رب العالمين.

اللهم لك الحمد كله ولك الملك كله وإليك يرجع الأمر كله علانيته وسره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ونحن مع الحديث عن معرفة ربنا تبارك وتعالى، نتذكر أولا أنه لا طاقة للعباد ولا قدرة لهم على أن يعرفوا ربهم تبارك وتعالى حق معرفته، فلا يقدر عظمة الله إلا الله ولا يدرك جلال الله إلا الله تبارك وتعالى وإنما كان من نعمته ومن فضله ومن منته سبحانه وتعالى أن أعطانا قدرا من إمكانية المعرفة التي تكفي العبد لكي ينجو من عذاب الله تبارك وتعالى يوم القيامة، ولكي تدني العبد من رحمة الله تبارك وتعالى، وليس أكثر من ذلك لألا يعدو العبد قدره أو يتجاوز طوره، فإنما نتحدث عن الله، ولذلك كان في كلماته صلى الله عليه وسلم (أسألك بكل إسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو إستأثرت به في علم الغيب عندك…) فما إستأثر الله بعلمه فلا قدرة للعباد على أن يعلموه أو يحيطوا بعلمه. ولذلك يخبر صلى الله عليه وسلم وهو أعلم الخلق بالله، يقول صلى الله عليه وسلم ( أما إني أعلمكم بالله وأتقاكم له) فقرن بين التقوى والعلم صلى الله عليه وسلم ليبين أن العبد كلما إزداد علما بالله إزداد خشية لله، كلما إرتقت معرفته بالله كلما زاد في قلبه تقواه لله تبارك وتعالى، قال (أن أعلمكم بالله وأتقاكم له)، فهة يقول أنه حينما يقوم مقاما محمودا بين يدي الله عز وجل يحمده عليه الخلق أجمعون حتى إبراهيم عليه السلام فإنه يسجد بين يدي الله سبحانه وتعالى متوسلا متضرعا فيقول (فيفتح علي بمحامد لا أعلمها الآن) يعطيه مزيدا من المعرفة وكأنما تتجلى للعباد يوم القيامة من عظمة الله تعالى تجليات لم يكن لهم أن يعلموا بها وهم في هذه الحياة الدنيا. فإذا تنفتح له صلى الله عليه وسلم من معرفته بالله ومن تعظيمه له أمور لم يكن هو صلى الله عليه وسلم لم يكن في الدنيا يعلمها فكيف بغيره، حتى في معرفة البشر، يقول الله تبارك وتعالى ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ۝ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ ۝ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ ۝ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ من الذي يقدر على تقييم هذه الشخصية النبوية المصطفاة من قبل الله، إنما هو الله تبارك وتعالى وحده هو الذي يملك أن يقيم عبده هذا التقييم وأن يبين عظمة خلقه التي قد يدرك الناس الذين يتعاملون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفا منها لكنهم لا يحصونها إحصاءا ولا يدركون أبعادها كلها، فإن كان هذا في وصف خلق من خلق الله فكيف برب العالمين تبارك وتعالى؟ ونحن ها هنا إنما نحاول محاولة أن نشكر طرفا من نعمة الله علينا إذ من علينا بأن عرفنا بنفسه تبارك وتعالى، فالتعريف يحتاج الى تفكر ويحتاج الى توفيق من الله. التفكر هو ما نسعة أن نقوم به وأما التوفيق فندعو الله تبارك وتعالى أن يجعل قلوبنا صالحة لتفكر أو تدبر أو تدبر لهذه المعاني العظمى.

ذكرنا في أول ما ذكرنا أن الله تبارك وتعالى عرف نفسه الى عباده بأنه الشهيد عليهم، ولماذا أردنا أن نبدأ بالشهيد؟ لأن الأصل أن المخاطب تغلب عليه الغفلة، نحن نحيا حياتنا كما إعتدنا، نقول ما نشاء ونفعل ما نريد، أول وقفة توقف العبد على الحقائق أن يدرك أولا أن الله تبارك وتعالى شهيد عليه حاضر معه في أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته بل في ما إنطوى عليه ضميره ولا يعلمه من الخلق أحد، هذه أول وقفة، فإذا أدرك العبد والمخاطب والمخاطب عبد مسلم يعني في قلبه أصل معرفة الله وأصل تعظيم الله، هذا الخطاب لا يصلح أن تبدأ به خطابا لأحد إلا أن يكون مسلما، لأن المسلم أصل معرفة الله وأصل تعظيمه إذا ذكرته بشهادة الله تبارك وتعالى له أورثه ذلك في قلبه معان، هذا المعاني تنضح وتظهر بأثرها على أحواله وعلى أسلوب إدارته لحياته فأنت تخاطب بالأساس العبد المسلم تذكره بشهادة الله له ثم تذكره برقابة الله عليه، هكذا مضت بنا الكلمات تذكر المسلم بشهادة الله له وبحضور الله معه ثم تذكر المسلم برقابة الله تبارك وتعالى عليه، ثم تذكر المسلم برقابة الله تبارك وتعالى عليه.

والأسماء تحوي في داخلها معان متجاورة، فحينما نقول أن الله تبارك وتعالى هو الشهيد هي فقط بمعنى الحضور والشهود؟ لا وإنما تتضمن أشياء أخرى، فنحن أخذنا جزء من معنى الشهادة وهذا الجزء نحن نعمل عليه متوالية لكي نعيش مع هذا المعنى ونرى إلى أين يذهب بنا، ثم نحتاج أن نرج لكي نكمل معنى الشهادة، فربنا سبحانه وتعالى حاضر معنا ثم هو تبارك وتعالى رقيب علينا، وقلنا أن الفرق أن الشهادة عامة في كل ما خلق الله والرقابة خاصة فيمن حمل الأمانة وفيمن كرم من الله تبارك وتعالى وسخرت له الخلائق وفيمن خوطب من قبل الله تبارك وتعالى بأمر ونهي فهو يرقب كيف حاله من أمر الله ونهيه، كيف يتصرف فيما أتمنه الله تبارك وتعالى، فهي مزيد تدقيق وعناية وملاحظة، أنت مراقب ومرقوب.

ثم هو تبارك وتعالى الحفيظ الذي يحفظ هذه الأعمال والذي لا يضيع عليه منها شيء، فإذاً هذه الأمور المشهودة المرقوبة إنما تحفظ علينا من قبل الحفيظ تبارك وتعالى، فهو ينافي معى الغفلة وينافي منى النسيان ولا يوجد شيء يسقط بالتقادم وإنما يسقط بالتوبة والعفو أما أن تسقط بتوالي الأزمان وببعد المسافات فليس هذا من شأنه تبارك وتعالى.

فإذاً الحفظ عكس النسيان وعكس الإهمال، الحفظ عكس النسيان والحفظ عكس الإهمال، قال الله تبارك وتعالى كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ۝ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ۝ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ۝ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ فهو سبحانه وتعالى حفيظ عليهم وعلى أعمالهم يجازيهم بها غداً تبارك وتعالى، وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا فهو سبحانه وتعالى يثبت لنفسه هذا الحفظ ثم ينفيه عن أنبيائه وعن رسله، قال الله تبارك وتعالى وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ ۝ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ۝ النَّجْمُ الثَّاقِبُ ۝ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ۝ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ ۝ فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ۝ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ ۝ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ۝ كِرَامًا كَاتِبِينَ ۝ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ قال الله تبارك وتعالى وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ كانت توقعاته فينا في محلها قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ۝ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَوَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ۝ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ لم يكن يملك قوة القهر لأحد، ولم يكن يملك سيطرة وهيمنة على أحد وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ لا أحد منا يملك أن ينقذ غيره إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ۝ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ وقال هود عليه السلام فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ إذا لم يقوموا بحق الله عليكم فإنه سبحانه يذهبكم ويأت بآخرين نْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ۝ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ قال تعالى أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ثم خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم فقال له تبارك وتعالى قال مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ليست من مهمته صلى الله عليه وسلم إلا أن يبلغ رسالات الله إلى عباد الله، ليس من مهمته أن يحفظ عليهم أعمالهم وأقوالهم وأفعالهم ولا أن يكون رقيب عليهم ولا أن يكون مهيمناً مسيطراُ عليهم وموجهاً لهم إنما مهمته هي البلاغ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ۝ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا تحفظ عليهم أعالمهم ولست عليهم بوكيل تدير لهم شئونهم فهم يدرون أمورهم كيفما أرتأو وربهم تبارك وتعالى حفيظ يحفظ عليهم أقوالهم وأفعالهم، فقال في الطاعة فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وقال في الشرك وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ثم قال تعالى اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ نحتمي به ونختبئ به وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ولن يكون هناك من يستنكر أو يشجب أو يندد بما يحدث مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ ۝ فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ هذا أولاً.

فإذاً نحن لدينا حضور وشهادة من الله، ثم رقابة من الله ثم حفظ من الله تبارك وتعالى، هذا الأول في الحفظ.

والثاني في الحفظ هو حفظ الرعاية والعناية، أن الله تبارك وتعالى هو الحفيظ الذي يحفظ هذا الكون بما فيه ومن فيه، فأولاً ربنا سبحانه وتعالى هو الحفيظ يحفظ على عباده أعمالهم، بل أكثر من ذلك، أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ۝ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ليست الأعمال وإنما الذرات التي تتناثر وتذهب يمنة ويسرة من هذا الجسد الذي قد بلي تحت التراب أين ذهبت، قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وهذا العلم قد دونه الله تبارك وتعالى في لوحه المحفوظ سبحانه وتعالى قبل أن يخلق هؤلاء وليس قبل أن يموت هؤلاء وتبلى أجسادهم، كتبت هذه الذرات في هذا اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال تعالى قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ۝ لِلطَّاغِينَ مَآبًا ۝ لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ۝ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا ۝ إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ۝ جَزَاءً وِفَاقًا ۝ إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا ۝ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ۝ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا ۝ فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ۝ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

الحمد لله رب العالمين

قال تعالى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ فهو يتكلم سبحانه وتعالى عن حفظ لهذا الكون بكل ما فيه وبكل من فيه، وأن هذا الحفظ لا يثقل عليه ولا يكرثه سبحانه وتعالى وحاشاه، لا يسبب عبء، لا يكترث به ولا يبالي به ولا يمثل ثقلًا عليه، وهذه الجملة لا يمكن أن تترجم، لماذا لا يمكن أن تترجم؟ لأننا حينما نقول وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا من سيترجم هذه الجملة، يكون مدرك ماذا في السماوات والأرض، أي يدرك عظمة هذا الخلق، سواء على المنظور الكبير أو الصغير، سيظل يصغر قليلًا، قليلًا، قليلًا، إلى أن يصل إلى أدنى مثقال ذرة في السماوات وفي الأرض فيدرك حفظ ربنا سبحانه وتعالى في الإطار الواسع، ثم يتضايق، يتضايق، يتضايق إلى أن يصل إلى أدنى أدنى مثقال ذرة، يحفظها الله تبارك وتعالى في هذا الكون ويرقبها ويقيتها سبحانه وتعالى، فنحن نستطيع نستطيع أن نتصور هذا إلى أين؟ ولذلك الإنسان على حسب مستوى علمه، على حسب مستوى تعظيمه على حسب قدرته على ترجمة هذه الكلمات الإلهية، قال تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ يقول تعالى وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ وأسوأ ما يكون من الإعراض أن يمن ربنا على الإنسان فيدرك يدرك شيء من عظمة ربنا سبحانه وتعالى في الخلق، ثم يستخدم هذه المدركات – هي هي – في التكبر على الله بدلًا من الإيمان والتطامن والخضوع والخشية لله، فالإنسان كلما منّ ربنا عليه وازداد إدراك أو اكتشاف لعظمة ربنا سبحانه وتعالى وعظمة الخلق الإلهي، فما من المفترض أن يحدث؟ مزيد من الإيمان، مثلما قلنا قبل ذلك مرارًا أن ربنا سبحانه وتعالى عقّب على إدراك شيء من عظمة ربنا في الخلق، أن هذا من المفترض أن يودي أصحابه إلى خشية الله تبارك وتعالى، فلماذا لا يحدث هذا؟ لأنهم جعلوا أن ربط المخلوق بخالقه، هذه فلسفة، الخلل من أين يأتي؟ الآن من المفترض أن كل شيء ندركها من عظمة الخلق تزيدنا معرفة بعظمة الخالق سبحانه وتعالى وأن الشيء الطبيعي المنطقي الذي من المفترض ألا يتناقش فيها أحد أن كل مخلوق لابد أن يشير إلى صفات خالقه، وإلى صفات موجده وإلى صفات صانعه، هم ماذا يفعلون؟ نحن سنتأمل في صفات المخلوق، ولكننا لن نلتفت من المخلوق إلى الخالق، لأن المخلوق حينما نلتفت منه إلى الخالق هذا سيدخلنا في إطار مسائل الإيمان، والإيمان هذا فلسفة، العلم أن المعمل يقول أن النتيجة التي صورتها تساوي هذا، وبعد ذلك ليس من شأني، ليس من شأني أن هذا الكلام، من الذي خلق أو من أوجد أو صنع أو برأ أو ذرأ سبحانه وتعالى، هذا ليس شأني.

فإذن: ماذا أفعل؟، هل هذا الكلام يتوافق مع فطرة أي إنسان، أنت من المفترض، والطبيعي عندما ترى شيئًا يثير العظمة تقول سبحانه وتعالى تلقائيًّا، تلقائيًّا، بدون أن تفكر، أنت لا تفعل عملية تفكير فتقول ” بما أن ” ، ” إذن ” سبحان الله،، لا يحدث هذا.

إذن ماذا يفعل الإنسان، الإنسان يعادي فطرته ويوقف نفسه، يمنع نفسه من أن تتحرك الحركة التلقائية نحو الخالق العظيم.

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاء يتكلم عن السماء، كلام عن السحاب، الريح، المطر، الزرع، فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ هذه الجيلوجيا، وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ۝ وَمِنَ النَّاسِ كل ما يتعلق بالإنسان وتفاصيله، وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ بعد كل الاستعراض لعظمة الخلق في كل هذه الأبواب، قال تعالى معقبًا إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ.

إذن من المفترض أن هذه الأشياء كلها ستزيد ستزيد في قلب الإنسان تعظيمه لله سبحانه وتعالى وتزيد خشيته لله، ثم عقّب سبحانه وتعالى فقال إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ لأن الموقف شيء من اثنين؛ إما موقف استكبار ومعاندة للفطرة ومحادة لله فهو سبحانه وتعالى العزيز الذي لا يمتنع أحدٌ من بطشه ولا عقابه، يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ۝ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ۝ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ

إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ فمن سيراجع نفسه والذي سينيب والذي سيفيق إلى الله تبارك وتعالى فهو سبحانه وتعالى يستقبله بالمغفرة وبالعفو وبالرحمة، ثم قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ يتبعون ما هداهم إليه القرآن، إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ فنحن في الحفظ نقول أن ربنا سبحانه وتعالى يحفظ هذا الكون بكل ما فيه، فهو سبحانه وتعالى يقول أن هذا الحفظ هو في حقيقته شيءٌ ثقيل وشيء عظيم، لكنه بالنسبة إلى الله ولعظمة الله ولقدرة الله تبارك وتعالى ليس بشيء، فهو يخبرنا في أعظم آية في كتابه فيقول سبحانه وتعالى وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا.

إذن هذا إشارة إلى أن هذا الحفظ شيء غاية في العظمة، حينما يقول الله سبحانه وتعالى أ أمرًا ما ليس ثقيلًا عليه، فهو ثقيل بمقدار كم؟ فلكي يقول ربنا أن هذا الموضوع ليس ثقيلًا فلابد أن يكون في حقيقته هو ثقيل جدًا، لكنه بالنسبة إلى الله ليس بشيء، ولذلك نحن لا نستطيع – لا نستطيع – أن نترجم هذه الجملة، ترجمة حقيقية أو ترجمة كاملة أو حتى ترجمة مقابلة، لأن علم الإنسان وإحاطة الإنسان مهما بلغت لا ترقى لأن تحسن أن تترجم هذه الجملة، وأخص من هذا أن ربنا يحفظ الإنسان؛ قال تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ من الذي يحفظكم قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ.

إذن ربنا يحفظ الكون كله ويقيمه، وأنت أيها الإنسان يعطيك الله حفظًا خاصًا ملائكة تحرسك، يعطيك ملائكة تحرسك، يقول تعالى لَهُ مُعَقِّبَاتٌ ” مُعَقِّبَاتٌ ” أي: دوريات، ملائكة تتناوب على حفظ العباد – كل العباد – حفظ العباد كل العباد، مؤمنهم وكافرهم تحفظهم من كل شيء يؤذيهم إلا شيئًا أذن الله فيه بقدره، لَهُ مُعَقِّبَاتٌ أي ملائكة تتاقب مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ من أمامه ومن ورائه يَحْفَظُونَهُ هذه المعقبات هي مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ومن رحمته، فهي لا تحفظه من تلقاء نفسها وإنما من أمر الله لها، ومن إلزام الله لها ومن توجيه الله لها، فهو يحفظك أيها العبد من كل ما يؤذيك.

جاء رجل من مراد – قبيلة – جاء إلى عليّ رضي الله عنه محذرًا ووجلًا؛ قال: إن ناسًا من مراد يريدون قتلك، هو أتى ليحذره، فقال له عليّ رضي الله عنه: إن لكل عبدٍ ملكين، من بين يديه ومن خلفه يحفظونه مما لم يقدر من جنٍّ أو إنسٍ أو هوام أو غيرها، دقت أو جلت، كثير مما نتنفسه ومما يدخل في أجوافنا نحن لا ندركه ولا نشعر به ولا نحس به، فهو سبحانه وتعالى هو الذي يحفظ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ ۝ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ قال: فإذا جاء قدر الله خليا بينه وبين قدر الله، وإن الأجل حصنٌ حصينة.

ما معنى الأجل حصن حصينة؟ أي الأجل والميعاد الذي قدّره ربنا لمغادرة الإنسان للحياة، لا يصلح أن يتقدم عنه ثانية، فكأن الإنسان متحصن بأجله، لو أحد حاول أن يؤذيه أو يضره قبل أن يأتي أجله لا يمكن أن يمكن من ذلك، فهو يقول أن هذا الأجل،،، بالعكس، هو يريد أن يقول أن الأجل الذي قدره ربنا هو حصن يحتمي ويتحصن به الإنسان لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ

إذن ربنا سبحانه وتعالى الحفيظ يحفظ على العباد أعمالهم، ربنا سبحانه وتعالى هو الحفيظ، هو الذي يحفظنا ويحفظ هذا الكون لكل ما فيهن، ولذلك قال تعالى في أول هذه الآية العظيمة التي ختمها بقوله وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ قلنا الحي: الذي لا تنقص حياته بأدنى درجة من درجات الغفلة، لذلك قدّم سبحانه وتعالى السنة على النوم، السنة: أن الإنسان يغفل، أما النوم أن يغيب الإنسان، فالذي لا تأخذه السنة أحرى وأولى ألا يأخذه النوم سبحانه وتعالى، فهو الحي وهو القيوم، قلنا ما معنى القيوم؟ قلنا القيوم: الذي يقوم بنفسه أي الغني: الذي لا يحتاج ولا يفتقر إلى أحد وإلى شيء، وهو الذي يقيم يقيم خلقه، هو القائم عليهم، أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ فهو سبحانه وتعالى القيوم على هذا الكون بكل ما فيه، وهو الذي يحفظ عباده من بين أيديهم ومن خلفهم، يحفظهم ويحوطهم ويحميهم ويرعاهم، أي إنسان لا يلزم أن يكون له منصب أو وضعية اجتماعية معينة أو يكون مستأجر شخص،، لا لا، أي إنسان، أي إنسان ربنا خلقه أنت ترى أن له قدر أو لا، له قيمة أو لا، ربنا سبحانه وتعالى جعل له حماية وحراسة وحياطة من الملائكة وليست بشرية، من الملائكة وليست بشرية، وهذا من تكريم ربنا سبحانه وتعالى ورحمة ربنا سبحانه وتعالى بالإنسان؛ أي شخص، حتى الشخص الذي تراه أنهم ليس لهم أدنى وزن اجتماعي، ربنا سبحانه وتعالى ينزل لهم من السماء، من السماء ملائكة وظيفتها فقط أن تقوم بحمايتهم ورعايتهم، وهذه الملائكة تتعاقب بالليل وبالنهار، دوريتان، ملكين صاعدين وملكين نازلين، لكل إنسان، أين يتقابلون؟ يتقابلون في الصلاة، يتقابلون في صلاة العصر ويتقابلون في صلاة الصبح، من بالأعلى نازلون ليتسلموا، ومن بالأرض سيصلون ويصعدون،، كل إنسان، تخيل نحن الآن كم إنسان يسير على ظهر هذه الأرض؟ ماذا تقول الإحصائيات، كم مليونًا في العالم العالم؟ وهذا لمؤمنهم وكافرهم، كل شخص جعل الله له حياطة وحماية وحراسة من بين يديه ومن خلفه ملائكة من ملائكة السماء المعظمة المنزهة المطهرة التي اصطفاها الله تبارك وتعالى، ينزل ملائكته من السماء لحماية وحياطة وحراسة هذا الإنسان، ما الذي من المفترض أن يترتب في قلب العبد حينما يعلم أن ربنا سبحانه وتعالى يجعل له هذا الحفظ وهذه الحراسة وهذه الحياطة وهذه الحماية بغير طلب، نحن لم نطلب من ربنا سبحانه وتعالى فاستجاب لنا، لا، إنما منّة ورحمة وهبة من الله تبارك وتعالى.

ووراء هذا الحفظ حفظ نتحدث عنه بإذن الله في الجمعة المقبلة.

فنحن تكلمنا الآن عن نوعين من الحفظ وبقي معنا نوع ثالث هو ألصق بنا وأخطر وأهم، فربنا سبحانه وتعالى شهيدٌ رقيبٌ حفيظ هذا أولًا.

ثم ربنا سبحانه وتعالى الحفيظ بمعنى الحافظ الذي يحفظ كونه والذي يحفظ عباده والذي يحميهم والذي يرعاهم والذي يقوم بشأنهم وبأمرهم.

المفترض إذا آمن الإنسان بهذه المعاني ماذا يترتب على ذلك في قلب العبد، نحن قلنا أن هذه الحقائق التي هناك هذه، من المفترض أن هذا الجهاز يستقبلها – القلب – وعندما يستقبلها، من المفترض أنه يفكر فيها ويتجاوب معها، فيحدث شيء بالداخل هنا، الذي يسميها ربنا سبحانه وتعالى ” الإيمان ” يوجد حالة من حالات التأثر بهذه المعاني تجعل حالة الإنسان، سلوكيات الإنسان، ممارسات الإنسان ينعكس عليها ما جرى هنا.

فهل يصلح أن نقفز هذه الحقائق ونجعلها هنا – أي تمر على القلب إلى الممارسة الإيمانية – لا يمكن، ولذلك إن لم نجد ممارسات جديدة فالقلب هذا لم يتفاعل بعد، هذا القلب لم يعمل بعد، لم يتجاوب بعد، هو يعرف، هو يعرف ولكنه لم يتأثر بعد، هو مدرك لهذا الكلام، ولكنه لا يستطيع أن يعيش معه، فطالما هذا لا يعرف أن يعيش فلن نجد هنا شيئًا، فلكي نجد أي شيء هنا، أي أثر هنا، أي ثمرة هنا لابد أن يتفاعل هذا القلب مع المعاني التي هناك هذه – ” الحقائق الإيمانية ” –

الحقائق يتجاوب معها القلب، فالإنسان يمارس في حياته الإيمان، وحينئذٍ أنت ترى أثر الإيمان عليّ عبر معايير معينة تستطيع أن تقيم بها الإيمان، وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ ربنا ذكر لهم مواصفات ومعايير، نستطيع أن نقيم أنفسنا على أساسها الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا

اللهم خذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك لا تفضحنا بين خلقك ولا بين يديك

اللهم ارحم في هذه الدنيا غربتنا، وارحم اللهم عند الموت كربتنا، وارحم اللهم في القبور وحشتنا، وارحم اللهم في القيامة ذل مقامنا بين يديك

اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا، متعنا اللهم بأسماعنا، وأبصارنا، وقوتنا، أبداً ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، ولا تجعل إلى النار مصيرنا، واجعل اللهم الجنة هي دارنا

اللهم إنّا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وتتوب علينا وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين

اللهم إنا نسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عملٍ يقربنا إلى حبك

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.